الكربلائيون : تنامي النفوذ الإيراني يقلقنا
منتجات رخيصة تغرق السوق.. ومخاوف من تسلل عملاء استخبارات وسط الزوار
كربلاء -الشرق الأوسط : يجري في الأسواق القديمة في كربلاء تداول التومان الإيراني جنبا إلى جنب مع الدينار العراقي. لكن العملات الورقية التي تحمل صورة آية الله الخميني والأحاديث باللغة الفارسية ليست المظاهر الوحيدة التي تضفي نكهة فارسية إضافية على المدينة، فعلى أرفف المتاجر، مثل متجر ياسين صالح، تقبع حاويات ضخمة من العسل ومساحيق التجميل ومعجون الأسنان، وكلها وجدت طريقها إلى متجره عبر الحدود المتنازع عليها بين البلدين. ويقول صالح «إنها رخيصة لكنها جيدة، والبعض لا يهتمون بشأن التكلفة، لكن من يرغبون في شراء منتجات منخفضة التكاليف يلجأون إلى المنتجات الإيرانية»، حسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس».
وتجلب التجارة مع الدولة التي كانت خصما ردحا من الزمن، إلى العراق الأموال التي يحتاجها بشدة وينتظر توقيع اتفاقيات بين البلدين بقيمة مليار دولار. وهناك عدد من البنوك الإيرانية المدرجة على القائمة السوداء الأميركية ستفتتح فروعا لها في العراق. لكن العلاقات المتنامية تشكل أيضا خللا سياسيا لا ترغب الولايات المتحدة حدوثه في دولة تناضل لبناء نفسها بعد سنوات من الحرب.
وقد تعددت لقاءات المسؤولين الإيرانيين والعراقيين، ونتج عن هذه الزيارات العديد من اتفاقات التعاون الاقتصادي بين البلدين ومن بينها اتفاقات تزويد الطاقة للعراق والتعهدات بإنشاء منطقة تجارة حرة عبر الحدود بين البلدين. وعرضت إيران على جارتها قرضا بمليار دولار لشراء منتجات إيرانية.
وفي البصرة ثاني أكبر المدن العراقية ومعقل الجماعات الشيعية القوية، اجتمعت أكثر من 60 شركة تجارية إيرانية في معرض للأعمال على مدار خمسة أيام يعد الأضخم من نوعه بالنسبة لحدث تشارك فيه إيران منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة. وضم المعرض منتجات شملت شاحنات لنقل البضائع المجمدة ودراجات نارية إلى جانب منتجات الألبان والبضائع المعلبة والملابس والإسمنت.
ويقول حيدر علي فاضل، الذي يترأس مفوضية البصرة للاستثمار، إنه في الشهر الماضي تم توقيع اتفاقية بما يقرب من مليار دولار مع شركة إنشاءات إيرانية لبناء آلاف المنازل وفنادق وأسواق تجارية في المدينة. وفي مارس (آذار) افتتح بنك «ملي» الذي تملكه الحكومة الإيرانية فرعه الثاني في العراق على الرغم من خضوع البنك لعقوبات أميركية وأوروبية نظرا لعلاقته المزعومة بالبرنامج النووي الإيراني. ويتوقع أن يفتتح بنكا «بارسيان» و«كارافارين»، الموضوعين على قائمة الترقب الأميركية فروعا لهما في العراق خلال الفترة المقبلة. ويقول مسؤولو السفارة الإيرانية في بغداد إن مستويات التجارة الفعلية بين البلدين تصل إلى 7 مليارات دولار، وهو ما يجعل العراق واحدا من أضخم الشركاء التجاريين لإيران. وتتطلع وزارة التجارة الإيرانية إلى رفع حجم التجارة بين البلدين إلى 10 مليارات دولارات سنويا خلال السنوات الثلاث المقبلة.
ويقول كنيث كاتزمان، اختصاصي الشرق الأوسط في مركز أبحاث الكونغرس التابع للحكومة الأميركية: «بالنسبة لإيران فإن الاستثمارات في مكان مثل البصرة والأماكن المقدسة مثل النجف وكربلاء هي أدوات تكميلية لبسط نفوذها في العراق. أنا لا أرى الولايات المتحدة ترغب في تعزيز ذلك، فمصلحة الولايات المتحدة تكمن في عزل إيران. وليس في تشجيع التكامل الاقتصادي».
وكانت إيران قد سعت لسنوات لإنشاء خط أنابيب لحمل النفط العراقي إلى معمل تكرير أبادان الإيراني، ثم يشحن النفط المكرر إلى الاتجاه المعاكس. وتصدر إيران فعليا النفط إلى العراق، على الرغم من افتقار كل منهما إلى القدرات التكريرية لمواجهة الطلب المحلي المتزايد. ويقول صامويل سيزكوك، محلل شؤون الطاقة في «آي إتش إس غلوبال إنسايت»: «إنها خطوة ذات دوافع سياسية».
وعلى الرغم من قول العديد من العراقيين إنهم يستفيدون من العلاقات الوثيقة مع إيران، فإنهم يبدون تذمرا من إغراق السوق العراقية بالمنتجات الإيرانية الرخيصة رديئة الجودة التي تزيد من صعوبة المنافسة أمام الشركات المحلية.
وهناك أيضا عدد آخر من الشكاوى، ففي ردهة فندق نور الزهراء في كربلاء، تقبع ساعتان على جدران البهو إحداهما تعمل حسب التوقيت العراقي والأخرى حسب توقيت طهران. لكن مالك الفندق إسماعيل محسن عبيد علي يقول إنه يحاول تجنب تأجير الغرف للإيرانيين الذين يقول عنهم إنهم مثيرون للمشكلات. القضية كما يقول هي الشركة المعروفة باسم «هيئة الحج والعمرة» المملوكة للدولة الإيرانية تقتصر على السياحة الدينية التي تدفع بـ5000 شيعي إيراني إلى العراق كل يوم. ويفرض ممثلو الحكومة شروطا قاسية، يطالبون فيها بتخفيضات ويتعاملون مع عدد محدود من وكالات السفر المعروفة، بحسب عبيد علي ورجال أعمال آخرين.
منتجات رخيصة تغرق السوق.. ومخاوف من تسلل عملاء استخبارات وسط الزوار
كربلاء -الشرق الأوسط : يجري في الأسواق القديمة في كربلاء تداول التومان الإيراني جنبا إلى جنب مع الدينار العراقي. لكن العملات الورقية التي تحمل صورة آية الله الخميني والأحاديث باللغة الفارسية ليست المظاهر الوحيدة التي تضفي نكهة فارسية إضافية على المدينة، فعلى أرفف المتاجر، مثل متجر ياسين صالح، تقبع حاويات ضخمة من العسل ومساحيق التجميل ومعجون الأسنان، وكلها وجدت طريقها إلى متجره عبر الحدود المتنازع عليها بين البلدين. ويقول صالح «إنها رخيصة لكنها جيدة، والبعض لا يهتمون بشأن التكلفة، لكن من يرغبون في شراء منتجات منخفضة التكاليف يلجأون إلى المنتجات الإيرانية»، حسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس».
وتجلب التجارة مع الدولة التي كانت خصما ردحا من الزمن، إلى العراق الأموال التي يحتاجها بشدة وينتظر توقيع اتفاقيات بين البلدين بقيمة مليار دولار. وهناك عدد من البنوك الإيرانية المدرجة على القائمة السوداء الأميركية ستفتتح فروعا لها في العراق. لكن العلاقات المتنامية تشكل أيضا خللا سياسيا لا ترغب الولايات المتحدة حدوثه في دولة تناضل لبناء نفسها بعد سنوات من الحرب.
وقد تعددت لقاءات المسؤولين الإيرانيين والعراقيين، ونتج عن هذه الزيارات العديد من اتفاقات التعاون الاقتصادي بين البلدين ومن بينها اتفاقات تزويد الطاقة للعراق والتعهدات بإنشاء منطقة تجارة حرة عبر الحدود بين البلدين. وعرضت إيران على جارتها قرضا بمليار دولار لشراء منتجات إيرانية.
وفي البصرة ثاني أكبر المدن العراقية ومعقل الجماعات الشيعية القوية، اجتمعت أكثر من 60 شركة تجارية إيرانية في معرض للأعمال على مدار خمسة أيام يعد الأضخم من نوعه بالنسبة لحدث تشارك فيه إيران منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة. وضم المعرض منتجات شملت شاحنات لنقل البضائع المجمدة ودراجات نارية إلى جانب منتجات الألبان والبضائع المعلبة والملابس والإسمنت.
ويقول حيدر علي فاضل، الذي يترأس مفوضية البصرة للاستثمار، إنه في الشهر الماضي تم توقيع اتفاقية بما يقرب من مليار دولار مع شركة إنشاءات إيرانية لبناء آلاف المنازل وفنادق وأسواق تجارية في المدينة. وفي مارس (آذار) افتتح بنك «ملي» الذي تملكه الحكومة الإيرانية فرعه الثاني في العراق على الرغم من خضوع البنك لعقوبات أميركية وأوروبية نظرا لعلاقته المزعومة بالبرنامج النووي الإيراني. ويتوقع أن يفتتح بنكا «بارسيان» و«كارافارين»، الموضوعين على قائمة الترقب الأميركية فروعا لهما في العراق خلال الفترة المقبلة. ويقول مسؤولو السفارة الإيرانية في بغداد إن مستويات التجارة الفعلية بين البلدين تصل إلى 7 مليارات دولار، وهو ما يجعل العراق واحدا من أضخم الشركاء التجاريين لإيران. وتتطلع وزارة التجارة الإيرانية إلى رفع حجم التجارة بين البلدين إلى 10 مليارات دولارات سنويا خلال السنوات الثلاث المقبلة.
ويقول كنيث كاتزمان، اختصاصي الشرق الأوسط في مركز أبحاث الكونغرس التابع للحكومة الأميركية: «بالنسبة لإيران فإن الاستثمارات في مكان مثل البصرة والأماكن المقدسة مثل النجف وكربلاء هي أدوات تكميلية لبسط نفوذها في العراق. أنا لا أرى الولايات المتحدة ترغب في تعزيز ذلك، فمصلحة الولايات المتحدة تكمن في عزل إيران. وليس في تشجيع التكامل الاقتصادي».
وكانت إيران قد سعت لسنوات لإنشاء خط أنابيب لحمل النفط العراقي إلى معمل تكرير أبادان الإيراني، ثم يشحن النفط المكرر إلى الاتجاه المعاكس. وتصدر إيران فعليا النفط إلى العراق، على الرغم من افتقار كل منهما إلى القدرات التكريرية لمواجهة الطلب المحلي المتزايد. ويقول صامويل سيزكوك، محلل شؤون الطاقة في «آي إتش إس غلوبال إنسايت»: «إنها خطوة ذات دوافع سياسية».
وعلى الرغم من قول العديد من العراقيين إنهم يستفيدون من العلاقات الوثيقة مع إيران، فإنهم يبدون تذمرا من إغراق السوق العراقية بالمنتجات الإيرانية الرخيصة رديئة الجودة التي تزيد من صعوبة المنافسة أمام الشركات المحلية.
وهناك أيضا عدد آخر من الشكاوى، ففي ردهة فندق نور الزهراء في كربلاء، تقبع ساعتان على جدران البهو إحداهما تعمل حسب التوقيت العراقي والأخرى حسب توقيت طهران. لكن مالك الفندق إسماعيل محسن عبيد علي يقول إنه يحاول تجنب تأجير الغرف للإيرانيين الذين يقول عنهم إنهم مثيرون للمشكلات. القضية كما يقول هي الشركة المعروفة باسم «هيئة الحج والعمرة» المملوكة للدولة الإيرانية تقتصر على السياحة الدينية التي تدفع بـ5000 شيعي إيراني إلى العراق كل يوم. ويفرض ممثلو الحكومة شروطا قاسية، يطالبون فيها بتخفيضات ويتعاملون مع عدد محدود من وكالات السفر المعروفة، بحسب عبيد علي ورجال أعمال آخرين.