جـزر القـُُمـُر، دولة عربية تقع شرقي إفريقيا، وتتكون من أربع جزر هي: جزيرة القمر الكبرى، وجزيرة أنجوان، وموهيلي، ومايوت. وتبلغ مساحتها جميعها 2170كم²، وسكانها مسلمون رغم وجود قلة نصرانية مؤلفة من رجال الإرساليات النصرانية وجماعة من مدغشقر. وعاصمتها موروني، وعملتها الرسمية فرنك المجموعة الإفريقية. وقد انضمت إلى الأمم المتحدة عام 1975م. ولغتها الرسمية اللغة العربية.
التاريخ القديم
أول من سكن جزر القمر العنصر الماليزي، ثم وصل إليها الأدوميون وهم من الساميين، وذلك أيام سيدنا سليمان بن داوود عليهما السلام، ثم توافد عليها زنوج قدموا من زنجبار في القرن الخامس الميلادي، وتوالت جماعات وفدت إليها من إفريقيا، ومدغشقر، والجزيرة العربية.
العرب وجزر القمر. قامت صلات تجارية بين العرب وشرقي إفريقيا من قديم الزمان، فلما انتشر الإسلام في بلاد العرب، انتقل إلى شرقي إفريقيا عن طريق التجار والدعاة والهجرات، وتزايد انتقال المسلمين إلى شرقي إفريقيا نتيجة الأحداث والظروف السياسية، واجتذبتهم إليها الصلات القديمة، ويسر المواصلات إلى سواحلها، كما قدمت أعداد من شيراز من بلاد فارس، ومجموعة من عُمان والأحساء واليمن واستقرت في شرقي إفريقيا.
استقر هؤلاء المسلمون جميعًا على طول الساحل الشرقي لإفريقيا ولم يتوغلوا إلى الداخل، وكانت مهنتهم التجارة في معظم الأحوال، وإن كانت التجارة قد سهلت سبل الاتصال بالسكان ودعوتهم للإسلام.
استطاع هؤلاء المسلمون أن يؤسسوا مراكز تجارية كبيرة من أشهرها كلوه، ودار السلام وبفالة ومالندي وغيرها، وكانت ذات حضارة رفيعة كما ذكر ابن بطوطة وكذلك البرتغاليون.
الاحتلال البرتغالي لجزر القمر. احتل البرتغاليون جزر القمر عام 908هـ، 1502م، بعد أن تمكنوا من الالتفاف حول إفريقيا، وأطلقوا على سكانها المسلمين اسم المورو مثل بقية المناطق التي وجدوا فيها مسلمين، ولم يجد البرتغاليون صعوبة في دخول جزر القمر لضعف السكان وتفرقهم وعدم توحد صفوفهم. غير أن السكان لم يلبثوا أن ثاروا على البرتغاليين بسبب القسوة التي أبدوها والوحشية التي عاملوا بها الأهالي. وانتهت هذه الثورات بطرد البرتغاليين من البلاد.
الحكم الوطني في جزر القمر
في عام 912هـ، 1506م، احتلت جماعة من تيراز بقيادة محمد بن عيسى جزيرة القمر الكبرى وأرسل محمد هذا ابنه حسناً فنزل في جزيرة أنجوان واستقر فيها، ثم لم يلبث أن أسس سلطنة، إذ تزوج بابنة زعيم موتسامودو عاصمة الجزيرة، وتلقب باسم السلطان حسن، ولما توفي خلفه ابنه محمد الذي تزوج بابنة زعيم جزيرة مايوت، ثم ألحقها بسلطنته، ثم أضاف إليه جزيرة موهيلي أيضاً، وأطاعه سلاطين جزيرة القمر الكبرى.
الفتنة والحرب بين الأشقاء. خلف محمد ابنه عيسى، غير أنه لم يلبث أن ضعف حيث أصبح نفوذه اسميًا على جزيرة القمر الكبرى، وعندما توفي عيسى خلفته زوجته مولاية على السلطنة، مما أغضب الزعماء، فانتفضت جزيرة مايوت عليها، واستأثر بأمراء أنجوان زعيم موتسامودو، ففرت الملكة إلى مدينة دوموني، ومات زعيم موتسامودو فخلفته زوجته فاتنة، والثانية في أنجوان وهي مونلانة، وبقي الخلاف قائماً بين المدينتين حتى أيام الملكة عالمة التي بنت الجامع الكبير في موتسامودو عام 1670م.
الحرب بين مدغشقر وجزر القمر. وخلال الصراع المحتدم بين الجزر، اكتسحت جيوش من جزيرة مدغشقر جزيرة أنجوان وفتكت بأهلها، واستمر ذلك الحكم حتى قام الأمير أحمد حفيد الملكة عالمة وجمع البلاد، وحكم في الفترة 1770-1784م، وفي أيامه أغارت قبائل الساكافالا المدغشقرية على البلاد، فاضطرب حبل الأمن، واستقلت جزيرة مايوت عن أنجوان. وبعد موت الأمير أحمد خلفه الشيخ سالم الذي استمر حكمه حتى عام 1796م، ثم جاء بعده ابنه أحمد، وكان صغير السن، فنازعه عمه علوي إلا أنه فشل وفر إلى زنجبار، ثم أعاد الكَرَّة بعد عامين، وتمكن من خلع ابن اخيه أحمد، وتولى مكانه حتى عام 1820م، وخلفه ابنه عبدالله الذي قاتل أهل مدغشقر، وجاءه أحد المتنازعين على الحكم في مدغشقر فأكرمه، وتمكن عبدالله من احتلال جزيرة مايوت.
عودة الحكم الوطني إلى جزر القمر. جاء إلى الحكم بعد عبدالله ابنه علوي، ولكن عمه سالمًا نازعه على الحكم، وهرب علوي إلى موزمبيق حيث أَسرَهُ الإنجليز ونفوه إلى كلكتا، ثم إلى موريشيوس، وبقي فيها حتى مات عام 1841م، وانفرد عمه سالم بالحكم. أما جزر مايوت فقد انفصلت اسمياً عن أنجوان على يد صالح بن محمد بن بشير من أهل عمان، إذ تزوج بابنة سلطان الجزيرة، فلما مات السلطان خلفه صهره صالح بن محمد، وبقيت تتبع أنجوان اسميًا حتى احتلتها فرنسا عام 1841م. وهكذا عزلت مايوت عن بقية الجزر التي كان يحكمها سالم، وعند موته خلفه ابنه عبدالله الملقب بالكبير، وكان صديقًا للإنجليز. وخلال هذه الاضطرابات كان التنافس الدولي على القارة الإفريقية على أشده.
التنافس الدولي والاستعمار الفرنسي
جعل افتتاح قناة السويس بمصر عام 1869م الدول الأوروبية تتطلع للسيطرة على شرقي إفريقيا. وكانت فرنسا تبدي اهتمامًا كبيراً بالساحل الإفريقي المطل على خليج عدن، وذلك بعد احتلال بريطانيا لعدن سنة 1839م، وعقدت معاهدات مع شيوخ القبائل في الدناقل وغيرها وهي ما تسمى بجيبوتي حالياً وبالصومال الفرنسي. وسيطرت فرنسا على منطقة الصومال الفرنسي ثم استولت على مدغشقر وجزر القمر.
ساعد الخلاف القائم في جزر القمر بين الأخوة في الجزر على إتاحة الفرصة لفرنسا لكي تسيطر عليها، فقد ثار على عبدالله الكبير أخوه محمد، إلا أنه انتصر عليه، ولكن الحروب هدت قواه فطلب الحماية من فرنسا عام 1887م. غير أن السكان قاموا بثورات ضد الفرنسيين ومات عبدالله مسموماً أو مخنوقاً، وتولى مكانه أخوه عثمان بن سالم، ولكن أهالي مدينة موتسامودو بايعوا ابن أخيه سالم بن عبدالله بن سالم، وجرى القتال بين الطرفين، فانتصر عثمان، والتجأ سالم إلى الفرنسيين وطلب المساعدة منهم، واعترف بحمايتهم، وبقي عثمان يقاومهم. أخيراً اضطر للاستسلام فنفي إلى الخارج.
الحماية الفرنسية والسياسة الفرنسية. خضعت جزر القمر للحماية الفرنسية عندما وقَّع السيد عمر سليمان أنجوان معاهدة مع الفرنسيين واعترف بحمايتهم عام 1892م، ولم يعش السيد عمر بعدها طويلاً إذ مات في السنة نفسها، وخلفه ابنه محمد بن عمر على جزيرة أنجوان وملحقاتها، وخلفه ابنه الآخر وهو علي على جزيرة القمر الكبرى.
اتبعت فرنسا سياسة استعمارية استغلالية، إذ عملت على جعل السياسة الاقتصادية والثقافية في يدها. وعملت على إبقاء المسلمين في حالة من الجهل والفقر والمرض، كما اتبعت سياسة القمع والإرهاب، وحرمت الطلاب الوطنيين من دخول المدارس الحكومية أو المستشفيات التي يشرف عليها المنَصِّرون إلا الذين اعتنقوا النصرانية. فكانت سياسة فرنسا تقضي باستيعاب المثقفين وتغريبهم وتوجيههم إلى فلك الثقافة الفرنسية. واتبعت كذلك سياسة التمييز بين الفرنسيين والوطنيين تمييزاً يعتمد على العون والتعالي والرتب العسكرية وكل جوانب الحياة.
وكانت جزيرة القمر مقسمة إلى اثنتي عشرة مقاطعة، لكل منها سلطان، وأكبرهم يعرف باسم سلطان تيبه ويخضع جميعهم له، وكان صاحب هذا المنصب السلطان أحمد، وهو أخو السيد عمر أحد وجهاء جزيرة أنجوان. فلما مات السلطان أحمد خلفه ابن أخيه علي بن عمر حسب وصية عمه أحمد، ولكن السلاطين الآخرين رفضوا تعيينه والخضوع له، وثاروا ضده بتحريك من السلطان موسى فومو الذي أراد أن يحل محله، ووقعت الحرب بين الطرفين، وخرج علي منتصرًا في الحرب بمساعدة جزيرة موهيلي له، وكذلك جزيرة أنجوان وبعض المقاطعات الأخرى في جزيرة القمر الكبرى نفسها، كما أن إنجلترا قد عرضت حمايته ولكنه رفض، وطلب من قائد قوات جزيرة مايوت المساعدة والحماية، وعندما عرضت إنجلترا مساعدتها لخصمه السلطان موسى فومو وافق. وأصبح الخصمان المتنازعان في الجزيرة في حماية الدولتين الاستعماريتين المتنافستين إنجلترا وفرنسا.
اقترحت فرنسا مساعدة السلطان علي، وعقدت معه معاهدة حماية عام 1886م، غير أن الشعب قد ثار في جزر القمر، وعدوا السلطان عليا خائنًا لخضوعه لفرنسا، ولكن الثورة قمعت بشدة من قبل السلطات الفرنسية عام 1889م، وأقر السلطان علي سلطاناً على جزيرة القمر الكبرى في الوقت الذي كان أبوه قد وقَّع معاهدة حماية مع فرنسا أيضاً، وأقرها ابنه محمد الذي خلفه على جزيرة أنجوان. ولكن فرنسا اتهمت السلطان عليًّا بمحاولة قتل المقيم الفرنسي هامبلوت، فقبضت عليه ونفته إلى خارج البلاد، وأصبح المقيم الفرنسي هو الحاكم الفعلي في البلاد.
وفي عام 1913م، صدر قرار بوضع جزر القمر تحت السيطرة الفرنسية التامة، وأصبحت تلك الجزر مستعمرة فرنسية، وحتى ذلك الوقت لم تكن مستعمرة سوى جزيرة مايوت ثم ألحقت هذه الجزر بجزيرة مدغشقر عام 1915م، وبقيت تتبعها مدة عامين، ثم عادت مستعمرة منفصلة، واستمر ذلك حتى بعد الحرب العالمية الثانية، إذ أصبحت تحكم الجزر جمعية منتخبة مؤلفة من ثلاثين عضواً.
التاريخ القديم
أول من سكن جزر القمر العنصر الماليزي، ثم وصل إليها الأدوميون وهم من الساميين، وذلك أيام سيدنا سليمان بن داوود عليهما السلام، ثم توافد عليها زنوج قدموا من زنجبار في القرن الخامس الميلادي، وتوالت جماعات وفدت إليها من إفريقيا، ومدغشقر، والجزيرة العربية.
العرب وجزر القمر. قامت صلات تجارية بين العرب وشرقي إفريقيا من قديم الزمان، فلما انتشر الإسلام في بلاد العرب، انتقل إلى شرقي إفريقيا عن طريق التجار والدعاة والهجرات، وتزايد انتقال المسلمين إلى شرقي إفريقيا نتيجة الأحداث والظروف السياسية، واجتذبتهم إليها الصلات القديمة، ويسر المواصلات إلى سواحلها، كما قدمت أعداد من شيراز من بلاد فارس، ومجموعة من عُمان والأحساء واليمن واستقرت في شرقي إفريقيا.
استقر هؤلاء المسلمون جميعًا على طول الساحل الشرقي لإفريقيا ولم يتوغلوا إلى الداخل، وكانت مهنتهم التجارة في معظم الأحوال، وإن كانت التجارة قد سهلت سبل الاتصال بالسكان ودعوتهم للإسلام.
استطاع هؤلاء المسلمون أن يؤسسوا مراكز تجارية كبيرة من أشهرها كلوه، ودار السلام وبفالة ومالندي وغيرها، وكانت ذات حضارة رفيعة كما ذكر ابن بطوطة وكذلك البرتغاليون.
الاحتلال البرتغالي لجزر القمر. احتل البرتغاليون جزر القمر عام 908هـ، 1502م، بعد أن تمكنوا من الالتفاف حول إفريقيا، وأطلقوا على سكانها المسلمين اسم المورو مثل بقية المناطق التي وجدوا فيها مسلمين، ولم يجد البرتغاليون صعوبة في دخول جزر القمر لضعف السكان وتفرقهم وعدم توحد صفوفهم. غير أن السكان لم يلبثوا أن ثاروا على البرتغاليين بسبب القسوة التي أبدوها والوحشية التي عاملوا بها الأهالي. وانتهت هذه الثورات بطرد البرتغاليين من البلاد.
الحكم الوطني في جزر القمر
في عام 912هـ، 1506م، احتلت جماعة من تيراز بقيادة محمد بن عيسى جزيرة القمر الكبرى وأرسل محمد هذا ابنه حسناً فنزل في جزيرة أنجوان واستقر فيها، ثم لم يلبث أن أسس سلطنة، إذ تزوج بابنة زعيم موتسامودو عاصمة الجزيرة، وتلقب باسم السلطان حسن، ولما توفي خلفه ابنه محمد الذي تزوج بابنة زعيم جزيرة مايوت، ثم ألحقها بسلطنته، ثم أضاف إليه جزيرة موهيلي أيضاً، وأطاعه سلاطين جزيرة القمر الكبرى.
الفتنة والحرب بين الأشقاء. خلف محمد ابنه عيسى، غير أنه لم يلبث أن ضعف حيث أصبح نفوذه اسميًا على جزيرة القمر الكبرى، وعندما توفي عيسى خلفته زوجته مولاية على السلطنة، مما أغضب الزعماء، فانتفضت جزيرة مايوت عليها، واستأثر بأمراء أنجوان زعيم موتسامودو، ففرت الملكة إلى مدينة دوموني، ومات زعيم موتسامودو فخلفته زوجته فاتنة، والثانية في أنجوان وهي مونلانة، وبقي الخلاف قائماً بين المدينتين حتى أيام الملكة عالمة التي بنت الجامع الكبير في موتسامودو عام 1670م.
الحرب بين مدغشقر وجزر القمر. وخلال الصراع المحتدم بين الجزر، اكتسحت جيوش من جزيرة مدغشقر جزيرة أنجوان وفتكت بأهلها، واستمر ذلك الحكم حتى قام الأمير أحمد حفيد الملكة عالمة وجمع البلاد، وحكم في الفترة 1770-1784م، وفي أيامه أغارت قبائل الساكافالا المدغشقرية على البلاد، فاضطرب حبل الأمن، واستقلت جزيرة مايوت عن أنجوان. وبعد موت الأمير أحمد خلفه الشيخ سالم الذي استمر حكمه حتى عام 1796م، ثم جاء بعده ابنه أحمد، وكان صغير السن، فنازعه عمه علوي إلا أنه فشل وفر إلى زنجبار، ثم أعاد الكَرَّة بعد عامين، وتمكن من خلع ابن اخيه أحمد، وتولى مكانه حتى عام 1820م، وخلفه ابنه عبدالله الذي قاتل أهل مدغشقر، وجاءه أحد المتنازعين على الحكم في مدغشقر فأكرمه، وتمكن عبدالله من احتلال جزيرة مايوت.
عودة الحكم الوطني إلى جزر القمر. جاء إلى الحكم بعد عبدالله ابنه علوي، ولكن عمه سالمًا نازعه على الحكم، وهرب علوي إلى موزمبيق حيث أَسرَهُ الإنجليز ونفوه إلى كلكتا، ثم إلى موريشيوس، وبقي فيها حتى مات عام 1841م، وانفرد عمه سالم بالحكم. أما جزر مايوت فقد انفصلت اسمياً عن أنجوان على يد صالح بن محمد بن بشير من أهل عمان، إذ تزوج بابنة سلطان الجزيرة، فلما مات السلطان خلفه صهره صالح بن محمد، وبقيت تتبع أنجوان اسميًا حتى احتلتها فرنسا عام 1841م. وهكذا عزلت مايوت عن بقية الجزر التي كان يحكمها سالم، وعند موته خلفه ابنه عبدالله الملقب بالكبير، وكان صديقًا للإنجليز. وخلال هذه الاضطرابات كان التنافس الدولي على القارة الإفريقية على أشده.
التنافس الدولي والاستعمار الفرنسي
جعل افتتاح قناة السويس بمصر عام 1869م الدول الأوروبية تتطلع للسيطرة على شرقي إفريقيا. وكانت فرنسا تبدي اهتمامًا كبيراً بالساحل الإفريقي المطل على خليج عدن، وذلك بعد احتلال بريطانيا لعدن سنة 1839م، وعقدت معاهدات مع شيوخ القبائل في الدناقل وغيرها وهي ما تسمى بجيبوتي حالياً وبالصومال الفرنسي. وسيطرت فرنسا على منطقة الصومال الفرنسي ثم استولت على مدغشقر وجزر القمر.
ساعد الخلاف القائم في جزر القمر بين الأخوة في الجزر على إتاحة الفرصة لفرنسا لكي تسيطر عليها، فقد ثار على عبدالله الكبير أخوه محمد، إلا أنه انتصر عليه، ولكن الحروب هدت قواه فطلب الحماية من فرنسا عام 1887م. غير أن السكان قاموا بثورات ضد الفرنسيين ومات عبدالله مسموماً أو مخنوقاً، وتولى مكانه أخوه عثمان بن سالم، ولكن أهالي مدينة موتسامودو بايعوا ابن أخيه سالم بن عبدالله بن سالم، وجرى القتال بين الطرفين، فانتصر عثمان، والتجأ سالم إلى الفرنسيين وطلب المساعدة منهم، واعترف بحمايتهم، وبقي عثمان يقاومهم. أخيراً اضطر للاستسلام فنفي إلى الخارج.
الحماية الفرنسية والسياسة الفرنسية. خضعت جزر القمر للحماية الفرنسية عندما وقَّع السيد عمر سليمان أنجوان معاهدة مع الفرنسيين واعترف بحمايتهم عام 1892م، ولم يعش السيد عمر بعدها طويلاً إذ مات في السنة نفسها، وخلفه ابنه محمد بن عمر على جزيرة أنجوان وملحقاتها، وخلفه ابنه الآخر وهو علي على جزيرة القمر الكبرى.
اتبعت فرنسا سياسة استعمارية استغلالية، إذ عملت على جعل السياسة الاقتصادية والثقافية في يدها. وعملت على إبقاء المسلمين في حالة من الجهل والفقر والمرض، كما اتبعت سياسة القمع والإرهاب، وحرمت الطلاب الوطنيين من دخول المدارس الحكومية أو المستشفيات التي يشرف عليها المنَصِّرون إلا الذين اعتنقوا النصرانية. فكانت سياسة فرنسا تقضي باستيعاب المثقفين وتغريبهم وتوجيههم إلى فلك الثقافة الفرنسية. واتبعت كذلك سياسة التمييز بين الفرنسيين والوطنيين تمييزاً يعتمد على العون والتعالي والرتب العسكرية وكل جوانب الحياة.
وكانت جزيرة القمر مقسمة إلى اثنتي عشرة مقاطعة، لكل منها سلطان، وأكبرهم يعرف باسم سلطان تيبه ويخضع جميعهم له، وكان صاحب هذا المنصب السلطان أحمد، وهو أخو السيد عمر أحد وجهاء جزيرة أنجوان. فلما مات السلطان أحمد خلفه ابن أخيه علي بن عمر حسب وصية عمه أحمد، ولكن السلاطين الآخرين رفضوا تعيينه والخضوع له، وثاروا ضده بتحريك من السلطان موسى فومو الذي أراد أن يحل محله، ووقعت الحرب بين الطرفين، وخرج علي منتصرًا في الحرب بمساعدة جزيرة موهيلي له، وكذلك جزيرة أنجوان وبعض المقاطعات الأخرى في جزيرة القمر الكبرى نفسها، كما أن إنجلترا قد عرضت حمايته ولكنه رفض، وطلب من قائد قوات جزيرة مايوت المساعدة والحماية، وعندما عرضت إنجلترا مساعدتها لخصمه السلطان موسى فومو وافق. وأصبح الخصمان المتنازعان في الجزيرة في حماية الدولتين الاستعماريتين المتنافستين إنجلترا وفرنسا.
اقترحت فرنسا مساعدة السلطان علي، وعقدت معه معاهدة حماية عام 1886م، غير أن الشعب قد ثار في جزر القمر، وعدوا السلطان عليا خائنًا لخضوعه لفرنسا، ولكن الثورة قمعت بشدة من قبل السلطات الفرنسية عام 1889م، وأقر السلطان علي سلطاناً على جزيرة القمر الكبرى في الوقت الذي كان أبوه قد وقَّع معاهدة حماية مع فرنسا أيضاً، وأقرها ابنه محمد الذي خلفه على جزيرة أنجوان. ولكن فرنسا اتهمت السلطان عليًّا بمحاولة قتل المقيم الفرنسي هامبلوت، فقبضت عليه ونفته إلى خارج البلاد، وأصبح المقيم الفرنسي هو الحاكم الفعلي في البلاد.
وفي عام 1913م، صدر قرار بوضع جزر القمر تحت السيطرة الفرنسية التامة، وأصبحت تلك الجزر مستعمرة فرنسية، وحتى ذلك الوقت لم تكن مستعمرة سوى جزيرة مايوت ثم ألحقت هذه الجزر بجزيرة مدغشقر عام 1915م، وبقيت تتبعها مدة عامين، ثم عادت مستعمرة منفصلة، واستمر ذلك حتى بعد الحرب العالمية الثانية، إذ أصبحت تحكم الجزر جمعية منتخبة مؤلفة من ثلاثين عضواً.