حقه
قصة قصيرة
يسير متبخترا وسط الحارة ..فخرا برأسه المتعددة الوجوه ..ينظر بالاف الاعين الى النوافذ والشرفات والحوانيت والابواب والاعين المتناثرة هنا وهناك ..يبحث بشغف عمن يتابعه لكى يفرد صدره امامه بعرض الطريق ، ويوجه حبتى عينيه الى وجهه صارخة :-
- من لديه مثل مالدى؟
وشعوره هذا لاينبع من فراغ ، فما لديه لايصل الاخرون الى بعض البعض ، منه فهو لايملك وجوها فى رأسه فقط ، بل ان تلك الوجوه تتشكل حسب الحاجة الى وجوه الحيوانات ، وذلك له فلسلفة عنده ، اذ يقول انه بين الحيوانات والانسان علاقات غير منظورة تؤكدها درجات التشابه بينهم ، فمثلا هناك تشابه بين الاسد او الحمار او الذئب وبعض الاشخاص ..تشابها لايكمن فى الوجوه فقط بل يتغلغل داخل النفوس ليشمل التصرفات ايضا ..فكم من ضبع بيننا يعيش على الرمم وكم من حمارادمى يحمل الاثقال ، وينال من الاذى ماينال ، ورغم هذا يظل متماسكا ، باحثا عن الحكم والايات المنزلة التى تشيد بالصبر ومصير من يلوذ به ، وكم من اسد لايفعل شيئا سوى انتظار ان يأ تيه طعامه فاخرا فينظر فيه متأففا زاهدا ، طامحا الى غيره وهكذا ..لذا يسير وسط الطريق ناشرا ذراعيه على المارة والحوانيت ، راغبا عن الاعين المتابعة ، وان كان يرقب بجد ماحوله ، ولاتفوته نظرة او اشارة او حتى غمزة من احدهم تشير اليه ، فاذاكان الامر عاديا مر بسلام ، اما ان كان غير هذا فصوت الحمار يعلو ، والنهيق يملأ المدينةبكاملها ليصم الآذان ويوغر الصدور ، ويتقافز القرد من نافذة الى اخرى ، ومن شرفة الى التى تليها ، ثم يأتى دور الذئب الذى ينشب مخالبه فيمن حوله لايفرق بين جسد وآخر ، فالكل امامه صيد يستحق النهش ، فاذا رأى اقدام العسكر الغليظة ذات الاصابع العنكبوتية التى تتحسس الطرقات كل اصبع فى مكان ، او اجسادهم المدكوكة التى تعتبرمراكز متحركة تنطلق منها الاعين متغلغلة فى الوجوه المارة ، والآذان متسعة لتشمل البيوت والمقاهى والحوانيت والاوكار المختلفة ، و رأى وجوههم ذا ت الشوارب العنكبوتية التى يصطادون بها القتلة والمجرمين ، وايديهم المكتنزة التى تمتد عبر الطرقات باحثة عن فرائسها من الديدان والحشرات المتوارية هنا وهناك بعيدا عن الاعين ..اذا رأى ظل احدهم قادما على البعد تحول الى ارنب لطيف يرضيه بعض الخص او قطعة من جزر ويمضى فى سلام .
وزوجته رغم معرفتها بما لديه لاتفتخر مثله بتلك المزايا ، لسبب بسيط يعرفه من حولها وهو انها لاتمتلك لسانا ولاتعرف لغة الحروف ..يراها الجيرا ن وينظرون اليها فتتعثر فى خجلها ، وتبحث عن رأسها لتحنيه على صدرها ، هربا من لفح النظرات وصهد الكلمات المتقافزة على الشفاه..فاذا دخلت جحرهاو اطمأ نت انها وحدها زرعت نهرا من الدموع وغاصت فيه بكل جسدها ..حتى اذا ماشعرت بالاكتفاء قامت عنه الى شئونها ..هذا اذا لم تكن جذور ابنتها مزروعة معها بالبيت ..اما فى وجودها فالامر يختلف ..تتداخل الرأسان معا ..تتغلغل كل منهما فى الاخرى ..تختلط التلافيف ، وتتوزع الافكار ، وتدور الهمسات دوراتها عبر جدران الادمغة ، حتى اذا ماتعبت عادت الاوضاع الى ماقبل الاندماج ، وهبت كل منهما الى بئر خاص بها وهوت اليه .
وعادة ماتكون الابنة بالخارج لظروف عملها فى مغارة يملكها رجل يدعى على بابا ، له يد مطاطية الاصابع لايعرف احد لطولها حدودا ..يمدها كيف يشاء ووقتما يشاء ، والبنت التى ترضى فان اصابعه لاتنسى لها هذا ، اما التى ترى اصابعه وتنفر منها فانه يقصيها من مغارته ..فعل هذا كثيرا حتى جاء الى بنت هذا الرجل وتوقفت اصابعه عن الامتداد المطاطى ، وتوقف لسانه عن تجميع حروف طردها ..ليس بسبب ابيها وانما لأنه رأى فى الامر تحديا لايليق به ان ينسحب عنه ..قرر ان يواجه الا مر..استعان وهو الذئب ببعض الثعالب التى دلته على طريقة استطاع بها ان يمد اصابعه المطاطية ويلفها حول جسد البنت ..يلفها ويلفها الى ان غاب الجسد تماما ولم يعد احد فى المغارة يراه او يسمع صوتها التى طالما رفعته وواجته به متحدية ..بعدما اعتصرت الاصابع الجسد وتركته ممصوصا تماما وقد جفت فيه ينابيع ماء الحياة لفظته الى الطريق ، تتابعه صرخات مدوية فى جميع الارجاء :- هذه المغارة لايدخلها الا الشرفاء .
عاد الجسد بدون البنت الى جحر الام ..عرفت ماجرى ..كسرت الجحر ..وانطلقت ..اتت بزوجها من الطريق ..خلعت عنه جميع الوجوه بمخالب لبؤة يملؤها الغل ..وقف امامها بلا وجه يتساءل عن الامر ..حين عرف انطلق زئير الاسد يهز الارجاء ..انطلق الى المغارة .. واجهته حفنة من ذئاب جائعة ..دارت حوله ..نهشت لحمه ..عاد الى الطريق ارنبا ضعيفا خائر القوى ..ارتمى على الارض ورفع قدميه لأعلى صارخا :-
- هاتولى حقى
كانت الشمس بازغة من عمق النهر ، بينما العيون تتدحرج قادمة من الشرفات والنوافذ والابواب ..اندفعت انوف تتشمم الخبر ..مد احدهم عينيه الى بلعومه..دفعها محاولا اصياد الكلمات قبل غيره ..اطلق اخر اذنيه تتحسسان لسانه ..دون جدوى
- ما هو حقك ؟
كان شاربه يبدو كعلامتى صح على جانبى وجهه ، و تبدو عيناه كعينى قطار ليلى ، اما فمه فنفق مظلم تسيل منه حروف مفككة لارابط بينها ، بينما جلبابه مفتوح الطوق كحظيرة دجاج ، اسفلها سروال يصل الى عقبيه ، .اما وجوهه جميعا فقداجتمعت فى تلك اللحظة ، وصارت وجها واحدا مزروعا باشجار الحنظل والصبار ،تنطلق منه الكلمات متأججة الحروف :-
- هاتولى حقى .
قصة قصيرة
يسير متبخترا وسط الحارة ..فخرا برأسه المتعددة الوجوه ..ينظر بالاف الاعين الى النوافذ والشرفات والحوانيت والابواب والاعين المتناثرة هنا وهناك ..يبحث بشغف عمن يتابعه لكى يفرد صدره امامه بعرض الطريق ، ويوجه حبتى عينيه الى وجهه صارخة :-
- من لديه مثل مالدى؟
وشعوره هذا لاينبع من فراغ ، فما لديه لايصل الاخرون الى بعض البعض ، منه فهو لايملك وجوها فى رأسه فقط ، بل ان تلك الوجوه تتشكل حسب الحاجة الى وجوه الحيوانات ، وذلك له فلسلفة عنده ، اذ يقول انه بين الحيوانات والانسان علاقات غير منظورة تؤكدها درجات التشابه بينهم ، فمثلا هناك تشابه بين الاسد او الحمار او الذئب وبعض الاشخاص ..تشابها لايكمن فى الوجوه فقط بل يتغلغل داخل النفوس ليشمل التصرفات ايضا ..فكم من ضبع بيننا يعيش على الرمم وكم من حمارادمى يحمل الاثقال ، وينال من الاذى ماينال ، ورغم هذا يظل متماسكا ، باحثا عن الحكم والايات المنزلة التى تشيد بالصبر ومصير من يلوذ به ، وكم من اسد لايفعل شيئا سوى انتظار ان يأ تيه طعامه فاخرا فينظر فيه متأففا زاهدا ، طامحا الى غيره وهكذا ..لذا يسير وسط الطريق ناشرا ذراعيه على المارة والحوانيت ، راغبا عن الاعين المتابعة ، وان كان يرقب بجد ماحوله ، ولاتفوته نظرة او اشارة او حتى غمزة من احدهم تشير اليه ، فاذاكان الامر عاديا مر بسلام ، اما ان كان غير هذا فصوت الحمار يعلو ، والنهيق يملأ المدينةبكاملها ليصم الآذان ويوغر الصدور ، ويتقافز القرد من نافذة الى اخرى ، ومن شرفة الى التى تليها ، ثم يأتى دور الذئب الذى ينشب مخالبه فيمن حوله لايفرق بين جسد وآخر ، فالكل امامه صيد يستحق النهش ، فاذا رأى اقدام العسكر الغليظة ذات الاصابع العنكبوتية التى تتحسس الطرقات كل اصبع فى مكان ، او اجسادهم المدكوكة التى تعتبرمراكز متحركة تنطلق منها الاعين متغلغلة فى الوجوه المارة ، والآذان متسعة لتشمل البيوت والمقاهى والحوانيت والاوكار المختلفة ، و رأى وجوههم ذا ت الشوارب العنكبوتية التى يصطادون بها القتلة والمجرمين ، وايديهم المكتنزة التى تمتد عبر الطرقات باحثة عن فرائسها من الديدان والحشرات المتوارية هنا وهناك بعيدا عن الاعين ..اذا رأى ظل احدهم قادما على البعد تحول الى ارنب لطيف يرضيه بعض الخص او قطعة من جزر ويمضى فى سلام .
وزوجته رغم معرفتها بما لديه لاتفتخر مثله بتلك المزايا ، لسبب بسيط يعرفه من حولها وهو انها لاتمتلك لسانا ولاتعرف لغة الحروف ..يراها الجيرا ن وينظرون اليها فتتعثر فى خجلها ، وتبحث عن رأسها لتحنيه على صدرها ، هربا من لفح النظرات وصهد الكلمات المتقافزة على الشفاه..فاذا دخلت جحرهاو اطمأ نت انها وحدها زرعت نهرا من الدموع وغاصت فيه بكل جسدها ..حتى اذا ماشعرت بالاكتفاء قامت عنه الى شئونها ..هذا اذا لم تكن جذور ابنتها مزروعة معها بالبيت ..اما فى وجودها فالامر يختلف ..تتداخل الرأسان معا ..تتغلغل كل منهما فى الاخرى ..تختلط التلافيف ، وتتوزع الافكار ، وتدور الهمسات دوراتها عبر جدران الادمغة ، حتى اذا ماتعبت عادت الاوضاع الى ماقبل الاندماج ، وهبت كل منهما الى بئر خاص بها وهوت اليه .
وعادة ماتكون الابنة بالخارج لظروف عملها فى مغارة يملكها رجل يدعى على بابا ، له يد مطاطية الاصابع لايعرف احد لطولها حدودا ..يمدها كيف يشاء ووقتما يشاء ، والبنت التى ترضى فان اصابعه لاتنسى لها هذا ، اما التى ترى اصابعه وتنفر منها فانه يقصيها من مغارته ..فعل هذا كثيرا حتى جاء الى بنت هذا الرجل وتوقفت اصابعه عن الامتداد المطاطى ، وتوقف لسانه عن تجميع حروف طردها ..ليس بسبب ابيها وانما لأنه رأى فى الامر تحديا لايليق به ان ينسحب عنه ..قرر ان يواجه الا مر..استعان وهو الذئب ببعض الثعالب التى دلته على طريقة استطاع بها ان يمد اصابعه المطاطية ويلفها حول جسد البنت ..يلفها ويلفها الى ان غاب الجسد تماما ولم يعد احد فى المغارة يراه او يسمع صوتها التى طالما رفعته وواجته به متحدية ..بعدما اعتصرت الاصابع الجسد وتركته ممصوصا تماما وقد جفت فيه ينابيع ماء الحياة لفظته الى الطريق ، تتابعه صرخات مدوية فى جميع الارجاء :- هذه المغارة لايدخلها الا الشرفاء .
عاد الجسد بدون البنت الى جحر الام ..عرفت ماجرى ..كسرت الجحر ..وانطلقت ..اتت بزوجها من الطريق ..خلعت عنه جميع الوجوه بمخالب لبؤة يملؤها الغل ..وقف امامها بلا وجه يتساءل عن الامر ..حين عرف انطلق زئير الاسد يهز الارجاء ..انطلق الى المغارة .. واجهته حفنة من ذئاب جائعة ..دارت حوله ..نهشت لحمه ..عاد الى الطريق ارنبا ضعيفا خائر القوى ..ارتمى على الارض ورفع قدميه لأعلى صارخا :-
- هاتولى حقى
كانت الشمس بازغة من عمق النهر ، بينما العيون تتدحرج قادمة من الشرفات والنوافذ والابواب ..اندفعت انوف تتشمم الخبر ..مد احدهم عينيه الى بلعومه..دفعها محاولا اصياد الكلمات قبل غيره ..اطلق اخر اذنيه تتحسسان لسانه ..دون جدوى
- ما هو حقك ؟
كان شاربه يبدو كعلامتى صح على جانبى وجهه ، و تبدو عيناه كعينى قطار ليلى ، اما فمه فنفق مظلم تسيل منه حروف مفككة لارابط بينها ، بينما جلبابه مفتوح الطوق كحظيرة دجاج ، اسفلها سروال يصل الى عقبيه ، .اما وجوهه جميعا فقداجتمعت فى تلك اللحظة ، وصارت وجها واحدا مزروعا باشجار الحنظل والصبار ،تنطلق منه الكلمات متأججة الحروف :-
- هاتولى حقى .
عدل سابقا من قبل محمد عباس على في الجمعة 05 فبراير 2010, 9:14 am عدل 3 مرات (السبب : لم تنسخ اولا)