زلزال العراقية
هادي والي الظالمي
النتائج التي حققتها ( العراقية ) بزعامة الدكتور اياد علاوي في الانتخابات التشريعية لم تكن مفاجئة ، كما اراد وصفها البعض . المفاجئة الحقيقية : ان تتوقف العراقية دون بلوغ هذه النتائج .
صحيح ان قائمة ( علاوي ) التي باتت تعرف باسم رئيسها ، كانت بطيئة في زحفها الا ان مسيرتها التي اتسمت بالتحدي والعناد قد سلكت اقصر الطرق بين نقطتين دون ان تمر بمتعرجات الطائفية والانتهازية السياسية .
بسبب هذه الرؤية المنهجية،التي تستند الى الايمان والقراءة الواعية لتاريخ الشعب العراقي لم تتخل العراقية عن مبادئها لتدخل في مزاد السلطة من اجل تحقيق مصالح خاصة .
يمكن ادراك مكامن القوة والتميز في القائمة العراقية انها وعلى الرغم من عدم حصولها على اكثر من 25 مقعدا في انتخابات العام 2005 ، وتخلي اغلب نوابها عنها لاحقا في رحلة البحث عن وجاهة السلطة ، الا انها ظلت ركنا اساسيا في العملية السياسية لم يكن لاحد تجاوزه ، كما اصبحت قبلة لاغلب القوى والشخصيات الوطنية لتنضوي تحت لوائها في خوض الانتخابات التشريعية لعام 2010 .
ان تفرد وثبات العراقية في قيادة المشروع الوطني جعلها في وقت مبكر موضع استهداف اغلب القوى السياسية التي اختطت نهجا جهويا . نجحت تلك القوى الى حد ما في تشويه صورة العراقية ، الا ان فشل النهج الطائفي الذي تبنته اعاد الى الاذهان مشروع الدولة المدنية القائمة على المواطنة والمؤسسية والعدل والقانون الذي تتبناه قائمة رئيس الوزراء الاسبق ، ومؤسس الدولة الجديدة .
ازاء تنامي ظاهرة اياد علاوي رجل العراق القوي ، التي كتبنا عنها منذ امد بعيد ، لم تجد الكثير من الاحزاب والحركات المتبنية للمشروع السياسي الجهوي بدا من مراجعة برامجها وخطابها السياسي قبل ان يجرفها سيل التغيير . بل بادر حزب السلطة الذي يقوده رئيس الوزراء المنتهية ولايته الى رفع شعار التغيير كعنوان اساسي لحملته الانتخابية في مفارقة مرتبكة تدعو الى السخرية والتساؤل : تغيير من وماذا ؟ وهل يعني المالكي بالتغيير تغيير نفسه ؟ .
ان انجاز العراقية لايقف عند ضخامة الاصوات التي حصدتها في صناديق الاقتراع حسب ، بل يمتد ايضا الى تهديدها للمشاريع الطائفية ومتبنياتها ، ودفعها حاضناتها الى تعديل خطابها الجهوي باتجاه الخطاب الوطني ، وكذلك تطعيم قوائمها الانتخابية بالعديد من الشخصيات الوطنية المستقلة من خارج تنظيماتها السياسية ، وتضمين برامجها الكثير من المفردات ذات البعد الوطني .
ان قوى السلطة التي انشغلت بالتضليل كبديل عن تقديم الخدمات لمواطنيها وتحسين واقعهم المعيشي لم تكن تتوقع حجم الزلزال المعبر عن الارادة الشعبية في التغيير الذي افرزته الانتخابات الاخيرة في دعم للقائمة العراقية . ومما زاد من التداعيات الارتدادية لهذا الزلزال ان ثقافة الدكتاتورية والانفراد بالسلطة هي التي طبعت مواقف وممارسات احزاب السلطة التي لاتؤمن بالارادة الشعبية في التغيير ومنهج التداول السلمي للسلطة . ان هذا الفهم القاصر لواقع الحياة الديمقراطية دفع بالحكومة بشكل ممنهج الى استخدام مقدرات الدولة وامكاناتها ضد خصومها
السياسيين ، من خلال التضليل والترهيب والضغط والاكراه ومن ثم التدخل في عمل المفوضية لتغيير النتائج .
ان التشكيك في عمل المفوضية بعد ظهور نتائج ليست في صالح دولة القانون واملاء ارادات تتعارض مع انظمة وآليات عمل المفوضية قد يدخل البلاد في فراغ سياسي تتحمل الحكومة مسؤوليته سيما مع تلميح السيد المالكي باستخدام القوات المسلحة لفرض رغباته ، وهو مارفضته المفوضية حتى الان . ان تهديد رئيس الوزراء في الانقلاب على العملية السياسية والتشبث بالسلطة بالقوة لن يجد مصاديقه على ارض الواقع بسبب حالة التوازنات القائمة ، الا ان مجرد التلويح به يمثل تراجعا في مسارات العملية السياسية الديمقراطية التي يفترض ان تكون الحكومة ورئيسها في مقدمة
حماتها والساهر الدستوري على صيانتها ورعايتها .
هادي والي الظالمي
هادي والي الظالمي
النتائج التي حققتها ( العراقية ) بزعامة الدكتور اياد علاوي في الانتخابات التشريعية لم تكن مفاجئة ، كما اراد وصفها البعض . المفاجئة الحقيقية : ان تتوقف العراقية دون بلوغ هذه النتائج .
صحيح ان قائمة ( علاوي ) التي باتت تعرف باسم رئيسها ، كانت بطيئة في زحفها الا ان مسيرتها التي اتسمت بالتحدي والعناد قد سلكت اقصر الطرق بين نقطتين دون ان تمر بمتعرجات الطائفية والانتهازية السياسية .
بسبب هذه الرؤية المنهجية،التي تستند الى الايمان والقراءة الواعية لتاريخ الشعب العراقي لم تتخل العراقية عن مبادئها لتدخل في مزاد السلطة من اجل تحقيق مصالح خاصة .
يمكن ادراك مكامن القوة والتميز في القائمة العراقية انها وعلى الرغم من عدم حصولها على اكثر من 25 مقعدا في انتخابات العام 2005 ، وتخلي اغلب نوابها عنها لاحقا في رحلة البحث عن وجاهة السلطة ، الا انها ظلت ركنا اساسيا في العملية السياسية لم يكن لاحد تجاوزه ، كما اصبحت قبلة لاغلب القوى والشخصيات الوطنية لتنضوي تحت لوائها في خوض الانتخابات التشريعية لعام 2010 .
ان تفرد وثبات العراقية في قيادة المشروع الوطني جعلها في وقت مبكر موضع استهداف اغلب القوى السياسية التي اختطت نهجا جهويا . نجحت تلك القوى الى حد ما في تشويه صورة العراقية ، الا ان فشل النهج الطائفي الذي تبنته اعاد الى الاذهان مشروع الدولة المدنية القائمة على المواطنة والمؤسسية والعدل والقانون الذي تتبناه قائمة رئيس الوزراء الاسبق ، ومؤسس الدولة الجديدة .
ازاء تنامي ظاهرة اياد علاوي رجل العراق القوي ، التي كتبنا عنها منذ امد بعيد ، لم تجد الكثير من الاحزاب والحركات المتبنية للمشروع السياسي الجهوي بدا من مراجعة برامجها وخطابها السياسي قبل ان يجرفها سيل التغيير . بل بادر حزب السلطة الذي يقوده رئيس الوزراء المنتهية ولايته الى رفع شعار التغيير كعنوان اساسي لحملته الانتخابية في مفارقة مرتبكة تدعو الى السخرية والتساؤل : تغيير من وماذا ؟ وهل يعني المالكي بالتغيير تغيير نفسه ؟ .
ان انجاز العراقية لايقف عند ضخامة الاصوات التي حصدتها في صناديق الاقتراع حسب ، بل يمتد ايضا الى تهديدها للمشاريع الطائفية ومتبنياتها ، ودفعها حاضناتها الى تعديل خطابها الجهوي باتجاه الخطاب الوطني ، وكذلك تطعيم قوائمها الانتخابية بالعديد من الشخصيات الوطنية المستقلة من خارج تنظيماتها السياسية ، وتضمين برامجها الكثير من المفردات ذات البعد الوطني .
ان قوى السلطة التي انشغلت بالتضليل كبديل عن تقديم الخدمات لمواطنيها وتحسين واقعهم المعيشي لم تكن تتوقع حجم الزلزال المعبر عن الارادة الشعبية في التغيير الذي افرزته الانتخابات الاخيرة في دعم للقائمة العراقية . ومما زاد من التداعيات الارتدادية لهذا الزلزال ان ثقافة الدكتاتورية والانفراد بالسلطة هي التي طبعت مواقف وممارسات احزاب السلطة التي لاتؤمن بالارادة الشعبية في التغيير ومنهج التداول السلمي للسلطة . ان هذا الفهم القاصر لواقع الحياة الديمقراطية دفع بالحكومة بشكل ممنهج الى استخدام مقدرات الدولة وامكاناتها ضد خصومها
السياسيين ، من خلال التضليل والترهيب والضغط والاكراه ومن ثم التدخل في عمل المفوضية لتغيير النتائج .
ان التشكيك في عمل المفوضية بعد ظهور نتائج ليست في صالح دولة القانون واملاء ارادات تتعارض مع انظمة وآليات عمل المفوضية قد يدخل البلاد في فراغ سياسي تتحمل الحكومة مسؤوليته سيما مع تلميح السيد المالكي باستخدام القوات المسلحة لفرض رغباته ، وهو مارفضته المفوضية حتى الان . ان تهديد رئيس الوزراء في الانقلاب على العملية السياسية والتشبث بالسلطة بالقوة لن يجد مصاديقه على ارض الواقع بسبب حالة التوازنات القائمة ، الا ان مجرد التلويح به يمثل تراجعا في مسارات العملية السياسية الديمقراطية التي يفترض ان تكون الحكومة ورئيسها في مقدمة
حماتها والساهر الدستوري على صيانتها ورعايتها .
هادي والي الظالمي