فرقة آبا الموسيقية: جمهور من أجيال مختلفة
احمد زكي
بي بي سي - لندن
آخر تحديث: الجمعة, 18 سبتمبر/ أيلول, 2009, 12:36 GMT
بعد أكثر من ثلاثة عقود على احتلالهم قوائم المبيعات حول العالم، قام "راديو-2" بتقديم الشكر لفريق "آبا" الغنائي الذي شكل رمزا لمرحلة كاملة من الموسيقى
لا تقتصر نظرة سكان لندن الى هايد بارك على اعتبارها رئة لعاصمتهم المزدحمة. فالحديقة المترامية الأطراف تحظى بمكانة خاصة في قلوب اللنديين لا تحظى بها أية حديقة أخرى.
هذه المكانة الخاصة ظهرت في اختيار راديو-2، التابع لـ بي بي سي، لهايد بارك كي يكون مكانا للاحتفاء بفريق غنائي له مكانة خاصة جدا لدى البريطانيين على الرغم من جنسيته السويدية.
فبعد أكثر من ثلاثة عقود على احتلالهم قوائم المبيعات حول العالم، قام "راديو-2" بتقديم الشكر لفريق "آبا" الغنائي الذي شكل رمزا لمرحلة كاملة من الموسيقى.
وبالرغم من انتهاء مسيرة الفريق الغنائية عام 1983 إلا أن الفريق الذي تشكل في عام 1970 استطاع أن يجعل ثلاثة أجيال من عشاق الموسيقى مشدودين الى موسيقاهم، كما أثبت الحفل الذي حضره أكثر من ثلاثين ألف شخص.
فور دخولي الى ساحة الاحتفال فوجئت بوجود جميع الاعمار حاضرة من أجل الاستماع الى آبا.. لكن بالطبع كان عمرا معينا هو الغالب. هؤلاء بالطبع هم من كانوا مراهقين وشبابا خلال عهود ازدهار آبا على الساحة الموسيقية في أعوام السبعينيات والسنوات الثلاث الأولى من عقد الثمانينيات.
ثلاثة أجيال
هذا المزيج المدهش من الأعمار المختلفة عبرت عنه أسرة بريطانية مكونة من ثلاثة أجيال. الجد والذي أبدى سعادته وحماسته لحضور الحفل أعلن في بداية حواره معي أنه معجب جدا بفريق آبا على الرغم من انتمائه الموسيقي الى فريق البيتلز.
لدى سؤاله عن السبب كانت الاجابة ببساطة أن "موسيقاهم جيدة وحقيقية وهو ما لا نحصل عليه اليوم.. ألحان جميلة وكلمات أغاني معبرة ... هذا هو ما يحفظه الناس ويحبه.. ولذلك فموسيقاهم مازالت حية حتى اليوم..”
الجيل الثاني من العائلة عبر عن سعادته الشديدة في حضور حفل يعيد إليهم ذكريات المراهقة والشباب.
أما الجيل الثالث في العائلة والذي تمثل في الحفيدة وهي طفلة صغيرة لا يتجاوز عمرها سبع سنوات فكانت سعيدة أيضا لأن هذا هو الحفل الأول الذي تحضره وأنها تحفظ معظم أغاني فريق آبا عن ظهر قلب والفضل يعود الى وجود نسخة من فيلم ماما ميا لديها في البيت.
أمها فسرت سبب إعجاب طفلتها بأغاني آبا و قالت إن إحدى الأسباب التي جعلت موسيقى آبا حية في وجدان الجمهور اليوم يعود الى فيلم ماما ميا الموسيقي الذي أنتج عام 2008 وقامت ببطولته الممثلة الأمريكية ميريل ستريب.
كانت الأم في غاية الشوق أيضا لبدء هذا الحفل قائلة "أنا من عشاق آبا.. لقد حضرت حفلهم الذي اقاموه في استاد ويمبلي عام 1979 وعندما تم إنتاج فيلم ماما ميا شاهدته سبع مرات في السينما من أجل سماع أغانيهم.”
لم يكن أيا من أفراد الفريق الغنائي الذي تشكل في السويد عام 1970 يتوقع أن يحقق الفريق كل هذا النجاح.
ولم يكن ايضا اي من محبي موسيقى البوب في العالم يعلم أن فريقا سويديا يغني بالانجليزية يمكن أن يلهب مشاعر محبي الموسيقى وان يحتل مكانة مميزة الى جانب الفرق الكبيرة مثل البيتلز ورولينج ستونز.
موسيقاهم الجيدة كانت بالطبع أحد الأسباب ولكن السبب الأبرز وراء نجاحهم يعود الى أنهم واكبوا مرحلة موسيقية عرفت باسم "موسيقى الديسكو" والتي ازدهرت في الولايات المتحدة والمدن الأوروبية خلال سبعينيات القرن الماضي وشهدت ذروتها مع فيلم حمى ليلة سبت الذي لعب بطولته الممثل الأمريكي جون ترافولتا وشكل انطلاقته الى عالم السينما.
موسيقاهم الجيدة أيضا كانت سببا وراء حب العاهل الأردني الراحل الملك حسين لأغانيهم. فوفقا لما ورد في مذكرات زوجته الملكة نور فإنه كان يحب ان يغني لها أغاني فريق آبا خلال فترة تعارفهم في سبعينيات القرن الماضي.
كان فريق آبا آنذاك تعبيرا عن حقبة السبعينيات التي شهدت تحولا في المزاج العام للشباب في العالم. كان الجميع يحلم آنذاك بالسلام العالمي والخلاص من الحرب الباردة والرعب النووي.
لكن لماذا يعود الناس لسماع أغانيهم الآن وقد انتهت الحرب الباردة وتحول الرعب النووي الى خوف من المستقبل.
سيدة البريطانية تنتمي الى الجيل الأول من عشاق آبا قالت لي إنها تعتقد أن الجيل الثاني والثالث من عشاق هذا الفريق الغنائي يحاول الهروب من الركود الاقتصادي الذي يجتاح العالم هذه الأيام وأن موسيقاهم المرحة تجعل الناس تحن إليها .
في نهاية الحفل والذي تراقص أكثر من ثلاثين ألفا على أغاني آبا، بدت هايد بارك وكأنها تحولت الى آلة زمن عملاقة نقلت الجميع الى زمن آخر.. حتى من كانوا شبابا خلال حقبة آبا بدوا أكثر شبابا وهم يستعيدون ذكرياتهم التي شكلت فصلا كاملا من تاريخ الموسيقى.
http://www.bbc.co.uk/arabic/artandculture/2009/09/090918_als_abba_revival_concert_tc2.shtml