13.07.2011 16:20
أكذوبة اقتحام سجن الباستيل المعد لمجرمي الطبقة الراقية
يحتفل الفرنسيون في 14 يوليو/تموز من كل عام بذكرى اقتحام سجن الباستيل. لكن في واقع الأمر لم يكن هناك أي اقتحام في ذلك اليوم، اذ ان السجن فتح أبوابه للثوار دون ان يصدر عنف من جانبهم ومقاومة من جانب القائمين عليه، لذلك كان الأجدر بالفرنسيين الاحتفال بيوم اقتحام الباستيل كيوم انتقال السلطة على "الحصن المنيع" للشعب سلمياً.
لكن يبدو ان الاحتفال بيوم تاريخي يجب ان يكون مصحوباً بحدث تاريخي مهم، مصحوب بواقعة على مستوى الحدث، تشير الى عزيمة وإصرار.
وتقول الرواية الرسمية لـ "اقتحام" سجن الباستيل في 14 يوليو عام 1789 ان آلاف الفرنسيين توجهوا الى مركز العاصمة باريس لإحياء مظاهرة بالقرب من سجن الباستيل المخصص لاعتقال المجرمين ومعارضي الملك.
وكان المتظاهرون يعارضون بشدة احتمال عودة الملك الى السلطة ويعترضون على إقالة وزير المالية المحبوب شعبيا. وهنا بدأ المتظاهرون يتعرضون لإطلاق النار من حراس السجن، مما أسفر عن وقوع مئات القتلى ومئات الجرحى أيضاً.
وتواصل الرواية الرسمية ان الغليان الشعبي دفع من تبقى من المتظاهرين الى الإقدام على بطولة اقتحام السجن وتحرير من فيه، وإعلان نهاية حكم الطاغية وبداية عهد جديد تسوده العدالة والمحبة.
لكن ما حصل على أرض الواقع كان مغايراً تماماً لهذه الرواية، التي تبدو أقرب الى قصة من تأليف أحد المتظاهرين لإضفاء شئ من الرومانسية على الثورة والثوار.
بداية لم يكن سجن الباستيل مكاناً كئيباً كما يوصف في معظم الأدبيات، بل كان مكاناً يحتوي على بعض عناصر الأبهة للمحتالين واللصوص من الطبقة الراقية، يحيط بهم البعض من حاشيتهم، بالإضافة الى انهم كانوا يتمتعون بحق مغادرة السجن ثم العودة الى جدرانه.
وفي 14 يوليو/تموز لم يكن عدد "السجناء" في الباستيل يتجاوز 10 أشخاص، الذين كانوا يمضون أوقاتهم بشكل أفضل بكثير مقارنة مع معظم أبناء المدينة خارج الأسوار.
وبحسب المؤرخ غيرهارد براوزه فإن الكثير من نزلاء السجن كانوا يطالبون بعدم الإفراج عنهم عقب انتهاء فترة السجن، كما يؤكد ان عدد الحراس لم يكن ليتجاوز 20 شخصاً جلهم من المعاقين.
وكان من أطلقوا على أنفسهم اسم الثوار قد احتشدوا بالقرب من السجن لا للدفاع عن أحد او لاقتحام أي مبنى، بل لسرقة مدافع كانوا قد جمعوها بالقرب من المكان، لكن عندما أحيط رئيس السجن دي ليونيه علماً بهذه المدافع قرر مصادرتها وإخفاءها في الباستيل.
حينما علم "الثوار" بأن رئيس السجن أخذ المدافع توجه وفد منهم اليه لمعرفة ما ينوي دي ليونيه فعله بها، فأجاب باختصار "لا شئ"، مشيراً الى انه لا يستطيع إعطاء الأسلحة للباريسيين، ومضيفاً انه لن يستعملها ضدهم إلا اذا حاولوا اقتحام السجن.
عاد الوفد لدراسة الأمر مع القيادة لكن عدداً ممن ظلوا بالقرب من الباستيل أطلقوا النار على الحراس وحاولوا اقتحامه وتمكنوا من الدخول اليه بالفعل، لكنهم قوبلوا برد عنيف من قبل الحراس المعاقين.
اتجه هؤلاء أيضاً ليلتحقوا بالوفد وليطالبوا باقتحام السجن، لكن الرد كان بإرسال وفد آخر يطالب بإخلاء السجن، فلم يعترض أحد من القائمين على الباستيل شريطة ان يأتي لاستلامه أشخاص مخولون لذلك ويحملون وثائق تثبت انهم أعضاء حكومة باريس.
وبعد تبادل قصير للنيران شهد إطلاق قذيفة واحدة فقط من مدافع الباستيل، قرر رئيس السجن ديليونيه رفع الراية البيضاء، مشيراً بذلك الى استعداده للاستسلام. الحقيقة التاريخية تؤكد ان حرس السجن المعاقين فتحوا أبواب الباستيل بدون أي اقتحام. لكن ما ان سمح للثوار بالدخول حتى شرع هؤلاء بسرقة كل ما تقع عليه أيديهم، كما بدأوا بإعدام حراس السجن، بمن فيهم رئيسه دي ليونيه، الذي علقت رأسه على عصاة جال بها الثوار شوارع العاصمة.
وبذاك انتهى هذا اليوم الذي من الصعب ان يوصف بأنه كان يوماً تاريخياً مشرفاً، اذ لم تتجاوز حصيلة قتلاه الـ 10 أشخاص، وهو عدد قليل جداً مقارنة مع ما شهدته تلك الفترة من أحداث دموية.
موسوعة الأخطاء الشائعة
http://arabic.rt.com/news_all_news/news/562213
أكذوبة اقتحام سجن الباستيل المعد لمجرمي الطبقة الراقية
أكذوبة اقتحام سجن الباستيل المعد لمجرمي الطبقة الراقية |
يحتفل الفرنسيون في 14 يوليو/تموز من كل عام بذكرى اقتحام سجن الباستيل. لكن في واقع الأمر لم يكن هناك أي اقتحام في ذلك اليوم، اذ ان السجن فتح أبوابه للثوار دون ان يصدر عنف من جانبهم ومقاومة من جانب القائمين عليه، لذلك كان الأجدر بالفرنسيين الاحتفال بيوم اقتحام الباستيل كيوم انتقال السلطة على "الحصن المنيع" للشعب سلمياً.
لكن يبدو ان الاحتفال بيوم تاريخي يجب ان يكون مصحوباً بحدث تاريخي مهم، مصحوب بواقعة على مستوى الحدث، تشير الى عزيمة وإصرار.
وتقول الرواية الرسمية لـ "اقتحام" سجن الباستيل في 14 يوليو عام 1789 ان آلاف الفرنسيين توجهوا الى مركز العاصمة باريس لإحياء مظاهرة بالقرب من سجن الباستيل المخصص لاعتقال المجرمين ومعارضي الملك.
وكان المتظاهرون يعارضون بشدة احتمال عودة الملك الى السلطة ويعترضون على إقالة وزير المالية المحبوب شعبيا. وهنا بدأ المتظاهرون يتعرضون لإطلاق النار من حراس السجن، مما أسفر عن وقوع مئات القتلى ومئات الجرحى أيضاً.
وتواصل الرواية الرسمية ان الغليان الشعبي دفع من تبقى من المتظاهرين الى الإقدام على بطولة اقتحام السجن وتحرير من فيه، وإعلان نهاية حكم الطاغية وبداية عهد جديد تسوده العدالة والمحبة.
لكن ما حصل على أرض الواقع كان مغايراً تماماً لهذه الرواية، التي تبدو أقرب الى قصة من تأليف أحد المتظاهرين لإضفاء شئ من الرومانسية على الثورة والثوار.
بداية لم يكن سجن الباستيل مكاناً كئيباً كما يوصف في معظم الأدبيات، بل كان مكاناً يحتوي على بعض عناصر الأبهة للمحتالين واللصوص من الطبقة الراقية، يحيط بهم البعض من حاشيتهم، بالإضافة الى انهم كانوا يتمتعون بحق مغادرة السجن ثم العودة الى جدرانه.
وفي 14 يوليو/تموز لم يكن عدد "السجناء" في الباستيل يتجاوز 10 أشخاص، الذين كانوا يمضون أوقاتهم بشكل أفضل بكثير مقارنة مع معظم أبناء المدينة خارج الأسوار.
وبحسب المؤرخ غيرهارد براوزه فإن الكثير من نزلاء السجن كانوا يطالبون بعدم الإفراج عنهم عقب انتهاء فترة السجن، كما يؤكد ان عدد الحراس لم يكن ليتجاوز 20 شخصاً جلهم من المعاقين.
وكان من أطلقوا على أنفسهم اسم الثوار قد احتشدوا بالقرب من السجن لا للدفاع عن أحد او لاقتحام أي مبنى، بل لسرقة مدافع كانوا قد جمعوها بالقرب من المكان، لكن عندما أحيط رئيس السجن دي ليونيه علماً بهذه المدافع قرر مصادرتها وإخفاءها في الباستيل.
حينما علم "الثوار" بأن رئيس السجن أخذ المدافع توجه وفد منهم اليه لمعرفة ما ينوي دي ليونيه فعله بها، فأجاب باختصار "لا شئ"، مشيراً الى انه لا يستطيع إعطاء الأسلحة للباريسيين، ومضيفاً انه لن يستعملها ضدهم إلا اذا حاولوا اقتحام السجن.
عاد الوفد لدراسة الأمر مع القيادة لكن عدداً ممن ظلوا بالقرب من الباستيل أطلقوا النار على الحراس وحاولوا اقتحامه وتمكنوا من الدخول اليه بالفعل، لكنهم قوبلوا برد عنيف من قبل الحراس المعاقين.
اتجه هؤلاء أيضاً ليلتحقوا بالوفد وليطالبوا باقتحام السجن، لكن الرد كان بإرسال وفد آخر يطالب بإخلاء السجن، فلم يعترض أحد من القائمين على الباستيل شريطة ان يأتي لاستلامه أشخاص مخولون لذلك ويحملون وثائق تثبت انهم أعضاء حكومة باريس.
وبعد تبادل قصير للنيران شهد إطلاق قذيفة واحدة فقط من مدافع الباستيل، قرر رئيس السجن ديليونيه رفع الراية البيضاء، مشيراً بذلك الى استعداده للاستسلام. الحقيقة التاريخية تؤكد ان حرس السجن المعاقين فتحوا أبواب الباستيل بدون أي اقتحام. لكن ما ان سمح للثوار بالدخول حتى شرع هؤلاء بسرقة كل ما تقع عليه أيديهم، كما بدأوا بإعدام حراس السجن، بمن فيهم رئيسه دي ليونيه، الذي علقت رأسه على عصاة جال بها الثوار شوارع العاصمة.
وبذاك انتهى هذا اليوم الذي من الصعب ان يوصف بأنه كان يوماً تاريخياً مشرفاً، اذ لم تتجاوز حصيلة قتلاه الـ 10 أشخاص، وهو عدد قليل جداً مقارنة مع ما شهدته تلك الفترة من أحداث دموية.
موسوعة الأخطاء الشائعة
http://arabic.rt.com/news_all_news/news/562213