الجزارون يتنافسون على ذبحه "إلكترونياً"
الخروف في مصر.. يصادقه الصغار قبل العيد ويأكله الكبار بعده
القاهرة - دار الإعلام العربية
لا صوت يعلو هذه الأيام على "مأمأة" الخراف، التي تعتبر السمة الرئيسة في شتى البلدان العربية والإسلامية لعيد الأضحى المبارك الذي نستقبله هذه الأيام. والطريف أن مئات الآلاف من الخراف التي تحتل حالياً شوادر البيع وبلكونات المنازل انتظاراً ليوم النحر ليست وحدها التي تطلق هذه "المأماة"، بل يتنافس على تقليدها ملايين الصغار الذين يجدون أسعد لحظاتهم بصحبة ضيفهم المزعج الذي لا يكف عن "المأماة"، وبدورهم لا يكفون عن إزعاجه ومشاكسته بالركوب على ظهره أو جذبه من قرنيه.
ومنذ افتدى الله سبحانه وتعالى نبيه إسماعيل (بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) ارتبط الخروف في عرف المسلمين بعيد الأضحى المبارك، وصار شعيرة على البذل والعطاء والفداء.
وتتبارى أغلب الأسر المصرية، كما هو الحال في سائر البلاد العربية، على التحضر لهذه المناسبة العظيمة بخروف يمثل جزءاً مهماً من ميزانية الأسرة، وعلى الرغم من الضغوط المادية والارتفاع المتفاقم للأسعار تحرص غالبية الأسر على أن تضحي بكبش أو أكثر، كل وفق إمكاناته المادية، حتى إن البعض يلجأ إلى اقتطاع مبلغ شهري من ميزانية الأسرة لتوفير ثمن الخروف الذي وصل متوسط سعره هذا العام إلى 2000 جنيه (نحو 400 دولار).
صديق الاطفال
مظاهر الاحتفال العيد ورغم المعاناة التي تجدها الأسر المقيمة في العاصمة والمدن الكبرى في عملية الشراء والإيواء حتى يوم النحر، ومن ثم العثور على جزار متفرغ، يظل الخروف ضيفاً عزيزاً مرغوباً فيه من مختلف أفراد الأسرة المصرية أولاً للارتباط الوجداني بسنة الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم)، وثانياً لإدخاله البهجة والسرور إلى نفوس الأطفال الذين يتنافسون على إطعامه ومشاكسته والتناوب على ظهره، فإذا ما جاء العيد ومضت السكين على الذبيح، طفرت الدموع من أعينهم حزناً على فراق الضيف العزيز، وعلى أمل أن يتجدد لقاؤهم مع خروف آخر في العيد المقبل.
ولا تقتصر بهجة الخروف على الأسرة فحسب، بل هو نافذة للتكافل الاجتماعي الذي عرف به الشعب المصري، فلا يبقى جار في العقار وإلا وقد نال نصيبه من الأضحية، والحال نفسه مع الأقارب والفقراء، كما تكون أول وليمة يقيمها صاحب الخروف بمثابة حلقة الوصل التي تجمع الأهل والأصدقاء على مائدة غذاء واحدة تعيد الحميمية التي يفتقدها الجميع في ظل ضغوط الحياة.
جزارون "ديجيتال"
شحذ السكاكين الطريف أيضاً أن المعاناة التي تجدها الأسر في الاتفاق مع من يتولى الذبح قد تجد طريقها للحل بواسطة الشبكة العنكبوتية، فقد لجأ عدد من الجزارين إلى الإعلان عن أنفسهم على بعض المواقع الإلكترونية.
وتتضمن الإعلانات عروضاً بتوريد خراف مختلفة الأوزان والأسعار لتلبي جميع القدرات الشرائية، وبالطبع تقديم خدمات الذبح بأسعار محددة، فمثلاً ذبح الخروف وتجهيزه وفق رغبة صاحبه تتم بمقابل يتراوح بين 100 و150 جنيهاً، بينما يصل إلى 500 جنيه في حال ذبح "عجل" بقري أو جاموسي. ويختتم الإعلان ببيانات كاملة عن هؤلاء الجزارين وطرق التواصل معهم.
خراف بالتقسيطوفي المناطق الشعبية أطلت ظاهرة جديدة في العامين الأخيرين وهي بيع خروف العيد بالتقسيط المريح، وذلك بعد الزيادة الكبيرة في أسعار الخراف، وبالطبع يقتصر التقسيط على الأشخاص المعروفين، أو من يقدمون أوراقاً ثبوتية تضمن دفع أقساط الخروف، تماماً كأي سلعة معمرة.
وعلى الرغم من أن الأولوية تكون للخروف المحلي خاصة القادم من مدن الصعيد الشهيرة بهذه التجارة مثل: الغنايم، صدفا، في محافظة أسيوط، طما، طهطا، جهينة في محافظة سوهاج، دشنا، قوص في محافظة قنا، فإن المنافسة لا تقتصر على الخروف المحلي بل تستورد مصر كميات كبيرة من الخراف من أستراليا والسودان وإثيوبيا بأسعار تقل قليلاً عن الأسعار المحلية.
ومع ارتفاع أسعار الخراف البلدية اتجه كثيرون إلى شراء الخراف المستوردة، وهناك من يتجاهلون الشراء في الفترة التي تسبق العيد، وكذا في أول أيامه، ويفضلون الشراء في بقية أيام العيد على أمل انخفاض أسعار الأضاحي.
إقبال متفاوت
خروف العيد وعندما توقفت "العربية نت" أمام أحد الباعة في منطقة المهندسين، وتحديداً في شارع شهاب وسألنا الجزار "رمضان كعبر" عن أسعار الخراف أكد أن الخروف البلدي يبدأ من 1500 جنيه حتى 3000، بينما يبدأ المستورد من 1000 إلى 2000 جنيه.
وأوضح أن الإقبال يتفاوت من آن إلى آخر ومن عام إلى آخر وفق إمكانيات الأسرة، مشيراً إلى أن كثيراً من الأسر الخليجية المقيمة أو الزائرة لمصر تفضل الخراف المحلية لما تتميز به من جودة ولقلة الدهون بها.
وأضاف: "على الرغم من أن الأطفال يحبون اللعب مع الخروف ويريدون اصطحابه معهم حتى يحين ذبحه، إلا أن صعوبة إيوائه في الشقق السكنية وما قد يسببه من أضرار تجعل غالبية الأسر تفضل الذبح لدينا حرصاً على النظافة. ولا ينسى الآباء في هذه الحالة أن يصطحبوا أولادهم معهم لمداعبة الخروف لدقائق قبل أن يتم نحره".
الخروف في مصر.. يصادقه الصغار قبل العيد ويأكله الكبار بعده
القاهرة - دار الإعلام العربية
لا صوت يعلو هذه الأيام على "مأمأة" الخراف، التي تعتبر السمة الرئيسة في شتى البلدان العربية والإسلامية لعيد الأضحى المبارك الذي نستقبله هذه الأيام. والطريف أن مئات الآلاف من الخراف التي تحتل حالياً شوادر البيع وبلكونات المنازل انتظاراً ليوم النحر ليست وحدها التي تطلق هذه "المأماة"، بل يتنافس على تقليدها ملايين الصغار الذين يجدون أسعد لحظاتهم بصحبة ضيفهم المزعج الذي لا يكف عن "المأماة"، وبدورهم لا يكفون عن إزعاجه ومشاكسته بالركوب على ظهره أو جذبه من قرنيه.
ومنذ افتدى الله سبحانه وتعالى نبيه إسماعيل (بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) ارتبط الخروف في عرف المسلمين بعيد الأضحى المبارك، وصار شعيرة على البذل والعطاء والفداء.
وتتبارى أغلب الأسر المصرية، كما هو الحال في سائر البلاد العربية، على التحضر لهذه المناسبة العظيمة بخروف يمثل جزءاً مهماً من ميزانية الأسرة، وعلى الرغم من الضغوط المادية والارتفاع المتفاقم للأسعار تحرص غالبية الأسر على أن تضحي بكبش أو أكثر، كل وفق إمكاناته المادية، حتى إن البعض يلجأ إلى اقتطاع مبلغ شهري من ميزانية الأسرة لتوفير ثمن الخروف الذي وصل متوسط سعره هذا العام إلى 2000 جنيه (نحو 400 دولار).
صديق الاطفال
مظاهر الاحتفال العيد ورغم المعاناة التي تجدها الأسر المقيمة في العاصمة والمدن الكبرى في عملية الشراء والإيواء حتى يوم النحر، ومن ثم العثور على جزار متفرغ، يظل الخروف ضيفاً عزيزاً مرغوباً فيه من مختلف أفراد الأسرة المصرية أولاً للارتباط الوجداني بسنة الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم)، وثانياً لإدخاله البهجة والسرور إلى نفوس الأطفال الذين يتنافسون على إطعامه ومشاكسته والتناوب على ظهره، فإذا ما جاء العيد ومضت السكين على الذبيح، طفرت الدموع من أعينهم حزناً على فراق الضيف العزيز، وعلى أمل أن يتجدد لقاؤهم مع خروف آخر في العيد المقبل.
ولا تقتصر بهجة الخروف على الأسرة فحسب، بل هو نافذة للتكافل الاجتماعي الذي عرف به الشعب المصري، فلا يبقى جار في العقار وإلا وقد نال نصيبه من الأضحية، والحال نفسه مع الأقارب والفقراء، كما تكون أول وليمة يقيمها صاحب الخروف بمثابة حلقة الوصل التي تجمع الأهل والأصدقاء على مائدة غذاء واحدة تعيد الحميمية التي يفتقدها الجميع في ظل ضغوط الحياة.
جزارون "ديجيتال"
شحذ السكاكين الطريف أيضاً أن المعاناة التي تجدها الأسر في الاتفاق مع من يتولى الذبح قد تجد طريقها للحل بواسطة الشبكة العنكبوتية، فقد لجأ عدد من الجزارين إلى الإعلان عن أنفسهم على بعض المواقع الإلكترونية.
وتتضمن الإعلانات عروضاً بتوريد خراف مختلفة الأوزان والأسعار لتلبي جميع القدرات الشرائية، وبالطبع تقديم خدمات الذبح بأسعار محددة، فمثلاً ذبح الخروف وتجهيزه وفق رغبة صاحبه تتم بمقابل يتراوح بين 100 و150 جنيهاً، بينما يصل إلى 500 جنيه في حال ذبح "عجل" بقري أو جاموسي. ويختتم الإعلان ببيانات كاملة عن هؤلاء الجزارين وطرق التواصل معهم.
خراف بالتقسيطوفي المناطق الشعبية أطلت ظاهرة جديدة في العامين الأخيرين وهي بيع خروف العيد بالتقسيط المريح، وذلك بعد الزيادة الكبيرة في أسعار الخراف، وبالطبع يقتصر التقسيط على الأشخاص المعروفين، أو من يقدمون أوراقاً ثبوتية تضمن دفع أقساط الخروف، تماماً كأي سلعة معمرة.
وعلى الرغم من أن الأولوية تكون للخروف المحلي خاصة القادم من مدن الصعيد الشهيرة بهذه التجارة مثل: الغنايم، صدفا، في محافظة أسيوط، طما، طهطا، جهينة في محافظة سوهاج، دشنا، قوص في محافظة قنا، فإن المنافسة لا تقتصر على الخروف المحلي بل تستورد مصر كميات كبيرة من الخراف من أستراليا والسودان وإثيوبيا بأسعار تقل قليلاً عن الأسعار المحلية.
ومع ارتفاع أسعار الخراف البلدية اتجه كثيرون إلى شراء الخراف المستوردة، وهناك من يتجاهلون الشراء في الفترة التي تسبق العيد، وكذا في أول أيامه، ويفضلون الشراء في بقية أيام العيد على أمل انخفاض أسعار الأضاحي.
إقبال متفاوت
خروف العيد وعندما توقفت "العربية نت" أمام أحد الباعة في منطقة المهندسين، وتحديداً في شارع شهاب وسألنا الجزار "رمضان كعبر" عن أسعار الخراف أكد أن الخروف البلدي يبدأ من 1500 جنيه حتى 3000، بينما يبدأ المستورد من 1000 إلى 2000 جنيه.
وأوضح أن الإقبال يتفاوت من آن إلى آخر ومن عام إلى آخر وفق إمكانيات الأسرة، مشيراً إلى أن كثيراً من الأسر الخليجية المقيمة أو الزائرة لمصر تفضل الخراف المحلية لما تتميز به من جودة ولقلة الدهون بها.
وأضاف: "على الرغم من أن الأطفال يحبون اللعب مع الخروف ويريدون اصطحابه معهم حتى يحين ذبحه، إلا أن صعوبة إيوائه في الشقق السكنية وما قد يسببه من أضرار تجعل غالبية الأسر تفضل الذبح لدينا حرصاً على النظافة. ولا ينسى الآباء في هذه الحالة أن يصطحبوا أولادهم معهم لمداعبة الخروف لدقائق قبل أن يتم نحره".