إصلاح القضاء وإفساد العدالة
تعليق على مقال الاستاذ
زهير كاظم عبود
القضاء العراقي
عباس العنبكي
تعليق على مقال الاستاذ
زهير كاظم عبود
القضاء العراقي
عباس العنبكي
بسم الله الرحمن الرحيم
إصلاح القضاء وإفساد العدالة
بمقبرة جماعية لم يشهد تأريخ القضاء في العالم مثل حجمها، تم عزل أكثر من مائة وخمسين قاضيا عراقيا. وسنضع قرارات لجنة المراجعة القضائية بميزان العدالة،لنرى بأي مكيال كالت تلك اللجنة. ونزن إجراءاتها بالميزان الذي يحكم العلاقة بين المحتل ومواطني الدولة المحتلة،وهي اتفاقية جنيف الرابعة لسنة(49)و دليل المحاكمات العادلة الصادر من منظمة العفو الدولية وسنترك ميثاق حقوق الإنسان كي لا نثقل على ضيفنا ما يثقله أكثر.
تم العزل بمذكرات صادرة من لجنة المراجعة القضائية المشكلة بالأمر الصادر من الحاكم المدني لقوات الاحتلال في العراق بعدد(15)في(23/حزيران/2003) . وأعتبر الأمر الصادر نافذا من تاريخ توقيعه. وينص على أن اللجنة تشكل من ثلاثة أعضاء دوليين وثلاثة أعضاء عراقيين استنادا لأحكام القسم الثالث من الأمر .ويجب أن يكون أعضاء اللجنة محامين مؤهلين في أطار الولاية القضائية القومية لدولهم.وإن الأمر والإجراءات مخالفان لأبسط قواعد الأخلاق والقانون وسيادته من جميع النواحي ومنها:-
1-عدم صلاحية اللجنة. لا يملك الحاكم المدني صلاحية وولاية تشكيل لجنة لمعاقبة القضاة للأسباب التالية:-
أ ـ نص المادة(54)من الاتفاقية(لا يجوز لدولة الاحتلال أن تغيير حالة الموظفين العموميين أو القضاة في الأراضي المحتلة،أو أن توقع عليهم عقوبات أو تتخذ ضدهم إجراءات تعسفية....)
ب- نص المادة(65)من الاتفاقية(...لا يقبض على الأشخاص المحميين أو يحقق معهم أو يحكم عليهم بواسطة دولة الاحتلال من أجل ذنوب اقترفوها أو آراء عبروا عنها قبل الاحتلال...)ونص المادة(71)من الاتفاقية(لا تصدر المحاكم المختصة التابعة لدولة الاحتلال حكما إلا بعد محاكمة قانونية).
ت- نص المادة(3) (...تعتبر الأعمال التالية محظورة...ج ـ الاعتداء على الكرامة الشخصية وعلى الأخص التحقير.. د ـ إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات دون محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة قانونا،تكفل جميع الضمانات القضائية التي تعتبر في نظر الشعوب المتمدنة لا مندوحة عنها.وتتعارض ومبدأ استقلال القضاء ومصادرة لصلاحيات مجلس القضاء المنصوص عليها بأمر أصدره الحاكم المدني بإنشاء مجلس القضاء.فإصلاح القضاء مهمة وطنية.
ث ـ تنص المادة(27)من الاتفاقية المذكورة(للأشخاص المحميين في جميع الأحوال حق الاحترام لأشخاصهم وشرفهم،وحقوقهم العائلية وعقائدهم الدينية)وتشكيل اللجنة يتعارض ومبدأ عدم جواز ولاية غير المسلم على المسلم بديار الإسلام.
ح- قرار مجلس الأمن المرقم 1511 في 16/10 /2003 الفقرة (4) منه التي نصت على (( أن مجلس الحكم ووزراءه هم الأجهزة الرئيسية للإدارة العراقية المؤقتة في تجسيد سيادة دولة العراق خلال الفترة الانتقالية .... تتولي مسؤوليات السلطة ))فكيف يكون رئيس اللجنة أمريكي ونائب مدعي عام وعضو اللجنة عضو مجلس حكم؟
ج-الأمر الصادر مخالف للفصل الرابع والعشرين من دليل المحاكمات العادلة التي أعطت الحق لكل شخص بأن لا يحاكم إلا من قضاة.وليس محامين.فأي اعوجاج أصاب ميزان لجنة المراجعة ودليلها؟!
2 - مخالفة اللجنة للأمر الصادر:على فرض أن للحاكم المدني الولاية فإن تشكيل اللجنة مخالف للأمر الصادر،فاللجنة التي أجرت المراجعة لا تتوفر فيها الشروط الواردة بالأمر الصادر من الحاكم المدني من ناحية النصاب أو الصفة لما يلي:ـ
أ-رئيس اللجنة السيد(ديتو)نائب مدعي عام وليس محامي،والعضوان الآخران لا معلومات عنها.
ب-السيد راضي الراضي عضو اللجنة،عضو ادعاء عام وعين قاضيا.
ت-السيد حسين مرزه عضو اللجنة محامي وعين قاضيا.
ث- السيد دارا نور الدين عضو اللجنة قاضي وعضو مجلس الحكم وبالتالي هو محسوب على السلطة التنفيذية وليس محاميا.
ح – عدم حضور عضو أو اثنين من أعضاء اللجنة عند المراجعة.
3ـ ورقة التكليف بالحضور:ـ
ورقة التبليغ لم تتضمن نهمة ولا فترة مناسبة لإعداد دفاع وبالتالي هي مخالفة إلى:
أ- نص المادة(71)من الاتفاقية(...الأشخاص الذين يحاكمون بواسطة دولة الاحتلال يخطرون فورا بلغة يفهمونها بتفصيلات الاتهامات المقامة ضدهم...) وهذا الشرط لا يتوفر بورقة التبليغ.
ب?- ينص الفصل الثامن من دليل المحاكمات العادلة الصادر من منظمة العفو الدولية على(الحق في مساحة زمنية وتسهيلات كافية لإعداد الدفاع).إلا أن التبليغ لا يتضمن مهلة كافية ولا تهمة.
4ـ جلسة المراجعة:ـ
تعقد الجلسة بسرية تامة وهي جلسة واحدة فقط وبوقت محدد لا يزيد عن خمس عشرة دقيقة،وبنصاب ناقص كما بينا سابقا،وبغرفة بابها موصدة،ويحرسها جنديان أمريكيان بأسلحتهما،بعد أن يجري التفتيش عند مدخل البناية.ولم توجه إتهاما ولم تطرح واقعة أو دليل،وهذا خلاف:
أ-الفصل الرابع عشر من دليل المحاكمات العادلة( الحق في النظر العلني للقضايا).فالتقاضي والعلنية حقان أقرتهما كل الشرائع،ولايمكن إغتيالهما باسم الحرية والإصلاح بغرفة مغلقة
ب- لم توجه اللجنة إتهاما ولم تطرح أية واقعة أو دليل ولو ظني لمناقشته،فهل يبقى محل لحق الدفاع.سواء كانت اللجنة إدارية أم قضائية،أم محكمة.ألا يخالف ذلك( حق المتهمين في تقديم الأدلة اللازمة لدفوعهم وعلى الأخص إستدعاء الشهود)(والحق باستدعاء الشهود ومناقشتهم)كما ورد بنص المادة (72)من الاتفاقية ونص الفصل الثاني والعشرين من دليل المحاكمات العادلة.ويتعارض ومبدأ( افتراض براءة المتهم)الذي أقرته كل الشرائع.
ت ـ تحقق معك اللجنة بأمور لا علاقة لها بالنتيجة التي تنتهي إليها .فهي تبحث معك أمرا سياسيا وتعزلك بدعوى الفساد أو الرشوة.
5-مذكرات العزل:ـ
العقوبة وظيفة قضائية.وادعاء اللجنة إنها إدارية لا يمنحها الشرعية أو العذر، لأنها مارست الحكم وإيقاع أبشع العقوبات، ومن هذه العقوبات، العزل،الحرمان من التقاعد وممارسة المحاماة،وسفك الشرف. وتعتبر مذكرات العزل معدومة من الناحية القانونية للأسباب التالية:
أ - إن المذكرة جاءت خالية من ذكر أية واقعة أو دليل ولو ظني.خالية من أي تسبيب،هذه الضمانة التي حرصت كل التشريعات على تأمينها وينص الفصل الرابع والعشرون من الدليل( ....من حق كل شخص يحاكم أمام محكمة أن يعرف الأسباب التي استند إليها حكمها، وألا يحاكم إلا أمام قضاة مخولين سلطة إصدار الأحكام القضائية، وأن يصدر عليه الحكم القضاة الذين باشروا نظر الدعوى)
ب- المذكرات تعتبر معدومة قانونا.لأنها لم تصدر من محكمة، ولأنها صدرت من لجنة لم يباشر عضو أو عضوان من أعضائها جلسة المراجعة،كما ورد بالفقرة أعلاه من الدليل. وتوقيع العضو الغائب لاحقا يعتبر جهلا مطبقا بالقانون.
ت-اللجنة جمعت لنفسها سلطة اتهام وحكم وطعن وهذا مخالف لإلف باء القانون.فالأصل أن تكون هناك جهة إتهام وجهة حكم وجهة طعن.
لقد صادر السيد الحاكم المدني ولجنته كل المباديء الأساسية للقانون وهي، حق التقاضي أمام محكمة عادلة،حق المواجهة(الدفاع)،حق العلنية،الحق بمعرفة الأسباب(الأدلة).إستقلال القضاء.فهل كان ذلك إصلاح أم إفساد. ولنفترض جدلا هو إصلاح، فهل إن إصلاح القضاء يوجب إفساد العدالة؟ويبقى السؤال، بأي مكيال كالت لجنة المراجعة؟بمكيال الحرية أم الاستبداد،بمكيال التحرير أم العدوان؟
للأسباب أعلاه،نطلب إلغاء مذكرات العزل الصادرة لمخالفتها للقانون.وإذا ما وجدنا أبواب العدل في وطننا قد أُصدت بوجه أبنائها،فإننا سنطرق أبواب القضاء الدولي،وبمقدمته المحكمة الأمريكية العليا.وذلك لن يكون الدرس الأول في الديمقراطية
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=14724