لا عباءة فوق القانون والدستور ..طارق الهاشمي منتحل صفة رسمية ويحتقر الدستور
2011/04/06 فخري كريم
الكاتب فخري كريم
2011/04/06 فخري كريم
الكاتب فخري كريم
طلع السيد طارق الهاشمي بتصريح إلى وسائل إعلام محلية، أكد فيه أنه "نائب رئيس" ودعا إلى عدم الالتفات لما نشر في صحف "معروفة أغراضها"! قبل هذا التصريح، كنت انتظر أن يبادر الهاشمي إلى تقديم اعتذار علني لناخبيه الذين لم يصن الأمانة التي منحوها له كـ"نائب" قبل أن يكون في أي منصب آخر، تلك الأمانة المتمثلة في احترام الدستور.
أكثر من هذا، كنت أوهم نفسي أن من احتل موقعاً سيادياً في أعلى هيئة في الدولة "مجلس الرئاسة"، وهي هيئة من صلاحياتها نقض القرارات والقوانين التي يشرعها مجلس النواب، أن لا يكتفي بالاعتذار، لان ما فعله جريمة بكل ما تعنيه هذه الكلمة، مما يفرض عليه، أن يعلن تنحيه عن أية مسؤولية سياسية بما في ذلك رئاسة كتلته الانتخابية، وكنت أقول أنه لعل موقفا صحيحا وشجاعا كهذا يشفع له بعد سنوات لدى مريديه، ويذكره له عموم المواطنين.
إن العالم العربي يمور اليوم بعاصفة من الغضب العارم على نماذج من الحكام يتعاملون مع الدولة باعتبارها، إقطاعاً لهم توارثوه ويورثونه، ويفصلون الدستور والقوانين على مقاساتهم، ويغيرونها كما يغيرون أحذية أبنائهم. ويجدد الثوار الشباب في تونس ومصر مظاهراتهم المليونية احتجاجاً على مخالفات قانونية لم تعالجها السلطات المؤقتة، ويطالبون بمقاضاة المسؤولين والاقتصاص منهم وملاحقة من لم تتخذ الإجراءات بحقهم بعد، ويحدث كل هذا أمام أنظار السيد الهاشمي، لكن السيد الهاشمي يستمر بانتحال صفة منصب نائب رئيس جمهورية، وهو ما لا يحق لأية جهة أو مقام منحه إياه، غير مجلس النواب وبأغلبية الأصوات.
إنه ينتهك بذلك وبفظاظة ودون حد أدنى من الشعور بالمسؤولية دستور العراق الذي صوتت عليه الملايين تحت أزيز الرصاص ودوي المفخخات، وفي تحد بطولي لا نظير له في مواجهة الموت والإرهاب.
إن السيد الهاشمي الذي تعود، مثل مسؤولين كبار آخرين، خلال فترة عضويته في مجلس الرئاسة، أن يتصرف في نشاطاته وفي جولاته وفي لقاءاته بالقادة العرب والأجانب كسلطة فوق الدولة والعملية السياسية، ويصرح بما يخالف قسمه الدستوري، فيعرض ويحرض على ما يجري في البلاد، وعلى زملائه في العملية السياسية ويخاطب المؤتمرات الدولية بصفته نائباً للرئيس، بفحوى مناقض لكل ما يوجبه عليه منصبه من خطاب يفترض أن يكون معبراً عن العملية السياسية وعن برنامجها وأهدافها حتى وإن كان مختلفاً معها، ما دام قد ارتضى الاصطفاف في داخلها والتمتع بامتيازاتها وحصاناتها. ولن أتعرض لقضايا أخرى يعرفها السيد طارق الهاشمي تاركاً الحديث عنها إلى فرصة مناسبة أخرى.
السيد طارق الهاشمي، يتهمني دون إيراد اسمي أو اسم المدى، بأن وراء ما أثرته أغراضاً شخصية ودوافع مغرضة!،
وأود أن أطمئنه، وهو ليس الوحيد الذي عالجت قضية تتعلق به بل تناولت قضايا عديدة تتناول الفساد وضعف الذمة والإرهاب والتعديات على الحريات وغيرها مما له علاقة بالشأن العام، ولا غرض لي من إثارة كل ذلك غير حرصي كمواطن فرد على المساهمة في إنجاح العملية السياسية وإيصالها إلى بر الأمان، كما تصديت لكل ما يعرض العملية إلى الانتكاس، والوقوف إلى جانب ملايين الناس الملتاعين مما يجري في العراق الجديد من فساد وتخريب ونهب للثروات وشرور يتميز كثير من ساستنا بها على كل عباد الله.
وإذا كان الهاشمي أو مكتبه يحتفظ لي بأي ملف مقاولة أو فساد أو هبة من دولة أجنبية أو تلاعب بمال عام أو علاقات سرية مع جهات معادية للعراق الجديد، أو تزوير وصولات بأسماء جمعيات خيرية وهمية ومنحها إعانات اجتماعية، فالمدى مستعدة لنشرها كسبق إعلامي لا مثيل له، لأنه يعرض بصاحبها، ولتشكل وتدلل بذلك على مهنيتها العالية.
فاتني أن اذكر للسيد الهاشمي وقائع أخرى تدخل في باب الإثراء غير المشروع لعدد لا حصر له من القادة والمسؤولين، ممن ليس سهلاً العثور على ودائع وعقارات وأملاك بأسمائهم، ولكن وسائل الكشف عنها بأسماء أبنائهم وزوجاتهم وأحفادهم صارت ممكنة أكثر من أي وقت سابق بفضل انهيار حصون المستبدين وأنظمتهم الشمولية.
بقي أن اذكر أن تعكز السيد طارق على قرار رئاسي، هو تعكز غير مجدٍ، فلا عباءة فوق الدستور، والقرار الرئاسي الذي لم اطلع عليه لا يمكن أن يتجاوز تكليف الرئيس له بمتابعة شؤون مكتبه داخلياً ليس غير، لان الرئيس يدرك بخبرته كرجل قانون أن الدستور لا يعلى عليه.
وأنا اكتب هذه المقالة تسلمت تبليغ السيد رئيس المحكمة التحقيقية المركزية، للمثول أمامه للإدلاء بإفادتي عن الشكوى التي أقمتها على السيد الهاشمي، وهو سيبلغ بالإنابة عنه للتحقيق.
على السيد طارق الهاشمي أن يستعفي ويستريح، ولا أظن، وبعض الظن أثم، أن مجلس النواب سيغض النظر عن المخالفة الخطيرة التي يرتكبها من يصر على انتحال صفة نائب الرئيس بقرارٍ من نفسه.
لم تعد لي مهمة أو صفة رسمية أيها السيد الهاشمي غير البحث عن الحقيقة وملاحقة الفاسدين.
* فخري كريم : رئيس تحرير صحيفة المدى