الحماية القانونية لحرية التعبير .. دستوريا .. المعايير والمؤاثيق الدولية
من أجل أن يعتبر أي مجتمع ديمقراطي حقيقي عليه أن يؤمن بدرجه عالية من الحماية لحرية التعبير عن الفكر الذي ينشر في الصحف والمجلات والكتب او الافلام السينمائية والتلفزيونية او ما هو أكثر حداثة وهو الأنترنيت .
1 ـ الدستور العراقي الدائم اكد هذا الحق في المادة (38) ( تكفل الدولة بما لا يخل بالنظام العام والأداب ...
اولأ ـ حرية التعبير عن الرأي وبكل الوسائل .
ثانياً ـ حرية الصحافة والطباعة والاعلام والنشر .
من ملاحظة النص الدستوري وتحليل هذا النص أشترط حالتين هما عدم الاخلال بالنظام العام والأداب، ومن الناحية القانونية فأن النظام العام تعني وفقاً للمادة (130) من القانون المدني رقم (40) لسنه 1951 هو كل ما يرتبط بالمصلحه العامة تمس النظام الاعلى للمجتمع سواء كانت مصالح سياسية أو اجتماعية او اقتصادية أو ما يتعلق بتكوين الأسرة والأهلية والحماية القانونية للملكية والاحوال الشخصية . اما ما يخص الاداب فيصار الى المادة (2/أ) من الدستور .
2 ـ الوثائق القانونية الدولية بخصوص حرية التعبير كانت لها أهمية خاصةوهذا ما ورد بقرار الجمعية العامة للامم المتحدة لعام 1946 ( أن حرية الاعلام حق اساسي من حقوق الانسان ومحك لجميع الحريات التي نذرت الامم المتحدة لها نفسها ) وما تناوله الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948 مادة (19) والوثيقة الدولية للحقوق المدنية والسياسية النافذة لعام 1976 وفقا للمادة (19/2) ( لكل شخص حرية التعبير ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والافكار وتلقيها ونقلها الى الاخرين دونما أعتبار للحدود سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو باية وسيلة يختارها . لكن المادة (19/3) من العهد الدولي وضعت بعض الشروط لممارسة هذا الحق ( يستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في المادة (2) المشار اليها واجبات ومسؤوليات خاصة وعلى ذلك يجوز أخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص في القانون وان تكون ضرورية ..
أ ـ لاحترام حقوق الاخرين أو سمعتهم .
ب ـ لحماية الامن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الاداب , كما أن المادة (20) تحضر بالقانون أي دعاية للحرب أو الكراهية القومية والعنصرية والدينية هذه القيود التي أشرناً اليها يفترض أن تكون مصاغة بموجب قانون وبدقة متناهية وأن تكون من أجل هدف شرعي وضروري بمعنى وجود حاجة أجتماعية ومتناسب مع الهدف المنشود .
3 ـ مبادى جوهانسبيرج بخصوص مفاهيم القلق على الامن القومي وتقيد حرية الاعلام وفقاً لهذا المفهوم فقد أوردت تلك المبادى شروط :
أ ـ التحريض على العنف الوشيك .
ب ـ أو التحريض بالتعبير على مثل هذا العنف ووجود علاقة مباشرة بين التعبير واحتمال حدوث العنف وقد أقرت هذه المبادى الكثير من الدول لا مجال لذكرها .
4 ـ لقد أقر القانون الفدرالي الامريكي عدة قيود على حرية التعبير طبقاً لما أشار اليه الاستاذ رودني سمولا في ( كتاب الديمقراطية السلسله العاشرة وهو أستاذ القانون في كليه الحقوق جامعه اريشتموندفي ولايه فرجينا ) أورد عدة أستثناءت على حرية التعبير ومنها أسرار الامن القومن المتعلقة في بالدفاع والسياسية الخارجية والاسرار التجارية والمعلومات المالية ومعلومات بشأن المصارف وامور جيلوجية وجيوفيزيائية والخرائط المتعلقة بالأبار ...
اذاً وعلى ضوء هذة المفاهيم فان حرية التعبير في الدستور العراقي المادة (38) أخذت بمعياريين أساسيين هما أعطاء الحرية الكاملة للتعبير والخوف من ممارسة هذه الحرية، من جانب أخر ولمعالجة هذا الموضوع لا بد أن يصار الى تعديل الدستور الخاص بحرية التعبير لاضفاء الصفه الديمقراطية الحقيقية وأعطاء مفاهيم التعبير عن هذا الحق سواء كان بالحصول على المعلومات وأستبعاد الرقابة المسبقة اذا ما علمنا توجد قوانين متعددة تضع قيود على حرية التعبير ومنها قانون العقوبات رقم (111) لسنه 1969 حيث أورد أكثر من (30) مادة تقيد حرية التعبير وكذلك قانون النشر رقم (78) لسنه 1977 وقانون نقابة الصحفيين رقم (178) لسنه 1969 وقانون وزارة الثقافة رقم (94) لسنه 1981 والكثير من القوانين لا يتسع المجال لذكرها .... الخ ، كما أن تحديد الحركة للوسائل الاعلام في كافة أنحاء القطر من أجل التغطية الاعلامية والتساوي في وسائل الاعلام في أعطاها حرية الحصول على المعلومات ، أو أن يصدر قانون كمعالجة لهذا القيد يحدد القيود المفروضة وفقا للقانون الدولي والمعايير الدولية بهذا الصدد بحيث يتضمن القيد على حرية الراي والتعبير أن يكون من أجل هدف شرعي وأن تقتضيه الضرورة لتحقيق هذه الاهداف الشخصية وأن يكون متناسب مع الهدف والضرورة المنشودة .
5 ـ أما بخصوص الرقابة على الأنترنيت وكما نعلم أن هذه الثقافة هي مهمة وضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها ولا يمكن مواجهة هذا التطور العالمي بالقوة لانها تضع المواطن أمام العالم يسمع ويستمع ويطلع على كافة تفصيلات الاحداث ومن أستقصاء بعض الاراء بخصوص الحجب فان البعض يرى أن تحجب المواقع الاباحية والفساد والارهاب منعاً من أنزلاق فئات عمرية في هذا المناخ ويؤدي الى تخريب نسيج المجتمع ولا بد من أتخاذ أجراء مسؤول ووفق خطة منظمة لا بقرارات فردية زمنية تخَضع لاجراءات سياسية .... .... كما يرى البعض الاخر أن حجب مواقع الانترنيت يؤدي الى العودة الى نقطة الصفر والغاء ركن من أركان الديمقراطية وحجب ما يسمى بالتدفق الحر للمعلومات التي هي بحاجة ماسة للعراقيين ويرونها بانها عملية غير حضارية وتوحي من الخوف من الكلمة ولذلك يمكن مواجهة تلك الامور كما يراها أصحاب هذا الراي بالثقافة وبالكلمة الحرة وبالتوجيه الأخلاقي الذي يحافظ على نسيج المجتمع .
ونعتقد أن الحقائق الدستورية كما وردة في نص المادة (40) التي تنص على حرية الاتصالات والمراسلات ...... والالكترونية وغيرها مكفولة ، ولا يجوز مراقبتها والتصنت عليها أو الكشف عنها ، الا لضرورات قانونية وأمنية وبقرار قضائي كما أن المادة (42) لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة اذاً هذه الحرية هي مكفولة بموجب الدستور هذا من جانب ومن جانب أخر فان المادة (19/2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي يعتبر العراق أحد الأطراف المصادق عليها وضعت ضوابط وشروط ومعايير دولية عند التعامل مع حرية الفكر وضرورة عدم فرض الرقابة على المطبوعات وغيرها الأ وفقاً لتلك المعايير خاصة في الدول التي تنتهج الديمقراطية قولا وفعلاً وبعيداً عن المتغيرات السياسية وكما أشرنا اليها في بداية البحث .
المحامي والصحفي
رزاق حمد العوادي
قسم الدراسات والبحوث القانونية في نقابة المحامين