محال الذهب والصيرفة.. مخاوف السطو وقلق الصابئة من القتل
بغداد - السومرية نيوز : يحرص عادل رامي صاحب أكبر محل لبيع الذهب في منطقة الشرطة الرابعة ببغداد، على إغلاق المحل وقت الظهيرة بأقفال كثيرة وكبيرة، وعلامات القلق بادية على وجهه وهو يلتفت يمنة ويسرة ويقول "يا أخي والله ما ادري أي ساعة يطبون؟" في إشارة منه إلى ترقبه الدائم للحظة مباغتة اللصوص، لكنه يعود ليستدرك بالقول مع نوع من التسليم بالأمر الواقع "يا لله شنسوي وياها وياها".
ولا تشكل مخاوف رامي من استهداف محله استثناء بين نظرائه، فقد تصاعدت مخاوف صاغة الذهب في العاصمة بغداد، بعد ارتفاع وتيرة استهدافهم من قبل العصابات المسلحة، ومقتل عدد منهم، وهي مخاوف انتقلت بدورها إلى أصحاب محال الصيرفة، ففيما يطالب عدد من الصاغة بتوفير حماية لمحالهم في المناطق الشعبية ومنحهم رخصة رسمية لحمل السلاح، يفكر بعضهم بترك عمله ومغادرة العراق، في ظل توقعات لوزارة الداخلية أن تشهد الجريمة المنظمة في البلاد تطوراً خلال الفترة المقبلة.
سأبيع المحل و"أغادر مع الريح" بطريقة "ذهب ولم يعد"
وينتقد رامي في حديث لـ"السومرية نيوز" ما ويصفه "عدم اهتمام" الأجهزة الأمنية بحماية محال الصاغة، وهو انتقاد يشاركه فيه أصحاب محال الذهب والصيرفة، بعد تعرض بعض محالهم للسطو ومقتل وإصابة عدد من أصحابها.
ويؤكد رامي "كنا نتوقع من الأجهزة الأمنية المزيد من الحذر ووضع حراس مختصين قرب تجمعات الصاغة بعد ضحايا مجزرة الطوبجي من الصاغة إلا أن المأساة تكررت في البياع"، مبينا أن "أغلب حالات التسليب بحق الصاغة حدثت في مناطق شعبية لعدم وجود اهتمام حكومي بها بعكس المناطق الراقية في بغداد التي تزداد فيها الحراسات الأمنية".
ويواصل رامي كلامه بالقول "ساترك العراق، فحياتي أصبحت في خطر، لانتشار العصابات وعدم وجود حماية أمنية قرب محالنا خاصة"، لافتاً إلى أن "من يأتي إلى سوق الشرطة الرابعة سيجد أن هناك ما يقرب من 10 محال صياغة متقاربة مع بعضها، ومع هذا لن يرى أيا من أفراد الشرطة أو الجيش قربها لحمايتها"، حسب تعبيره.
وبالرغم من أن الصائغ رامي يعتقد أن بعض الجهات الأمنية تسهل عمل العصابات التي تسرق محلات الصاغة إلا انه يرى أن "وجود أفراد من الشرطة قرب محلاتهم قد يخيف العصابات من الاقتراب منهم إضافة إلى انه سيعطيهم بعض الأمان".
وتشهد أغلب المحافظات العراقية إجراءات أمنية مشددة تزامنت مع عمليات السطو المسلح على محال بيع الذهب، وتمثلت بإنزال العشرات من رجال الجيش والشرطة وقوات الطوارئ إلى الشوارع والانتشار في التقاطعات وإغلاق بعض شوارع المدن الرئيسة.
الداخلية لا تمنحنا رخصا لحمل السلاح ولا تحمينا أيضا!
ويؤيد أحد صاغة الذهب في منطقة الشرطة الرابعة وهو صباح سهيل ما قاله زميله ويطالب وزارة الداخلية بـ"منح الصاغة رخصا لحمل السلاح لحماية محالهم"، مؤكداً أن "الأجهزة الأمنية لا تمنحنا رخصا لحمل السلاح ولا تبادر لحمايتنا".
ويوضح سهيل في حديث لـ"السومرية نيوز"، أن "صاغة المنطقة حاولوا الحصول على هذه الرخص دون جدوى، حتى أن أغلبهم اضطروا لجلب أسلحة عير مرخصة لحماية لأنفسهم إلا أن هذه الأسلحة تمت مصادرتها جميعا بعد حملة تفتيش قامت بها الأجهزة الأمنية في المنطقة".
ويلفت الصائغ سهيل إلى أن "الصاغة في المنطقة اتفقوا فيما بينهم على تشكيل وفد يتكون من وجهاء المنطقة والصاغة، للالتقاء بآمر اللواء المشرف على حماية المنطقة، لحثه على توفير حماية للصاغة من أي اعتداء محتمل من قبل العصابات المنظمة، وبخاصة بعد الأخبار التي تحدثت عن إمكانية استهداف المصارف والصاغة".
وكان المتحدث الرسمي لقيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا كشف في أيار الماضي عن معلومات لدى الأجهزة الأمنية عن مخطط للقاعدة لاستهداف المصارف لتمويل عملياته لأنه يمر بأزمة مالية.
ويرى سهيل أن "المناطق الشعبية غير محمية جيدا ولا يوجد اهتمام بها من قبل الدولة"، مبينا أن "سرقة محالنا سهل جدا وبإمكان ثلاثة رجال مسلحين بأسلحة بسيطة سرقة جميع المحلات"، حسب قوله.
ويشير المراقبون إلى أن التدهور الأمني والسياسي بعد سقوط النظام في نيسان 2003 كان له الدور الرئيسي في نمو الجريمة المنظمة في العراق، ومن أشكالها تهريب الآثار والممتلكات العامة وتهريب المخدرات، وعمليات الاغتيال والخطف والسطو على المصارف ومحال الصاغة.
الخروق الأمنية حالات خاصة ولا تهديد على تجار الذهب
من جانبه، ينظر أحد تجار الجملة لبيع المصوغات الذهبية في شارع النهر وسط بغداد وهو أبو احمد، إلى الأمر من جانب آخر أكثر تفاؤلا، ربما لأنه يعمل في منطقة تعتبر من أكثر المناطق المحمية في بغداد لقربها من البنك المركزي العراقي.
ويقول أبو احمد لـ"السومرية نيوز"، إن "سوقنا وبالرغم من أنه يحتوي على مصوغات ذهبية أكثر من غيرها باعتباره المورد الرئيسي لبقية مناطق بغداد من الذهب، إلا أنه محمي جيدا بفضل الحراسات الموجودة للبنك المركزي القريب منا، فضلا عن أن بعض الحراس يتجولون ذهابا وإيابا لحراسة المنطقة"، ويؤكد بقوله "إننا راضون كل الرضا عن القوات الأمنية في المنطقة، أما الاختراقات التي تحصل بين آونة وأخرى فهي فردية ولا يمكن تعميمها على الجميع".
ويكشف أبو احمد أن "صاغة المنطقة لديهم أسلوبهم لحماية محالهم، لأنهم بمجرد تولد شكوك ببعض الأشخاص يتصلون ببعضهم عن طريق الموبايل، ويتواصلون فيما بينهم أيضا عن طريق الإشارات خاصة أن أغلب محال الصاغة هنا قريبة من بعضها".
ويضيف أن "مصوغاتنا الذهبية توضع في خزائن متينة جدا وفيها أقفال متعددة، فضلا عن أن هناك خزائن أخرى سرية موضوعة في الجدران"، موضحا أن تلك "الخزائن متينة جدا وعادة ما توضع واحدة داخل الأخرى، ولذلك نحن مطمئنون من هذا الجانب"، وفقا لقوله.
مكاتب الصيرفة يعيدون حساباتهم ويحتاطون على طريقتهم
وخلفت الهجمات المسلحة التي تعرض لها صاغة بغداد، قلقاً واضحاً بين أصحاب محال الصيرفة، حيث أن صاحب مكتب الأصدقاء للصيرفة في منطقة البياع جنوب غرب بغداد، احمد صادق يؤكد أنه أخذ إجازة من عمله لمدة ثلاثة أيام بعد حادثة مقتل صاغة في منطقة البياع.
ويقول صادق لـ"السومرية نيوز"، إن "أصحاب مكاتب الصيرفة وبعد الهجوم المسلح على الصاغة في البياع، ازدادت مخاوفهم من أن يأتي عليهم الدور في المرة المقبلة"، ويستدرك "ولكننا وبالرغم من وجود أسلحة مرخصة لدينا، إلا أن من الصعب علينا حماية أنفسنا إذا لم تكن هناك حماية رسمية من قبل الدولة وغير مخترقة".
ويوضح صاحب المكتب "ولهذا قمنا وبعد حادثة صاغة البياع بتقليل كمية الأموال في مكاتبنا، والحافظ هو الله"، مطالبا الحكومة بـ"توفير حماية كافية في المناطق التي يتواجد فيها الصاغة ومكاتب الصيرفة لأنهم أكثر عرضة للاستهداف من غيرهم"، على حد تعبيره.
الداخلية: الجريمة ستشهد تطوراً خلال الفترة المقبلة
من جهتها، ترجح وزارة الداخلية العراقية أن تشهد الجريمة المنظمة في البلاد تطوراً خلال الفترة المقبلة، فيما أعلنت عن استحداث مديرية خاصة بمكافحتها والنشاطات الإرهابية، كما واعترفت بحصول اختراق للقوى الأمنية من خلال تعاون بعض العناصر الأمنية في تنفيذ الجرائم.
ويصف وكيل وزارة الداخلية لشؤون الشرطة الفريق آيدن خالد في حديث لـ"السومرية نيوز"، عمليات السطو على المصارف ومحال صاغة الذهب بـ"الجرائم المنظمة، هدفها الحصول على الأموال، قسم منها يذهب لتمويل الجماعات الإرهابية"، مؤكداً أن التصدي الجريمة المنظمة "يحتاج إلى أساليب كثيرة وكبيرة لغرض متابعتها وجمع المعلومات عنها وليس عبر نشر الأسلحة الثقيلة".
ويقول خالد إن "هناك عصابات غايتها جمع المال وأخرى تمول الجماعات الإرهابية"، مبيناً أن "التقارير الكثيرة تشير إلى تراجع تمويل التنظيمات الإرهابية، ما يدفعها إلى الحصول على التمويل بهذه الطريقة".
ويعترف وكيل وزارة الداخلية بـ"مشاركة عناصر من القوى الأمنية في أغلب الهجمات التي تقوم بها الجماعات المسلحة"، مبيناً أنه "بوجود 600 ألف عنصر أمني فمن الوارد أن تجد عناصر إجرامية".
ويلفت خالد وعلى صعيد التصدي للجماعات المسلحة إلى أن وزارة الداخلية "شكلت منذ شهرين مديرية عامة جديدة باسم المديرية العامة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة"، مبيناً أن "المديرية الجديدة تعمل على تشكيل هياكلها وتنظيماتها المتخصصة، لأننا متأكدين من أن موضوع الجريمة المنظمة سيتطور".
وكانت عمليات السطو على المصارف ومحال الذهب في العراق شهدت ارتفاعاً ملحوظاً خلال الفترة الأخيرة، بدأت مع حادثة مصرف الزوية في منطقة الكرادة ببغداد العام الماضي، مروراً بحالات سطو كثيرة على المصارف الحكومية ومكاتب الصيرفة الأهلية ومحال بيع المجوهرات، ففي العشرين من شهر حزيران الماضي استهدف مسلحون بسيارتين مفخختين المصرف التجاري العراقي في بغداد، وحاول مسلحون قبل هذه العملية بأسبوع اقتحام البنك المركزي العراقي، ما تسبب ونشوب حريق في مبنى البنك قيل إنها لم تصب أوراقه المهمة بأضرار، وكان فرع مصرف الرافدين في قضاء المشخاب في محافظة النجف قد تعرض أواخر الشهر الماضي لعملية سطو تمت خلالها سرقة نحو ستة مليارات دينار.
في حين سطت مجموعة مسلحة في الأول من أيار الماضي على محل لبيع الذهب في منطقة حي القاهرة شرق بغداد، وسرقت كل محتوياته ولاذ أفرادها بالفرار، فيما تركوا سيارتهم أمام المحل، والتي انفجرت على عدد من الشرطة الذين جاءوا إلى موقع الحادث، ما أسفر عن مقتل أربعة منهم، كما سطا مسلحون مجهولون في 12 من الشهر الماضي، على معمل الهدى لتصفية وتعليب مياه الشرب بمنطقة بغداد الجديدة، وقيدوا عمال المصنع وسرقوا مبلغ 50 ألف دولار.
وفي العام الماضي تعرضت محال الصاغة في سوق الطوبجي شمال بغداد، في التاسع عشر من نيسان 2009 إلى عملية سطو أدت إلى مقتل سبعة أشخاص، بينهم ثلاثة من الصاغة الذين ينتمون لطائفة الصابئة المندائيين الذين كانت مهنة صياغة الذهب محصورة بهم تقريبا، في بغداد، ولكن العديد منهم غادر البلاد جراء الفوضى وعمليات الاستهداف التي طالتهم عقب نيسان من العام 2003.
بغداد - السومرية نيوز : يحرص عادل رامي صاحب أكبر محل لبيع الذهب في منطقة الشرطة الرابعة ببغداد، على إغلاق المحل وقت الظهيرة بأقفال كثيرة وكبيرة، وعلامات القلق بادية على وجهه وهو يلتفت يمنة ويسرة ويقول "يا أخي والله ما ادري أي ساعة يطبون؟" في إشارة منه إلى ترقبه الدائم للحظة مباغتة اللصوص، لكنه يعود ليستدرك بالقول مع نوع من التسليم بالأمر الواقع "يا لله شنسوي وياها وياها".
ولا تشكل مخاوف رامي من استهداف محله استثناء بين نظرائه، فقد تصاعدت مخاوف صاغة الذهب في العاصمة بغداد، بعد ارتفاع وتيرة استهدافهم من قبل العصابات المسلحة، ومقتل عدد منهم، وهي مخاوف انتقلت بدورها إلى أصحاب محال الصيرفة، ففيما يطالب عدد من الصاغة بتوفير حماية لمحالهم في المناطق الشعبية ومنحهم رخصة رسمية لحمل السلاح، يفكر بعضهم بترك عمله ومغادرة العراق، في ظل توقعات لوزارة الداخلية أن تشهد الجريمة المنظمة في البلاد تطوراً خلال الفترة المقبلة.
سأبيع المحل و"أغادر مع الريح" بطريقة "ذهب ولم يعد"
وينتقد رامي في حديث لـ"السومرية نيوز" ما ويصفه "عدم اهتمام" الأجهزة الأمنية بحماية محال الصاغة، وهو انتقاد يشاركه فيه أصحاب محال الذهب والصيرفة، بعد تعرض بعض محالهم للسطو ومقتل وإصابة عدد من أصحابها.
ويؤكد رامي "كنا نتوقع من الأجهزة الأمنية المزيد من الحذر ووضع حراس مختصين قرب تجمعات الصاغة بعد ضحايا مجزرة الطوبجي من الصاغة إلا أن المأساة تكررت في البياع"، مبينا أن "أغلب حالات التسليب بحق الصاغة حدثت في مناطق شعبية لعدم وجود اهتمام حكومي بها بعكس المناطق الراقية في بغداد التي تزداد فيها الحراسات الأمنية".
ويواصل رامي كلامه بالقول "ساترك العراق، فحياتي أصبحت في خطر، لانتشار العصابات وعدم وجود حماية أمنية قرب محالنا خاصة"، لافتاً إلى أن "من يأتي إلى سوق الشرطة الرابعة سيجد أن هناك ما يقرب من 10 محال صياغة متقاربة مع بعضها، ومع هذا لن يرى أيا من أفراد الشرطة أو الجيش قربها لحمايتها"، حسب تعبيره.
وبالرغم من أن الصائغ رامي يعتقد أن بعض الجهات الأمنية تسهل عمل العصابات التي تسرق محلات الصاغة إلا انه يرى أن "وجود أفراد من الشرطة قرب محلاتهم قد يخيف العصابات من الاقتراب منهم إضافة إلى انه سيعطيهم بعض الأمان".
وتشهد أغلب المحافظات العراقية إجراءات أمنية مشددة تزامنت مع عمليات السطو المسلح على محال بيع الذهب، وتمثلت بإنزال العشرات من رجال الجيش والشرطة وقوات الطوارئ إلى الشوارع والانتشار في التقاطعات وإغلاق بعض شوارع المدن الرئيسة.
الداخلية لا تمنحنا رخصا لحمل السلاح ولا تحمينا أيضا!
ويؤيد أحد صاغة الذهب في منطقة الشرطة الرابعة وهو صباح سهيل ما قاله زميله ويطالب وزارة الداخلية بـ"منح الصاغة رخصا لحمل السلاح لحماية محالهم"، مؤكداً أن "الأجهزة الأمنية لا تمنحنا رخصا لحمل السلاح ولا تبادر لحمايتنا".
ويوضح سهيل في حديث لـ"السومرية نيوز"، أن "صاغة المنطقة حاولوا الحصول على هذه الرخص دون جدوى، حتى أن أغلبهم اضطروا لجلب أسلحة عير مرخصة لحماية لأنفسهم إلا أن هذه الأسلحة تمت مصادرتها جميعا بعد حملة تفتيش قامت بها الأجهزة الأمنية في المنطقة".
ويلفت الصائغ سهيل إلى أن "الصاغة في المنطقة اتفقوا فيما بينهم على تشكيل وفد يتكون من وجهاء المنطقة والصاغة، للالتقاء بآمر اللواء المشرف على حماية المنطقة، لحثه على توفير حماية للصاغة من أي اعتداء محتمل من قبل العصابات المنظمة، وبخاصة بعد الأخبار التي تحدثت عن إمكانية استهداف المصارف والصاغة".
وكان المتحدث الرسمي لقيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا كشف في أيار الماضي عن معلومات لدى الأجهزة الأمنية عن مخطط للقاعدة لاستهداف المصارف لتمويل عملياته لأنه يمر بأزمة مالية.
ويرى سهيل أن "المناطق الشعبية غير محمية جيدا ولا يوجد اهتمام بها من قبل الدولة"، مبينا أن "سرقة محالنا سهل جدا وبإمكان ثلاثة رجال مسلحين بأسلحة بسيطة سرقة جميع المحلات"، حسب قوله.
ويشير المراقبون إلى أن التدهور الأمني والسياسي بعد سقوط النظام في نيسان 2003 كان له الدور الرئيسي في نمو الجريمة المنظمة في العراق، ومن أشكالها تهريب الآثار والممتلكات العامة وتهريب المخدرات، وعمليات الاغتيال والخطف والسطو على المصارف ومحال الصاغة.
الخروق الأمنية حالات خاصة ولا تهديد على تجار الذهب
من جانبه، ينظر أحد تجار الجملة لبيع المصوغات الذهبية في شارع النهر وسط بغداد وهو أبو احمد، إلى الأمر من جانب آخر أكثر تفاؤلا، ربما لأنه يعمل في منطقة تعتبر من أكثر المناطق المحمية في بغداد لقربها من البنك المركزي العراقي.
ويقول أبو احمد لـ"السومرية نيوز"، إن "سوقنا وبالرغم من أنه يحتوي على مصوغات ذهبية أكثر من غيرها باعتباره المورد الرئيسي لبقية مناطق بغداد من الذهب، إلا أنه محمي جيدا بفضل الحراسات الموجودة للبنك المركزي القريب منا، فضلا عن أن بعض الحراس يتجولون ذهابا وإيابا لحراسة المنطقة"، ويؤكد بقوله "إننا راضون كل الرضا عن القوات الأمنية في المنطقة، أما الاختراقات التي تحصل بين آونة وأخرى فهي فردية ولا يمكن تعميمها على الجميع".
ويكشف أبو احمد أن "صاغة المنطقة لديهم أسلوبهم لحماية محالهم، لأنهم بمجرد تولد شكوك ببعض الأشخاص يتصلون ببعضهم عن طريق الموبايل، ويتواصلون فيما بينهم أيضا عن طريق الإشارات خاصة أن أغلب محال الصاغة هنا قريبة من بعضها".
ويضيف أن "مصوغاتنا الذهبية توضع في خزائن متينة جدا وفيها أقفال متعددة، فضلا عن أن هناك خزائن أخرى سرية موضوعة في الجدران"، موضحا أن تلك "الخزائن متينة جدا وعادة ما توضع واحدة داخل الأخرى، ولذلك نحن مطمئنون من هذا الجانب"، وفقا لقوله.
مكاتب الصيرفة يعيدون حساباتهم ويحتاطون على طريقتهم
وخلفت الهجمات المسلحة التي تعرض لها صاغة بغداد، قلقاً واضحاً بين أصحاب محال الصيرفة، حيث أن صاحب مكتب الأصدقاء للصيرفة في منطقة البياع جنوب غرب بغداد، احمد صادق يؤكد أنه أخذ إجازة من عمله لمدة ثلاثة أيام بعد حادثة مقتل صاغة في منطقة البياع.
ويقول صادق لـ"السومرية نيوز"، إن "أصحاب مكاتب الصيرفة وبعد الهجوم المسلح على الصاغة في البياع، ازدادت مخاوفهم من أن يأتي عليهم الدور في المرة المقبلة"، ويستدرك "ولكننا وبالرغم من وجود أسلحة مرخصة لدينا، إلا أن من الصعب علينا حماية أنفسنا إذا لم تكن هناك حماية رسمية من قبل الدولة وغير مخترقة".
ويوضح صاحب المكتب "ولهذا قمنا وبعد حادثة صاغة البياع بتقليل كمية الأموال في مكاتبنا، والحافظ هو الله"، مطالبا الحكومة بـ"توفير حماية كافية في المناطق التي يتواجد فيها الصاغة ومكاتب الصيرفة لأنهم أكثر عرضة للاستهداف من غيرهم"، على حد تعبيره.
الداخلية: الجريمة ستشهد تطوراً خلال الفترة المقبلة
من جهتها، ترجح وزارة الداخلية العراقية أن تشهد الجريمة المنظمة في البلاد تطوراً خلال الفترة المقبلة، فيما أعلنت عن استحداث مديرية خاصة بمكافحتها والنشاطات الإرهابية، كما واعترفت بحصول اختراق للقوى الأمنية من خلال تعاون بعض العناصر الأمنية في تنفيذ الجرائم.
ويصف وكيل وزارة الداخلية لشؤون الشرطة الفريق آيدن خالد في حديث لـ"السومرية نيوز"، عمليات السطو على المصارف ومحال صاغة الذهب بـ"الجرائم المنظمة، هدفها الحصول على الأموال، قسم منها يذهب لتمويل الجماعات الإرهابية"، مؤكداً أن التصدي الجريمة المنظمة "يحتاج إلى أساليب كثيرة وكبيرة لغرض متابعتها وجمع المعلومات عنها وليس عبر نشر الأسلحة الثقيلة".
ويقول خالد إن "هناك عصابات غايتها جمع المال وأخرى تمول الجماعات الإرهابية"، مبيناً أن "التقارير الكثيرة تشير إلى تراجع تمويل التنظيمات الإرهابية، ما يدفعها إلى الحصول على التمويل بهذه الطريقة".
ويعترف وكيل وزارة الداخلية بـ"مشاركة عناصر من القوى الأمنية في أغلب الهجمات التي تقوم بها الجماعات المسلحة"، مبيناً أنه "بوجود 600 ألف عنصر أمني فمن الوارد أن تجد عناصر إجرامية".
ويلفت خالد وعلى صعيد التصدي للجماعات المسلحة إلى أن وزارة الداخلية "شكلت منذ شهرين مديرية عامة جديدة باسم المديرية العامة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة"، مبيناً أن "المديرية الجديدة تعمل على تشكيل هياكلها وتنظيماتها المتخصصة، لأننا متأكدين من أن موضوع الجريمة المنظمة سيتطور".
وكانت عمليات السطو على المصارف ومحال الذهب في العراق شهدت ارتفاعاً ملحوظاً خلال الفترة الأخيرة، بدأت مع حادثة مصرف الزوية في منطقة الكرادة ببغداد العام الماضي، مروراً بحالات سطو كثيرة على المصارف الحكومية ومكاتب الصيرفة الأهلية ومحال بيع المجوهرات، ففي العشرين من شهر حزيران الماضي استهدف مسلحون بسيارتين مفخختين المصرف التجاري العراقي في بغداد، وحاول مسلحون قبل هذه العملية بأسبوع اقتحام البنك المركزي العراقي، ما تسبب ونشوب حريق في مبنى البنك قيل إنها لم تصب أوراقه المهمة بأضرار، وكان فرع مصرف الرافدين في قضاء المشخاب في محافظة النجف قد تعرض أواخر الشهر الماضي لعملية سطو تمت خلالها سرقة نحو ستة مليارات دينار.
في حين سطت مجموعة مسلحة في الأول من أيار الماضي على محل لبيع الذهب في منطقة حي القاهرة شرق بغداد، وسرقت كل محتوياته ولاذ أفرادها بالفرار، فيما تركوا سيارتهم أمام المحل، والتي انفجرت على عدد من الشرطة الذين جاءوا إلى موقع الحادث، ما أسفر عن مقتل أربعة منهم، كما سطا مسلحون مجهولون في 12 من الشهر الماضي، على معمل الهدى لتصفية وتعليب مياه الشرب بمنطقة بغداد الجديدة، وقيدوا عمال المصنع وسرقوا مبلغ 50 ألف دولار.
وفي العام الماضي تعرضت محال الصاغة في سوق الطوبجي شمال بغداد، في التاسع عشر من نيسان 2009 إلى عملية سطو أدت إلى مقتل سبعة أشخاص، بينهم ثلاثة من الصاغة الذين ينتمون لطائفة الصابئة المندائيين الذين كانت مهنة صياغة الذهب محصورة بهم تقريبا، في بغداد، ولكن العديد منهم غادر البلاد جراء الفوضى وعمليات الاستهداف التي طالتهم عقب نيسان من العام 2003.