صورة قاتمة لنظام رعاية مرضى الصحة العقلية في العراق
ناتاليا أنتيلافا
بي بي سي-بغداد
![صورة قاتمة لنظام رعاية مرضى الصحة العقلية في العراق _45807861_iraqimental416](https://2img.net/h/newsimg.bbc.co.uk/media/images/45807000/jpg/_45807861_iraqimental416.jpg)
هاجوب هو واحد من 1200 مريض يعيشون وراء القضبان في مستشفى الرشاد
سرير معدني مرمي في إحدى زوايا الغرفة، وفنجان من البلاستيك وبدل واحد من الملابس، هذا كل ما بحوزة هاكوب.
نعم هنالك شيء آخر يملكه هاجوب: إجازة بالهندسة المدنية حصل عليها من جامعات الولايات المتحدة وحكم بالمؤبد يتعين عليه أن يمضيه في العراق، لا لجرائم ارتكبها، ولكن ببساطة بسبب مرضه.
وراء القضبان
وهاجوب هذا هو واحد من 1200 مريض يعيشون وراء القضبان في مستشفى الرشاد، وهو المنشأة الوحيدة التي تقدم الرعاية الصحية لمن يعانون من أمراض عقلية ونفسية في العراق.
على طول الممرات في مستشفى الرشاد، تلقى الأقفال الغليظة معلقة على الأبواب المعدنية في المبنى ذي النوافذ المحصنة جميعها بقضبان من الحديد.
وفي الباحة الخارجية لأحد أجنحة المستشفى، يفترش العشرات من الرجال الأرض وينتظرون وجبة الغداء.
يصل الطعام في أوعية وقدور معدنية كبيرة، فينهض الرجال الواحد تلو الآخر ليملأ كل منهم صحنه الورقي بغرفة من الأرز وأخرى من حساء العدس، ويعودوا بها ليجلسوا على الأرض من جديد، حيث تختفي الكراسي والطاولات من المكان.
يقول أحد المرضى، واسمه قاسم: "إن الطعام فظيع وهو غير كاف."
حياة "سيئة"
كان قاسم يعمل مترجما مع القوات البريطانية في البصرة، إلا أنه يقول الآن "إن الحياة سيئة، لا بل سيئة للغاية."
ست سنوات من الحرب في العراق كانت كفيلة بتدمير النظام الصحي في البلاد بشكل كامل تقريبا، إذ دفع القتال آلاف الأطباء إلى الهروب، وخلَّف وراءه مستشفيات بلا دواء ولا تجهيزات.
وفي بلد يسيطر فيها على البشر هاجس النجاة والبقاء على قيد الحياة، ترى كيف يتم إسقاط أولئك الذين يعانون من الأمراض والاضطرابات العقلية من قائمة الأولويات.
يعاني معظم المرضى في مستشفى الرشاد من مرض انفصام الشخصية المزمن (الشيزوفرينيا)، ويقول الأطباء إن حوالي نصف المرضى يمكنهم العيش في منازلهم. إلا أن الحرب ووصمة العار التي تلاحقهم في العراق بسبب مرضهم تدفعهم إلى البقاء في المستشفى.
(إن الإهمال هو المشكلة الأكبر. فعشرة بالمائة فقط من المرضى تقوم عائلاتهم بزيارتهم. وهؤلاء (أي العائلات) يأتون إلى هنا، ولكن لا يريدونهم أن يعودوا معهم إلى البيت )
سعد جويد، طبيب نفسي عراقي