مركز دراسات اميركي: الصراع على كركوك ليس نفطا فقط!!
اور نيوز:حظيت قضية كركوك منذ سقوط النظام السابق في العراق عام 2003 بأهمية اتسعت ابعادها لتستوعب تداعيات الاحتقان التاريخي والتنوع العرقي والمصالح السياسية والإستراتيجية الوطنية والاقليمية المتقاطعة في هذه المنطقة الغنية باحتياطاتها النفطية،والحيوية بدلالة موقعها الجيو استراتيجي. مثلما تستحضر هذه القضية أهميتها من واقع التحديات التي تفرضها على مستقبل الدولة العراقية وقدرة النظام السياسي فيها على ترسيخ ثوابت الوحدة الوطنية وتشييد ثقافتها على ارضية رصينة من التوافقات السياسية ضمن الأطر الدستورية والديمقراطية البعيدة عن نهج العنف وثقافة الاقصاء والاستحواذ.
وتتأتى إشكالية قضية كركوك كونها منعرجا صعبا من التجاذبات والتقاطعات الإستراتيجية التي رسمت حدودها المصالح الاستراتيجية المتقاطعة لاطراف وقوى محلية وإقليمية ولم يكن السقف القانوني والدستوري قادرا على كبح جماح تلك التجاذبات او لجم مطامعها حتى غدت قضية كركوك أعقد مسائل العراق السياسية منذ الاستقلال، بل يمكن اعتبار الجدل والصراع حول هوية هذه المحافظة، أو الإقليم كما يرغب البعض اعتباره، قضية أثنية كلاسيكية لا يضاهيها إلا الصراع حول مدينة القدس بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لاسيما مع تصريحات القادة الاكراد ان كركوك "قدس الاقداس" بالنسبة لإقليم كردستان.
ان أي تحليل دقيق لوضع كركوك يتطلب تقديرا سليما لأهمية المحافظة وجغرافية المدينة بما في ذلك توزيع المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية فيها، كما يشير تقرير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، فمثل هذه المناطق قد تكون مهمة لأسباب مادية ملموسة مثل وجود احتياطي النفط والغاز والطرق والتحصينات ومحطات الماء والكهرباء.
وقد تكون أيضا مهمة لأسباب أخرى غير جوهرية، وعادة ما يتم تجاهل ذلك في التحليلات ذات الصلة بكركوك، مما يجعل النزاع حولها يبدو مستبعدا في نظر المراقبين الخارجيين، لكن التركيز على التفاصيل يمكّن صناع القرار والمراقبين في الولايات المتحدة وأماكن أخرى من البدء في رؤية كركوك كمدينة حية ونشطة وموطن لمئات الآلاف من الناس وكنظام اقتصادي واداري ينبغي ابقاؤه عاملا، بصرف النظر عن كيفية تحقق اقتسام السلطة فيها.
ويتركز اهتمام هذا التقرير على المناطق الحضرية من كركوك (مركز كركوك ويايجي وتازا وخورماتو) ومنطقة الدبس الغنية بالنفط غرب مدينة كركوك. وتتمتع هذه المناطق بالأهمية الإستراتيجية الأكبر والمستويات الأعلى من التوترات الإثنية وتضم القدر الأكبر من رصيد المحافظة البشري والمادي. وعليه، فان هذا الفصل يحلل أهمية هذه المناطق الاقتصادية والتاريخية.
كركوك كنقطة حدودية:
جزء من أهمية كركوك الجوهرية يتمثل في دورها التاريخي باعتبارها نقطة التقاء بين المناطق الكردية والمناطق الاخرى ذات التعددية الاثنية. لقد لعبت مدينة كركوك دوراً هاماً كملتقى لطرق التجارة بين المشرق وبلاد فارس وما تزال تمثل حلقة الوصل المركزية بين انظمة الطرق الرئيسية المؤدية الى بغداد والموصل واربيل والسليمانية.
وبالاضافة الى ذلك، فان كركوك تدخل في عمق مناطق حكومة كردستان الاقليمية كما تظهر الخرائط الادارية للعراق، فالعمق الاستراتيجي للمحافظة- ولو نظريا على الاقل- يصل اقصى درجاته على الطرف الشمالي للمحافظة الذي لا يبعد سوى 60 كيلومترا عن الحدود الايرانية. وقد أقرت الحكومة العراقية بذلك منذ زمن بعيد، الامر الذي عزز موقعها كمنطلق لاي عمل عسكري ضد الاكراد، فأربيل والسليمانية لا تبعدان سوى عدة ساعات عن كركوك، وفي الواقع ان الطريقين الاسرع بين هاتين القلعتين الكرديتين يمران على بعد بضعة كيلومترات من مدينة كركوك، وتقع مصادر المياه الرئيسية للاقليم بالقرب من المدينة ايضا، بما في ذلك بحيرة دوكان على مسافة 30 كيلومتراً فقط من محافظة كركوك.
طوق أمني
وكان النظام السابق والحكومات العراقية السابقة ينظرون الى كركوك باعتبارها تشكل حاجزاً امام التمدد الكردي، فقد تبين ان وثائق نظام صدام استخدمت غير ذات مرة مصطلح "الطوق الامني" للاشارة الى القوس الاقليمي الشمالي والشرقي حول كركوك، وفي منطقة الجنوب الشرقي وضع نظام صدام الاولوية لتعريب مجموعة من البلدات التي تمتد من ليلان الى داقوق لتشكل حاجزاً امام السليمانية.
والى الشمال، عمد النظام الى عسكرة منطقة الدبس لتكون حاجزا امام اربيل، وبالمثل تم افراغ حفر كاني دوملاند المشرف على مدينة كركوك، من المدنيين وتحصينه منذ الستينات.
وقام النظام العراقي السابق بزرع حقول واسعة من الألغام بمحاذاة الحفر، وعلى جانبي الطريق السريع رقم 2 وهو الطريق الذي يربط كركوك باربيل، وبشكل عام تم تحويل هذه المناطق بشكل كبير منذ الستينات الى مناطق امنية محصنة فيها قواعد عسكرية كبرى وشبكات دفاعية مدمجة لمواجهة الاكراد في الشمال.
وقد تسارعت مثل هذه الجهود بعد عام 1991 حين اصبح الشمال الكردي يتمتع بالحكم الذاتي كأمر واقع، واليوم اصبحت قاعدة كركوك الاقليمية التي تستخدمها القوات الاميركية والعراقية الآن، القاعدة الجوية الرئيسية في شمال العراق.
ممارسات إدارية خاطئة
اضافة الى دورها كمنصة محتملة للعمل العسكري، فإن منطقة كركوك غنية بالموارد الطبيعية والبنية التحتية الاقتصادية ذات الصلة.
لقد ادت الخلافات القانونية بين اقليم كردستان والحكومة الفدرالية حول تطوير حقول النفط والغاز وحول المناطق الاخرى، الى تسليط الاضواء حول هذه المسألة، فالنفط والغاز في هذه المنطقة يعتبران من اجود الانواع لكنها عانت نتيجة الممارسات الادارية الخاطئة.
فحقل كركوك النفطي الضخم يحتوي على 9 مليارات برميل من الاحتياطي التجاري او حوالي 7،5 في المائة من اجمالي احتياطيات العراق النفطية التي تبلغ 115 مليارا، ويحتوي حقلا باي حسن والخباز النفطيان في منطقة الدبس على اكثر من خمسة مليارات برميل اضافية، وكل هذه الحقول الثلاثة غنية بالغاز ايضا، وبالرغم من ان انتاج حقلي كركوك وباي حسن سيشهدان انخفاضا كبيرا في الخمسين عاما المقبلة، فانهما سيبقيان من بين اكثر الحقول انتاجا في البلاد، ووفقا لتقارير في صناعة النفط يتوقع ان يصل الانتاج ذروته في حقل كركوك اي حوالي 500 الف برميل يوميا في 2025 قبل ان يتراجع الى 200 الف برميل يوميا في عام 2050، اما حقل باي حسن فسوف يصل ذروة انتاجه (200 الف برميل يوميا) خلال الفترة من 2020 ــ2035 قبل ان يتراجع انتاجه بسرعة الى 50 الف برميل يوميا في عام 2045.
توترات اثنية
وتستحق البنية التحتية السطحية لحقول نفط كركوك اهتماما اوثق، لان مواقعها تتداخل مع مناطق تابعة لكردستان واخرى تابعة للحكومة الفدرالية، وتعتبر ذات اهمية عسكرية ومناطق ظلت تخضع للتوترات الاثنية.
فالمنشآت السطحية لحقول افانا وباي حسن تقع في مناطق افرغ معظمها من سكانه في الدبس وكانت هذه مناطق زراعية كردية في معظمها حتى الستينات حين تعرضت مراراً للتطهير العرقي على يد النظام العراقي الذي قام أيضاً بتوطين العرب هناك، لكن هؤلاء الوافدين فروا من المنطقة حتى قبل وصول قوات البشمركة في نيسان 2003، اما اليوم، فان عمليات فصل النفط عن الغاز تتم في ثلاثة معامل هي باي حسن الشمالي وباي حسن الجنوبي وسارالوا Gosp، ومن المهم الاشارة الى ان انبوب النفط الذي يمتد لاربعة وثلاثين كيلومتراً بطاقة 16 أنشاً الذي يربط بين هذه المنشآت ومصفاة كركوك ومعمل K-1، يمر عبر قضاء مركز الدبس ويتعرض كثيراً لهجمات المزارعين العرب، ويقع حقل خباز في قضاء يايشي، حيث يعيش مهجرون عرب (من منطقة كركوك) وتركمان واكراد ينتظرون توطينهم في مناطق وممتلكات انتزعت منهم في الستينات وما بعد ذلك.
ومن المناطق الاخرى ذات الاهمية، بايا دوم ذات الحقول النفطية والتي تمتد على طول جرف قاني دوملاند، وهنا تمتد البنية التحتية السطحية من مناطق غرب مجمع شركة نفط الشمال في منطقة بابا كركر الى المناطق الشمالية الشرقية من مدينة كركوك، وتقوم سبع منشآت رئيسية بتكرير النفط ونقله الى مصفاة K-1 عبر نظام انابيب مدمج يقع معظمه في المنطقة المفرغة من السكان الى الشمال الغربي لمدينة كركوك وتقع ست من هذه المنشآت على طول الطرف الغربي لقاني دوملان تحت الجرف الذي يشبه العمود الفقري، وكان قد تم تطهير هذه المناطق من المزارعين الاكراد عام 1963 وظلت - في معظمها- خالية من السكان، على الرغم من ان الاكراد بدأوا يعودون الى المنطقة ببطء، وتقع المنشأة السابعة في منطقة تقع شمال شرق مدينة كركوك ويقطنها أكراد تم تهجيرهم محلياً عام 2003.
البنية التحتية للنفط والغاز:
تشمل عناصر البنية التحتية لصناعة النفط والغاز في كركوك مصفاة النفط الرئيسية في المدينة والخزانات وانظمة الانابيب الاستراتيجية التي تنقل النفط داخل البلاد او الى محطات التصدير الى الخارج، وتوجد معظم هذه المرافق في مجمع بابا كركر الذي استخدمته صناعة النفط العراقية باستمرار منذ العشرينات من القرن الماضي ويضم المصفاة K-1 وحاويات تخزين النفط ومحطة لتوليد الكهرباء وغير ذلك.
وعلى الرغم من ان المجمع يخضع فنياً لادارة الحكومة الفدرالية، لكن المنطقة تقع عملياً تحت سلطة ممثلين عن كل الفصائل المحلية، وبالاضافة الى ذلك، يوجد المشروع الاسكاني IDP.
وخارج منطقة بابا كركر توجد الكثير من المنشآت الخاصة بانتاج وتصنيع النفط والغاز، كما توجد فيها مصفاة كركوك K-2 التي تعرضت لاضرار كبيرة اثر تعرضها لهجوم في تشرين الثاني 2006.
أهمية كركوك الاستراتيجية:
على الرغم من ان الثروة النفطية والغاز في المدينة هما العامل الابرز للصراع الدائر حول المنطقة، الا ان نظرة اوثق لدوافع واحتياجات الاكراد والسلطة الفدرالية تعطي صورة اكثر شمولية عن ذلك، تختلف الآراء حول مدى تأثير الثروة النفطية في المنطقة على مختلف الفرقاء وتقييمهم للمنطقة.
سجل الحكومات العراقية يشير الى ان بغداد ظلت تنظر الى كركوك من منظور ما تحتويه من ثروة نفطية، وبالمثل، فان بعض العرب والتركمان يعتقدون ان اهتمام الاكراد بكركوك مرده الثروة النفطية. قادر عزيز ممثل رئيس كردستان مسعود البرزاني في لجنة المادة 140 قال ذات مرة انه «لو لم يكن في كركوك نفطا، فان احدا لن يقاتل من أجلها».
وفي الوقت ذاته، ينفي معظم القادة الاكراد ان دوافعهم في كركوك اقتصادية، وقال كريم سنجاري، وزير داخلية اقليم كردستان، ان مطالب الاكراد في كركوك ليست مرتبطة بالنفط، فحقول النفط ستبقى تحت سيطرة الحكومة الفدرالية، سواء انضمت المدينة الى إقليم كردستان ام لم تنضم.. فلدينا من النفط في اقليم كردستان ما يكفي لسنوات.
وعلى الرغم من ان عمليات النفط قيد التشغيل ايضا في كثير من انتاج كركوك الحالي، فان افاقها المستقبلية أعطت قادة اقليم كردستان - على ما يبدو- موردا بديلا للمستقبل.
الخط الأخضر
وبشكل عام، قدم زعماء كردستان للمراقبين قدراً كبيراً من الفرص ليقرأوا بين السطور رؤيتهم للدور الاقتصادي لكردستان، وهناك ثلاث دراسات تعالج هذا الموضوع هي: "التعامل مع قبة خورمالا"، و"مقترحات لربط حقول نفط اقليم كردستان بالبنية التحتية لكركوك" و"رؤى الاكراد حول حقوق النفط في كركوك وباي حسن".
وتقع قبة خورمالا في معظمها في محافظة اربيل اي داخل اقليم كردستان، ومع ذلك، ففي السنوات العشر الاولى من قيام اقليم كردستان، كانت القبة جزءا من العراق ابان حكم صدام لوقوعها غرب ما كان يعرف بــ "الخط الأخضر"، وكانت تخضع لوزارة النفط. وقد سمحت حكومة صدام حسين بحفر ستين بئراً هناك قبيل سنوات من سقوطه، لكن لم يتم تحديد اي انابيب او محطات لتكرير النفط او فصله عن الغاز.
في كانون الاول 2004، استعانت شركة نفط الشمال الحكومية بمجموعة استشارية لتصميم وتوريد ثلاث محطات للتكرير وفصل الغاز عن النفط، اضافة الى خط انابيب لربط ابار خورمالا بمصفاة التكرير K-1 ومحطات التكرير وفصل النفط عن الغاز في كركوك.
ولدى اقليم كردستان افكار مختلفة مع ذلك، ففي تشرين الاول 2007 طالبت شركة البترول الوطنية لكردستان بحقوق حصرية بالقبة. وقد خططت الشركة لاستخدام البنية التحتية التي طورها نظام صدام لتغذية احدى مصافي التكرير في اربيل ولتوفير الوقود لمحطات توليد الكهرباء داخل الاقليم.
حل وسط
في تشرين الثاني 2008، توصلت حكومتا بغداد واقليم كردستان الى حل وسط اسفر عن استكمال محطتي تجميع هما خورمالا الشمال وخورمالا الوسط، ومنشأة مركزية لمعالجة النفط، وخط انابيب طوله 40 كيلو مترا يربط خورمالا بمصفاة اربيل.
ولكن هذه الترتيبات قد لا تصمد طويلا، فحكومة كردستان ومؤسسات البنية التحتية فيها تدرس اقامة خط انابيب بطول 85 كيلومترا لربط منطقة طق طق بمنشأة المعالجة المركزية في خورمالا.
وليس من الواضح ما اذا كان سيتم نقل النفط حينئذ عبر انبوب اربيل او من خلال نظام خط الانابيب الحكومي الى المصفاة K-1 وسيتم ربط حقل طاوكي النفطي بخط الانابيب العراقي ــ التركي على مقربة من الحدود، ومن الواضح ان اقليم كردستان يبقى على خياراته من خلال تطوير منشأة خورمالا المركزية التي ستكون نقطة توزيع للنفط داخل الاقليم او الى نظام التصدير الحكومي.
واتخذت حكومة اقليم كردستان موقفا متشددا كذلك من مصادر النفط جنوب محافظة اربيل (باي حسن وكركوك) ولكن يبدو ان هذا الموقف مبالغ في تشدده لفظيا فقط.
فقد اعلنت حكومة بغداد في حزيران 2009 انها ستتولى العروض المتعلقة بحقول المنصورية وعكاس وكركوك، فطالب رئيس وزراء اقليم كردستان انذاك نجيرفان برزاني، الحكومة بضرورة التشاور مع حكومته في هذا الشأن انسجاما مع الدستور العراقي والذي ينص على التشاور بين الحكومة والاقاليم المنتجة للنفط، وهذه المطالبة تعني ان الاكراد يعتبرون ان حقلي باي حسن وكركوك يقعان ضمن اراضيهم، واشار برزاني الى ان الحقول تشمل ارضا متنازعا عليها، وحذر وزير الموارد الطبيعية في الاقليم من ان العمل في حقل كركوك يتطلب حمايتنا الامنية فكيف يمكن لشركة العمل فيه اذا لم نكن طرفا في اي اتفاق معها وفي الوقت ذاته يتوقعون منا توفير الحماية لهم؟».
ورقة تفاوضية
هكذا، ففي حين ان لدى حكومة كردستان افكاراً محددة بشأن استخدام نفط اربيل ودهوك والسليمانية، الا انهم يعملون لمصالحهم في موارد كركوك النفطية بشكل مختلف، بمعنى آخر فإن السيطرة على نفط كركوك ليس هدفا لاقليم كردستان بل ان مسار سياسة الاكراد النفطية الذي ركز على التقليل من اهمية كركوك كمحطة تكرير وتصدير يعكس اهتماما بالتطوير الاقتصادي داخل الاقليم وضمن حدود غير متنازع عليها على العكس مما هو عليه وضع كركوك، ولم تسع معظم الاحزاب الكردية الى فرض سيطرة مشددة على شركة نفط الشمال او شركة مصافي الشمال، على الرغم من ان شركة غاز الشمال قد تكون شيئا مختلفا، ان تحويل النفط الخام او المكرر من كركوك بشكل غير مشروع اصبح ضمن قدراتهم منذ عام 2003 ولكن ليس هناك سوى ادلة محدودة على هذه الممارسة، على العكس من الوضع في مصافي تسيطر عليها الحكومة في بيجي والبصرة التي حصلت فيها في الفترة ذاتها عمليات واسعة لتهريب النفط بصورة غير مشروعة.
وحتى اذا كانت ثروة كركوك النفطية في معظمها، تمثل ورقة تفاوضية، فإن المدينة والمناطق المحيطة بها لا تزال تحظى بأهمية عاطفية واستراتيجية.
اور نيوز:حظيت قضية كركوك منذ سقوط النظام السابق في العراق عام 2003 بأهمية اتسعت ابعادها لتستوعب تداعيات الاحتقان التاريخي والتنوع العرقي والمصالح السياسية والإستراتيجية الوطنية والاقليمية المتقاطعة في هذه المنطقة الغنية باحتياطاتها النفطية،والحيوية بدلالة موقعها الجيو استراتيجي. مثلما تستحضر هذه القضية أهميتها من واقع التحديات التي تفرضها على مستقبل الدولة العراقية وقدرة النظام السياسي فيها على ترسيخ ثوابت الوحدة الوطنية وتشييد ثقافتها على ارضية رصينة من التوافقات السياسية ضمن الأطر الدستورية والديمقراطية البعيدة عن نهج العنف وثقافة الاقصاء والاستحواذ.
وتتأتى إشكالية قضية كركوك كونها منعرجا صعبا من التجاذبات والتقاطعات الإستراتيجية التي رسمت حدودها المصالح الاستراتيجية المتقاطعة لاطراف وقوى محلية وإقليمية ولم يكن السقف القانوني والدستوري قادرا على كبح جماح تلك التجاذبات او لجم مطامعها حتى غدت قضية كركوك أعقد مسائل العراق السياسية منذ الاستقلال، بل يمكن اعتبار الجدل والصراع حول هوية هذه المحافظة، أو الإقليم كما يرغب البعض اعتباره، قضية أثنية كلاسيكية لا يضاهيها إلا الصراع حول مدينة القدس بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لاسيما مع تصريحات القادة الاكراد ان كركوك "قدس الاقداس" بالنسبة لإقليم كردستان.
ان أي تحليل دقيق لوضع كركوك يتطلب تقديرا سليما لأهمية المحافظة وجغرافية المدينة بما في ذلك توزيع المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية فيها، كما يشير تقرير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، فمثل هذه المناطق قد تكون مهمة لأسباب مادية ملموسة مثل وجود احتياطي النفط والغاز والطرق والتحصينات ومحطات الماء والكهرباء.
وقد تكون أيضا مهمة لأسباب أخرى غير جوهرية، وعادة ما يتم تجاهل ذلك في التحليلات ذات الصلة بكركوك، مما يجعل النزاع حولها يبدو مستبعدا في نظر المراقبين الخارجيين، لكن التركيز على التفاصيل يمكّن صناع القرار والمراقبين في الولايات المتحدة وأماكن أخرى من البدء في رؤية كركوك كمدينة حية ونشطة وموطن لمئات الآلاف من الناس وكنظام اقتصادي واداري ينبغي ابقاؤه عاملا، بصرف النظر عن كيفية تحقق اقتسام السلطة فيها.
ويتركز اهتمام هذا التقرير على المناطق الحضرية من كركوك (مركز كركوك ويايجي وتازا وخورماتو) ومنطقة الدبس الغنية بالنفط غرب مدينة كركوك. وتتمتع هذه المناطق بالأهمية الإستراتيجية الأكبر والمستويات الأعلى من التوترات الإثنية وتضم القدر الأكبر من رصيد المحافظة البشري والمادي. وعليه، فان هذا الفصل يحلل أهمية هذه المناطق الاقتصادية والتاريخية.
كركوك كنقطة حدودية:
جزء من أهمية كركوك الجوهرية يتمثل في دورها التاريخي باعتبارها نقطة التقاء بين المناطق الكردية والمناطق الاخرى ذات التعددية الاثنية. لقد لعبت مدينة كركوك دوراً هاماً كملتقى لطرق التجارة بين المشرق وبلاد فارس وما تزال تمثل حلقة الوصل المركزية بين انظمة الطرق الرئيسية المؤدية الى بغداد والموصل واربيل والسليمانية.
وبالاضافة الى ذلك، فان كركوك تدخل في عمق مناطق حكومة كردستان الاقليمية كما تظهر الخرائط الادارية للعراق، فالعمق الاستراتيجي للمحافظة- ولو نظريا على الاقل- يصل اقصى درجاته على الطرف الشمالي للمحافظة الذي لا يبعد سوى 60 كيلومترا عن الحدود الايرانية. وقد أقرت الحكومة العراقية بذلك منذ زمن بعيد، الامر الذي عزز موقعها كمنطلق لاي عمل عسكري ضد الاكراد، فأربيل والسليمانية لا تبعدان سوى عدة ساعات عن كركوك، وفي الواقع ان الطريقين الاسرع بين هاتين القلعتين الكرديتين يمران على بعد بضعة كيلومترات من مدينة كركوك، وتقع مصادر المياه الرئيسية للاقليم بالقرب من المدينة ايضا، بما في ذلك بحيرة دوكان على مسافة 30 كيلومتراً فقط من محافظة كركوك.
طوق أمني
وكان النظام السابق والحكومات العراقية السابقة ينظرون الى كركوك باعتبارها تشكل حاجزاً امام التمدد الكردي، فقد تبين ان وثائق نظام صدام استخدمت غير ذات مرة مصطلح "الطوق الامني" للاشارة الى القوس الاقليمي الشمالي والشرقي حول كركوك، وفي منطقة الجنوب الشرقي وضع نظام صدام الاولوية لتعريب مجموعة من البلدات التي تمتد من ليلان الى داقوق لتشكل حاجزاً امام السليمانية.
والى الشمال، عمد النظام الى عسكرة منطقة الدبس لتكون حاجزا امام اربيل، وبالمثل تم افراغ حفر كاني دوملاند المشرف على مدينة كركوك، من المدنيين وتحصينه منذ الستينات.
وقام النظام العراقي السابق بزرع حقول واسعة من الألغام بمحاذاة الحفر، وعلى جانبي الطريق السريع رقم 2 وهو الطريق الذي يربط كركوك باربيل، وبشكل عام تم تحويل هذه المناطق بشكل كبير منذ الستينات الى مناطق امنية محصنة فيها قواعد عسكرية كبرى وشبكات دفاعية مدمجة لمواجهة الاكراد في الشمال.
وقد تسارعت مثل هذه الجهود بعد عام 1991 حين اصبح الشمال الكردي يتمتع بالحكم الذاتي كأمر واقع، واليوم اصبحت قاعدة كركوك الاقليمية التي تستخدمها القوات الاميركية والعراقية الآن، القاعدة الجوية الرئيسية في شمال العراق.
ممارسات إدارية خاطئة
اضافة الى دورها كمنصة محتملة للعمل العسكري، فإن منطقة كركوك غنية بالموارد الطبيعية والبنية التحتية الاقتصادية ذات الصلة.
لقد ادت الخلافات القانونية بين اقليم كردستان والحكومة الفدرالية حول تطوير حقول النفط والغاز وحول المناطق الاخرى، الى تسليط الاضواء حول هذه المسألة، فالنفط والغاز في هذه المنطقة يعتبران من اجود الانواع لكنها عانت نتيجة الممارسات الادارية الخاطئة.
فحقل كركوك النفطي الضخم يحتوي على 9 مليارات برميل من الاحتياطي التجاري او حوالي 7،5 في المائة من اجمالي احتياطيات العراق النفطية التي تبلغ 115 مليارا، ويحتوي حقلا باي حسن والخباز النفطيان في منطقة الدبس على اكثر من خمسة مليارات برميل اضافية، وكل هذه الحقول الثلاثة غنية بالغاز ايضا، وبالرغم من ان انتاج حقلي كركوك وباي حسن سيشهدان انخفاضا كبيرا في الخمسين عاما المقبلة، فانهما سيبقيان من بين اكثر الحقول انتاجا في البلاد، ووفقا لتقارير في صناعة النفط يتوقع ان يصل الانتاج ذروته في حقل كركوك اي حوالي 500 الف برميل يوميا في 2025 قبل ان يتراجع الى 200 الف برميل يوميا في عام 2050، اما حقل باي حسن فسوف يصل ذروة انتاجه (200 الف برميل يوميا) خلال الفترة من 2020 ــ2035 قبل ان يتراجع انتاجه بسرعة الى 50 الف برميل يوميا في عام 2045.
توترات اثنية
وتستحق البنية التحتية السطحية لحقول نفط كركوك اهتماما اوثق، لان مواقعها تتداخل مع مناطق تابعة لكردستان واخرى تابعة للحكومة الفدرالية، وتعتبر ذات اهمية عسكرية ومناطق ظلت تخضع للتوترات الاثنية.
فالمنشآت السطحية لحقول افانا وباي حسن تقع في مناطق افرغ معظمها من سكانه في الدبس وكانت هذه مناطق زراعية كردية في معظمها حتى الستينات حين تعرضت مراراً للتطهير العرقي على يد النظام العراقي الذي قام أيضاً بتوطين العرب هناك، لكن هؤلاء الوافدين فروا من المنطقة حتى قبل وصول قوات البشمركة في نيسان 2003، اما اليوم، فان عمليات فصل النفط عن الغاز تتم في ثلاثة معامل هي باي حسن الشمالي وباي حسن الجنوبي وسارالوا Gosp، ومن المهم الاشارة الى ان انبوب النفط الذي يمتد لاربعة وثلاثين كيلومتراً بطاقة 16 أنشاً الذي يربط بين هذه المنشآت ومصفاة كركوك ومعمل K-1، يمر عبر قضاء مركز الدبس ويتعرض كثيراً لهجمات المزارعين العرب، ويقع حقل خباز في قضاء يايشي، حيث يعيش مهجرون عرب (من منطقة كركوك) وتركمان واكراد ينتظرون توطينهم في مناطق وممتلكات انتزعت منهم في الستينات وما بعد ذلك.
ومن المناطق الاخرى ذات الاهمية، بايا دوم ذات الحقول النفطية والتي تمتد على طول جرف قاني دوملاند، وهنا تمتد البنية التحتية السطحية من مناطق غرب مجمع شركة نفط الشمال في منطقة بابا كركر الى المناطق الشمالية الشرقية من مدينة كركوك، وتقوم سبع منشآت رئيسية بتكرير النفط ونقله الى مصفاة K-1 عبر نظام انابيب مدمج يقع معظمه في المنطقة المفرغة من السكان الى الشمال الغربي لمدينة كركوك وتقع ست من هذه المنشآت على طول الطرف الغربي لقاني دوملان تحت الجرف الذي يشبه العمود الفقري، وكان قد تم تطهير هذه المناطق من المزارعين الاكراد عام 1963 وظلت - في معظمها- خالية من السكان، على الرغم من ان الاكراد بدأوا يعودون الى المنطقة ببطء، وتقع المنشأة السابعة في منطقة تقع شمال شرق مدينة كركوك ويقطنها أكراد تم تهجيرهم محلياً عام 2003.
البنية التحتية للنفط والغاز:
تشمل عناصر البنية التحتية لصناعة النفط والغاز في كركوك مصفاة النفط الرئيسية في المدينة والخزانات وانظمة الانابيب الاستراتيجية التي تنقل النفط داخل البلاد او الى محطات التصدير الى الخارج، وتوجد معظم هذه المرافق في مجمع بابا كركر الذي استخدمته صناعة النفط العراقية باستمرار منذ العشرينات من القرن الماضي ويضم المصفاة K-1 وحاويات تخزين النفط ومحطة لتوليد الكهرباء وغير ذلك.
وعلى الرغم من ان المجمع يخضع فنياً لادارة الحكومة الفدرالية، لكن المنطقة تقع عملياً تحت سلطة ممثلين عن كل الفصائل المحلية، وبالاضافة الى ذلك، يوجد المشروع الاسكاني IDP.
وخارج منطقة بابا كركر توجد الكثير من المنشآت الخاصة بانتاج وتصنيع النفط والغاز، كما توجد فيها مصفاة كركوك K-2 التي تعرضت لاضرار كبيرة اثر تعرضها لهجوم في تشرين الثاني 2006.
أهمية كركوك الاستراتيجية:
على الرغم من ان الثروة النفطية والغاز في المدينة هما العامل الابرز للصراع الدائر حول المنطقة، الا ان نظرة اوثق لدوافع واحتياجات الاكراد والسلطة الفدرالية تعطي صورة اكثر شمولية عن ذلك، تختلف الآراء حول مدى تأثير الثروة النفطية في المنطقة على مختلف الفرقاء وتقييمهم للمنطقة.
سجل الحكومات العراقية يشير الى ان بغداد ظلت تنظر الى كركوك من منظور ما تحتويه من ثروة نفطية، وبالمثل، فان بعض العرب والتركمان يعتقدون ان اهتمام الاكراد بكركوك مرده الثروة النفطية. قادر عزيز ممثل رئيس كردستان مسعود البرزاني في لجنة المادة 140 قال ذات مرة انه «لو لم يكن في كركوك نفطا، فان احدا لن يقاتل من أجلها».
وفي الوقت ذاته، ينفي معظم القادة الاكراد ان دوافعهم في كركوك اقتصادية، وقال كريم سنجاري، وزير داخلية اقليم كردستان، ان مطالب الاكراد في كركوك ليست مرتبطة بالنفط، فحقول النفط ستبقى تحت سيطرة الحكومة الفدرالية، سواء انضمت المدينة الى إقليم كردستان ام لم تنضم.. فلدينا من النفط في اقليم كردستان ما يكفي لسنوات.
وعلى الرغم من ان عمليات النفط قيد التشغيل ايضا في كثير من انتاج كركوك الحالي، فان افاقها المستقبلية أعطت قادة اقليم كردستان - على ما يبدو- موردا بديلا للمستقبل.
الخط الأخضر
وبشكل عام، قدم زعماء كردستان للمراقبين قدراً كبيراً من الفرص ليقرأوا بين السطور رؤيتهم للدور الاقتصادي لكردستان، وهناك ثلاث دراسات تعالج هذا الموضوع هي: "التعامل مع قبة خورمالا"، و"مقترحات لربط حقول نفط اقليم كردستان بالبنية التحتية لكركوك" و"رؤى الاكراد حول حقوق النفط في كركوك وباي حسن".
وتقع قبة خورمالا في معظمها في محافظة اربيل اي داخل اقليم كردستان، ومع ذلك، ففي السنوات العشر الاولى من قيام اقليم كردستان، كانت القبة جزءا من العراق ابان حكم صدام لوقوعها غرب ما كان يعرف بــ "الخط الأخضر"، وكانت تخضع لوزارة النفط. وقد سمحت حكومة صدام حسين بحفر ستين بئراً هناك قبيل سنوات من سقوطه، لكن لم يتم تحديد اي انابيب او محطات لتكرير النفط او فصله عن الغاز.
في كانون الاول 2004، استعانت شركة نفط الشمال الحكومية بمجموعة استشارية لتصميم وتوريد ثلاث محطات للتكرير وفصل الغاز عن النفط، اضافة الى خط انابيب لربط ابار خورمالا بمصفاة التكرير K-1 ومحطات التكرير وفصل النفط عن الغاز في كركوك.
ولدى اقليم كردستان افكار مختلفة مع ذلك، ففي تشرين الاول 2007 طالبت شركة البترول الوطنية لكردستان بحقوق حصرية بالقبة. وقد خططت الشركة لاستخدام البنية التحتية التي طورها نظام صدام لتغذية احدى مصافي التكرير في اربيل ولتوفير الوقود لمحطات توليد الكهرباء داخل الاقليم.
حل وسط
في تشرين الثاني 2008، توصلت حكومتا بغداد واقليم كردستان الى حل وسط اسفر عن استكمال محطتي تجميع هما خورمالا الشمال وخورمالا الوسط، ومنشأة مركزية لمعالجة النفط، وخط انابيب طوله 40 كيلو مترا يربط خورمالا بمصفاة اربيل.
ولكن هذه الترتيبات قد لا تصمد طويلا، فحكومة كردستان ومؤسسات البنية التحتية فيها تدرس اقامة خط انابيب بطول 85 كيلومترا لربط منطقة طق طق بمنشأة المعالجة المركزية في خورمالا.
وليس من الواضح ما اذا كان سيتم نقل النفط حينئذ عبر انبوب اربيل او من خلال نظام خط الانابيب الحكومي الى المصفاة K-1 وسيتم ربط حقل طاوكي النفطي بخط الانابيب العراقي ــ التركي على مقربة من الحدود، ومن الواضح ان اقليم كردستان يبقى على خياراته من خلال تطوير منشأة خورمالا المركزية التي ستكون نقطة توزيع للنفط داخل الاقليم او الى نظام التصدير الحكومي.
واتخذت حكومة اقليم كردستان موقفا متشددا كذلك من مصادر النفط جنوب محافظة اربيل (باي حسن وكركوك) ولكن يبدو ان هذا الموقف مبالغ في تشدده لفظيا فقط.
فقد اعلنت حكومة بغداد في حزيران 2009 انها ستتولى العروض المتعلقة بحقول المنصورية وعكاس وكركوك، فطالب رئيس وزراء اقليم كردستان انذاك نجيرفان برزاني، الحكومة بضرورة التشاور مع حكومته في هذا الشأن انسجاما مع الدستور العراقي والذي ينص على التشاور بين الحكومة والاقاليم المنتجة للنفط، وهذه المطالبة تعني ان الاكراد يعتبرون ان حقلي باي حسن وكركوك يقعان ضمن اراضيهم، واشار برزاني الى ان الحقول تشمل ارضا متنازعا عليها، وحذر وزير الموارد الطبيعية في الاقليم من ان العمل في حقل كركوك يتطلب حمايتنا الامنية فكيف يمكن لشركة العمل فيه اذا لم نكن طرفا في اي اتفاق معها وفي الوقت ذاته يتوقعون منا توفير الحماية لهم؟».
ورقة تفاوضية
هكذا، ففي حين ان لدى حكومة كردستان افكاراً محددة بشأن استخدام نفط اربيل ودهوك والسليمانية، الا انهم يعملون لمصالحهم في موارد كركوك النفطية بشكل مختلف، بمعنى آخر فإن السيطرة على نفط كركوك ليس هدفا لاقليم كردستان بل ان مسار سياسة الاكراد النفطية الذي ركز على التقليل من اهمية كركوك كمحطة تكرير وتصدير يعكس اهتماما بالتطوير الاقتصادي داخل الاقليم وضمن حدود غير متنازع عليها على العكس مما هو عليه وضع كركوك، ولم تسع معظم الاحزاب الكردية الى فرض سيطرة مشددة على شركة نفط الشمال او شركة مصافي الشمال، على الرغم من ان شركة غاز الشمال قد تكون شيئا مختلفا، ان تحويل النفط الخام او المكرر من كركوك بشكل غير مشروع اصبح ضمن قدراتهم منذ عام 2003 ولكن ليس هناك سوى ادلة محدودة على هذه الممارسة، على العكس من الوضع في مصافي تسيطر عليها الحكومة في بيجي والبصرة التي حصلت فيها في الفترة ذاتها عمليات واسعة لتهريب النفط بصورة غير مشروعة.
وحتى اذا كانت ثروة كركوك النفطية في معظمها، تمثل ورقة تفاوضية، فإن المدينة والمناطق المحيطة بها لا تزال تحظى بأهمية عاطفية واستراتيجية.