إن تعرية فهم النص تتيح فرصة الإحاطة بسياق دائرة المعنى التي تستدعي الرؤية التأملية للرموز الخبيئة وراء المعنى الظاهر لكي يصبح النص قائماً بذاته كل شيء في الحداثة يدعو إلى التأمل الاستشرافي حتى في الحالة التي تعود إلى الماضي في شموليته، فإنها تنظر إليه بوصفه حقبة زمنية مرهونة بالمستقبل ضمن تطابق زمني.
ظل هاجس التطلع إلى الجديد محصوراً في آفاق تأملية محدودة وبتأثير من الفلسفات التأويلية، جادل هذا النقد بلورة جزء من تصوراته المعرفية لذلك ظلت ثقافة النقد العربي ملتزمة بقانون التطابق ووحدة النموذج فهل يمكن اعتبار الحداثة رؤية جديدة قادرة على اختراق قانون التطابق؟
من منظور الإشكالية، يظهر البحث عمق الذات من خلال رؤيا النص لتحديد معالم الخطاب النقدي الذي أصبح يحدد صلته بتداخل الأجناس الأدبية في خضم ما تُبْنى عليه نظرية التناص الأدبي التي تسيطر على السياق الفكري في شموليته المعرفية.
جدل الحداثة هنا إحالة النص على المواجهة من الوضع المستقل في علاقته بالذات المبدعة وفاعلية الاستقبال لدى القارئ وفسح المجال أمام الاستنتاجات اللاحقة القائمة على الآراء المحتملة وهو ما يبرر وجود مصطلح "جدل" لقدرتِهِ على الاستدلال الاستقرائي للنص.
ينطلق منطق الحداثة في نقد الشعر من منطق استقرائي- يعتمد الاستدلال والرؤية الحدسية،
فهل أيقنت الحداثة العربية مستواها الحدْسي؟
أبدت الحداثة العربية موقفاً من التاريخ والواقع والإنسان لتصير هاجساً معرفياً يفضي إلى رؤية شمولية من خلال استقراء أقنعة النص في جميع مراميه عن خطاب الحداثة وشعرية النص فقد أرجحت الكاتبة بين شعرية النص وشعرية التلقي من خلال تنوع مكونات الخطاب وتعدد وحداته اللغوية والدلالية.
ومن هنا جاءت وظيفة التشاكل في النقد العربي من خلال التعامل مع المفردة من خلال تراكماتها الصوتية والمعنوية والدلالية وظل التشاكل صورة لتراكم أو لتكرار وحدات صوتية مترسبة في وعينا النقدي يكمن جوهر تشاكل الإيقاع في تعامله مع النصوص باختراق الدال اللغوي وتكثيف الإيقاع من خلال رمزية الكلمات وانسجام الصوت والمعنى.
والكاتبة تقول: الحداثة لا تلغي الماضي بقدر ما تحاول أن تحتمل هذا الماضي فتستوعبه دون أن تقوضه، ثم تبني عليه فكراً مشبعاً ببعض عناصر الفكر الذي كان، وببعض عناصر الفكر الذي هو كائن لنستشرق منهما ما سيكون.
هنري لوفيفر يقول: "إن الحداثة تتميز بهذا الجهد العابث التبيين والتماسك أكثر من كونها بنية منشأة أو قادرة على اكتساب تماسكها الخاص من خلال نزعة قابلة للمعاينة" فإننا لا نتفق معه لأنه يزعم أن الحداثة ليست "بنية منشأة" وهل يعني أن الحداثة موضة، سرعان ما تأتي موضة أخرى تنفيها.
الحداثة رؤية كونية لا تنحسر في أبعاد محددة بل تتجاوزها إلى كينونة الرفض والاختلاف ينهض المعنى المركزي لهذا المصطلح على مفهوم المعايرة وتعارض الصيغ الحديثة مع كل ما هو تقليدي ونمطي، وهذه التعددية ليست سوى نتيجة لعجز البنى القديمة في حل مشكلات تفتح الوعي الذي ظهرت مؤشراته جلياً مع بداية عصر التنوير والذي أبدى رغبته في مخالفة العهود السابقة انطلاقاً من القطيعة المعرفية التي دعا إليها التفكير الفلسفي أو الميتافيزيقيا الحديثة والذي أخضع القيم المعرفية لمعطيات العقل والبرهان والتجريب أما ما يراه حنا عبود من أن الحداثة لم تتجل طوال العهود السابقة إلا مرتين في مكانين وزمانين مختلفين أو متباعدين.
المرة الأولى في اليونان وهي الحداثة الزراعية وكان ذلك قبل الميلاد والثانية في القارة الأوربية وكان ذلك بعد الميلاد بكثير من القرون وهي الحداثة الصناعية.
إذاً حسب مفهومه ليس هناك عطاء عربي.
غرب قديم هو اليونان
غرب حديث هو أوربا الغربية وهذا ترويج من العرب إلى الغرب.
من المنظور الفكري نادى المفكرون بضرورة تحرير العقل من كل قيد أو سلطان خارجي يحد من استقلاله، ولعل أول من عرف عصر التنوير هو كانط حينما قال: "التنوير هو طريقة خروج الإنسان من استحالة استعماله عقله دون الاستعانة بسلطان آخر" وهذا مرده أن سيطرة الإنسان على واقع حاله من شأنه أن يروض فيه ملَكة الغاية الممكنة وهو الزعم الذي يتبناه هيغل، على اعتبار أن الحداثة عنده "لا تستطيع ولا تريد أن تستعير من حقبة أخرى المعايير التي بموجبها تتوجه وهي مضطرة إلى استقاء قوانينها من ذاتها ودونما سبيل إلى المراجعة.
أما من المنظور الجمالي كان بودلير سباقاً في بلورة مفهوم نظري لمصطلح الحداثة، فقد كان شغوفاً في وعيه بعالم يتشكل جمالياً يقول: ما أعنيه بالحداثة هو العابر والهارب والعرضي ونصف الفن الذي يكون نصفه الآخر أزلياً وثابتاً وقد اتخذ عنده مفهوم الحداثة وجهين أحدهما سلبي وهو نتاج اصطدام الفن بالتمدن إثر موجة الموضة التي طغت على جماليات الأنا الطبيعي والثاني يكشف عن الموقف المتذبذب لمحنة الأنا البودليرية في بحثها عن كينونه- بعيداً عن واقع الموضة تَقيه مغبة السقوط في التناقض من المنظور الشعري، تتفاعل الصورة الشعرية ببعض المؤثرات الجمالية القائمة على نظرية الغاية المعرفية التي تخضع لثقل التوجه الذوقي وتحليل الخبرات الفنية بتحديد مجال الرؤية الشعرية.
الحداثة في الطروحات الغربية ظهرت مع بودلير، وكان رامبو يرى "من الضروري أن نكون محدثين بصورة مطلقة".
فهو ينبذ صفات التقليد ومبدأ التواصل معه، فالحداثة الشعرية شكل جديد ولغة مبتكرة وأساليب مميزة.
إذاً هي ثورة شاملة ضد المضمون التقليدي وربما هذه الحداثة جلبت للشعر فوضى وانعدام الوعي والخوض في الضبابية والغموض، وأوغل الشعراء في التجريد بقصد تحويل الخطاب الجمالي عبر اشتباك الحلم بالواقع من خلال طاقات الإبداع المتجددة.
باكورة مشروع الحداثة وملامحه تجلت في مجلة شعر، كثيرون من وصفوها ورشة لإعادة إنتاج صيغ ومفاهيم غريبة سريالية.
كانت قصيدة النثر محور جدل جاء بحيث طُرِحَت على الساحة الإبداعية بوصفها البديل الذي يقوم على الإيقاع الداخلي بدل الوزن والمعجم الإيحائي عوض الصورة العيانية فهي تحرير طاقة الخلق من رقابة الوعي.
لا يرى أدونيس فرقاً بين قصيدة النثر وقصيدة الوزن إلا بما يتفجران من معاني الكشف والرؤيا، وما يطغمان به من دلالات التجاوز والاختلاف وذلك من خلال قوله "إن قصيدة النثر مثل قصيدة الوزن شكل تعبير والأساس هو ما يفصح عنه هذا الشكل وليس فيه بحد ذاته أي الخصوصية الفنية الخلاقة التي تميز شاعراً عن شاعر آخر وهكذا لا تكون الحداثة الشعرية جمالية وحسب... بل تكون تغييراً شاملاً يفتح طرقاً جديدة لتغيير الفكر والحياة والإنسان. الشعر الحقيقي يرد الإنسان إلى نقائه الداخلي دون الخضوع لأية مواصفات مسبقة وهو يعيش وينضج في مملكة العقل الباطن المشحون بالإيقاعات والرموز في الذاكرة الجمعية.
هو من الفيض الذاكري إلى العالم المنشود.
ظل هاجس التطلع إلى الجديد محصوراً في آفاق تأملية محدودة وبتأثير من الفلسفات التأويلية، جادل هذا النقد بلورة جزء من تصوراته المعرفية لذلك ظلت ثقافة النقد العربي ملتزمة بقانون التطابق ووحدة النموذج فهل يمكن اعتبار الحداثة رؤية جديدة قادرة على اختراق قانون التطابق؟
من منظور الإشكالية، يظهر البحث عمق الذات من خلال رؤيا النص لتحديد معالم الخطاب النقدي الذي أصبح يحدد صلته بتداخل الأجناس الأدبية في خضم ما تُبْنى عليه نظرية التناص الأدبي التي تسيطر على السياق الفكري في شموليته المعرفية.
جدل الحداثة هنا إحالة النص على المواجهة من الوضع المستقل في علاقته بالذات المبدعة وفاعلية الاستقبال لدى القارئ وفسح المجال أمام الاستنتاجات اللاحقة القائمة على الآراء المحتملة وهو ما يبرر وجود مصطلح "جدل" لقدرتِهِ على الاستدلال الاستقرائي للنص.
ينطلق منطق الحداثة في نقد الشعر من منطق استقرائي- يعتمد الاستدلال والرؤية الحدسية،
فهل أيقنت الحداثة العربية مستواها الحدْسي؟
أبدت الحداثة العربية موقفاً من التاريخ والواقع والإنسان لتصير هاجساً معرفياً يفضي إلى رؤية شمولية من خلال استقراء أقنعة النص في جميع مراميه عن خطاب الحداثة وشعرية النص فقد أرجحت الكاتبة بين شعرية النص وشعرية التلقي من خلال تنوع مكونات الخطاب وتعدد وحداته اللغوية والدلالية.
ومن هنا جاءت وظيفة التشاكل في النقد العربي من خلال التعامل مع المفردة من خلال تراكماتها الصوتية والمعنوية والدلالية وظل التشاكل صورة لتراكم أو لتكرار وحدات صوتية مترسبة في وعينا النقدي يكمن جوهر تشاكل الإيقاع في تعامله مع النصوص باختراق الدال اللغوي وتكثيف الإيقاع من خلال رمزية الكلمات وانسجام الصوت والمعنى.
والكاتبة تقول: الحداثة لا تلغي الماضي بقدر ما تحاول أن تحتمل هذا الماضي فتستوعبه دون أن تقوضه، ثم تبني عليه فكراً مشبعاً ببعض عناصر الفكر الذي كان، وببعض عناصر الفكر الذي هو كائن لنستشرق منهما ما سيكون.
هنري لوفيفر يقول: "إن الحداثة تتميز بهذا الجهد العابث التبيين والتماسك أكثر من كونها بنية منشأة أو قادرة على اكتساب تماسكها الخاص من خلال نزعة قابلة للمعاينة" فإننا لا نتفق معه لأنه يزعم أن الحداثة ليست "بنية منشأة" وهل يعني أن الحداثة موضة، سرعان ما تأتي موضة أخرى تنفيها.
الحداثة رؤية كونية لا تنحسر في أبعاد محددة بل تتجاوزها إلى كينونة الرفض والاختلاف ينهض المعنى المركزي لهذا المصطلح على مفهوم المعايرة وتعارض الصيغ الحديثة مع كل ما هو تقليدي ونمطي، وهذه التعددية ليست سوى نتيجة لعجز البنى القديمة في حل مشكلات تفتح الوعي الذي ظهرت مؤشراته جلياً مع بداية عصر التنوير والذي أبدى رغبته في مخالفة العهود السابقة انطلاقاً من القطيعة المعرفية التي دعا إليها التفكير الفلسفي أو الميتافيزيقيا الحديثة والذي أخضع القيم المعرفية لمعطيات العقل والبرهان والتجريب أما ما يراه حنا عبود من أن الحداثة لم تتجل طوال العهود السابقة إلا مرتين في مكانين وزمانين مختلفين أو متباعدين.
المرة الأولى في اليونان وهي الحداثة الزراعية وكان ذلك قبل الميلاد والثانية في القارة الأوربية وكان ذلك بعد الميلاد بكثير من القرون وهي الحداثة الصناعية.
إذاً حسب مفهومه ليس هناك عطاء عربي.
غرب قديم هو اليونان
غرب حديث هو أوربا الغربية وهذا ترويج من العرب إلى الغرب.
من المنظور الفكري نادى المفكرون بضرورة تحرير العقل من كل قيد أو سلطان خارجي يحد من استقلاله، ولعل أول من عرف عصر التنوير هو كانط حينما قال: "التنوير هو طريقة خروج الإنسان من استحالة استعماله عقله دون الاستعانة بسلطان آخر" وهذا مرده أن سيطرة الإنسان على واقع حاله من شأنه أن يروض فيه ملَكة الغاية الممكنة وهو الزعم الذي يتبناه هيغل، على اعتبار أن الحداثة عنده "لا تستطيع ولا تريد أن تستعير من حقبة أخرى المعايير التي بموجبها تتوجه وهي مضطرة إلى استقاء قوانينها من ذاتها ودونما سبيل إلى المراجعة.
أما من المنظور الجمالي كان بودلير سباقاً في بلورة مفهوم نظري لمصطلح الحداثة، فقد كان شغوفاً في وعيه بعالم يتشكل جمالياً يقول: ما أعنيه بالحداثة هو العابر والهارب والعرضي ونصف الفن الذي يكون نصفه الآخر أزلياً وثابتاً وقد اتخذ عنده مفهوم الحداثة وجهين أحدهما سلبي وهو نتاج اصطدام الفن بالتمدن إثر موجة الموضة التي طغت على جماليات الأنا الطبيعي والثاني يكشف عن الموقف المتذبذب لمحنة الأنا البودليرية في بحثها عن كينونه- بعيداً عن واقع الموضة تَقيه مغبة السقوط في التناقض من المنظور الشعري، تتفاعل الصورة الشعرية ببعض المؤثرات الجمالية القائمة على نظرية الغاية المعرفية التي تخضع لثقل التوجه الذوقي وتحليل الخبرات الفنية بتحديد مجال الرؤية الشعرية.
الحداثة في الطروحات الغربية ظهرت مع بودلير، وكان رامبو يرى "من الضروري أن نكون محدثين بصورة مطلقة".
فهو ينبذ صفات التقليد ومبدأ التواصل معه، فالحداثة الشعرية شكل جديد ولغة مبتكرة وأساليب مميزة.
إذاً هي ثورة شاملة ضد المضمون التقليدي وربما هذه الحداثة جلبت للشعر فوضى وانعدام الوعي والخوض في الضبابية والغموض، وأوغل الشعراء في التجريد بقصد تحويل الخطاب الجمالي عبر اشتباك الحلم بالواقع من خلال طاقات الإبداع المتجددة.
باكورة مشروع الحداثة وملامحه تجلت في مجلة شعر، كثيرون من وصفوها ورشة لإعادة إنتاج صيغ ومفاهيم غريبة سريالية.
كانت قصيدة النثر محور جدل جاء بحيث طُرِحَت على الساحة الإبداعية بوصفها البديل الذي يقوم على الإيقاع الداخلي بدل الوزن والمعجم الإيحائي عوض الصورة العيانية فهي تحرير طاقة الخلق من رقابة الوعي.
لا يرى أدونيس فرقاً بين قصيدة النثر وقصيدة الوزن إلا بما يتفجران من معاني الكشف والرؤيا، وما يطغمان به من دلالات التجاوز والاختلاف وذلك من خلال قوله "إن قصيدة النثر مثل قصيدة الوزن شكل تعبير والأساس هو ما يفصح عنه هذا الشكل وليس فيه بحد ذاته أي الخصوصية الفنية الخلاقة التي تميز شاعراً عن شاعر آخر وهكذا لا تكون الحداثة الشعرية جمالية وحسب... بل تكون تغييراً شاملاً يفتح طرقاً جديدة لتغيير الفكر والحياة والإنسان. الشعر الحقيقي يرد الإنسان إلى نقائه الداخلي دون الخضوع لأية مواصفات مسبقة وهو يعيش وينضج في مملكة العقل الباطن المشحون بالإيقاعات والرموز في الذاكرة الجمعية.
هو من الفيض الذاكري إلى العالم المنشود.