لماذا ، علاوي وليس المالكي ، رئيسا للوزراء ؟
هادي والي الظالمي
في نهاية المطاف ، ستتشكل الحكومة العراقية المنتظرة . حتى ذلك الحين ، هناك ثمن لكل يوم يمر ، فحكومة تصريف الاعمال الحالية بدت واهنة امام الضربات الارهابية الاخيرة . ربما كان لضعف شرعيتها ، كحكومة منتهية الصلاحية ، دور في تفاعلها مع مسؤولياتها الراهنة . الامر المذكور يفترض اقرار الحكومة العتيدة في وقت مبكر ، الا ان الطريق ، في كل الاحوال ، لن يكون سهلا .
قطعا ، كانت الاحداث ستجري بوتيرة مختلفة بوجود مؤسسات مهنية محترفة وغير خاضعة للمؤثرات السياسية او الامنية . الا ان الوضع ، هنا ، مغاير . فحتى المؤسسة القضائية التي تفصل في النزاعات ، لاتبدو بعيدة عن تلك المؤثرات عندما أستصدرت احكاما وقرارات توفيقية ، خارج اختصاصاتها ، اوجست المتخاصمين ، وربما دفعتهم الى التشكيك بشرعيتها ، وهذا بحد ذاته مؤشر خطير ينذر بأن التوافقات السياسية هي السلطة التي باتت تحكم البلد ، وان ، على حساب المؤسسات الدستورية والقانون والارادة الشعبية . تكريس هذا الواقع يعمق من
الخلافات القائمة ويعقد الحلول ويشرعن الابتزاز السياسي .
المؤسسة السياسية ، الممثلة بالاحزاب والكتل والقوى السياسية الكبيرة ، الفائزة في الانتخابات ، لاتبدو هي الاخرى منسجمة مع وظيفتها المفترضة ، وهو مايضيف تعقيدا آخر . فهي تعمل على التحرر من التقاليد والاعراف السياسية عندما لاتخدم مصالحها الحاضرة .
قائمة دولة القانون ، التي يرأسها السيد نوري المالكي المنتهية ولايته في رئاسة الوزراء ، لاتريد التسليم للعراقية بحق الشروع في تشكيل الحكومة القادمة ، بينما كانت تنادي بهذا الحق لنفسها عندما كانت تتوقع صدارة نتائج الانتخابات . وهي تعمل الان على محورين : الاول – سحب الصدارة من قائمة اياد علاوي من خلال الطعون بنتائج الانتخابات ، والثاني – خلق تمحور سياسي حول راي المحكمة الاتحادية ، غير الملزم والمشكوك في دستوريته ، في تفسير معنى الاكثرية النيابية الواردة في الدستور ، بانتظار تمكنها من جمع اغلبية نيابية وفق هذا المفهوم .
القائمة العراقية التي حصدت الاغلبية النيابية في الانتخابات الاخيرة تتحرك بحذر شديد ، فهي ، وحتى اعلان مصادقة النتائج النهائية لدى المحكمة الاتحادية ، لاتستبعد ان تتغير تلك النتائج في صفقة خلف الكواليس ، بعد ان اثبتت القائمة انها متماسكة . كما ان القائمة وانصارها يعانون من الاستهدافات السياسية والامنية بما يعيق من حرية تحركاتهم لدعم منجزهم المتحقق .
ائتلافا العراقية ودولة القانون ، وان تحدثا بغير ذلك ، فهما يدركان ان النتائج النهائية لن تكون مختلفة كثيرا . في هذه المناخات ، وبغض النظر عن مفهوم الاكثرية الذي سيعتمده رئيس الجمهورية القادم للشروع في التكليف الوزاري ، تبدو التحالفات العريضة هي الحقيقة الوحيدة القادرة على الصمود حتى النهاية . لذا فالبحث عن حلفاء اقوياء يمثل اولوية في سلم القائمتين ، لكنها شاقة ايضا . فالتحالف الكردستاني او الكتلة الكردية عموما ، تدرك انه لايمكن لاي فريق تجاوزها في تشكيل الحكومة ، لا لحجمها البرلماني ، بل لكونها تمثل مكونا قوميا اساسيا لايمكن
لاية حكومة عراقية ان تتشكل بغيابه . ادراك الاكراد لتلك الحقيقة يجعلهم غير متعجلين لوضع بيضهم في سلة واحدة ، حتى اللحظة الاخيرة ، واعتماد سياسة حافة الهاوية للحصول على مكاسب اكبر . لكن الجانب الكردي الذي يعيش ظروفا سياسية واقتصادية مريحة لايفتقد الحكمة والواقعية في التعامل مع مطالب معقولة . فالاكراد لن يجدوا من يساومونه على كركوك هذه المرة ، وهم لايستطيعون سحب الائتلاف الوطني العراقي ، في مثل هذه الظروف ، لاحياء فيدرالية الوسط والجنوب التي نادى بها المجلس الاعلى سابقا ، والذي و بسبب تلك السياسة ، قد فقد الكثير من قواعده
الجماهيرية في تلك المناطق . كما ان قيادة الائتلاف باتت بايدي الصدريين الرافضين لفدرلة العراق .
في مثل هذه الخارطة المتداخلة الالوان والتفاصيل ، يبدو الاكراد وكأنهم يقفون على مسافة تكاد تكون متساوية من المالكي وعلاوي . زاوية اخرى للرؤية ، تظهر ان الاخير الذي يرتبط بعلاقات تاريخية مع الزعامات الكردية يسجل على خصمه نقاط تفوق مهمة . فالعراقية عملت على تخفيف الاحتقانات في نينوى من خلال التقريب بين قائمتي الحدباء ونينوى المتآخية ، ونزع فتيل صراع عربي - كردي يضاف الى ازمة كركوك ، وهو ماعجزت عنه حكومة المالكي طيلة الفترة الماضية . كما ان قائمة اياد علاوي قد حصدت مناصفة مع التحالف الكردستاني مقاعد مجلس
النواب في محافظة كركوك ، مما يجعل حل قضية كركوك في المستقبل ، مرتبطا بقائمتي علاوي والتحالف الكردستاني بشكل اساسي . المحاور المذكورة من بين مشتركات ستراتيجية اخرى ، تجعل من علاوي – العلماني ، ذي المشروع الوطني ، خيارا كرديا على حساب المالكي الحليف السابق غير الموثوق به داخليا واقليميا .
تفاصيل المشهد السابق تجعل من الائتلاف الوطني العراقي بيضة القبان لترجيح كفتي العراقية او دولة القانون . قيادات هذا الائتلاف تدرك انها رقما صعبا في المعادلة القادمة ، وعلى هذا الاساس تكثف من حضورها على المشهد بشكل ربما يتجاوز اوزانها الحقيقية . وهي ، في لعبة الحصول على اكبر المكاسب الممكنة تبدو قريبة وبعيدة من الفريقين ( العراقية ودولة القانون ) في آن واحد . والامر المؤكد لدى الائتلاف الوطني انه سيكون شريكا حتميا لأحد الخصمين المذكورين في الحكومة الموعودة ، الا اذا دفع بهما الى التحالف ، وهو مالايرغب فيه ، وربما يحول دون حصوله ،
على الرغم من دعوته لمائدة مستديرة تضم كل الفرقاء السياسيين .
لكن ، بعيدا عن عملية الغزل السياسي المخادع التي يمارسها الائتلاف الوطني ... اين تقع مصالحه الحقيقية ؟ وكيف يرسم خياراته ؟
اذا ما افترضنا ان الائتلاف سيمضي موحدا ( دون الانشطار الى ائتلافين او اكثر ) متجاوزا لصراعات الماضي بين الصدريين والمجلس الاعلى ، او التنافس على الزعامة فان خياراته في الانضمام الى شركاء الامس ستصطدم بجملة من الموانع يصعب على الطرفين تجاوزها :
1 – الاطراف الاساسية في الائتلاف الوطني العراقي من التيار الصدري والمجلس الاعلى وحزب الفضيلة ، تعتبر المالكي شخصيا حليفا غير موثوق فيه ، ولهم في هذا المجال اكثر من تجربة .
2 – عزل المالكي والتحالف مع المنشقين عنه من ، حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون ، كأجراء بديل ، قد لايكون سهلا ، وان حصل ، فهو لايمكن من استحصال نصاب تشكيل الحكومة .
3 – ان التحالف مع المالكي ، تحت اية شروط ، سيقوي شوكة المالكي في المستقبل على حساب تراجع دور التيار الصدري والمجلس الاسلامي الاعلى . اذ على الرغم من الشكل السياسي المؤسسي الظاهر للتيار الصدري والمجلس الاعلى الا انهما في الحقيقة مرتبطان بارادة عائلتي ال الصدر وال الحكيم اللتين لاترغبان في ظهور مؤسسة سياسية دينية ، كحزب الدعوة ، تنازعهما مرجعية قيادة الشيعة في الوسط والجنوب كأستحقاق تاريخي ، وهو ما تجلى بشكل واضح في عهد المالكي . ويعتقد قادة الائتلاف الوطني ان دفع قائمة المالكي الى خانة المعارضة سيؤدي الى تفككها وتآكلها والتحاق
اطرافها بأئتلافهم ومن ثم تقويته .
المقاربات السابقة ترجح احتمالية التحالف مع قائمة اياد علاوي وترشيحه الى رئاسة الحكومة القادمة ، فعلاوي العلماني ، لن يكون منافسا على زعامة المؤسسة السياسية الدينية ، مهما بلغت قوته ، على خلاف المالكي ابنها ( غير الشرعي ) كما تراه قيادات الائتلاف ، كما ان علاوي شخصا موثوقا ومعروفا بصرامة التزاماته ، وهم لايرون فيه خصما مستقبليا ينازعهم مناطق نفوذهم . الرسالة الواضحة التي اطلقها السيد عمار الحكيم في عدم الاشتراك بحكومة لايكون فيها علاوي كانت مخيبة لامال المالكي الذي رفض الجلوس الى مائدة مستديرة ربما يواجه فيها بهذه الحقيقة دون
مواربة .
حظوظ اياد علاوي المتصاعدة في استقطاب التحالف الاكبر لتشكيل الحكومة تمتد الى القبول الاقليمي والامريكي والدولي به ، فالرجل الذي تبنى مشروع الدولة المدنية منذ البداية يمتلك ستراتيجية متكاملة لبسط الاستقرار وطمأنة دول الجوار ودمج العراق في المجتمع الدولي ، وهو ما تحرص القائمة العراقية على نقله الى محيطها العربي والاسلامي ومنه الجارة الشرقية ايران . ولم تجد سياسات علاوي السابقة في الانفتاح على الجوار العربي الا محاكاة لها من اطراف الائتلاف الوطني التي سارعت قياداتها الى زيارات الدول العربية وخاصة سوريا والسعودية ومصر مما يمهد
الطريق امام علاوي لجسر احدى الفجوات التي كانت قائمة مع خصوم الامس وشركاء الغد .
وعلى الرغم من كل المؤشرات السابقة ، فان طريق الدكتور اياد علاوي رئيس الوزراء العراقي الاسبق لولاية جديدة تبقى مناطة ايضا بقدرة قائمته على الحفاظ على تماسكها ، وانتهاج خطاب سياسي متعقل وودود ، وتعتمد ايضا على قدرتها في توظيف اوراقها على الوجه الامثل في مفاوضاتها مع الاخرين .
هادي والي الظالمي
Hadi_whali@yahoo.com
هادي والي الظالمي
في نهاية المطاف ، ستتشكل الحكومة العراقية المنتظرة . حتى ذلك الحين ، هناك ثمن لكل يوم يمر ، فحكومة تصريف الاعمال الحالية بدت واهنة امام الضربات الارهابية الاخيرة . ربما كان لضعف شرعيتها ، كحكومة منتهية الصلاحية ، دور في تفاعلها مع مسؤولياتها الراهنة . الامر المذكور يفترض اقرار الحكومة العتيدة في وقت مبكر ، الا ان الطريق ، في كل الاحوال ، لن يكون سهلا .
قطعا ، كانت الاحداث ستجري بوتيرة مختلفة بوجود مؤسسات مهنية محترفة وغير خاضعة للمؤثرات السياسية او الامنية . الا ان الوضع ، هنا ، مغاير . فحتى المؤسسة القضائية التي تفصل في النزاعات ، لاتبدو بعيدة عن تلك المؤثرات عندما أستصدرت احكاما وقرارات توفيقية ، خارج اختصاصاتها ، اوجست المتخاصمين ، وربما دفعتهم الى التشكيك بشرعيتها ، وهذا بحد ذاته مؤشر خطير ينذر بأن التوافقات السياسية هي السلطة التي باتت تحكم البلد ، وان ، على حساب المؤسسات الدستورية والقانون والارادة الشعبية . تكريس هذا الواقع يعمق من
الخلافات القائمة ويعقد الحلول ويشرعن الابتزاز السياسي .
المؤسسة السياسية ، الممثلة بالاحزاب والكتل والقوى السياسية الكبيرة ، الفائزة في الانتخابات ، لاتبدو هي الاخرى منسجمة مع وظيفتها المفترضة ، وهو مايضيف تعقيدا آخر . فهي تعمل على التحرر من التقاليد والاعراف السياسية عندما لاتخدم مصالحها الحاضرة .
قائمة دولة القانون ، التي يرأسها السيد نوري المالكي المنتهية ولايته في رئاسة الوزراء ، لاتريد التسليم للعراقية بحق الشروع في تشكيل الحكومة القادمة ، بينما كانت تنادي بهذا الحق لنفسها عندما كانت تتوقع صدارة نتائج الانتخابات . وهي تعمل الان على محورين : الاول – سحب الصدارة من قائمة اياد علاوي من خلال الطعون بنتائج الانتخابات ، والثاني – خلق تمحور سياسي حول راي المحكمة الاتحادية ، غير الملزم والمشكوك في دستوريته ، في تفسير معنى الاكثرية النيابية الواردة في الدستور ، بانتظار تمكنها من جمع اغلبية نيابية وفق هذا المفهوم .
القائمة العراقية التي حصدت الاغلبية النيابية في الانتخابات الاخيرة تتحرك بحذر شديد ، فهي ، وحتى اعلان مصادقة النتائج النهائية لدى المحكمة الاتحادية ، لاتستبعد ان تتغير تلك النتائج في صفقة خلف الكواليس ، بعد ان اثبتت القائمة انها متماسكة . كما ان القائمة وانصارها يعانون من الاستهدافات السياسية والامنية بما يعيق من حرية تحركاتهم لدعم منجزهم المتحقق .
ائتلافا العراقية ودولة القانون ، وان تحدثا بغير ذلك ، فهما يدركان ان النتائج النهائية لن تكون مختلفة كثيرا . في هذه المناخات ، وبغض النظر عن مفهوم الاكثرية الذي سيعتمده رئيس الجمهورية القادم للشروع في التكليف الوزاري ، تبدو التحالفات العريضة هي الحقيقة الوحيدة القادرة على الصمود حتى النهاية . لذا فالبحث عن حلفاء اقوياء يمثل اولوية في سلم القائمتين ، لكنها شاقة ايضا . فالتحالف الكردستاني او الكتلة الكردية عموما ، تدرك انه لايمكن لاي فريق تجاوزها في تشكيل الحكومة ، لا لحجمها البرلماني ، بل لكونها تمثل مكونا قوميا اساسيا لايمكن
لاية حكومة عراقية ان تتشكل بغيابه . ادراك الاكراد لتلك الحقيقة يجعلهم غير متعجلين لوضع بيضهم في سلة واحدة ، حتى اللحظة الاخيرة ، واعتماد سياسة حافة الهاوية للحصول على مكاسب اكبر . لكن الجانب الكردي الذي يعيش ظروفا سياسية واقتصادية مريحة لايفتقد الحكمة والواقعية في التعامل مع مطالب معقولة . فالاكراد لن يجدوا من يساومونه على كركوك هذه المرة ، وهم لايستطيعون سحب الائتلاف الوطني العراقي ، في مثل هذه الظروف ، لاحياء فيدرالية الوسط والجنوب التي نادى بها المجلس الاعلى سابقا ، والذي و بسبب تلك السياسة ، قد فقد الكثير من قواعده
الجماهيرية في تلك المناطق . كما ان قيادة الائتلاف باتت بايدي الصدريين الرافضين لفدرلة العراق .
في مثل هذه الخارطة المتداخلة الالوان والتفاصيل ، يبدو الاكراد وكأنهم يقفون على مسافة تكاد تكون متساوية من المالكي وعلاوي . زاوية اخرى للرؤية ، تظهر ان الاخير الذي يرتبط بعلاقات تاريخية مع الزعامات الكردية يسجل على خصمه نقاط تفوق مهمة . فالعراقية عملت على تخفيف الاحتقانات في نينوى من خلال التقريب بين قائمتي الحدباء ونينوى المتآخية ، ونزع فتيل صراع عربي - كردي يضاف الى ازمة كركوك ، وهو ماعجزت عنه حكومة المالكي طيلة الفترة الماضية . كما ان قائمة اياد علاوي قد حصدت مناصفة مع التحالف الكردستاني مقاعد مجلس
النواب في محافظة كركوك ، مما يجعل حل قضية كركوك في المستقبل ، مرتبطا بقائمتي علاوي والتحالف الكردستاني بشكل اساسي . المحاور المذكورة من بين مشتركات ستراتيجية اخرى ، تجعل من علاوي – العلماني ، ذي المشروع الوطني ، خيارا كرديا على حساب المالكي الحليف السابق غير الموثوق به داخليا واقليميا .
تفاصيل المشهد السابق تجعل من الائتلاف الوطني العراقي بيضة القبان لترجيح كفتي العراقية او دولة القانون . قيادات هذا الائتلاف تدرك انها رقما صعبا في المعادلة القادمة ، وعلى هذا الاساس تكثف من حضورها على المشهد بشكل ربما يتجاوز اوزانها الحقيقية . وهي ، في لعبة الحصول على اكبر المكاسب الممكنة تبدو قريبة وبعيدة من الفريقين ( العراقية ودولة القانون ) في آن واحد . والامر المؤكد لدى الائتلاف الوطني انه سيكون شريكا حتميا لأحد الخصمين المذكورين في الحكومة الموعودة ، الا اذا دفع بهما الى التحالف ، وهو مالايرغب فيه ، وربما يحول دون حصوله ،
على الرغم من دعوته لمائدة مستديرة تضم كل الفرقاء السياسيين .
لكن ، بعيدا عن عملية الغزل السياسي المخادع التي يمارسها الائتلاف الوطني ... اين تقع مصالحه الحقيقية ؟ وكيف يرسم خياراته ؟
اذا ما افترضنا ان الائتلاف سيمضي موحدا ( دون الانشطار الى ائتلافين او اكثر ) متجاوزا لصراعات الماضي بين الصدريين والمجلس الاعلى ، او التنافس على الزعامة فان خياراته في الانضمام الى شركاء الامس ستصطدم بجملة من الموانع يصعب على الطرفين تجاوزها :
1 – الاطراف الاساسية في الائتلاف الوطني العراقي من التيار الصدري والمجلس الاعلى وحزب الفضيلة ، تعتبر المالكي شخصيا حليفا غير موثوق فيه ، ولهم في هذا المجال اكثر من تجربة .
2 – عزل المالكي والتحالف مع المنشقين عنه من ، حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون ، كأجراء بديل ، قد لايكون سهلا ، وان حصل ، فهو لايمكن من استحصال نصاب تشكيل الحكومة .
3 – ان التحالف مع المالكي ، تحت اية شروط ، سيقوي شوكة المالكي في المستقبل على حساب تراجع دور التيار الصدري والمجلس الاسلامي الاعلى . اذ على الرغم من الشكل السياسي المؤسسي الظاهر للتيار الصدري والمجلس الاعلى الا انهما في الحقيقة مرتبطان بارادة عائلتي ال الصدر وال الحكيم اللتين لاترغبان في ظهور مؤسسة سياسية دينية ، كحزب الدعوة ، تنازعهما مرجعية قيادة الشيعة في الوسط والجنوب كأستحقاق تاريخي ، وهو ما تجلى بشكل واضح في عهد المالكي . ويعتقد قادة الائتلاف الوطني ان دفع قائمة المالكي الى خانة المعارضة سيؤدي الى تفككها وتآكلها والتحاق
اطرافها بأئتلافهم ومن ثم تقويته .
المقاربات السابقة ترجح احتمالية التحالف مع قائمة اياد علاوي وترشيحه الى رئاسة الحكومة القادمة ، فعلاوي العلماني ، لن يكون منافسا على زعامة المؤسسة السياسية الدينية ، مهما بلغت قوته ، على خلاف المالكي ابنها ( غير الشرعي ) كما تراه قيادات الائتلاف ، كما ان علاوي شخصا موثوقا ومعروفا بصرامة التزاماته ، وهم لايرون فيه خصما مستقبليا ينازعهم مناطق نفوذهم . الرسالة الواضحة التي اطلقها السيد عمار الحكيم في عدم الاشتراك بحكومة لايكون فيها علاوي كانت مخيبة لامال المالكي الذي رفض الجلوس الى مائدة مستديرة ربما يواجه فيها بهذه الحقيقة دون
مواربة .
حظوظ اياد علاوي المتصاعدة في استقطاب التحالف الاكبر لتشكيل الحكومة تمتد الى القبول الاقليمي والامريكي والدولي به ، فالرجل الذي تبنى مشروع الدولة المدنية منذ البداية يمتلك ستراتيجية متكاملة لبسط الاستقرار وطمأنة دول الجوار ودمج العراق في المجتمع الدولي ، وهو ما تحرص القائمة العراقية على نقله الى محيطها العربي والاسلامي ومنه الجارة الشرقية ايران . ولم تجد سياسات علاوي السابقة في الانفتاح على الجوار العربي الا محاكاة لها من اطراف الائتلاف الوطني التي سارعت قياداتها الى زيارات الدول العربية وخاصة سوريا والسعودية ومصر مما يمهد
الطريق امام علاوي لجسر احدى الفجوات التي كانت قائمة مع خصوم الامس وشركاء الغد .
وعلى الرغم من كل المؤشرات السابقة ، فان طريق الدكتور اياد علاوي رئيس الوزراء العراقي الاسبق لولاية جديدة تبقى مناطة ايضا بقدرة قائمته على الحفاظ على تماسكها ، وانتهاج خطاب سياسي متعقل وودود ، وتعتمد ايضا على قدرتها في توظيف اوراقها على الوجه الامثل في مفاوضاتها مع الاخرين .
هادي والي الظالمي
Hadi_whali@yahoo.com