قضاة محاكم التحقيق في العراق وإجراءات ما انزل الله (ولا القانون) بها من سلطان ؟
يوما بعد آخر تزداد الإجراءات التي تعرقل قيام المحامي بواجبه إزاء موكليه وهي إجراءات لا يوجد لها سند من القانون ، ونجد هذه الإجراءات تزداد تعقيداً يوما بعد آخر وبالأخص في محاكم التحقيق بالعراق وهنا نلقي باللائمة مائة بالمائة على السادة قضاة التحقيق لا غيرهم لأن المحقق والشرطي والحارس والحمايات الخ ممن يعملون في تلك المحاكم ان هم الا مأمورون ومرؤوسون خاضعون لأوامر ونواهي السيد قاضي التحقيق وحده وهنا قبيل التطرق إلى تلك التعقيدات والإجراءات الروتينية المعقدة والبيروقراطية التي لا تجد ما يسندها في قانون أصول المحاكمات الجزائية المرقم 23 لسنة 1971 المعدل النافذ، أود ان أشيد ببعض السادة من قضاة التحقيق الذين سهلوا كثيرا من عمل المحامي ومنحه استحقاقه ورفض تلك الإجراءات الروتينية ونهر وتوبيخ كل محقق أو موظف بالمحكمة يحاول الالتفاف على حقوق المحامين في الدفاع عن موكليهم ومنهم السيد القاضي الأول لمحكمة تحقيق الأعظمية الأستاذ (ع خ د) المحترم والسيدة قاضي تحقيق الرصافة الأستاذة (س) المحترمة وغيرهما وسأعرض ما حصل لي مع السيدة قاضية تحقيق الرصافة في الصيف السابق عام 2012 (وكانت زميلة محامية معنا) حيث توجهت لها في وقت متأخر وقبيل نهاية الدوام الرسمي مقدما لائحة ابتغي فيها تمكيني من الاطلاع على اضبارة تحقيقية بالنظر لتوكلي حديثا لكنها قامت بالتهميش عليها (ترفق بالاضبارة وتقدم بمطالعة) ثم عادت لتشطب العبارة بعد ان انتبهت ان الطلب خاص بالاطلاع على الاضبارة فقط لا أكثر فكتبت (يتم تمكين المحامي من مطالعة اضبارة التحقيق) طبعا لم ترفض السيدة القاضية توقيع الطلب والتهميش عليه (لأنه لم يهمش من قبل المحقق قبيل تقديمه لها) وأيضا انتبهت وصححت عبارتها وهذا رغم انه موافق تماما للقانون اذ لا يوجد في قانون الأصولية ما يجيز للقاضي عرقلة الطلب بداعي تهميشه من قبل المحقق قبيل تقديمه للقاضي أو لا يوجد في قانون الأصولية بوجوب تقديم مطالعة من قبل المحقق بخصوص اطلاع المحامي من عدمه على الاضبارة بل بالعكس اوجب قانون الأصول على تمكين المحامي من الاطلاع على اضبارة التحقيق (عدا الاضبارة التي قررت المحكمة ان التحقيق فيها سري) حتى قبيل التوكل رسميا عن موكله ، لكن هذه الرخصة الموجودة في القانون ألغيت عمليا ومن المستحيل الاطلاع على الاضبارة قبيل التوكل رسميا وسلك تلك الإجراءات المعقدة التي تزيد يوما بعد آخر ،
ويوم الثلاثاء الموافق 7 أيار/ مايو 2013 راجعت السيد قاضي التحقيق الأول لمحكمة تحقيق الكرخ وقدمت له طلب تحريري لغرض تمكيننا من الاطلاع على اضبارة تحقيقية بالنظر لتوكلي حديثا بالدعوى ولاحظوا ما حصل معي :
1 - حماية القاضي رفض طبعا دخولي على القاضي (وان كنت لا ارغب بالدخول إليه - علمت فيما بعد انه زميلي على مقاعد الدراسة وزميلي في المحاماة قبل ان يصبح قاضيا) .
2 - طلب الحرس هوية نقابة المحامين مني والوكالة ليدخلها للقاضي مع الطلب
3 - رغم ممارستي للمهنة منذ عام 1999 في كافة أنواع المحاكم واختصاصاتها ودرجاتها ببغداد وبعض المحافظات الا ان رجال الحماية هؤلاء (الذي لا تزيد خدمة بعضهم أو اغلبهم ربما عن أربع سنوات في أحسن الأحوال) راحوا يسألون ان كنت محام حقا ! (اذ يعتقدون ان المحامي يجب ان يزرع نفسه يوميا أمامهم فقط ولا يعمل بمحاكم أخرى ؟!)
4 - رفض رجل الحماية إدخال الطلب الا بعد تحويله أو تهميشه من المحقق
5 - جاء معي احد رجال الحماية (وكان جديدا في المهنة) وعندما بلغنا غرفة المحققين كان يتصرف معي وكأني مواطن (رغم علمه بأني محامي) فطلب الوقوف أمام الباب وعندما أصررت على الدخول للمحقق تحدث معهم وكأنه يتحدث مع جهة أعلى بكثير من المحامين وكان يتحدث معي وهو يدخل بأنه يجب ان التزم الصمت نهائيا وان لا أتحدث فأزعج السادة المحققين وكأني في حضرة قضاة محكمة التمييز (عاصرت وزاملت في الماجستير عام 2000/2001 بعض قضاة محكمة التمييز ومنهم أصبح وزيرا وكانوا يستعينون بكاتب السطور ويستنجدون بمحاضراته للنجاح ومع ذلك لم أجد منهم هذه الرسميات ! فأي ضحكة كادت تنفلت مني من تصرفات هذا الشخص الجديد في مهنته والذي لا يعلم ربما حتى كيف يطالع لائحة أو طلب مقدم للقاضي) عموما كنت (آخذه على قدر عقله) (قال الإمام علي "عليه السلام" خاطب الناس على قدر عقولهم") وهذا ما اسلكه دوما في حياتي ، فوصلت للمحقق فقام المحقق بالتهميش هكذا (الضابط ، - للرسم ، - يربط مع الأوراق ويقدم) فأستغربت من هذا الأمر وقلت له : انه طلب لمطالعة الدعوى وليس لائحة في موضوع الدعوى ؟ فقال هذا هو القانون ؟ فقلت أي قانون وهل هناك تعديل حدث قبل أيام على قانون الأصول ونحن لا نعلم به أم ماذا ؟ فلم يرد معتبرا انه اصدر فتوى أو فرمان وعلى الآخرين عدم محاججته ، فقلت له ، الأمور في محاكم التحقيق لا تخضع على ما يبدو للقانون بل هي لأوامر ونواهي صرنا نبتدعها ونجعل القانون ينوء بها وهو بريء منها ، امتعض ولم يجب ، عموما كنت أتوقع ان القاضي يحذف عبارته ويصححها ويكتب (يتم تمكين المحامي من الاطلاع على اضبارة الدعوى ان لم يكن التحقيق سريا) والشطر الثاني من العبارة عن التحقيق السري يمكن ان تكون للتحوط ، لكن لم يفعلها القاضي بل انعم علينا بتوقيعه بعد انتظار دام حوالي ربع ساعة (يبدو انه أصلا لم يطالع الطلب الذي لم يتجاوز ثلاثة اسطر ربما بسبب تراكم الطلبات وهذه ليست ذريعة بل محسوبة على القاضي نفسه بدليل ما فعلته السيدة القاضية في محكمة تحقيق الرصافة بعد ان استدركت وصححت عبارتها) ،
والآن عتبنا على السادة قضاة التحقيق ينصب على ما يلي :
1 - بالفعل يجب احترام ما يوجبه قانون الأصول وإلغاء تلك التعقيدات والسماح للمحامين بتقديم طلباتهم مباشرة دون حاجب او تحويل من محقق
2 - الإيعاز للمحققين في مراكز الشرطة بوجوب تمكين المحامين من مطالعة أضابير التحقيق حتى دون تقديم طلب تحريري
3 - توجيه المحققين بعدم ذكر عبارة (ترفق بالاضبارة وتقدم) عندما يكون الطلب خاص بالاطلاع على اضبارة الدعوى فحسب
4 - تنظيم دورات لرجال الحمايات وبالأخص الجدد منهم بوجوب ايلاء المحامين الاحترام الواجب والأسلوب اللائق في التعاطي معهم فالمحامي لا يقل عن القاضي في شيء فكلاهما يمثلان القضاء والانتقاص من المحامين انتقاص من القضاء ومن القاضي نفسه وتفهيمهم بأن المحامي لا يقل شأنا عن المحقق بل هو أعلى منزلة وشأنا بسبب ما يكتسبه من خبرة وحنكة بدليل تعيينهم قضاة اذا ما تجاوزت خبرتهم عشر سنوات أو تسنمهم مناصب رفيعة في الدولة تصل إلى درجة وزير (في الولايات المتحدة مثلا اغلب الرؤساء هم من المحامين وآخرهم اوباما) ، لكن للأسف بعض القضاة يتعمد تأليب رجال الحمايات ضد المحامين وقد حصلت تجاوزات كثيرة منهم وتطاول على المحامين وصلت إلى حد الاعتداء ولم ينتصر لهم السادة القضاة بل بالعكس وقفوا ضدهم والى جانب رجال الحمايات ، هذه حالات سلبية مقابل حالات (اقل للأسف) تمثل نماذج رائعة لبعض السادة القضاة وأيضا بعض الحمايات الذين يحسنون التعامل مع المحامين وتقديم الاحترام الواجب لهم ، هنا نتمنى تثقيف رجال الحمايات وإدخالهم دورات فهم لا يتعاملون مع أناس عاديين ومن كان منهم في دوائر عادية فيجب ان يتعلم الفرق بين الدائرة والمراجعين وبين التعاطي مع رجال القضاء الواقف !
المحامي وليد محمد الشبيبي
8 آيار/مايو 2013
8 آيار/مايو 2013