أبو أزهر اقدم موظف في نقابة المحامين عمره
67 عاماً ولم تثنه عن توزيع بريد نقابة المحامين
على المحاكم سيراً على الاقدام في درجة حرارة
تصل إلى 45 درجة مئوية
67 عاماً ولم تثنه عن توزيع بريد نقابة المحامين
على المحاكم سيراً على الاقدام في درجة حرارة
تصل إلى 45 درجة مئوية
خاص بـ(منتدى "الكلمة إبداع وإلتزام") – الأحد 13 حزيران/يونيو 2010 :
كتابة وتصوير وليد محمد الشبيبي
الحاج ابو ازهر في كراج الباب الشرقي في طريقه
لنقابة المحامين بعد تسليمه بريد النقابة
لمجمع محاكم الرصافة
عدت من مديرية التسجيل العقاري في مدينة الصدر متوجهاً إلى مجمع محاكم الرصافة على الخط السريع (قرب ملعب الشعب الدولي والسيد حمد الله) وصلت الشارع السريع في الساعة 35 ر 10 صباحاً تقريباً وانا اهمّ بعبور الشارع بسياراته المسرعة شاهدت أمامي شيخاً كبيراً يغذ السير بأتجاه المحكمة متأبطاً حقيبة جلدية صغيرة تحت ابطه ، لم تكن تلك المشية غريبة عني ولا هذا الشيخ الجليل ، أقتربت اكثر بخطوات واسعة فعرفت انه الحاج (أبو أزهر) موظف نقابة المحامين العراقيين الذي تربطنا مع بعض علاقة احترام متبادل ، القيت عليه هذه التحية والجو حار الى درجة كبيرة ولم يكن بنيتي اجراء اي حديث صحفي او عمل موضوع او لقاء معه لكن ، ما عرفته منه (بعفويته المعهودة) وجدت اني أمام (شخص) و(موضوع) يستحقان تسليط الضوء وهنا اضع بين اياديكم الكريمة تلك المحادثة السريعة وانا التقي به ونتوجه سوية الى مدخل مجمع محاكم الرصافة :
الساعة 35 ر 10 صباح يوم الاحد الموافق 13 حزيران/يونيو 2010 :
المحامي : السلام عليكم
الموظف الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
المحامي : شلونك استاذ
الموظف : الله يخليك استاذ
المحامي : اراك تحمل بريداً أو ما شابه للمحكمة ، فما الحكاية ؟
الموظف : نعم أستاذ ، هذا بريد نقابتنا وانا مكلف بإيصاله لهذا المحكمة وليس لهذه المحكمة فحسب بل لجميع محاكم الرصافة .
المحامي : ولكن استاذ ، اليس الامر مجهداً بالنسبة لك ؟ محاكم الرصافة كلها تتنقل اليها سيراً على الاقدام بهذا الجو القائظ وسنك الكبير ؟
الموظف : (شنسوي) أستاذ ، هذا واجبنا ، ليس هذا فحسب بل كنت سابقاً انقل البريد لكل محاكم بغداد (الكرخ والرصافة) ولكن بعد ان تم تنسيب موظف آخر تم تخصيص الرصافة لي والكرخ له .
المحامي : (حجي أبو أزهر) (أسمه حسن هلال) يبدو ان لديك خدمة طويلة في نقابتنا ، أليس كذلك
الموظف : نعم أستاذ انا حالياً أقدم موظف في نقابة المحامين العراقيين اذ تعينت بالنقابة منذ عام 1956
المحامي : هذا وقت طويل جداً ، وانا اذكر ان اقدم موظف كان المرحوم أبو اكرم (توفي عام 2006 تقريباً) ،
الموظف : نعم بعد وفاة المرحوم ابو اكرم ، الذي كان موظفا لمدة زادت على الـ 60 عاماً صرت انا اقدم الموظفين بنقابة المحامين العراقيين .
المحامي : كم هي مواليدك اذن ؟
الموظف : انا من مواليد 1943 ؟
المحامي : اي كنت صغيراً جداً عندما توظفت بالنقابة ولا زلت رغم انك بلغت الـ 67 عاماً .
الموظف : نعم صحيح ، الحمد لله على كل حال .
(ونحن ندخل الباب الرئيسي لمجمع محاكم الرصافة ونستعد لتسليم الموبايلات ذي الكاميرة للاستعلامات)
المحامي : طيب حجي حسن (ابو ازهر) كم هو راتبك الشهري الذي تقبضه حالياً من نقابتنا بعد زيادة رواتب الموظفين ؟
الموظف : راتبي الان أصبح 328 الف دينار عراقي .
المحامي : وكم كان راتبك حجي حسن ؟
الموظف : كان راتبي الشهري 500 ر 248 الف دينار (مائتان وثمانية واربعون الف وخمسمائة دينار) فقط ثم استلمنا الراتب بعد الزيادة المذكورة منذ أول آيار/مايو 2010.
المحامي : يعني الزيادة كانت 500 ر 79 الف دينار عراقي فقط .
الموظف :صحيح أستاذ
المحامي : وهل بقية الموظفين كذلك ؟
الموظف : لا هناك موظفون زادت رواتبهم أكثر مني رغم اني الاقدم بالنقابة
المحامي : وهذا الجهود الجبارة التي تقدمها ، بهذا السن وهذا القيظ وانت تسير على قدميك ؟
الموظف : نعم هذا واجبي استاذ
المحامي : طيب أبو أزهر ، ما هي مقاييس الزيادة ومن الذي حدد تلك الزيادات في الرواتب ولماذا هذا التفاوت بين الموظفين ؟
الموظف : ما ادري والله أستاذ بس اللي أعرفه انه لجنة تم تشكيلها لتحديد الزيادات برواتب كل موظف وبناء على تقديراتها وتوصياتها تم زيادة رواتبنا ، ومع ذلك ذهبت لنقيب المحامين الاستاذ محمد الفيصل وعرضت عليه حالتي وبأني اقدم موظف واني لم اتلكأ في واجباتي وانت تشاهد البريد في هذا الجو الحار وانا اسير على قدمي وليس لدي سيارة ، وقد وعدني الاستاذ محمد وحيد الفيصل بأنه سيعيد النظر في راتبي وربما سيزيده إن شاء الله أسوة بالبقية .
المحامي : بصراحة حجي حسن ، انت تستحق الزيادة فبهذا السن والقيظ وانت تقوم بعملك بكل مثابرة يحسدك عليها احفادك .
الموظف : الله كريم استاذ
وصلنا الباب الداخلي الزجاجي وهنا دخلنا التفتيش وافترقنا ، ذهب ابو ازهر لغرفة المحامين (حيث المنتدب المحامي خالد المهداوي) لتسليمه بريد النقابة ، وذهب كاتب السطور لمحكمة جنايات الرصافة لمتابعة دعوى موكله ، وقد استغرق الامر عشر دقائق تقريبا ، حتى قفلت راجعاً وخارجاً من المحكمة بسرعة للحاق بموظفة الرسم في محكمة بغداد الجديدة لاقامة دعوى بداءة جديدة وكانت الساعة حوالي 45 ر 10 صباحا تقريبا ولعل من محاسن الصدف ان اجد امامي ايضا الموظف حسن هلال (أبو ازهر) وهو يعود للنقابة بعد ان قام بتسليم البريد على اتم وجه ، عند ذلك بدأت افكر بنشر اللقاء معه هنا مع اضافة بعض المعلومات ، قلت له :
المحامي : حجي حسن ، هل تجد راتبك الان يكفي ؟
الموظف : استاذ مستورة والحمد لله ، والاستاذ محمد الفيصل وعدني واكيد سينفذ وعده .
المحامي : اين تسكن ابو ازهر
الموظف : في منطقة الشيخ عمر
المحامي : كيف تصل للنقابة يوميا
الموظف : (اركب نفرات)
المحامي : كم خط كي تصل للنقابة في المنصور
الموظف : والله استاذ اركب خطين
المحامي : وتعود بخطين ايضا
الموظف : نعم ، لكن النقيب الاستاذ محمد الفيصل وعدنا نحن الموظفين بخطوط مجانية توصلنا للنقابة يوميا وتيعدنا يوميا
المحامي : لكن انت تحتاج تقريبا مصاريف للذهاب والاياب حوالي خمسة الاف دينار (طبعا مع شراء ماء ومرطبات كي تتغلب على الجو الحار جداً)
الموظف : نعم استاذ تقريبا
المحامي : يعني (طار من الراتب بسبب الذهاب والاياب حوالي 150 الف دينار شهريا)
الموظف : تقريباً
المحامي : ويبقى لك من الراتب حوالي 178 الف دينار ،
الموظف : نعم
المحامي : والمولد الاهلي ومصاريف المنزل وغيرها من متطلبات الحياة ، يعني هل يكفي المبلغ المتبقي ؟
الموظف : وانا عندي ثلاثة اولاد ، الحمد لله على كل حال .
وصلنا المخرج الرئيس لمجمع محاكم الرصافة وكان مفترق الطرق ، انا كنت اريد اللحاق بمحكمة بداءة بغداد الجديدة والحاج حسن هلال يريد الذهاب لكراج الباب الشرقي ومنها لنقابة المحامين في المنصور وقبل ان اودعه قلت له :
المحامي : وهذه المصاريف التي تتنقل بها لايصال بريد النقابة ، هل تدفعها من جيبك الخاص أيضا ؟
الموظف : نعم ولكن الاستاذ محمد الفيصل وعدنا بمخصصات لتغطية نفقات التنقل بين المحاكم .
المحامي : الله وياك حجي حسن ، وبارك الله بك ولو كان كل الموظفين على شاكلتك لكان العراق بخير ؟
الموظف : مع السلامة استاذ وليد
وانا اتجه الى اليسار وهو يتجه لليمين ، وانا اعبر الطريق السريع أزمع التأشير لتاكسي ، شعرت بتأنيب الضمير كوني فوتت امر هام جداً بالنسبة لي وللموضوع ، التقاط صور له وهو يسير في الشارع بطريقه لايصال البريد وتصويره لنشر صورته في الموضوع وهو اقدم موظف في نقابة المحامين بل يعد من بين اقدم الموظفين بالعراق قاطبة (منذ عام 1956) ، وفجأة انزلت يدي عن التأشير لسيارة الاجرة وقفزت حاجز الخط السريع بسرعة وتوجهت يميناً مسرعاً وما بين مشي سريع وهرولة أحيانا وانا اتصبب عرقاً (كي الحق بالحاج حسن والتقط له تلك الصور المهمة بالنسبة للموضوع) ، والحمد لله لحقت به وهو يصل كراج الباب الشرقي للتو ، انتزعت الموبايل وشغلت الكاميرة فيه وبدأت بالتقاط عدة صور له دون ان يشعر ثم فاجأته بالقول (كي لا يشعر اني كنت الاحقه وبأننا التقينا بالصدفة للمرة الثالثة) :
المحامي : حجي حسن مرة أخرى ، (شنو هاي الصدف اليوم)
الموظف : (وهو يبتسم بأدب جم كعادته دوماً) نعم استاذ .
المحامي : اريد ان التقط لك بعض الصور
الموظف : نعم حاضر ولكن لماذا استاذ !
المحامي : اريد ان اعمل عنك موضوعا بأعتبارك اقدم موظف بالنقابة ولا اخفيك سراً بأنه لم يعجبني راتبك رغم تلك السنوات الطويلة التي تخدم بها نقابتنا ، لذا سألقي الضوء على هذا ايضاً.
الموظف : لكن (أخاف) استاذ محمد الفيصل ومجلس النقابة يعتقدون اني تشكيت من ذلك وبأني قصدت النشر ؟
المحامي : لا تخف أبو أزهر ، فالأمر لا يتعدى عرض ما قلت أمام الجميع ومنهم مجلس نقابتنا المحترمين واكيد سيلتفتون الى وضعك وانك تستحق اكثر مما تقبض من راتب شهري حالياً .
الموظف : أخاف يزعلون استاذ ؟
المحامي : ليس هناك من يزعل عندما يقرأ لقاء مع اقدم موظف في نقابتنا
ثم التقطت له صورتين في كراج الباب الشرقي وهناك ودعته وهو يتوجه لنقابتنا وانا بدوري قفلت عائدا الى محكمة بغداد الجديدة وكانت الساعة حوالي الحادية عشرة صباحاً ودرجة الحرارة تصل إلى أكثر من 45 درجة مئوية .
الصور أدناه للموظف الحاج حسن هلال (أبو أزهر) :
الحاج حسن عائدا من مجمع محاكم الرصافة بعد
تسليمه البريد وهو بأتجاه كراج الباب الشرقي
الحاج حسن هلال يتأبط
البريد في طريق عودته للنقابة
أبو أزهر الى الان لا يعرف
اني التقطت له هذه الصور
ابو ازهر في الكراج
ومنه لنقابة المحامين
الحاج حسن هلال (ابو ازهر)
في كراج الباب الشرقي
عدل سابقا من قبل وليد محمد الشبيبي في الأحد 13 يونيو 2010, 3:41 pm عدل 6 مرات