أول أغتيال سياسي في تأريخ العراق الحديث
(اغتيال وزير داخلية العراق توفيق الخالدي في 23 شباط 1924)
(اغتيال وزير داخلية العراق توفيق الخالدي في 23 شباط 1924)
أعداد وطباعة
المحامي وليد محمد الشبيبي
بغداد 11 تشرين الأول 2012
المحامي وليد محمد الشبيبي
بغداد 11 تشرين الأول 2012
الملك فيصل الأول
(فاجأت جريدة العراق في عددها المرقم 1152 الصادر في 25 شباط/فبراير 1924 الرأي العام العراقي بالنبأ الآتي :
(بينما كان معالي توفيق بك الخالدي وزير الداخلية السابق ذاهباً إلى داره في محلة جديد حسن باشا مساء أول من أمس – أي مساء الجمعة 23 شباط – اذا بيد اثيمة اطلقت عليه أربع عيارات نارية فأردته قتيلاً لساعته ، وقد هرب الجاني حالاً فأسرعت الشرطة بعد الواقعة ببضع دقائق ولكن رأت ان الرجل قد قضى وهرب الجاني . وقد تبيَّن من الكشف الطبي ان العيارات النارية هي من مسدس من نوع البرونيك ، وان الرصاصات اجتازت من ظهره إلى قلبه حيث توفي حالاً ...).
المندوب السامي البريطاني السر هنري دوبس
وقد حار الناس في تعليل هذه الحادثة فقال بعضهم : ان القتيل كان من أنصار الجمهورية ، وانه كان يرى رأي النقيب السيد عبد الرحمن في وجوب اسناد الحكم في العراق إلى عراقي ، فأتفق الملك فيصل مع وزيريه : جعفر العسكري ونوري السعيد (كل منهما متزوج من شقيقه الآخر) على وجوب التخلص من الخالدي ، فأسر الوزيران ذلك إلى معروفهما شاكر القره غوللي ، فاختبأ هذا في دار عبد الحميد كنه القريبة من دار الخالدي ، حتى اذا أقترب المغدور منه ، تبعه القره غوللي ثم اطلق النار عليه فأرداه قتيلاً ، ويدلل أصحاب هذا الرأي على رأيهم : أن كلا من العسكري ، والسعيد والقره غوللي ، لقي حتفه مقتولاً فكانوا مصداقاً للحديث المعروف (بشر القاتل بالقتل) (قتل جعفر العسكري في طريق بعقوبا يوم 29 تشرين الأول سنة 1936 م ، وقتل نوري السعيد في بغداد يوم 15 تموز سنة 1958 م ، وقتل شاكر القره غوللي في شهربان "المقدادية" قبل مقتل نوري.) ، وقال البعض الآخر : أن الخالدي كان من دعاة الاتحاديين في دولة العثمانيين ، كما كان عضواً بارزاً في الحزب الحر العراقي الذي أشتهر بموالاته للانكليز ، وبالميل إلى نظام الحكم الجمهوري ، وان القاتل هو عبد الله محمد سريَّة يساعده في القتل شاكر القره غوللي ، وأن القوميين العرب ، وعلى رأسهم ياسين الهاشمي قابلوا الأغتيال بالغبطة والسرور ، وربما كانوا على علم مسبق به .
جعفر العسكري
نوري السعيد
وقد جمعت المعتقلات التي أقامها الانكليز في العراق في أعقاب الحركة التحررية التي قامت في آيار سنة 1941 ، أشتاتاً من الناس ، وكان عبد الله سرية ممن قضى مع المؤلف نحو سنتين في "معتقل العمارة" وقد سمع من عبد الله بأنه هو الذي قتل الخالدي ، وأن شاكر القره غوللي كان شريكه في هذا القتل ، وأنه كان عضواً في جمعية سرية هدفها الفتك بمن يشايع الانكليز ، وان الخالدي كان أحد هؤلاء المشايعين .
ياسين الهاشمي
وعلى كل فقد كان الخالدي شخصية فذَّة ، وذو كفاءة نادرة . وكان خصومه السياسيون يخشون بأسه ،ويوجسون خيفة من قرب صيرورته رئيساً للوزراء ، حيث يقضي على طموحهم ويبدّد أحلامهم ،وقد يمهد إلى قيام حكم جمهوري في العراق ، وكان قد تلقى قبيل أغتياله رسائل ودية غير موقعة ، ينصحه فيها أصحابها أن يحذر مؤامرة تحاك ضده ، وقد أطلع عليها المندوب السامي البريطاني السر هنري دوبس ، وكان المندوب مدعواً في مزرعته في "الدورة" في يوم الحادثة ، فلما كان المساء أركبه معه في سيارة المندوبية ليظهر للناس مبلغ أحترام الانكليز له . ولذا لم يكن قتله مدعاة للانزعاج الحقيقي لدى الأوساط السياسية العليا ، الأمر الذي أدى إلى عدم أظهار القاتل . وكان القتل أول أغتيال سياسي في تأريخ العرق الحديث)
(المرجع: تأريخ الوزارات العراقية، الجزء الأول ، السيد عبد الرزاق الحسني، الصفحتان 200 – 201 ، ط 7 ، بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة – 1988، اعداد وطباعة: المحامي وليد محمد الشبيبي ، بغداد 11/10/2012)
السيد عبد الرزاق الحسني مؤلف (تاريخ الوزارت العراقية)