مسلسل يوسف الصديق ومعركة المفاهيم الالهية تجسيد القداسة واقعياً يتطلب تعابير حركية دقيقة ..
قد يثير عنوان هذا الموضوع حفيظة الكثيرين من الذين يرون ان المقدس او المعصوم
لا يجب ان يكون مجسداً في الواقع بشخصيات تمثيلية ، وهو ما حدث فعلاً اثناء وبعد عرض المسلسل التلفزيوني التاريخي (يوسف الصديق) حيث صاحب فترات عرض هذا المسلسل احاديث طويلة وعريضة من النقاد وشيوخ الدين عن وجوب ايقاف بث هذا المسلسل لخروجه عن الاعراف المتبعة في التعامل مع الديني المقدس المتمثل بتجسيد شخصيات اعيتيادية بشرية – غير معصومة- تأكل وتشرب وتتعامل طبيعياً بشرياً إنسانياً وهو ما لا يراه الكثير من على الطرف النقيض لهذا الرأي.
القداسة حين تتجسد واقعياً – والرأي هنا للموافقين على ظهور وجوه الانبياء والرسل والاولياء- قد تكون اكثر قرباً من اليقين الشخصي فالابتعاد عن الدخول في حيثيات الشخصيات المقدسة وطريقة حديثهم ونظراتهم وتعاملهم اليومي وتفاصيل حياتهم الدقيقة قد يجعل من شريحة كبيرة بعيدة عن الفهم الكامل لهذه الشخصيات المقدسة أن يكونوا في حالة شك واهتزاز فكري عميق ، وكان على سبيل المثال في تجسيد شخصية النبي يوسف عليه السلام ان جعل من الرسالة الالهية في هذا الموطن قريبة بل ومستنبطة استنباطاً معرفياً واقعياً بعد آلاف السنين من حدوثها ، وهي بادئة حسنة لتصوير القصص القرآنية بشكل سلس تحمل معها سحرية في ايصال الحكم الالهية متجاوزة بذلك طريقة الايصال – النقل التقليدية من خلال الكتابات والتناقل اللساني ، وهو ما اكد عليه مخرج المسلسل الضخم الايراني (فرج الله سلحشور) حيث قال في احدى لقاءاته التلفزيونية رداً على الانتقادات الموجهة له " اعتقد أننا سوف نكون محرومين من ترجمة قصص القرآن على ارض الواقع وإيصال هذه الرسالة إلى الناس ، اننا بالامكان ان نظهر الوجوه بصورة جيدة ونقدمها كقدوة للمجتمعات " ، والمشكلة بين الطرفين لا تزال عالقة فهناك تساؤلات شرعية حول امكانية تجسيد شخصية النبي محمد (ص) وهو خاتم النبيين وهو المقدس الاعظم بين القديسيين الارضيين والذي لا يمكن لأحد ان يتقبل هذا الموضوع ببساطة كالذي حصل مع النبي يوسف لان درجة القداسة بين الاثنين قد تكون شاسعة ذلك حسب الاحاديث القدسية والنبوية.
محاربة الباطل
هناك من يقول ان تجسيد شخصيات الانبياء بمن فيهم خاتم المرسلين محمد (ص) بالطريقة الصحيحة التي ظهر فيها النبي يوسف في المسلسل يجعل من اعداء الدين والذين يحاولون اظهار هذه الشخصيات المقدسة كيفما شاؤوا في حالة حرج وخوف من الدخول في هذا المضمار خصوصاً لو تم ترجمة هذه المسلسلات التاريخية وبثها الى العالم الغربي الذي لا يعلم الشيء الكثير عن واقع ديانتنا التوحيدية ورسالة هذه الاديان خصوصاً بعد تناول منتجين دنماركيين لافلام غاية في السوء عن نبينا محمد وأخرها فلم (الفتنة) الذي بدأ عرضه مؤخرا في صالات عرض اجنبية.
فأن مقولة (الباطل يُحارب بأدواته) هي المقولة الاكثر قبولا في هذا الموضع فإذا اريد محاربة الباطل والانتصار عليه بهذا الفضاء يجب ان نحارب بمثل ادواته لا بالفتاوى والمقاطعة التي لا تجدي في نقل الحقيقة بل انها تبقي من الهوة وتوسعها وهو ما لايقبله الجميع .
ان خلق الله سبحانه للعقل البشري وجعله قائداً لكل العقول الحية الاخرى يجعل منه في حالة امتحان صعب يؤهله لأن يكون مجدداً ومستحدثاً للطرق التي يواجه ما يشكك في ايمانه واعتقاده ، وان العلمية والعملية في هذه المواجهة والتخطيط الذي لا يلغي او يشوه الصورة المقدسة لهذا الايمان حالة طبيعية يريدها الخالق من عبده الصالح فهو في معركة دائمة متطورة متجددة لا تتوقف الا بنهاية الحياة فالدين قائم بقيامة العقل وقيامة النفس الاخيرة.
حول موضوع الناحية الفنية للتجسيد هناك رأي يقول بأهمية الدقة العالية في التعامل مع التعابير الحركية ان كانت للوجه او لباقي اعضاء الجسد عند الفنان- الممثل الذي يقوم بدور الشخصية المقدسة وماله من تأثير بالغ في نفوس المشاهد خصوصاً ان من اهم عناصر الابداع التمثيلي هو صدق التعابير وقد تقدم هذا الرأي كثيراً حيث طالب العديد من النقاد الموافقين على اظهار المقدس بأن لا يجسد الفنان- الممثل الا هذه الشخصية المختارة وان لا يقوم بتجسيد شخصيات اخرى اعتيادية حتى وان كانت تاريخية لا تحمل في معناها القداسة – النبوية – وان يكتفي الممثل- الفنان بهذا الدور كي لا يشوب المشاهد اي قلق او هاجس مستقبلي على الشخصية الاساسية التي برز فيها هذا الممثل وهذا ما يجعل من الفنان عند مفترق طرق بين ان يجسد شخصية واحدة ويكتفي او ان يترك هذه الشخصية ليتعامل مع شخصيات اخرى لا تجعله في موقف من لا يحمل الخيارات الواسعة او المتعددة وهو ما يصعب التفكير به من قبل الممثل الذي يعتبر ان بالاضافة الى انه فنان فأنه طالب حاجة مادية وان هذا الفن هو عمله ومصدر رزقه وهذا ما قد يجهض تباري الكثيرين من الفنانين - الممثلين لتجسيد مثل هكذا شخصيات مقدسة.
أسماء مألوفة
" يوسف ( يوزر سيف ), لاوي ، بيناروس, زليخة, نفرتيتي، أمن حوتب ، آمون بوتيفار آخناتون" أسماء أصبحت مألوفة ومعروفة لدى الكثير من المشاهدين العرب والمسلمين وهذا ان دل فأنه يشير بوضوح على نجاح هذا المسلسل بعيداً عن الدخول باحقية التجسيد من عدمه وهذا ما اكد ايضاً ان الجهة التي قامت بانتاج هذا المسلسل قد اجادت مثل ما ابدع المخرج الايراني- فرج الله سلحشور- في اختيار الممثلين لهذه المهمة الغاية في الصعوبة خصوصاً في اختيار "مصطفى زماني" الفنان الشاب الذي ظهر بهيئة يوسف الشاب والكبير بعد ان جسده طفلاً الممثل "حسين جعفري".
بقي ان نقول ان الحديث واختلاف الرأي حول موضوع تجسيد الشخصيات المقدسة ما هو الا حالة صحية في الجانب الديني والاجتماعي والفني حيث لا يمكن للابداع ان ينتج في بيئة جامدة تنغمس في المحظور والمنع.
مع التحيه..
قد يثير عنوان هذا الموضوع حفيظة الكثيرين من الذين يرون ان المقدس او المعصوم
لا يجب ان يكون مجسداً في الواقع بشخصيات تمثيلية ، وهو ما حدث فعلاً اثناء وبعد عرض المسلسل التلفزيوني التاريخي (يوسف الصديق) حيث صاحب فترات عرض هذا المسلسل احاديث طويلة وعريضة من النقاد وشيوخ الدين عن وجوب ايقاف بث هذا المسلسل لخروجه عن الاعراف المتبعة في التعامل مع الديني المقدس المتمثل بتجسيد شخصيات اعيتيادية بشرية – غير معصومة- تأكل وتشرب وتتعامل طبيعياً بشرياً إنسانياً وهو ما لا يراه الكثير من على الطرف النقيض لهذا الرأي.
القداسة حين تتجسد واقعياً – والرأي هنا للموافقين على ظهور وجوه الانبياء والرسل والاولياء- قد تكون اكثر قرباً من اليقين الشخصي فالابتعاد عن الدخول في حيثيات الشخصيات المقدسة وطريقة حديثهم ونظراتهم وتعاملهم اليومي وتفاصيل حياتهم الدقيقة قد يجعل من شريحة كبيرة بعيدة عن الفهم الكامل لهذه الشخصيات المقدسة أن يكونوا في حالة شك واهتزاز فكري عميق ، وكان على سبيل المثال في تجسيد شخصية النبي يوسف عليه السلام ان جعل من الرسالة الالهية في هذا الموطن قريبة بل ومستنبطة استنباطاً معرفياً واقعياً بعد آلاف السنين من حدوثها ، وهي بادئة حسنة لتصوير القصص القرآنية بشكل سلس تحمل معها سحرية في ايصال الحكم الالهية متجاوزة بذلك طريقة الايصال – النقل التقليدية من خلال الكتابات والتناقل اللساني ، وهو ما اكد عليه مخرج المسلسل الضخم الايراني (فرج الله سلحشور) حيث قال في احدى لقاءاته التلفزيونية رداً على الانتقادات الموجهة له " اعتقد أننا سوف نكون محرومين من ترجمة قصص القرآن على ارض الواقع وإيصال هذه الرسالة إلى الناس ، اننا بالامكان ان نظهر الوجوه بصورة جيدة ونقدمها كقدوة للمجتمعات " ، والمشكلة بين الطرفين لا تزال عالقة فهناك تساؤلات شرعية حول امكانية تجسيد شخصية النبي محمد (ص) وهو خاتم النبيين وهو المقدس الاعظم بين القديسيين الارضيين والذي لا يمكن لأحد ان يتقبل هذا الموضوع ببساطة كالذي حصل مع النبي يوسف لان درجة القداسة بين الاثنين قد تكون شاسعة ذلك حسب الاحاديث القدسية والنبوية.
محاربة الباطل
هناك من يقول ان تجسيد شخصيات الانبياء بمن فيهم خاتم المرسلين محمد (ص) بالطريقة الصحيحة التي ظهر فيها النبي يوسف في المسلسل يجعل من اعداء الدين والذين يحاولون اظهار هذه الشخصيات المقدسة كيفما شاؤوا في حالة حرج وخوف من الدخول في هذا المضمار خصوصاً لو تم ترجمة هذه المسلسلات التاريخية وبثها الى العالم الغربي الذي لا يعلم الشيء الكثير عن واقع ديانتنا التوحيدية ورسالة هذه الاديان خصوصاً بعد تناول منتجين دنماركيين لافلام غاية في السوء عن نبينا محمد وأخرها فلم (الفتنة) الذي بدأ عرضه مؤخرا في صالات عرض اجنبية.
فأن مقولة (الباطل يُحارب بأدواته) هي المقولة الاكثر قبولا في هذا الموضع فإذا اريد محاربة الباطل والانتصار عليه بهذا الفضاء يجب ان نحارب بمثل ادواته لا بالفتاوى والمقاطعة التي لا تجدي في نقل الحقيقة بل انها تبقي من الهوة وتوسعها وهو ما لايقبله الجميع .
ان خلق الله سبحانه للعقل البشري وجعله قائداً لكل العقول الحية الاخرى يجعل منه في حالة امتحان صعب يؤهله لأن يكون مجدداً ومستحدثاً للطرق التي يواجه ما يشكك في ايمانه واعتقاده ، وان العلمية والعملية في هذه المواجهة والتخطيط الذي لا يلغي او يشوه الصورة المقدسة لهذا الايمان حالة طبيعية يريدها الخالق من عبده الصالح فهو في معركة دائمة متطورة متجددة لا تتوقف الا بنهاية الحياة فالدين قائم بقيامة العقل وقيامة النفس الاخيرة.
حول موضوع الناحية الفنية للتجسيد هناك رأي يقول بأهمية الدقة العالية في التعامل مع التعابير الحركية ان كانت للوجه او لباقي اعضاء الجسد عند الفنان- الممثل الذي يقوم بدور الشخصية المقدسة وماله من تأثير بالغ في نفوس المشاهد خصوصاً ان من اهم عناصر الابداع التمثيلي هو صدق التعابير وقد تقدم هذا الرأي كثيراً حيث طالب العديد من النقاد الموافقين على اظهار المقدس بأن لا يجسد الفنان- الممثل الا هذه الشخصية المختارة وان لا يقوم بتجسيد شخصيات اخرى اعتيادية حتى وان كانت تاريخية لا تحمل في معناها القداسة – النبوية – وان يكتفي الممثل- الفنان بهذا الدور كي لا يشوب المشاهد اي قلق او هاجس مستقبلي على الشخصية الاساسية التي برز فيها هذا الممثل وهذا ما يجعل من الفنان عند مفترق طرق بين ان يجسد شخصية واحدة ويكتفي او ان يترك هذه الشخصية ليتعامل مع شخصيات اخرى لا تجعله في موقف من لا يحمل الخيارات الواسعة او المتعددة وهو ما يصعب التفكير به من قبل الممثل الذي يعتبر ان بالاضافة الى انه فنان فأنه طالب حاجة مادية وان هذا الفن هو عمله ومصدر رزقه وهذا ما قد يجهض تباري الكثيرين من الفنانين - الممثلين لتجسيد مثل هكذا شخصيات مقدسة.
أسماء مألوفة
" يوسف ( يوزر سيف ), لاوي ، بيناروس, زليخة, نفرتيتي، أمن حوتب ، آمون بوتيفار آخناتون" أسماء أصبحت مألوفة ومعروفة لدى الكثير من المشاهدين العرب والمسلمين وهذا ان دل فأنه يشير بوضوح على نجاح هذا المسلسل بعيداً عن الدخول باحقية التجسيد من عدمه وهذا ما اكد ايضاً ان الجهة التي قامت بانتاج هذا المسلسل قد اجادت مثل ما ابدع المخرج الايراني- فرج الله سلحشور- في اختيار الممثلين لهذه المهمة الغاية في الصعوبة خصوصاً في اختيار "مصطفى زماني" الفنان الشاب الذي ظهر بهيئة يوسف الشاب والكبير بعد ان جسده طفلاً الممثل "حسين جعفري".
بقي ان نقول ان الحديث واختلاف الرأي حول موضوع تجسيد الشخصيات المقدسة ما هو الا حالة صحية في الجانب الديني والاجتماعي والفني حيث لا يمكن للابداع ان ينتج في بيئة جامدة تنغمس في المحظور والمنع.
مع التحيه..