<H1 style="FONT-SIZE: 16px; FONT-WEIGHT: normal">روميو وجولييت بقلم النقاد الروس ترجمة عبد الله راضي إعداد وطباعة وليد محمد الشبيبي </H1>
كتبها وليد محمد ، في 26 تشرين الثاني 2008 الساعة: 12:44 م
بغداد – 25/11/2008
يجعل روميو في ظهوره الأول على خشبة المسرح حزيناً ، ولكن هذا الحزن مترف وسطحي وفي ظل رداء الكآبة يخفي متعة الحياة ذاتها ، والتي يخبر صديقه المرح (ميركيشيو) عنها . ويهتف روميو :
(وآحسرتاه ، ان نجد الحب معصوب العينين
محجوب البصر ، يبصر مسالكه إلى غاياته ،
دروبه إلى مشيئته ،
أين سنتناول غذائنا اليوم ؟ يا ويلتي)
(الفصل الأول/المشهد الأول).
ان هذا السؤال المتناقض : (أين سنتناول غذائنا اليوم ؟) ، يفشي (طبيعة) روميو بشكل عام ، روميو ذلك الذي رأيناه في بداية المسرحية ، وفي ذلك الزمان كان سائداً بأن يقع شباب الطبقات الأجتماعية العليا في حب الجمال (الوحشي) ، وكانت – روزالين – (محبوبة) من هذا النوع . لذلك من النادر أن نستغرب من تعبير روميو عن كآبته السائدة بين أبناء طبقته ، وبذلك الشكل الخطابي البلاغي السائد أيضاً. ولكن كل ما يميّزه هو ان دوافع عميقة وهامة تسبر أعماق هذا الأسلوب الخطابي البلاغي :
(آه ، أيها الحب المستعر الصاخب !
آه أيها الكره المحبب)
آه أيها الكره المحبب)
يتأوه روميو دون أن يعرف أنه يتكلّم عن موضوع رئيسي لمسرحية مرتقبة يلعب هو فيها دوراً رئيسياً ، موضوع الكره والحب .
أن الظهور الثاني لروميو على المسرح أضاف شيئاً قليلاً لما قيل مسبقاً . ويطرح موضوع الكآبة فجأة ، وبفترات ذات نغمة متميزة جداً :
أن الظهور الثاني لروميو على المسرح أضاف شيئاً قليلاً لما قيل مسبقاً . ويطرح موضوع الكآبة فجأة ، وبفترات ذات نغمة متميزة جداً :
(محتبس في سجين ، متروك بلا طعام ،
مضروب بالسياط ، معذب ، ذليل مسكين)
(الفصل الأول/المشهد الثاني)
وفي نفس الوقت يكتسب الموضوع المأسوي شكلاً نذير الشؤم . ومرة ثانية ، أنه لمن النموذجي أن يكون كلام روميو – المملوء بالأنذارات الخطيرة – منتهياً بسمة مميزة من البهجة :
(هلموا بنا ايها الرفاق)
(الفصل الأول/المشهد الثاني)
وكجواب لهذه العبارة يضرب الطبل بمرح . كل هذا مفعم بحيوية الشباب . ويلتقي روميو بجولييت ، هنا تبدأ المحفزات العاطفية ، وأول حماس عاطفي :
(يا الهي ، انها تعلّم المشاعل كيف تزداد ضياء !
كأنها على خد الليل أشبه بدرّة ثمينة ،
على قرط في اذن زنجية حسناء)
(الفصل الأول/ المشهد الثاني) .
ثم يبدأ القصيدة (السونيتية) العذبة في أول لقاء (الفصل الأول/المشهد الخامس) .
ومنذ تلك اللحظة نبدأ بالنظر إلى روميو آخر ، مختلف كلياً ، موجهاً كل كيانه نحو هدف مختلف أيضاً . وأصبحت عواطفه الأولى شيئاً من الماضي .
في بداية الفصل الثاني يقارن روميو (جولييت) بالشمس ، وبمركز دوران الأرض (الفصل الثاني – المشهد الأول ، المشهد الثاني) ، وكأن جولييت مملوءة بقوّة جذب نحو المركز :
ومنذ تلك اللحظة نبدأ بالنظر إلى روميو آخر ، مختلف كلياً ، موجهاً كل كيانه نحو هدف مختلف أيضاً . وأصبحت عواطفه الأولى شيئاً من الماضي .
في بداية الفصل الثاني يقارن روميو (جولييت) بالشمس ، وبمركز دوران الأرض (الفصل الثاني – المشهد الأول ، المشهد الثاني) ، وكأن جولييت مملوءة بقوّة جذب نحو المركز :
(ان الجدران الشواهق لا تحول دون الحب)
هذا ما قاله روميو لجولييت عندما أعلنت :
(أن جدران البستان شاهقة ، ومن الصعب تسلقها)
(الفصل الثاني/ المشهد الثاني) .
أن الفرح الذي غمر قلب روميو يتلألأ في عباراته الجذلة التي يتبادلها مع مركيشيو (الفصل الثاني/ المشهد الرابع) .
لكن ، فجأة ، نرى أن سوء الحظ يغلب روميو على أمره ، (تيبولت) يقتل (مركيشيو) ، و(روميو) يقتل (تيبولت) .
لكن ، فجأة ، نرى أن سوء الحظ يغلب روميو على أمره ، (تيبولت) يقتل (مركيشيو) ، و(روميو) يقتل (تيبولت) .
(يا ويحي … ما أتعسني)
(الفصل الثالث/ المشهد الأول) .
هذا ما نادى به روميو ، وبخيبة أمل .
أما المشهد الذي جرى في صومعة (فرايز لورنسر) فيتخلله اليأس أيضاً ، والذي أنتهى بجيشان الفرح في قلب روميو . ولقد حظى المشهد المشهور – مشهد اللقاء الأخير – بين روميو وجولييت بأهتمام خاص من لدن القراء ورواد المسرح ، أن ما قاله روميو في هذا المشهد يختلف كلياً عمّا تناوله في المشاهد السابقة ، أن منولوجه الذي يبدأ بالكلمات :
أما المشهد الذي جرى في صومعة (فرايز لورنسر) فيتخلله اليأس أيضاً ، والذي أنتهى بجيشان الفرح في قلب روميو . ولقد حظى المشهد المشهور – مشهد اللقاء الأخير – بين روميو وجولييت بأهتمام خاص من لدن القراء ورواد المسرح ، أن ما قاله روميو في هذا المشهد يختلف كلياً عمّا تناوله في المشاهد السابقة ، أن منولوجه الذي يبدأ بالكلمات :
(انها القنبرة ، الايذان بأن النهار قد لاح)
(الفصل الثالث/ المشهد الأول) .
هو منولوج مملوء بالدف والحيوية . وبدلاً من البلاغة الموجودة في المشاهد الأولى ، نواجه شعراً حياً ، إذ ان كلام روميو يكون جاداً نسبياً ، والنغمة العامة للمشهد جادة أيضاً وبعمق ، ومن خلال الضوء الخافت في بداية الفجر يستغرب أحدهما من شحوب وجه الآخر ، وتتخيل جولييت صورة سريعة لروميو وكأنه ميت في جوف قبر دفين .
ويغيب عنا روميو لمدة طويلة . ومن ثم نعثر عليه ثانية في مدينة (مانتوا) مبتهجاً جذلاناً . وثانية ، يعصف به القدر مثل صاعقة في سماء صافية ، يجلب له (بلتازار) نبأ وفاة جولييت أما رد فعل روميو لهذا النبأ فلم يكن بلاغياً ولا شعرياً ، بل أنه تكلم بلغة نثرية عادية مبعثرة في بساطتها :
(أكذا جل الخطب وفدح الأمر ؟
ايتها السموات اني لا أصدقك ! )
ايتها السموات اني لا أصدقك ! )
ويخاطب (بلتازار) :
(انك تعرف مأواي – أجلب لي حبراً وورقاً ،
واستأجر لي أحسن الجياد ،
فاني منذ هذه الليلة على سفر)
(الفصل الخامس/ المشهد الأول) .
وبأسلوب كهذا ، بسيط وطبيعي ، يتكلّم انسان في وقت يغلبه فيه غم مفاجيء . ومما يثير الغرابة أن أكثر محققي الكتاب الإنكَليز – والذائعي الصيت منهم – لم يتمكنوا من تقييم (عمق الحقيقة في هذه الكلمات ، وانهم لجأوا إلى تغيير (اني لا أصدقك) إلى كلمات أكثر بلاغة : (مع ذلك ، انني متحديك) . ومع ذلك ، اننا فقط في طبعة (كوارتو) الأولى – المشكوك فيها – كما يقال ، نجد كلمة (تحدي) . وفي كافة الطبعات القديمة والتي تعتبر من أولى المصادر (ومن ضمنها طبعة “فوليو” الأولى) نجد عبارة (لا أصدق) . وبذلك تبدو المسألة واضحة إلى حد ما . ولكن الاشكال كالآتي : في القرن الثامن عشر تحمل كلمة (لا أصدق) نكهة إلحادية . وإلى جانب ذلك ، ليس بعيداً أن يكون (بوب) قد وقع أسير الكلمة الحماسية البلاغية لكلمة (تحدي) وكنتيجة لذلك ، نرى ان المحررين – الموثوق بهم – والتابعين لـ(بوب) يستخدمون (ايتها السموات ، اني متحديك) .
وفي نفس الوقت ، لقد كان العوز في الحساسية يشوب هؤلاء النقاد الذين يرون شيئاً غير طبيعي في تلك اللحظة التي يتذكر فيها روميو (وبأسلوب) ظهور الصيدلي ، والمواد المتنوعة في حانوته … الخ .. هل انه من غير الطبيعي لطبيعة الإنسان أن يتذكر تفاصيل ليس لها علاقة في لحظة الصدمة ؟
ان حدة استعدادات روميو الطبيعية قادته إلى ذلك الانعكاس اللا ارادي عن الحياة بشكل عام . وهذا ما نجده في أكثر تصريحات (روميو) عمقاً . أنه يدعو الذهب سمّاً ، وبالأحرى أشد سُمّاً من السم ذاته والذي حصل عليه من الصيدلي ! (الفصل الخامس/ المشهد الأول) .
في المقبرة يلتقي (روميو) بـ (الكونت دي باريس) . وينصح (باريس) :
وفي نفس الوقت ، لقد كان العوز في الحساسية يشوب هؤلاء النقاد الذين يرون شيئاً غير طبيعي في تلك اللحظة التي يتذكر فيها روميو (وبأسلوب) ظهور الصيدلي ، والمواد المتنوعة في حانوته … الخ .. هل انه من غير الطبيعي لطبيعة الإنسان أن يتذكر تفاصيل ليس لها علاقة في لحظة الصدمة ؟
ان حدة استعدادات روميو الطبيعية قادته إلى ذلك الانعكاس اللا ارادي عن الحياة بشكل عام . وهذا ما نجده في أكثر تصريحات (روميو) عمقاً . أنه يدعو الذهب سمّاً ، وبالأحرى أشد سُمّاً من السم ذاته والذي حصل عليه من الصيدلي ! (الفصل الخامس/ المشهد الأول) .
في المقبرة يلتقي (روميو) بـ (الكونت دي باريس) . وينصح (باريس) :
(لا تحاول ايها الفتى الطيب الكريم
أن تهيج غضب رجل يائس من الحياة) .
أن تهيج غضب رجل يائس من الحياة) .
ويعود روميو ثانية ويدعو (باريس) بـ (الفتى) وحتى بـ (الصبي) . وقد يكون روميو أصغر سناً من (باريس) أو بنفس السن ، ولكن نتيجة لكل ما مرّ به ، يكون أكبر سناً منه . أن باريس (فتياً) (صبياً) وروميو (رجلاً) . أسبوعان مضت (لكن أي زمن يشكلان هذان الأسبوعان) ويصبح الفتى روميو رجلاً ، وأنه ينمو ويكبر أمام أنظارنا .
ويثير نمو جولييت أهتمامنا بشكل متزايد . ففي بداية المسرحية لا تزال جولييت فتاة صغيرة . وتدعوها مرضعتها (حمل وديع) ، (عصفورة) (الفصل الأول/ المشهد الثالث) . وكانت مطيعة بخنوع لوالدتها ، وتقول انها لن تتصرّف ، وحتى لن تشعر ، بشيء الا ان يرضي والدتها . ولكن بعد ذلك تلتقي بروميو ، وتقع في حبه حالاً :
(ان فراش عرسي
سيروح فراش نعشي)
(الفصل الأول/ المشهد الخامس) .
سيروح فراش نعشي)
(الفصل الأول/ المشهد الخامس) .
ومن الطبيعي انها في تلك اللحظة كانت تبالغ : قد تنساب هذه الكلمات على شفتيها بشكل لا ارادي . انها لمن (سخرية القدر) المعتمة بأن تلفظ هذه الكلمات من قبل فتاة صغيرة في لحظة اتقاد المشاعر لكي تبرهن على نبوءة : أن يكون فراش عرس جولييت حقاً هو فراش نعشها .
أن الشعور العميق والقوي يبعث عادة على قوة التفكير ، فتاة صغيرة كانت تدعى بالأمس القريب (حملاً وديعاً) و(عصفورة) ، والآن تعكس لنا معنى الحياة . ويعطينا شكسبير الفرصة أن نرى جولييت تفكر ، وتناقش جولييت أفكارها لوحدها قائلة :
أن الشعور العميق والقوي يبعث عادة على قوة التفكير ، فتاة صغيرة كانت تدعى بالأمس القريب (حملاً وديعاً) و(عصفورة) ، والآن تعكس لنا معنى الحياة . ويعطينا شكسبير الفرصة أن نرى جولييت تفكر ، وتناقش جولييت أفكارها لوحدها قائلة :
(ليس فيك يا روميو عدواً لي غير أسمك ،
فيا ليتك لم تكن من آل مونتاغو …
لكن ، ليت شعري ، ماذا يهم من مونتاغو والنسبة إليهما ؟
فهي ليست يداً ولا قدماً ولا ذراعاً ولا طلعة ،
ولا شيء من فضل المرء وصنعته …
أواه ليت لك أسماً غير أسمك ،
إذ ماذا في الأسم وأي معنى هو مؤديه ؟
لو سمينا الوردة بغير ما سميناها به ،
لما كانت أقل أنغماً ، ولما نقصت عطراً وعبيراً فواحاً)
(الفصل الثاني/ المشهد الثاني) .
وبذلك نرى أن جولييت تؤكد أسبقية الواقع على الأسم وهذا يلغي ما يدعوه الفيلسوف (بيكون) بـ (وثن الأسم) . وتستمر جولييت بقولها لروميو :
(روميو ! تخل عن أسمك ،
أهبك نفسي جميعاً ، وتملك قلبي كله)
(الفصل الثاني/ المشهد الثاني) .
أهبك نفسي جميعاً ، وتملك قلبي كله)
(الفصل الثاني/ المشهد الثاني) .
وهنا تدخل جولييت في معارضة مع وجهات النظر السائدة في دائرتها الاجتماعية والتي يتمتع فيها (مغزى) الأسم الارستقراطي للعشيرة بأهمية رئيسية ، وتشعر جولييت بانها بحاجة إلى قوة في هذا الصراع وتناجي نفسها بأستغراب (من أين لي بصوت باز) (الفصل الثاني/ المشهد الثاني) – (وتقصد هنا صوتاً عالياً وقوياً – المترجم) وتبدأ تشعر ان وضعها أشبه بحالة أستعباد التي تجردها من صوتها المستقل الخاص بها فتقول :
(أن الاستعباد خشن
فلا يصح له أن يرفع الصوت)
(الفصل الثاني/ المشهد الثاني) .
أن جولييت سعيدة بكل تأكيد ، لكن خجلها جعل منها أكثر تواضعاً أو أكثر تحفظاً (في لقاءهما في صومعة الراهب لورنس – المترجم) ، إذ انها تعلن :
(اني لا أستطيع بيان مبلغ فرحي
لأنه في الواقع أغنى من الكلمات ،
وأننا في غنى كبير ويسر شاسع ،
وكنوزنا لا تعد ولا تفنى ،
وليس سوى الشحاذين الذين يتكلمون من عد ثروتهم ،
لقد بلغت من سعادتي مبلغاً لا أستطيع التعبير عنه ولا عن بعضه)
(الفصل الثاني/ المشهد السادس) .
ومن ثم نأتي على جولييت ثانية في بداية المشهد الثاني من الفصل الثالث ، وهي تناجي نفسها بشكل رائع :
(دع جيادك النارية الخطى
تسرع في عدوها متجهة إلى ملجأ “فيبوس”)…
ان سائقاً لعربة كهذه سينطلق بك إلى أقصى الغرب)
(الفصل الثالث/ المشهد الثاني) .
وعندما تناجي (جولييت) تلك (الجياد النارية) انها لم تلتمس شيئاً بل تأمر . لقد أمتلكت قوة هائلة . وبالطبع ، هذا لا يعني انها فقدت رقتها ، والتي تبدو جلية في نفس المناجاة :
(ايها الليل الرفيق أقبل
هلم يا ليل المحبين ، في ردائك الأسود الغامر)
(الفصل الثالث/ المشهد الثاني) .
وفي نفس المناجاة ، أيضاً ، هنالك لا تزال آثار لطفولتها :
(ان هذا النهار لمضجر حقاً ،
إذ انه أشبه بالليلة السابقة للعيد
بالنسبة لطفلة تواقة إلى ملابسها الجديدة
وخائفة أن لا ترتديها)
(الفصل الثالث/ المشهد الثاني) .
مع ذلك ربما تفكر جولييت بهذه الطفلة بأبتسامة الشخص الناضج . وأهم شيء هنا هو أن خصالاً جديدة ظهرت لدى جولييت : الذكاء ، القوة ، والشجاعة . وهنا تأتي الضربة القاصمة : روميو يقتل تيبالت . للوهلة الأولى جولييت يمتلكها الغضب :
(رباه … ايها القلب الذي يشبه الأفعى
في وجه يشبه الزهرة اليانعة ،
هل يتصور الخاطر أن يكمن ثعبان خبيث كهذا في شق جميل)
أن جولييت في هذا المشهد مرتعدة وملتهبة الشعور .
(الفصل الثالث/ المشهد الثاني) .
لكن عندما قالت المرضعة : (العار عليك يا روميو) أجابتها جولييت بغضبٍ شديد :
(قطع الله لسانك) .
وفي مكان آخر تقول :
(رباه … ما أظلمني حين أنحيت باللائمة عليه)
(الفصل الثالث/ المشهد الثاني) .
أن كل ذلك لا يمت بصلة إلى تلك الصبية الخنوعة الصغيرة التي كانت مستعدة لكي تستجيب بإذعان لأوامر والدتها .
لقد حل بجولييت ، في ذلك الوقت ، محنة عصبية . بعد أن ترتب السيدة (كابوليت) لقاءاً مع روميو ، تأتي إلى أبنتها (جولييت) وتخبرها . بخطتها لقتل روميو بالسم . ولأول مرة ، تتظاهر جولييت أمام والدتها . ومن ناحية أخرى ، تأتي صفعة أخرى لجولييت : يرغب أبواها تزويجها من (كونت باريس) ، ويكون رد فعل جولييت أن تعبّر عن غضبها الدفين بقولها :
أقسم بكنيسة القديس (بيتر) ، وبيتر نفسه ،
أنه لن يجعل مني عروساً سعيدة
(الفصل الثالث/ المشهد الخامس) .
أنه لن يجعل مني عروساً سعيدة
(الفصل الثالث/ المشهد الخامس) .
لقد أصبحت جولييت نحيلة الجسم شاحبة الوجه نتيجة لما تمر به : ويدعوها أبوها – الحاد الطبع – (فتاة هزيلة) ، (صفراء الوجه) ، لكنها تكتسب قوة داخلية هائلة . وكانت خيبة أملها عظيمة أيضاً :
رباه ! أليست في السماء رحمة تطل من عليائها ،
فتشرف على ما في أعماق نفسي من حزن ؟
(الفصل الثالث/ المشهد الخامس) .
فتشرف على ما في أعماق نفسي من حزن ؟
(الفصل الثالث/ المشهد الخامس) .
لكن قوتها كانت عظيمة في نفس الوقت ، وعندما تنصحها المرضعة بالزواج من (كونت دي باريس) ، وفي الوقت الذي تترك فيه وحيدة تماماً وبلا أي سند في البيت ، نشعر بأنها تمتلك قسوة جبّارة من خلال وابل اللعنات الذي تمطر مرضعتها به :
اللعنة عليك أيتها المرأة
الخبيثة الرأي الموحشة الخاطر
(الفصل الثالث/ المشهد الخامس) .
الخبيثة الرأي الموحشة الخاطر
(الفصل الثالث/ المشهد الخامس) .
وتختم جولييت هذا النقد الساخر العنيف للمرضعة بالكلمات التالية :
لو فشلت كل المحاولات ،
لديَّ القوة أن أموت
(الفصل الثالث/ المشهد الخامس) .
لديَّ القوة أن أموت
(الفصل الثالث/ المشهد الخامس) .
ولا يساورنا أدنى شك في ذلك . انها مستعدة أن تقاتل حتى الموت . وعندما تذهب جولييت إلى صومعة القس (لورنس) نراها تتكلم بنفس المزاج حيث تطلق العنان لخيبة أملها :
لقد ذهب الأمل وعز العلاج ،
وتناهى الشفاء ، وأعوزني النصير ، وفقد المعين
(الفصل الرابع/ المشهد الأول) .
وتناهى الشفاء ، وأعوزني النصير ، وفقد المعين
(الفصل الرابع/ المشهد الأول) .
وتقول أن أهون عليها أن ترمي بنفسها من فوق برجٍ شاهق من أن ترضى الزواج بباريس .
أنه لكفاح شاق وجب عليها خوضه ، وبصعوبة شاقة تسيطر على حنقها ضد كونت باريس ، وتتظاهر أمام والديها (وبصعوبة كبيرة أيضاً) انها مستعدة لتنفيذ طلبهم . وأن اللحظة التي يبلغ فيها هذا الصراع ذروته هي المشهد الذي تتناول فيه جولييت جرعة السم التي أعدها لها القس لورنس . وعلى الرغم منها ، في أول الأمر ، تقدم جولييت على هذه الخطوة بلا تردد ، وتمسك بزجاجة السائل كما يتمسك الغريق بقشة ، وتطلب من القس لورنس : (لا تحدثني يا أبتِ عن الخوف) (الفصل الرابع/ المشهد الأول) ، والآن ليس أمامها غير أن تقاتل ضد الخوف الذي أستحوذ على كامل كيانها : ربما أعطاها الراهب سمّاً حقيقياً قاتلاً ؟ أو ماذا يكون الحال لو انها أفاقت من غشيتها في القبو قبل قدوم روميو ، وحيدة بين الأموات ؟ لكن حبها لروميو جعلها تتغلّب على كل مخاوفها :
روميو ، هأنذا قادمة إليك !
ومن اجلك هأنذي أشرب
(الفصل الرابع/ المشهد الثالث) .
ومن اجلك هأنذي أشرب
(الفصل الرابع/ المشهد الثالث) .
وتستفيق جولييت من غشيتها مكتملة الهيئة ، جادة ، تامة النمو جسماً وعقلاً ، وتتذكر جيداً أين هي ولماذا ؟ وعندما يحاول القس لورنس اقناعها بالهرب من ذلك القبو المظلم تجيبه ببساطة :
(أذهب أنت ودعني فلن أبرح هذا المكان) .
وتتحدث إلى روميو الميت بلا صراخ أو دموع ، بل بعاطفة رقيقة هادئة كما يتكلّم المرء إلى طفل محبوب ، وبدون أية شكوى أو تردد تطعن نفسها بخنجر روميو لأنه لم يكن هنالك أي مخرج آخر .
لقد شاهدنا كيفية نمو شخصية روميو من خلال مجرى الحدث . لكن جولييت ، مع ذلك ، فاقته نمواً .
وبعد أن يسمي شكسبير تراجيديته (روميو وجولييت) ، لم يكن بلا مغزى أختياره بأن يختتم مسرحيته بهذه الكلمات :
وبعد أن يسمي شكسبير تراجيديته (روميو وجولييت) ، لم يكن بلا مغزى أختياره بأن يختتم مسرحيته بهذه الكلمات :
(لم تكن هناك أبداً قصة أكثر بلاءاً
من قصة جولييت وروميو)
إذ انه يقدّم أسم (جولييت) على (روميو) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
(1) هذا المقال منقول من الكتاب (دراسات اشتراكية في مسرح شكسبير) ترجمة وتقديم عبد الله راضي ، القسم الأول ، بغداد: مطبعة دار الساعة – تموز 1977 . (الصفحات 41 – 54) ، وأسم الكتاب الأصلي هو :
(شكسبير في الاتحاد السوفياتي)
Shakespeare in the Soviet Union – Progress Press, Moscow
تأليف : مجموعة من النقاد السوفيات ، بمناسبة مرور أربعمائة عام على ميلاد شكسبير . و(يتناول هذا المقال دراسة ديناميكية الشخصيات في مسرحية “روميو وجولييت”).
(1) هذا المقال منقول من الكتاب (دراسات اشتراكية في مسرح شكسبير) ترجمة وتقديم عبد الله راضي ، القسم الأول ، بغداد: مطبعة دار الساعة – تموز 1977 . (الصفحات 41 – 54) ، وأسم الكتاب الأصلي هو :
(شكسبير في الاتحاد السوفياتي)
Shakespeare in the Soviet Union – Progress Press, Moscow
تأليف : مجموعة من النقاد السوفيات ، بمناسبة مرور أربعمائة عام على ميلاد شكسبير . و(يتناول هذا المقال دراسة ديناميكية الشخصيات في مسرحية “روميو وجولييت”).
شكسبير في موقع ويكيبيديا الشهير
http://en.wikipedia.org/wiki/William_Shakespeare
مسرحية (روميو وجولييت) في موقع ويكيبيديا الشهير
http://en.wikipedia.org/wiki/Romeo_and_Juliet
كليبات من مسرحية (روميو وجولييت) بالصوت والصورة
من موقع يو تيوب الشهير
https://www.youtube.com/results?searc…ype=&aq=-1&oq=
كليبات بالصوت والصورة من فيلم انتاج عام 1968
https://www.youtube.com/watch?v=2LOfgaSvKz8
الاغنية الشهيرة والجميلة بالفيلم نفسه واسمها (ما هو الشباب) What is a youth
https://www.youtube.com/watch?v=89BwS…eature=related
مشهد لقاء روميو مع جولييت في شرفتها
https://www.youtube.com/watch?v=jEpG_…eature=related
موضوع عن مسرحية (روميو وجولييت) في هذا المنتدى (اقلام)
التراجيديا الرومانتيكية الشكسبيرية (روميو وجولييت)
http://www.aklaam.net/forum/showthread.php?t=21422
روميو وجولييت
بقلم النقاد الروس (1)
Romeo and Juliet
By Shakespeare
ترجمة عبد الله راضي
إعداد وطباعة وليد محمد الشبيبي
http://walidal-shabibi.maktoobblog.com/1471081/