قصه قصيرة
شاهده قبر تتوجع
رضا الحربي
في الهزيع الأخير من الليل والسكون غلف الأشياء المحيطة بضريح ولي الله الحاج عبدا لله هدأت البيوت المجاورة، وسكن سعف النخيل من الحركة في البستان المجاور بعد أن كان كأنه أشباح تتماوج ويتداخل بعضها بالبعض الأخر ، وتتكافأ ذات الشمال وذات اليمين،كانت الأرض جافة كأنها حلمتين يابستين لامرأة عجوز، وفي وضح النهار تهب الريح العاصف وهي تتكور دوائر لا متناهية من الغبار المتصاعد إلى عنان السماء مقتلعه كل من يعترض طريقها ،وتبقى النخيل سامقاً، والأشجار المجاورة له تقتلعها الريح دون أن ينفعها استغاثتها، سوى من كانت ملاصقه لها ،الكل منشغل في هم البقاء ،إلا ضريح ولي الله وبعض قبور مجاوره له خارج الضريح ،قسم منها له شاهدة من رخام كتبت عليها سورة الفاتحة و(كل من عليها فان)والقسم الأخر قد علا قليلاً عن مستوى الأرض والقسم الثالث والأخير قد خسف به لتقادمه ،كأنه شواخص لقبور سابقة، الأرض تنتظر الغيث والجو غالب عليه بياض الغيوم وزرقة الأشياء ،الجميع ينتظر المطر فبعد خمس سنين عجاف مرت على أهالي القرية الإنسان، الدواب ،الحشرات ، بعد أن تساقط سيل من الدماء قد روى المساحات الشاسعة منها والتي كانت (سبخة) فاغره فاها لاستقباله ،وهي تمني النفس بتساقط المطر مدراراً،ببطء خرج من قبره خائفاً مره أخرى، تسأل في سره متى أهدأ؟هل كتب علينا الشقاء في الأولى والاخره ؟ وقف بعد أن أزاح التراب من حول كتفيه ،و أنحنى إلى الأسفل، وأزاحه عن ساقية مره أخرى، تمطى تثاءب وربت على صدره ، أزاح عنه هم السنين و لينظر إلى ضريحه ليجد سيلاً من الرصاص فوق شاهدته ، كانت الرصاصات متجاورة وكأنهم حاولوا اغتيال شبحه هو وليعلنوا أمام الملا إنهم نالوا منه ويجعلوا منه قضية ليركن ملفها بين مئات الملفات في دولاب ما في غرفة ما وقسم ما في دائرة ما ، جدران الضريح المتهالكة الذي كثيراً ما جاء له الزوار والمريدون من مسافات بعيده ليقدموا له النذور والحناء ، وكذلك توزع فيه الحلوى ويعمل فيه البخور ، كانت رائحته زكية من المسك والعنبر حيث أيام الأعياد ويومي الخميس والجمعة تقام فيه الطقوس الدينية من حلقات الذكر ويجتمع المريدون حول تلك الرابية ويستعرضون فيها أنواع الثعابين السوداء ذات البريق اللماع وكأنها دهنت بزيت الزيتون الخالص، وعيونها متقدة فيما ألسنتها تخرج وتختفي من فمها بسرعة خاطفة، ما الذي أفزعه من رقاده ؟ أم القيامة قامت الآن؟ ونفخ عزرائيل في الصور، ليل البارحة كان عصيباً أهي عاصفة حلت حول الضريح أم جاءوا لإيفاء دين قديم ؟ انه سدده إليهم أم جاءوا كي ينزفوا جرحه من جديد سمع نفس الصوت يتشكل لم يبق من ضريحه سوى شاهدة قبره وجداران متهالكان ليقياه من العواصف اللاهية.
: أي ريح هذه أنها ضروس وعقيم.
خرج من فناءه يبحث عن ماؤى فلم يجد سوى جدرانه المتهالكة وتلك الشواهد الأخذة في الازدياد زم على شفتيه وعض نواجذه أسفا.
: لربما يأتي زمان أجد بقربي جسد لأمراه تزاحمني على مثواي
النجوم حجبتها ألظلمه والغيوم تسير بسرعة جنونية والسحب حبلى لا تدري بأي ارض تولد أو تموت ،جلس القرفصاء داعبت يداه أظافر قدميه العارية ،تعجب من طول أظافرة وكأنها مخالب ذئب عجوز أنهكته الصحراء مررها على لحيته الكثيفة والتي أصبحت مرتعاً للديدان الصغيرة والتي حفرت أخاديد صغيرة في وجهه
تحسس أعضاءه التناسلية لا زالت كما هي قال في سره
:أنها سبب بقائنا وشقانا في نفس الوقت.
معدته فارغة بعد أن أكل أكله العمر التي أردته ميتاً بعد صلاه العشاء حضر وليمة عرس ابن جيرانه كانت وليمة فخمة دعي أليها القاصي والداني، وعزف الناي ودقت طبول الفرح ورقص الجميع، كان واقفاً جنب العريس ووالده ،وقد علت أفواههم البسمات ،الصبية والصبايا فرحون وسرعان ما تحول العرس إلى عزاء كدر الجميع فرحهم حيث ترجل ثلاثة رجال وفي أيديهم الرشاش ودون هوادة أطلقوا النيران ابتهاجاً بالعرس ،وشاركتهم الحضور البهجة والسرور، وسرعان ما صوبت البنادق إلى العريس ومن معه ليسقطوا صرعى في الحال سقط العريس ووالده على الشيخ عبدا لله ولينتقلوا إلى العالم الأخر.
أحس بأصوات تخرج من بطنه أنها قرقرة
تعقبها رائحة كريهة من فمه كما هي رائحة المكان الممزوجة برائحة تعفن أجساد الموتى سمع أصوات طلق ناري من بعيد واخذ يقترب في اتجاهه هرع إلى قبره جثا على ركبتيه وليدخله من جديد ؛حبس أنفاسه فيه الاطلاقات كانت حول قبره كان خائفاً منها مرعوباً قال في سره .
:آنا لنا الهرب أنه المخبر السري، وما أظن أديم هذه الأرض إلا من هذه الأجساد*
رضا الحربي
شاهده قبر تتوجع
رضا الحربي
في الهزيع الأخير من الليل والسكون غلف الأشياء المحيطة بضريح ولي الله الحاج عبدا لله هدأت البيوت المجاورة، وسكن سعف النخيل من الحركة في البستان المجاور بعد أن كان كأنه أشباح تتماوج ويتداخل بعضها بالبعض الأخر ، وتتكافأ ذات الشمال وذات اليمين،كانت الأرض جافة كأنها حلمتين يابستين لامرأة عجوز، وفي وضح النهار تهب الريح العاصف وهي تتكور دوائر لا متناهية من الغبار المتصاعد إلى عنان السماء مقتلعه كل من يعترض طريقها ،وتبقى النخيل سامقاً، والأشجار المجاورة له تقتلعها الريح دون أن ينفعها استغاثتها، سوى من كانت ملاصقه لها ،الكل منشغل في هم البقاء ،إلا ضريح ولي الله وبعض قبور مجاوره له خارج الضريح ،قسم منها له شاهدة من رخام كتبت عليها سورة الفاتحة و(كل من عليها فان)والقسم الأخر قد علا قليلاً عن مستوى الأرض والقسم الثالث والأخير قد خسف به لتقادمه ،كأنه شواخص لقبور سابقة، الأرض تنتظر الغيث والجو غالب عليه بياض الغيوم وزرقة الأشياء ،الجميع ينتظر المطر فبعد خمس سنين عجاف مرت على أهالي القرية الإنسان، الدواب ،الحشرات ، بعد أن تساقط سيل من الدماء قد روى المساحات الشاسعة منها والتي كانت (سبخة) فاغره فاها لاستقباله ،وهي تمني النفس بتساقط المطر مدراراً،ببطء خرج من قبره خائفاً مره أخرى، تسأل في سره متى أهدأ؟هل كتب علينا الشقاء في الأولى والاخره ؟ وقف بعد أن أزاح التراب من حول كتفيه ،و أنحنى إلى الأسفل، وأزاحه عن ساقية مره أخرى، تمطى تثاءب وربت على صدره ، أزاح عنه هم السنين و لينظر إلى ضريحه ليجد سيلاً من الرصاص فوق شاهدته ، كانت الرصاصات متجاورة وكأنهم حاولوا اغتيال شبحه هو وليعلنوا أمام الملا إنهم نالوا منه ويجعلوا منه قضية ليركن ملفها بين مئات الملفات في دولاب ما في غرفة ما وقسم ما في دائرة ما ، جدران الضريح المتهالكة الذي كثيراً ما جاء له الزوار والمريدون من مسافات بعيده ليقدموا له النذور والحناء ، وكذلك توزع فيه الحلوى ويعمل فيه البخور ، كانت رائحته زكية من المسك والعنبر حيث أيام الأعياد ويومي الخميس والجمعة تقام فيه الطقوس الدينية من حلقات الذكر ويجتمع المريدون حول تلك الرابية ويستعرضون فيها أنواع الثعابين السوداء ذات البريق اللماع وكأنها دهنت بزيت الزيتون الخالص، وعيونها متقدة فيما ألسنتها تخرج وتختفي من فمها بسرعة خاطفة، ما الذي أفزعه من رقاده ؟ أم القيامة قامت الآن؟ ونفخ عزرائيل في الصور، ليل البارحة كان عصيباً أهي عاصفة حلت حول الضريح أم جاءوا لإيفاء دين قديم ؟ انه سدده إليهم أم جاءوا كي ينزفوا جرحه من جديد سمع نفس الصوت يتشكل لم يبق من ضريحه سوى شاهدة قبره وجداران متهالكان ليقياه من العواصف اللاهية.
: أي ريح هذه أنها ضروس وعقيم.
خرج من فناءه يبحث عن ماؤى فلم يجد سوى جدرانه المتهالكة وتلك الشواهد الأخذة في الازدياد زم على شفتيه وعض نواجذه أسفا.
: لربما يأتي زمان أجد بقربي جسد لأمراه تزاحمني على مثواي
النجوم حجبتها ألظلمه والغيوم تسير بسرعة جنونية والسحب حبلى لا تدري بأي ارض تولد أو تموت ،جلس القرفصاء داعبت يداه أظافر قدميه العارية ،تعجب من طول أظافرة وكأنها مخالب ذئب عجوز أنهكته الصحراء مررها على لحيته الكثيفة والتي أصبحت مرتعاً للديدان الصغيرة والتي حفرت أخاديد صغيرة في وجهه
تحسس أعضاءه التناسلية لا زالت كما هي قال في سره
:أنها سبب بقائنا وشقانا في نفس الوقت.
معدته فارغة بعد أن أكل أكله العمر التي أردته ميتاً بعد صلاه العشاء حضر وليمة عرس ابن جيرانه كانت وليمة فخمة دعي أليها القاصي والداني، وعزف الناي ودقت طبول الفرح ورقص الجميع، كان واقفاً جنب العريس ووالده ،وقد علت أفواههم البسمات ،الصبية والصبايا فرحون وسرعان ما تحول العرس إلى عزاء كدر الجميع فرحهم حيث ترجل ثلاثة رجال وفي أيديهم الرشاش ودون هوادة أطلقوا النيران ابتهاجاً بالعرس ،وشاركتهم الحضور البهجة والسرور، وسرعان ما صوبت البنادق إلى العريس ومن معه ليسقطوا صرعى في الحال سقط العريس ووالده على الشيخ عبدا لله ولينتقلوا إلى العالم الأخر.
أحس بأصوات تخرج من بطنه أنها قرقرة
تعقبها رائحة كريهة من فمه كما هي رائحة المكان الممزوجة برائحة تعفن أجساد الموتى سمع أصوات طلق ناري من بعيد واخذ يقترب في اتجاهه هرع إلى قبره جثا على ركبتيه وليدخله من جديد ؛حبس أنفاسه فيه الاطلاقات كانت حول قبره كان خائفاً منها مرعوباً قال في سره .
:آنا لنا الهرب أنه المخبر السري، وما أظن أديم هذه الأرض إلا من هذه الأجساد*
رضا الحربي