لكي أكون واضحا ومحددا لابد أولا أن أقر وأعترف بأنني مع منع النقاب في كثير من الأماكن وبخاصة أماكن العمل والدراسة وكل الأماكن التي تستلزم التعامل مع الجمهور، وهذه قناعة شخصية وليست رأيا فقهيا لست مؤهلا له، ولكنني في الوقت نفسه أستند إلي الإجماع الفقهي الذي يقرّر بوضوح أن النقاب عادة وليس عبادة، ومع هذا فلابد أيضا أن نعترف وندرك أن النقاب فضل تثاب عليه من تتمسك به طمعا في كثير من الاحتشام ورغبة في مزيد من التقرب إلي الله، ولقد أفزعني هذا الجدل الدائر والصراخ المستعر حول النقاب والذي فجّره فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر في الآونة الأخيرة من خلال حديثه غير الموفق إلي إحدي الطالبات، وأنا هنا لا أختلف - ولا يمكن أن أختلف - مع فضيلته في العلوم الفقهية بل إن آراءه يجب أن تكون أحكاما قطعية ملزمة للجميع،
ولكنني أري من حقي ومن واجبي أن أختلف بشدة مع لغة الخطاب التي يتحدثها فضيلته وغيره من كبار العلماء والتي تبدو أحيانا صادمة للمسلمين لأنها لا تتسم بالحكمة والفطنة في ظل التربّص المقصود والتصيّد الواضح لهنّات العلماء باعتبارهم رجال عمل عام يختلط فيه الدين بالسياسة، ولهذا فقد خان التوفيق فضيلة الإمام الأكبر في أسلوب تعامله مع الطالبة، ثم خانه مرة ثانية في طريقة معالجته للأمر فبدا متراجعا تماما عما قال وأسبغ علي النقاب «دون قصد» قدسية تجعل منه فرضا وليس فضلا، وهذا مايمكن أن أفهمه من تصريح فضيلته - وهو يحاول أن يبدو مصرّا علي موقفه - بمنع النقاب داخل الأماكن الدراسية التي يكون كل من فيها من الإناث علي أن ترتديه الطالبة إذا خرجت حتي في الطرقات، ولست أفهم ما الجديد والإضافة في ذلك؟! وما الموقف الذي اتخذه فضيلته إذن؟ فمن الطبيعي والبدهي جدا أن تكشف المنتقبة وجهها بين بنات جنسها دون انتظار لقرار شيخ الأزهر، بل إن أشد عقاب لها أن نطلب منها عكس ذلك، وكأن فضيلته يدعم بكلماته موقف المنتقبات علي غير ماأراد، تماما مثلما فعل السيد الدكتور وزير التعليم العالي حين أكد أنه لابد من منع النقاب في المدن الجامعية لأنه سبق أن تسلل إليها رجال متخفّون في زي المنتقبات مع أن هذا ليس عيبا في النقاب وإنما في القائمين علي أمن المدينة، وكأنّ سيادة الوزير قد عدم الآليات البدائية البسيطة التي تمكنه من التعرف علي الطالبات، وتلته السفيرة مشيرة خطاب وزيرة السكان والتي تري أن النقاب يساعد علي انتشار الرذيلة مستدلّة علي ذلك بإحدي القضايا التي ضبط فيها الزوج زوجته تستقبل رجلا تنكّر في زي صديقة منتقبة، وهذا أيضا ليس عيبا في النقاب، ولكن العيب في مثل هذه التصريحات التي تظهر المسئولين كأعداء للدين وتستفز ضدهم حتي من ينادي بمنع النقاب لأنه إذا استغلت بعض الداعرات النقاب لتسهيل عملهن فلا يجب أبدا أن نقول إن بعض المنتقبات داعرات ولكن علينا أن نقول إن بعض الداعرات منتقبات، ولقد سبق أن أشرت في مقال سابق إلي انتشار النقاب بين المتسولات ولم يكن ذلك أبدا إدانة للنقاب.
أما حين أقرر أنني أميل إلي منع النقاب بعد أن تأكدت أنه ليس فرضا علي المسلمات فليس ذلك - حاشا لله - تطاولا علي الدين، وليس لأن النقاب عادة فربما كانت من العادات الحسنة التي يثاب المرء عليها، وليس لأنه قد يستغل في نشر الرذيلة، فالمسئول عن ذلك انهيار القيم في مجتمع متخبط، وليس كذلك لأنّه نموذج لإساءة استعمال الحرية الشخصية فالحرية في الاحتشام أفضل كثيرا من الحرية في كشف العورات، ولكنني أطالب بمنع النقاب من نفس منطق ومنظور من تصرّ علي ارتدائه من خلال حوار هادئ ولغة رصينة نخاطب فيه من ترتدي النقاب فضلا وفضيلة وطمعا في أجر عظيم بأن هذا الفضل وذلك الأجر ربما كان أكبر بترك النقاب طالما أن تركه لايمثل معصية للخالق ويساعد في مزيد من اتقان العمل للنهوض بمجتمع إسلامي متخلف إلي حد كبير، واتقان العمل بلاشك عبادة فضلها أكبر بكثير من فضل النقاب، وفي الوقت نفسه يعتبر ذلك حماية للإسلام والمسلمات في وقت يتم فيه التربص بالإسلام في كل مكان وتلصق به التهم من كل اتجاه وتصور فيه المنتقبات كرموز للإرهاب وفي ذلك اتقاء للفتنة بين المسلمين، فلربما قادتنا هذه اللغة العاقلة إلي النتيجة المرجوّة، فأغلب الظن أن الخطأ لن يكون أبدا في منع النقاب وإنما الخطأ «كلّ الخطأ» في لغة الخطاب.
منقول ,,
مع التحيه
ولكنني أري من حقي ومن واجبي أن أختلف بشدة مع لغة الخطاب التي يتحدثها فضيلته وغيره من كبار العلماء والتي تبدو أحيانا صادمة للمسلمين لأنها لا تتسم بالحكمة والفطنة في ظل التربّص المقصود والتصيّد الواضح لهنّات العلماء باعتبارهم رجال عمل عام يختلط فيه الدين بالسياسة، ولهذا فقد خان التوفيق فضيلة الإمام الأكبر في أسلوب تعامله مع الطالبة، ثم خانه مرة ثانية في طريقة معالجته للأمر فبدا متراجعا تماما عما قال وأسبغ علي النقاب «دون قصد» قدسية تجعل منه فرضا وليس فضلا، وهذا مايمكن أن أفهمه من تصريح فضيلته - وهو يحاول أن يبدو مصرّا علي موقفه - بمنع النقاب داخل الأماكن الدراسية التي يكون كل من فيها من الإناث علي أن ترتديه الطالبة إذا خرجت حتي في الطرقات، ولست أفهم ما الجديد والإضافة في ذلك؟! وما الموقف الذي اتخذه فضيلته إذن؟ فمن الطبيعي والبدهي جدا أن تكشف المنتقبة وجهها بين بنات جنسها دون انتظار لقرار شيخ الأزهر، بل إن أشد عقاب لها أن نطلب منها عكس ذلك، وكأن فضيلته يدعم بكلماته موقف المنتقبات علي غير ماأراد، تماما مثلما فعل السيد الدكتور وزير التعليم العالي حين أكد أنه لابد من منع النقاب في المدن الجامعية لأنه سبق أن تسلل إليها رجال متخفّون في زي المنتقبات مع أن هذا ليس عيبا في النقاب وإنما في القائمين علي أمن المدينة، وكأنّ سيادة الوزير قد عدم الآليات البدائية البسيطة التي تمكنه من التعرف علي الطالبات، وتلته السفيرة مشيرة خطاب وزيرة السكان والتي تري أن النقاب يساعد علي انتشار الرذيلة مستدلّة علي ذلك بإحدي القضايا التي ضبط فيها الزوج زوجته تستقبل رجلا تنكّر في زي صديقة منتقبة، وهذا أيضا ليس عيبا في النقاب، ولكن العيب في مثل هذه التصريحات التي تظهر المسئولين كأعداء للدين وتستفز ضدهم حتي من ينادي بمنع النقاب لأنه إذا استغلت بعض الداعرات النقاب لتسهيل عملهن فلا يجب أبدا أن نقول إن بعض المنتقبات داعرات ولكن علينا أن نقول إن بعض الداعرات منتقبات، ولقد سبق أن أشرت في مقال سابق إلي انتشار النقاب بين المتسولات ولم يكن ذلك أبدا إدانة للنقاب.
أما حين أقرر أنني أميل إلي منع النقاب بعد أن تأكدت أنه ليس فرضا علي المسلمات فليس ذلك - حاشا لله - تطاولا علي الدين، وليس لأن النقاب عادة فربما كانت من العادات الحسنة التي يثاب المرء عليها، وليس لأنه قد يستغل في نشر الرذيلة، فالمسئول عن ذلك انهيار القيم في مجتمع متخبط، وليس كذلك لأنّه نموذج لإساءة استعمال الحرية الشخصية فالحرية في الاحتشام أفضل كثيرا من الحرية في كشف العورات، ولكنني أطالب بمنع النقاب من نفس منطق ومنظور من تصرّ علي ارتدائه من خلال حوار هادئ ولغة رصينة نخاطب فيه من ترتدي النقاب فضلا وفضيلة وطمعا في أجر عظيم بأن هذا الفضل وذلك الأجر ربما كان أكبر بترك النقاب طالما أن تركه لايمثل معصية للخالق ويساعد في مزيد من اتقان العمل للنهوض بمجتمع إسلامي متخلف إلي حد كبير، واتقان العمل بلاشك عبادة فضلها أكبر بكثير من فضل النقاب، وفي الوقت نفسه يعتبر ذلك حماية للإسلام والمسلمات في وقت يتم فيه التربص بالإسلام في كل مكان وتلصق به التهم من كل اتجاه وتصور فيه المنتقبات كرموز للإرهاب وفي ذلك اتقاء للفتنة بين المسلمين، فلربما قادتنا هذه اللغة العاقلة إلي النتيجة المرجوّة، فأغلب الظن أن الخطأ لن يكون أبدا في منع النقاب وإنما الخطأ «كلّ الخطأ» في لغة الخطاب.
منقول ,,
مع التحيه