أكاذيب وخداع بترايوس في العراق
في بداية خدمة الجنرال ديفيد بترايوس في العراق، الذي خرج من اخر وأهم منصب شغله برئاسة وكالة المخابرات الاميركية بفضيحة مجلجلة، قاد الفرقة المجوقلة (101) المحمولة جوا، ومارس منذ الاسابيع الأولى مختلف أنواع الكذب والخداع، جنبا إلى جنب الجرائم البشعة التي ارتكبها وقواته في العراق، فقد حاول أن يظهر بصورة الجنرال ـ الملاك، وهذا ما تضمنته رسالته الموجهة إلى وزير الدفاع العراقي السابق الفريق أول ركن سلطان هاشم احمد، حيث تمكن من استدراجه وتم اعتقاله، وقد لا يعرف الكثيرون، أن سلطان هاشم قد تشجع على تسليم نفسه، بسبب تلك الخديعة والكذب الذي مارسه الجنرال بترايوس، وفشل في استدراج قادة كبار آخرين بالطريقة ذاتها، ومن ابرز الشخصيات العسكرية الكبيرة التي بعث بترايوس لهم مثل تلك الرسالة، كان الفريق أول ركن سيف الدين الراوي، قائد الحرس الجمهوري العراقي قبل الغزو واثناءه. إلا أن الراوي لم ينخدع برسالة بترايوس ووضعه في خانة المجرمين القلتة الكذابين، في حين صدق هذا الكلام، سلطان هاشم احمد، الذي قاد الجيش العراقي في التصدي للغزاة الاميركيين، وقاتل مع جنوده وضباطه القوة الكبيرة القادمة لغزو بلده، لكن لا نعرف التفاصيل الدقيقة، والكيفية التي تمكن فيها هذا المخادع الكذاب من استدراج قائد عسكري محنك وكبير مثل الفريق سلطان هاشم، ربما صدق كلام بترايوس الذي وعده بمعاملته بما يليق به وبرتبته العسكرية، وبما يحفظ احترامه ومكانته المهنية والاجتماعية، لكن الذي حصل أنه سجل انتصارا لنفسه بتسليم سلطان هاشم نفسه للقوات الاميركية، واضاف عدة نقاط لرصيده لدى قادة البيت الابيض، ليرتقي بعد ذلك سلم السلطة، حتى وصل إلى أعلى المناصب، ثم ظهر على حقيقته في الفضيحة الاخلاقية التي اطاحت به، وكشفت كذبه وخداعه.
واصل الجنرال بترايوس جهوده واتصالاته عبر عراقيين عملوا لخدمة الغزاة في بغداد والانبار، لفتح قنوات مع الفريق الركن سيف الراوي، ومن خلال حلقات معقدة تمكن من إيصال رسالة مشابهة تماما لتلك التي خدع فيها سلطان هاشم، إلا أن القائد والعسكري العراقي الشجاع الراوي، تعامل مع بترايوس بالطريقة التي تليق به، فهو في نظره ـ وهي الحقيقة ـ ان بترايوس كذاب ومخادع ولا كلمة عنده، وكل ما يريد الوصول إليه، التخلص من رجال العراق وقادته العسكريين وعلمائه، فرفض عرضه الدنيء واستهزأ بعقله، وسار في الطريق الصحيح، الذي يقول، على العراقيين ألا يفكرون بشيء غير مقاتلة الغزاة والتصميم على طردهم نهائيا.
لم يكن بترايوس القائد العسكري للقوات الاميركية فقط، فقد كان يتصل بالسياسيين والبرلمانيين، ويصدر إليهم الأوامر بالموافقة على القانون الفلاني والقضية الفلانية، وحاول منذ عام 2007، أن يحقق الأمان لجنوده ومجنداته ويبعد عنهم نيران المقاومين العراقيين، إلا أنه فشل، وفي نهاية المطاف، انهزمت قواتهم امام العراق وأهله، وانتكست راية اميركا في العالم، وفقدت هيبتها الكاذبة، وانفضح إجرامها في كل مكان.
ديفيد بترايوس الجنرال الاميركي الذي تفاخر به قادة الولايات المتحدة بوش الابن واوباما، لدوره في قتل العراقيين وتعذيبهم في مئات المعتقلات، يظهر اليوم بوجهه القبيح، فبعد أن أجرم بحق العراق واهله منذ بداية الغزو عام 2003 ومن ثم تسلم قيادة القوات الاميركية في العراق، ليتناغم مع رغبات جورج بوش الان، واستقبل 36 الف جندي اميركي ضمن خطة تعزيز القوات الاميركية بداية شهر شباط - فبراير عام 2007 حتى الشهر الخامس من العام نفسه، لكن هؤلاء عادوا إلى بيوتهم إما جثثا ممزقة او عقولا مخبولة .
أشرف بترايوس على أبشع ممارسات التعذيب، التي مارستها القوات الاميركية في (505) قواعد ومعسكرات في مختلف مناطق العراق، وقتل مئات الالاف من العراقيين داخل تلك المعتقلات وخارجها، ومارس كل أساليب الارهاب ضد العراقيين، على أمل أن يتضعضعوا ويتراجعوا عن قرار هم، الذي اتخذوه منذ اليوم الاول للاحتلال، القرار القاضي بطرد الغزاة وإلحاق الهزيمة بهم.
لم يسقط بترايوس هذه الايام، الذي انكشف على حقيقته، بل سقط تماما منذ أن مارس الكذب والخداع في العراق، وقاد جيوشه لتدمير العراق وتعذيب وقتل ابنائه ونسائه.
وليد الزبيدي
كاتب عراقي
كاتب عراقي
http://www.alwaleedonline.com/NewsDetails.aspx?ID=29012