الجزء الثاني من بحث (المحكمة الاوربية للحقوق الانسان)...
خامسا : صدور الحكم والتنفيذ
وظيفة المحكمة الأساسية هي إصدار قرار أو حكم قضائي في القضايا المحالة بموجب الاتفاقية ، بالنسبة للدول التي
قبلت اختصاص المحكمة ، فيمتد هذا الاختصاص إلى كل القضايا المتعلقة بتفسير وتطبيق الاتفاقية ، وهي القضايا
المقدمة من الدول الطرف أو من اللجنة الأوربية ، وعادة ما تحال القضايا للمحكمة إما بواسطة اللجنة الأوربية
لحقوق الإنسان "des droits de L hom m e commission europenne La"
أو الدولة الطرف المسئولة أمام اللجنة الأوربية ، وللدول حق إحالة القضايا إلى المحكمة في حالة وقوع اعتداء
أو خرق أو اعتداء على حقوق وحريات أحد رعاياها ، كما لها أن تحيل القضية إلى المحكمة في حالة النزاعات ما بين الدول .
والحكم الذي يصدر عن المحكمة هو حكم نهائي "ARrete definitif " لا يقبل الاستئناف ، ويقوم رئيس المحكمة
بتلاوته علنا .
وتصدر أحكام المحكمة بأغلبية الأصوات ، وهي ملزمة للدول ، ويتم عرض الحكم على لجنة الوزراء
" Le Comite des minstres " بمجلس أوربا التي تشرف على تنفيذه " "Surveillance de lexecution .
وعندما تثبت المحكمة وقوع خرق الاتفاقية فإن سلطاتها تقتصر على تقرير التعويض للطرف المضار ، فتنص المادة 50 من الاتفاقية على الآتي :
إذا صدر قرارا من المحكمة حول اتخاذ سلطة قضائية أو سلطة أخرى من سلطات الدول المتعاقدة قرار أو
إجراء يتعارض مع الالتزامات المبينة في هذه الاتفاقية تعارضا كليا أو جزئيا ، وكان القانون الداخلي للدولة المذكورة ،
لا يسمح بإزالة نتائج ذلك القرار إلا بصورة ناقصة فللمحكمة أن تقرر منح التعويض العادل للطرف المضار إذا رأت محلا لذلك .
سادسا : بعض القضايا التي عرضت على المحكمة
1 - قضية دي بيكر ، ويلاحظ أن هذه القضية عرضتها اللجنة الأوربية لحقوق الإنسان على المحكمة بتاريخ 28 إبريل 1960 ، حيث قررت اللجنة إحالة القضية إلى المحكمة ، وقد استندت اللجنة في ذلك إلى :
أ- قبول اختصاص المحكمة من جانب بلجيكا .
ب- السلطات تملكها اللجنة ، طبقا للمادة 48/أ من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان ، وقد قررت المحكمة شطب الدعوى
وكان ذلك بأغلبية ستة أصوات ضد صوت واحد ، وهو صوت القاضي A.ROSS ، الذي الحق بحكم المحكمة شرحا لرأيه المخالف ،
لما استقر عليه رأي أغلبية الدائرة التي نظرت القضية .
2- قضية اللغات في بلجيكا ، أقامها عدد من البلجيكيين الناطقين باللغة الفرنسية ضد حكومة بلجيكا ، وقد عرضت على
المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان فيما بين عامي 1962 وعام 1968 ، وكان الأمر يتعلق بما تضمنه قانون التعليم البلجيكي
من تمييز على حساب أولاد الأسر الناطقة باللغة الفرنسية ، وفي هذا الحكم حددت المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان ،
المقصود بحق المساواة بين الناس بوصفه من أهم حقوق الإنسان ، وقررت " أن المساواة في المعاملة تنتهك إذا لم تجد
التفرقة المبررات الموضوعية المنطقية وتنبغي أن تقام المبررات على ضوء الهدف المنشود من التدبير المعني وما يترتب عليه من الآثار
...بل تنتهك أيضا المادة 14 من الاتفاقية إذا ما ثبت أنه لا يوجد أي تناسب معقول بين الوسائل المستخدمة والهدف المنشود " .
وهكذا أرست المحكمة مبدأ أن التفرقة في المعاملة تجد ما يبررها إذا ما حدثت بهدف موضوعي نابع من الصالح العام شريطة
أن يتناسب التدبير مع الهدف المنشود .
وجدير بالذكر أن التفرقة المذكورة أو ما يمكن تسميته بالتمييز المسموح به أو المشروع تجد ما يبررها ، ومجالها فقط في إطار
الحقوق التي للإنسان بوصفه عضوا في المجتمع ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تثار بصدد الحقوق التي للإنسان بسبب
إنسانيته ، فهذه الأخيرة لا مجال فيها مطلقا للتمييز بين إنسان وآخر ، إلا أنه يجوز التمييز بين الأفراد إذا كان هذا التمييز لهدف
موضوعي نابع من الصالح العام مع تناسب الوسائل المستخدمة في التمييز أو كيفيته مع الهدف المراد تحقيقه من تقرير هذا التمييز ،
كما هو الحال مثلا في تحديد شروط معينة يجب توافرها فيمن يعمل محاميا ، فرغم تقرير حق الإنسان في العمل ،
ورغم أن مهنة المحامي عمل ، فإن القيام به وممارسته رسميا لا يجوز إلا لمن تتوافر فيه الشروط المحددة سلفا
من قبل الدولة ، بهذه الشروط يتميز البعض عن البعض الآخر ، لكن هذا التمايز موضوعي من ناحية ، ويتناسب
مع الهدف المنشود من ناحية أخرى ، وبالجملة فإن هذا التمييز وارد في مجال الحقوق التي للإنسان بوصفه عضوا في المجتمع ،
وليست شروطا موضوعة بقصد التمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر ،
أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر ، لأنه إن تبين من الحقوق أن التمييز بصدد أي نوع من
الحقوق كان لأي سبب مما تقدم لأصبح ذلك انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان ، يتعين على الدولة التي تمارسه أن تنتهي
عنه فورا وبصورة حاسمة .
3- قضايا حرية التعبير والرأي :
أكدت المادة التاسعة عشر من العهد الدولي لحقوق الإنسان المدنية والسياسية على الحق في حرية التعبير والرأي ،
وقد طبقت المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان مؤيدة في ذلك القضاء النمساوي في قضية من أهم القضايا التي حددت الخط الفاصل
بين حرية التعبير والرأي ، وبين عدم المساس بحرية الآخرين فيما يعتنقونه من معتقدات دينية ، وتعد قضية
: " Otto – Preminger – institut C Autriche". من أهم القضايا التي تحدثت عن حرية الرأي والتعبير .
وتخلص وقائع القضية في أن إحدى الجمعيات الثقافية في مدينة إسبروك بالنمسا وهي من أشخاص القانون النمساوي ،
وتدير سينما توجراف في ذات المدينة ، وقد أعلنت لأعضائها عن طريق دورية وزعت عليهم ، عن ستة عروض متاحة للجمهور
لفيلم بعنوان مجلس أساقفة الحب
"Le Concile de L.amour " ، تدور فكرة الفيلم حسبما يراها المؤلف حول مرض الزهري وأنه جزاء من الله لمن
يمارسون الزنا والفسق ، وهو ما تمارسه الإنسانية حاليا باسم الحضارة ، وخاصة في بلاط البابا بورجا الاسكندر السادس .
وقد صور المخرج القساوسة الموجودين في بلاط البابا الذين يمثلون الرب وفردانين بالإشارات التي تعبر عن سلطتهم الزمنية
بأنهم غير مهتمين بفكرة الثواب والعقاب ، وصور ذلك بطريقة هزلية ، وتناول بذات الطريقة التجاوزات في العقيدة المسيحية ،
وحلل العلاقة بين المعتقدات الدينية وبين ممارسة السلطة الدينية لرجال الدين ، وصور الإله الأب كشخص أبله كسيح عاجز ،
كما صور السيدة العذراء مريم في صورة امرأة فاسقة ، كما تضمن الفيلم أقوالا تمس أحد أهم معتقدات الديانة المسيحية .
وقبل الميعاد المحدد لعرض الفيلم وبناء على طلب ممثل الكنيسة بدأ المحامي العام المختص تحقيقا ، وحكمت المحكمة المحلية
بالتحفظ على الفيلم لدى الجهة الموزعة وتم إلغاء العرض ومصادرة الفيلم . وأيدت هذا الأمر محكمة الاستئناف في 30 يونيو 1985 .
وقد أرسل الوزير الاتحادي للتعليم والفنون طلبا إلى النائب العام في مايو 1987 دعاه فيه إلى تقديم طعن لدى المحكمة العليا
لمصلحة القانون – وحفاظا على حرية الرأي والتعبير من وجهة نظره ، ورغم أنه يمثل السلطة ، إلا أن النائب العام رفض ذلك
فتقدمت الجمعية بطلب إلى المجلس الأوربي مدعية مخالفة قرار التحفظ والمصادرة على الفيلم للمادة العاشرة من الاتفاقية الأوربية
لحقوق الإنسان والخاصة بحماية حرية الرأي والتعبير ، وفي 12 نوفمبر سنة 1991 أعلنت اللجنة الأوربية لحقوق الإنسان
قبول الإجراء ، وفي تقريرها المؤرخ في 14 يناير 1993 صاغت رأيها بتوافر مخالفة للمادة العاشرة من المعاهدة .
وعرضت اللجنة الأوربية القضية على المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان ، التي أيدت موقف القضاء النمساوي في التحفظ على
الفيلم ومصادرته وأنه لا يوجد ثمة مخالفة للحق المحمي بموجب المادة العاشرة من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان .
1- قضية ( Lawless ) وقد اعتقل الطاعن بموجب قانون مكافحة جرائم أمن الدولة الصادر عام 1940 المعدل ،
الذي يجيز للسلطات اعتقال الأشخاص المشتبه في ارتكابهم للنشاط الإرهابي أو التخريبي بالطريق الإداري ، وقد نص القانون
على إنشاء لجنة خاصة ، سميت بلجنة حالات الاعتقال , وعهد إليهما بمهمة فحص ومراقبة مشروعية إجراءات الاعتقال التي
تتم وفقا لأحكامه ، وإلزامها بتقديم تقرير عن كل أعمالها ، لكل من مجلس العموم ومجلس اللوردات البريطاني ، ولكنه خول لرئيس
الوزراء الإفراج عن أي معتقل ، ترى اللجنة المذكورة أنه ليس هناك سبب لاعتقاله ، أو لأنه أعلن تعهده باحترام الدستور والقانون ،
وتخليه عن أي نشاط غير قانوني قد يمس أمن الدولة وسلامتها ، وذهبت المحكمة إلى أن ذلك القانون يوفر ضمانات كافية للرقابة
على إجراءات الاعتقال الإداري .
وعلى الرغم من أن هذا الموقف من جانب المحكمة ، كان وليد رأي أغلبية أعضائها إلا أنه كان محل نقد من الفقه الدولي لعدم
استناده إلى تبرير كاف ، بينما كانت الآراء المخالفة تعبر – وبحق – أن اللجنة الخاصة التي أنشأها القانون ، لا تشكل ضمانات
كافية لحماية حريات الأفراد ضد إجراءات الاعتقال الإداري ، ولا تمثل إدارة فعالة بالمعنى الذي يتفق مع نص المادة الخامسة من
الاتفاقية ، لأن تلك اللجنة لا تملك – من تلقاء نفسها – سلطة الإفراج عن المعتقل عندما يتكشف لها عدم مشروعية إجراءات اعتقاله ،
كما أن القانون المذكور لم يخول المعتقل حق الطعن على إجراءات اعتقاله ، أمام جهة أخرى مستقلة عن السلطة التنفيذية ،
وتملك سلطة الإفراج عنه في هذه الأحوال .
خامسا : صدور الحكم والتنفيذ
وظيفة المحكمة الأساسية هي إصدار قرار أو حكم قضائي في القضايا المحالة بموجب الاتفاقية ، بالنسبة للدول التي
قبلت اختصاص المحكمة ، فيمتد هذا الاختصاص إلى كل القضايا المتعلقة بتفسير وتطبيق الاتفاقية ، وهي القضايا
المقدمة من الدول الطرف أو من اللجنة الأوربية ، وعادة ما تحال القضايا للمحكمة إما بواسطة اللجنة الأوربية
لحقوق الإنسان "des droits de L hom m e commission europenne La"
أو الدولة الطرف المسئولة أمام اللجنة الأوربية ، وللدول حق إحالة القضايا إلى المحكمة في حالة وقوع اعتداء
أو خرق أو اعتداء على حقوق وحريات أحد رعاياها ، كما لها أن تحيل القضية إلى المحكمة في حالة النزاعات ما بين الدول .
والحكم الذي يصدر عن المحكمة هو حكم نهائي "ARrete definitif " لا يقبل الاستئناف ، ويقوم رئيس المحكمة
بتلاوته علنا .
وتصدر أحكام المحكمة بأغلبية الأصوات ، وهي ملزمة للدول ، ويتم عرض الحكم على لجنة الوزراء
" Le Comite des minstres " بمجلس أوربا التي تشرف على تنفيذه " "Surveillance de lexecution .
وعندما تثبت المحكمة وقوع خرق الاتفاقية فإن سلطاتها تقتصر على تقرير التعويض للطرف المضار ، فتنص المادة 50 من الاتفاقية على الآتي :
إذا صدر قرارا من المحكمة حول اتخاذ سلطة قضائية أو سلطة أخرى من سلطات الدول المتعاقدة قرار أو
إجراء يتعارض مع الالتزامات المبينة في هذه الاتفاقية تعارضا كليا أو جزئيا ، وكان القانون الداخلي للدولة المذكورة ،
لا يسمح بإزالة نتائج ذلك القرار إلا بصورة ناقصة فللمحكمة أن تقرر منح التعويض العادل للطرف المضار إذا رأت محلا لذلك .
سادسا : بعض القضايا التي عرضت على المحكمة
1 - قضية دي بيكر ، ويلاحظ أن هذه القضية عرضتها اللجنة الأوربية لحقوق الإنسان على المحكمة بتاريخ 28 إبريل 1960 ، حيث قررت اللجنة إحالة القضية إلى المحكمة ، وقد استندت اللجنة في ذلك إلى :
أ- قبول اختصاص المحكمة من جانب بلجيكا .
ب- السلطات تملكها اللجنة ، طبقا للمادة 48/أ من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان ، وقد قررت المحكمة شطب الدعوى
وكان ذلك بأغلبية ستة أصوات ضد صوت واحد ، وهو صوت القاضي A.ROSS ، الذي الحق بحكم المحكمة شرحا لرأيه المخالف ،
لما استقر عليه رأي أغلبية الدائرة التي نظرت القضية .
2- قضية اللغات في بلجيكا ، أقامها عدد من البلجيكيين الناطقين باللغة الفرنسية ضد حكومة بلجيكا ، وقد عرضت على
المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان فيما بين عامي 1962 وعام 1968 ، وكان الأمر يتعلق بما تضمنه قانون التعليم البلجيكي
من تمييز على حساب أولاد الأسر الناطقة باللغة الفرنسية ، وفي هذا الحكم حددت المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان ،
المقصود بحق المساواة بين الناس بوصفه من أهم حقوق الإنسان ، وقررت " أن المساواة في المعاملة تنتهك إذا لم تجد
التفرقة المبررات الموضوعية المنطقية وتنبغي أن تقام المبررات على ضوء الهدف المنشود من التدبير المعني وما يترتب عليه من الآثار
...بل تنتهك أيضا المادة 14 من الاتفاقية إذا ما ثبت أنه لا يوجد أي تناسب معقول بين الوسائل المستخدمة والهدف المنشود " .
وهكذا أرست المحكمة مبدأ أن التفرقة في المعاملة تجد ما يبررها إذا ما حدثت بهدف موضوعي نابع من الصالح العام شريطة
أن يتناسب التدبير مع الهدف المنشود .
وجدير بالذكر أن التفرقة المذكورة أو ما يمكن تسميته بالتمييز المسموح به أو المشروع تجد ما يبررها ، ومجالها فقط في إطار
الحقوق التي للإنسان بوصفه عضوا في المجتمع ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تثار بصدد الحقوق التي للإنسان بسبب
إنسانيته ، فهذه الأخيرة لا مجال فيها مطلقا للتمييز بين إنسان وآخر ، إلا أنه يجوز التمييز بين الأفراد إذا كان هذا التمييز لهدف
موضوعي نابع من الصالح العام مع تناسب الوسائل المستخدمة في التمييز أو كيفيته مع الهدف المراد تحقيقه من تقرير هذا التمييز ،
كما هو الحال مثلا في تحديد شروط معينة يجب توافرها فيمن يعمل محاميا ، فرغم تقرير حق الإنسان في العمل ،
ورغم أن مهنة المحامي عمل ، فإن القيام به وممارسته رسميا لا يجوز إلا لمن تتوافر فيه الشروط المحددة سلفا
من قبل الدولة ، بهذه الشروط يتميز البعض عن البعض الآخر ، لكن هذا التمايز موضوعي من ناحية ، ويتناسب
مع الهدف المنشود من ناحية أخرى ، وبالجملة فإن هذا التمييز وارد في مجال الحقوق التي للإنسان بوصفه عضوا في المجتمع ،
وليست شروطا موضوعة بقصد التمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر ،
أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر ، لأنه إن تبين من الحقوق أن التمييز بصدد أي نوع من
الحقوق كان لأي سبب مما تقدم لأصبح ذلك انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان ، يتعين على الدولة التي تمارسه أن تنتهي
عنه فورا وبصورة حاسمة .
3- قضايا حرية التعبير والرأي :
أكدت المادة التاسعة عشر من العهد الدولي لحقوق الإنسان المدنية والسياسية على الحق في حرية التعبير والرأي ،
وقد طبقت المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان مؤيدة في ذلك القضاء النمساوي في قضية من أهم القضايا التي حددت الخط الفاصل
بين حرية التعبير والرأي ، وبين عدم المساس بحرية الآخرين فيما يعتنقونه من معتقدات دينية ، وتعد قضية
: " Otto – Preminger – institut C Autriche". من أهم القضايا التي تحدثت عن حرية الرأي والتعبير .
وتخلص وقائع القضية في أن إحدى الجمعيات الثقافية في مدينة إسبروك بالنمسا وهي من أشخاص القانون النمساوي ،
وتدير سينما توجراف في ذات المدينة ، وقد أعلنت لأعضائها عن طريق دورية وزعت عليهم ، عن ستة عروض متاحة للجمهور
لفيلم بعنوان مجلس أساقفة الحب
"Le Concile de L.amour " ، تدور فكرة الفيلم حسبما يراها المؤلف حول مرض الزهري وأنه جزاء من الله لمن
يمارسون الزنا والفسق ، وهو ما تمارسه الإنسانية حاليا باسم الحضارة ، وخاصة في بلاط البابا بورجا الاسكندر السادس .
وقد صور المخرج القساوسة الموجودين في بلاط البابا الذين يمثلون الرب وفردانين بالإشارات التي تعبر عن سلطتهم الزمنية
بأنهم غير مهتمين بفكرة الثواب والعقاب ، وصور ذلك بطريقة هزلية ، وتناول بذات الطريقة التجاوزات في العقيدة المسيحية ،
وحلل العلاقة بين المعتقدات الدينية وبين ممارسة السلطة الدينية لرجال الدين ، وصور الإله الأب كشخص أبله كسيح عاجز ،
كما صور السيدة العذراء مريم في صورة امرأة فاسقة ، كما تضمن الفيلم أقوالا تمس أحد أهم معتقدات الديانة المسيحية .
وقبل الميعاد المحدد لعرض الفيلم وبناء على طلب ممثل الكنيسة بدأ المحامي العام المختص تحقيقا ، وحكمت المحكمة المحلية
بالتحفظ على الفيلم لدى الجهة الموزعة وتم إلغاء العرض ومصادرة الفيلم . وأيدت هذا الأمر محكمة الاستئناف في 30 يونيو 1985 .
وقد أرسل الوزير الاتحادي للتعليم والفنون طلبا إلى النائب العام في مايو 1987 دعاه فيه إلى تقديم طعن لدى المحكمة العليا
لمصلحة القانون – وحفاظا على حرية الرأي والتعبير من وجهة نظره ، ورغم أنه يمثل السلطة ، إلا أن النائب العام رفض ذلك
فتقدمت الجمعية بطلب إلى المجلس الأوربي مدعية مخالفة قرار التحفظ والمصادرة على الفيلم للمادة العاشرة من الاتفاقية الأوربية
لحقوق الإنسان والخاصة بحماية حرية الرأي والتعبير ، وفي 12 نوفمبر سنة 1991 أعلنت اللجنة الأوربية لحقوق الإنسان
قبول الإجراء ، وفي تقريرها المؤرخ في 14 يناير 1993 صاغت رأيها بتوافر مخالفة للمادة العاشرة من المعاهدة .
وعرضت اللجنة الأوربية القضية على المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان ، التي أيدت موقف القضاء النمساوي في التحفظ على
الفيلم ومصادرته وأنه لا يوجد ثمة مخالفة للحق المحمي بموجب المادة العاشرة من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان .
1- قضية ( Lawless ) وقد اعتقل الطاعن بموجب قانون مكافحة جرائم أمن الدولة الصادر عام 1940 المعدل ،
الذي يجيز للسلطات اعتقال الأشخاص المشتبه في ارتكابهم للنشاط الإرهابي أو التخريبي بالطريق الإداري ، وقد نص القانون
على إنشاء لجنة خاصة ، سميت بلجنة حالات الاعتقال , وعهد إليهما بمهمة فحص ومراقبة مشروعية إجراءات الاعتقال التي
تتم وفقا لأحكامه ، وإلزامها بتقديم تقرير عن كل أعمالها ، لكل من مجلس العموم ومجلس اللوردات البريطاني ، ولكنه خول لرئيس
الوزراء الإفراج عن أي معتقل ، ترى اللجنة المذكورة أنه ليس هناك سبب لاعتقاله ، أو لأنه أعلن تعهده باحترام الدستور والقانون ،
وتخليه عن أي نشاط غير قانوني قد يمس أمن الدولة وسلامتها ، وذهبت المحكمة إلى أن ذلك القانون يوفر ضمانات كافية للرقابة
على إجراءات الاعتقال الإداري .
وعلى الرغم من أن هذا الموقف من جانب المحكمة ، كان وليد رأي أغلبية أعضائها إلا أنه كان محل نقد من الفقه الدولي لعدم
استناده إلى تبرير كاف ، بينما كانت الآراء المخالفة تعبر – وبحق – أن اللجنة الخاصة التي أنشأها القانون ، لا تشكل ضمانات
كافية لحماية حريات الأفراد ضد إجراءات الاعتقال الإداري ، ولا تمثل إدارة فعالة بالمعنى الذي يتفق مع نص المادة الخامسة من
الاتفاقية ، لأن تلك اللجنة لا تملك – من تلقاء نفسها – سلطة الإفراج عن المعتقل عندما يتكشف لها عدم مشروعية إجراءات اعتقاله ،
كما أن القانون المذكور لم يخول المعتقل حق الطعن على إجراءات اعتقاله ، أمام جهة أخرى مستقلة عن السلطة التنفيذية ،
وتملك سلطة الإفراج عنه في هذه الأحوال .