المالكي يحتاج عملية جراحية سياسية..وصعود علاوي رئاسة الوزراء أشبه بـالانقلاب!
اتهامات وشكوك متبادلة تعمق الانقسام وتترك الخريطة السياسية للعراق أكثر غموضاً!
شدّد محللون سياسيون على أن رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، ربما يكون بحاجة الى عملية جراحية سياسية، أشبه باستئصال كيس التقيّح من معدته، كي يصل ثانية الى مبتغاه، بالبقاء في السلطة لأربع سنوات مقبلة، لكنّهم أكدوا من جانب آخر أن صعود علاوي يعد أشبه بـالانقلاب لأنه سيقود الى متغيّرات لا يمكن السيطرة على أدائها لاسيما في الجانب الأمني وتكويناته. ولهذا فإن الاتهامات والشكوك المتبادلة، تشترك كلها في تعميق الانقسامات، وتترك الخريطة السياسية للعراق، وهي أكثر غموضاً.ولا شك في أن سباق الائتلافات الانتخابية الكبرى متقارب بصورة مفاجئة، عبر النتائج الأولية. وهي كما تشير إلى ذلك صحيفة النيويورك تايمز، قد عمقت الانقسامات عبر المشهد السياسي الممزق. وقد سارع المرشحون الى اطلاق اتهامات بوقوع التحايل، مبرزين القلق، فيما إذا كانت المؤسسات العراقية الناشئة قوية كفاية لدعم انتقال سلمي للسلطة. وكانت الأيام الثلاثة الماضية الأكثر صخبا منذ السابع من الشهر الحالي. وإلى جانب ما قاله مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي بأنه أجرى عملية جراحية، اشتكى مسؤولون من كبار منافسيه، أن أصواتهم قد رميت في القمامة، فيما أكد الائتلاف الشيعي الرئيس أنه قد تحدى التفويض الشعبي الذي يحتاجه المالكي للعودة الى السلطة، لكنّ ما عمق الاضطراب السياسي، التوقعات والشكوك حول الانتخابات لاختيار الحكومة التي ستدير شؤون العراق خلال السنوات الأربع المقبلة، والتي ستشهد أولاً، بداية سحب الولايات المتحدة لقواتها بصورة جدية في الشهر المقبل.وحسب مسؤول غربي اطلع على نتائج الانتخابات -لكنه فضل الكلام بدون نشر اسمه طالما لم ينشر المسؤولون العراقيون تلك النتائج- فإنّ سباق الأصوات متقارب جداً، وأياً ما تكون النتائج الأخيرة، فإننا –يقول المسؤول- نعرف أنها ستكون صراعا قاسيا على تشكيل الحكومة. وترى النيويورك تايمز -استنادا الى مسؤولين اطلعوا على حسابات الأصوات عبر العراق- أن السباق محكم بين المالكي، وعلاوي، والحكيم، والأكراد بالرغم من انقساماتهم، وأن الجميع مستعدون للانتهاء بشكل قوي و جيد، كما يقولون، تاركين الخريطة السياسية للعراق اكثر عرضة للغموض الى حد بعيد عما كانت عليه قبل عدة أسابيع ماضية.وبالرغم من أن المسؤولين يقولون بان المالكي ظهر بأنّ له الأغلبية بالعودة الى حد بعيد، فان منافسيه في الائتلاف الشيعي وحلفاء علاوي نفخا بالمكاسب التي حصلوا عليها، فعلاوي في المناطق السنية والائتلاف الشيعي في المناطق الريفية الجنوبية. ودلت المؤشرات الأولى بان المالكي تقلصت أحجام تفويضه الذي يحتاجه لمباشرة مفاوضات حول ائتلاف حكومي يمكن أن يقوده. وبالنتيجة القريبة، فان هذا العرض يمكن أن يضعف حكومته الانتقالية أثناء شهور المفاوضات التي ستعقب النتائج النهائية، والتي يتوقع المسؤولون الانتخابيون بأنها ستكون بنهاية شهر آذار. ولم يظهر المالكي علنا منذ الانتخابات، وقد دخل المستشفى يوم الأربعاء لإزالة كيس متقيح في معدته، كما ذكر المسؤولون. وقد أكدت الحكومة إجراء العملية يوم الخميس الماضي، وقالت بأنه عاد الى عمله.وبعد الانتخابات البرلمانية السابقة في كانون الأول سنة 2005، تشاحن القادة السياسيون لمدة تزيد على خمسة اشهر في مجهود لتشكيل الحكومة الجديدة وهي فترة من الحيرة والارتباك التي سمحت للمتمردين لكسب القوة ولتصعيد التوترات الطائفية. وقد قتل عشرات الآلاف من الأشخاص في النزاع الطائفي الذي أعقب ذلك. وأبدى كثيرون قلقهم من انه بينما العراق اكثر سلميا الآن، فان أية مرحلة انتقالية سوف تكون مفعمة بالمخاطر.وقال حازم النعيمي وهو محلل سياسي: "قد نشهد شهورا طويلة من المشاكل والمساومات ، وهذا هو الوجه السيئ لليبرالية". وتوقع الجميع تقريبا المناورات والتحايل بعد انتخابات الأحد، وهي الانتخابات البرلمانية العراقية الثانية، ولكن الشعور المفعم نحو التروي هو الذي كان لافتا للنظر.وعقد نائب الرئيس طارق الهاشمي وهو حليف علاوي، اجتماعات مع المتنافسين، بمباركة أو بدون مباركة علاوي. وقال السياسيون الشيعة ان اتباع مقتدى الصدر قد ابلوا جيدا بصورة مدهشة، وأعطوه أصواتا كبيرة. واقترح قادة الأحزاب الان بدائل للمالكي إذا دخل حلفاؤه في ائتلافات. وفي الأيام الماضية فاقم المناخ المرتبك الانقسامات التي ضربت العراق منذ الغزو الأميركي للعراق. وقد أصر بعض السياسيين السنة على أن يخلف سني عربي الرئيس جلال طالباني . والمسؤولون الأكراد أنفسهم قلقون بان دخول التيار الانشقاقي الكردي في السياسات الوطنية قد يضعف قوتهم في المفاوضات. وقال النائب الكردي محمود عثمان: إن" أية حكومة لتكون ناجحة يجب أن تأخذ الأكراد بنظر الاعتبار وتضمهم الى الائتلاف، وذلك سيكون الشيء المنطقي، كما اعتقد". ولكنه أضاف: "يبدو أننا سنكون اضعف في هذا البرلمان في هذه المرة". وتبدو الائتلافات الان وهي تهترئ ، مع العديد من السياسيين الذين يقولون بان المباحثات قد بدأت في هذا الأسبوع لاقناع المرشحين لترك تحالفاتهم، وقال الوزير والمرشح مع المالكي صفاء الدين الصافي عن البصرة: "ستتشظى العديد من الكتل والرموز الصغيرة، ونحن في حوار مع العديد منهم".وكانت الأمم المتحدة قد أبدت آمالها بان النتائج الأولية سوف تعلن يوم الخميس صباحا، ولكن بحلول الليل فقد اعلنت فقط نتائج جزئية لخمس محافظات من مجموع المحافظات العراقية، وألقى المسؤولون الانتخابيون باللائمة على العملية الفنية، قائلين إن الحواسيب كانت محملة اكثر من طاقتها في يوم الأربعاء وتوقفت لعدة ساعات، ولكن في وقت مبكر من الأسبوع الماضي ، قال مسؤولون انتخابيون بأنهم يأملون بان تكون لديهم 80 % من حسابات الأصوات. وقال مسؤول غربي ، إنه ليست هناك تقارير عن احتيال كبير، بالرغم من أن بعض التقارير يتم التحقق منها. وفي الحقيقة -قال المسؤول- كان هناك القليل من الشكاوى مقارنة مع الانتخابات المحلية في شهر كانون الثاني 2009 ، بالرغم من العدد الكبير الى حد بعيد من المصوتين.وكشفت النيويورك تايمز أن العديد من الأحزاب قد اشتكت من الترهيب في الحصول على الأصوات مع قول الائتلاف الوطني العراقي بالذهاب بعيدا بأنه قد يضع علامة استفهام أمام شرعية النتائج الانتخابية إذا لم تتم مراعاة متطلبات الشفافية كما يجب. ولكن الاتهامات من قبل المسؤولين بمعية علاوي كانت اكثر شمولا وأيضا التأكيد بأنها ستفاقم الشكوك من السنة العرب، التي طالما اتهمت الأحزاب الشيعية الدينية باحتكار السلطة.وفي المؤتمر الصحفي ، كان ممثلو علاوي متسلحين بمعونة مرئية مثل الصور بطاقات التصويت، والتي قالوا إن البعض منها قد تركت في ساحة المدرسة في كركوك .وقال المرشح من بغداد ضمن قائمة علاوي، عدنان الجنابي: "الأصوات لقائمة العراقية هي في صندوق القمامة" وقال بأنه لا يعرف مدى الاحتيال المزعوم، واضاف: واحد أو مليون ، نحن لا نعرف. وبالإضافة الى الادعاءات بالعثور على بطاقات تصويت متروكة في القمامة ، وصناديق في بعض البيوت ، فقد ضرب هؤلاء الممثلون على قلب عملية الانتخابات العراقية، مدعين بان العاملين في مفوضية الانتخابات، والذين ادخلوا المعلومات في أنظمة الحواسيب ، مسكوا وهم يهملون حسابات ائتلاف علاوي.والتساؤلات حول شرعية الانتخابات ، بحسب النيويورك تايمز ، الى جانب الشكوك حول المفاوضات بشأن الحكومة الجديدة ، قد فتحت المجال لظهور القلق من تنامي العنف. وفي الأنبار ، فان أحد المبتدئين للتمرد سابقا وهو الشيخ المرشح عيفان سعدون العيفان ، قال بان ثلاثة من رجاله قد قتلوا من قبل المتمردين الذين يرتدون ملابس الشرطة يوم الأربعاء، واحدهم كما قال عيفان قد ذبح ، وقال: يبدو ان العنف سيتصاعد حولنا ، ولكننا سنواجهه.