22.09.2012
15:47
ثمن "براءة المسلمين" وعواقبها السياسية
ثمن "براءة المسلمين" وعواقبها السياسية
الاستفزاز السياسي الجديد الذي هز العالمين الاسلامي وغير
الإسلامي على السواء.. هو ما سمي بفيلم "براءة المسلمين". أنا لا أتمسك
بأي دين، ولست نصيرا لنظرية المؤامرات. أنا أنظر الى ما حدث من وجهة نظر
التاريخ والعلم السياسي.
هذا ليس بفيلم
أنا رأيت هذا "الانتاج السينمائي" الذي سمي بـ"الفيلم". وبرأيي انه ليس
فيلما من ناحية الفن السينمائي. هو ليس اكثر من محاولة ومحاولة فاشلة لعرض
لقطة من حياة رسول المسلمين محمد "ص" وإظهاره بشكل غير انساني وغير اخلاقي
قبل كل شيء. ولا يمكن ان يدور الكلام عن "إيجابيات وسلبيات" هذا "المنتج
السينمائي" لانه ليس فنا. أنا أعتبره دعاية سياسية عدوانية ومتطرفة تهدف
إلى إثارة شعور الكراهية للدين الاسلامي من طرف غير المسلمين، من ناحية.
ومن ناحية أخرى اعتقد ان منتج هذا "فيلم" كان يدرك تماما ويتوقع رد فعل
المسلمين عليه في مختلف أنحاء العالم. ولا شك ان هناك ستفزازا سياسيا.
الإدارة الامريكية غير مسؤولة
خلافا
لآراء الكثير من الصحفيين العرب انا لا أرى تورط ادارة باراك أوباما او
إسرائيل في إنتاج هذا "الفيلم"، ولا أرى هنا مؤامرة إمبريالية او صهيونية
ضد الشعوب العربية والاسلامية. المسؤول هو منتج "الفيلم" نقولا باسيلي
نقولا (لا أعتقد ان إسمه حقيقي)، وهو مهاجر قبطي يعيش في كاليفورنيا وكان
يريد ان ينتقم بهذه الطريقة من الناس الذين اضطروه لمغادرة مصر. نعم،
ليبرالية القوانين الأمريكية تسمح للمتطرفين بنشر المواد المرئية
والمسموعة على شبكة الإنترنت بما فيها موقع "يوتيوب". واصبحت أمريكا في هذه
الحالة رهينة وضحية لقوانينها الليبرالية التي يستغلها الناس غير
المسؤولين وغير الأخلاقيين لأغراضهم الوسخة. ونجح هنا الإستفزازي او
الإستفزازيون فقط. أما بقية الناس في العالم الإسلامي وغير الإسلامي فهم
جميعا اصبحوا ضحايا لهذا الاستفزاز الكبير، بما فيها الولايات المتحدة
الأمريكية وسفيرها المقتول في بنغازي.
من يرى هذا "الفيلم"؟
أنا
اعتقد ان 90 في المنة من المسلمين الذين شاركوا في اضطرابات لم يشاهدوا
هذا "الفيلم". ولكن اخبروهم فورا عن إساءة الرسول ووجد المسلمون البسطاء
عدوا رئيسيا لهم. هو أمريكا او هما أمريكا وإسرائيل. يريد الناس البسطاء
حلولا بسيطة، ولكنهم لا يدركون انه لا توجد للمشاكل المعقدة حلول بسيطة.
ولكن يدرك ذلك تماما بعض السياسيين وبعض رجال الذين يوجهون الغضب الشعبي
الى المسار المطلوب لهم. ومن أسباب التطرف الرئيسية الفقر ومستوى المعيشة
والتخلف . أنظروا أين ظهرت الاضطرارات – في الدول العربية والاسلامية
الفقيرة وهي مصر والسودان وباكستان. ولم تخرج مظاهرات واضطرابات في
السعودية وقطر والكويت والامارات. لماذا؟ لان مواطني هذه الدول يعيشون في
ظروف اجتماعية غير قابلة للمقارنة مع دول "الربيع العربي" ولا يهتمون كثيرا
بالسياسة والأيديولوجية، ولا يرون الولايات المتحدة عدوا لأنفسهم. الفقر
والأمية هما عاملان رئيسان للتطرف والعدوانية وهما أساس مثمر لنشر الأفكار
الراديكالية في المجتمع الاسلامي وغير الاسلامي على حد سواء.
العواقب السياسية
يجب
على الولايات المتحدة وبقية دول العالم استخلاص العبر مما حدث. بالطبع،
يمكن وضع قيود اضافية صارمة على نشر المواد المتطرفة والمسيئة الى الدين في
الإنترنت. كما يمكن ايضا تشديد المسؤولية على المتطرفين. ولكن مثل هذه
الاجراءات لن تكون فعالة إذا كانت الفئة الواسعة من سكان الدول العربية و
الإسلامية تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية وسياساتها ونمط حياتها معادية
للعرب والإسلام. ومن أهم العواقب السياسية الشاملة هو عدم قبول "القيم
الأمريكية" من قبل العالم العربي "الثائر".
بقلم أندريه مورتازين
المواضيع المنشورة في منتدى روسيا اليوم لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر إدارتي موقع وقناة "روسيا اليوم".
المزيد من مقالات أندريه مورتازين على مدونة روسيا اليوم
http://arabic.rt.com/news_all_news/news/595201/
15:47
ثمن "براءة المسلمين" وعواقبها السياسية
ثمن "براءة المسلمين" وعواقبها السياسية
الاستفزاز السياسي الجديد الذي هز العالمين الاسلامي وغير
الإسلامي على السواء.. هو ما سمي بفيلم "براءة المسلمين". أنا لا أتمسك
بأي دين، ولست نصيرا لنظرية المؤامرات. أنا أنظر الى ما حدث من وجهة نظر
التاريخ والعلم السياسي.
هذا ليس بفيلم
أنا رأيت هذا "الانتاج السينمائي" الذي سمي بـ"الفيلم". وبرأيي انه ليس
فيلما من ناحية الفن السينمائي. هو ليس اكثر من محاولة ومحاولة فاشلة لعرض
لقطة من حياة رسول المسلمين محمد "ص" وإظهاره بشكل غير انساني وغير اخلاقي
قبل كل شيء. ولا يمكن ان يدور الكلام عن "إيجابيات وسلبيات" هذا "المنتج
السينمائي" لانه ليس فنا. أنا أعتبره دعاية سياسية عدوانية ومتطرفة تهدف
إلى إثارة شعور الكراهية للدين الاسلامي من طرف غير المسلمين، من ناحية.
ومن ناحية أخرى اعتقد ان منتج هذا "فيلم" كان يدرك تماما ويتوقع رد فعل
المسلمين عليه في مختلف أنحاء العالم. ولا شك ان هناك ستفزازا سياسيا.
الإدارة الامريكية غير مسؤولة
خلافا
لآراء الكثير من الصحفيين العرب انا لا أرى تورط ادارة باراك أوباما او
إسرائيل في إنتاج هذا "الفيلم"، ولا أرى هنا مؤامرة إمبريالية او صهيونية
ضد الشعوب العربية والاسلامية. المسؤول هو منتج "الفيلم" نقولا باسيلي
نقولا (لا أعتقد ان إسمه حقيقي)، وهو مهاجر قبطي يعيش في كاليفورنيا وكان
يريد ان ينتقم بهذه الطريقة من الناس الذين اضطروه لمغادرة مصر. نعم،
ليبرالية القوانين الأمريكية تسمح للمتطرفين بنشر المواد المرئية
والمسموعة على شبكة الإنترنت بما فيها موقع "يوتيوب". واصبحت أمريكا في هذه
الحالة رهينة وضحية لقوانينها الليبرالية التي يستغلها الناس غير
المسؤولين وغير الأخلاقيين لأغراضهم الوسخة. ونجح هنا الإستفزازي او
الإستفزازيون فقط. أما بقية الناس في العالم الإسلامي وغير الإسلامي فهم
جميعا اصبحوا ضحايا لهذا الاستفزاز الكبير، بما فيها الولايات المتحدة
الأمريكية وسفيرها المقتول في بنغازي.
من يرى هذا "الفيلم"؟
أنا
اعتقد ان 90 في المنة من المسلمين الذين شاركوا في اضطرابات لم يشاهدوا
هذا "الفيلم". ولكن اخبروهم فورا عن إساءة الرسول ووجد المسلمون البسطاء
عدوا رئيسيا لهم. هو أمريكا او هما أمريكا وإسرائيل. يريد الناس البسطاء
حلولا بسيطة، ولكنهم لا يدركون انه لا توجد للمشاكل المعقدة حلول بسيطة.
ولكن يدرك ذلك تماما بعض السياسيين وبعض رجال الذين يوجهون الغضب الشعبي
الى المسار المطلوب لهم. ومن أسباب التطرف الرئيسية الفقر ومستوى المعيشة
والتخلف . أنظروا أين ظهرت الاضطرارات – في الدول العربية والاسلامية
الفقيرة وهي مصر والسودان وباكستان. ولم تخرج مظاهرات واضطرابات في
السعودية وقطر والكويت والامارات. لماذا؟ لان مواطني هذه الدول يعيشون في
ظروف اجتماعية غير قابلة للمقارنة مع دول "الربيع العربي" ولا يهتمون كثيرا
بالسياسة والأيديولوجية، ولا يرون الولايات المتحدة عدوا لأنفسهم. الفقر
والأمية هما عاملان رئيسان للتطرف والعدوانية وهما أساس مثمر لنشر الأفكار
الراديكالية في المجتمع الاسلامي وغير الاسلامي على حد سواء.
العواقب السياسية
يجب
على الولايات المتحدة وبقية دول العالم استخلاص العبر مما حدث. بالطبع،
يمكن وضع قيود اضافية صارمة على نشر المواد المتطرفة والمسيئة الى الدين في
الإنترنت. كما يمكن ايضا تشديد المسؤولية على المتطرفين. ولكن مثل هذه
الاجراءات لن تكون فعالة إذا كانت الفئة الواسعة من سكان الدول العربية و
الإسلامية تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية وسياساتها ونمط حياتها معادية
للعرب والإسلام. ومن أهم العواقب السياسية الشاملة هو عدم قبول "القيم
الأمريكية" من قبل العالم العربي "الثائر".
بقلم أندريه مورتازين
المواضيع المنشورة في منتدى روسيا اليوم لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر إدارتي موقع وقناة "روسيا اليوم".
المزيد من مقالات أندريه مورتازين على مدونة روسيا اليوم
http://arabic.rt.com/news_all_news/news/595201/