شبكة اخبار العراق
منذ الأزل والمرأة العراقية لا تستسلم للعوز والفقر على الرغم من تطويق الظروف الصعبة لها من كل جانب، وتشبعن بمبدأ المثابرة والاجتهاد للتغلب على الصعاب من خلال العمل في كل شئ وفي أي شئ يدر عليهن لقمة العيش حلالا.ويبدو أن عدد كبير من هؤلاء النسوة لهن حكاية صراع مرير بين الإحباط والأمل والمثابرة للعيش بكرامة بسبب الظروف الصعبة التي ولدها مجيء الاحتلال إلى العراق بعد حرب قاسية مر بها العراق وهن على طول الأمر يشعرن بالمسؤولية تجاه أنفسهن وأسرهن، فيخرجن من المنزل على أمل العودة بمبلغ حلال يساعدهن على تلبية حاجات يومهن من مأكل ومشرب، منهن مطلقات وأرامل .أمثلة النساء المكافحات وخاصة في الظروف الحالية التي يمر بها العراق لا تعد و تحصى نشاهدهن في كل مكان يتجسدن في أكثر من صورة وحالة، ومن كل ما نشاهده أمامنا نستعرض بعضا من نماذجهن اللواتي دخلن معترك الحياة الصعب، وها هي ذي بعض من صورهن كما روتها كل واحدة منهن .ما أن تدخل الأسواق الشعبية في العراق والتي تعتبر أكثر فقرا حتى تستقبلك وجوه كثيرة لنساء مكافحات من مختلف الأعمار غالبا ما يفترشن الأرض ببضاعتهن من الخضر أو الألبان وسلع ومستلزمات حياتية أخرى حاملات على أكتافهن الهموم أو المسؤولية العائلية، عاليات شامخات برغم تهميشهن وتجاهلهن من قبل المجتمع والحكومة الحالية ، أسوق شعبية لها زوارها مرتادوها، يجدون كل ما يحتاجونه، وكلما نظر إليهن الناظر بشيء من الفخر والاعتزاز و قد تعودت أن ابتاع بعض من الحاجات الضرورية والكمالية منهن. نساء فقيرات منهن المطلقة والأرملة وزوجة المريض وزوجة العاطل، كلهن آثرن أن يكن مكافحات من أجل رغيف خبز حلال، ولم تدفعهن الحاجة قط إلى براثن الرذيلة والفاحشة لأنهن مؤمنات بأن الفقر وإن كاد أن يكون كفرا فلن يكون دافعا إلى ممارسة الرذيلة إنهن نساء حق علينا أن نشد على أيديهن إجلالا وتقديرا ونبارك كفاحهن فمنهن من استطاعت أن تعيل أطفالها من عرق جبينها حتى أصبحوا رجالا ونساء تملأ ثغورهم الابتسامة والفخر بوالدتهم المثابرة.وهذه السيدة أم محمد تقول أنها وجدت نفسها بعد وفاة زوجها مسؤولة عن تربية ثلاثة أبناء، وان زوجها كان موظفا بسيطا لم يترك لها سوي معاشا لا يسمن ولا يغني من جوع، وأنها بعد وفاته أصبحت ملزمة بتوفير لقمة العيش لأولادها الثلاثة وتوفير ثمن أيجار المنزل المتهالك ضيق المساحة بحي شعبي، وأضافت السيدة : إن مصاريف الأولاد من مأكل وملبس ودراسة لا ترحم، «زوجي رحمه الله رغم انه كان موظفا بسيطا لم يتركني يوم من الأيام أفكر في مصاريف البيت، غير أن موته كان صدمة كبيرة لي ووجدت نفسي بعدها أمام قساوة الظروف، خرجت رغما عني لأمارس عمل التنظيف في إحدى المستشفيات الأهلية لأنني لا أتقن فعل أي شئ ولم أجد عنها عوضا، أما أولادي فإنني بالنهار أوفر لهم لقمة العيش وبالليل أراقب مشوارهم الدراسي وسلوكهم لأنني أسهر على تعليمهم و تربيتهم تربية حسنة، ولا أخفيك سرا أني ياما أويت إلى فراشي جائعة بعد أن انتهي من إطعام أولادي اما حكاية السيدة أم عدنان فهي إحدى حكايات الكفاح الحقيقية تقول: توفي زوجي منذ 23 عاما، وكان موظفا متوسطا عند وفاته، ولم يترك لنا أي شيء سوى راتب بسيط لا يكفيني وأولادي الثلاثة، وإيجار شهري لغرفتين صغيرتين ،وتعلمت الخياطة من أحدى قريباتي وقد ساعدني الله على تربية أبنائي، فبنتي الكبرى ستتخرج هذه السنة مهندسة وابني الأوسط محامي متخرج حديثا أما الأصغر فلازال في صفوف الإعدادي، وبابتسامة تضيف: أفتخر اليوم بقصة كفاحي هذه، ولاشك أن أحفادي وأولادي سيفتخرون بي وهذا ما يجعلني أشعر بسعادة لا تضاهيها سعادة. السيدة أم حيدر اعتادت أن تبتاع سلعا مختلفة وتقوم ببيعها إلى زبائنها من بعض معلمات المدارس القريبة لمنزلها ولربات البيوت في منازلهن قرب محل سكناي ، السيدة ام حيدر قالت إن مدخولها من عملها كبائعة متنقلة بين زبائنها ومعارفها لا يسد كل حاجات أسرتها وفي بعض الأيام لا تجد مشتريا واحدا ومع ذلك فهي تحمد الله تعالى على رزقها الحلال وتتذكر أم علياء قصتها فتقول: كانت الحالة المادية البسيطة لأهلي هي الدافع وراء زواجي في سن صغيرة من زوجي الذي كان يكبرني بسنوات كثيرة، ولكنه مرض مرضا مستعصيا بعد زواجنا وتوفي متأثرا بمرضه، وخلال هذه السنوات صرفنا كل ما نملك من أموال، ولم يكن لنا سوى راتب بسيط لي ولابنتي وابني، كان هدفي هو تعليم أبنائي لذا فقد سعيت للعمل لبيع الخضراوات في احد أسواق المدينة ورغم معاناتي ومرضي فإن إيماني لم يتزحزح وكنت على يقين ان بعد العسر لابد من اليسر فأكرمني الله بأن كان أولادي دائما من المتفوقين في دراستهم، واليوم وصلوا إلى المرحلة الجامعية.ومنذ القدم و المرأة العراقية كانت ولازالت عنوانا للكفاح والمثابرة قادرة على التعايش مع الفقر وقادرة على التجاذب الحاصل بين شغلها خارج البيت ودورها كأم، فكم هي رائعة هذه المرأة على الرغم من الظروف التي مرت بها على مدة أكثر والتي ذاقت الويلات مع أخيها الرجل في ظل الاحتلال والماسي الذي مر بها العراق بقيت صامدة للحجر عندما تكون عفيفة وعندما تكون أبية وفية لأسرتها، وعندما تكون واثقة من نفسها ومخلصة لأولادها ولمجتمعها وعندما تعمل بجهد وإخلاص من أجل حياة حرة كريمة
منقول
حسين الفيلي