السيدة زينب عليها السلام . شجاعة وفصاحة وبلاغة
فوزيه سالم الصباح
وقفت حائرة أمام عظمة وبطولة وفصاحة وبلاغة السيدة زينب بنت علي (رضي الله عنها)، عندما قرأت قصتها في رحلة السبي، فمن يقرأ التاريخ يجد أن هذه السيدة الصغيرة تحملت اعباء تعجز أي امرأة عن تحملها،
بدءا من واقعة كربلاء الى سبيها الى الكوفة والى الشام، ومن ثم الى المدينة، لمواصلة ثورة اخيها الحسين الى أن تم اخراجها من المدينة، لتحريضها الناس على حكم يزيد.
تمكنت هذه السيدة العظيمة من المحافظة على رباطة جأشها، وهي تنظر الى جسد اخيها المقطع بالسيوف وبقية اخوانها وأولادها وأقاربها في ارض المعركة، لأنها كانت تمتلك اليقين بأن الانسان لم يأت الى الدنيا ليبقى فيها او يخلد.
وبكت بحرقة وقالت: «يا محمداه! صلى عليك ملائكة السماء، هذا الحسين بالعراء! مرمّل بالدماء! مقطّع الأعضاء! وذريتك مقتلة تسفي عليها الصبا».
وفي الكوفة صار الناس يناولون الأطفال بعض الطعام، فصاحت بهم: «يا أهل الكوفة! ان الصدقة علينا حرام، تقتلنا رجالكم وتبكينا نساؤكم! فالحاكم بيننا وبينكم الله يوم فصل القضاء».
وحملت أهالي الكوفة مسؤولية نقض العهد وقتل آل الرسول وقالت ببلاغة وفصاحة : «يا أهل الكوفة يا أهل الختل والغدر! أتبكون؟! فلا رقأت الدمعة، ولا هدأت الرنة، انما مَثَلكم كمَثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً»، وانتهت بقولها: «ألا ساء ما قدّمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون، أتبكون وتنتحبون، اي والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، ويلكم يا أهل الكوفة، أتدرون أي كبدٍ لرسول الله فريتم؟ وأي كريمة له أبرزتم؟ وأي دمٍ له سفكتم، وأي حرمة له انتهكتم؟ ولقد جئتم بها صلعاء عنقاء سوداء فقماء».
وعندما دخلت على ابن زياد في قصر الامارة وعامة الناس حوله، والرأس أمامه قالت له: «الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه محمد (صلى الله عليه واله) وطهرنا من الرجس تطهيرا، وانما يفتضح الفاسق ويكذّب الفاجر، وهو غيرنا والحمد لله».
فقال ابن زياد: «كيف رأيت فعل الله بأهل بيتك؟».
قالت: «ما رأيتُ الا جميلا! هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم يا ابن زياد، فتحاج وتخاصم،،،»، فقال ابن زياد بغضب: «لقد شفى الله نفسي من طاغيتك والعصاة من أهل بيتك».
فبكت وقالت: «لعمري لقد قتلتَ كهلي، وأبرت أهلي، وقطعت فرعي، واجتثثت أصلي».
وفي الشام وقفت امام يزيد بكل جرأة وشجاعة، رغم معاناتها من الانهاك والمرض وقالت خطبتها المشهورة، وهي من أبلغ الخطب وأفصحها رغم أنها في ذلة الأسر، دامية القلب باكية الطرف، وقد أحاط بها أعداؤها من كل جهة: «فكد كيدك واسع سعيك، فوالله لن تمحو ذكرنا ولن تميت وحينا...».
فقد أفحمت يزيد ومن حواه مجلسه بذلك الأسلوب العالي من البلاغة، وأبهتت العارفين منهم بما أخذت به مجامع قلوبهم من الفصاحة.
ان بلاغة زينب وشجاعتها الأدبية ليستا من الأمور غير الظاهرة لكل ّ من يقرأ التاريخ الاسلامي ويتعمق به، لم لا و أبوها علي بن أبي طالب، الذي ملأت خطبه واشعاره العالم، وأمها فاطمة الزهراء وجدها رسول الله (صلى الله عليه وسلم), نعم، انّ من كانت كذلك فحرية بأن تكون بهذه الشجاعة الادبية و الفصاحة والبلاغة.
فوزيه سالم الصباح
وقفت حائرة أمام عظمة وبطولة وفصاحة وبلاغة السيدة زينب بنت علي (رضي الله عنها)، عندما قرأت قصتها في رحلة السبي، فمن يقرأ التاريخ يجد أن هذه السيدة الصغيرة تحملت اعباء تعجز أي امرأة عن تحملها،
بدءا من واقعة كربلاء الى سبيها الى الكوفة والى الشام، ومن ثم الى المدينة، لمواصلة ثورة اخيها الحسين الى أن تم اخراجها من المدينة، لتحريضها الناس على حكم يزيد.
تمكنت هذه السيدة العظيمة من المحافظة على رباطة جأشها، وهي تنظر الى جسد اخيها المقطع بالسيوف وبقية اخوانها وأولادها وأقاربها في ارض المعركة، لأنها كانت تمتلك اليقين بأن الانسان لم يأت الى الدنيا ليبقى فيها او يخلد.
وبكت بحرقة وقالت: «يا محمداه! صلى عليك ملائكة السماء، هذا الحسين بالعراء! مرمّل بالدماء! مقطّع الأعضاء! وذريتك مقتلة تسفي عليها الصبا».
وفي الكوفة صار الناس يناولون الأطفال بعض الطعام، فصاحت بهم: «يا أهل الكوفة! ان الصدقة علينا حرام، تقتلنا رجالكم وتبكينا نساؤكم! فالحاكم بيننا وبينكم الله يوم فصل القضاء».
وحملت أهالي الكوفة مسؤولية نقض العهد وقتل آل الرسول وقالت ببلاغة وفصاحة : «يا أهل الكوفة يا أهل الختل والغدر! أتبكون؟! فلا رقأت الدمعة، ولا هدأت الرنة، انما مَثَلكم كمَثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً»، وانتهت بقولها: «ألا ساء ما قدّمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون، أتبكون وتنتحبون، اي والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، ويلكم يا أهل الكوفة، أتدرون أي كبدٍ لرسول الله فريتم؟ وأي كريمة له أبرزتم؟ وأي دمٍ له سفكتم، وأي حرمة له انتهكتم؟ ولقد جئتم بها صلعاء عنقاء سوداء فقماء».
وعندما دخلت على ابن زياد في قصر الامارة وعامة الناس حوله، والرأس أمامه قالت له: «الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه محمد (صلى الله عليه واله) وطهرنا من الرجس تطهيرا، وانما يفتضح الفاسق ويكذّب الفاجر، وهو غيرنا والحمد لله».
فقال ابن زياد: «كيف رأيت فعل الله بأهل بيتك؟».
قالت: «ما رأيتُ الا جميلا! هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم يا ابن زياد، فتحاج وتخاصم،،،»، فقال ابن زياد بغضب: «لقد شفى الله نفسي من طاغيتك والعصاة من أهل بيتك».
فبكت وقالت: «لعمري لقد قتلتَ كهلي، وأبرت أهلي، وقطعت فرعي، واجتثثت أصلي».
وفي الشام وقفت امام يزيد بكل جرأة وشجاعة، رغم معاناتها من الانهاك والمرض وقالت خطبتها المشهورة، وهي من أبلغ الخطب وأفصحها رغم أنها في ذلة الأسر، دامية القلب باكية الطرف، وقد أحاط بها أعداؤها من كل جهة: «فكد كيدك واسع سعيك، فوالله لن تمحو ذكرنا ولن تميت وحينا...».
فقد أفحمت يزيد ومن حواه مجلسه بذلك الأسلوب العالي من البلاغة، وأبهتت العارفين منهم بما أخذت به مجامع قلوبهم من الفصاحة.
ان بلاغة زينب وشجاعتها الأدبية ليستا من الأمور غير الظاهرة لكل ّ من يقرأ التاريخ الاسلامي ويتعمق به، لم لا و أبوها علي بن أبي طالب، الذي ملأت خطبه واشعاره العالم، وأمها فاطمة الزهراء وجدها رسول الله (صلى الله عليه وسلم), نعم، انّ من كانت كذلك فحرية بأن تكون بهذه الشجاعة الادبية و الفصاحة والبلاغة.