المصدر جريدة الصباح 22 تموز 2009 ملحق اسرة ومجتمع
الشخصيات الكارتونية في الفضائيات الجديدة
الفلوجة ـ ملاذ اسماعيل رميض
أوهام القوة
شكا لي احد الاصدقاء لدى زيارته لبيتي من تصرفات طفله الذي لا يتجاوز الخمس سنوات، حيث بدأت حكايته عندما اهدى جار لهم لابن هذا الصديق بدلة احدى الشخصيات الكارتونية (السوبرمان) بمقاس خاص بالاطفال، فولع هذا الطفل من يومها بمشاهدة كل حلقات (سوبرمان) و(بات مان) و(سلاحف النينجا) والكارتونات التي تحمل طابع القتال بالسيوف والبنادق واشعال الحرائق وغيرها، وبدأ الطفل يخرج عن نطاقه السوي بفعل التاثير المباشر لما تبثه قنوات الاطفال من برامج موجهة للطفل مثل ( سبيس بور وسبيس تون) وmbc3)) و(نيكولوديا)، فلاحظت العائلة ان نزعة عدوانية انتابت الطفل بلا وعي، فبعد أن كان طفلا وديعا يلعب بهدوء، أصبح شرسا يضرب أخوته الصغار منهم والكبار ويقول لهم انتم مثلوا دور الأشرار وأنا امثل دور (سوبر مان) لأخلص العالم من شروركم، ووصل الأمر به ان يطالب والده ان يشتري له سيفا او سلاحا لكي يدافع عن العالم الذي يراه في خياله الطفولي لأنه موكل بمهمة إنقاذ العالم من الشر المفترض الذين هم أخوته في هذه القصة.
محاربو النينجا
أسرع محمود إلى أبويه داخل البيت بعد عودته من امتحانات البكلوريا ليبلغهم وهو لاهث أن أطفال الحي متجمهرون أمام دارهم وان أخاه بملابس ( سلاحف النينجا) يحمل عصا ويريد القفز من على ستارة البيت، فصدمت ألام وأصيبت بجلطة دماغية، أما الأب فركض إلى السطح وتدارك الأمر، ولولا عناية الله ومبادرة الاب لسقط الطفل وتهشم رأسه أمام أصدقائه الأطفال من أبناء الحي بفعل تأثره بشخصيات (النينجا المحاربون).
توم وجيري
عادت ألام من عملها إلى البيت لتجد أن طفليها يبكيان وكانت جدتهما عصبية عليهما وأخذت تؤنب ابنتها، بأنها لم تحسن تربيتهما ودعتها لرؤية الفوضى في المطبخ والتي سببها أطفالها وراحت المسكينة فوجدت في المطبخ الطماطم هنا وهناك والجدران ملطخة بكل الألوان من الخضراوات المرمية على الأرض مثل الموز والبطيخ والخيار متناثرا هنا وهناك وحينما سألت أطفالها عما سببوه من فوضى وعدم احترام لنعمة الله سبحانه وتعالى، كان ردهم: ( ماما لقد كنا نلعب لعبة( القط توم وجيري الفار) وأنت كنت تسمحين لنا برؤيتها وكنت تضحكين معنا على رؤيتهما يتقاذفان بالفواكه والمواعين والأشياء الأخرى كالسكاكين والملاعق وشوكات الطعام).
العنف المبكر
توصل علماء النفس بعد دراسات مستفيضة الى إن الأطفال بعد سن الخامسة تبدأ بلورة شخصياتهم الحقيقية باكتساب عادات وطباع تختلف عما في سلوكياتهم الأصلية وبالتالي سيتطبعون على هذه السلوكيات و ستكون هي ما يميز شخصياتهم مستقبلا حينما يكبروا، فطابع العنف سيرسخ في داخلهم وينمو كما ينمو وحش صغير داخل هذا الكائن الجميل ويكبر معه وبالتالي يصبح صعب السيطرة عليه ويكون عنصرا فاسدا بالمجتمع وبدلا من أن يقوم بوظيفة أو عمل مرموق يخدم أبناء وطنه سيؤدي به هذا السلوك العدواني المكتسب إلى طريق العنف والجريمة.
الشاشة الجذابة
دور الشاشة المرئية، صنفه علماء الاجتماع وعلماء النفس على انه الوالد الثالث بعد الام والاب ، حيث إن الطفل يكتسب أيضا من عادات وسلوكيات أباه ،كذلك يكتسب عادات من التلفاز لتأثره بها عن طريق المشاهدة فالطفل كجهاز تسجيل يصعب محو الأشياء التي تعلق بذهنه بسهولة، بل يصل الأمر بان يطرح الأسئلة ويناقش أبويه في مشاهد يراهاعبر الشاشة الملونة وتلفزيوناتنا المفتوحة على فضاء لامتناهي أصبحت الآن اخطر من السابق، فقنوات الأخبار تتنافس فيما بينها لتحقيق السبق لبث مشاهد الدم والجثث والأوصال المقطعة والدخان والمعارك، كلها يراها الطفل جنبا إلى جنب لوالديه، في حين ان المفروض عند متابعة الأخبار والكوارث يجب إبعاد الطفل عن التلفزيون وقت الاخبار لكي لا تبقى هذه الصورة في داخله بالإضافة الى ان معظم الفضائيات خاصة ومملوكة من قبل شركات اهلية، فالهدف الاساسي هو الربح فلا يفكرالقائمون عليها بتعيين محللين نفسانيين لتقييم البرامج والمنوعات التي تفيد الجمهور والاعمار المناسبة لهذه البرامج، على العكس من القنوات الرسمية والحكومية التي من ضمن كوادرها يكون هنالك مشرفون مختصون لتقييم الأعمال التي ستبث للجمهور وبالتالي تعود عليهم بالفائدة إلا إننا نلاحظ وللأسف إن سير أكثر الفضائيات الحكومية في البلدان العربية قد بدا بالتحرك بخطوط تنافسية مع الفضائيات الأهلية لكسب اكبر عدد من المشاهدين من منطلق الكمية على حساب النوعية إضافة لعدم الجدية أو ضعف التمويل في إنتاج وفحص البرامج والكارتون المخصص للأطفال وتفضيل الاستيراد على المنتج المحلي لقلة التكلفة بيد إن الدول التي تصدر لنا الكارتون يكون همها الاول ربحيا والبرامج والكارتون الذي تنتجه خاصا بعاداتهم الاجتماعية وبالتالي ستكون برامج الطفل هجينة على اطفالنا لانها تحمل عادات وطباعا تختلف عن مجتمعنا وكذلك هي موجهة لاعمار معينة من الاطفال فهم ينوهون بانها مثلا لعمر خمس سنوات او لعمر اثنتي عشرة سنة لكي لا يتاثر من هو دون هذه الاعمار بهذه البرامج المخصصة لغير اعمارهم اما قنواتنا فلا تنوه عنه وتبث بدون تحديد الاعمار الملائمة للطفل وبرامجه.
ايام أفتح ياسمسم
والمرسم الصغير
من منا لايذكر برنامج (افتح يا سمسم) و(المرسم الصغير) ومقدمه المبدع خالد جبر انا اعرف صديقين اصبحا الان فنانين تشكيليين ولهما معارض فنية خارج الوطن بسبب حبهما ومتابعتهما لبرنامجه المرسم الصغير وبالتالي احبا الفن التشكيلي ودراسته في اكاديمية الفنون الجميلة واصبحا نجوما في سماء التشكيل العراقي اما الكارتون فقد كان هادفا ويرشد الطفل الى عمل الخير، لان القصة اساسا اجتماعية كما في المسلسل الكارتوني (نيلز) و(توم سوير) و(سندريلا )وليس فقط بالعنف انك تقيم العدل و الحق، وكنا كل يوم خميس ننتظر بلهفة وشوق سينما الاطفال ومقدمته الرائعة والمبدعة نسرين جـورج (التي هـي الان فـي احـدى رياض الاطفال فـي نيـوزيلندا) وأسلوب تعاملها مـع الطفل واعطائه الثقـة للنقاش وطرح الاسئلة وفهـم الهدف من الفلم المختار؟،
بالاضافة لسفراتنا المدرسية او مع الوالدين لسينما الفانوس السحري للاطفال في المنصور التي لا اخبار عنها منذ تسعينيات القرن الماضي وما آل حالها بعدما اندثرت واصبحت ذكرى طفولية جميلة وكذلك النوادي العلمية والثقافية الشبابية التي كانت منتشرة باغلب المحافظات والتي تنمي قابليات من له الرغبة بالابداع والابتكار العلمي والفني.
المصدر جريدة الصباح
http://yfrog.com/17tomandjerrygj
عدل سابقا من قبل وليد محمد الشبيبي في الأربعاء 05 أغسطس 2009, 12:00 pm عدل 4 مرات (السبب : وضع صور)