الاثار المترتبة على جريمة العدوان في ظل قواعد القانون الدولي والمواثيق الدولية لحقوق الانسان
اذا كانت معاهدة وستفاليا للسلام لعام (1648) قد انهت الحروب الثلاثينية في اوربا فلأنها جاءت بأفكار ومعايير جديدة اضيفت الى الشرعية الدولية على وجود الدول الحديثة ذات السيادة (1) وجعلت من المعاهدة نقطة انطلاق وتعتبر معلماً مهماً في تطور القانون الدولي , وقد اعتبرت الحرب هي الفاصل الرئيسي لحل المنازعات بين الدول الغربية وهذه الدول ومنذ ذلك التاريخ تريد اقتسام المستعمرات . لقد تغير المركز السياسي لاقطار اوربا الغربية بموجب هذه المعاهدة وانتقلت السطوة الاولى الى فرنسا وملكها لويس الرابع عشر (1643 ــ 1715) واصبحت اللغة السائدة في المفاوضات وهي اللغة الفرنسية . وبالشكل العام لاوربا الغربية وخلال تلك الفترة بقيت كما هي بعد المعاهدة رغم ذروة الحروب الدينية وكانت الدول القوية ولازالت تخضع الشعوب الاخرى لسيطرتها وتقسم الدول كما حصل في معاهدة سايكس بيكو التي عقدت بين انكلترا وفرنسا وروسيا لتقسيم المستعمرات بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى واختراع نظام الانتداب لاضفاء الصفة الشرعية على الاستعمار .
خلال الحرب العالمية الاولى وماسببته من مأسي وضحايا خلال فترة الحرب (1914 ــ 1918) جعلت الدول الاطراف في معاهدة فرساي التي تم عقدها في نهاية الحرب تلك الدول ان تراعي الظروف المأساوية والنفسية للشعوب ... الا ان انبثاق عصبة الامم لم تحرم الحرب العدوانية فهي منعتها من جهة واجازتها من جهة اخرى وهذا ماورد في نظام العصبة . ان عصبة الامم قد اسست بموجب ميثاق خاص بها بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى وكانت الغاية من تأسيسها تحقيق تعاون دولي والمحافظة على السلام الدولي ومهامها وبموجب ميثاقها تقوم:- (2)
1ـ السهر على تنفيذ معاهدة السلام والمحافظة على الوضع الراهن وحماية الاقليات القومية والاشراف على الانتدابات .
2- تحقيق التعاون الدولي في خدمة المسائل الصحية وحل المشاكل الاجتماعية.
3- منع الحرب وحل النزاعات بالطرق السلمية .
واذا كانت من النتائج المهمة التي تم الوصول اليها هو قيام العصبة بموجب معاهدة فرساي فقد تضمن عهد العصبة (26) مادة حضر المؤتمر عدد من الدول . الا ان اتخاذ القرارات كان محصوراً على الدول الخمس الكبرى وهي بريطانيا وفرنسا والولايات الامريكية وايطاليا واليابان ... وان المانيا لم تقبل في العصبة الا عام (3) 1926وانسحبت منها عام 1935 وكذلك الاتحاد السوفيتي حيث انضم اليها عام 1934 وفصل منها عام 1938بسبب مهاجمته لفلندا .
اجهزة العصبة من :-
1 ـ الجمعية العامة تتكون من مجموع المندوبين الذين يمثلون الاعضاء ... وكان اول اجتماع للجمعية عام 1920 ومقرها في جنيف وحضرته (40) دولة وقراراتها تصدر بالاجماع للدول الحاضرة في الاجتماع وقد انبطت مهمة توقيع الجزاء في حالة تعرض السلم الدولي للخطر بالجمعية العامة وفقاً للمادة (16) من عهد العصبة .
2- مجلس العصبة يتكون من نوعين من العضوية وهي عضوية داخلية دائمة تضم الدول الكبرى المتحالفة وهي بريطانيا وفرنسا وايطاليا واليابان والولايات المتحدة وعضوية غير دائمة لمدة (3) سنة غير قابلة للتجديد وحسب ماورد في الديباجة والمواد (11 , 12 , 13) .
3- الامانة العامة وهي الادارة الدولية التي يتولى رئاستها امين عام يساعده مجموعة من الموظفين ويتم انتخابهم من قبل الجمعية العامة بترشيح من مجلس العصبة . ومع ذلك فالعصبة فشلت في منع الدول من الانسحاب منها حيث بلغت الدول المنسحبة (20) دولة وهو مايقارب من ثلث اعضاءها وفشلت هي الاخرى في تسوية النزاعات ولم تفعل شيئاً نتيجة الانتهاكات واخيراً فشلت في منع قيام الحرب العالمية الثانية . واذا كانت المادة (12) من نظام العصبة لم يحرم بشكل مطلق الالتجاء الى الحرب لفض النزاعات الدولية لابل اجازت للدول المتنازعة الدخول في الحرب بعد ثلاثة اشهر من صدور قرار التحكيم او الحكم القضائي او قرار مجلس العصبة اذا لم ينفذ احد الاطراف التسوية المنصوص عليها في الاحكام والقرارات كما ان عصبة الامم كانت تفتقر الى الوسائل القانونية والمادية اللازمة لتنفيذ قراراتها وان اختصاصات هيئاتها هو اصدار توصيات وليست قرارات ملزمة .
في اثناء الحرب العالمية الثانية صدرت عدة تصريحات من بعض دول العالم بضرورة قيام نظام دولي جديد يحفظ السلام والامن الدوليين ومنها تصريح واشنطن عام 1942 من ممثلي (22) دولة وكذلك تصريح موسكو في عام 1943 الذي صدر من الاتحاد السوفيتي سابقاً والولايات المتحدة وبريطانيا والصين الذي اكد على ضرورة اقامة منظمة دولية عامة لصيانة السلام والامن الدوليين تقوم على مبدأ المساواة والسيادة بين جميع الدول ...وصدر مشروع دمبارتون اوكسن بالقرب من واشنطن عام 1944 ثم الاعلان عن هذا المشروع والذي تضمن اقامة منظمة دولية جديدة بأسم الامم المتحدة تعمل على حفظ السلم والامن الدوليين مع فض النزاعات بالطرق السلمية والامتناع عن استخدام القوة بين الدول وفي شباط 1945 عقد مؤتمر بالطا على ساحل البحر الاسود وحضره كل من ستالين وروزفلت وتشرشل وتم الاتفاق على اقامة منظمة دولية والاتفاق حول مسألة حق النقص (الفيتو) وفي سان فرنسيسكو وفي 1945 وبحضور (50) دولة تم الاعلان عن الميثاق 26/حزيران 1945 .بعد الحرب العالمية الثانية اسست منظمة الامم المتحدة بموجب الميثاق لتحقيق التوازن الدولي وحفظ الامن والسلم واصبحت المنظمة تتمتع بشخصية دولية مستقلة وفقاً للمادة (104) من الميثاق وتتمتع بالشخصية المعنوية في اقليم اي عضو من اعضائها بالاهلية القانونية لممارسة وظائفها (2) ونصت المادة (105) من الميثاق بان المنظمة تتمتع بأقليم كل عضو من اعضاءها بالامتيازات والحصانات اللازمة لتحقيق اهدافها
كان الميثاق متكاملا من الناحية النظرية بالمناداة بالمبادئ والاهداف الانسانية والمحافظة على السلم والامن الدوليين وانهاء الحروب العدوانية التي سادت خلال المرحلتين السابقتين فقد اكد في ديباجته (نحن شعوب الامم المتحدة وقد الينا الى انفسنا ان ننقذ الاجيال القادمة من ويلات الحرب .... ايضا ذكر الميثاق على حماية السلم والامن الدولين ... واستبعد الميثاق حل النزاعات الدولية على وجه يخل بالسلم والامن الدولي المادة (2) فقرة (3) وكل نزاع يستوجب تسويته بالطرق السلمية وفقاً لما ورد في الفصل السادس من المادة (33 ـــ 38) وحرم الميثاق على الدول الاعضاء استخدام القوة او التهديد بها ضد سلامة الاراضي للدول الاخرى او الاستقلال السياسي لاية دولة المادة (2) الفقرة (4) واجاز الميثاق استعمال القوة في حالة الدفاع الشرعي وفقاً لما ورد في المادة (51)
لقد جاءت نصوص ميثاق الامم المتحدة خالياً من تعريف العدوان ولحد الان رغم الجدل القائم بهذا الموضوع ومع ذلك فأن ارتكاب الحروب العدوانية من قبل الدول المتنفذه وماسببته من الام للشعوب دفع منظمة الامم المتحدة ان تتبنى من خلال اللجنة الخاصة التابعة لها على تعريف العدوان ويتضمن الميثاق من ديباجه (111) مادة موزعة على (91) فصلاً واهم مايتميز به الميثاق هو تحقيق سيادة ارادة الدول الكبرى ومنها وجود حق الفيتو وللميثاق الاولوية في جميع الاتفاقيات الدولية السابقة واللاحقة بموجب المادة (103) وعلى الدول الاعضاء الامتناع عن عقد اية معاهدات تتعارض مع مانص عليه الميثاق المادة (2/6) وجاء بمبادئ واهداف وهي تنفيذ الالتزامات بحسن نية والامتناع عن التهديد بأستخدام القوة او استخدامها وعلى ضوء المبادئ القانونية الدولية التي جاء بها ميثاق الامم المتحدة في عدم التدخل العسكري او العدوان ويمكن توضيح مايلي :-
1- ان الفقرة (4) من المادة (2) من الميثاق اقرت مبدأ التحريم المطلق للتهديد بأستعمال القوة او استخدامها ضد سلامة الاراضي لاي دولة او الاستقلال السياسي لانه لايتفق ومقاصد الامم المتحدة ويرد استثناء على هذا النص وهو حالة الدفاع الشرعي وحالة استخدام القوة ضمن تدابير القمع التي يتخذها مجلس الامن طبقاً لاختصاصاته الواردة في الفصل السابع .
2- ان فض النزاعات الدولية قد ورد طبقاً للفقرة (3) من المادة الثانية كما ان الفصل السادس من الميثاق المادة (33) يجب على اطراف اي نزاع من شأنه ان يعرض حفظ السلم والامن الدولي للخطر ان يلتمسوا حله بادئ ذي بدء بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتحكيم والتوفيق والتسوية القضائية ا وان يلجأوا الى الوكالات والتنظيمات الاقليمية او غيرها من الوسائل وان على مجلس الامن ان يراعى مااتخذه المتنازعون من اجراءات سابقة لحل النزاع القائم بينهم المادة (36/2) .(4)
3- لقد اشارت الفقرة (7) من المادة الثانية (ليس في هذا الميثاق مايسوغ للامم المتحدة ان تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما وليس فيه مايقتضي الاعضاء مثل هذه المسائل) .
مفهوم العدوان
تعريف العدوان التي اقرته الامم المتحدة بالتوافق في قرارها (3314) د (29) في 14 كانون الاول 1974(5)
عام 1974 صدر تعريف للعدوان حيث جاء في المادة الاولى :
استخدام القوة المسلحة من قبل دولة ضد سيادة دولة اخرى او وحدتها الاقليمية او استقلالها السياسي او بأي اسلوب اخر يتناقض مع ميثاق الامم المتحدة ويعتبر استخدام القوة المسلحة من جانب دوله التي تبدأذلك دليلاً على ارتكاب عمل عدواني ومع ذلك تعتبر الاعمال التالية عدواناً وفقاً للمادة الثالثة وكما يلي :-
أ- غزو او هجوم دولة ما بقواتها المسلحة على اراضي دولة اخرى او اي احتلال عسكري مهما يكن مؤقتاً .
ب- قصف دولة ما بقواتها المسلحة اراضي دولة اخرى او استخدامها اسلحة من قبل دولة ضد اراضي اخرى .
جـ - حصار موانئ او سواحل دولة ما من جانب القوات المسلحة التابعة لدولة اخرى .
د- اي هجوم تقوم به القوات المسلحة لدولة ما على القوات البرية والبحرية والجوية .
هـ - سماح دولة بأستخدام اراضيها التي وضعت تحت تصرف دولة اخرى من قبل تلك الدولة لارتكاب عدوان ضد دولة ثالثة .
ز- ارسال عصابات او جماعات او جنود غير نظاميين او مرتزقه مسلحين .
كما ان لجنة القانون الدولي قسمت الافعال والمخالفات التي تعتبر جرائم دولية وفقاً للمادة (19/2) من مشروع تعيين لجنة القانون الدولي على النحو التالي:ـ
1- الانتهاك الحاد لالتزام دولي ذو اهمية اساسية لحماية حق تقرير المصير مثل ابقاء الحكم الاستعماري .
2- الانتهاك الحاد لالتزام دولي ذو اهمية اساسية لحفظ السلم والامن الدوليين مثل شن العدوان .
جـ - الانتهاك الحاد لالتزامات دولية ذات نطاق واسع على الجنس البشري مثل الابادة الجماعية والرقيق ,
د- الانتهاك الحاد لالتزام دولي ذو اهمية اساسية لحماية والابقاء على البيئة (6) الحق /1988 .
هذه الافعال تستوجب المسؤولية الدولية كونهاترتكب خلافاً للميثاق والاعراف الدولية . وعلى ضوء هذه المعايير والاسس القانونية التي جاءت بها اللجان الدولية فأن الجرائم الدولية يمكن ان تقسم الى ثلاثة اقسام :-
أ-الجرائم التي تمس سيادة دولة وسلام اراضيها الاقليمية مثل العدوان والتهديد وكافة صور استخدام القوة المسلحة خلافاً للميثاق .
ب-الجرائم ضد الانسانية مثل قتل افراد الجماعة والحاق ضرر جسدي او عقلي خطير وفقاً لاتفاقية منع الابادة الجماعية .
جـ - الجرائم التي ترتكب انتهاكاً لقواعد واعراف الحرب وهي الجرائم التي تناولتها اتفاقيات لاهاي 1899 واتفاقيات جنيف الابعة لعام 1949 والبروتوكولين الملحقين بها .
وهنا لابد لنا من القاء الضوء على مبدأ استخدام الاسلحة المدمرة والقواعد الدولية بهذا الصدد .لقد جاءت المحاولات لتطبيع وتحسين القانون العام للحرب منذ بداية 1874 في المؤتمر الذي عقده القيصر (الاسكندر الثاني) في بروكسل وبالرغم من فشل المؤتمر بالوصول الى اهدافه ... اعيد احياء الفكرة في سنة 1899 وقد حقق المؤتمر اتفاقيتين هما :-
أ- في شأن قوانين واعراف الحرب البرية .
ب- في شأن تكييف مبادئ اتفاقية جنيف في حالة الحرب البحرية ... وقد قيدت الاتفاقية سلطة المحتل بأن فرضت عليه قيوداًلاحترام شرف الاسرة وحقوق وارواح وممتلكات السكان ومعتقداتهم .... والحق بالاتفاقيتين اعلاه ثلاثة اعلانات تمنع استخدام العيارات الانشطارية ومنع اطلاق القذائف ومنع استخدام القذائف التي تطلق الغازات الخانقة او الضارة (7). وفي سنة 1907 انعقد مؤتمر السلام الثاني في لاهاي بمبادرة من الولايات المتحدة وصدرت اللائحة النهائية للمؤتمر التي تضمن ثلاث عشر اتفاقية بشأن قواعد واعراف الحرب .... وتلا ذلك معاهدات جنيف الاربعة والبروتوكولين الملحقين بها . ومع ذلك فأن نظام روما الاساسي بالمحكمة الجنائية الدولية حظر الاسلحة التالية:- (
أ- منع استخدام السموم او الاسلحة المسممه كما ورد في المادة ( كما ان المادة (8/2) حظرت استخدام الاسلحة والمقذوفات الخانقة وكذلك حظر استخدام الاسلحة والمقذوفات التي تؤدي الى اصابات شديدة او آلام وان تكون محل حظر وهذا مااكدته المادتين (121 , 122) من النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية (6)
الظاهرة العراقية
دخلت الولايات المتحدة الى العراق كما ادعت وسائل اعلامها كدولة محررة للشعب العراقي حسبما تدعي اذ وقد اتخذ مجلس الامن قراره المرقم (1483/2003) وبناء على طلب الولايات المتحدة الى مجلس الامن بتغيير صفة التحرير التي ادعتها حين دخول جنودها العراق الى اضفاء صفة القوات المحتلة للعراق وقد جاء في القرار اعلاه
1- يطلب من سلطة الاحتلال ان تعمل بما يتسق مع ميثاق الامم المتحدة والقوانين الدولية ...
2- يطلب من جميع المعنيين ان يتقيدو تقيداً تاماً بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي بمافيها اتفاقيات جنيف 1949وقواعد لاهاي لعام 1907 .(9)
وبعدها صدرت عدة قرارات منها القرار (1500 , 1511) وقرارات متعددة لايتسع المجال لذكرها . الان والكل يسأل ماهو هذا المخطط الذي نهض به مجلس الامن بالايعاز من الدول دائمة العضوية تجاه العراق ......؟ وما الهدف من الحرب الذي شنت على العراق ......؟ لم يشير أحداً وحتى الاعلام الغربي على المأسي والآلام التي خلفتها الحرب ومن المسؤول عن الاثار الانسانية والبيئية والقانونية التي تولدت نتيجة هذا الغزو ....... ؟وما موقف ميثاق الامم المتحدة من هذه الانتهاكات...؟
وماهو دور القانون الانساني المتمثل في اتفاقيات جنيف الاربعة لعام (1949) والبروتوكولين الملحقين لها فيما يتعلق بالظروف الحالية للشعب .... ؟ واين موقع قواعد واعراف الحرب وفقاً لاتفاقيات لاهاي .....؟ .
لنا الحق أن نجيب على هذه الاسئلة بأجوبة قانونية قوامها القانون الدولي والانساني بأعتباره فرعاً منه وماورد في ثنايا ميثاق الامم المتحدة :-
1 ـ ان مجلس الامن الدولي وعلى ضوء الظروف العالمية التي سادت بعد الحرب العالمية الثانية منح كامل الصلاحيات التشريعية في ميادين السلام والامن كما نص عليه الفصل السابع المادة (24).
والمشكلة الاكثر تعقيدا هو ان استخدام الفيتو حق ترك بيد الدول الخمس دائمة العضوية ولذلك فأن مجلس الامن واميركا فرضوا الحرب على العراق منذ (1990) عندما فرضت العقوبات عليه مما أدى الى تدمير البلاد تدميرا متكاملا وموت أكثر من مليون طفل وهذا الرقم لايستحق الذكر حسب قول وزيرة خارجية أميركا اولبرايت ..... لا بل وصدرت قرارات بهذا الشأن من القرار (660) في 2/8/1990 والقرار (661) في 6/8/1990 والقرارات اللاحقة وهذه القرارات أثارت التساؤل بشأن تدميرها للشعب اذا ما علمنا بأن مجلس الامن وهب بعثة الامم المتحدة في العراق نفسها لمساعدة ادارة بوش في حينها ولذلك فأن جميع أنشطتها بما تسمى بالعهد الدولي مع العراق أو تلك المتعلقة بمسألة كركوك هي نماذج للتدخل والفشل الواضح .(10)
كما ان الهدف من الحرب هو غزارة النفط العراقي والموقع الستراتيجي للعراق مما قاد الولايات المتحدة وشركائها للقيام بالعدوان مما يدل دلالة قاطعة الى ان الولايات المتحدة تنكرت لقواعد القانون الدولي حيث لجأت الى العدوان أو التهديد به على العراق وبعض الدول العربية وكما يحصل حاليا من التدخل السافر بغطاء أممي وقرارات تصدر من مجلس الامن وخلافا للمبادئ والاسس القانونية التي جاء بها ميثاق الامم المتحدة والتي أشرنا الى بعض نصوصه في بداية البحث اذا ما علمنا بأن الولايات المتحدة أدعت في بداية الامر كدولة محررة وليس كمحتلة الا ان سرعان ما صدر القرار (1483) لسنة (2003) بأعتبار الولايات المتحدة دولة محتلة وهو اقرار أمريكي لا يقبل التجزئة.
وطالما ان الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بوصفهما دولتي احتلال بموجب القانون الدولي وخاصة ماورد في المادة (42) من اتفاقية لاهاي (1907) والذي أعطى النص تعريفا للاحتلال العسكري والذي يكمله القانون الانساني الدولي الملزم(لاي دولة ان لا تمارس ولاية قضائية على اراضي دولة أو تبسط سيطرتها عليها) الا ان الحاكم المدني (برايمر) أصدر الامر (1) بتولي السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في العراق خلافا للقواعد الدولية على ضوء ذلك فأن الولايات المتحدة وبريطانيا يجب أن تفي بالالتزامات التي فرضها عليها القانون الدولي مسؤولة عن الاثار التي ترتبت جراء استخدام القوة في العلاقات الدولية:- (11).
أ ـ ان اتفاقية جنيف الرابعة وفي المادة (27) تنص على ان دول الاحتلال أن تلتزم بتطبيق الحماية الكاملة للاشخاص في حقوقهم وشرفهم وعقائدهم والحماية من أي اعتداء فما الذي وفرته الدولتين لقد خرقت القوات المحتلة ومنذ دخولها خرقت جميع المواثيق واشيع القتل والنهب والسلب وفي جميع الاصعدة . فالدولتين لم تفيان بالالتزامات المفروضة عليها بموجب القانون الانساني الدولي بحماية الممتلكات العامة والخاصة فأرتكبت مختلف الجرائم وسرقت أموال البنوك ونهبت المتاحف ودمرت المكتبات والمؤسسات وأمام أنظار القوات الامريكية بدون أي تدخل .
ب ـ لقد قرر الحاكم المدني (برايمر) بحل مؤسسات الدولة والغى وزارة الدفاع والداخلية والمؤسسات الامنية وجهاز المخابرات وجميع الاجهزة الامنية الاخرى وفتح الباب أمام المجرمين لكي يعيثوا في الارضا فساد .... وبذلك فأن الولايات المتحدة وبريطانيا خرقت التزاماتها الدولية (11) بتوفير الامن للمواطنين وفقا لاتفاقيات جنيف الاربعة والبرتوكول الملحق بها الخاص بالحماية العامة وخاصة المواد (51) ، (52) ، (53) و (54) .
جـ - لقد تضمنت المادة (64) من اتفاقيات جنيف الاربعة (تبقى التشريعات الجزائية الخاصة بالاراضي المحتلة نافذة ....) .
ولضرورة ضمان تطبيق العدالة على نحو فعال تواصل محاكم الاراضي المحتلة عملها .... الا ان الحاكم (برايمر) الغى ذلك وقرر في الامرين (3) , (17) تعطيل القوانين العراقية ومنع سماع أي دعوى ضد القوات الامريكية والبريطانية والدول المتحالفة معهم ان هذا الاجراء هو تجاوز وانتهاك لمبادئ القانون الانساني الدولي لا بل وأنه خالف جميع الشرائع السماوية . وبالرغم من ان الاتفاقية فرضت على المحتل احترام الديانة والمعتقدات وهذا ما أكدته المادة (27) من اتفاقية جنيف كما الزمت الاتفاقية وفي المادة (51) اتخاذ أي اجراءات ضد الاشخاص المحميين أو ممتلكاتهم أو القتل العمد أو التعذيب أو المعاملة اللانسانية .(12)
اذا ومنذ دخول القوات الامريكية والبريطانية والدول المتحالفة معها لم تبقى أية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القانون الانساني الدولي أو القانون الجنائي الدولي الا وقد ارتكبت بحق المواطنين المدنيين ومنها كما أشرنا القتل واطلاق النار العشوائي والتجاوزات على حريات الشعب وشخوصهم والقصف بالطائرات والمدفعية والاعتداء على النساء .... لا بل والتعذيب في السجون وفقا لفضيحة الجنود الامريكان عندما صوروا عمليات التعذيب في سجن (ابي غريب) وعمليات الاغتصاب التي جرت في المحمودية وضرب الفلوجة بالفسفور الابيض وقتل الابرياء في حديثة .
د- لقد دمرت دول الاحتلال البنية التحتية في العراق وخاصة المياه والكهرباء والصرف الصحي مما القي بظلاله على الشعب وانتشار الاوبئة والامراض مثل التايفوئيد والكوليرا ومعاناة الطفولة وتردي صحتهم بسبب عدم توفر الظروف الصحية الملائمة وقلة الادوية وعدم توفر الوسائل الحديثة في الطب لمعالجتهم .(13)
لا بل وأدى هذا التدمير الى الحاق ضرر كبير في الزراعة والمواد الغذائية بسبب الاحتلال لقد أهملت الزراعة وتحولت التربة بفعل حركة المركبات العسكرية ..... أدى الى انتشار الكثبان الرملية والتصحر وكثرة الغبار مما جعل العراق يستورد كل شئ من دول الجوار حتى أبسط المستلزمات الغذائية وهذا مما أدى الى انحسار الزراعة وتدهورها وازدهار تجارة الدول المجاورة في هذا المجال على حساب شعب وادي الرافدين الذي كان يطلق عليه (ارض السواد) .
هـ - لقد تضمنت اتفاقية جنيف الرابعة لعام (1949) الحماية للمدنيين ومنها أيضا حماية للملكية الجماعية والممتلكات الثقافية والفنية والعلمية والاثار التاريخية وفقا للمعاهدة (1935) وبعض نصوص من اتفاقية لاهاي بشأن حماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح لعام (1954) (بسيوني) .
كما ان المادة (53) من الاتفاقية (يحضر على دولة الاحتلال ان تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات كما ان حماية الممتلكات الثقافية وفقا لاتفاقية لاهاي لعام (1954) وفي المادة (4) اكدت على هذه الحماية) ..... لم تتخذ دول الاحتلال الاجراءات اللازمة لهذه الحماية بل كانت القوات الامريكية متفرجة على ما يجري من تدمير للممتلكات ومن سلب ونهب وكان بأمكانها أن تحمي هذه المؤسسات كما يجب ولا أدل على ذلك مانتج عن تدمير الاثار العراقية وسرقة محتويات متحف العراق رغم كونه تراثا انسانيا يمثل حضارة انسانية أمام مرأى ومسمع الدول المحتلة اميركا وبريطانيا .
لقد ولد الغزو الامريكي الى العراق جرائم ابادة جماعية وفقا لاتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية لعام (1948) والتي حددت المادة (2) الابادة الجماعية هي الافعال التي ترتكب عن قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو أثنية أو .....(15)
وهذه الجريمة تأكدت من خلال الافعال الجرمية التي قامت بها دول الاحتلال وانزال الدمار والخراب في العراق والسكان أثناء حملة عاصفة الصحراء أو الغزو في عام (2003) وقد خلفت الالاف من الاطنان من الاسلحة الفتاكة وهاجمت الطائرات والمنشأت المدنية والصناعية وحتى الملاجئ وقد أدى الامر الى القتل على نطاق واسع . وهنا لابد من الاشارة الى القصف التدميري كركن من أركان العمد قامت الولايات المتحدة وشركائها بأستخدام القوة المفرطة وأستخدام الجزاءات وهذا ما أكدته (مادلين اولبرايت) عندما سئلت (سمعنا ان نصف مليون طفل عراقي قد ماتو نتيجة الجزاءات فأجابت وهل الثمن يستحق ذلك) .
و- ان العدوان وكما أسلفنا ومنذ معاهدة وستفاليا عام (1648) وحتى صدور ميثاق الامم المتحدة أمراً غير مقبول وأعتبر أحد أركان جرائم الحرب وخاصة الاستخدام المفرط للاسلحة المحضورة وخاصة اليورانيوم المنضب الذي استخدم بمقدار (20000) طن حسب احصائيات وزارة البيئة العراقية وخلافا لمعاهدتي لاهاي (1899) ، (1907) وبرتوكول (1925) الخاص بحظر واستخدام الغازات الخانقة أو السامة وتأكيد ذلك بموجب معاهدات جنيف الاربعة ... لا بل وتأكد ذلك في المادة (8/ب) من نظام روما الاساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية وأعتبرت جرائم حرب .
وأخيراً فأن حكومة الولايات المتحدة الامريكية والمملكة المتحدة خرقتا كل الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الانسان لا بل واوغلا حقداً وتجبراً على هذا الشعب وخاصة ما يخص الابادة الجماعية
زـ ضرورة اشراك محكمة العدل الدولية أصبح ضرورياً وأن اللجوء اليها وفقاً للاختصاص الوارد في المادة (36/د) أو بشأن تفسير الاتفاقيات أو المعاهدات وخاصة الشارعة منها كون الامر يتعلق بحقوق الانسان وهذا ما أشارت اليه المادة (9) من اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقب عليها لعام (1948) (م9) تعرض على محكمة العدل الدولية ، بناءاً على طلب أي من الاطراف المتنازعة ، النزاعات التي تنشأ بين الاطراف المتعاقدة بشأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ هذه الاتفاقية ، بما في ذلك النزاعات المتصلة بمسؤولية دولة ما عن ابادة جماعية أو عن أي من الافعال الاخرى المذكورة في المادة الثالثة .
ايضا اتفاقية جنيف بشأن حماية الاشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12/اب/1949 .
وفي المادة (7) اشارت (يجوز للاطراف المتعاقدة ان تعقد اتفاقات خاصة بشأن أية مسائل ترى من المناسب تسويتها بكيفية خاصة وفقا للمواد (11) ، (14) ، (15) ، (17) ، (26) ، (108) و (109) ................ ) .(16)
كما ان المادة ( لا يجوز للاشخاص المحتجين التنازل في أي حال من الاحوال جزئيا أو كلياً عن الحقوق الممنوحة لهم بمقتضى هذه الاتفاقية ، أو بمقتضى الاتفاقيات الخاصة المشار اليها في المادة السابقة ان وجدت .
وما اشارت اليها المادة (11) لا يجوز الخروج على الاحكام المتقدمة في أي اتفاق خاص يعقد بين دول تكون احداها مقيدة الحرية في التفاوض مع الدول الاخرى أو حلفائها بسبب احداث الحرب ولو بصيغة مؤقتة وعلى الاخص في حالة احتلال كل اراضيها أو جزء هام منها .
واخيراً لنا الامل المرجى في أن يسمع العالم والمنظمات الانسانية لحقوق الانسان هذه النداءات وان يتأزر الجميع معنا لدفاع عن حقوق هذا الشعب ولناالامل بالسلطات الاتحادية العراقية أن تنهض للمطالبه بحقوق هذا الشعب هذه الحقوق المشروعه التي تولدت نتيجة العدوان ويطلع الجميع على السوابق الدوليه في هذا المجال وقديماً قيل (الانسانية شريكة في أرساء الفضلية ودعم حقوق الانسان .
المحامي
رزاق حمد العوادي
مصادر البحث :-
1-الوجيز في تاريخ القانون الدولي تأليف (أرثر ثوسيوم) ترجمة د.رياض القيسي بغداد 2002 .
2-ميثاق عصبة الامم بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى 1914 , 1918 .
3-معاهدة فرساي لعام 1919 بعد الحرب العالمية الاولى .
4-ميثاق الامم المتحدة لعام 1945 في 14 كانون الاول 1979 .
5-قرار الامم المتحدة (3314) , (9) لعام 1988 .
6-مجلة الحق العدد الاول والثاني .
7-اتفاقية لاهاي لعام 1899 .
8-النظام الاساسي للمجلة الجنائية الدولية .
9-القرار الصادر من مجلس الامن 1483/2003 .
10-القرارات التي صدرت عام 1990 (660) , (661) ومابعدها وتمكين الرجوع اليها في مؤلفنا (عقوبات مجلس الامن ضد العراق قرارات تدميرية) .
11-اتفاقية لاهاي بشأن قواعد واعراف الحرب لعام 1907 .
12-قرارات برايمر رقم (3) , (7) الصادرين في 2004 .
13- قرارات برايمر رقم ( 1 ) بشأن تولي السلطات الثلاث في العراق بأعتبار اميركا دولة محتلة .
14-الجزاءات التي فرضت على العراق لعام 1990 للدكتور (سامي شير) بغداد 2002 .
15-شبكة التلفاز سي بي اس (c b s) الاميركية في 12 مايس 1996 مقابلة من وزيرة خارجية اميركا السابعة اولبريت .
16-اتفاقيات جنيف الاربعة لعام 1949 والبروتوكولين الملحقين بها .
اذا كانت معاهدة وستفاليا للسلام لعام (1648) قد انهت الحروب الثلاثينية في اوربا فلأنها جاءت بأفكار ومعايير جديدة اضيفت الى الشرعية الدولية على وجود الدول الحديثة ذات السيادة (1) وجعلت من المعاهدة نقطة انطلاق وتعتبر معلماً مهماً في تطور القانون الدولي , وقد اعتبرت الحرب هي الفاصل الرئيسي لحل المنازعات بين الدول الغربية وهذه الدول ومنذ ذلك التاريخ تريد اقتسام المستعمرات . لقد تغير المركز السياسي لاقطار اوربا الغربية بموجب هذه المعاهدة وانتقلت السطوة الاولى الى فرنسا وملكها لويس الرابع عشر (1643 ــ 1715) واصبحت اللغة السائدة في المفاوضات وهي اللغة الفرنسية . وبالشكل العام لاوربا الغربية وخلال تلك الفترة بقيت كما هي بعد المعاهدة رغم ذروة الحروب الدينية وكانت الدول القوية ولازالت تخضع الشعوب الاخرى لسيطرتها وتقسم الدول كما حصل في معاهدة سايكس بيكو التي عقدت بين انكلترا وفرنسا وروسيا لتقسيم المستعمرات بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى واختراع نظام الانتداب لاضفاء الصفة الشرعية على الاستعمار .
خلال الحرب العالمية الاولى وماسببته من مأسي وضحايا خلال فترة الحرب (1914 ــ 1918) جعلت الدول الاطراف في معاهدة فرساي التي تم عقدها في نهاية الحرب تلك الدول ان تراعي الظروف المأساوية والنفسية للشعوب ... الا ان انبثاق عصبة الامم لم تحرم الحرب العدوانية فهي منعتها من جهة واجازتها من جهة اخرى وهذا ماورد في نظام العصبة . ان عصبة الامم قد اسست بموجب ميثاق خاص بها بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى وكانت الغاية من تأسيسها تحقيق تعاون دولي والمحافظة على السلام الدولي ومهامها وبموجب ميثاقها تقوم:- (2)
1ـ السهر على تنفيذ معاهدة السلام والمحافظة على الوضع الراهن وحماية الاقليات القومية والاشراف على الانتدابات .
2- تحقيق التعاون الدولي في خدمة المسائل الصحية وحل المشاكل الاجتماعية.
3- منع الحرب وحل النزاعات بالطرق السلمية .
واذا كانت من النتائج المهمة التي تم الوصول اليها هو قيام العصبة بموجب معاهدة فرساي فقد تضمن عهد العصبة (26) مادة حضر المؤتمر عدد من الدول . الا ان اتخاذ القرارات كان محصوراً على الدول الخمس الكبرى وهي بريطانيا وفرنسا والولايات الامريكية وايطاليا واليابان ... وان المانيا لم تقبل في العصبة الا عام (3) 1926وانسحبت منها عام 1935 وكذلك الاتحاد السوفيتي حيث انضم اليها عام 1934 وفصل منها عام 1938بسبب مهاجمته لفلندا .
اجهزة العصبة من :-
1 ـ الجمعية العامة تتكون من مجموع المندوبين الذين يمثلون الاعضاء ... وكان اول اجتماع للجمعية عام 1920 ومقرها في جنيف وحضرته (40) دولة وقراراتها تصدر بالاجماع للدول الحاضرة في الاجتماع وقد انبطت مهمة توقيع الجزاء في حالة تعرض السلم الدولي للخطر بالجمعية العامة وفقاً للمادة (16) من عهد العصبة .
2- مجلس العصبة يتكون من نوعين من العضوية وهي عضوية داخلية دائمة تضم الدول الكبرى المتحالفة وهي بريطانيا وفرنسا وايطاليا واليابان والولايات المتحدة وعضوية غير دائمة لمدة (3) سنة غير قابلة للتجديد وحسب ماورد في الديباجة والمواد (11 , 12 , 13) .
3- الامانة العامة وهي الادارة الدولية التي يتولى رئاستها امين عام يساعده مجموعة من الموظفين ويتم انتخابهم من قبل الجمعية العامة بترشيح من مجلس العصبة . ومع ذلك فالعصبة فشلت في منع الدول من الانسحاب منها حيث بلغت الدول المنسحبة (20) دولة وهو مايقارب من ثلث اعضاءها وفشلت هي الاخرى في تسوية النزاعات ولم تفعل شيئاً نتيجة الانتهاكات واخيراً فشلت في منع قيام الحرب العالمية الثانية . واذا كانت المادة (12) من نظام العصبة لم يحرم بشكل مطلق الالتجاء الى الحرب لفض النزاعات الدولية لابل اجازت للدول المتنازعة الدخول في الحرب بعد ثلاثة اشهر من صدور قرار التحكيم او الحكم القضائي او قرار مجلس العصبة اذا لم ينفذ احد الاطراف التسوية المنصوص عليها في الاحكام والقرارات كما ان عصبة الامم كانت تفتقر الى الوسائل القانونية والمادية اللازمة لتنفيذ قراراتها وان اختصاصات هيئاتها هو اصدار توصيات وليست قرارات ملزمة .
في اثناء الحرب العالمية الثانية صدرت عدة تصريحات من بعض دول العالم بضرورة قيام نظام دولي جديد يحفظ السلام والامن الدوليين ومنها تصريح واشنطن عام 1942 من ممثلي (22) دولة وكذلك تصريح موسكو في عام 1943 الذي صدر من الاتحاد السوفيتي سابقاً والولايات المتحدة وبريطانيا والصين الذي اكد على ضرورة اقامة منظمة دولية عامة لصيانة السلام والامن الدوليين تقوم على مبدأ المساواة والسيادة بين جميع الدول ...وصدر مشروع دمبارتون اوكسن بالقرب من واشنطن عام 1944 ثم الاعلان عن هذا المشروع والذي تضمن اقامة منظمة دولية جديدة بأسم الامم المتحدة تعمل على حفظ السلم والامن الدوليين مع فض النزاعات بالطرق السلمية والامتناع عن استخدام القوة بين الدول وفي شباط 1945 عقد مؤتمر بالطا على ساحل البحر الاسود وحضره كل من ستالين وروزفلت وتشرشل وتم الاتفاق على اقامة منظمة دولية والاتفاق حول مسألة حق النقص (الفيتو) وفي سان فرنسيسكو وفي 1945 وبحضور (50) دولة تم الاعلان عن الميثاق 26/حزيران 1945 .بعد الحرب العالمية الثانية اسست منظمة الامم المتحدة بموجب الميثاق لتحقيق التوازن الدولي وحفظ الامن والسلم واصبحت المنظمة تتمتع بشخصية دولية مستقلة وفقاً للمادة (104) من الميثاق وتتمتع بالشخصية المعنوية في اقليم اي عضو من اعضائها بالاهلية القانونية لممارسة وظائفها (2) ونصت المادة (105) من الميثاق بان المنظمة تتمتع بأقليم كل عضو من اعضاءها بالامتيازات والحصانات اللازمة لتحقيق اهدافها
كان الميثاق متكاملا من الناحية النظرية بالمناداة بالمبادئ والاهداف الانسانية والمحافظة على السلم والامن الدوليين وانهاء الحروب العدوانية التي سادت خلال المرحلتين السابقتين فقد اكد في ديباجته (نحن شعوب الامم المتحدة وقد الينا الى انفسنا ان ننقذ الاجيال القادمة من ويلات الحرب .... ايضا ذكر الميثاق على حماية السلم والامن الدولين ... واستبعد الميثاق حل النزاعات الدولية على وجه يخل بالسلم والامن الدولي المادة (2) فقرة (3) وكل نزاع يستوجب تسويته بالطرق السلمية وفقاً لما ورد في الفصل السادس من المادة (33 ـــ 38) وحرم الميثاق على الدول الاعضاء استخدام القوة او التهديد بها ضد سلامة الاراضي للدول الاخرى او الاستقلال السياسي لاية دولة المادة (2) الفقرة (4) واجاز الميثاق استعمال القوة في حالة الدفاع الشرعي وفقاً لما ورد في المادة (51)
لقد جاءت نصوص ميثاق الامم المتحدة خالياً من تعريف العدوان ولحد الان رغم الجدل القائم بهذا الموضوع ومع ذلك فأن ارتكاب الحروب العدوانية من قبل الدول المتنفذه وماسببته من الام للشعوب دفع منظمة الامم المتحدة ان تتبنى من خلال اللجنة الخاصة التابعة لها على تعريف العدوان ويتضمن الميثاق من ديباجه (111) مادة موزعة على (91) فصلاً واهم مايتميز به الميثاق هو تحقيق سيادة ارادة الدول الكبرى ومنها وجود حق الفيتو وللميثاق الاولوية في جميع الاتفاقيات الدولية السابقة واللاحقة بموجب المادة (103) وعلى الدول الاعضاء الامتناع عن عقد اية معاهدات تتعارض مع مانص عليه الميثاق المادة (2/6) وجاء بمبادئ واهداف وهي تنفيذ الالتزامات بحسن نية والامتناع عن التهديد بأستخدام القوة او استخدامها وعلى ضوء المبادئ القانونية الدولية التي جاء بها ميثاق الامم المتحدة في عدم التدخل العسكري او العدوان ويمكن توضيح مايلي :-
1- ان الفقرة (4) من المادة (2) من الميثاق اقرت مبدأ التحريم المطلق للتهديد بأستعمال القوة او استخدامها ضد سلامة الاراضي لاي دولة او الاستقلال السياسي لانه لايتفق ومقاصد الامم المتحدة ويرد استثناء على هذا النص وهو حالة الدفاع الشرعي وحالة استخدام القوة ضمن تدابير القمع التي يتخذها مجلس الامن طبقاً لاختصاصاته الواردة في الفصل السابع .
2- ان فض النزاعات الدولية قد ورد طبقاً للفقرة (3) من المادة الثانية كما ان الفصل السادس من الميثاق المادة (33) يجب على اطراف اي نزاع من شأنه ان يعرض حفظ السلم والامن الدولي للخطر ان يلتمسوا حله بادئ ذي بدء بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتحكيم والتوفيق والتسوية القضائية ا وان يلجأوا الى الوكالات والتنظيمات الاقليمية او غيرها من الوسائل وان على مجلس الامن ان يراعى مااتخذه المتنازعون من اجراءات سابقة لحل النزاع القائم بينهم المادة (36/2) .(4)
3- لقد اشارت الفقرة (7) من المادة الثانية (ليس في هذا الميثاق مايسوغ للامم المتحدة ان تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما وليس فيه مايقتضي الاعضاء مثل هذه المسائل) .
مفهوم العدوان
تعريف العدوان التي اقرته الامم المتحدة بالتوافق في قرارها (3314) د (29) في 14 كانون الاول 1974(5)
عام 1974 صدر تعريف للعدوان حيث جاء في المادة الاولى :
استخدام القوة المسلحة من قبل دولة ضد سيادة دولة اخرى او وحدتها الاقليمية او استقلالها السياسي او بأي اسلوب اخر يتناقض مع ميثاق الامم المتحدة ويعتبر استخدام القوة المسلحة من جانب دوله التي تبدأذلك دليلاً على ارتكاب عمل عدواني ومع ذلك تعتبر الاعمال التالية عدواناً وفقاً للمادة الثالثة وكما يلي :-
أ- غزو او هجوم دولة ما بقواتها المسلحة على اراضي دولة اخرى او اي احتلال عسكري مهما يكن مؤقتاً .
ب- قصف دولة ما بقواتها المسلحة اراضي دولة اخرى او استخدامها اسلحة من قبل دولة ضد اراضي اخرى .
جـ - حصار موانئ او سواحل دولة ما من جانب القوات المسلحة التابعة لدولة اخرى .
د- اي هجوم تقوم به القوات المسلحة لدولة ما على القوات البرية والبحرية والجوية .
هـ - سماح دولة بأستخدام اراضيها التي وضعت تحت تصرف دولة اخرى من قبل تلك الدولة لارتكاب عدوان ضد دولة ثالثة .
ز- ارسال عصابات او جماعات او جنود غير نظاميين او مرتزقه مسلحين .
كما ان لجنة القانون الدولي قسمت الافعال والمخالفات التي تعتبر جرائم دولية وفقاً للمادة (19/2) من مشروع تعيين لجنة القانون الدولي على النحو التالي:ـ
1- الانتهاك الحاد لالتزام دولي ذو اهمية اساسية لحماية حق تقرير المصير مثل ابقاء الحكم الاستعماري .
2- الانتهاك الحاد لالتزام دولي ذو اهمية اساسية لحفظ السلم والامن الدوليين مثل شن العدوان .
جـ - الانتهاك الحاد لالتزامات دولية ذات نطاق واسع على الجنس البشري مثل الابادة الجماعية والرقيق ,
د- الانتهاك الحاد لالتزام دولي ذو اهمية اساسية لحماية والابقاء على البيئة (6) الحق /1988 .
هذه الافعال تستوجب المسؤولية الدولية كونهاترتكب خلافاً للميثاق والاعراف الدولية . وعلى ضوء هذه المعايير والاسس القانونية التي جاءت بها اللجان الدولية فأن الجرائم الدولية يمكن ان تقسم الى ثلاثة اقسام :-
أ-الجرائم التي تمس سيادة دولة وسلام اراضيها الاقليمية مثل العدوان والتهديد وكافة صور استخدام القوة المسلحة خلافاً للميثاق .
ب-الجرائم ضد الانسانية مثل قتل افراد الجماعة والحاق ضرر جسدي او عقلي خطير وفقاً لاتفاقية منع الابادة الجماعية .
جـ - الجرائم التي ترتكب انتهاكاً لقواعد واعراف الحرب وهي الجرائم التي تناولتها اتفاقيات لاهاي 1899 واتفاقيات جنيف الابعة لعام 1949 والبروتوكولين الملحقين بها .
وهنا لابد لنا من القاء الضوء على مبدأ استخدام الاسلحة المدمرة والقواعد الدولية بهذا الصدد .لقد جاءت المحاولات لتطبيع وتحسين القانون العام للحرب منذ بداية 1874 في المؤتمر الذي عقده القيصر (الاسكندر الثاني) في بروكسل وبالرغم من فشل المؤتمر بالوصول الى اهدافه ... اعيد احياء الفكرة في سنة 1899 وقد حقق المؤتمر اتفاقيتين هما :-
أ- في شأن قوانين واعراف الحرب البرية .
ب- في شأن تكييف مبادئ اتفاقية جنيف في حالة الحرب البحرية ... وقد قيدت الاتفاقية سلطة المحتل بأن فرضت عليه قيوداًلاحترام شرف الاسرة وحقوق وارواح وممتلكات السكان ومعتقداتهم .... والحق بالاتفاقيتين اعلاه ثلاثة اعلانات تمنع استخدام العيارات الانشطارية ومنع اطلاق القذائف ومنع استخدام القذائف التي تطلق الغازات الخانقة او الضارة (7). وفي سنة 1907 انعقد مؤتمر السلام الثاني في لاهاي بمبادرة من الولايات المتحدة وصدرت اللائحة النهائية للمؤتمر التي تضمن ثلاث عشر اتفاقية بشأن قواعد واعراف الحرب .... وتلا ذلك معاهدات جنيف الاربعة والبروتوكولين الملحقين بها . ومع ذلك فأن نظام روما الاساسي بالمحكمة الجنائية الدولية حظر الاسلحة التالية:- (
أ- منع استخدام السموم او الاسلحة المسممه كما ورد في المادة ( كما ان المادة (8/2) حظرت استخدام الاسلحة والمقذوفات الخانقة وكذلك حظر استخدام الاسلحة والمقذوفات التي تؤدي الى اصابات شديدة او آلام وان تكون محل حظر وهذا مااكدته المادتين (121 , 122) من النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية (6)
الظاهرة العراقية
دخلت الولايات المتحدة الى العراق كما ادعت وسائل اعلامها كدولة محررة للشعب العراقي حسبما تدعي اذ وقد اتخذ مجلس الامن قراره المرقم (1483/2003) وبناء على طلب الولايات المتحدة الى مجلس الامن بتغيير صفة التحرير التي ادعتها حين دخول جنودها العراق الى اضفاء صفة القوات المحتلة للعراق وقد جاء في القرار اعلاه
1- يطلب من سلطة الاحتلال ان تعمل بما يتسق مع ميثاق الامم المتحدة والقوانين الدولية ...
2- يطلب من جميع المعنيين ان يتقيدو تقيداً تاماً بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي بمافيها اتفاقيات جنيف 1949وقواعد لاهاي لعام 1907 .(9)
وبعدها صدرت عدة قرارات منها القرار (1500 , 1511) وقرارات متعددة لايتسع المجال لذكرها . الان والكل يسأل ماهو هذا المخطط الذي نهض به مجلس الامن بالايعاز من الدول دائمة العضوية تجاه العراق ......؟ وما الهدف من الحرب الذي شنت على العراق ......؟ لم يشير أحداً وحتى الاعلام الغربي على المأسي والآلام التي خلفتها الحرب ومن المسؤول عن الاثار الانسانية والبيئية والقانونية التي تولدت نتيجة هذا الغزو ....... ؟وما موقف ميثاق الامم المتحدة من هذه الانتهاكات...؟
وماهو دور القانون الانساني المتمثل في اتفاقيات جنيف الاربعة لعام (1949) والبروتوكولين الملحقين لها فيما يتعلق بالظروف الحالية للشعب .... ؟ واين موقع قواعد واعراف الحرب وفقاً لاتفاقيات لاهاي .....؟ .
لنا الحق أن نجيب على هذه الاسئلة بأجوبة قانونية قوامها القانون الدولي والانساني بأعتباره فرعاً منه وماورد في ثنايا ميثاق الامم المتحدة :-
1 ـ ان مجلس الامن الدولي وعلى ضوء الظروف العالمية التي سادت بعد الحرب العالمية الثانية منح كامل الصلاحيات التشريعية في ميادين السلام والامن كما نص عليه الفصل السابع المادة (24).
والمشكلة الاكثر تعقيدا هو ان استخدام الفيتو حق ترك بيد الدول الخمس دائمة العضوية ولذلك فأن مجلس الامن واميركا فرضوا الحرب على العراق منذ (1990) عندما فرضت العقوبات عليه مما أدى الى تدمير البلاد تدميرا متكاملا وموت أكثر من مليون طفل وهذا الرقم لايستحق الذكر حسب قول وزيرة خارجية أميركا اولبرايت ..... لا بل وصدرت قرارات بهذا الشأن من القرار (660) في 2/8/1990 والقرار (661) في 6/8/1990 والقرارات اللاحقة وهذه القرارات أثارت التساؤل بشأن تدميرها للشعب اذا ما علمنا بأن مجلس الامن وهب بعثة الامم المتحدة في العراق نفسها لمساعدة ادارة بوش في حينها ولذلك فأن جميع أنشطتها بما تسمى بالعهد الدولي مع العراق أو تلك المتعلقة بمسألة كركوك هي نماذج للتدخل والفشل الواضح .(10)
كما ان الهدف من الحرب هو غزارة النفط العراقي والموقع الستراتيجي للعراق مما قاد الولايات المتحدة وشركائها للقيام بالعدوان مما يدل دلالة قاطعة الى ان الولايات المتحدة تنكرت لقواعد القانون الدولي حيث لجأت الى العدوان أو التهديد به على العراق وبعض الدول العربية وكما يحصل حاليا من التدخل السافر بغطاء أممي وقرارات تصدر من مجلس الامن وخلافا للمبادئ والاسس القانونية التي جاء بها ميثاق الامم المتحدة والتي أشرنا الى بعض نصوصه في بداية البحث اذا ما علمنا بأن الولايات المتحدة أدعت في بداية الامر كدولة محررة وليس كمحتلة الا ان سرعان ما صدر القرار (1483) لسنة (2003) بأعتبار الولايات المتحدة دولة محتلة وهو اقرار أمريكي لا يقبل التجزئة.
وطالما ان الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بوصفهما دولتي احتلال بموجب القانون الدولي وخاصة ماورد في المادة (42) من اتفاقية لاهاي (1907) والذي أعطى النص تعريفا للاحتلال العسكري والذي يكمله القانون الانساني الدولي الملزم(لاي دولة ان لا تمارس ولاية قضائية على اراضي دولة أو تبسط سيطرتها عليها) الا ان الحاكم المدني (برايمر) أصدر الامر (1) بتولي السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في العراق خلافا للقواعد الدولية على ضوء ذلك فأن الولايات المتحدة وبريطانيا يجب أن تفي بالالتزامات التي فرضها عليها القانون الدولي مسؤولة عن الاثار التي ترتبت جراء استخدام القوة في العلاقات الدولية:- (11).
أ ـ ان اتفاقية جنيف الرابعة وفي المادة (27) تنص على ان دول الاحتلال أن تلتزم بتطبيق الحماية الكاملة للاشخاص في حقوقهم وشرفهم وعقائدهم والحماية من أي اعتداء فما الذي وفرته الدولتين لقد خرقت القوات المحتلة ومنذ دخولها خرقت جميع المواثيق واشيع القتل والنهب والسلب وفي جميع الاصعدة . فالدولتين لم تفيان بالالتزامات المفروضة عليها بموجب القانون الانساني الدولي بحماية الممتلكات العامة والخاصة فأرتكبت مختلف الجرائم وسرقت أموال البنوك ونهبت المتاحف ودمرت المكتبات والمؤسسات وأمام أنظار القوات الامريكية بدون أي تدخل .
ب ـ لقد قرر الحاكم المدني (برايمر) بحل مؤسسات الدولة والغى وزارة الدفاع والداخلية والمؤسسات الامنية وجهاز المخابرات وجميع الاجهزة الامنية الاخرى وفتح الباب أمام المجرمين لكي يعيثوا في الارضا فساد .... وبذلك فأن الولايات المتحدة وبريطانيا خرقت التزاماتها الدولية (11) بتوفير الامن للمواطنين وفقا لاتفاقيات جنيف الاربعة والبرتوكول الملحق بها الخاص بالحماية العامة وخاصة المواد (51) ، (52) ، (53) و (54) .
جـ - لقد تضمنت المادة (64) من اتفاقيات جنيف الاربعة (تبقى التشريعات الجزائية الخاصة بالاراضي المحتلة نافذة ....) .
ولضرورة ضمان تطبيق العدالة على نحو فعال تواصل محاكم الاراضي المحتلة عملها .... الا ان الحاكم (برايمر) الغى ذلك وقرر في الامرين (3) , (17) تعطيل القوانين العراقية ومنع سماع أي دعوى ضد القوات الامريكية والبريطانية والدول المتحالفة معهم ان هذا الاجراء هو تجاوز وانتهاك لمبادئ القانون الانساني الدولي لا بل وأنه خالف جميع الشرائع السماوية . وبالرغم من ان الاتفاقية فرضت على المحتل احترام الديانة والمعتقدات وهذا ما أكدته المادة (27) من اتفاقية جنيف كما الزمت الاتفاقية وفي المادة (51) اتخاذ أي اجراءات ضد الاشخاص المحميين أو ممتلكاتهم أو القتل العمد أو التعذيب أو المعاملة اللانسانية .(12)
اذا ومنذ دخول القوات الامريكية والبريطانية والدول المتحالفة معها لم تبقى أية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القانون الانساني الدولي أو القانون الجنائي الدولي الا وقد ارتكبت بحق المواطنين المدنيين ومنها كما أشرنا القتل واطلاق النار العشوائي والتجاوزات على حريات الشعب وشخوصهم والقصف بالطائرات والمدفعية والاعتداء على النساء .... لا بل والتعذيب في السجون وفقا لفضيحة الجنود الامريكان عندما صوروا عمليات التعذيب في سجن (ابي غريب) وعمليات الاغتصاب التي جرت في المحمودية وضرب الفلوجة بالفسفور الابيض وقتل الابرياء في حديثة .
د- لقد دمرت دول الاحتلال البنية التحتية في العراق وخاصة المياه والكهرباء والصرف الصحي مما القي بظلاله على الشعب وانتشار الاوبئة والامراض مثل التايفوئيد والكوليرا ومعاناة الطفولة وتردي صحتهم بسبب عدم توفر الظروف الصحية الملائمة وقلة الادوية وعدم توفر الوسائل الحديثة في الطب لمعالجتهم .(13)
لا بل وأدى هذا التدمير الى الحاق ضرر كبير في الزراعة والمواد الغذائية بسبب الاحتلال لقد أهملت الزراعة وتحولت التربة بفعل حركة المركبات العسكرية ..... أدى الى انتشار الكثبان الرملية والتصحر وكثرة الغبار مما جعل العراق يستورد كل شئ من دول الجوار حتى أبسط المستلزمات الغذائية وهذا مما أدى الى انحسار الزراعة وتدهورها وازدهار تجارة الدول المجاورة في هذا المجال على حساب شعب وادي الرافدين الذي كان يطلق عليه (ارض السواد) .
هـ - لقد تضمنت اتفاقية جنيف الرابعة لعام (1949) الحماية للمدنيين ومنها أيضا حماية للملكية الجماعية والممتلكات الثقافية والفنية والعلمية والاثار التاريخية وفقا للمعاهدة (1935) وبعض نصوص من اتفاقية لاهاي بشأن حماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح لعام (1954) (بسيوني) .
كما ان المادة (53) من الاتفاقية (يحضر على دولة الاحتلال ان تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات كما ان حماية الممتلكات الثقافية وفقا لاتفاقية لاهاي لعام (1954) وفي المادة (4) اكدت على هذه الحماية) ..... لم تتخذ دول الاحتلال الاجراءات اللازمة لهذه الحماية بل كانت القوات الامريكية متفرجة على ما يجري من تدمير للممتلكات ومن سلب ونهب وكان بأمكانها أن تحمي هذه المؤسسات كما يجب ولا أدل على ذلك مانتج عن تدمير الاثار العراقية وسرقة محتويات متحف العراق رغم كونه تراثا انسانيا يمثل حضارة انسانية أمام مرأى ومسمع الدول المحتلة اميركا وبريطانيا .
لقد ولد الغزو الامريكي الى العراق جرائم ابادة جماعية وفقا لاتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية لعام (1948) والتي حددت المادة (2) الابادة الجماعية هي الافعال التي ترتكب عن قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو أثنية أو .....(15)
وهذه الجريمة تأكدت من خلال الافعال الجرمية التي قامت بها دول الاحتلال وانزال الدمار والخراب في العراق والسكان أثناء حملة عاصفة الصحراء أو الغزو في عام (2003) وقد خلفت الالاف من الاطنان من الاسلحة الفتاكة وهاجمت الطائرات والمنشأت المدنية والصناعية وحتى الملاجئ وقد أدى الامر الى القتل على نطاق واسع . وهنا لابد من الاشارة الى القصف التدميري كركن من أركان العمد قامت الولايات المتحدة وشركائها بأستخدام القوة المفرطة وأستخدام الجزاءات وهذا ما أكدته (مادلين اولبرايت) عندما سئلت (سمعنا ان نصف مليون طفل عراقي قد ماتو نتيجة الجزاءات فأجابت وهل الثمن يستحق ذلك) .
و- ان العدوان وكما أسلفنا ومنذ معاهدة وستفاليا عام (1648) وحتى صدور ميثاق الامم المتحدة أمراً غير مقبول وأعتبر أحد أركان جرائم الحرب وخاصة الاستخدام المفرط للاسلحة المحضورة وخاصة اليورانيوم المنضب الذي استخدم بمقدار (20000) طن حسب احصائيات وزارة البيئة العراقية وخلافا لمعاهدتي لاهاي (1899) ، (1907) وبرتوكول (1925) الخاص بحظر واستخدام الغازات الخانقة أو السامة وتأكيد ذلك بموجب معاهدات جنيف الاربعة ... لا بل وتأكد ذلك في المادة (8/ب) من نظام روما الاساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية وأعتبرت جرائم حرب .
وأخيراً فأن حكومة الولايات المتحدة الامريكية والمملكة المتحدة خرقتا كل الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الانسان لا بل واوغلا حقداً وتجبراً على هذا الشعب وخاصة ما يخص الابادة الجماعية
زـ ضرورة اشراك محكمة العدل الدولية أصبح ضرورياً وأن اللجوء اليها وفقاً للاختصاص الوارد في المادة (36/د) أو بشأن تفسير الاتفاقيات أو المعاهدات وخاصة الشارعة منها كون الامر يتعلق بحقوق الانسان وهذا ما أشارت اليه المادة (9) من اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقب عليها لعام (1948) (م9) تعرض على محكمة العدل الدولية ، بناءاً على طلب أي من الاطراف المتنازعة ، النزاعات التي تنشأ بين الاطراف المتعاقدة بشأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ هذه الاتفاقية ، بما في ذلك النزاعات المتصلة بمسؤولية دولة ما عن ابادة جماعية أو عن أي من الافعال الاخرى المذكورة في المادة الثالثة .
ايضا اتفاقية جنيف بشأن حماية الاشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12/اب/1949 .
وفي المادة (7) اشارت (يجوز للاطراف المتعاقدة ان تعقد اتفاقات خاصة بشأن أية مسائل ترى من المناسب تسويتها بكيفية خاصة وفقا للمواد (11) ، (14) ، (15) ، (17) ، (26) ، (108) و (109) ................ ) .(16)
كما ان المادة ( لا يجوز للاشخاص المحتجين التنازل في أي حال من الاحوال جزئيا أو كلياً عن الحقوق الممنوحة لهم بمقتضى هذه الاتفاقية ، أو بمقتضى الاتفاقيات الخاصة المشار اليها في المادة السابقة ان وجدت .
وما اشارت اليها المادة (11) لا يجوز الخروج على الاحكام المتقدمة في أي اتفاق خاص يعقد بين دول تكون احداها مقيدة الحرية في التفاوض مع الدول الاخرى أو حلفائها بسبب احداث الحرب ولو بصيغة مؤقتة وعلى الاخص في حالة احتلال كل اراضيها أو جزء هام منها .
واخيراً لنا الامل المرجى في أن يسمع العالم والمنظمات الانسانية لحقوق الانسان هذه النداءات وان يتأزر الجميع معنا لدفاع عن حقوق هذا الشعب ولناالامل بالسلطات الاتحادية العراقية أن تنهض للمطالبه بحقوق هذا الشعب هذه الحقوق المشروعه التي تولدت نتيجة العدوان ويطلع الجميع على السوابق الدوليه في هذا المجال وقديماً قيل (الانسانية شريكة في أرساء الفضلية ودعم حقوق الانسان .
المحامي
رزاق حمد العوادي
مصادر البحث :-
1-الوجيز في تاريخ القانون الدولي تأليف (أرثر ثوسيوم) ترجمة د.رياض القيسي بغداد 2002 .
2-ميثاق عصبة الامم بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى 1914 , 1918 .
3-معاهدة فرساي لعام 1919 بعد الحرب العالمية الاولى .
4-ميثاق الامم المتحدة لعام 1945 في 14 كانون الاول 1979 .
5-قرار الامم المتحدة (3314) , (9) لعام 1988 .
6-مجلة الحق العدد الاول والثاني .
7-اتفاقية لاهاي لعام 1899 .
8-النظام الاساسي للمجلة الجنائية الدولية .
9-القرار الصادر من مجلس الامن 1483/2003 .
10-القرارات التي صدرت عام 1990 (660) , (661) ومابعدها وتمكين الرجوع اليها في مؤلفنا (عقوبات مجلس الامن ضد العراق قرارات تدميرية) .
11-اتفاقية لاهاي بشأن قواعد واعراف الحرب لعام 1907 .
12-قرارات برايمر رقم (3) , (7) الصادرين في 2004 .
13- قرارات برايمر رقم ( 1 ) بشأن تولي السلطات الثلاث في العراق بأعتبار اميركا دولة محتلة .
14-الجزاءات التي فرضت على العراق لعام 1990 للدكتور (سامي شير) بغداد 2002 .
15-شبكة التلفاز سي بي اس (c b s) الاميركية في 12 مايس 1996 مقابلة من وزيرة خارجية اميركا السابعة اولبريت .
16-اتفاقيات جنيف الاربعة لعام 1949 والبروتوكولين الملحقين بها .