وصية أم لابنتها عند زفافها
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريـك له ولا مثيـل له، ولا ضدّ ولا ندّ له وأشهد أنَّ سيّدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرّة أعيننا محمّدًا عبد الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى كل رسول أرسله.
أما بعد عباد الله فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العليِّ العظيم. يقول الله في محكم التنْزيل ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾. (سورة النساء ءاية 1) .
ويقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "تنكح المرأة لأربع: لِمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك".
فقد حثّ نبيّنا الأعظم صلّى الله عليه وسلّم أن يتزوّج الواحـد منا ذات الدين التي تخاف الله تعالى وتعامل زوجها بالإحسان إليه وطاعته فيما يرضي الله.
قال عليه الصلاة والسلام: "أولى الناس بالمرأة زوجها" . وقال: "أحقّ الناس بالمرأة زوجها". والمرأة الصالحة من خير متاع الدنيا كما قال صلّى الله عليه وسلّم: "الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة".
ففي هذه الأحاديث بيان عظيم حقّ الزوج على الزوجة. لذلك حرّم الله عليها أن تخرج من بيته بلا إذنه لغير ضرورة، وحرّم عليها أن تُدْخِل بيته من يكره سواء كان قريبًا لها أو لا، وحرّم عليها أيضًا أن تمنعه حقّه من الاستمتاع وما يدعو إلى ذلك من التزيّن إلا في حالة لها فيها عذر شرعيّ، فقال سيّد الأنبياء صلّى الله عليهم أجمعين: إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها، لعنتها الملائكة حتى تصبح".
وقال: "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيّته والأمير راعٍ والرجل راعٍ على أهل بيته والمرأة راعية على بيت زوجها وولده فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيّته".
وإليكم إخوة الإيمان عشر من وصايا أوصت بها امرأة زفّت ابنتها قبل أن تخرج من بيتها فقالت لها: كوني له كالأمة يكن لك كالعبد واحفظي عشرًا من الوصايا عملتُ أنا بها فسعدت مع أبيك .
أما الأولى : فاصحبيه بالقناعة.
والثانية: عاشريه بحسن السمع والطاعة.
وأما الثالثة والرابعة: فتفقّدي مواضع عينيه وأنفه، فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشمّن منك إلا طيب ريح .
والخامسة والسادسة: فالتفتي إلى وقت طعامه ومنامه فإنّ الجوع ملهبةٌ وتنغص النوم مغضبةٌ. (أي راعي زوجك في أمر نومه وطعامه).
وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس على ماله والاهتمام بحشمه وعياله، فإن ملاك الأمر في المال حسن التقدير وفي العيال حسن التدبير. (أي حافظي له على ماله وأولاده).
وأما التاسعة والعاشرة: فإيّاك والفرح بين يديه إذا كان مغتمّا وإيّاك والاغتمام إذا كان فرحًا واعلمي أخيرًا أنك لن تنالي منه ما تريدين حتى تؤثري هواه على هواك ورضاه على رضاك.
فأين مثل هذه الأم في هذا الزمان إلا من رحم ربّي، وأين من يعمل من النساء في هذا الزمان بهذه الوصايا إلا من رحم الله .
قال صلّى الله عليه وسلّم: "إذا صلّت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصّنت فرجها وأطاعت بعلها (أي زوجها) دخلت من أيّ أبواب الجنة شاءت" .
فالزوجة الصالحة تعين زوجها على أمر الآخرة، فالزواج فيه تحصّن عن الشيطان، فالمرأة الصالحة المصلحة للمنْزل عون على الدين بهذا الطريق، والزواج فيه مجاهدة النفس ورياضتها بالرعاية والولاية والقيام بحقوق الأهل والصبر على أخلاقهن واحتمال الأذى منهن، إذا كنتَ في كلِّ الأمور معاتبًا أخاك فلن تلقى الذي تعاتبه. فالمرأة الصالحة تسرّ إذا نظر، وتطيع إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها، فلا تكن أنانة ولا منانة ولا حنانة ولا حدّاقة ولا برّاقة ولا شدّاقة.
أما الأنّانة : فهي التي تكثر الأنين والتشكي.
والمنانة : التي تمنّ على زوجها تقول له فعلت لأجلك كذا وكذا.
والحنانة : التي تحنّ إلى زوج ءاخر.
والحدّاقة : التي ترمي إلى كل شىء ببصرها فتشتهيه وتكلّف الزوج شراءه.
والبراقة : التي تكون طول نهارها في تصقيل وجهها وتزيينه ليكون لوجهها بريق بالتصنّع.
وأما الشدّاقة : المتشدّقة الكثيرة الكلام الذي لا خير فيه .
فهنيئًا لمن اتقى وأختم إخوة الإيمان بحديث رواه الترمذي فيه يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا" .
فاظفروا بذات الدين تربت أيديكم .
هذا وأستغفر الله لي ولكم
منقول