إذا أردت للصديق أن تبقيه.. لا تأخذ منه ولا تعطيه
تحقيق / بيداء عبد الرحمن المندلاوي
ـ أجمل ما في الصداقة، الإفصاح عن الأسرار لشخص تشعر معه بالأمان
ـ الفصل بين الصداقة والتعاملات المادية من أجل حمايتها
أمثال وحكم كثيرة تناقلتها الأجيال جيلاً بعد جيل وأغلبها كانت صائبة في تطبيقها على الواقع وكما قيل (أبو المثل ما خله شي ما كاله)، ولكن في هذا المثل عن الصداقة يحتار العقل في الاقتناع أو عدم الاقتناع، فهل من المعقول أن يكون لديك صديق واقع في شدة ولا تمد له يد المساعدة؟ فإذن أين هي الصداقة إذا كانت تتعثر وتقف أمام المادة؟ وما الداعي لتكوين علاقة قد تستمر لسنين وعند أول طلب تسد الأبواب وتظهر الحجج والأعذار.. نحن هنا لسنا بصدد الكلام عن الصداقة فقط وإنما نريد معرفة تأثير هذا المثل على الواقع، وهل إبقاء الصداقة مستمرة يعتمد على هذا الركن أم إن المادة هي الأساس في نجاحها؟
علاقة عابرة
نغم وليد طالبة جامعية، تقول: "الصداقة ليست علاقة مصلحة وأعطني كي أعطيك، وإنما هي علاقة مودة واحترام، فكيف أُكون علاقة مع صديقة لي ولا أقف إلى جانبها إذا طلبت مساعدتي.. الصداقة الحقيقية تظهر في الأزمات والمحن وكما يقال (الصديق لا يُعرف إلا في وقت الضيق)، فضلاً عن المساعدة المادية أو المعنوية التي تشعرك بقيمة هذه العلاقة، وإلا فما قيمتها ووجودها إذا كانت أمام أول طلب احتياج تنهار، فهذه اعتبرها علاقة عابرة تكونت في ظرف وفترة ما وانتهت في فترة تلتها".
أما المواطن إسماعيل كاظم، وهو كاسب فقد تحدث عن تجربته بالقول: "مررت بأزمة مادية صعبة نتيجة تدهور الأمن، مما منعني من الخروج إلى العمل لأن المنطقة التي كنت أعمل فيها وهي (الشورجة) أصبحت في فترة ما خطره جداً بسبب الانفجارات المتكررة فأغلقت محلي لفترة من الزمن وجلست في البيت انفق مما جمعته، ولكن الفترة طالت والمال الذي بحوزتي بدأ ينفذ وبعد مرور شهرين تقريباً على وضعي هذا حضر صديق لي تربطني به علاقة قديمة لزيارتي والسؤال عني وعندما علم بحالي أقرضني مبلغاً معيناً لتمشية أموري حتى تفرج، واستمر بالاتصال والسؤال عن حالي إذا كنت احتاج لشيء، والحمد لله فرجت وعادت الحياة للشورجه وعدت لعملي، وأنا الآن أسدد ما بذمتي لصديقي، هذه الشدة التي مررت بها عرفتني بقيمه الصديق وأهميته، فأهلي أنفسهم لم يسألوا عني وعن حال عائلتي بقدر ما فعل هو، وصدق من قال أن الصديق في بعض الأحيان أكثر من الأخ".
مردود سلبي
بان صبحي وهي خريجة قسم الجغرافيا من كلية الآداب، تقول: "لدي صديقة عزيزة على قلبي، كنت أحبها واحترمها كثيراً ولم أبخل عليها بشيء، حتى مصروفي اليومي كنت أتقاسمه معها عندما كنا طلاب في الجامعة، وفي يوم ليس ببعيد اتصلت بي وأخبرتني بإمكانية مشاركتي بجمعية تسليف قيمتها (350,000) ألف دينار، فرحبت بالفكرة ودفعت جميع الأقساط المطلوبة، ولكن انتهت الفترة المقررة ولم أحصل على نصيبي، وعندما اتصلت وأخبرتها عن موعد التسليف أُحرجت وتلكأت في الكلام وقالت بأنها احتاجت المبلغ وستعيده لي بعده فترة".
وأضافت بان: " أنا لم أبه للموضوع وعذرتها لحاجتها الماسة للمبلغ ولكن منذ ذلك الاتصال وهي تتجنب رؤيتي وتتجاهل اتصالاتي ولا ترد عليها، هذا الأمر أقلقني فذهبت اليها وطلبت منها عذر مقنع لتصرفاتها هذه فأجابتني بحجج وأعذار غير مقنعة وبعدها طلبت منها المال وحصلت عليه بعد مشادة كلامية حادة معها ومع أهلها، ومنذ تلك الفترة انقطعت علاقتنا ومع انه كان يضرب بنا المثل لصداقتنا القوية ولولا دخول المال بيننا لما انقطعت علاقتنا".
بعيداً عن المال
وأخر المتحدثين عبد الباسط وهو منضد في إحدى الصحف اليومية قال: "الصداقة شيء جميل وأجمل ما فيها هو إفصاح ما بداخلك من أسرار لشخص تشعر معه بالأمان وكتمان الأسرار وسد متين يسند ظهرك في المحن التي قد تواجه أياً منا، وبين الأصدقاء لا يوجد حساب وعتاب.. أُدينه إذا احتاج وأمد يد المساعدة واطلب منه دون خجل أو إحراج لأنه سيكون أكثر اطلاعاً على وضعي، ولكن أن أشاركه في مشروع غير مضمون أو أُدينه مبلغ ضخم لسبب غير مقنع وأنا أعلم بأنه غير قادر على تسديده لي فهذا ما أخشاه لأن المال في بعض الحيان قد ينشئ عتاب وحساب وهذا ما لا أريده، وأي شك في ذمة أحدنا أو إختلاف قد يؤدي إلى إضعاف العلاقة مهما كانت قوية وهذا لا يمنع أن أقف معه في الأزمات والشدائد وأساعده ولكن لا أجعل المادة سبب في تكوين هذه العلاقة أو إبقاءها أو الحافز الذي يدعمها".
إذن تضاربت الآراء واختلفت وجهات النظر بشأن ما تم طرحه عن الصداقة ولكن أغلب الآراء تصب في منبع واحد وهو أن الصداقة ليس أساسها المادة وإنما المودة والمحبة والوفاء، وان الأمثال التي قيلت في زمن ما ليست قانوناً أو شرطاً يجب تطبيقه بين الأصدقاء، فكل علاقة وراءها سبب لتكوينها".
http://www.ahali-iraq.net/detail.aspx?c=investigation&id=5316
تحقيق / بيداء عبد الرحمن المندلاوي
ـ أجمل ما في الصداقة، الإفصاح عن الأسرار لشخص تشعر معه بالأمان
ـ الفصل بين الصداقة والتعاملات المادية من أجل حمايتها
أمثال وحكم كثيرة تناقلتها الأجيال جيلاً بعد جيل وأغلبها كانت صائبة في تطبيقها على الواقع وكما قيل (أبو المثل ما خله شي ما كاله)، ولكن في هذا المثل عن الصداقة يحتار العقل في الاقتناع أو عدم الاقتناع، فهل من المعقول أن يكون لديك صديق واقع في شدة ولا تمد له يد المساعدة؟ فإذن أين هي الصداقة إذا كانت تتعثر وتقف أمام المادة؟ وما الداعي لتكوين علاقة قد تستمر لسنين وعند أول طلب تسد الأبواب وتظهر الحجج والأعذار.. نحن هنا لسنا بصدد الكلام عن الصداقة فقط وإنما نريد معرفة تأثير هذا المثل على الواقع، وهل إبقاء الصداقة مستمرة يعتمد على هذا الركن أم إن المادة هي الأساس في نجاحها؟
علاقة عابرة
نغم وليد طالبة جامعية، تقول: "الصداقة ليست علاقة مصلحة وأعطني كي أعطيك، وإنما هي علاقة مودة واحترام، فكيف أُكون علاقة مع صديقة لي ولا أقف إلى جانبها إذا طلبت مساعدتي.. الصداقة الحقيقية تظهر في الأزمات والمحن وكما يقال (الصديق لا يُعرف إلا في وقت الضيق)، فضلاً عن المساعدة المادية أو المعنوية التي تشعرك بقيمة هذه العلاقة، وإلا فما قيمتها ووجودها إذا كانت أمام أول طلب احتياج تنهار، فهذه اعتبرها علاقة عابرة تكونت في ظرف وفترة ما وانتهت في فترة تلتها".
أما المواطن إسماعيل كاظم، وهو كاسب فقد تحدث عن تجربته بالقول: "مررت بأزمة مادية صعبة نتيجة تدهور الأمن، مما منعني من الخروج إلى العمل لأن المنطقة التي كنت أعمل فيها وهي (الشورجة) أصبحت في فترة ما خطره جداً بسبب الانفجارات المتكررة فأغلقت محلي لفترة من الزمن وجلست في البيت انفق مما جمعته، ولكن الفترة طالت والمال الذي بحوزتي بدأ ينفذ وبعد مرور شهرين تقريباً على وضعي هذا حضر صديق لي تربطني به علاقة قديمة لزيارتي والسؤال عني وعندما علم بحالي أقرضني مبلغاً معيناً لتمشية أموري حتى تفرج، واستمر بالاتصال والسؤال عن حالي إذا كنت احتاج لشيء، والحمد لله فرجت وعادت الحياة للشورجه وعدت لعملي، وأنا الآن أسدد ما بذمتي لصديقي، هذه الشدة التي مررت بها عرفتني بقيمه الصديق وأهميته، فأهلي أنفسهم لم يسألوا عني وعن حال عائلتي بقدر ما فعل هو، وصدق من قال أن الصديق في بعض الأحيان أكثر من الأخ".
مردود سلبي
بان صبحي وهي خريجة قسم الجغرافيا من كلية الآداب، تقول: "لدي صديقة عزيزة على قلبي، كنت أحبها واحترمها كثيراً ولم أبخل عليها بشيء، حتى مصروفي اليومي كنت أتقاسمه معها عندما كنا طلاب في الجامعة، وفي يوم ليس ببعيد اتصلت بي وأخبرتني بإمكانية مشاركتي بجمعية تسليف قيمتها (350,000) ألف دينار، فرحبت بالفكرة ودفعت جميع الأقساط المطلوبة، ولكن انتهت الفترة المقررة ولم أحصل على نصيبي، وعندما اتصلت وأخبرتها عن موعد التسليف أُحرجت وتلكأت في الكلام وقالت بأنها احتاجت المبلغ وستعيده لي بعده فترة".
وأضافت بان: " أنا لم أبه للموضوع وعذرتها لحاجتها الماسة للمبلغ ولكن منذ ذلك الاتصال وهي تتجنب رؤيتي وتتجاهل اتصالاتي ولا ترد عليها، هذا الأمر أقلقني فذهبت اليها وطلبت منها عذر مقنع لتصرفاتها هذه فأجابتني بحجج وأعذار غير مقنعة وبعدها طلبت منها المال وحصلت عليه بعد مشادة كلامية حادة معها ومع أهلها، ومنذ تلك الفترة انقطعت علاقتنا ومع انه كان يضرب بنا المثل لصداقتنا القوية ولولا دخول المال بيننا لما انقطعت علاقتنا".
بعيداً عن المال
وأخر المتحدثين عبد الباسط وهو منضد في إحدى الصحف اليومية قال: "الصداقة شيء جميل وأجمل ما فيها هو إفصاح ما بداخلك من أسرار لشخص تشعر معه بالأمان وكتمان الأسرار وسد متين يسند ظهرك في المحن التي قد تواجه أياً منا، وبين الأصدقاء لا يوجد حساب وعتاب.. أُدينه إذا احتاج وأمد يد المساعدة واطلب منه دون خجل أو إحراج لأنه سيكون أكثر اطلاعاً على وضعي، ولكن أن أشاركه في مشروع غير مضمون أو أُدينه مبلغ ضخم لسبب غير مقنع وأنا أعلم بأنه غير قادر على تسديده لي فهذا ما أخشاه لأن المال في بعض الحيان قد ينشئ عتاب وحساب وهذا ما لا أريده، وأي شك في ذمة أحدنا أو إختلاف قد يؤدي إلى إضعاف العلاقة مهما كانت قوية وهذا لا يمنع أن أقف معه في الأزمات والشدائد وأساعده ولكن لا أجعل المادة سبب في تكوين هذه العلاقة أو إبقاءها أو الحافز الذي يدعمها".
إذن تضاربت الآراء واختلفت وجهات النظر بشأن ما تم طرحه عن الصداقة ولكن أغلب الآراء تصب في منبع واحد وهو أن الصداقة ليس أساسها المادة وإنما المودة والمحبة والوفاء، وان الأمثال التي قيلت في زمن ما ليست قانوناً أو شرطاً يجب تطبيقه بين الأصدقاء، فكل علاقة وراءها سبب لتكوينها".
http://www.ahali-iraq.net/detail.aspx?c=investigation&id=5316