خطاب البر زاني
الفقيه الشيخ قاسم الطائي
النجف الأشرف
تضمن خطاب البر زاني البوح بحق تقرير المصير للأكراد في مؤتمر الحزب السنوي، وكان بحضور جملة من السياسيين الذين لم يعلقوا على كلامه أو يخرجوا معترضين عليه، وهذا ضعف الإيمان حفاظاً على المجاملة السياسية التي غالباً ما يكون على حساب مصلحة العراق، وهذا شانهم ولا يهمنا ما هو ردة فعلهم، فإنهم إن ردوا فلا تأثير وإن لم يردوا فلا تأثير أيضاً.
وهنا نحن بصدد تحليل هذا التصريح وبيان ما ينطوي عليه من مغالطة واضحة قد وقع فيها المصرح وهو لا يشعر بذلك، والمغالطة تنطلق من حق تقرير المصير فهل هذا الحق قُرر للأكراد أو لم يقرر في ظل عراق موحد ديمقراطي فدرالي تعددي وهو مصطلح كانت مجاملة الكرد فيه واضحة من جهة أن (موحد) غير صحيح إذ التوحد فرع التعدد وهو بالأصل التاريخي له كان واحداً لا متعدداً ليتحد، وفدرالي وهو مصطلح انضمام مجموعات مختلفة لتنتظم تحت نظام يسمى اتحادي فيدرالي يشترك فيه بعض المجالات المهمة والمميزة كالدفاع والخارجية وتبقى لكل منطقة أو كيان خصوصيته الخاصة، فالمصطلح يطلق من تعدد أريد له الاتحاد بموافقة المجموع، والعراق كان واحداً لا متعدداً لينتظم تحت هذا المسمى، والأمر سهل لو كانت فيدرالية إدارية، وهي بالأصل موجودة في نظام المحافظات.
وتشير كلمة تعددي إلى نفس تحليلنا للكلمتين المتقدمتين من الاتحادي والفيدرالي، وكأنها تأكيد للتعدد الذي قد يجد طريقه للانفصال في ظروف دولية وإقليمية قد تخلقها أحداث معينة.
فالحق الكردي مقرر ضمن هذه التسمية، إلا إذا أراد البر زاني التلويح إن لم يكن التصريح بالانفصال والتمهيد له، بعد أن وجد الوضع الدولي مهيأً لذلك وقد جرت الرياح باتجاهه في استفتاء جنوب السودان المزمع إجراؤه، وقد نبهت عليه قبل مدة.
هذا إن لم يكن في مقصود البر زاني الضغط على السياسيين وعلى رأسهم المالكي في ظرف توزيع الحقائب الحكومية للحصول على اكبر عدد ممكن منها بعد حصول الكرد على رئاسة الجمهورية في غير استحقاقها لهم.
ولو قبلنا حق التقرير، وأن الآلية المتبعة فيه هي الاستفتاء، فهنا يطرح التساؤل التالي، هل هذا استفتاء مختص بالكر داو عام لكل العراقيين وهنا المغالطة الكبرى.
فإن اقتصاره على الكرد، وهو جزء من منظومة دولية تسمى العراق معناه تجاوز حقوق الآخرين الذين اشتركوا معهم في بلد العراق ودفعوا ضريبة هذه المشاركة في الدفاع عنهم في ظروف الحرب أو الزج بهم في مواجهة الكرد رغماً عنهم في سياسيات الاستبداد السابقة والتي راح ضحيتها معظم أبناء العراق من العرب، وتخصيص ما يقارب 17% من واردات العراق النفطية، وهي بمعظمها تؤخذ في منابع التصدير الرئيسية فيه كالعمارة والبصرة، ثم يسلب حقهم في المشاركة بالاستفتاء لتقرير مصير جزء من بلدهم كان يستنزف 17% من وارداتهم النفطية هم أحق بها من غيرهم، ناهيك من أن تقرير المصير لو كان مختصاً بكيان قومي أو جغرافي أو طائفي لجر ذلك الأمر إلى مطالبة كل محافظة حق تقرير مصيرها بنفسها.
مع ملاحظة أن هذا المصطلح السياسي إنما طرأ على الساحة السياسية في المناطق التي تشكلت كياناتها بعد الوضع الدولي الذي حدث بعد إنهاء الحرب المسماة العالمية الأولى، حيث ضمت كيانات سياسية جغرافية لها هويتها الخاصة مع أخرى وشكلت كيانات جديدة، مثل جيكو سلفاكيا ويوغسلافيا وغيرها، حين تتهيأ ظروف المطالبة بالانفصال لأنه وضع طارئ حدث في ظروف معينة وهو مما لا ينطبق على العراق لأن الشعب العراقي بقسميه العرب والأكراد كان واحداً منذ مئات السنين كما تشهد الوقائع التاريخية، وليس انضماماً طارئاً ليطالب بتقرير المصير، وقد ارتبط مصير الكرد بالمصير العراقي وكان واحداً.
هذا ما ينبغي الانتباه له جداً ومن سمح بتمرير التقرير للمصير من خلال استفتاء منطقة كردستان فقد خان فهمه وإدراكه للمصطلح السياسي ناهيك عن لعبه بمصير بلده ووضع في مهب ريح التجزئة الجارفة لوحدته وعمقه التاريخي، والعقائدي.
الفقيه الشيخ قاسم الطائي
النجف الأشرف
تضمن خطاب البر زاني البوح بحق تقرير المصير للأكراد في مؤتمر الحزب السنوي، وكان بحضور جملة من السياسيين الذين لم يعلقوا على كلامه أو يخرجوا معترضين عليه، وهذا ضعف الإيمان حفاظاً على المجاملة السياسية التي غالباً ما يكون على حساب مصلحة العراق، وهذا شانهم ولا يهمنا ما هو ردة فعلهم، فإنهم إن ردوا فلا تأثير وإن لم يردوا فلا تأثير أيضاً.
وهنا نحن بصدد تحليل هذا التصريح وبيان ما ينطوي عليه من مغالطة واضحة قد وقع فيها المصرح وهو لا يشعر بذلك، والمغالطة تنطلق من حق تقرير المصير فهل هذا الحق قُرر للأكراد أو لم يقرر في ظل عراق موحد ديمقراطي فدرالي تعددي وهو مصطلح كانت مجاملة الكرد فيه واضحة من جهة أن (موحد) غير صحيح إذ التوحد فرع التعدد وهو بالأصل التاريخي له كان واحداً لا متعدداً ليتحد، وفدرالي وهو مصطلح انضمام مجموعات مختلفة لتنتظم تحت نظام يسمى اتحادي فيدرالي يشترك فيه بعض المجالات المهمة والمميزة كالدفاع والخارجية وتبقى لكل منطقة أو كيان خصوصيته الخاصة، فالمصطلح يطلق من تعدد أريد له الاتحاد بموافقة المجموع، والعراق كان واحداً لا متعدداً لينتظم تحت هذا المسمى، والأمر سهل لو كانت فيدرالية إدارية، وهي بالأصل موجودة في نظام المحافظات.
وتشير كلمة تعددي إلى نفس تحليلنا للكلمتين المتقدمتين من الاتحادي والفيدرالي، وكأنها تأكيد للتعدد الذي قد يجد طريقه للانفصال في ظروف دولية وإقليمية قد تخلقها أحداث معينة.
فالحق الكردي مقرر ضمن هذه التسمية، إلا إذا أراد البر زاني التلويح إن لم يكن التصريح بالانفصال والتمهيد له، بعد أن وجد الوضع الدولي مهيأً لذلك وقد جرت الرياح باتجاهه في استفتاء جنوب السودان المزمع إجراؤه، وقد نبهت عليه قبل مدة.
هذا إن لم يكن في مقصود البر زاني الضغط على السياسيين وعلى رأسهم المالكي في ظرف توزيع الحقائب الحكومية للحصول على اكبر عدد ممكن منها بعد حصول الكرد على رئاسة الجمهورية في غير استحقاقها لهم.
ولو قبلنا حق التقرير، وأن الآلية المتبعة فيه هي الاستفتاء، فهنا يطرح التساؤل التالي، هل هذا استفتاء مختص بالكر داو عام لكل العراقيين وهنا المغالطة الكبرى.
فإن اقتصاره على الكرد، وهو جزء من منظومة دولية تسمى العراق معناه تجاوز حقوق الآخرين الذين اشتركوا معهم في بلد العراق ودفعوا ضريبة هذه المشاركة في الدفاع عنهم في ظروف الحرب أو الزج بهم في مواجهة الكرد رغماً عنهم في سياسيات الاستبداد السابقة والتي راح ضحيتها معظم أبناء العراق من العرب، وتخصيص ما يقارب 17% من واردات العراق النفطية، وهي بمعظمها تؤخذ في منابع التصدير الرئيسية فيه كالعمارة والبصرة، ثم يسلب حقهم في المشاركة بالاستفتاء لتقرير مصير جزء من بلدهم كان يستنزف 17% من وارداتهم النفطية هم أحق بها من غيرهم، ناهيك من أن تقرير المصير لو كان مختصاً بكيان قومي أو جغرافي أو طائفي لجر ذلك الأمر إلى مطالبة كل محافظة حق تقرير مصيرها بنفسها.
مع ملاحظة أن هذا المصطلح السياسي إنما طرأ على الساحة السياسية في المناطق التي تشكلت كياناتها بعد الوضع الدولي الذي حدث بعد إنهاء الحرب المسماة العالمية الأولى، حيث ضمت كيانات سياسية جغرافية لها هويتها الخاصة مع أخرى وشكلت كيانات جديدة، مثل جيكو سلفاكيا ويوغسلافيا وغيرها، حين تتهيأ ظروف المطالبة بالانفصال لأنه وضع طارئ حدث في ظروف معينة وهو مما لا ينطبق على العراق لأن الشعب العراقي بقسميه العرب والأكراد كان واحداً منذ مئات السنين كما تشهد الوقائع التاريخية، وليس انضماماً طارئاً ليطالب بتقرير المصير، وقد ارتبط مصير الكرد بالمصير العراقي وكان واحداً.
هذا ما ينبغي الانتباه له جداً ومن سمح بتمرير التقرير للمصير من خلال استفتاء منطقة كردستان فقد خان فهمه وإدراكه للمصطلح السياسي ناهيك عن لعبه بمصير بلده ووضع في مهب ريح التجزئة الجارفة لوحدته وعمقه التاريخي، والعقائدي.
عدل سابقا من قبل اثير محمد الشمسي في الأربعاء 12 يناير 2011, 1:26 pm عدل 1 مرات (السبب : 1)