ونحن في رحاب ذكرى ولادة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام أهديكم شذرة من حكمه وأقتطف زهرة يانعة من بستان أقواله المأثورة وخطبه الصادقة الرائعة حيث قال :
** لقد علق بنياط هذا الإنسان بضعة هي أعجب ما فيه وذلك هو القلب
فإن جهده الجوع قعد به الضعف .. وإن أفرط به الشبع كضته البطنة
فكل تقصير به مضر .. وكل إفراط له مفسد **
لتسليط الضوء اللغوي وتبسيط ما ورد أعلاه فالنياط هو مايثبت به القلب وكما وصفت ذلك العرب بتعبيرها ... * نياط القلب * أما البضعة بفتح الباء فهي القطعة أو الجزء والمراد بها هنا هو القلب ومعنى جهده أي أعياه وأتعبه أما مرادف فعل كضته فهو ألمته وكربته وأخيرا ً فالبطنة بكسر الباء فهي تعبير لما يوصف به إمتلاء البطن وإرتفاع الحجاب الحاجز حتى يضيق ويصعب التنفس على الإنسان .
قارئ الكريم بعد هذا الإيضاح اللغوي السريع سأحاول جاهدا ً وبكل تواضع , تفسير غيض من فيض مما ورد في هذه الحكمة والنصيحة الطبية الإرشادية والوقائية .
القلب ذلك العضو العضلي المشابه لحد ما عضلة يدك في حجمه وشكله . نبضاته السبعين بالدقيقة الواحدة تضخ ما معدله خمسة لترات من الدم عبر الأوعية الدموية لأقصى مواقع جسم الإنسان .
في الوقت ذات لا يخفى على أحد ما لأهمية القلب الوظيفية في حياة كل إنسان والدارس المتفحص له يرى العجب كل العجب بين طياته فهو العضو الرئيسي الوحيد في جهاز الدوران كما هو فريد في تكوينه ووظائفه الفسيولوجية , أما تشريحيا ً فالقلب معلق , إن جاز التعبير , بنياط الشرايين والأوردة والروابط والأعصاب . تكوينيا ً ينقسم إلى نصفين الأذنين في الأعلى والبطينين أسفلهما يفصلهما حاجز محكم ذو صمامات غاية في الدقة العملية والضبط
وهناك عجب أخر يتجلى في إستقلالية القلب بتنظيم عمله اليومي الدؤوب بإنقباض عضلاته وإنبساطها ودقة فتح الصمامات وتناغمها مع سريان الدم من الأذنين إلى البطينين وذلك عن طريق منظومته المتخصصة والدقيقة والواقعة تحت تأثير الجهاز العصبي المركزي . نتيجة لهذا التنظيم والتكامل والتداخل والتناغم تتفعل الدورتان الكبرى والصغرى لديمومة الحياة .
هناك عجائب وظيفية أخرى لا يسع المجال لشمول سردها والإسهاب فيه .
عودة إلى قول الإمام علي فإن الجوع وهو الإقلال في تناول الطعام أو عدمه وبالتالي قلة التزود بالطاقة (الجلوكوز بالتحديد ) الضروري لأداء وظائف الجسم المتنوعة ,إذ أن هبوط سكر الدم يضعف القلب ويتعبه لإعتماد العضلة القلبية كليا ً على سكر الدم المذاب ونتيجة لذلك الهبوط يصيب الإنسان الخمول والصداع وقلة التركيز والنشاط إلى درجة الإغماء وفقدان الوعي .
كما أن الشبع الزائد والإفراط في تناول الطعام يقودان إلى إمتلاء البطن والتخمة وصولا ً إلى البدانة والسمنة وجميعنا يعرف حق المعرفة ما لذلك من مضاعفات كالإصابة بالداء السكري وأرتفاع الضغط الدموي وتصلب الشرايين وما يتبعه من جلطات دماغية وقلبية وعجز القلب المزمن والحاد وحتى الموت المفاجئ أثر السكتات القلبية في احيان ليست بالقليلة .
متابعة لكلام الإمام علي نرى كل تقصير أو سلوك حياتي وصحي غيرصحيح يؤثر سلبا ً وبصورة مباشرة على أداء وظائف القلب وإصابته بمختلف الأمراض الخطرة والمميتة أحيانا , كما أن الإفراط في السلوك اليومي مفسد لأداء القلب الفسيولوجيً والأمثلة الشواهد على ذلك عديدة ساتناولها في مقالات لاحقة
سلام عليك أبا الحسن يوم ولادتك في الكعبة المشرفة ويوم إستشهادك في محرابك المقدس ويوم تبعث حيا في جنان الخلد
ختام المسك
خير كلام.. كلام الله ...
ألا بذكر الله تطمأن القلوب . الرعد 28
ودمتم سالمين
تمنياتي بدوام الصحة والعافية
مقول
الدكتور سالم الخفاف