السلام عليكم ، وصلتني هذه المقالة عن بريد حركة القوميين العرب في 23 نيسان/ ابريل وفيها تكشف جريمة تجريف مقبرة ضمت رفات اعلاما عراقية كالمرحوم الدكتور علي الوردي والدكتور طه باقر والدكتور مصطفى جواد والدكتور علي جواد الطاهر من قبل حكام بغداد الجدد ولعلهم يعتقدون ان الموت سوف لن يأتيهم يوماَ ! فإنا لله وإنا إليه راجعون !
تعمد الشعوب والمجتمعات الى تكريم كبارها سواء في مماتهم او حياتهم. لذا تتحول اماكن تواجد تلك الشخصيات الى ارث مجتمعي مسؤولية الحفاظ عليه هي مهمة جمعية، ولاجل الحفاظ على اماكنهم التي شغلوها في حياتهم، ومخلفاتهم، توظف اختصاصات ادارية وتوضع ميزانيات تزيد ولا تنقص. فمثلا تحول البيت الذي سكنه الكاتب الامريكي همنجواي الى متحف يتوجه اليه محبي ادبه والمعجبين بحياته وانجازه الابداعي. وليس بعيدا عنه الاحتفاء بالاديب السوفيتي "غوركي" الذي تحول القبو الذي سكنه في بداية حياته الى مزار يزوره المئات من المعجبين به يوميا، وايضا الاديب" انطون تشيكوف" او الرسام "فان كوخ" ومئات من المبدعين في كل انحاء العالم ممن تعتز مجتمعاتهم بما قدموه لها من ميراث ابداعي، ادبي، فني او علمي فانك اينما توجهت في عواصم العالم ستجد دليلا يشير الى شخصية ابداعية بهذا المجتمع او ذاك، وتستطيع ان ترى القلم خاصته او سريره، او الفرشاة التي كان يستعملها والكرسي الذي كان يجلس عليه في شرفته العتيقة، او الصحيفة التي كان يقرأ فيها قبل وفاته كما حدث مع همنجواي، فما زال غليونه مع رماده وصحيفته ومظلته وبندقيته وقصبة الصيد خاصته، وكل اغراضه الشخصية موجودة في اماكنها المألوفة وكانما تقول لك: ان ارنست، الان في نزهته اليومية وسيعود بعد قليل.! وتستطيع ان تجد المزارات الجميلة لمقابر المبدعين، فيبهرك تفنن المشرفين على بناء تلك القبور، احتفاء بما قدم هؤلاء المبدعين واعترافا ومحبة من قبل ذلك المجتمع بهم. وكان للحكومة السورية احتفاء {على تواضعه} تحمد عليه للشاعر العراقي الكبير خالد الذكر الجواهري فأن قبره غاية في الاناقة، تحف بجثمانه الى ما نهاية، نهري محبته الازلية، دجلة الخير وفرات الفراديس، ما فتئا يؤنسان وحشته، في مقبرة الغرباء مستقر سكنه الاخير. ولكن ماذا عنا وكيف تعامل المسؤولين في بلدنا مع رفات مبدعينا واثارهم؟
هل نال من مات منهم مجد قبر، تحمل شاهدته اعتراف صغير بما قدمه هذا الفقيد الكبير من جهد رائع لوطنه ومجتمعه؟ او متحف خص به ارثهم احتراما لجهودهم وعملهم الدؤوب المتفاني؟ ساقول نيابة عن كل من ماتوا من رفاق الابداع ممن سبقونا في موتهم : لا!
انهم ماتوا بنفس الاسى الذي كانو يعيشون فيه. ماتوا بنفس الحسرة التي قطعوا فيها ما سبق من حياتهم التي كانو يزهدون فيها بالدنيا ويبتعدون لاشواط طويلة عن متعها مكتفين بفرحهم، بقلم، او فرشاة، او ازميل. فكبار مبدعينا وما اكثرهم يرقدون منسيين في دثار قبورهم الفقيرة وباهمال موجع يصمتون كما كان العهد بهم، وزاهدين كما هم! ولكن هل سلمت قبور البعض منهم من الاذى؟ سيقول البعض منكم اي سؤال غريب هذا، فمن يجرؤ على تكدير سكون الموتى في موتهم؟. والحقيقة ان الجواب هو الغريب! لان بعض كبار المبدعين العراقيين، ممن اودعت جثامينهم في مقبرة العطيفية، خلف جامع براثا لم تسلم كما الاحياء من الاذى. فقد جرفت قبورهم، ونبشت، وسويت ارضا، وطحنت العظام والرفاة والذكريات وشواهد الاسماء وتواريخ الموت واخر ما تبقى منهم! لماذا؟ قد يتسائل البعض. لماذا تجرف قبورهم وتعكر عليهم سرمدية موتهم، بعد ان قدموا كل حياتهم في خدمة وطننا؟. اناس لم يكونو في حياتهم اناسا عاديين. بل اسماء جلجلت في سماء الادب والابداع واضاءت. اسماء ما نزال ننحني لها احتراما واجلالا ومحبة.
فهل فيكم من لم يتذكر عالم الاجتماع المبرز "علي الوردي" الذي لم يخلفه احد في علمه في العراق، صاحب كتاب "مهزلة العقل البشري" و"وعاظ السلاطين" و"هكذا قتلو قرة العين "وعشرات الكتب غيرها، واكثر من مئة وخمسين بحثا في علم الاجتماع ما زالت مودعة في كلية الاداب. وقبر اخر لم يسلم من التدمير والاضاعة هو الاخر، قبر المؤرخ الكبير"طه باقر" واحب ان اسميه طه كلكامش في البحث عن خلوده، فهو المختص بترجمة تاريخ العراق القديم، وصاحب الفضل الاول في اصدار مجلة سومر، وتأسيس قسم الاثار في جامعة بغداد، الذي حمل بمحبة واخلاص قل نظيرهما هموم تاريخنا الحضاري، وله في ذلك عشرات المؤلفات التي لا يمكن الاستغناء عنها لاي باحث في التاريخ البشري. هل توقف الاعتداء على هذين الاسمين فقط؟ ببساطة لا! فأن العلامة اللغوي "مصطفى جواد" والذي ربينا جميعا على سماع صوته المحبب من اذاعة بغداد في برنامجه الشهير "قل ولا تقل". برنامج كنا نترصده يوميا لنتعلم ما نقول وما لا نقول في لغتنا الجميلة، هذا العبقري الذي كان وجوده مؤرقا لفطاحل اللغة العربية امثال {العقاد وطه حسين والمازني} فكان يصحح لهم اخطائهم اللغوية ما دفعهم لمهاجمته مرارا بسبب ذلك. التركماني، الذي برع باللغة العربية ليكون مثالا ساطعا على المحبة التي كانت تربط ابناء الشعب الواحد. ولم يسلم كذلك، قبر الاديب المبدع "علي جواد الطاهر" اسم هو لوحده امة، فله ما يزيد على عشرين مؤلف ونيف، في الادب والنقد والشعر والقصة وقد حاز قبل وفاته عام 1996 على جائزة سلطان عويس عن دراساته النقدية التي اتسمت بالموضوعية والجدية بعيدا عن المجاملة او التجريح.
فلماذا يقدم احد ما على اقلاق راحة موت هؤلاء الافذاذ ويؤلم رقدتهم الاخيرة؟ والاجابة المريرة التي ستحصلون عليها هي وقاحة بما لايقارن. وقاحة بها استهتار قاهر بالموت والموتى. واستعلاء يغيظ الاحياء منا، لانه استعلاء يستخف بنا. فالقبور جرفت دون علم او رغبة اهلها. فجيء بالجرافات لتفتح طريقا خلفيا "امنا " يتسلل منه "الشيخ جلال الدين الصغير" الى حيث يبغي! فهو لم يجد خيرا من قبور الموتى ليحمي بها حياته، لانه يريد ممرا امنا في غدوه ومجيئه، لذا ليقلب عاليها سافلها فحتى الموتى في صمت قبورهم لم يسلموا من اذاه!
فلماذا يقتل هؤلاء في موتهم؟ ربما لان علي الوردي كان يعرف الكثير من رجال "العمايم" ويحذر من اذى وخديعة مهرجي السلاطين، من رجال الدين، لذا اراد صاحب العمامة الانتقام منه في موته. وربما لان طه باقر عراقيا جدا، فقد كان يتوضأ حبا بتاريخ العراق ويغني لانكيدو مع كلكامش فاغتالو قبره ترويعا وتشنيعا بنا. وربما لان علي جواد الطاهر كان وهو في موته يعرف "من يفرك الصدأ" فأعاودا محنة موته! وعلى الاغلب لانهم مبدعو حياة لا متفنين بطرق الموت، عراقيون بأخلاص منقطع النظير، لذلك تنبش قبورهم ليقتلوا مرة اخرى بيد الصغير!
على خلفية تجريف قبور بعض رموزنا الابداعية في منطقة العطيفية
ذكرى محمد نادر (شبكة البصرة)
تعمد الشعوب والمجتمعات الى تكريم كبارها سواء في مماتهم او حياتهم. لذا تتحول اماكن تواجد تلك الشخصيات الى ارث مجتمعي مسؤولية الحفاظ عليه هي مهمة جمعية، ولاجل الحفاظ على اماكنهم التي شغلوها في حياتهم، ومخلفاتهم، توظف اختصاصات ادارية وتوضع ميزانيات تزيد ولا تنقص. فمثلا تحول البيت الذي سكنه الكاتب الامريكي همنجواي الى متحف يتوجه اليه محبي ادبه والمعجبين بحياته وانجازه الابداعي. وليس بعيدا عنه الاحتفاء بالاديب السوفيتي "غوركي" الذي تحول القبو الذي سكنه في بداية حياته الى مزار يزوره المئات من المعجبين به يوميا، وايضا الاديب" انطون تشيكوف" او الرسام "فان كوخ" ومئات من المبدعين في كل انحاء العالم ممن تعتز مجتمعاتهم بما قدموه لها من ميراث ابداعي، ادبي، فني او علمي فانك اينما توجهت في عواصم العالم ستجد دليلا يشير الى شخصية ابداعية بهذا المجتمع او ذاك، وتستطيع ان ترى القلم خاصته او سريره، او الفرشاة التي كان يستعملها والكرسي الذي كان يجلس عليه في شرفته العتيقة، او الصحيفة التي كان يقرأ فيها قبل وفاته كما حدث مع همنجواي، فما زال غليونه مع رماده وصحيفته ومظلته وبندقيته وقصبة الصيد خاصته، وكل اغراضه الشخصية موجودة في اماكنها المألوفة وكانما تقول لك: ان ارنست، الان في نزهته اليومية وسيعود بعد قليل.! وتستطيع ان تجد المزارات الجميلة لمقابر المبدعين، فيبهرك تفنن المشرفين على بناء تلك القبور، احتفاء بما قدم هؤلاء المبدعين واعترافا ومحبة من قبل ذلك المجتمع بهم. وكان للحكومة السورية احتفاء {على تواضعه} تحمد عليه للشاعر العراقي الكبير خالد الذكر الجواهري فأن قبره غاية في الاناقة، تحف بجثمانه الى ما نهاية، نهري محبته الازلية، دجلة الخير وفرات الفراديس، ما فتئا يؤنسان وحشته، في مقبرة الغرباء مستقر سكنه الاخير. ولكن ماذا عنا وكيف تعامل المسؤولين في بلدنا مع رفات مبدعينا واثارهم؟
هل نال من مات منهم مجد قبر، تحمل شاهدته اعتراف صغير بما قدمه هذا الفقيد الكبير من جهد رائع لوطنه ومجتمعه؟ او متحف خص به ارثهم احتراما لجهودهم وعملهم الدؤوب المتفاني؟ ساقول نيابة عن كل من ماتوا من رفاق الابداع ممن سبقونا في موتهم : لا!
انهم ماتوا بنفس الاسى الذي كانو يعيشون فيه. ماتوا بنفس الحسرة التي قطعوا فيها ما سبق من حياتهم التي كانو يزهدون فيها بالدنيا ويبتعدون لاشواط طويلة عن متعها مكتفين بفرحهم، بقلم، او فرشاة، او ازميل. فكبار مبدعينا وما اكثرهم يرقدون منسيين في دثار قبورهم الفقيرة وباهمال موجع يصمتون كما كان العهد بهم، وزاهدين كما هم! ولكن هل سلمت قبور البعض منهم من الاذى؟ سيقول البعض منكم اي سؤال غريب هذا، فمن يجرؤ على تكدير سكون الموتى في موتهم؟. والحقيقة ان الجواب هو الغريب! لان بعض كبار المبدعين العراقيين، ممن اودعت جثامينهم في مقبرة العطيفية، خلف جامع براثا لم تسلم كما الاحياء من الاذى. فقد جرفت قبورهم، ونبشت، وسويت ارضا، وطحنت العظام والرفاة والذكريات وشواهد الاسماء وتواريخ الموت واخر ما تبقى منهم! لماذا؟ قد يتسائل البعض. لماذا تجرف قبورهم وتعكر عليهم سرمدية موتهم، بعد ان قدموا كل حياتهم في خدمة وطننا؟. اناس لم يكونو في حياتهم اناسا عاديين. بل اسماء جلجلت في سماء الادب والابداع واضاءت. اسماء ما نزال ننحني لها احتراما واجلالا ومحبة.
فهل فيكم من لم يتذكر عالم الاجتماع المبرز "علي الوردي" الذي لم يخلفه احد في علمه في العراق، صاحب كتاب "مهزلة العقل البشري" و"وعاظ السلاطين" و"هكذا قتلو قرة العين "وعشرات الكتب غيرها، واكثر من مئة وخمسين بحثا في علم الاجتماع ما زالت مودعة في كلية الاداب. وقبر اخر لم يسلم من التدمير والاضاعة هو الاخر، قبر المؤرخ الكبير"طه باقر" واحب ان اسميه طه كلكامش في البحث عن خلوده، فهو المختص بترجمة تاريخ العراق القديم، وصاحب الفضل الاول في اصدار مجلة سومر، وتأسيس قسم الاثار في جامعة بغداد، الذي حمل بمحبة واخلاص قل نظيرهما هموم تاريخنا الحضاري، وله في ذلك عشرات المؤلفات التي لا يمكن الاستغناء عنها لاي باحث في التاريخ البشري. هل توقف الاعتداء على هذين الاسمين فقط؟ ببساطة لا! فأن العلامة اللغوي "مصطفى جواد" والذي ربينا جميعا على سماع صوته المحبب من اذاعة بغداد في برنامجه الشهير "قل ولا تقل". برنامج كنا نترصده يوميا لنتعلم ما نقول وما لا نقول في لغتنا الجميلة، هذا العبقري الذي كان وجوده مؤرقا لفطاحل اللغة العربية امثال {العقاد وطه حسين والمازني} فكان يصحح لهم اخطائهم اللغوية ما دفعهم لمهاجمته مرارا بسبب ذلك. التركماني، الذي برع باللغة العربية ليكون مثالا ساطعا على المحبة التي كانت تربط ابناء الشعب الواحد. ولم يسلم كذلك، قبر الاديب المبدع "علي جواد الطاهر" اسم هو لوحده امة، فله ما يزيد على عشرين مؤلف ونيف، في الادب والنقد والشعر والقصة وقد حاز قبل وفاته عام 1996 على جائزة سلطان عويس عن دراساته النقدية التي اتسمت بالموضوعية والجدية بعيدا عن المجاملة او التجريح.
فلماذا يقدم احد ما على اقلاق راحة موت هؤلاء الافذاذ ويؤلم رقدتهم الاخيرة؟ والاجابة المريرة التي ستحصلون عليها هي وقاحة بما لايقارن. وقاحة بها استهتار قاهر بالموت والموتى. واستعلاء يغيظ الاحياء منا، لانه استعلاء يستخف بنا. فالقبور جرفت دون علم او رغبة اهلها. فجيء بالجرافات لتفتح طريقا خلفيا "امنا " يتسلل منه "الشيخ جلال الدين الصغير" الى حيث يبغي! فهو لم يجد خيرا من قبور الموتى ليحمي بها حياته، لانه يريد ممرا امنا في غدوه ومجيئه، لذا ليقلب عاليها سافلها فحتى الموتى في صمت قبورهم لم يسلموا من اذاه!
فلماذا يقتل هؤلاء في موتهم؟ ربما لان علي الوردي كان يعرف الكثير من رجال "العمايم" ويحذر من اذى وخديعة مهرجي السلاطين، من رجال الدين، لذا اراد صاحب العمامة الانتقام منه في موته. وربما لان طه باقر عراقيا جدا، فقد كان يتوضأ حبا بتاريخ العراق ويغني لانكيدو مع كلكامش فاغتالو قبره ترويعا وتشنيعا بنا. وربما لان علي جواد الطاهر كان وهو في موته يعرف "من يفرك الصدأ" فأعاودا محنة موته! وعلى الاغلب لانهم مبدعو حياة لا متفنين بطرق الموت، عراقيون بأخلاص منقطع النظير، لذلك تنبش قبورهم ليقتلوا مرة اخرى بيد الصغير!
مع التقدير لما أتى في المقالة فهي لا تعبر بالضرورة عن رأي حركة القوميين العرب
23 /4/2009
حركة القوميين العرب
حركة القوميين العرب