لنهتدِ بهدي الصادق (عليه السلام)
عمار كاظم
حياة الإمام الصادق، عليه السلام، وعطاؤه المبارك الذي أفاض على دنيا المسلمين من الحديث والتفسير ومعارف العقيدة والتوحيد وسائر علوم الشريعة، إنما هي النقل الأمين والامتداد النزيه لمعارف النبوة ونقاء الشريعة وأصالة المصدر، والامتداد لحديث النبي صلى الله عليه وآله {حديثي حديث أبي، وحديث أبي، حديث جدي وحديث جدي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله، وحديث رسول الله قول الله تعالى} استطاع، عليه السلام تحمل أعباء الأمانة الشرعية طيلة حياته الشريفة، أن يجعل مدرسته المفتوحة على كل الناس مدرسة تتحرك لتعطي الثقافة الإسلامية أكثر الأساليب والوسائل شمولا وسعة. عاش الإمام، عليه السلام، وهو على قمة الهرم العلمي والاجتماعي ومحط أنظار المسلمين، وعمل على بناء الأمة بناءً علمياً فكرياً وسلوكياً يحمل روح الإسلام الأصيل ويثبت لهم المعالم والأسس الشرعية الواضحة علما بأن الإمام عاش أجواء سياسية مضطربة من سقوط للدولة الأموية وقيام دولة بني العباس، وكان، عليه السلام، تحت الرقابة الأموية والعباسية يحصون عليه حركاته واتصالاته وفي جو مشحون بالعداء والإرهاب والملاحقة إلا أنه استطاع بحكمته وقوة عزيمته أن يؤدي رسالته العلمية وأن يفجر ينابيع العلم والمعرفة ويخرج جيلا من العلماء والفقهاء والمحدثين حيث تميز عصره بالنمو والتفاعل العلمي والحضاري بين الثقافة والتفكير الإسلامي من جهة وبين ثقافات الشعوب ومعارف الأمم وعقائدها من جهة أخرى ففي عصره نمت الترجمة ونقلت كثير من العلوم والمعارف والفلسفات فنشأت في المجتمع الإسلامي حركة علمية وفكرية نشطة ونما التفكير والبحث العلمي، واشتغل المسلمون بعلوم الطب والفلك والكيمياء والفيزياء والرياضيات وغيرها من العلوم والمعارف، وقد مارس، عليه السلام، دوره كإمام واستاذ وعالم فذ لا يدانيه أحد من العلماء ولا ينافسه استاذ أو صاحب معرفة فقد كان قمة شامخة ومجدا فريدا فجر ينابيع المعرفة وأفاض العلوم والمعارف على علماء عصره وأساتذة زمانه فكانت أساسا وقاعدة علمية وعقائدية متينة ثبت عليها بناء الإسلام واتسعت من حولها آفاقه ومداراته. وكان، عليه السلام، امام الحوار كان يجلس في بيت الله الحرام ليحاور المثقفين الكبار من العلمانيين الذين يلتزمون الإلحاد كخط فكري، كان يجلس معهم بعقل مفتوح وصدر واسع ليستمع إليهم بكل هدوء ويطلق عليهم الحجة لا يضيق صدره من ذلك وكان يعلم أصحابه منطق الحوار ويعطيهم من علمه لتستفيد الأمة منهم. هكذا رسم لنا الصادق، عليه السلام، المنهج الفكري والاجتماعي والتربوي على أن يكون التزامنا بخط الإمامة بأن نعيش القضايا والمفاهيم الإسلامية في نطاق مفاهيم الرسول الكريم وأهل بيته الطاهرين من خلال مواقفهم وكلامهم ومواعظهم.
فسلام على روحه الطاهرة........ وطوبى للمهتدين بهداه.