اياد علاوي والعراقية - الحكومة والمعارضة
هادي والي الظالمي
اثبت اياد علاوي ، وباستمرار ، انه الرقم الاصعب في المعادلة السياسية العراقية ، فالرجل الذي لاينكر عليه احد انه مؤسس الجمهورية الجديدة اثبت دائما انه المقاتل الذي لم يلق سلاحه ، وهو يدافع عن قيم هذه الجمهورية الفتية .
ابتداء ، لايمكن الادعاء بان الاقدار وحدها هي التي دفعت لاختيار اياد علاوي كأول رئيس وزراء لاول حكومة عراقية لفترة مابعد التغيير ، فالتوافق السياسي لاعضاء مجلس الحكم وبالاجماع على اختيار علاوي رئيسا لم يأت على قاعدة الرجل الاضعف الذي يأمنه الجميع ، بل جاء على قاعدة الرجل الاقوى الذي يهابه الجميع . الا ان هذا الرجل القوي ذا التاريخ النضالي الشرس في مقارعة نظام البعث لم يركن الى تاريخه الجهادي كاستحقاق يوصل الى السلطة ، فقد كان مدركا لطبيعة التحديات التي تواجه النهوض بدولة ورثت ركاما من الخراب والفوضى وغياب الهيكلية المؤسسية
ودوامات من المشاكل العالقة مع الجوار والعالم ، فشرع في بناء مؤسسات الدولة واجهزتها الامنية والتنفيذية والقضائية على اسس المواطنة والكفاءة .
وقد نجح اياد علاوي الطبيب والسياسي البارع ذو العلاقات الممتدة على خارطة العالم ، والذي جاء بقبول امريكي ومباركة دولية وعربية نجح وباسلوب براغماتي ينم عن رجل دولة واعد في ان يوظف مهاراته و اهتمام العالم بالعراق لتمزيق الشرنقة التي وضع النظام السابق البلاد فيها .
ان اعتماد معياري المواطنة والكفاءة في تولي الوظيفة العامة ولد رضا وقبولا لدى الراي العام ، مما خفف من حالة الاحتقان والسلبية ، سيما وان ذلك ترافق مع خطوات مهمة على طريق تحسين الواقع المعيشي للمواطنين ، من خلال زيادة رواتب الموظفين ، وخلق فرص عمل جديدة ، واستقدام اموال المانحين ، وجذب الاستثمارات ، وهو ما هيأ للدولة القدرة على فرض هيبتها ازاء حالات التمرد والفوضى التي ظهرت هنا وهناك .
الانجازات الكبيرة التي حققتها حكومة علاوي في عمرها الذي امتد في اقل من سنة
اظهرت ان رئيسها قد هندس ببراعة اوضاع البلاد في الداخل وعلاقاتها الخارجية الا ان روح اللامسؤولية وجر الدولة الى دائرة العقائدية السياسية واعتماد المحسوبية والولاء كبديل عن الخبرة افسدت تلك المنجزات على يد الحكومات اللاحقة ، وعطلت من قيام الدولة المدنية الديمقراطية .
وقد انهى الدكتور اياد علاوي ولاية حكومته الحافلة بالانجازات بانتخابات جرت في اجواء من الامن والشفافية والنزاهة والحيادية قل نظيرها على الرغم من امكانية تاجيل تلك الانتخابات بحجة اجرائها في ظروف افضل ، وكان علاوي قادرا على هذا التاجيل الذي اشار به الكثيرون ، كونه يجمع بين يديه السلطتين التشريعية والتنفيذية ، الا انه لم يشأ ان يضع العصي في دواليب الممارسة الديمقراطية الناشئة وتم تسليم السلطة بشكل سلس وسلمي .
وعلى الرغم من خسارة علاوي للانتخابات التي جرت في العام 2005 في ظروف من المد الطائفي وفي اجواء من التضليل والخداع تفتقر الى ادنى مقومات الاخلاق السياسية الا ان رئيس الوزراء العراقي الاسبق احترم النتائج المتحققة عن صناديق الاقتراع منتقلا الى دور المعارض لاداء الحكومة في اطره القانونية والاخلاقية وبما تبيحه قواعد اللعبة وتقاليدها .
ان نجاح القوى الطائفية وتحالفاتها في اخراج الدكتور اياد علاوي من رئاسة الحكومة لم يقترن بنجاح مماثل في افشال المشروع الوطني للدولة المدنية الذي يقوده ، فعلاوي رجل السياسة ليس اقل مهارة من علاوي رجل الدولة ، وقد مثل الثبات على المبادئ الوطنية جوهر الممارسة السياسية لعلاوي في المرحلة اللاحقة ، ومن خلال ذلك وبالتوازي مع فشل المشروع الطائفي ، استطاع هذا السياسي المخضرم من استقطاب اغلب القوى والشخصيات الوطنية المنادية بالتغيير وضمها الى خندق المواجهة الذي مثلته كتلة العراقية 333 .
استطاعت العراقية في السابع من اذار 2010 ان تحصد اغلب اصوات العراقيين المعبرة عن ارادة التغيير كما استطاع علاوي المحافظة على صدارة القائمة في ثقة الناخبين الذين منحوه اعلى الاصوات ، رغم ان الانتخابات سبقتها ورافقتها الكثير من العوامل لتحجيم مكاسب العراقية . الا ان هذه المكاسب كانت اكبر من ان يتم غمطها . ولقد اشرت محاولات الالتفاف على الارادة الشعبية في الاقتراع للعراقية فهما قاصرا في قراءة حركة الوعي العام للشعب العراقي ، وخيانة للامانة التي اوكلها لدى الحكومة ، وهشاشة وهزالة ايمان القوى الطائفية بمبادئ الديمقراطية والتداول
السلمي للسلطة .
ان محاولات الحكومة الممثلة بائتلاف دولة القانون الذي يقوده رئيس الوزراء المنتهية ولايته في فرض نتائج مختلفة على مفوضية الانتخابات والتلويح باستخدام القوة وترك البلاد لتنزلق الى العنف والدعوة الى التظاهر والتهديد بالعصيان المدني تمثل بمجملها مؤشرات على خطورة اشراك المالكي وحزبه في الحكومة القادمة بسبب عقلياتهم الانقلابية ، و كونهم شركاء غير موثوقين يمتلكون سجلا حافلا في هذا المجال .
ان فشل المالكي في تمرير مخطط اقصاء العراقية من خلال تزوير صناديق الاقتراع قد يدفعه الى اللجوء الى الخطة البديلة في منع العراقية ورئيسها من تشكيل الحكومة القادمة او الاشتراك فيها ، من خلال الدعوة الى احياء التحالف الطائفي الذي رفضه الشعب العراقي في صناديق الاقتراع ، والقفز على ارادة مايقرب من مليوني ناخب صوتوا للعراقية .
ان الانجرار وراء هذا المخطط بقدر مايجسد الحط من ارادة الشعب العراقي الذي رفض الطائفية ، ويضع العراقيين في مواجهة مباشرة مع حكومة لاتستجيب لاراداتهم ، فانه يعبر عن انتحار سياسي للاطراف المشتركة فيه ويكتب نهايات بائسة لها وبشكل عاجل . فالعراقية التي استطاعت احداث هذا الزلزال المدوي وهي في صفوف المعارضة ولما تملك بضع عشرة مقعد في البرلمان السابق ، ستتمكن حتما في تفتيت اي تكوين طائفي ، تحت اية مظلة كانت وباي عنوان ، اذا ما دفعت الى المعارضة وهي تمتلك مايقرب من مئة مقعد نيابي في المجلس القادم .
هادي والي الظالمي
Hadi_whali@yahoo.com
هادي والي الظالمي
اثبت اياد علاوي ، وباستمرار ، انه الرقم الاصعب في المعادلة السياسية العراقية ، فالرجل الذي لاينكر عليه احد انه مؤسس الجمهورية الجديدة اثبت دائما انه المقاتل الذي لم يلق سلاحه ، وهو يدافع عن قيم هذه الجمهورية الفتية .
ابتداء ، لايمكن الادعاء بان الاقدار وحدها هي التي دفعت لاختيار اياد علاوي كأول رئيس وزراء لاول حكومة عراقية لفترة مابعد التغيير ، فالتوافق السياسي لاعضاء مجلس الحكم وبالاجماع على اختيار علاوي رئيسا لم يأت على قاعدة الرجل الاضعف الذي يأمنه الجميع ، بل جاء على قاعدة الرجل الاقوى الذي يهابه الجميع . الا ان هذا الرجل القوي ذا التاريخ النضالي الشرس في مقارعة نظام البعث لم يركن الى تاريخه الجهادي كاستحقاق يوصل الى السلطة ، فقد كان مدركا لطبيعة التحديات التي تواجه النهوض بدولة ورثت ركاما من الخراب والفوضى وغياب الهيكلية المؤسسية
ودوامات من المشاكل العالقة مع الجوار والعالم ، فشرع في بناء مؤسسات الدولة واجهزتها الامنية والتنفيذية والقضائية على اسس المواطنة والكفاءة .
وقد نجح اياد علاوي الطبيب والسياسي البارع ذو العلاقات الممتدة على خارطة العالم ، والذي جاء بقبول امريكي ومباركة دولية وعربية نجح وباسلوب براغماتي ينم عن رجل دولة واعد في ان يوظف مهاراته و اهتمام العالم بالعراق لتمزيق الشرنقة التي وضع النظام السابق البلاد فيها .
ان اعتماد معياري المواطنة والكفاءة في تولي الوظيفة العامة ولد رضا وقبولا لدى الراي العام ، مما خفف من حالة الاحتقان والسلبية ، سيما وان ذلك ترافق مع خطوات مهمة على طريق تحسين الواقع المعيشي للمواطنين ، من خلال زيادة رواتب الموظفين ، وخلق فرص عمل جديدة ، واستقدام اموال المانحين ، وجذب الاستثمارات ، وهو ما هيأ للدولة القدرة على فرض هيبتها ازاء حالات التمرد والفوضى التي ظهرت هنا وهناك .
الانجازات الكبيرة التي حققتها حكومة علاوي في عمرها الذي امتد في اقل من سنة
اظهرت ان رئيسها قد هندس ببراعة اوضاع البلاد في الداخل وعلاقاتها الخارجية الا ان روح اللامسؤولية وجر الدولة الى دائرة العقائدية السياسية واعتماد المحسوبية والولاء كبديل عن الخبرة افسدت تلك المنجزات على يد الحكومات اللاحقة ، وعطلت من قيام الدولة المدنية الديمقراطية .
وقد انهى الدكتور اياد علاوي ولاية حكومته الحافلة بالانجازات بانتخابات جرت في اجواء من الامن والشفافية والنزاهة والحيادية قل نظيرها على الرغم من امكانية تاجيل تلك الانتخابات بحجة اجرائها في ظروف افضل ، وكان علاوي قادرا على هذا التاجيل الذي اشار به الكثيرون ، كونه يجمع بين يديه السلطتين التشريعية والتنفيذية ، الا انه لم يشأ ان يضع العصي في دواليب الممارسة الديمقراطية الناشئة وتم تسليم السلطة بشكل سلس وسلمي .
وعلى الرغم من خسارة علاوي للانتخابات التي جرت في العام 2005 في ظروف من المد الطائفي وفي اجواء من التضليل والخداع تفتقر الى ادنى مقومات الاخلاق السياسية الا ان رئيس الوزراء العراقي الاسبق احترم النتائج المتحققة عن صناديق الاقتراع منتقلا الى دور المعارض لاداء الحكومة في اطره القانونية والاخلاقية وبما تبيحه قواعد اللعبة وتقاليدها .
ان نجاح القوى الطائفية وتحالفاتها في اخراج الدكتور اياد علاوي من رئاسة الحكومة لم يقترن بنجاح مماثل في افشال المشروع الوطني للدولة المدنية الذي يقوده ، فعلاوي رجل السياسة ليس اقل مهارة من علاوي رجل الدولة ، وقد مثل الثبات على المبادئ الوطنية جوهر الممارسة السياسية لعلاوي في المرحلة اللاحقة ، ومن خلال ذلك وبالتوازي مع فشل المشروع الطائفي ، استطاع هذا السياسي المخضرم من استقطاب اغلب القوى والشخصيات الوطنية المنادية بالتغيير وضمها الى خندق المواجهة الذي مثلته كتلة العراقية 333 .
استطاعت العراقية في السابع من اذار 2010 ان تحصد اغلب اصوات العراقيين المعبرة عن ارادة التغيير كما استطاع علاوي المحافظة على صدارة القائمة في ثقة الناخبين الذين منحوه اعلى الاصوات ، رغم ان الانتخابات سبقتها ورافقتها الكثير من العوامل لتحجيم مكاسب العراقية . الا ان هذه المكاسب كانت اكبر من ان يتم غمطها . ولقد اشرت محاولات الالتفاف على الارادة الشعبية في الاقتراع للعراقية فهما قاصرا في قراءة حركة الوعي العام للشعب العراقي ، وخيانة للامانة التي اوكلها لدى الحكومة ، وهشاشة وهزالة ايمان القوى الطائفية بمبادئ الديمقراطية والتداول
السلمي للسلطة .
ان محاولات الحكومة الممثلة بائتلاف دولة القانون الذي يقوده رئيس الوزراء المنتهية ولايته في فرض نتائج مختلفة على مفوضية الانتخابات والتلويح باستخدام القوة وترك البلاد لتنزلق الى العنف والدعوة الى التظاهر والتهديد بالعصيان المدني تمثل بمجملها مؤشرات على خطورة اشراك المالكي وحزبه في الحكومة القادمة بسبب عقلياتهم الانقلابية ، و كونهم شركاء غير موثوقين يمتلكون سجلا حافلا في هذا المجال .
ان فشل المالكي في تمرير مخطط اقصاء العراقية من خلال تزوير صناديق الاقتراع قد يدفعه الى اللجوء الى الخطة البديلة في منع العراقية ورئيسها من تشكيل الحكومة القادمة او الاشتراك فيها ، من خلال الدعوة الى احياء التحالف الطائفي الذي رفضه الشعب العراقي في صناديق الاقتراع ، والقفز على ارادة مايقرب من مليوني ناخب صوتوا للعراقية .
ان الانجرار وراء هذا المخطط بقدر مايجسد الحط من ارادة الشعب العراقي الذي رفض الطائفية ، ويضع العراقيين في مواجهة مباشرة مع حكومة لاتستجيب لاراداتهم ، فانه يعبر عن انتحار سياسي للاطراف المشتركة فيه ويكتب نهايات بائسة لها وبشكل عاجل . فالعراقية التي استطاعت احداث هذا الزلزال المدوي وهي في صفوف المعارضة ولما تملك بضع عشرة مقعد في البرلمان السابق ، ستتمكن حتما في تفتيت اي تكوين طائفي ، تحت اية مظلة كانت وباي عنوان ، اذا ما دفعت الى المعارضة وهي تمتلك مايقرب من مئة مقعد نيابي في المجلس القادم .
هادي والي الظالمي
Hadi_whali@yahoo.com