في العراق الجديد لا شيء جديد.. ولا أحد يعرف ما يخبئه المستقبل
في العراق الجديد لا شيء جديد.. ولا أحد يعرف ما يخبئه المستقبل
المواطنون سئموا القتل والدمار وبعضهم يحدوه حنين مرير إلى الماضي
بغداد: أنتوني شديد «نيويورك تايمز» - مات عشرة أشخاص في ساحة العروبة بالقرب من ضريح ذي قبة ذهبية بالعاصمة العراقية بغداد، حيث تجول انتحاري بُعيْد غروب الشمس قبل أن يفجر نفسه. وفي اليوم التالي لا يعلم أحد بذلك حيث كانت الأسلاك الكهربائية متدلية ولوحات الإعلانات ممزقة والمصابيح محطمة والنوافذ متكسرة.
ولكن هذا هو الحال في أي مكان في بغداد، تلك المدينة التي تعاني من الإهمال أكثر من معاناتها من الدمار والتي ينتابها حنين مرير للماضي. كان المشهد عاديا، وهذا ما أغضب حسن البهادلي يوم الأربعاء ودفعه إلى أن يصرخ وسط حشد تجمع في الظلام بسوق مجيد قائلا:
«سبعة أعوام! سبعة أعوام (انقضت)! ولا تزال هذه التفجيرات مستمرة؟» وتلا ذلك نقاش بين المحتشدين، وهذا ما يحدث دائما في هذا البلد. استطرد حسن قائلا: «أول شيء في الدستور هو حقوق المواطنين.. احترام المواطنين، ولكن لا يوجد أي نوع من الاحترام هنا. ولا نسمع سوى أوهام ووعود زائفة».
«على الأقل يمكنك الحديث الآن» هذا ما نبّهه أحد أقاربه إليه. وقال أحد أصدقائه إن القتلى ما هم إلا شهداء من أجل مستقبل ديمقراطي. هذه آراء تُقال في أغلب الأحيان منذ سقوط نظام صدام حسين. ولكن لم تعد هذه الآراء تتردد كثيرا في الوقت الحالي، ولا سيما بعد مرور يومين على بعض من أشنع عمليات إراقة الدماء منذ عام 2003 راح ضحيتها 122 قتيلا على الأقل، وبعد سبعة أشهر من العيش في مأزق سياسي يشير إلى دولة فاشلة، وبعد سبعة أعوام من احتلال وحرب ومعاناة، تحرر خلالها الناس من الأوهام واختبروا شعورا جديدا بالاشمئزاز. ومع استمرار المأزق الحالي، يشتكي الناس بإلحاح شاعرين بأنه لا يوجد من يسمع شكواهم. ولكن ربما تبقى ذكرى مختلفة للعام الحالي، الذي كان يحتمل أن يتذكره الناس بانسحاب أميركي جزئي وانتخاب حكومة قصد لها أن تشرف على رحيل باقي القوات. وربما يتذكر الناس العام الحالي بأنه وقت شهد تفسخ «العراق الجديد»، وهي الدولة الذي لا يزال يتحدث عنها دبلوماسيون ونخبة حاكمة منفصلة بصورة غير مسبوقة عن المواطنين الذين يحكمونهم.
ويقول أحمد عبد الأمير، وهو عامل يبلغ من العمر 22 عاما: «أين أصدقائي وجيراني وأقاربي؟». وأضاف بعد أن لملم ذراعا وقدما مبتورتين بالقرب من مكان التفجير ووضعهما في حقيبة أرسلت إلى المستشفى: «مَن يقبل وقوع ذلك لنا يوما بعد آخر؟». ويشير مواطنون إلى أن هذا رابع انفجار في ذلك المكان خلال 18 شهرا. وصرخ عبده علي (16 عاما) قائلا: «لقد فشلت الحكومة».
من جانبه، ذكر فؤاد معصوم، القائم بأعمال رئيس البرلمان الذي دعاه للانعقاد يوم الاثنين، شيئا عن الجلسة يمكن أن ينطبق على تلك الدولة المزعزعة بالكامل، حيث أوضح قائلا: «ماذا سيحدث؟ لا أعرف. ولكن ما سيحدث لا بد له أن يقع».
ولا يوجد أحد يعرف ماذا حدث يوم الثلاثاء، فهناك حقائق قدمتها الحكومة تظهر براعة في التحقيقات. وقد وضعت القنابل في 12 سيارة بمختلف أنحاء بغداد وتم تفجير كل منها من خلال التحكم عن بعد في نفس الوقت تقريبا. كما انفجرت ثلاثة ألغام كانت مزروعة على جوانب الطرق. وكانت هناك سيارة أخرى مفخخة. وخلف ذلك 64 قتيلا و360 جريحا معظمهم في أحياء شيعية. ويقول اللواء جهاد الجابري، وهو مسؤول بارز في وزارة الداخلية: «لقد دبرت هذه المؤامرة بصورة جيدة».
وفي اليوم التالي، بدا أن الجميع يتحملون مسؤولية ما حدث. وقال الجيش الأميركي إن هذا «تكتيك نموذجي لتنظيم القاعدة في العراق» وألقى خصوم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالمسؤولية عليه. وقال فتاح الشيخ، وهو واحد منهم: «لقد ضاعت هيبة الدولة».
وألقى أنصار المالكي باللائمة على دول عربية أخرى تسعى إلى تقويض أي تقدم في المحادثات السياسية. وقال أشخاص في الشوارع إن إيران تتحمل المسؤولية عن ذلك، فيما وجّه آخرون أصابع الاتهام إلى أميركا وإسرائيل. وحمّل مشرّع متحالف مع رجل الدين الشاب مقتدى الصدر القوات الأمنية المسؤولية عن ذلك. واشتكى حكيم الزاملي من أنه عند نقاط التفتيش تجد «الجندي منشغلا بالحديث مع صديقه على الهاتف».
ويوجد شرطي واحد ألقى باللائمة على نفسه، حيث قال الضابط علاء سلومي: «لا أستطيع الوقوف في مواجهة أي إرهابي، فلدي أربعة أطفال. مَن سيساعدهم؟ هل ستقوم الحكومة بذلك؟»، واستطرد مجيبا على نفسه: «لا أعتقد ذلك».
وفي أرجاء المدينة وفي منطقة أبو دشير، ردد مواطنون محليون ينظرون إلى مشهد آخر مألوف نفس كلام معصوم. ولم يكن لديهم علم بما يحتمل أن يحدث لاحقا. وقال صاحب متجر يدعى يوسف محمد (55 عاما): «نحن في حالة غيبوبة». وفي أسفل الشارع كان أحدهم قد كشط وجه المالكي بملصق انتخابي بالٍ. وعندما ذُكر اسم صدام حسين أثنى رافد السنادي، أو على الأقل ذُكر ما يُعتبر ثناء في هذه الأيام. وأوضح رافد: «عندما كان يظهر، كانت حتى الأرض تهتز خوفا منه». وبدا الجميع يشعرون بغضب شديد بسبب شعورهم بقلة الحيلة. ويقول محمود: «لا يعلم أحد أي شيء، فلا يعلم أحد متى يحدث أي شيء. ويأتي تفجير وراء تفجير وقتل وراء قتل. إنها حالة فوضى.. ولا أعرف لماذا يُنظر إلى أرواح العراقيين على أنها شيء رخيص».
في العراق الجديد لا شيء جديد.. ولا أحد يعرف ما يخبئه المستقبل
المواطنون سئموا القتل والدمار وبعضهم يحدوه حنين مرير إلى الماضي
بغداد: أنتوني شديد «نيويورك تايمز» - مات عشرة أشخاص في ساحة العروبة بالقرب من ضريح ذي قبة ذهبية بالعاصمة العراقية بغداد، حيث تجول انتحاري بُعيْد غروب الشمس قبل أن يفجر نفسه. وفي اليوم التالي لا يعلم أحد بذلك حيث كانت الأسلاك الكهربائية متدلية ولوحات الإعلانات ممزقة والمصابيح محطمة والنوافذ متكسرة.
ولكن هذا هو الحال في أي مكان في بغداد، تلك المدينة التي تعاني من الإهمال أكثر من معاناتها من الدمار والتي ينتابها حنين مرير للماضي. كان المشهد عاديا، وهذا ما أغضب حسن البهادلي يوم الأربعاء ودفعه إلى أن يصرخ وسط حشد تجمع في الظلام بسوق مجيد قائلا:
«سبعة أعوام! سبعة أعوام (انقضت)! ولا تزال هذه التفجيرات مستمرة؟» وتلا ذلك نقاش بين المحتشدين، وهذا ما يحدث دائما في هذا البلد. استطرد حسن قائلا: «أول شيء في الدستور هو حقوق المواطنين.. احترام المواطنين، ولكن لا يوجد أي نوع من الاحترام هنا. ولا نسمع سوى أوهام ووعود زائفة».
«على الأقل يمكنك الحديث الآن» هذا ما نبّهه أحد أقاربه إليه. وقال أحد أصدقائه إن القتلى ما هم إلا شهداء من أجل مستقبل ديمقراطي. هذه آراء تُقال في أغلب الأحيان منذ سقوط نظام صدام حسين. ولكن لم تعد هذه الآراء تتردد كثيرا في الوقت الحالي، ولا سيما بعد مرور يومين على بعض من أشنع عمليات إراقة الدماء منذ عام 2003 راح ضحيتها 122 قتيلا على الأقل، وبعد سبعة أشهر من العيش في مأزق سياسي يشير إلى دولة فاشلة، وبعد سبعة أعوام من احتلال وحرب ومعاناة، تحرر خلالها الناس من الأوهام واختبروا شعورا جديدا بالاشمئزاز. ومع استمرار المأزق الحالي، يشتكي الناس بإلحاح شاعرين بأنه لا يوجد من يسمع شكواهم. ولكن ربما تبقى ذكرى مختلفة للعام الحالي، الذي كان يحتمل أن يتذكره الناس بانسحاب أميركي جزئي وانتخاب حكومة قصد لها أن تشرف على رحيل باقي القوات. وربما يتذكر الناس العام الحالي بأنه وقت شهد تفسخ «العراق الجديد»، وهي الدولة الذي لا يزال يتحدث عنها دبلوماسيون ونخبة حاكمة منفصلة بصورة غير مسبوقة عن المواطنين الذين يحكمونهم.
ويقول أحمد عبد الأمير، وهو عامل يبلغ من العمر 22 عاما: «أين أصدقائي وجيراني وأقاربي؟». وأضاف بعد أن لملم ذراعا وقدما مبتورتين بالقرب من مكان التفجير ووضعهما في حقيبة أرسلت إلى المستشفى: «مَن يقبل وقوع ذلك لنا يوما بعد آخر؟». ويشير مواطنون إلى أن هذا رابع انفجار في ذلك المكان خلال 18 شهرا. وصرخ عبده علي (16 عاما) قائلا: «لقد فشلت الحكومة».
من جانبه، ذكر فؤاد معصوم، القائم بأعمال رئيس البرلمان الذي دعاه للانعقاد يوم الاثنين، شيئا عن الجلسة يمكن أن ينطبق على تلك الدولة المزعزعة بالكامل، حيث أوضح قائلا: «ماذا سيحدث؟ لا أعرف. ولكن ما سيحدث لا بد له أن يقع».
ولا يوجد أحد يعرف ماذا حدث يوم الثلاثاء، فهناك حقائق قدمتها الحكومة تظهر براعة في التحقيقات. وقد وضعت القنابل في 12 سيارة بمختلف أنحاء بغداد وتم تفجير كل منها من خلال التحكم عن بعد في نفس الوقت تقريبا. كما انفجرت ثلاثة ألغام كانت مزروعة على جوانب الطرق. وكانت هناك سيارة أخرى مفخخة. وخلف ذلك 64 قتيلا و360 جريحا معظمهم في أحياء شيعية. ويقول اللواء جهاد الجابري، وهو مسؤول بارز في وزارة الداخلية: «لقد دبرت هذه المؤامرة بصورة جيدة».
وفي اليوم التالي، بدا أن الجميع يتحملون مسؤولية ما حدث. وقال الجيش الأميركي إن هذا «تكتيك نموذجي لتنظيم القاعدة في العراق» وألقى خصوم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالمسؤولية عليه. وقال فتاح الشيخ، وهو واحد منهم: «لقد ضاعت هيبة الدولة».
وألقى أنصار المالكي باللائمة على دول عربية أخرى تسعى إلى تقويض أي تقدم في المحادثات السياسية. وقال أشخاص في الشوارع إن إيران تتحمل المسؤولية عن ذلك، فيما وجّه آخرون أصابع الاتهام إلى أميركا وإسرائيل. وحمّل مشرّع متحالف مع رجل الدين الشاب مقتدى الصدر القوات الأمنية المسؤولية عن ذلك. واشتكى حكيم الزاملي من أنه عند نقاط التفتيش تجد «الجندي منشغلا بالحديث مع صديقه على الهاتف».
ويوجد شرطي واحد ألقى باللائمة على نفسه، حيث قال الضابط علاء سلومي: «لا أستطيع الوقوف في مواجهة أي إرهابي، فلدي أربعة أطفال. مَن سيساعدهم؟ هل ستقوم الحكومة بذلك؟»، واستطرد مجيبا على نفسه: «لا أعتقد ذلك».
وفي أرجاء المدينة وفي منطقة أبو دشير، ردد مواطنون محليون ينظرون إلى مشهد آخر مألوف نفس كلام معصوم. ولم يكن لديهم علم بما يحتمل أن يحدث لاحقا. وقال صاحب متجر يدعى يوسف محمد (55 عاما): «نحن في حالة غيبوبة». وفي أسفل الشارع كان أحدهم قد كشط وجه المالكي بملصق انتخابي بالٍ. وعندما ذُكر اسم صدام حسين أثنى رافد السنادي، أو على الأقل ذُكر ما يُعتبر ثناء في هذه الأيام. وأوضح رافد: «عندما كان يظهر، كانت حتى الأرض تهتز خوفا منه». وبدا الجميع يشعرون بغضب شديد بسبب شعورهم بقلة الحيلة. ويقول محمود: «لا يعلم أحد أي شيء، فلا يعلم أحد متى يحدث أي شيء. ويأتي تفجير وراء تفجير وقتل وراء قتل. إنها حالة فوضى.. ولا أعرف لماذا يُنظر إلى أرواح العراقيين على أنها شيء رخيص».