توقعات العراقيين بحياة أفضل في الولايات المتحدة تتهاوى
العراقية منال جعفر
يصطدم الكثير من اللاجئين العراقيين بالواقع الصعب في الولايات المتحدة الأميركية، فهم يأتون مع حلم بحياة أفضل لكنهم يجدون من الصعوبات الكثير. وتثير أميركا بالنسبة للاجئين القادمين من أي مكان الكثير من الاحباط، قياسا بالتوقعات فمن الممكن أن يجد المرء الحياة فيها مكلفة وشديدة العزلة.
خلال ظهيرة ممطرة في ضواحي فرجينيا، راحت منال جعفر تراقب ابنها البالغ من العمر 7 سنوات وهو يملأ صندوقا ببطاطا مقلية مجمدة وقطع الجبنة المعالجة مع الذرة من الرفوف المخصصة للأطعمة، حضر العراق إلى ذاكرتها ففاضت عيناها بالدموع.
قبل سبع سنوات كانت الطبيبة منال تعيش مرتاحة في بغداد، مع زوجها الذي يعمل أستاذا جامعيا بشهادة دكتوراه في الميكربيولوجيا (علم الأحياء الدقيقة)، وكانا يتقاضيان رواتب عالية، ويعيشان بين أهلهما والأصدقاء. لكن في صباح 15 تشرين الثاني نوفمبر، وبينما كان الزوجان يهيئان أطفالهما للذهاب إلى المدرسة اخترق ثلاثة رجال بيتهما وأطلقا النار عليهما أمام الأطفال وقتل زوجها إثر الاعتداء. وهي وإن نجت فإنها لم تعرف السبب وراء هذه الجريمة حتى اليوم.
بعد عام واحد، توفي ابنها البالغ السادسة عشرة من عمره نتيجة أسباب غامضة. وبررت منال (44 سنة)، ذلك بأنه ناجم عن حالة التوتر المتأتية عن العيش في العراق، حيث يمكن للعنف أن يضرب بطريقة عشوائية أي شخص كان. وكان موت الابن آخر قشة تبقيها في العراق . فمثلما فعل 3 ملايين أو أكثر من العراقيين هربت منال جعفر وأولادها الثلاثة عبر الحدود. فذهبوا أولا إلى الأردن ثم إلى الولايات المتحدة، حيث زاد عدد اللاجئين بشكل سريع خلال الثلاث سنوات الأخيرة، بعد انتقاد إدارة بوش بقبولها عدداً ضئيلاً جداً من اللاجئين الذي كانوا ضحايا ما فعلته الولايات المتحدة في العراق.
لذلك سمح لأكثر من 54 ألف لاجئ عراقي بالقدوم إلى الولايات المتحدة، ومنح 6651 شخصاً مع عائلاتهم "تأشيرات هجرة خاصة" نتيجة عملهم مع الحكومة الأميركية والوكالات ذات الصلة بالولايات المتحدة.
وتم إسكان ما يقارب الألف عراقي في شمال فرجينيا، لكن البعض منهم يقول الآن إنهم سيترددون قبل إعطاء نصيحة للأشخاص الآخرين كي يأتوا إلى المكان نفسه. وقالت الدكتورة منال التي وصلت إلى الولايات المتحدة عام 2008، لمراسلة نيويورك تايمز: "جئنا إلى هنا سعيا لحياة أفضل.. ولكن".
أميركا تثير الإحباط
تثير أميركا بالنسبة للاجئين القادمين من أي مكان الكثير من الاحباط، قياسا بالتوقعات فمن الممكن أن يجد المرء الحياة فيها مكلفة وشديدة العزلة. أما بالنسبة للعراقيين، فهناك احباط إضافي ممزوج بالمرارة بسبب ما ترتب عنه الغزو الأميركي للعراق والذي أثار سنوات من العنف الطائفي فيه.
يستلم اللاجئون حال وصولهم إلى الولايات المتحدة علاوة قدرها 1100 دولار للفرد الواحد، ويتم إسكانهم في بيوت تدفع الحكومة الأميركية إيجاراتها لفترة قصيرة حسب الوضع الخاص لكل شخص. لكن الحصول على عمل لم يكن سهلا كثيراً خصوصاً خلال أسوأ فترة كساد اقتصادي عرفه االبلد منذ عقود.
وقال مسؤولون من مكتب وزارة الخارجية المكلف بشؤون اللجوء والهجرة أن اللاجئون احتاجوا إلى ما بين 6 إلى 12 شهرا للعثور على عمل. وكذلك هو الحال مع العراقيين الذين يجدون صعوبة خاصة في التأقلم مع التغير في الموقع الاجتماعي لكل منهم.
توقعات العراقيين.. عالية منيرة مارلو ومنال جعفر
وقالت منيرة مارلو المديرة التنفيذية في "مركز إيماني المتعدد الثقافات" الذي يقدم دعما للاجئين إن "التجارب كشفت عن أن العراقيين لهم توقعات أعلى من أولئك القادمين من البلدان الأخرى". ففي الوقت الذي يقضي اللاجئون القادمون من بلدان أخرى سنوات وهم يعيشون في ظرف سكنية بائسة عدة سنوات تجد مارلو أن العراقيين "يأتون مع كومبيوتراتهم الحضنية ليسألوا أولا عن "مكان ربط بالانترنت".
ولسد الفجوة بين التوقعات العالية والواقع الصعب، أصبح المسؤولون العاملون في القنصليات الأميركية في الخارج يقدمون جلسات توجيه ثقافية لإعداد اللاجئين للحياة في أميركا. وتشدد الجلسات كما توضح بيث شلاكتر المتحدثة باسم مكتب السكان واللاجئين والهجرة على "المناخ الاقتصادي الصعب والمصاعب التي يواجهها الكثير من اللاجئين المتعلمين وأصحاب الكفاءات العالية في العثور على عمل في نفس مجالات مهنهم حين كانوا في بلدانهم".
وأضافت شلاكتر أنه غالبا ما يكون صعبا على الأفراد تطبيق ما سمعوه على أوضاعهم و"في بعض الأحيان يأتي الأفراد مع توقعات غير واقعية". وقالت مارلو إن الرجال أقل مرونة من النساء في تقبل ما يعرض عليهم من أعمال، فالمرأة غالبا ما تقول: "إذا كان هذا ما يجب أن أفعله سأفعله" في حين يقول الرجال: "هذا هو ما كنت أقوم به والآن تقولون لي إفعل هذا الشيء؟". فهم كانوا المسؤولين عن توفير لقمة العيش وهذا ما يجعلهم يشعرون بجرح لكرامتهم.
صدمات كبيرة
تجد منال جعفر نفسها في حال أفضل من الكثيرين من غيرها فهي وصلت إلى أميركا مع لغة انجليزية وشهادة سمحتا لها بالعمل كمساعدة طبية لطبيب عراقي هنا. وقالت إنها تشعر بالعرفان بالجميل كونها تعمل لكنه "يظل صعبا على طبيب له خبرة 18 سنة" أن يعمل مساعدا طبيا". فالعمل في مجال اختصاصها كطبيبة يقتضي منها أن تعمل مقيمة في مستشفى، لكن وجود ثلاثة أبناء ومقتضيات العمل بدوام كامل لدعمهم يجعلها من دون أي وقت فراغ.
ويستهلك الإيجار ثلاثة أخماس راتبها البالغ ألفي دولار شهريا وتكاليف الأوليات مثل الكهرباء والماء والتأمين الصحي يستهلك باقي راتبها. وهي تقول :"سمعنا الكثير عن أميركا، فظننا أن الحياة فيها سهلة جداً، لكن حين وصلنا إلى هنا وواجهنا الواقع صعقنا". وهي الآن حسبما تقول تتسلم بعض النقود من أفراد من عائلتها في العراق لتغطية متطلبات العيش في أميركا.
صعوبات كثيرة
يبدو أن أخبار المصاعب التي يواجهها اللاجئون بدأت تنتشر في كل مكان حسبما قال ديريك ماكسفيلد نائب مدير خدمات الهجرة واللاجئين في مؤسسة "كاثوليك تشاريتيز" الخيرية. واضاف أن "التوقعات العالية بين اللاجئين العراقيين قد تقلصت حقا خلال السنة الماضي. إنه شعور لازَمَ الوجبة الأولى من اللاجئين العراقيين، لكننا نعزو بروز توقعات أكثر واقعية لدى القادمين مؤخرا إلى العملية الطبيعية المتمثلة في تمرير خبرة الأشخاص بالمنفى للمجاميع التي ينتمون إليها في الشرق الأوسط حتى وصولها إلى العراق".
غير أن التوقعات قابلة لأن تكون أعمق من ذلك، فالطبيبة منال ترى أن الحكومة الأميركية مدينة للعراقيين بأموال أكثر وأشهر دعم أكثر، وهي تبحث عن شيء غير قابل للمس: إنه الحس بالكرامة. وذكرت أسماء اصدقاء عراقيين في وضعها بمن فيهم شخص يحمل شهادة ماجستير أعمال ويعمل حاليا في ملء رفوف مخازن "وال- مارت" الشهيرة.
وقد عادت ثلاث أسر تعرفها الدكتورة منال إلى العراق، وفضلوا المخاطرة في التعرض للموت هناك، على البقاء على قيد الحياة فقط في أميركا. مشيرة إلى أنه في حالة تحسن الوضع الأمني في العراق ستعود أيضا.
كذلك هو الحال مع جارها المهندس المدني جلال سلمان (52 سنة) فهو الآخر يتوق للعودة إلى بلده. وهو كان يمتلك مصنعا لأدوات المطبخ مع مخزن لقطع السمكرة في بغداد، وهرب مع أفراد عائلته عام 2006 بعد اختطاف 4 من عماله ولم يسمع عنهم أي شيء.
ووصل الى الأردن حيث مكث لمدة سنتين، وبعدها وصلت العائلة إلى أميركا، و عمل سلمان في مجال البناء، إلى أن أصيب بحادثة عمل جعلته معاقا. وهو يعمل الآن سائقاً، وأحيانا لا يزيد دخله عن 10 دولارات في اليوم بعد دفع الأجور لشركة السيارات. وأضاف: "حين تأتي إلى أمريكا تقول: يو أس أيه- أنت ستبدأ من جديد".
وظل سلمان يجد صعوبة في إقناع أصدقائه في العراق بمصاعب الحياة وقسوتها في أميركا. وكان بعضهم يقول له: "هل يمكنك أن تشتري لي سيارة وترسلها لي؟" وأضاف أنهم "يظنون أن النقود تأتي للناس من السماء في أميركا".
لكن مثل الكثير من اللاجئين يقول سلمان إن تضحياته ذات قيمة كبيرة لابنيه اللذين يدرسان الآن في فرجينيا، ويعملان في مطعم ماكدونالد ليساعدا العائلة. وعلق سلمان: "أعرف أنه لا مستقبل لي هنا، أنا فقدت كل شيءفي بلدي لكن الحياة في أميركا بالنسبة لابني وابنتي أحسن".
العراقية منال جعفر
يصطدم الكثير من اللاجئين العراقيين بالواقع الصعب في الولايات المتحدة الأميركية، فهم يأتون مع حلم بحياة أفضل لكنهم يجدون من الصعوبات الكثير. وتثير أميركا بالنسبة للاجئين القادمين من أي مكان الكثير من الاحباط، قياسا بالتوقعات فمن الممكن أن يجد المرء الحياة فيها مكلفة وشديدة العزلة.
خلال ظهيرة ممطرة في ضواحي فرجينيا، راحت منال جعفر تراقب ابنها البالغ من العمر 7 سنوات وهو يملأ صندوقا ببطاطا مقلية مجمدة وقطع الجبنة المعالجة مع الذرة من الرفوف المخصصة للأطعمة، حضر العراق إلى ذاكرتها ففاضت عيناها بالدموع.
قبل سبع سنوات كانت الطبيبة منال تعيش مرتاحة في بغداد، مع زوجها الذي يعمل أستاذا جامعيا بشهادة دكتوراه في الميكربيولوجيا (علم الأحياء الدقيقة)، وكانا يتقاضيان رواتب عالية، ويعيشان بين أهلهما والأصدقاء. لكن في صباح 15 تشرين الثاني نوفمبر، وبينما كان الزوجان يهيئان أطفالهما للذهاب إلى المدرسة اخترق ثلاثة رجال بيتهما وأطلقا النار عليهما أمام الأطفال وقتل زوجها إثر الاعتداء. وهي وإن نجت فإنها لم تعرف السبب وراء هذه الجريمة حتى اليوم.
بعد عام واحد، توفي ابنها البالغ السادسة عشرة من عمره نتيجة أسباب غامضة. وبررت منال (44 سنة)، ذلك بأنه ناجم عن حالة التوتر المتأتية عن العيش في العراق، حيث يمكن للعنف أن يضرب بطريقة عشوائية أي شخص كان. وكان موت الابن آخر قشة تبقيها في العراق . فمثلما فعل 3 ملايين أو أكثر من العراقيين هربت منال جعفر وأولادها الثلاثة عبر الحدود. فذهبوا أولا إلى الأردن ثم إلى الولايات المتحدة، حيث زاد عدد اللاجئين بشكل سريع خلال الثلاث سنوات الأخيرة، بعد انتقاد إدارة بوش بقبولها عدداً ضئيلاً جداً من اللاجئين الذي كانوا ضحايا ما فعلته الولايات المتحدة في العراق.
لذلك سمح لأكثر من 54 ألف لاجئ عراقي بالقدوم إلى الولايات المتحدة، ومنح 6651 شخصاً مع عائلاتهم "تأشيرات هجرة خاصة" نتيجة عملهم مع الحكومة الأميركية والوكالات ذات الصلة بالولايات المتحدة.
وتم إسكان ما يقارب الألف عراقي في شمال فرجينيا، لكن البعض منهم يقول الآن إنهم سيترددون قبل إعطاء نصيحة للأشخاص الآخرين كي يأتوا إلى المكان نفسه. وقالت الدكتورة منال التي وصلت إلى الولايات المتحدة عام 2008، لمراسلة نيويورك تايمز: "جئنا إلى هنا سعيا لحياة أفضل.. ولكن".
أميركا تثير الإحباط
تثير أميركا بالنسبة للاجئين القادمين من أي مكان الكثير من الاحباط، قياسا بالتوقعات فمن الممكن أن يجد المرء الحياة فيها مكلفة وشديدة العزلة. أما بالنسبة للعراقيين، فهناك احباط إضافي ممزوج بالمرارة بسبب ما ترتب عنه الغزو الأميركي للعراق والذي أثار سنوات من العنف الطائفي فيه.
يستلم اللاجئون حال وصولهم إلى الولايات المتحدة علاوة قدرها 1100 دولار للفرد الواحد، ويتم إسكانهم في بيوت تدفع الحكومة الأميركية إيجاراتها لفترة قصيرة حسب الوضع الخاص لكل شخص. لكن الحصول على عمل لم يكن سهلا كثيراً خصوصاً خلال أسوأ فترة كساد اقتصادي عرفه االبلد منذ عقود.
وقال مسؤولون من مكتب وزارة الخارجية المكلف بشؤون اللجوء والهجرة أن اللاجئون احتاجوا إلى ما بين 6 إلى 12 شهرا للعثور على عمل. وكذلك هو الحال مع العراقيين الذين يجدون صعوبة خاصة في التأقلم مع التغير في الموقع الاجتماعي لكل منهم.
توقعات العراقيين.. عالية منيرة مارلو ومنال جعفر
وقالت منيرة مارلو المديرة التنفيذية في "مركز إيماني المتعدد الثقافات" الذي يقدم دعما للاجئين إن "التجارب كشفت عن أن العراقيين لهم توقعات أعلى من أولئك القادمين من البلدان الأخرى". ففي الوقت الذي يقضي اللاجئون القادمون من بلدان أخرى سنوات وهم يعيشون في ظرف سكنية بائسة عدة سنوات تجد مارلو أن العراقيين "يأتون مع كومبيوتراتهم الحضنية ليسألوا أولا عن "مكان ربط بالانترنت".
ولسد الفجوة بين التوقعات العالية والواقع الصعب، أصبح المسؤولون العاملون في القنصليات الأميركية في الخارج يقدمون جلسات توجيه ثقافية لإعداد اللاجئين للحياة في أميركا. وتشدد الجلسات كما توضح بيث شلاكتر المتحدثة باسم مكتب السكان واللاجئين والهجرة على "المناخ الاقتصادي الصعب والمصاعب التي يواجهها الكثير من اللاجئين المتعلمين وأصحاب الكفاءات العالية في العثور على عمل في نفس مجالات مهنهم حين كانوا في بلدانهم".
وأضافت شلاكتر أنه غالبا ما يكون صعبا على الأفراد تطبيق ما سمعوه على أوضاعهم و"في بعض الأحيان يأتي الأفراد مع توقعات غير واقعية". وقالت مارلو إن الرجال أقل مرونة من النساء في تقبل ما يعرض عليهم من أعمال، فالمرأة غالبا ما تقول: "إذا كان هذا ما يجب أن أفعله سأفعله" في حين يقول الرجال: "هذا هو ما كنت أقوم به والآن تقولون لي إفعل هذا الشيء؟". فهم كانوا المسؤولين عن توفير لقمة العيش وهذا ما يجعلهم يشعرون بجرح لكرامتهم.
صدمات كبيرة
تجد منال جعفر نفسها في حال أفضل من الكثيرين من غيرها فهي وصلت إلى أميركا مع لغة انجليزية وشهادة سمحتا لها بالعمل كمساعدة طبية لطبيب عراقي هنا. وقالت إنها تشعر بالعرفان بالجميل كونها تعمل لكنه "يظل صعبا على طبيب له خبرة 18 سنة" أن يعمل مساعدا طبيا". فالعمل في مجال اختصاصها كطبيبة يقتضي منها أن تعمل مقيمة في مستشفى، لكن وجود ثلاثة أبناء ومقتضيات العمل بدوام كامل لدعمهم يجعلها من دون أي وقت فراغ.
ويستهلك الإيجار ثلاثة أخماس راتبها البالغ ألفي دولار شهريا وتكاليف الأوليات مثل الكهرباء والماء والتأمين الصحي يستهلك باقي راتبها. وهي تقول :"سمعنا الكثير عن أميركا، فظننا أن الحياة فيها سهلة جداً، لكن حين وصلنا إلى هنا وواجهنا الواقع صعقنا". وهي الآن حسبما تقول تتسلم بعض النقود من أفراد من عائلتها في العراق لتغطية متطلبات العيش في أميركا.
صعوبات كثيرة
يبدو أن أخبار المصاعب التي يواجهها اللاجئون بدأت تنتشر في كل مكان حسبما قال ديريك ماكسفيلد نائب مدير خدمات الهجرة واللاجئين في مؤسسة "كاثوليك تشاريتيز" الخيرية. واضاف أن "التوقعات العالية بين اللاجئين العراقيين قد تقلصت حقا خلال السنة الماضي. إنه شعور لازَمَ الوجبة الأولى من اللاجئين العراقيين، لكننا نعزو بروز توقعات أكثر واقعية لدى القادمين مؤخرا إلى العملية الطبيعية المتمثلة في تمرير خبرة الأشخاص بالمنفى للمجاميع التي ينتمون إليها في الشرق الأوسط حتى وصولها إلى العراق".
غير أن التوقعات قابلة لأن تكون أعمق من ذلك، فالطبيبة منال ترى أن الحكومة الأميركية مدينة للعراقيين بأموال أكثر وأشهر دعم أكثر، وهي تبحث عن شيء غير قابل للمس: إنه الحس بالكرامة. وذكرت أسماء اصدقاء عراقيين في وضعها بمن فيهم شخص يحمل شهادة ماجستير أعمال ويعمل حاليا في ملء رفوف مخازن "وال- مارت" الشهيرة.
وقد عادت ثلاث أسر تعرفها الدكتورة منال إلى العراق، وفضلوا المخاطرة في التعرض للموت هناك، على البقاء على قيد الحياة فقط في أميركا. مشيرة إلى أنه في حالة تحسن الوضع الأمني في العراق ستعود أيضا.
كذلك هو الحال مع جارها المهندس المدني جلال سلمان (52 سنة) فهو الآخر يتوق للعودة إلى بلده. وهو كان يمتلك مصنعا لأدوات المطبخ مع مخزن لقطع السمكرة في بغداد، وهرب مع أفراد عائلته عام 2006 بعد اختطاف 4 من عماله ولم يسمع عنهم أي شيء.
ووصل الى الأردن حيث مكث لمدة سنتين، وبعدها وصلت العائلة إلى أميركا، و عمل سلمان في مجال البناء، إلى أن أصيب بحادثة عمل جعلته معاقا. وهو يعمل الآن سائقاً، وأحيانا لا يزيد دخله عن 10 دولارات في اليوم بعد دفع الأجور لشركة السيارات. وأضاف: "حين تأتي إلى أمريكا تقول: يو أس أيه- أنت ستبدأ من جديد".
وظل سلمان يجد صعوبة في إقناع أصدقائه في العراق بمصاعب الحياة وقسوتها في أميركا. وكان بعضهم يقول له: "هل يمكنك أن تشتري لي سيارة وترسلها لي؟" وأضاف أنهم "يظنون أن النقود تأتي للناس من السماء في أميركا".
لكن مثل الكثير من اللاجئين يقول سلمان إن تضحياته ذات قيمة كبيرة لابنيه اللذين يدرسان الآن في فرجينيا، ويعملان في مطعم ماكدونالد ليساعدا العائلة. وعلق سلمان: "أعرف أنه لا مستقبل لي هنا، أنا فقدت كل شيءفي بلدي لكن الحياة في أميركا بالنسبة لابني وابنتي أحسن".