علاوي: منصب رئاسة البرلمان لايتناسب مع استحقاق " العراقية " ومبادرة خادم الحرمين كريمة وجيدة وتصب في استقرار المنطقة.. والأهم في استقرار العراق
د. اياد علاوي من غير المعقول الاستجابة لدعوات إيران ولا يستجاب لدعوة دولة عربية وقفت مع العراق بقوة
يجد الدكتور إياد علاوي في حديث له نشر في صحيفة "الشرق الاوسط" اليوم الاربعاء 3 تشرين ثاني العدد 11663، في مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز فرصة مهمة للحوار بين الفرقاء أو الأطراف العراقية لتحقيق عدة أمور؛ أهمها تحقيق المصالحة الوطنية، ولقاء الكتل السياسية العراقية مع إخوانهم العرب باعتبار أن المبادرة ستكون تحت مظلة الجامعة العربية، والتأكيد على أن عمق العراق الاستراتيجي هو دول الجوار العربي، وليس إيران، التي انتقد تلبية بعض الأطراف العراقية لدعواتها، «لكن هذه الأطراف لا تلبي اليوم دعوة عربية (مخلصة)».
ويقول علاوي إنه «من غير المعقول الاستجابة لدعوات من إيران ولا يستجاب لدعوات من جامعة عربية ودولة عربية وقفت مع العراق بقوة»، مشيرا إلى أن «العملية السياسية صودرت من قبل إيران».
الدكتورعلاوي، السياسي المخضرم، يصر على أن «الحوار يجب أن يجري على قضايا أساسية في البلد وليس على مناصب، الحوار يجب أن يجري على أساس الشراكة الوطنية والشراكة بالقرار السياسي الاستراتيجي وبحث موضوع الصلاحيات وتوزيعها بشكل متوازن في ضم القيادات العراقية، قبل البحث في من سيصبح رئيس جمهورية أو رئيس وزراء، فنحن نضع هذه الأمور في آخر قائمة أولوياتنا». وعلى الرغم من مشاغله الكثيرة والمتشعبة، فإن علاوي أتاح لـ«الشرق الأوسط» فرصة لإجراء هذا الحوار معه، عبر الهاتف من لندن، ومباشرة من بغداد. وفي ما يلي نص الحوار:
* رحبتم بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، فما الآليات التي سيتم بموجبها تطبيق المبادرة؟
- الجميع يعلم أن جامعة الدول العربية ستقوم بالإشراف على تطبيق مبادرة العاهل السعودي، وهذا أحد العناصر المهمة في هذه المبادرة، لأنها تربط بين الدعوة للرياض من جانب، وأن تكون تحت مظلة الجامعة من جانب آخر. وهنا حتما ستضع الأخيرة آلياتها وأيضا سيجري أمين عام الجامعة عمرو موسى اتصالاته مع الأطراف العراقية المعنية لتحديد مسائل كثيرة تتعلق بهذا الاجتماع، والجامعة العربية سبق أن أشرفت على اجتماعات كثيرة؛ من أهمها مؤتمر المصالحة الوطنية الأول الذي يكاد يكون المؤتمر الوحيد الناجح.
* أكدت المبادرة وقوف السعودية على مسافة واحدة من جميع الأطراف العراقية وأنها ستؤيد أي قرارات تتخذها الأطراف العراقية.. في اعتقادكم ما مدى التزامكم أو التزام الأطراف الأخرى بالنتائج؟
- الدعوة هي للحوار وإيجاد مخرج وتحت إشراف الجامعة وفي ضيافة خادم الحرمين والشعب السعودي، والحوار الذي سيحصل يجب أن يصل لنتائج، خاصة أن هذا يجري تتويجا لحوار يجري الآن في بغداد، الذي دعا إليه الأخ مسعود بارزاني، وليس على النقيض مع مبادرة رئيس إقليم كردستان، وإنما هو استكمال لها، وتحسبا لما إذا طرأت نتائج في الاجتماعات الحالية، فبالتأكيد الاجتماع الذي دعا إليه خادم الحرمين يجب أن يحقق موضوعين وفق تصوري؛ الأول إرساء معالم للمصالحة الوطنية الحقيقية في المجتمع العراقي؛ وهذا مهم جدا، والجامعة العربية لها خبرات من المؤتمر السابق في هذا الإطار، وأيضا لها علاقاتها مع الكتل السياسية العراقية وهي (الجامعة العربية) مع كل الطيف السياسي العراقي، وليس مع جهة ضد جهة أخرى، ولهذا يجب تحقيق هذا الجانب في هذا اللقاء، وإن شاء الله سيتحقق، فالعراق بحاجة ماسة للمصالحة الوطنية.
أما المسألة الثانية، فتتعلق باستكمال الحديث والبحث في ما يتعلق بالتشكيل الحكومي، وأنا أمتلك ثقة مطلقة في أنه ليس في نية المملكة التدخل، وإلا لكانت الدعوة من المملكة وبإشرافها، وهذا ما لم يحصل، فالدعوة من الجامعة بضيافة المملكة، ولهذا أعتقد أن النتائج ستكون إيجابية ومهمة وستصب في الصالح العراقي، وفي اعتقادي أيضا أنه إذا حقق هذا المؤتمر نجاحات مهمة فسيشجع دول المنطقة بالكامل على الاقتراب الإيجابي نحو القضية العراقية ومساعدة العراقيين للخروج والنهوض من هذه الكبوة التي يعاني منها البلد منذ سنوات وبشتى الوسائل السياسية والاستثمارية وحماية الحدود أو بالتعاطي مع الملفات العالقة بشكل منفتح وإيجابي. ولهذا أجد المبادرة كريمة وجيدة وتصب في استقرار المنطقة والأهم في استقرار العراق.
* في اعتقادكم، ما الترابط أو التقارب بين مبادرتي خادم الحرمين الشريفين ورئيس إقليم كردستان؟
- المبادرتان تنطلقان من قضية مهمة تقوم على مبدأ الحوار، فقد مضت ثمانية أشهر منذ الانتخابات ولم تشكل حكومة، والوضع في العراق بدأ يميل للتعقيد، ومداخلات الدول الإقليمية والدولية تزداد، والوضع الأمني بات في خطر، ونلاحظ تداعياته يوميا، لهذا كانت دعوة بارزاني لبناء قاعدة من الحوارات، وأيضا جاءت مبادرة خادم الحرمين لإعطاء زخم ودفع للمبادرة الأولى، وثانيا ستضع إطارا يحافظ على سلامة العراق من خلال الجامعة العربية، وهو أمر جيد وأعتقد أن التقارب بين المبادرتين هو حرصهما على الحوار، كما أن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، أكد أن مبادرة العاهل السعودي لا تتعارض مع مبادرة الرئيس بارزاني؛ فمبادرة الأخ بارزاني تجري الآن، ومبادرة العاهل السعودي مكملة ومتوجة للأولى وتضع أو تسد الفراغات أو النقاط الأخرى باعتبارها ضامنة من خلال طرح الجامعة كعنصر مساهم. علاوة على ذلك، فإن ما سيتمخض عن اجتماعات الرياض، وبعد اجتماع الأطراف وحضور الجامعة، وربما ستكون الأمم المتحدة حاضرة، من اتفاقات بالتأكيد سيكون موثقا لدى الجامعة التي ستسعى لتحقيق الاتصال بأطراف العراق وتحقيق النتائج التي يتوصل لها المجتمعون، وسيصار إلى الالتزام، بإذن الله، فنحن في حاجة للالتزام بما نقوله ونتفق عليه.
* تحفظت بعض الأطراف السياسية العراقية على مبادرة الملك عبد الله على الرغم من ترحيبها بها، على أساس وجود مبادرة بارزاني، ما مدى قناعتكم بهذه التحفظات؟
- أعتقد أن هذه التحفظات مبكرة جدا، وكان يفترض بهم الاطلاع على المبادرة، وأغلبنا لم يطلع على الخطاب القيم لخادم الحرمين الذي تضمن نقاطا مهمة وكلاما ينم عن حرص حقيقي على العراق، وعن عدم الرغبة في التدخل لصالح أطراف معينة دون أخرى، وكلامه كان واضحا جدا في هذا الاتجاه، ولهذا كان يفترض بالإخوة الذين أبدوا تحفظهم على المبادرة أن ينتظروا أن تبادر الجامعة العربية بالاتصال حتى يحددوا مواقفهم، وهنا تحفظهم فيه استعجال برفض المبادرة، وتصوري مبني على أساس أن هذه المبادرة مصممة لخدمة العراق واستقراره وليس العكس، ورفضها بهذا الشكل المستعجل أمر غير صحيح، وأعتقد أنه ومتى ما تبدأ اتصالات الجامعة وتفهم معاني المبادرة، بالتأكيد سيكون هناك موقف إيجابي منها.
* في اعتقادكم، هل يمكن تحقيق مبادرة خادم الحرمين في حال رفضت «دولة القانون» أو غيرها المشاركة؟
- بالتأكيد ممكن تحقيقها، ومتى ما تشارك كل الأطراف، فـ«دولة القانون» مطالبة بأن تشارك، وعدم مشاركتها يعني عدم رغبتها في التواصل مع القوى السياسية العراقية وعدم التواصل مع الدول العربية ومع جامعة الدول العربية، فـ«دولة القانون» موافقة على الدستور العراقي، والأخير يقول إن العراق مؤسس للجامعة وعضو فاعل فيها، فكيف يوقعون على هذا النص ولا يقبلون التعامل به، فهذا يشكل تناقضا في الموقف السياسي، وهنا أدعو الإخوة في «دولة القانون» إلى تبني الاشتراك وبقوة، خاصة أنهم (دولة القانون) لم يعودوا يتمتعون بتلك العلاقات القوية عربيا، لهذا، فإن المبادرة ستكون مجالا خصبا لإعادة العلاقات مع الدول العربية من نافذة الجامعة والمملكة العربية السعودية.
* قالت أطراف عراقية، كردية وعربية، إن الكتل العراقية ستصل إلى حل لأزمة تشكيل الحكومة العراقية قبل الموعد الذي دعا فيه الملك عبد الله للقاء بالرياض، ما رأيكم في ذلك؟
- حتى في حالة تشكيل الحكومة، فإن دعوة العاهل السعودي تبقى مهمة لتحقيق المصالحة الوطنية، وتبقى الحاجة لها (المبادرة) لرسم معالم الطريق الذي يجب السير عليه في العراق، وللانفتاح على الدول العربية وجامعة الدول العربية كي يعود العراق للحاضنة العربية، بالإضافة للحاضنة الإسلامية، فللعراق عمق عربي وإسلامي، ومن غير المعقول الاستجابة لدعوات من إيران ولا يستجاب لدعوات من جامعة عربية ودولة عربية وقفت مع العراق بقوة في السراء والضراء، وهذا موضوع صعب جدا، ومن هنا تأتي أهمية هذه المبادرة، وأنا متأكد من أن معظم القوى السياسية العراقية راغبة في المبادرة وتراها إيجابية، وأنا أعرف مثلا مواقف الإخوان الأكراد من المملكة وخادم الحرمين الشريفين تحديدا، وهو موقف إيجابي، وقبل أشهر دعا العاهل السعودي، الرئيس العراقي جلال طالباني وقلده أرفع وسام في المملكة، ودعا أيضا مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان وقلده وساما مهما، كما دعا الطيف السياسي العراقي من دون استثناء، من القوى الإسلامية والكردية والتيارات الوطنية والليبرالية، وهذا يدل على أنه ليست للسعودية أجندات وبرامج معينة سوى البرامج التي تحاول مساعدة العراق من خلالها.
* هاجم سامي العسكري، عضو ائتلاف دولة القانون المبادرة السعودية واتهم المملكة بعدم حياديتها وعدم وقوفها إلى جانب «دولة القانون»، كيف تنظرون إلى ذلك؟
- السعودية، والدول العربية التي أيدت المبادرة لا تنحاز لجهة دون أخرى، وهذا أحد أسباب التأييد العراقي والعربي لها، وأنا أستغرب من العسكري أن يقول إن السعودية لا تدعم «دولة القانون»، فالسعودية كدولة تدعم الكل سواء كان ائتلاف دولة القانون أو «العراقية» أو الأكراد وتيار الوسط وكل العراق دون استثناء، والدليل هو أن كل قادة الكتل العراقية ذهبوا للمملكة في زيارات وكرموا من قبل قيادات السعودية ولم أكن بينهم، وهذا دليل على أن المملكة لا تريد الوقوف مع جهة ضد جهة أخرى، وأنا أستغرب من كلام عن عدم دعم جهة، فهذا ليس عملهم، بل إن جهدهم يصب في الحرص على سلامة العراق.
* لكن عندما دعت إيران بعض القيادات العراقية استجابت وذهبت إلى طهران، وهؤلاء هم من يقف اليوم ضد الدعوة السعودية؟
- الدعوة الإيرانية لم توجه لكل الطيف العراقي السياسي؛ بل وجهت لأشخاص وكتل معينة واستبعدت كتلا أخرى، أي إنها دعوة انتقائية. وهناك أعضاء من ائتلافنا؛ «العراقية»، طالبوا بزيارة إيران، لكن لم يلب طلبهم، وبعد إلحاح سمحت لوفد من «العراقية» بزيارة طهران، والاجتماعات التي جرت في العاصمة الإيرانية لم نستدع إليها، وآخرون أيضا، وبصراحة استغربنا هذا الموقف الانتقائي من الجارة إيران، واستغربنا من دعوة فئات دون أخرى، واستغربنا بشكل أكبر عندما وجدنا أن الدعوة والاجتماعات هدفت لخلق محور جديد سمي بالتحالف الوطني، واعتبروا أنفسهم الكتلة الأكبر وهذا ما يشكل خطورة على الوضع العراقي وسلامة العمل الديمقراطي، ولهذا نجد أن إيران، للأسف، لا تشجع الانتماء العربي والإسلامي للعراق، وكأنما العراق ينسلخ عن محيطه بشكل كامل، وهذا لا يجوز، فالعراق دولة بخصوصية معينة؛ فيه أكراد وعرب وتركمان، ويجب أن يكون عنصر التوازن موجودا، وأيضا لديه عمق عربي وإسلامي. نحن نريد أن يكون العراق جسرا يوصل بين أكبر دولتين إسلاميتين وبين العمق العربي، وهذا أمر مهم يخدم الجميع، ولهذا نجد أن تركيا حريصة على توسيع العلاقات العراقية مع الدول العربية وحريصة على توسيع علاقاتها مع الدول الإسلامية، ونتمنى من إيران أن تلجأ للأسلوب ذاته، فهي بلد جار ويفترض أن يهتم باستقرار العراق، وأن يتواصل مع أشقائه العرب والدول الإسلامية ليكون عنصر توازن، فالعراق البلد العربي الوحيد الذي يمتلك هذا الموقع الاستراتيجي المهم بأنه بلد يطل بعمقه على الأمة العربية ويجاور بلدين إسلاميين كبيرين ومهمين وأساسيين هما إيران وتركيا.
* هل أنتم متفائلون بالتوصل إلى نتائج مرضية خلال مباحثات الأطراف العراقية الجارية حاليا تحت مظلة مبادرة بارزاني؟
- يجب أن نكون متفائلين، فهذا أساسي في العمل السياسي، والعراق نزف ما يكفي من الدماء والأموال والإمكانات، وعلينا كنخب سياسية العمل بشكل جاد للنهوض من هذه الكبوة ومساعدة العراقيين والأخذ بيدهم لبناء عراق مزدهر يتمتع بثرواته وعلاقات جيدة مع المنطقة والعالم، هذا ما نريده أن يتحقق ونسعى لأجله، ويجب عدم رفض دعوات كهذه؛ بل يجب أن يكون هناك تركيز على التواصل، وحتى إذا نجحت المباحثات في بغداد فيفترض عدم تفويت فرصة مبادرة خادم الحرمين واستثمارها في مصالحة وطنية حقيقية والانفتاح على العرب والمسلمين ومن الخطأ عدم تلبية هذه الدعوة، فهو أمر لا يصب في مصلحة العراق، والدعوة ليست تدخلا في الشأن العراقي؛ بل نلمس حرصا من السعودية على العراق.
* عبر ائتلافكم عن دعمه لترشيح نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي، مرشح الائتلاف الوطني لرئاسة الحكومة، والتسريبات الإعلامية تقول إن هذا الدعم جاء مقابل أن يسند منصب رئاسة الجمهورية بصلاحيات لكم، ما حقيقة ذلك؟
- ليس لدينا علم بهذه التسريبات، ونحن نكن كل الاحترام للأخ عادل عبد المهدي وأعتبره شخصا كفؤا، وخدم العراق، ومن أسرة كريمة، وحاولنا أن نعمل اتفاقا مفصلا مع المجلس الأعلى وما زالت هذه المسألة قائمة حتى الآن لكن لم تستكمل فصوله ولم يتم التوقيع على اتفاق، وأبدينا استعدادا كاملا للتوقيع على حزمة من الاتفاقيات. للأسف لا يمكن الخوض فيها الآن، لكن لم يصار إلى توقيع، والاتفاق النهائي لا يزال معلقا، والجميع يعلم أننا في طور تشكيل حكومة راهنا، وعقد اتفاقات ما بين الكتل السياسية، ولهذا حواراتنا مستمرة مع الآخرين، وستستمر وصولا إلى تحقيق ما يصبو إليه العراقيون بتشكيل حكومة قادرة على النهوض بواقع الشعب، وأبدينا استعدادا كاملا للتعاون مع عبد المهدي والمجلس الأعلى ومن دون أي قيود، واتفقنا على حزمة من الأفكار التي تعطي لـ«العراقية» استحقاقها الانتخابي بالكامل وتعطي الإخوة بالمجلس دورا للتصدي لأزمة الحكم بالعراق؛ لكن، كما قلت، لم يتم الوصول إلى توقيع هذه الاتفاقيات.
* لماذا لم توافقوا على مقترحات جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي، بالتحالف مع المالكي؟
- على العكس من ذلك، فقد بدأنا مفاوضات مع «دولة القانون» وتكلمنا معهم بشكل مركز في اجتماعات مهمة، لكننا توقفنا عند مسائل مهمة تتعلق بالشراكة الوطنية وتعريف مبادئ الشراكة ومعناها، وتوقفنا أيضا عند مسألة الصلاحيات وتوزيعها، ولاحظنا وجود تصور آخر مختلف عن تصورنا من الإخوة في «دولة القانون»، وهنا توقفت المحادثات، وكان هناك وسطاء بينهم الأمم المتحدة الذين قالوا إن «دولة القانون» مستعدة لإعادة النظر في مواقفها وإنهم جاهزون بتغيير قناعاتهم في مسائل تتعلق بالشراكة الوطنية وحكومة الشراكة الوطنية والاستعداد لبحث مسألة الصلاحيات على صعيد القيادات العراقية، ونحن منفتحون على الكل من دون تحفظ، بغض النظر عن مشروع بايدن، لأنه فعلا طرح هذه الأفكار من منطلق أن الكتلتين هما الأكبر؛ أي «العراقية» وتليها «دولة القانون»، وسعينا وتحدثنا حتى قبل أن يفكر بايدن في طرح هذا المقترح.
* الأكراد أصدروا بيانا قبل يومين أكدوا فيه عدم تنازلهم عن منصب رئاسة الجمهورية، وأن هذا المنصب حقهم الشرعي كقومية ثانية، ما رأيكم في ذلك؟
- القائمة العراقية تنطلق من حقيقة أن أي موقع في البلد لا تمتلكه طائفة أو عرق معين سواء رئاسة الجمهورية أو الوزراء أو مجلس النواب، وكذلك الوزارات، فنحن مؤمنون بأن مواقع الدولة بأكملها يجب أن تكون مفتوحة للجميع، فإذا أصبح رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية من الإخوة الأكراد فليس لدينا مشكلة لأن الدستور يحمي الأمر، وإذا كنا سواسية وشركاء في وطن واحد فليس هناك مشكلة أيضا وأجد أنه من حق الإخوان الكرد الترشيح أو المطالبة بأي منصب يرونه مناسبا لهم، لكن الأهم علينا الوصول لشراكة حقيقية والابتعاد عن الحساسية من وجود كردي أو مسيحي أو سني أو شيعي أو تركماني في منصب، وأن لا نسمى المواقع لفئة، ونحن ضد هذا التوجه لأنه لا يخدم العراق.
* يصر التحالف الوطني («دولة القانون» و«الصدريون») على أن منصب رئاسة الحكومة حسم للمالكي ورئاسة الجمهورية حسم للرئيس طالباني، فهل ستذهبون إلى مبادرة بارزاني لبحث الحصول على منصب رئاسة البرلمان؟
- لا، نحن لسنا في طور الحديث عن منصب، لا رئاسة البرلمان ولا غيره، ومنصب رئاسة البرلمان لا يتناسب مع استحقاق «العراقية»، فإما نتفق وفق الدستور ومعطياته التي تشير بشكل واضح إلى أن الفائز في الانتخابات هو من يشكل الحكومة أي الكتلة الأكبر حسب نتائج التصويت، والكتلة التي يسمونها بالتحالف الوطني لم تشكل رسميا؛ بل شكلت فقط بوسائل الإعلام، ولن تسجل لا في مجلس النواب ولا في مفوضية الانتخابات ولا المحكمة الاتحادية، و«العراقية» دستوريا هي الكتلة الأكبر، هذا إذا أرادوا السير وفق الدستور، إما إذا أرادوا أن يضربوا بالدستور عرض الحائط أيضا، فلا مشكلة، لكن وفق اتفاق سياسي مبني على أسس واضحة، وهنا نحن مع مبادرة مسعود بارزاني بقوة، ونحن أول من أيده وحتى قبل الإعلان عنها، ونعتقد أن الحوار يجب أن يحصل ويجري على قضايا أساسية في البلد وليس على مناصب، الحوار يجب أن يجري على أساس الشراكة الوطنية والشراكة بالقرار السياسي الاستراتيجي وبحث موضوع الصلاحيات وتوزيعها بشكل متوازن بضم القيادات العراقية، قبل البحث في من سيصبح رئيس جمهورية أو رئيس وزراء، فنحن نضع هذه الأمور في آخر قائمة أولوياتنا، ويجب أن نفهم خارطة الطريق وأين سيذهب العراق؟ هل هو بلد بهوية أم من دون هوية؟ هل سنعمل مصالحة؟ هل سنخرج من الطائفية السياسية؟ هذه مسائل جوهرية ستبحث في هذه الحوارات، وليس بحث من سيأخذ ومن لا يأخذ، فنحن لا نقبل سحق إرادة الشعب العراقي، وإذا ما استمر مسلسل وفصول مصادرة الشعب فسيكون لنا موقف آخر بالنتيجة، فلا يرضينا أن تذهب سدى أصوات الشعب الذي خرج بالملايين وضحى وجازف وانتخب، وبالتالي، نحن لا نسعى وراء المناصب ولا نلهث وراء المراكز، إذا سارت الأمور بهذا الأسلوب الغوغائي فسيكون لنا موقف من العملية السياسية برمتها. لهذا نحن مع أي دعوة للحوار، سواء دعوة الأخ بارزاني أو مبادرة العاهل السعودي، من أجل الوصول إلى نتائج لصالح شعبنا، وسنقول مبروك لمن سيشكل حكومة بعيدا عنا وسنقف معهم، وأنا شخصيا أجد أن العملية السياسية صودرت من قبل إيران، وهي تملي بوضوح شروطها على العملية السياسية، ولن نرضى ولن يرضى الشعب العراقي بأن يدار من قبل إيران ولا من غيرها، ولهذا سيكون لنا موقف مختلف تماما، إذا نجحت فعلا إيران في مصادرة رغبات الشعب العراقي، ولهذا نحن حريصون على تفهم الجارة إيران لأوضاع الشعب العراقي والعراق، وأن تسعى كي تخلق مناخات إيجابية مع الشعب العراقي وليس من خلال إملاءات على العملية السياسية.
*هل تجدون من السهولة التنازل عن استحقاقكم الانتخابي والدستوري لتشكيل الحكومة؟ وما أسباب هذا التنازل؟
- لن نتنازل عن استحقاقنا، وكيف نتنازل عن استحقاقنا؟ فيجب أن تأخذ «العراقية» دورها في قيادة الدولة العراقية. ومن يطلب منا التنازل عن استحقاقنا فإنه يطلب منا الخروج من العملية السياسية والجلوس في بيوتنا، وسيكون لنا موقف؛ إما أن نقبل بالجلوس في بيوتنا أو لا نقبل، ولهذا أترك الأمر لما سيتمخض عن الاجتماعات.
* في اعتقادكم، هل للنفوذ الإيراني كل هذه القوة ليقرر مصير الحكومة والشعب العراقي؟
- نعم النفوذ الإيراني قوي جدا لدرجة أنه يضع خطوطا حمراء على إياد علاوي وغيره رسميا، وهو كلام ليس من الشارع، بل كلام قادة دول خبرونا بموقف إيران وطلبنا منهم التوسط لدى إيران وقلنا نحن نريد علاقات جيدة مع إيران لكننا لا نسمح بتدخلهم في الشأن العراقي، وإلا ليس لدينا مشكلة مع إيران، وأرسلنا وفدا من «العراقية» لهم وتحدثنا معهم بهذه اللهجة وللأسف نبلغ من قادة دول مهمة إسلامية وعربية ودولية أن إيران وضعت خطوطا حمراء على شخصي وأسماء أخرى، ونتساءل: هل نحن العراقيين قادرون على وضع خطوط حمراء على سياسيين في إيران؟ هذا ليس عملنا، فكيف تبيح إيران لنفسها وضع خطوط حمراء وتتدخل في العملية السياسية بهذا الشكل، ولهذا لا نقبل بهذا الموضوع حقيقة، ونتمنى من الجارة إيران أن توقف مثل هذه النشاطات، وأن تكون مع الكل من دون الانحياز لجهة على حساب أخرى.
* في اعتقادكم هل مارست إيران ضغوطها للتأثير على بعض الأطراف العراقية لعدم الاستجابة لمبادرة العاهل السعودي؟
- محتمل، لا أريد اتهام قوى بأنها استجابت أو لم تستجب، لكني أعرف وأقدر، وأنا شخص عراقي وسياسي ولي دور تاريخي بالعمل السياسي العراقي ولي علاقاتي العربية المتميزة وأفتخر بها وبانتمائي العربي، وأرى المبادرة التي قدمها خادم الحرمين وحديثه مبادرة كريمة وإيجابية، أما بعض الأطراف التي تقع تحت ضغوط من جهات معينة أو عدم قناعتهم بسبب موقف لديهم من الدول العربية، فهذا شأن آخر، فالعراق سيبقى بلدا له عمقه العربي، لكن بالتأكيد إيران لا تشجع، على عكس تركيا التي تشجع انفتاح العراق على الدول العربية.
د. اياد علاوي من غير المعقول الاستجابة لدعوات إيران ولا يستجاب لدعوة دولة عربية وقفت مع العراق بقوة
يجد الدكتور إياد علاوي في حديث له نشر في صحيفة "الشرق الاوسط" اليوم الاربعاء 3 تشرين ثاني العدد 11663، في مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز فرصة مهمة للحوار بين الفرقاء أو الأطراف العراقية لتحقيق عدة أمور؛ أهمها تحقيق المصالحة الوطنية، ولقاء الكتل السياسية العراقية مع إخوانهم العرب باعتبار أن المبادرة ستكون تحت مظلة الجامعة العربية، والتأكيد على أن عمق العراق الاستراتيجي هو دول الجوار العربي، وليس إيران، التي انتقد تلبية بعض الأطراف العراقية لدعواتها، «لكن هذه الأطراف لا تلبي اليوم دعوة عربية (مخلصة)».
ويقول علاوي إنه «من غير المعقول الاستجابة لدعوات من إيران ولا يستجاب لدعوات من جامعة عربية ودولة عربية وقفت مع العراق بقوة»، مشيرا إلى أن «العملية السياسية صودرت من قبل إيران».
الدكتورعلاوي، السياسي المخضرم، يصر على أن «الحوار يجب أن يجري على قضايا أساسية في البلد وليس على مناصب، الحوار يجب أن يجري على أساس الشراكة الوطنية والشراكة بالقرار السياسي الاستراتيجي وبحث موضوع الصلاحيات وتوزيعها بشكل متوازن في ضم القيادات العراقية، قبل البحث في من سيصبح رئيس جمهورية أو رئيس وزراء، فنحن نضع هذه الأمور في آخر قائمة أولوياتنا». وعلى الرغم من مشاغله الكثيرة والمتشعبة، فإن علاوي أتاح لـ«الشرق الأوسط» فرصة لإجراء هذا الحوار معه، عبر الهاتف من لندن، ومباشرة من بغداد. وفي ما يلي نص الحوار:
* رحبتم بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، فما الآليات التي سيتم بموجبها تطبيق المبادرة؟
- الجميع يعلم أن جامعة الدول العربية ستقوم بالإشراف على تطبيق مبادرة العاهل السعودي، وهذا أحد العناصر المهمة في هذه المبادرة، لأنها تربط بين الدعوة للرياض من جانب، وأن تكون تحت مظلة الجامعة من جانب آخر. وهنا حتما ستضع الأخيرة آلياتها وأيضا سيجري أمين عام الجامعة عمرو موسى اتصالاته مع الأطراف العراقية المعنية لتحديد مسائل كثيرة تتعلق بهذا الاجتماع، والجامعة العربية سبق أن أشرفت على اجتماعات كثيرة؛ من أهمها مؤتمر المصالحة الوطنية الأول الذي يكاد يكون المؤتمر الوحيد الناجح.
* أكدت المبادرة وقوف السعودية على مسافة واحدة من جميع الأطراف العراقية وأنها ستؤيد أي قرارات تتخذها الأطراف العراقية.. في اعتقادكم ما مدى التزامكم أو التزام الأطراف الأخرى بالنتائج؟
- الدعوة هي للحوار وإيجاد مخرج وتحت إشراف الجامعة وفي ضيافة خادم الحرمين والشعب السعودي، والحوار الذي سيحصل يجب أن يصل لنتائج، خاصة أن هذا يجري تتويجا لحوار يجري الآن في بغداد، الذي دعا إليه الأخ مسعود بارزاني، وليس على النقيض مع مبادرة رئيس إقليم كردستان، وإنما هو استكمال لها، وتحسبا لما إذا طرأت نتائج في الاجتماعات الحالية، فبالتأكيد الاجتماع الذي دعا إليه خادم الحرمين يجب أن يحقق موضوعين وفق تصوري؛ الأول إرساء معالم للمصالحة الوطنية الحقيقية في المجتمع العراقي؛ وهذا مهم جدا، والجامعة العربية لها خبرات من المؤتمر السابق في هذا الإطار، وأيضا لها علاقاتها مع الكتل السياسية العراقية وهي (الجامعة العربية) مع كل الطيف السياسي العراقي، وليس مع جهة ضد جهة أخرى، ولهذا يجب تحقيق هذا الجانب في هذا اللقاء، وإن شاء الله سيتحقق، فالعراق بحاجة ماسة للمصالحة الوطنية.
أما المسألة الثانية، فتتعلق باستكمال الحديث والبحث في ما يتعلق بالتشكيل الحكومي، وأنا أمتلك ثقة مطلقة في أنه ليس في نية المملكة التدخل، وإلا لكانت الدعوة من المملكة وبإشرافها، وهذا ما لم يحصل، فالدعوة من الجامعة بضيافة المملكة، ولهذا أعتقد أن النتائج ستكون إيجابية ومهمة وستصب في الصالح العراقي، وفي اعتقادي أيضا أنه إذا حقق هذا المؤتمر نجاحات مهمة فسيشجع دول المنطقة بالكامل على الاقتراب الإيجابي نحو القضية العراقية ومساعدة العراقيين للخروج والنهوض من هذه الكبوة التي يعاني منها البلد منذ سنوات وبشتى الوسائل السياسية والاستثمارية وحماية الحدود أو بالتعاطي مع الملفات العالقة بشكل منفتح وإيجابي. ولهذا أجد المبادرة كريمة وجيدة وتصب في استقرار المنطقة والأهم في استقرار العراق.
* في اعتقادكم، ما الترابط أو التقارب بين مبادرتي خادم الحرمين الشريفين ورئيس إقليم كردستان؟
- المبادرتان تنطلقان من قضية مهمة تقوم على مبدأ الحوار، فقد مضت ثمانية أشهر منذ الانتخابات ولم تشكل حكومة، والوضع في العراق بدأ يميل للتعقيد، ومداخلات الدول الإقليمية والدولية تزداد، والوضع الأمني بات في خطر، ونلاحظ تداعياته يوميا، لهذا كانت دعوة بارزاني لبناء قاعدة من الحوارات، وأيضا جاءت مبادرة خادم الحرمين لإعطاء زخم ودفع للمبادرة الأولى، وثانيا ستضع إطارا يحافظ على سلامة العراق من خلال الجامعة العربية، وهو أمر جيد وأعتقد أن التقارب بين المبادرتين هو حرصهما على الحوار، كما أن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، أكد أن مبادرة العاهل السعودي لا تتعارض مع مبادرة الرئيس بارزاني؛ فمبادرة الأخ بارزاني تجري الآن، ومبادرة العاهل السعودي مكملة ومتوجة للأولى وتضع أو تسد الفراغات أو النقاط الأخرى باعتبارها ضامنة من خلال طرح الجامعة كعنصر مساهم. علاوة على ذلك، فإن ما سيتمخض عن اجتماعات الرياض، وبعد اجتماع الأطراف وحضور الجامعة، وربما ستكون الأمم المتحدة حاضرة، من اتفاقات بالتأكيد سيكون موثقا لدى الجامعة التي ستسعى لتحقيق الاتصال بأطراف العراق وتحقيق النتائج التي يتوصل لها المجتمعون، وسيصار إلى الالتزام، بإذن الله، فنحن في حاجة للالتزام بما نقوله ونتفق عليه.
* تحفظت بعض الأطراف السياسية العراقية على مبادرة الملك عبد الله على الرغم من ترحيبها بها، على أساس وجود مبادرة بارزاني، ما مدى قناعتكم بهذه التحفظات؟
- أعتقد أن هذه التحفظات مبكرة جدا، وكان يفترض بهم الاطلاع على المبادرة، وأغلبنا لم يطلع على الخطاب القيم لخادم الحرمين الذي تضمن نقاطا مهمة وكلاما ينم عن حرص حقيقي على العراق، وعن عدم الرغبة في التدخل لصالح أطراف معينة دون أخرى، وكلامه كان واضحا جدا في هذا الاتجاه، ولهذا كان يفترض بالإخوة الذين أبدوا تحفظهم على المبادرة أن ينتظروا أن تبادر الجامعة العربية بالاتصال حتى يحددوا مواقفهم، وهنا تحفظهم فيه استعجال برفض المبادرة، وتصوري مبني على أساس أن هذه المبادرة مصممة لخدمة العراق واستقراره وليس العكس، ورفضها بهذا الشكل المستعجل أمر غير صحيح، وأعتقد أنه ومتى ما تبدأ اتصالات الجامعة وتفهم معاني المبادرة، بالتأكيد سيكون هناك موقف إيجابي منها.
* في اعتقادكم، هل يمكن تحقيق مبادرة خادم الحرمين في حال رفضت «دولة القانون» أو غيرها المشاركة؟
- بالتأكيد ممكن تحقيقها، ومتى ما تشارك كل الأطراف، فـ«دولة القانون» مطالبة بأن تشارك، وعدم مشاركتها يعني عدم رغبتها في التواصل مع القوى السياسية العراقية وعدم التواصل مع الدول العربية ومع جامعة الدول العربية، فـ«دولة القانون» موافقة على الدستور العراقي، والأخير يقول إن العراق مؤسس للجامعة وعضو فاعل فيها، فكيف يوقعون على هذا النص ولا يقبلون التعامل به، فهذا يشكل تناقضا في الموقف السياسي، وهنا أدعو الإخوة في «دولة القانون» إلى تبني الاشتراك وبقوة، خاصة أنهم (دولة القانون) لم يعودوا يتمتعون بتلك العلاقات القوية عربيا، لهذا، فإن المبادرة ستكون مجالا خصبا لإعادة العلاقات مع الدول العربية من نافذة الجامعة والمملكة العربية السعودية.
* قالت أطراف عراقية، كردية وعربية، إن الكتل العراقية ستصل إلى حل لأزمة تشكيل الحكومة العراقية قبل الموعد الذي دعا فيه الملك عبد الله للقاء بالرياض، ما رأيكم في ذلك؟
- حتى في حالة تشكيل الحكومة، فإن دعوة العاهل السعودي تبقى مهمة لتحقيق المصالحة الوطنية، وتبقى الحاجة لها (المبادرة) لرسم معالم الطريق الذي يجب السير عليه في العراق، وللانفتاح على الدول العربية وجامعة الدول العربية كي يعود العراق للحاضنة العربية، بالإضافة للحاضنة الإسلامية، فللعراق عمق عربي وإسلامي، ومن غير المعقول الاستجابة لدعوات من إيران ولا يستجاب لدعوات من جامعة عربية ودولة عربية وقفت مع العراق بقوة في السراء والضراء، وهذا موضوع صعب جدا، ومن هنا تأتي أهمية هذه المبادرة، وأنا متأكد من أن معظم القوى السياسية العراقية راغبة في المبادرة وتراها إيجابية، وأنا أعرف مثلا مواقف الإخوان الأكراد من المملكة وخادم الحرمين الشريفين تحديدا، وهو موقف إيجابي، وقبل أشهر دعا العاهل السعودي، الرئيس العراقي جلال طالباني وقلده أرفع وسام في المملكة، ودعا أيضا مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان وقلده وساما مهما، كما دعا الطيف السياسي العراقي من دون استثناء، من القوى الإسلامية والكردية والتيارات الوطنية والليبرالية، وهذا يدل على أنه ليست للسعودية أجندات وبرامج معينة سوى البرامج التي تحاول مساعدة العراق من خلالها.
* هاجم سامي العسكري، عضو ائتلاف دولة القانون المبادرة السعودية واتهم المملكة بعدم حياديتها وعدم وقوفها إلى جانب «دولة القانون»، كيف تنظرون إلى ذلك؟
- السعودية، والدول العربية التي أيدت المبادرة لا تنحاز لجهة دون أخرى، وهذا أحد أسباب التأييد العراقي والعربي لها، وأنا أستغرب من العسكري أن يقول إن السعودية لا تدعم «دولة القانون»، فالسعودية كدولة تدعم الكل سواء كان ائتلاف دولة القانون أو «العراقية» أو الأكراد وتيار الوسط وكل العراق دون استثناء، والدليل هو أن كل قادة الكتل العراقية ذهبوا للمملكة في زيارات وكرموا من قبل قيادات السعودية ولم أكن بينهم، وهذا دليل على أن المملكة لا تريد الوقوف مع جهة ضد جهة أخرى، وأنا أستغرب من كلام عن عدم دعم جهة، فهذا ليس عملهم، بل إن جهدهم يصب في الحرص على سلامة العراق.
* لكن عندما دعت إيران بعض القيادات العراقية استجابت وذهبت إلى طهران، وهؤلاء هم من يقف اليوم ضد الدعوة السعودية؟
- الدعوة الإيرانية لم توجه لكل الطيف العراقي السياسي؛ بل وجهت لأشخاص وكتل معينة واستبعدت كتلا أخرى، أي إنها دعوة انتقائية. وهناك أعضاء من ائتلافنا؛ «العراقية»، طالبوا بزيارة إيران، لكن لم يلب طلبهم، وبعد إلحاح سمحت لوفد من «العراقية» بزيارة طهران، والاجتماعات التي جرت في العاصمة الإيرانية لم نستدع إليها، وآخرون أيضا، وبصراحة استغربنا هذا الموقف الانتقائي من الجارة إيران، واستغربنا من دعوة فئات دون أخرى، واستغربنا بشكل أكبر عندما وجدنا أن الدعوة والاجتماعات هدفت لخلق محور جديد سمي بالتحالف الوطني، واعتبروا أنفسهم الكتلة الأكبر وهذا ما يشكل خطورة على الوضع العراقي وسلامة العمل الديمقراطي، ولهذا نجد أن إيران، للأسف، لا تشجع الانتماء العربي والإسلامي للعراق، وكأنما العراق ينسلخ عن محيطه بشكل كامل، وهذا لا يجوز، فالعراق دولة بخصوصية معينة؛ فيه أكراد وعرب وتركمان، ويجب أن يكون عنصر التوازن موجودا، وأيضا لديه عمق عربي وإسلامي. نحن نريد أن يكون العراق جسرا يوصل بين أكبر دولتين إسلاميتين وبين العمق العربي، وهذا أمر مهم يخدم الجميع، ولهذا نجد أن تركيا حريصة على توسيع العلاقات العراقية مع الدول العربية وحريصة على توسيع علاقاتها مع الدول الإسلامية، ونتمنى من إيران أن تلجأ للأسلوب ذاته، فهي بلد جار ويفترض أن يهتم باستقرار العراق، وأن يتواصل مع أشقائه العرب والدول الإسلامية ليكون عنصر توازن، فالعراق البلد العربي الوحيد الذي يمتلك هذا الموقع الاستراتيجي المهم بأنه بلد يطل بعمقه على الأمة العربية ويجاور بلدين إسلاميين كبيرين ومهمين وأساسيين هما إيران وتركيا.
* هل أنتم متفائلون بالتوصل إلى نتائج مرضية خلال مباحثات الأطراف العراقية الجارية حاليا تحت مظلة مبادرة بارزاني؟
- يجب أن نكون متفائلين، فهذا أساسي في العمل السياسي، والعراق نزف ما يكفي من الدماء والأموال والإمكانات، وعلينا كنخب سياسية العمل بشكل جاد للنهوض من هذه الكبوة ومساعدة العراقيين والأخذ بيدهم لبناء عراق مزدهر يتمتع بثرواته وعلاقات جيدة مع المنطقة والعالم، هذا ما نريده أن يتحقق ونسعى لأجله، ويجب عدم رفض دعوات كهذه؛ بل يجب أن يكون هناك تركيز على التواصل، وحتى إذا نجحت المباحثات في بغداد فيفترض عدم تفويت فرصة مبادرة خادم الحرمين واستثمارها في مصالحة وطنية حقيقية والانفتاح على العرب والمسلمين ومن الخطأ عدم تلبية هذه الدعوة، فهو أمر لا يصب في مصلحة العراق، والدعوة ليست تدخلا في الشأن العراقي؛ بل نلمس حرصا من السعودية على العراق.
* عبر ائتلافكم عن دعمه لترشيح نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي، مرشح الائتلاف الوطني لرئاسة الحكومة، والتسريبات الإعلامية تقول إن هذا الدعم جاء مقابل أن يسند منصب رئاسة الجمهورية بصلاحيات لكم، ما حقيقة ذلك؟
- ليس لدينا علم بهذه التسريبات، ونحن نكن كل الاحترام للأخ عادل عبد المهدي وأعتبره شخصا كفؤا، وخدم العراق، ومن أسرة كريمة، وحاولنا أن نعمل اتفاقا مفصلا مع المجلس الأعلى وما زالت هذه المسألة قائمة حتى الآن لكن لم تستكمل فصوله ولم يتم التوقيع على اتفاق، وأبدينا استعدادا كاملا للتوقيع على حزمة من الاتفاقيات. للأسف لا يمكن الخوض فيها الآن، لكن لم يصار إلى توقيع، والاتفاق النهائي لا يزال معلقا، والجميع يعلم أننا في طور تشكيل حكومة راهنا، وعقد اتفاقات ما بين الكتل السياسية، ولهذا حواراتنا مستمرة مع الآخرين، وستستمر وصولا إلى تحقيق ما يصبو إليه العراقيون بتشكيل حكومة قادرة على النهوض بواقع الشعب، وأبدينا استعدادا كاملا للتعاون مع عبد المهدي والمجلس الأعلى ومن دون أي قيود، واتفقنا على حزمة من الأفكار التي تعطي لـ«العراقية» استحقاقها الانتخابي بالكامل وتعطي الإخوة بالمجلس دورا للتصدي لأزمة الحكم بالعراق؛ لكن، كما قلت، لم يتم الوصول إلى توقيع هذه الاتفاقيات.
* لماذا لم توافقوا على مقترحات جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي، بالتحالف مع المالكي؟
- على العكس من ذلك، فقد بدأنا مفاوضات مع «دولة القانون» وتكلمنا معهم بشكل مركز في اجتماعات مهمة، لكننا توقفنا عند مسائل مهمة تتعلق بالشراكة الوطنية وتعريف مبادئ الشراكة ومعناها، وتوقفنا أيضا عند مسألة الصلاحيات وتوزيعها، ولاحظنا وجود تصور آخر مختلف عن تصورنا من الإخوة في «دولة القانون»، وهنا توقفت المحادثات، وكان هناك وسطاء بينهم الأمم المتحدة الذين قالوا إن «دولة القانون» مستعدة لإعادة النظر في مواقفها وإنهم جاهزون بتغيير قناعاتهم في مسائل تتعلق بالشراكة الوطنية وحكومة الشراكة الوطنية والاستعداد لبحث مسألة الصلاحيات على صعيد القيادات العراقية، ونحن منفتحون على الكل من دون تحفظ، بغض النظر عن مشروع بايدن، لأنه فعلا طرح هذه الأفكار من منطلق أن الكتلتين هما الأكبر؛ أي «العراقية» وتليها «دولة القانون»، وسعينا وتحدثنا حتى قبل أن يفكر بايدن في طرح هذا المقترح.
* الأكراد أصدروا بيانا قبل يومين أكدوا فيه عدم تنازلهم عن منصب رئاسة الجمهورية، وأن هذا المنصب حقهم الشرعي كقومية ثانية، ما رأيكم في ذلك؟
- القائمة العراقية تنطلق من حقيقة أن أي موقع في البلد لا تمتلكه طائفة أو عرق معين سواء رئاسة الجمهورية أو الوزراء أو مجلس النواب، وكذلك الوزارات، فنحن مؤمنون بأن مواقع الدولة بأكملها يجب أن تكون مفتوحة للجميع، فإذا أصبح رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية من الإخوة الأكراد فليس لدينا مشكلة لأن الدستور يحمي الأمر، وإذا كنا سواسية وشركاء في وطن واحد فليس هناك مشكلة أيضا وأجد أنه من حق الإخوان الكرد الترشيح أو المطالبة بأي منصب يرونه مناسبا لهم، لكن الأهم علينا الوصول لشراكة حقيقية والابتعاد عن الحساسية من وجود كردي أو مسيحي أو سني أو شيعي أو تركماني في منصب، وأن لا نسمى المواقع لفئة، ونحن ضد هذا التوجه لأنه لا يخدم العراق.
* يصر التحالف الوطني («دولة القانون» و«الصدريون») على أن منصب رئاسة الحكومة حسم للمالكي ورئاسة الجمهورية حسم للرئيس طالباني، فهل ستذهبون إلى مبادرة بارزاني لبحث الحصول على منصب رئاسة البرلمان؟
- لا، نحن لسنا في طور الحديث عن منصب، لا رئاسة البرلمان ولا غيره، ومنصب رئاسة البرلمان لا يتناسب مع استحقاق «العراقية»، فإما نتفق وفق الدستور ومعطياته التي تشير بشكل واضح إلى أن الفائز في الانتخابات هو من يشكل الحكومة أي الكتلة الأكبر حسب نتائج التصويت، والكتلة التي يسمونها بالتحالف الوطني لم تشكل رسميا؛ بل شكلت فقط بوسائل الإعلام، ولن تسجل لا في مجلس النواب ولا في مفوضية الانتخابات ولا المحكمة الاتحادية، و«العراقية» دستوريا هي الكتلة الأكبر، هذا إذا أرادوا السير وفق الدستور، إما إذا أرادوا أن يضربوا بالدستور عرض الحائط أيضا، فلا مشكلة، لكن وفق اتفاق سياسي مبني على أسس واضحة، وهنا نحن مع مبادرة مسعود بارزاني بقوة، ونحن أول من أيده وحتى قبل الإعلان عنها، ونعتقد أن الحوار يجب أن يحصل ويجري على قضايا أساسية في البلد وليس على مناصب، الحوار يجب أن يجري على أساس الشراكة الوطنية والشراكة بالقرار السياسي الاستراتيجي وبحث موضوع الصلاحيات وتوزيعها بشكل متوازن بضم القيادات العراقية، قبل البحث في من سيصبح رئيس جمهورية أو رئيس وزراء، فنحن نضع هذه الأمور في آخر قائمة أولوياتنا، ويجب أن نفهم خارطة الطريق وأين سيذهب العراق؟ هل هو بلد بهوية أم من دون هوية؟ هل سنعمل مصالحة؟ هل سنخرج من الطائفية السياسية؟ هذه مسائل جوهرية ستبحث في هذه الحوارات، وليس بحث من سيأخذ ومن لا يأخذ، فنحن لا نقبل سحق إرادة الشعب العراقي، وإذا ما استمر مسلسل وفصول مصادرة الشعب فسيكون لنا موقف آخر بالنتيجة، فلا يرضينا أن تذهب سدى أصوات الشعب الذي خرج بالملايين وضحى وجازف وانتخب، وبالتالي، نحن لا نسعى وراء المناصب ولا نلهث وراء المراكز، إذا سارت الأمور بهذا الأسلوب الغوغائي فسيكون لنا موقف من العملية السياسية برمتها. لهذا نحن مع أي دعوة للحوار، سواء دعوة الأخ بارزاني أو مبادرة العاهل السعودي، من أجل الوصول إلى نتائج لصالح شعبنا، وسنقول مبروك لمن سيشكل حكومة بعيدا عنا وسنقف معهم، وأنا شخصيا أجد أن العملية السياسية صودرت من قبل إيران، وهي تملي بوضوح شروطها على العملية السياسية، ولن نرضى ولن يرضى الشعب العراقي بأن يدار من قبل إيران ولا من غيرها، ولهذا سيكون لنا موقف مختلف تماما، إذا نجحت فعلا إيران في مصادرة رغبات الشعب العراقي، ولهذا نحن حريصون على تفهم الجارة إيران لأوضاع الشعب العراقي والعراق، وأن تسعى كي تخلق مناخات إيجابية مع الشعب العراقي وليس من خلال إملاءات على العملية السياسية.
*هل تجدون من السهولة التنازل عن استحقاقكم الانتخابي والدستوري لتشكيل الحكومة؟ وما أسباب هذا التنازل؟
- لن نتنازل عن استحقاقنا، وكيف نتنازل عن استحقاقنا؟ فيجب أن تأخذ «العراقية» دورها في قيادة الدولة العراقية. ومن يطلب منا التنازل عن استحقاقنا فإنه يطلب منا الخروج من العملية السياسية والجلوس في بيوتنا، وسيكون لنا موقف؛ إما أن نقبل بالجلوس في بيوتنا أو لا نقبل، ولهذا أترك الأمر لما سيتمخض عن الاجتماعات.
* في اعتقادكم، هل للنفوذ الإيراني كل هذه القوة ليقرر مصير الحكومة والشعب العراقي؟
- نعم النفوذ الإيراني قوي جدا لدرجة أنه يضع خطوطا حمراء على إياد علاوي وغيره رسميا، وهو كلام ليس من الشارع، بل كلام قادة دول خبرونا بموقف إيران وطلبنا منهم التوسط لدى إيران وقلنا نحن نريد علاقات جيدة مع إيران لكننا لا نسمح بتدخلهم في الشأن العراقي، وإلا ليس لدينا مشكلة مع إيران، وأرسلنا وفدا من «العراقية» لهم وتحدثنا معهم بهذه اللهجة وللأسف نبلغ من قادة دول مهمة إسلامية وعربية ودولية أن إيران وضعت خطوطا حمراء على شخصي وأسماء أخرى، ونتساءل: هل نحن العراقيين قادرون على وضع خطوط حمراء على سياسيين في إيران؟ هذا ليس عملنا، فكيف تبيح إيران لنفسها وضع خطوط حمراء وتتدخل في العملية السياسية بهذا الشكل، ولهذا لا نقبل بهذا الموضوع حقيقة، ونتمنى من الجارة إيران أن توقف مثل هذه النشاطات، وأن تكون مع الكل من دون الانحياز لجهة على حساب أخرى.
* في اعتقادكم هل مارست إيران ضغوطها للتأثير على بعض الأطراف العراقية لعدم الاستجابة لمبادرة العاهل السعودي؟
- محتمل، لا أريد اتهام قوى بأنها استجابت أو لم تستجب، لكني أعرف وأقدر، وأنا شخص عراقي وسياسي ولي دور تاريخي بالعمل السياسي العراقي ولي علاقاتي العربية المتميزة وأفتخر بها وبانتمائي العربي، وأرى المبادرة التي قدمها خادم الحرمين وحديثه مبادرة كريمة وإيجابية، أما بعض الأطراف التي تقع تحت ضغوط من جهات معينة أو عدم قناعتهم بسبب موقف لديهم من الدول العربية، فهذا شأن آخر، فالعراق سيبقى بلدا له عمقه العربي، لكن بالتأكيد إيران لا تشجع، على عكس تركيا التي تشجع انفتاح العراق على الدول العربية.