الأربعاء، 03 آذار/مارس 2010، آخر تحديث 14:23 (GMT+0400)
الرباط، المغرب (CNN) -- على خلاف ما يوحي به عنوان الفيلم "الجميع بخير" (everybody's fine)، فإنه ما من أمر يبعث على السرور في المسار الدرامي لهذا العمل ذي المسحة الانسانية الحزينة، إلا ما تيسر من مكابرة للبطل ضد مفاجآت الزمن من أجل مواصلة الاستمتاع بالحياة وامتصاص صدماتها.
إنه العنوان الكبير لحالة فرانك غود، الأمريكي الذي تقاعد من رحلة كد طويلة في مصنع للأسلاك الكهربائية، وتقاعد قسرا من الحياة الزوجية بعد وفاة زوجته، ليجد نفسه في مواجهة الفراغ، في وقت تفرق أبناؤه الأربعة عبر أنحاء أمريكا سعيا وراء أحلامهم، أو بالأحرى أحلام أبيهم فيهم.
"الجميع بخير" الذي أخرجه كيرك جونز وكتبه ماسيمو دي ريتا فيلم سفر، لكنه ليس سفر متعة أو هروب من وضع ما، بل رحلة ذهاب وإياب لتجميع شتات العائلة حول مائدة العشاء في ليلة الكريسماس، وهو أفق سردي تقليدي في عدد من الأفلام الأمريكية التي تود الانتصار لقيم العائلة والمشاطرة، على الأقل في مناسبات استثنائية، صدا لسيادة الفردانية والمادية.
سفر فرانك الذي لعب دوره النجم الهوليودي المخضرم روبيرت دي نيرو سيكون مفعما بالآمال وهو يطرق باب أبنائه واحدا بعد الآخر، ليكتشف صورة مغايرة لما كان يعتقده حول نجاحاتهم ومواهبهم.
إيمي، Kate Beckinsale تعاني مع طفلتها تبعات زواج فاشل، روزي، Drew Barrymore التي كان يظنها راقصة عالمية مجرد نادلة سحاقية في مطعم بلاس فيغاس، وروبير Sam Rockwell الذي كان يعتقد أنه قائد فرقة سمفونية كبرى مجرد عازف بيركسيون صغير ينافح من أجل لقمة عيش،أما المفاجأة الكبرى التي أخفاها الأبناء الثلاثة فهي أخوهم الرابع، آخر العنقود، ديفيد الذي طالما توهم فرانك أنه رسام عبقري، والذي توفي قبل أيام بسبب تناوله جرعة زائدة من المخدرات القوية.
حالة الإحباط الشخصي لفرانك ليست ببعيدة عن موضوع هام اشتغلت عليه العديد من التجارب السينمائية الأمريكية تحت عنوان "إخفاق الحلم الأمريكي". ويتعاظم الشعور بالمرارة لدى فرانك حين يتملكه الشعور بمسؤوليته عما آلت إليه أوضاع أبنائه الثلاثة الذين لم يغير نظرته الساذجة الأبوية لهم منذ طفولتهم من خلال سيطرة ذكريات العائلة التي استعادها المخرج من خلال توظيف متكرر للفلاش باك. لقد سرق العمل حياته العائلية فباتت زوجته الوسيط الوحيد لمتابعة شؤون أبنائه الذين كبروا في غفلة منه. كما أنه فرض أحلامه الشخصية على أبنائه بخصوص خياراتهم المهنية فكان مصيرهم الفشل.
المأزق الذي حوصر فيه فرانك وهو يقف على تهاوي مشروعه العائلي لن يتحول الى متنفس إلا وهو يتقدم نحو نهاية مأساوية بدت وشيكة لفرانك الذي استسلم لنوبة قلبية وهو يركب طائرة العودة الخائبة الى البيت عملا بنصائح الطبيب. على فراش المرض، سيجتمع الأبناء من جديد، ويجدون الحافز للالتفاف حول أبيهم من جديد على مائدة رأس السنة، ليكون بامكان فرانك أن يقول إن "الجميع بخير".
فيلم بسيط إنتاجيا، لكن بموضوع يحرك أحاسيس الجمهور، وبأداء جميل للنجم روبيرت دي نيرو، الذي يبدو أن السنين لا تزيده الا تألقا، وأن بعض الخيبات السينمائية في السنوات الأخيرة ليست قدرا له. دي نيرو كان عصب الفيلم، بكاريزما مشعة، بسطت حضورها حتى في المشاهد التي غاب عنها، وبتجدد مثير في الحركة والتعبير السينمائي.
http://arabic.cnn.com/2010/entertainment/3/3/everybody.fine/index.html
everybody's fine: انكسار الآباء بخيبات الأبناء
روبرت دينيرو في لقطة من الفيلم
الرباط، المغرب (CNN) -- على خلاف ما يوحي به عنوان الفيلم "الجميع بخير" (everybody's fine)، فإنه ما من أمر يبعث على السرور في المسار الدرامي لهذا العمل ذي المسحة الانسانية الحزينة، إلا ما تيسر من مكابرة للبطل ضد مفاجآت الزمن من أجل مواصلة الاستمتاع بالحياة وامتصاص صدماتها.
إنه العنوان الكبير لحالة فرانك غود، الأمريكي الذي تقاعد من رحلة كد طويلة في مصنع للأسلاك الكهربائية، وتقاعد قسرا من الحياة الزوجية بعد وفاة زوجته، ليجد نفسه في مواجهة الفراغ، في وقت تفرق أبناؤه الأربعة عبر أنحاء أمريكا سعيا وراء أحلامهم، أو بالأحرى أحلام أبيهم فيهم.
"الجميع بخير" الذي أخرجه كيرك جونز وكتبه ماسيمو دي ريتا فيلم سفر، لكنه ليس سفر متعة أو هروب من وضع ما، بل رحلة ذهاب وإياب لتجميع شتات العائلة حول مائدة العشاء في ليلة الكريسماس، وهو أفق سردي تقليدي في عدد من الأفلام الأمريكية التي تود الانتصار لقيم العائلة والمشاطرة، على الأقل في مناسبات استثنائية، صدا لسيادة الفردانية والمادية.
سفر فرانك الذي لعب دوره النجم الهوليودي المخضرم روبيرت دي نيرو سيكون مفعما بالآمال وهو يطرق باب أبنائه واحدا بعد الآخر، ليكتشف صورة مغايرة لما كان يعتقده حول نجاحاتهم ومواهبهم.
إيمي، Kate Beckinsale تعاني مع طفلتها تبعات زواج فاشل، روزي، Drew Barrymore التي كان يظنها راقصة عالمية مجرد نادلة سحاقية في مطعم بلاس فيغاس، وروبير Sam Rockwell الذي كان يعتقد أنه قائد فرقة سمفونية كبرى مجرد عازف بيركسيون صغير ينافح من أجل لقمة عيش،أما المفاجأة الكبرى التي أخفاها الأبناء الثلاثة فهي أخوهم الرابع، آخر العنقود، ديفيد الذي طالما توهم فرانك أنه رسام عبقري، والذي توفي قبل أيام بسبب تناوله جرعة زائدة من المخدرات القوية.
حالة الإحباط الشخصي لفرانك ليست ببعيدة عن موضوع هام اشتغلت عليه العديد من التجارب السينمائية الأمريكية تحت عنوان "إخفاق الحلم الأمريكي". ويتعاظم الشعور بالمرارة لدى فرانك حين يتملكه الشعور بمسؤوليته عما آلت إليه أوضاع أبنائه الثلاثة الذين لم يغير نظرته الساذجة الأبوية لهم منذ طفولتهم من خلال سيطرة ذكريات العائلة التي استعادها المخرج من خلال توظيف متكرر للفلاش باك. لقد سرق العمل حياته العائلية فباتت زوجته الوسيط الوحيد لمتابعة شؤون أبنائه الذين كبروا في غفلة منه. كما أنه فرض أحلامه الشخصية على أبنائه بخصوص خياراتهم المهنية فكان مصيرهم الفشل.
المأزق الذي حوصر فيه فرانك وهو يقف على تهاوي مشروعه العائلي لن يتحول الى متنفس إلا وهو يتقدم نحو نهاية مأساوية بدت وشيكة لفرانك الذي استسلم لنوبة قلبية وهو يركب طائرة العودة الخائبة الى البيت عملا بنصائح الطبيب. على فراش المرض، سيجتمع الأبناء من جديد، ويجدون الحافز للالتفاف حول أبيهم من جديد على مائدة رأس السنة، ليكون بامكان فرانك أن يقول إن "الجميع بخير".
فيلم بسيط إنتاجيا، لكن بموضوع يحرك أحاسيس الجمهور، وبأداء جميل للنجم روبيرت دي نيرو، الذي يبدو أن السنين لا تزيده الا تألقا، وأن بعض الخيبات السينمائية في السنوات الأخيرة ليست قدرا له. دي نيرو كان عصب الفيلم، بكاريزما مشعة، بسطت حضورها حتى في المشاهد التي غاب عنها، وبتجدد مثير في الحركة والتعبير السينمائي.
http://arabic.cnn.com/2010/entertainment/3/3/everybody.fine/index.html