باحثون عراقيون يحذرون: سكان الفلوجة الأكثر تعرضا للإصابة بالسرطان
أولى المدن العراقية في تركيز ملوثات الحروب القاتلة تليها البصرة
بغداد: هدى جاسم
حذر باحثون عراقيون من أن اهالي قضاء الفلوجة، اكثر سكان العراق مرشحون لاصابتهم بأمراض سرطانية خلال الاعوام القليلة القادمة، نتيجة تحول الفلوجة لساحة حرب خلال السنوات التي اعقبت غزو العراق عام 2003.
وافاد الباحث والصحافي البيئي عمر المنصوري لـ «الشرق الاوسط» بوجود تلوث اشعاعي في التربة والنباتات بتركيزات متباينة وعالية من نظيري الثوريوم والراديوم والبزموث، الامر الذي ساعد على انتشار امراض بعض حالاتها تظهر لاول مرة في العراق، منها التشوهات الخلقية والاجهاض والامراض السرطانية وبالأخص سرطانات الدم والثدي والغدد اللمفاوية. ونوه الى ان حالات الاصابة ستشهد ارتفاعا كبيرا خلال السنوات المقبلة نتيجة الاهمال الصحي الواضح من قبل الدوائر والمستشفيات الصحية التي لم تتخذ اي خطوات عاجلة.
وعمليا، ليس من الممكن معالجة الاشخاص الذين تعرضوا للتسمم بالفسفور الابيض، لكن من الممكن وضع حلول سريعة لايقاف الملوثات في التربة والانهر.
واوضح المنصوري، الاكاديمي في مجال الاعلام البيئي ان «انتشار الغازات السامة سبب تلوثا كبيرا للانهر التي تعد المصدر الرئيس لسقي المزروعات ومياه الشرب للانسان في الفلوجة، ما شجع على تسرب مختلف المواد السامة الى اجساد اغلب سكان الفلوجة، لذا فمن المتوقع خلال فترة اقل من عشر سنوات مقبلة اصابة عدد كبير من السكان بأمراض سرطانية نتيجة استنشاقهم للهواء الملوث بالسموم الحربية او المياه او حتى المحاصيل الزراعية التي يتم سقيها بمياه نهر الفرات الملوثة بالاصل».
واكد المنصوري في بحثه الذي سيبثه عبر موقعه الالكتروني انه خلال ايام :«في حرب الفلوجة 2004 استخدمت بشكل خاص غازات الخردل والاعصاب والفسفور الابيض بهدف القضاء على المسلحين، لذلك تعد الفلوجة حاليا مدينة ملوثة يجب ان تجري فيها عمليات مسح شاملة تشترك فيها جميع الوزارات الحكومية المعنية، اضافة الى عمليات فحص دقيقة للحالات المصابة ونشر «التوعية البيئية للناس عن طريق وسائل الاعلام والدوائر المعنية». وقال المنصوري: «ظهرت بالفعل بعد اقل من خمس سنوات على حرب الفلوجة تأثيراتها الكارثية فقد ارتفعت حالات التشوهات الخلقية لدى الاطفال والاجهاض عند النساء بالاضافة لارتفاع حالات التغيرات الوراثية وظهور ولادات الاطفال المصابين بمتلازمة «داون» (المنغوليين)، اذ شهدت مستشفى الفلوجة العام ولادات عديدة لتلك الحالات». واضاف «ان الطائرات المقاتلة والدبابات الاميركية القت مئات الاطنان من القنابل على الفلوجة وكان بعضها مغلفا بمواد اشعاعية لزيادة الكفاءة التدميرية حيث انتشرت غازات تلك القنابل السامة ووصلت للتربة الزراعية ولمياه نهر الفرات بالاضافة لتلوث الهواء بشكل كبير بخاصة ان ضواحي الفلوجة تعد مناطق صحراوية مفتوحة تشجع لانتشار تلك الغازات عن طريق الرياح لمناطق ابعد وذلك سبب اتساع رقعة الاصابة بالمواد السرطانية بين الاهالي».
وحول البحث الذي قام به وطريقة استنتاجه للنتائج، قال المنصوري: «لقد جاء الاستنتاج عبر دراسة ميدانية لاوضاع الاطفال حديثي الولادة، فقد بدأت بجمع المعلومات العلمية وصور لاطفال حديثي الولادة من الذين تعرضوا للتشويه الخلقي جراء الحرب، وكان ذلك بعد عام 2005، حيث كان معدل الولادت المشوهة بمدينة الفلوجة قرابة حالة واحدة في الاسبوع»، مؤكدا ان وصوله للمعلومات كان يلاقي صعوبات كثيرة ومعارضة من قبل الكادر الصحي للمستشفيات بمدينة الفلوجة، ومع ذلك استطاع ان يتبين ان نسبة التشوهات الخلقية للاطفال حديثي الولادة والامراض السرطانية التي تصيب النساء الحوامل تزداد يوما بعد آخر خاصة في مدينة الفلوجة. وحول المدن الاخرى التي يمكن ان تكون نسبة السرطانات فيها واسعة الانتشار اوضح المنصوري ان «مدينة الفلوجة سوف تتصدر مدن العراق تليها البصرة بنسبة الامراض السرطانية بالرغم ان اغلب مدن العراق تعرضت للمعارك واستخدام اسلحة اليورانيوم المنضب والفسفور الابيض. وكذلك فإن ارتفاع نسبة الملوثات بدون وضع الحلول اللازمة من قبل الدوائر الحكومية المعنية في بعض مدن العراق مثل العاصمة بغداد وديالى ونينوى سيجعلها مرشحة ايضا للاصابة بأمراض سرطانية تهدد حياة المواطن العراقي». والمنصوري كان اول عراقي يستحدث موقعا بيئيا لتداول المعلومات امام الصحافيين والباحثين بشكل عام.
نقلاً عن جريدة الشرق الأوسط :
http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&issueno=11116&article=517919&feature