شارع المتنبي ومقهى الشابندر
يعاودان التحليق في فضاء الثقافة العراقية
هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 1536x2048 الابعاد 874KB. |
كاتب السطور (وليد محمد الشبيبي) أمام تمثال المتنبي
يوم الجمعة 9/1/2009 بعدسة المصور (عبد علي)
كتابة وتصوير
وليد محمد الشبيبي
بغداد – الجمعة 16 كانون الثاني/ يناير 2009
عندما أعيد إعمار شارع المتنبي ومقهى الشابندر وأفتتح رسمياً في يوم الأربعاء الموافق 17 كانون الأول/ ديسمبر 2008 من قبل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وأمين العاصمة الدكتور صابر العيساوي ، حيث زارا الشارع وأنتهت زيارتهما في مقهى الشابندر جرياً على عادة زواره وتواصلاً مع طقوس مثقفيه ، آثرت ان أزوره في أحد أيام الجمع ، حيث لصباحات هذا اليوم طعم مختلف وخصوصية يعرفها كل مرتاد ، من مثقف وشاعر وأديب ومحب لهذا الشارع وذلك المقهى ، لا بل كل من يتداول الكتاب بيعاً وشراءً هو بالضرورة مبدع او باحث او مفكر ومهتم ، ومبتلي بهموم الثقافة والإبداع .
في صباح يوم الجمعة الموافق 9 كانون الثاني/ يناير 2009 حملت كاميرتي الرقمية وتوجهت لحجهما .. وفي الطريق لهما عادت بي الذاكرة إلى يوم التفجير الإرهابي في صبيحة الخامس من آذار/ مارس 2007 كنت وقتها في محكمة الأحوال الشخصية في الكاظمية المجاورة لجامع براثا (حيث امارس مهنتي كمحامٍ وكانت لدي مرافعة لتفريق موكلتي عن زوجها) عندما دوى انفجار قوي ! ولأننا أعتدنا هذه الانفجارات منذ تدنيس الاحتلال الامريكي/ الغربي للعراق الا اننا كنا نفكّر أين وقع الانفجار هذه المرة ؟ وكم من الضحايا الأبرياء كانوا حطباً لهؤلاء المنحرفين الشاذين من البهائم البشرية !
خرجت من المحكمة من المرافعة وما ان عبرت نهر دجلة بسيارة الأجرة حتى لاحظت على اليمين أعمدة الدخان الأسود تتصاعد بكثافة ، ظننت وقتها ان الانفجار قد وقع في منطقة الباب المعظم ، حيث الكثافة السكانية والأسواق المكتظة بالناس في أوقات الصباح والظهر ، لكن ما ان عبرنا الجسر ونزلت إلى منطقة الباب المعظم حتى وجدت ان اعمدة الدخان تلك تتصاعد من جهة شارع المتنبي وسوق السراي وساحة الرصافي ، عندها تيقنت من مكان الجريمة البشعة خصوصاً بعد ان أكد لي بعض المارة بأن التفجير في شارع المتنبي !
كانت الشوارع المؤدية إليه من الباب المعظم قد أغلقت بواسطة قوات الجيش والشرطة ، التفجير لم يكن مفاجئاً لي ! بل كنت أتوقعه ! لأن شارع المتنبي وسوق السراي مكتظان دوماً بالناس في فترات الصباح والظهيرة ، وجل من يرتاده هم من المفكرين والمثقفين (من النخبة) ، وهؤلاء المنحرفين (من البهائم البشرية) يجدون في ذبح النخبة المفكرة والمثقفة انتصاراً لهم ! بل الأدق تعبيراً ، لمن قام بتجنيدهم وإرسالهم إلى تلك الأهداف ! لم تتخذ السلطات أية اجراءات احترازية لحماية هذا الشارع المهم من أولئك المجرمين القتلة فحدث ما كنا نخشاه !
في يوم ما من أيام صيف 2008 ذهبت مع صديق لي (محامٍ) لشراء بعض كتب القانون والمتون التشريعية النافذة عندما كانت اعمال الترميم والاعمار لم تزل متواصلة في هذا الشارع ، دخلنا المكتبة القانونية (المواجهة لمقهى الشابندر المغلق آنذاك بسبب تدميره بالتفجير الآثم) ، لفت انتباهي وجود طبعات مختلفة الاحجام والاشكال للقرآن الكريم ، مذهبة ومزخرفة ، طبعات عراقية وسعودية وغيرها من الطبعات الفاخرة ، كانت مرصوصة بعناية في ابرز مكان من المكتبة وامام الواجهة الزجاجية للمكتبة مما تلفت انتباه حتى السابلة ومرتادي الشارع ، ثم لاحظت في داخل المكتبة صورة معلقة لشاب تحت الصورة كتابة حملت أسمه (كمؤسس للمكتبة) وسبقت الأسم كلمة (الشهيد) ! عرفت انه كان احد ضحايا هذا التفجير الآذاري الربيعي ! .. كان هناك شيخ مسن يناهز الـ(60) عاما مسؤولاً عن المكتبة ، بادرته بالسؤال مستفسراً عن صاحب هذه الصورة ؟ فقال ان (الشهيد) كان موجوداً آنذاك بالمكتبة عندما وقع التفجير واستشهد في المكتبة التي احترقت ودمر كل ما فيها واستحال إلى رماد ! ثم قال ، ان السيارة المفخخة (نوع كيا) وقفت امام هذه المكتبة تماماً وعن مسافة لا تزيد عن خمسة أمتار فقام الانتحاري بتفجيرها وكان الشهيد بداخل المكتبة لكن قوة التفجير وشدة العصف كان قد أتى على المكتبة وموجوداتها كلياً ودمرها بشكل كامل وأحترق كل ما فيها وأستحال الى رماد أما الشاب فلم نعثر على أي شيء منه فقد أستحال إلى رماد أيضاً مع الكتب ؟! لاحظت ان عمق المكتبة يصل إلى حوالي ثمانية امتار ومع ان الشاب كان يجلس في نهاية المكتبة بعيداً عن مدخلها الا انه لم ينجُ من هذا المصير المأساوي ! حيث استحال كل شيء الى رماد في هذه المكتبة والمكتبات والمطابع المجاورة فضلاً عن مقهى الشابندر بعد الحريق الهائل . وهذه مفارقة غريبة ! فكيف يقوم هذا الانتحاري الذي ينتحر بهذه الطريقة بدواعي وشعارات إسلامية وهو يرى تلك النسخ من القرآن الكريم ولم يرتدع او يرف له جفن ! لكنه ليس مستغرب ، فهؤلاء ليسوا الا بهائم بشرية مسخرة وقد استغنت عن عقولها ولا تعرف من يحركها ويديرها ولربما حتى لو كانوا اعضاءً في الموساد !
في صباح يوم الجمعة الموافق 9 كانون الثاني/ يناير 2009 حملت كاميرتي الرقمية وتوجهت لحجهما .. وفي الطريق لهما عادت بي الذاكرة إلى يوم التفجير الإرهابي في صبيحة الخامس من آذار/ مارس 2007 كنت وقتها في محكمة الأحوال الشخصية في الكاظمية المجاورة لجامع براثا (حيث امارس مهنتي كمحامٍ وكانت لدي مرافعة لتفريق موكلتي عن زوجها) عندما دوى انفجار قوي ! ولأننا أعتدنا هذه الانفجارات منذ تدنيس الاحتلال الامريكي/ الغربي للعراق الا اننا كنا نفكّر أين وقع الانفجار هذه المرة ؟ وكم من الضحايا الأبرياء كانوا حطباً لهؤلاء المنحرفين الشاذين من البهائم البشرية !
خرجت من المحكمة من المرافعة وما ان عبرت نهر دجلة بسيارة الأجرة حتى لاحظت على اليمين أعمدة الدخان الأسود تتصاعد بكثافة ، ظننت وقتها ان الانفجار قد وقع في منطقة الباب المعظم ، حيث الكثافة السكانية والأسواق المكتظة بالناس في أوقات الصباح والظهر ، لكن ما ان عبرنا الجسر ونزلت إلى منطقة الباب المعظم حتى وجدت ان اعمدة الدخان تلك تتصاعد من جهة شارع المتنبي وسوق السراي وساحة الرصافي ، عندها تيقنت من مكان الجريمة البشعة خصوصاً بعد ان أكد لي بعض المارة بأن التفجير في شارع المتنبي !
كانت الشوارع المؤدية إليه من الباب المعظم قد أغلقت بواسطة قوات الجيش والشرطة ، التفجير لم يكن مفاجئاً لي ! بل كنت أتوقعه ! لأن شارع المتنبي وسوق السراي مكتظان دوماً بالناس في فترات الصباح والظهيرة ، وجل من يرتاده هم من المفكرين والمثقفين (من النخبة) ، وهؤلاء المنحرفين (من البهائم البشرية) يجدون في ذبح النخبة المفكرة والمثقفة انتصاراً لهم ! بل الأدق تعبيراً ، لمن قام بتجنيدهم وإرسالهم إلى تلك الأهداف ! لم تتخذ السلطات أية اجراءات احترازية لحماية هذا الشارع المهم من أولئك المجرمين القتلة فحدث ما كنا نخشاه !
في يوم ما من أيام صيف 2008 ذهبت مع صديق لي (محامٍ) لشراء بعض كتب القانون والمتون التشريعية النافذة عندما كانت اعمال الترميم والاعمار لم تزل متواصلة في هذا الشارع ، دخلنا المكتبة القانونية (المواجهة لمقهى الشابندر المغلق آنذاك بسبب تدميره بالتفجير الآثم) ، لفت انتباهي وجود طبعات مختلفة الاحجام والاشكال للقرآن الكريم ، مذهبة ومزخرفة ، طبعات عراقية وسعودية وغيرها من الطبعات الفاخرة ، كانت مرصوصة بعناية في ابرز مكان من المكتبة وامام الواجهة الزجاجية للمكتبة مما تلفت انتباه حتى السابلة ومرتادي الشارع ، ثم لاحظت في داخل المكتبة صورة معلقة لشاب تحت الصورة كتابة حملت أسمه (كمؤسس للمكتبة) وسبقت الأسم كلمة (الشهيد) ! عرفت انه كان احد ضحايا هذا التفجير الآذاري الربيعي ! .. كان هناك شيخ مسن يناهز الـ(60) عاما مسؤولاً عن المكتبة ، بادرته بالسؤال مستفسراً عن صاحب هذه الصورة ؟ فقال ان (الشهيد) كان موجوداً آنذاك بالمكتبة عندما وقع التفجير واستشهد في المكتبة التي احترقت ودمر كل ما فيها واستحال إلى رماد ! ثم قال ، ان السيارة المفخخة (نوع كيا) وقفت امام هذه المكتبة تماماً وعن مسافة لا تزيد عن خمسة أمتار فقام الانتحاري بتفجيرها وكان الشهيد بداخل المكتبة لكن قوة التفجير وشدة العصف كان قد أتى على المكتبة وموجوداتها كلياً ودمرها بشكل كامل وأحترق كل ما فيها وأستحال الى رماد أما الشاب فلم نعثر على أي شيء منه فقد أستحال إلى رماد أيضاً مع الكتب ؟! لاحظت ان عمق المكتبة يصل إلى حوالي ثمانية امتار ومع ان الشاب كان يجلس في نهاية المكتبة بعيداً عن مدخلها الا انه لم ينجُ من هذا المصير المأساوي ! حيث استحال كل شيء الى رماد في هذه المكتبة والمكتبات والمطابع المجاورة فضلاً عن مقهى الشابندر بعد الحريق الهائل . وهذه مفارقة غريبة ! فكيف يقوم هذا الانتحاري الذي ينتحر بهذه الطريقة بدواعي وشعارات إسلامية وهو يرى تلك النسخ من القرآن الكريم ولم يرتدع او يرف له جفن ! لكنه ليس مستغرب ، فهؤلاء ليسوا الا بهائم بشرية مسخرة وقد استغنت عن عقولها ولا تعرف من يحركها ويديرها ولربما حتى لو كانوا اعضاءً في الموساد !