يوميات تغطية الانتخابات البريطانية
موفدنا أمان الله حسام يكتب انطباعاته عن الانتخابات البريطانية المقبلة خلال جولة يجوب فيها عدة مناطق في المملكة المتحدة ويرصد لنا جوانب مختلفة لهذا الحدث الهام.
آخر تحديث: الثلاثاء, 27 أبريل/ نيسان, 2010, 18:28 GMT
الاسكتلنديون والانكليز: انتخابات ومظالم
استغرقت الرحلة ما يقرب من خمس ساعات للوصول إلى جلاسجو، العاصمة التجارية لاستكتلندا، والواقعة في شمال بريطانيا. تنوع عرقي وثقافي لا يخفى على العين هنا. أما ما يميز المدينة عن غيرها فالقائمة تطول.
متحف كيلفينجروف في جلاسكو، واحد من أكبر
المتاحف البريطانية، وهم معلم شامخ في مدينة لا
يخفى على العين التنوع العرقي والثقافي الكبير فيها.
المتاحف البريطانية، وهم معلم شامخ في مدينة لا
يخفى على العين التنوع العرقي والثقافي الكبير فيها.
منظمة اليونسكو التابعة للامم المتحدة ضمت جلاسجو لقائمتها كمدينة للموسيقى. وهي ايضا مدينة الفنون والمتاحف والجامعات.
اول ما رغبت في استطلاعه كان جامعة جلاسجو، وهي واحدة من أعرق اربع جامعات في انحاء العالم الناطق بالانجليزية، ويعود تشييدها إلى القرن الخامس عشر. الهندسة المعمارية الرائعة لبنايات الجامعة الكثيرة دلت على ذلك وأكثر. أما طلابها فمن كل الاعمار والاجناس.
ورغم أني لاحظت أن عددا كبيرا من أهل المدينة لا يحبون كثيرا الظهور امام الكاميرا، او التحدث لوسائل الاعلام، أو على الاقل هذا ما حدث معي، فقد لاحظت ايضا انهم لطفاء وودودون. وربما كان السبب الكاميرا التي كنا نستخدمها للتصوير التلفزيوني، فهي كاميرا صغيرة للغاية في حجم التليفون المحمول. تكنولوجيا جديدة في إطار التجربة مع ما تحمله لنا من تحديات وقيود.
بمجرد وصولنا إلى جلاسجو، انطلقنا في جولة استطلاعيه في المدينة شبه الساهرة – مقارنة بأحياء لندن الكبرى التي تتوقف مظاهر الحياة في شوارعها تقريبا عند السادسة أو السابعة مساء، ولم تكن نتيجة الاستفسار الاول لنا رائعة.
دخلنا أحد المطاعم المتواضعة للحلوى، وفي رأسنا سؤال عن نوع تقليدي من الحلوى الاستكلندية الشهيرة، أو هكذا ظننا. لكن رغم ابتسامته الواضحة، لم يستطع صاحب المطعم اخفاء ملامح السخرية والاستخفاف عندما رد بقوله: "إن هذه من الاشياء التي لا وجود لها."
إن هذه من الاشياء التي لا وجود لها
صاحب مطعم في اسكتلندا
واتضح لنا من الحوار أن مصدر سخريته أن كثيرا من الزائرين يدخل مطعمه ليسأله عن هذه الحلوى، لكن لا أدري إن كان يعتبر جهل الناس ببعض جوانب الثقافة أو الطعام الاسكتلندي يمثل إساءة! أضف إلى ذلك أن لهجتنا اللندنية التي لا تطرب البعض.
ناخب واحد وصوتان
ربما لا يعرف البعض أن نظام الاقتراع هنا مختلف عما ألفناه في انجلترا، حيث لكل ناخب صوتان، احدهما لمرشح بعينه والاخر يمنحه لاحد الاحزاب.
ويمكن أن يكونا مختلفين! ولا يهم الحزب الذي يحكم في بريطانيا، فالانتخابات وحدها تحدد من يهمين على البرلمان الاسكتلندي. وقد حصل الاسكتلنديون على برلمانهم المستقل هذا فقط في عام 1999 لاول مرة منذ حوالي ثلاثمئة عام.
أكثر القضايا التي حدثني عنها الناس هنا، باعتبارها القضايا الاهم التي تشغل بال الكثيرين في اسكتلندا، هي توفير فرص العمل وتحسين مستوى التعليم. لكني وجدت أن الكثيرين لا يحفلون بالسياسية أو السياسيين في ضوء مظالم ووعود ضائعة مع تعاقب الحكومات، كما يقولون.
لمست في الناس هنا فخرا واعتزازا كبيرين باسكتلنديتهم التي تشمل الثقافة والتاريخ وحتى الجغرافيا. كما أن بعضهم لم يتردد في التعبير عما يعتبرونه مظالم، وهي قديمة متجددة، تتعلق بتوزيع عادل للثروة بين الانجليز (اهل انجلترا) و الاستكلنديين.
يلمس زائر اسكتلندا فخرا واعتزازا كبيرين لدى أهلها
باسكتلنديتهم التي تشمل الثقافة والتاريخ وحتى الجغرافيا
باسكتلنديتهم التي تشمل الثقافة والتاريخ وحتى الجغرافيا
وقد اكد من تحدث إلينا ان الميزانية التي تخصص لبلدهم لا تتناسب مع الموارد التي يسهمون بها لخزانة الدولة، وعلى رأسها النفط. وربما لهذه الاسباب تلقى الدعوات لاستقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة قبولا لدى البعض هنا.
وليس سرا أن كون الزائر لجلاسجو، أو أي مدينة اسكتلندية أخرى، انجليزيا، لن يمنحه كثيرا من الترحاب والود من البعض هنا، وقد سولت لي نفسي ان أعول على ذلك عند الحاجة!
شعار هذا البلد، الذي اتعبتني لهجة أهله، وكادت تشكل لي عائقا عن العمل لولا وجود زميلتي إليس معي في تجولي، هو زهرة الشوك – او الثيسل - وهي زهرة بنفسجية برية ذات أشواك.
أما الاسطورة وراء هذا الشعار، فتتعدد رواياتها. لكنها باختصار تتحدث عن أن غزاة دنماركيين، أو غيرهم ارادوا اقتحام اسوار المدينة ليلا، وأنهم خلعوا احذيتهم ليسهل تسللهم ومفاجئة الحراس. لكن بعضهم داس على زهرة الشوك ونبّه صراخهم الجنود، وهو ما مكنهم من صد الغزاة ودحرهم.
أما الآن، فإن تفكيري منصب على المحطة التالية من رحلتي، والتي ستأخذني إلى ويلز في جنوب غرب بريطانيا، والتي احتاج لست ساعات للوصول إليها بالقطار، قاطعا الجزيرة الام طولا من شمالها إلى جنوبها.
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2010/04/100427_dh_ukelections_diary_tc2.shtml