الكلمة .. ابداع والتزام
إدارة منتدى (الكلمة..إبداع وإلتزام) ترحّب دوماً بأعضائها الأعزاء وكذلك بضيوفها الكرام وتدعوهم لقضاء أوقات مفيدة وممتعة في منتداهم الإبداعي هذا مع أخوة وأخوات لهم مبدعين من كافة بلداننا العربية الحبيبة وكوردستان العراق العزيزة ، فحللتم أهلاً ووطئتم سهلاً. ومكانكم بالقلب.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الكلمة .. ابداع والتزام
إدارة منتدى (الكلمة..إبداع وإلتزام) ترحّب دوماً بأعضائها الأعزاء وكذلك بضيوفها الكرام وتدعوهم لقضاء أوقات مفيدة وممتعة في منتداهم الإبداعي هذا مع أخوة وأخوات لهم مبدعين من كافة بلداننا العربية الحبيبة وكوردستان العراق العزيزة ، فحللتم أهلاً ووطئتم سهلاً. ومكانكم بالقلب.
الكلمة .. ابداع والتزام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكلمة .. ابداع والتزام

منتدى للابداع .. ثقافي .. يعنى بشؤون الأدب والشعر والرسم والمسرح والنقد وكل ابداع حر ملتزم ، بلا انغلاق او اسفاف

منتدى الكلمة .. إبداع وإلتزام يرحب بالأعضاء الجدد والزوار الكرام . إدارة المنتدى ترحب كثيراً بكل أعضائها المبدعين والمبدعات ومن كافة بلادنا العربية الحبيبة ومن كوردستان العراق الغالية وتؤكد الإدارة بأن هذا المنتدى هو ملك لأعضائها الكرام وحتى لزوارها الأعزاء وغايتنا هي منح كامل الحرية في النشر والاطلاع وكل ما يزيدنا علماً وثقافة وبنفس الوقت تؤكد الإدارة انه لا يمكن لأحد ان يتدخل في حرية الأعضاء الكرام في نشر إبداعاتهم ما دام القانون محترم ، فيا هلا ومرحبا بكل أعضاءنا الرائعين ومن كل مكان كانوا في بلداننا الحبيبة جمعاء
اخواني واخواتي الاعزاء .. اهلا وسهلا بكم في منتداكم الابداعي (الكلمة .. إبداع وإلتزام) .. نرجوا منكم الانتباه الى أمر هام بخصوص أختيار (كلمة المرور) الخاصة بكم ، وهو وجوب أختيار (كلمة المرور) الخاصة بكم كتابتها باللغة الانكليزية وليس اللغة العربية أي بمعنى ادق استخدم (الاحرف اللاتينية) وليس (الاحرف العربية) لان هذا المنتدى لا يقبل الاحرف العربية في (كلمة المرور) وهذا يفسّر عدم دخول العديد لأعضاء الجدد بالرغم من استكمال كافة متطلبات التسجيل لذا اقتضى التنويه مع التحية للجميع ووقتا ممتعا في منتداكم الابداعي (الكلمة .. إبداع وإلتزام) .
إلى جميع زوارنا الكرام .. أن التسجيل مفتوح في منتدانا ويمكن التسجيل بسهولة عن طريق الضغط على العبارة (التسجيل) أو (Sign Up ) وملء المعلومات المطلوبة وبعد ذلك تنشيط حسابكم عن طريق الرسالة المرسلة من المنتدى لبريدكم الالكتروني مع تحياتنا لكم
تنبيه هام لجميع الاعضاء والزوار الكرام : تردنا بعض الأسئلة عن عناوين وارقام هواتف لزملاء محامين ومحاميات ، وحيث اننا جهة ليست مخولة بهذا الامر وان الجهة التي من المفروض مراجعتها بهذا الخصوص هي نقابة المحامين العراقيين او موقعها الالكتروني الموجود على الانترنت ، لذا نأسف عن اجابة أي طلب من أي عضو كريم او زائر كريم راجين تفهم ذلك مع وافر الشكر والتقدير (إدارة المنتدى)
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» شقق مفروشة للايجار بأفضل المستويات والاسعار بالقاهرة + الصور 00201227389733
الزواج من الكتابية لدى مذهب آل البيت (ع)  Emptyالأربعاء 05 فبراير 2020, 3:45 am من طرف doniamarika

» تفسير الأحلام : رؤية الثعبان ، الأفعى ، الحيَّة ، في الحلم
الزواج من الكتابية لدى مذهب آل البيت (ع)  Emptyالأحد 15 ديسمبر 2019, 3:05 pm من طرف مصطفى أبوعبد الرحمن

»  شقق مفروشة للايجار بأفضل المستويات والاسعار بالقاهرة + الصور 00201227389733
الزواج من الكتابية لدى مذهب آل البيت (ع)  Emptyالخميس 21 نوفمبر 2019, 4:27 am من طرف doniamarika

»  شقق مفروشة للايجار بأفضل المستويات والاسعار بالقاهرة + الصور 00201227389733
الزواج من الكتابية لدى مذهب آل البيت (ع)  Emptyالسبت 13 أكتوبر 2018, 4:19 am من طرف doniamarika

» شقق مفروشة للايجار بأفضل المستويات والاسعار بالقاهرة + الصور 00201227389733
الزواج من الكتابية لدى مذهب آل البيت (ع)  Emptyالسبت 13 أكتوبر 2018, 4:17 am من طرف doniamarika

» تصميم تطبيقات الجوال
الزواج من الكتابية لدى مذهب آل البيت (ع)  Emptyالخميس 07 يونيو 2018, 5:56 am من طرف 2Grand_net

» تصميم تطبيقات الجوال
الزواج من الكتابية لدى مذهب آل البيت (ع)  Emptyالخميس 07 يونيو 2018, 5:54 am من طرف 2Grand_net

» تحميل الاندرويد
الزواج من الكتابية لدى مذهب آل البيت (ع)  Emptyالثلاثاء 05 يونيو 2018, 3:35 am من طرف 2Grand_net

» تحميل تطبيقات اندرويد مجانا
الزواج من الكتابية لدى مذهب آل البيت (ع)  Emptyالثلاثاء 22 مايو 2018, 2:42 am من طرف 2Grand_net

التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
pubarab
نوفمبر 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
    123
45678910
11121314151617
18192021222324
252627282930 

اليومية اليومية

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم

المواضيع الأكثر نشاطاً
تفسير الأحلام : رؤية الثعبان ، الأفعى ، الحيَّة ، في الحلم
مضيفكم (مضيف منتدى"الكلمة..إبداع وإلتزام") يعود إليكم ، ضيف شهر نوفمبر/ تشرين الثاني ، مبدعنا ومشرفنا المتألق العزيز الاستاذ خالد العراقي من محافظة الأنبار البطلة التي قاومت الأحتلال والأرهاب معاً
حدث في مثل هذا اليوم من التأريخ
الصحفي منتظر الزيدي وحادثة رمي الحذاء على بوش وتفاصيل محاكمته
سجل دخولك لمنتدى الكلمة ابداع والتزام بالصلاة على محمد وعلى ال محمد
أختر عضو في المنتدى ووجه سؤالك ، ومن لا يجيب على السؤال خلال مدة عشرة أيام طبعا سينال لقب (اسوأ عضو للمنتدى بجدارة في تلك الفترة) ، لنبدأ على بركة الله تعالى (لتكن الاسئلة خفيفة وموجزة وتختلف عن أسئلة مضيف المنتدى)
لمناسبة مرور عام على تأسيس منتدانا (منتدى "الكلمة..إبداع وإلتزام") كل عام وانتم بألف خير
برنامج (للذين أحسنوا الحسنى) للشيخ الدكتور أحمد الكبيسي ( لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26) يونس) بثت الحلقات في شهر رمضان 1428هـ
صور حصرية للمنتدى لأنتخابات نقابة المحامين العراقيين التي جرت يوم 8/4/2010
صور نادرة وحصرية للمنتدى : صور أنتخابات نقابة المحامين العراقيين التي جرت يوم 16/11/2006

المواضيع الأكثر شعبية
تفسير الأحلام : رؤية الثعبان ، الأفعى ، الحيَّة ، في الحلم
للمواطنين : كيفية استحصال بطاقة سكن جديدة او استبدال القديمة بجديدة في بغداد وما هي المستمسكات المطلوبة لذلك
من القائل : (ضِدّانِ لمّا اسْتَجْمَعا حَسُنــا .... والضدّ يُظْهِرُ حُسْنَـه الضِـــدُّ)
الكفالة في القانون المدني العراقي المرقم 40 لسنة 1951 المعدل النافذ مع قرارات محاكم التمييز المتعلقة بأحكام الكفالة في القانون المدني
فيلم (لوليتا) Lolita انتاج 1997 (المأخوذ عن الرواية الشهيرة التي حملت نفس الأسم)
لوحة وفنان - نبـــذة : لوحة الجيوكندا أو الموناليزا - للفنان ليوناردو دافنشي
ايات قرانية للشفاء من الأمراض باذن الله تعالى
لوحة وفنان - : لوحة (الصــرخــة)(أو الصــراخ) The Scream للفنان إدوارد مونش
زوجة الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز المسيحية تطالب بتعويض 12 مليون جنيه إسترليني!!؟ شاهد صورتهما معا
من أجمل و أقوى قصائد الفخر في الشعر الجاهلي [ لامية السموأل ]

احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 2029 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو ن از فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 54777 مساهمة في هذا المنتدى في 36583 موضوع

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

الزواج من الكتابية لدى مذهب آل البيت (ع)

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

وليد محمد الشبيبي

وليد محمد الشبيبي
مؤسس المنتدى ومديره المسؤول

الزواج من الكتابية لدى مذهب آل البيت (ع)



الفصل الثاني




الزواج من الكتابية






  • تمهيد:




يقول محمد جواد مغنية: «اتفقوا على أنه لا
يجوز للمسلم ولا للمسلمة التزويج ممن لا كتاب سماوي لهم، ولا شبهة
كتاب وهم عبدة الأوثان والنيران والشمس وسائر الكواكب وما يستحسنونه
من الصور وكل زنديق لا يؤمن بالله، واتفق الأربعة على أن من لهم شبهة
كتاب كالمجوس لا يحل التزويج منهم، ومعنى شبهة كتاب هو ما قيل بأنه
كان للمجوس كتاب فتبدلوه فأصبحوا وقد رفع عنهم.




واتفق الأربعة أيضاً على أن للمسلم أن يتزوج
الكتابية وهي النصرانية واليهودية ولا يجوز للمسلمة أن تتزوج
كتابياً.





أما فقهاء الإمامية فقد اتفقوا على تحريم زواج المسلمة من كتابي، كما
قالت المذاهب الأربعة، واختلفوا في زواج المسلم من كتابية، فبعضهم
قال: لا يجوز دواماً وانقطاعاً، واستدلوا بقوله تعالى: " ولا تمسكوا بعصم الكوافر
"
وقوله: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن "
إذ فسروا الشرك بالكفر وعدم الإسلام، وأهل الكتاب باصطلاح القرآن غير
المشركين بدليل قوله تعالى:" لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين
"
البينة/1.





وقال آخرون: يجوز دواماً وانقطاعاً واستدلوا بقوله تعالى: " والمحصنات من المؤمنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم
"
المائدة/9 وهو ظاهر في حل نساء أهل الكتاب.




وقال ثالث: تجوز انقطاعاً ولا يجوز دواماً،
جمعاً يبن الأدلة المانعة والمبيحة فإن ما دلّ على المنع يحمل على
الزواج الدائم، وما دلّ على الإباحة يحمل على المنقطع، ومهما يكن فإن
الكثيرين من فقهاء الإمامية في هذا العصر يجيزون تزويج الكتابية
دواماً والمحاكم الشرعية الجعفرية في لبنان تزوج المسلم من الكتابية
وتسجل الزواج وترتب عليه جميع الآثار».




يمكن أن يكون هذا البيان فاتحة لموضوع هذا
الفصل الذي يدور حول الزواج من الكتابية، فطالما اتفقت المذاهب
الإسلامية على تحريم زواج المسلمة من الكتابي فلا ضرورة من ذكر هذا
البحث لأنه ليس له وجود خارجي.




أما الزواج من الكتابية فهناك اختلاف بين من
يجيز وبين من لا يجيز وبين من يجيز الزواج من الكتابية في الزواج
المنقطع وليس الدائم.




فإذن هناك ثلاثة مباحث في تفصيل الموضوع:










المبحث الأول


جواز
الزواج من الكتابية






لا شك في صحة الزواج من الكتابية عند المذاهب
الأربعة كما تقدم، لكن مع تفصيل في باب الكراهية وعدمه بحسب المذاهب:







  • فعند الحنفية:




«يحرم تزوج الكتابية إذا كانت في دار الحرب
غير خاضعة لأحكام المسلمين لأن ذلك فتحٌ لباب الفتنة، فقد ترغمه على
التخلق بأخلاقها التي يأباها الإسلام ويعرض ابنه للتدين بدين غير
دينه، ويزج بنفسه فيما لا قبل له به من ضياع سلطته التي يحفظ بها
عرضها، وغير ذلك من المفاسد، فالعقد وإن كان يصح إلا أن الإقدام عليه
مكروه تحريماً لما يترتب عليه من المفاسد، أما إذا كانت ذمية ويمكن
إخضاعها للقوانين الإسلامية، فإنه يكره نكاحها تنزيهاً».




وقد ورد هذا الحكم في المجلة الشرعية في
المادة (120) حيث نصت: يصح للمسلم أن يتزوج كتابية نصرانية كانت أو
يهودية ذمية أو غير ذمية وإن كره ويصح عقد نكاحها بمباشرة وليها
الكتابي وشهادة كتابيين ولو كانا مخالفين لدينها ولا يثبت النكاح
بشهادتها إذا جحده المسلم ويثبت بها إذا أنكرته الكتابية.







  • وعند المالكية:




لهم رأيان في ذلك: أحدهما أن نكاح الكتابية
مكروه مطلقاً سواء كانت ذمية أو حربية ولكن الكراهة في دار الحرب
أشد، ثانيها: أنه لا يكره مطلقاً عملاً بظاهر الآية لأنها قد أباحته
مطلقاً. وقد عللوا كراهتها في دار الإسلام بأن الكتابية لا يحرم
عليها شرب الخمر ولا أكل الخنزير ولا الذهاب إلى الكنيسة وليس له من
ذلك، وهي تغذي الأولاد به فيشبون على مخالفة الدين، أما في دار الحرب
فالأمر أشد كما بينا عند الحنفية، وقد يقال إن هذه المحظورات
محرمة.





يقول مالك في الموطأ: لا يحلّ نكاح أمة يهودية ولا نصرانية، لأن الله
تبارك وتعالى يقول في كتابه: " والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من
قبلكم "
فهن الحرائر من اليهوديات والنصرانيات ويفهم من كلامه جواز نكاح
الحرائر من اليهوديات والنصرانيات.







  • وعند الشافعية:




قالوا: يكره تزوج الكتابية إذا كانت في دار
الإسلام، وتشتد الكراهة إذا كانت في دار الحرب كما هو رأي بعض
المالكية، ولكنهم اشترطوا للكراهة شروطاً.




الأول: أن لا يرجو إسلام الكتابية.




ثانياً: أن يجد مسلمة تصلح له.





ثالثاً: إنه إذا لم يتزوج الكتابية يخشى الزنا، فإن كان لا يرجو
إسلامها فيسنّ له تزوجها، وإن لم يجد مسلمة تصلح له فكذلك يسر له
التزوج بالكتابية التي تصلح له ليعيش معها عيشة مرضية، وإذا لم يتزوج
الكتابية يخشى الزنا يسن له دفعاً لهذا ومن هذا يتضح أن المسألة
دائرة وراء المصلحة والمفسدة، فإذا ترتب على زواجها مصلحة كان الزواج
ممدوحاً، وإذا ترتب عليه مفسدة كان مكروهاً.




وفي روضة الطالبين: الكتاب ثلاثة أصناف أحدها
الكتابيون فيجوز للمسلم مناكحتهم سواء كانت الكتابية ذمية أو حرة لكن
تكره الحرة وكذا الذمية والمراد بالكتابية اليهود والنصارى.







  • وعند الحنابلة:





قالوا: يحل نكاح الكتابية بلا كراهة لعموم قوله تعالى: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلهم"
والمراد بالمحصنات الحرائر.





وذكر عمر بن الحسين الخرقي: وحرائر نساء أهل الكتاب وذبائحهم حلال
للمسلمين.







  • وعند الشيعة الإمامية:




هناك تفصيل بين الحرمة وحلية زواج الذمية
والحلية المطلقة، وقد فصّل شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن
الطوسي في ذلك قائلاً:




المشركون على ثلاثة أضرب: أهل الكتاب ومن لا
كتاب له ولا شبهة كتاب ومن له شبهة كتاب فأهل الكتابين اليهود
والنصارى من أهل التوراة والإنجيل فهؤلاء عند المحصلين من أصحابنا لا
يحل أكل ذبائحهم ولا تزوج حرائرهم بل يقرون على أديانهم إذا بذلوا
الجزية، وفيه خلاف بين أصحابنا، وقال جميع الفقهاء يجوز أكل ذبائحهم
ونكاح حرائرهم.




فأما السامرة والصابئون فقد قيل إن السامرة
قوم من اليهود، والصابئون قوم من النصارى، فعلى هذا يحل جميع ذلك،
والصحيح في الصابي أنهم غير النصارى لأنهم يعبدون الكواكب، فعلى هذا
لا يحلّ جميع ذلك بلا خلاف فأما غير هذين الكتابين من الكتب الأخرى،
لأن الله تعالى أنزل كتباً زبر الأولين وصحف إبراهيم والزبور على
داود، فإن كان من أهل هذه الكتب فلا يحلّ نكاح حرائرهم ولا أكل
ذبائحهم.





ويشرح زين الدين بن علي العاملي بالتفصيل هذا الحكم: «اختلف الأصحاب
في جواز نكاح الكتابيات مطلقاً، أو منعه مطلقاً أو بالتفصيل، على
أقوال كثيرة منشؤها اختلاف ظاهر الآيات والروايات في ذلك، واختلاف
النظر في طريق الجمع بينها، فمن منع منه مطلقاً كالمرتضى استند
إلى قوله تعالى: "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن"
البقرة/221، والنهي للتحريم فإن كان النكاح حقيقة في الوطء فظاهر،
وإن كان حقيقة في العقد أو مشتركاً فغايته تحريم العقد لأجل الوطء
فيكون الوطء محرماً أيضاً، ووجه تناولها لليهود والنصارى قول النصارى
بالأقانيم الثلاثة، وقول اليهود "عزيز ابن ال"
وقوله تعالى: "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم..."
إلى قوله تعالى: "سبحانه عما يشركون"
التوبة/30-31، وإلى قوله تعالى: "ولا تمسكوا بعصم الكوافر"
الممتحنة/10، والزوجية عصمة فتدخل تحت النهي.





ومن الروايات في ذلك قول الباقر (عليه السلام) في رواية زرارة: «لا
ينبغي نكاح أهل الكتاب قلت: جعلت فداك وأين تحريمه؟ قال: قوله "ولا تمسكوا بعصم الكوافر"».





ومن أجاز نكاحهن مطلقاً استند إلى قوله تعالى: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"
المائدة/5، يعني أحل لكم بدليل ثبوت ذلك في المعطوف عليه، ومن
الروايات في ذلك رواية محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام) قال:
«سألته عن نكاح اليهودية والنصرانية قال: لا بأس به، أما علمت أنه
كان تحت طلحة بن عبيد الله يهودية على عهد النبي (صلى الله عليه وآله
وسلم)».




ورواية معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه
السلام) في الرجل المؤمن يتزوج اليهودية والنصرانية فقال: «إذا أصاب
المسلم فما يصنع باليهودية والنصرانية؟ فقلت له: يكون له فيها الهوى،
فقال: إن فعل فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، واعلم أن عليه
في دينه غضاضه».





والرواية أوضح ما في الباب سنداً، لأن طريقها صحيح، وفيها إشارة إلى
كراهة التزويج المذكور، فيكون حمل النهي الوارد عنه على الكراهة
جمعاً.





والأولون أجابوا عن الآية المجوّزة بأنها منسوخة بالآية السابقة، وقد
روى النسخ زرارة بن الحسن عن الباقر (عليه السلام) قال: «سألته عن
قول الله تعالى: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"
فقال هي منسوخة بقوله تعالى: "ولا تمسكوا بعصم الكوافر".
وعن الرواية يحملها على استدامة نكاحها إذا أسلم زوجها، أو على
التقية.




وللمجوزين أن يمنعوا من النسخ لعدم ثبوته،
وعدم المنافاة بين الآيتين، لأن الأولى دلت على النهي عن نكاح
المشركين على العموم، والثانية دلت على إباحة الكتابيات فهي خاصة،
والجمع بين الخاص والعام متعين بتخصيص العام وإبقاء حكمه في ما عدا
الخاص، فلا وجه للنسخ، وأما آية النهي عن التمسك بعصم الكوافر فليست
صريحة في إرادة النكاح، ولا في ما هم أعمّ منه وإثبات النسخ بمثل هذه
الرواية مشكل خصوصاً مع عدم صحة سندها، ثم من الجائز حمل النهي على
الكراهة فإنه جامع بين الأدلة مضافاً إلى تخصيص عموم المشركات بما
عدا الكتابيات فتجتمع دلالة الأدلة كلها على جواز نكاحهنّ على
الكراهة والمنع مما عداهن من المشركات.




والمصنف (رحمه الله) وأكثر المتأرخين:




1- العلامة في القواعد.




2- والشهيد في اللمعة .




3- والمحقق الثاني في جامع المقاصد.





جمعوا بين الادلة بحمل المنع على الدائم والإباحة على المؤجل وملك
اليمين، فظاهر قوله تعالى في الآية المجوزة "إذا آتيتموهن أجورهن"
فإن مهر المتعة قد أطلق عليه الأمر في آيتها، ولإيماء الأخبار إلى أن
نكاح الكافرة لا يكون إلا في محل الضرورة ولتصريح بعض الأخبار بذلك،
وفيه نظر، لأن الأمر أيضاً يطلق على مطلق المهر وقد ورد في القرآن
أيضاً وصحيحة معاوية بن وهب صريحة في الجواز اختياراً وتصريحاً
وتصريح بعض الأخبار بتجويز نكاحهن بالمتعة لا ينفي جواز غيره بهن وقد
أسهبوا في الخلاف والأدلة بما لا طائل تحته، والمنقّح منه ما لخصناه.




وأكثر المتأخرين أجازوا الزواج من الكتابية:




يقول صاحب اللمعة: ويجوز للمسلم التزويج متعة
واستدامته للنكاح على تقدير إسلامه كما مر بالكافرة الكتابية ومنها
المجوسية، وكان عليه أن يقيدها.




أما الأحاديث والروايات التي وردت من طريق
الشيعة الإمامية فهي لا تحبذ الزواج من الكتابية فهي بين التحريم
والتحليل وحصر الحلية بالمؤقت.




المورد الأول:
ففي التحريم ورد:




1- علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن أبي
عمير عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سأله
أبي وأنا أسمع عن نكاح اليهودية والنصرانية فقال نكاحهما أحب إلي من
نكاح الناصبية، وما أحب للرجل المسلم أن يتزوج اليهودية ولا
النصرانية مخافة أن يتهود ولده أو يتنصر.





فعليه عدم الزواج - كما ورد في الحديث - هي أن لا يتأثر الأولاد بدين
أمهم لعلاقتهم بها خصوصاً في السنين الأولى من عمرهم.





2- محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن الحسن بن جهم قال
قال لي أبو الحسن الرضا (عليهما السلام) يا أبا محمد ما تقول في رجل
يتزوج نصرانية على مسلمة قلت جعلت فداك وما قولي بين يديك قال:
لتقولن فإن ذلك يعلم به قولي قلت لا يجوز تزويج النصرانية على مسلمة
ولا غير مسلمة قال ولم قلت لقول الله عز وجل: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن
"
قال: فما تقول في هذه الآية: " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم[
قلت فقوله " ولا تنكحوا المشركات"
نسخت هذه الآية فتبسم ثم سكت.




فلا يجوز الزواج من الكتابية كزوجة ثانية مع
وجود المسلمة وفضلاً على ذلك وحسب هذه الرواية عدم الجواز مطلقاً.




3- روى محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن
معلى بن محمد عن الحسن بن علي عن إبان عن زرارة عن أعين قال: سألت
أبا جعفر (عليه السلام) عن نكاح اليهودية والنصرانية قال: لا يصلح
للمسلم نكاح اليهودية والنصرانية إنما يحل منهن نكاح البله ومنها أن
يكون ذلك إباحة في حال الضرورة وعند عدم المسلمة ويجري ذلك مجرى
اباحة الميتة والدم عند الخوف على النفس.




المورد الثاني:




إما الروايات الواردة في جواز الزواج من
الكتابية فهي أيضاً كثيرة نذكر منها:





1- محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن معاوية بن وهب
عن زكريا بن إبراهيم قال: كنت نصرانياً فأسلمت فقلت لأبي عبد الله
(عليه السلام): إن أهل بيتي على دين النصرانية فأكون معهم في بيت
واحد وآكل من آنيتهم فقال لي (عليه السلام) أيأكلون لحم الخنزير
قلت:لا قال: لا بأس.




2- وعنه عن الحسن بن محبوب عن العلا عن محمد
بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن نكاح اليهودية
والنصرانية فقال: لا باس به، أما علمت أنه كان تحت طلحة بن عبيد الله
يهودية على عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).




3- وروى محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن
أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن معاوية بن وهب وغيره عن أبي عبد
الله (عليه السلام) في الرجل المؤمن يتزوج باليهودية والنصرانية، قال
إذا أصاب المسلمة فما يصنع باليهودية والنصرانية فقلت له: يكون فيها
الهوى فقال: إن فعل فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير واعلم أن
عليه في دينه في تزويجه إياها غضاضة.




من هنا فالإباحة مشروطة بإلزام الزوجة
الكتابية بالأحكام الشرعية المؤثر في تربية الأبناء كمنعها من شرب
الخمر وأكل لحم الخنزير.




المورد الثالث:




أما ما ورد في الأحاديث في جواز الزواج من
الكتابية زواجاً منقطعاً فكثيرة هي أيضاً؛ منها:




1- روى محمد بن أحمد بن يحيى عن يعقوب بن يزيد
عن محمد بن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله (عليه
السلام) في الرجل يتزوج البكر متعة قال يكره للعيب على أهلها ولا باس
أن يتمتع الرجل باليهودية والنصرانية.




2- عن محمد بن سنان عن أبان بن عثمان عن زرارة
قال: سمعته يقول: لا بأس بأن يتزوج اليهودية والنصرانية متعة وعنده
امرأة.




3- روى أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان
عن الرضا (عليه السلام) قال: سألته عن نكاح اليهودية والنصرانية
فقال: لا بأس فقلت فمجوسية فقال: لا بأس به يعني متعة.




4- وكذلك ما رواه أحمد بن محمد بن عيش عن
الحسن بن علي بن فضال عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال: لا بأس أن يتمتع الرجل باليهودية والنصرانية وعنده حرة.




يظهر من قراءة هذه الأحاديث أنها مختلفة في
المضمون وربما متناقضة أيضاً لكن عند وضعها أمام الدارس الذي يحاول
أن يستجلي الحديث من أبعاده المختلفة، من بحث رجال السند وبحث السند
يستطيع أن يرجح الحديث الصحيح بعد تمييزه عن الحديث المرسل والمنقطع
فهذا هو عمل المجتهد الذي يفتي من خلال ما يوصله النص إلى الحكم
الشرعي.







  • حصيلة البحث في الآراء:




يمكن لنا أن نستخلص مما تقدم بأن المذاهب
الإسلامية الأربعة تذهب إلى جواز زواج المسلم من الكتابية، أما فقهاء
الإمامية فانقسموا إلى ثلاث فرق: فرقة تجيز الزواج المنقطع والدائم
وفريق لا تجيز الدائم وتجيز المنقطع وفريق لا تجيز المنقطع ولا
الدائم.




وقد ذكر بعض العلماء شروطاً وذكروا آراءً كان
لابد من ذكرها قبل أن نختم البحث وننتقل إلى بحث آخر.




فالشافعية والحنابلة قالوا: يشترط في حل نكاح
الكتابية أن يكون أبواها كتابيين فلو كان أبوها كتابياً وأمها وثنية
لا تحل حتى ولو كانت بالغة واختارت دين أبيها، وصارت كتابية على
المعتمد عند الشافعية.





وهناك قول يتفرد به الزرعي في تحريم الزواج من الكتابية ذكره في
كتابه أحكام أهل الذمة: وقال صالح بن أحمد حدثني أبي حدثنا محمد بن
جعفر حدثنا سعيد بن قتادة أن حذيفة بن اليمان وطلحة بن عبيد الله
والجارود بن المعلى وذكروا آخر تزوجوا نساء من أهل الكتاب فقال لهم
عمر طلقوهن فطلقوا إلا حذيفة فقال عمر: طلقها فقال: تشهد أنها حرام
قال: هي جمرة طلقها، فقال: تشهد أنها حرام فقال: هي جمرة، قال حذيفة
قد علمت أنها جمرة ولكنها لي حلال فأبى أن يطلقها فلما كان بعد طلقها
فقيل له قد ألا طلقها حين التابعين عمر فقال: كرهت أن يظن الناس أني
ركبت أمراً لا ينبغي وقد تأولت الشيعة الآية فقالوا: المحصنات من
المؤمنات من كانت مسلمة في الأصل والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من
قبلكم من كانت كتابية ثم أسلمت وقوله "ولا تمسكوا بعصم الكوافر"
وأجاب الجمهور بجوابين: أحدهما أن المراد بالمشركات الوثنيات، قالوا
وأهل الكتاب لا يدخلون في لفظ المشركين في كتاب الله تعالى.





قال تعالى: "لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين"
وقال تعالى: "إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس
والذين أشركوا"
وكذلك الكوافر المنهي عن التمسك بعصمتهن إنما هن المشركات فإن الآية
نزلت في قصة الحديبية، ولم يكن للمسلمين زوجات من أهل الكتاب إذ ذاك
وغاية ما في ذاك التخصيص ولا محذور فيه إذا دل عليه دليل.


يتبع ادناه

وليد محمد الشبيبي

وليد محمد الشبيبي
مؤسس المنتدى ومديره المسؤول





المبحث


الثاني


آثار
الزواج من الكتابية






ويستتبع الزواج من الكتابية أحكاماً خاصة في
الرضاعة والحضانة والمهر، والإرث والاستمتاع والنفقة.




أولاً: الرضاعة.




وردت في الرضاعة بعض النصوص لابد من إيرادها.




عن أبي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن
صفوان عن سعيد بن يسار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تسترضع
للصبي المجوسية وتسترضع له اليهودية والنصرانية ولا يشربن الخمر
يمنعن من ذلك ويكره لبن الحمقاء وقبيحة الوجه ويستحب لبن الوضاء من
النساء.




وقد علق صاحب المسالك على هذا الحديث قائلاً:
ولا تسترضع الكافرة هذا النهي على وجه الكراهة (في الذمية) لا
التحريم بقرينة قوله: «وتتأكد الكراهة في ارتضاع المجوسية» لأن
التأكيد يقتضي كراهة في غيرها، ولم يسبق منه الحكم بأصل الكراهة في
الذمية بخصوصها حتى يكون في المجوسية آكد، كما صنع غيره فيبقى حينئذٍ
حاصل كراهة الكافرة مطلقاً والمجوسية أشد كراهة، ويدل على الجواز
مطلقاً، مضافاً إلى أصالة رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال:
«سألت أبا عبد الله (عليه السلام): هل يصلح للرجل أن ترضع له
اليهودية والنصرانية والمشركة؟ قال: لا بأس، وقال: امنعوهن من شرب
الخمر»، وهو شامل لجميع أصناف الكفار.




وعلى الكراهة مطلقاً ما تقدم من الأخبار
الدالة على أن للبن تأثيراً في الولد مطلقاً، وعلى تأكد الكراهة في
المجوسية ورود النهي عنها في بعض الأخبار المحمول على تأكد الكراهة
جمعاً، ففي صحيحة سعيد بن يسار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
«لا تسترضع للصبي المجوسية وتسترضع له اليهودية والنصرانية ولا يشربن
الخمر، يمنعن من ذلك» وروى عبد الله بن هلال عنه (عليه السلام) أنه
قال: «إذا أرضعوا لكم فامنعوهن من شرب الخمر».




وهذا المنع على وجه الاستحقاق إن كانت المرضعة
أمة أو مستأجرة شرط عليها ذلك في العقد وإلا توصّل إليه بالرفق
استحباباً لأنه يؤثر في الطباع تأثيراً خبيثاً فيتعدى إلى اللبن
ويمكن أن يكون وجه كراهته تسليمه إليها لتحمله إلى منزلها حذراً من
أن تسقيه شيئاً من ذلك، مضافاً إلى النهي عن الركون إلى الذين ظلموا،
وهي منهم وإنها ليست مأمونة عليه,




ثانياً: الحضانة.




تعني الولاية على الطفل لتربيته وتدبير شؤونه،
وشرعاً عرفت الحضانة بأنها تربية من لا يستقل بأموره بما يصلحه ويقيه
عما يضرّه ولو كان كبيراً مجنوناً وهو تعريف الأنصاري، وعرفه ابن
عابدين أنه تربية الولد لمن له حق الحضانة، وعند الشافعية: تربية
الصبي بما يصلحه وعند الحنابلة والإباضية: حفظ الولد في نفسه، ومؤونه
وطعامه ولباسه ومضجعه وتنظيف جسده.




ويشترط المالكية والحنفية إسلام الحاضنة فيصح
كون الحاضنة كتابية أو غير كتابية سواء كانت أماً أم غيرها لأنه (صلى
الله عليه وآله وسلم) خيّر بين أبيه المسلم وأمه المشركة فمال إلى
الأم فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما رواه أبو داود
وغيره: «اللهم اهدهٍ، فعدل إلى أبيه» ولأن مناط الحضانة الشفقة وهي
لا تختلف باختلاف الدين.




ويبقى المحضون مع الحاضنة غير المسلمة في رأي
المالكية إلى انتهاء مدة الحضانة شرعاً، ولكنها تمنع من تغذيته
بالخمر ولحم الخنزير، فإن خشينا أن تفعل الحرام أعطي حق الرقابة إلى
أحد المسلمين ليحفظ الولد من الفساد، ولم يشترط المالكية أيضاً إسلام
الحاضن أو الحاضنة لأن حق الحضانة للرجل لا يثبت عندهم إلا إذا كان
عنده من النساء من يصلح للحضانة كزوجة أو أم أو خالة أو عمة، فتكون
الحضانة في الواقع حقاً للمرأة.




ويقول الشيخ محمد جواد مغنية في رأي المذاهب
الإسلامية: واختلفوا: هل الإسلام شرط: قال الإمامية والشافعية: لا
حضانة لكافر على مسلم، وبقية المذاهب لم يشترطوا الإسلام إلا أن
الحنفية قالوا: بارتداد الحاضن أو الحاضنة يسقط الحضانة.




وتشترط الحنفية في الحضانة أمور هي:




أحدها أن لا يرتد الحاضن فإن ارتدت سقط حقها
في الحضانة سواء لحفت بدار الحرب أو لا، فإن تابت رجع لها حقها، ولا
يشترط الإسلام فإن كان متزوجاً بذمية فإن لها أن تحضن ابنها فيه بشرط
أن يأمن عليه الكفر والفساد، فإذا لم يأمن كأن رآها تذهب به إلى
الكنيسة أو رآها تطعمه لحم الخنزير أو تسقه الخمر، فإن للأب أن ينزعه
منها.




وتشترط الشافعية الإسلام: فلا حضانة لكافر على
مسلم، أما حضانة الكافر للكافر والمسلم للكافر فإنها ثابتة.




ولا يشترط الحنابلة الإسلام، إلا ما ورد في
الكافي في فقه ابن حنبل «ولا حضانة لكافر على مسلم».




أما المالكية فلا يشترطون في الحاضن أن يكون
مسلماً ذكراً كان أو أنثى، فإن خيف على الولد من أن تسقيه خمراً أو
تغذيه بلحم خنزير ضمت حاضنته إلى مسلمين يراقبوها ولا ينزع منها
الولد، ولا فرق في ذلك بين الذمية والمجوسية.




وفي مسالك الإفهام (رأي الشيعة الإمامية):




الحضانة هي بفتح الحاء ولاية على الطفل
والمجنون لفائدة تربيته وما يتعلق بها من مصلحته من حفظه وجعله في
سريره ورفعه وكحله ودهنه وتنظيفه وغسل خرقه وثيابه ونحو ذلك وهي
بالأنثى أليق منها بالرجل لمزيد شفقتها وخلقها المعد لذلك بالأصل.




وعند شرحه لنص الشرائع: «وكذا لو كان الأب
مملوكاً أو كافراً كانت الأم الحرة أحق بها وإن تزوجت» يقول المصنف:
والضابط أن الأب إنما يكون أولى من الأم مع اجتماع شرائط الحضانة فيه
التي من جملتها الإسلام والحرية والعقل إجماعاً والأمانة والحضر
والسلامة من الأمراض المعدية على الخلاف، فمتى اختل شرط من شروطها
فيه فالأم أحق بالولد مطلقاً إلى أن يبلغ.




من شروط الحضانة عند الشيعة الإمامية:




أحدها أن تكون مسلمة إذا كان الولد مسلماً،
فالكافر لا حضانة لها على الولد المسلم بإسلام أبيه لأنه لا حظ له في
تربية الكافرة، لأنها تفتنه عن دينه، وهو ينشأ على ما يألفه منها،
ولأنه لا ولاية للكافر على المسلم (الآية) ولو كان الولد كافراً
تبعاً لأبويه فحضانته لها - على ما فصّل - إن ترافعوا إلينا نعم، لو
وصف الولد الإسلام نزع من أهله، ولم يمكّنوا من كفالته لئلا يفتنوه
عن الإسلام الذي قد مال إليه، وإن لم نصحح إسلامه.




ويؤكد صاحب اللمعة ذلك: ويجوز استرضاع الذمية
عند الضرورة من غير كراهة ويكره بدونها.




ويظهر من العبارة كعبارة كثير التحريم من
دونها والأخبار دالة على الأول ويمنعها زمن الرضاعة من أكل الخنزير
وشرب الخمر على وجه الاستحقاق إن كانت أمته أو مستأجرته، ويكره تسليم
الولد إليها لتحمله إلى منزلها لأنها ليست مأمونة عليه، والمجوسية
أشد كراهة أن تسترضع للنهي عنها في بعض الأخبار المحمول على الكراهة
جمعاً قال عبد الله بن هلال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن
حضائرة المجوس فقال: لا ولكن أهل الكتاب يكره أن تسترضع من ولادتها
التي يصدر عنها اللبن عن زنا قال الباقر (عليه السلام) لبن اليهودية
والنصرانية والمجوسية أحب إلي من ولد الزنا
[1].



ويقول السيد الشيرازي في موسوعته: «إذا كان
أحد الأبوين مسلماً والآخر كافراً ويتصور فيما إذا كان مسلمين ثم
ارتد الأب، أو كانا كافرين ثم أسلمت الأم فلا ينبغي الإشكال في أن
الحضانة للمسلم منهما لما عرفت من أنه موهوب لهما وأنهما فيه بالسوية
كما في النص، فإذا صار أحدهما أشرف مما سبب تشرف الولد لم يعل إلى
الوالد الكافر، وأما إذا كان كلاهما كافراً ألزمناهم بما التزموا به
من حضانة أحدهما أو كليهما، سواء كانا من جنس واحد كاليهوديين أو
جنسين كاليهودي ومشرك.




ثم إذا لم يكن لهما حكم في دينهم وراجعونا
حكمنا عليهم بما يقتضيه ديننا، لأن الأصل هو ديننا، وإنما دليل
الإلزام مخرج، فإذا لم يكن لدليل الإلزام مسرح كان المرجع الأصل،ولعل
فيما كان أحدهما كافراً والآخر مسلماً بحكم الكافر كالناصبي يقدم
المسلم لظهور الإسلام، وإن كان ملوماً بالكفر.




لو كان أحدهما كافراً والآخر مسلماً وكفر
الولد الذي لم يبلغ وقد عقل فهل يكونان في الحضانة سواء أو يقدم
المسلم لأن الإسلام يعلو، ولأنه لا يقبل منه الكفر بعدم بلوغه فهو في
حكم الإسلام والمسلم أخوة.




ويبعد تقدم المسلم للدليل الأول، أما عدم قبول
الكفر من الولد لأن عمر الصبي خطأ فمحل تأمل، خصوصاً ويقبل منه
الإسلام بلا إشكال، ولذا كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقبل
إسلام الصبيان، واحتمال الفرق بأن الإسلام أشرف،ولذا يقبل دون الكفر
محل نظر
[2].



استرضاع الذمية عند الاضطرار وبشروط:




هناك رأي لبعض الفقهاء بأن استرضاع الذمية يتم
عند الاضطرار وهو رأي صاحب الجواهر حيث يقول: ينبغي مع الاضطرار أن
نسترضع الذمية ونمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، وربما كان
ظاهر النص والفتوى الوجوب تعبداً أو شرطاً في جواز الاسترضاع،
فليستأجرها مشترطاً عليها ذلك إن لم تكن أمة له كي يتوجه له المنع،
بل في كشف اللثام اهتمام جوازه مطلقاً من باب النهي عن المنكر، وإن
كان فيه أنه خارج عما نحن فيه، ويكره أن يسلّم إليها الولد لتحمل إلى
منزلها، وتتأكد الكراهة في ارتضاع المجوسية
[3].



لا حضانة للكافر:




وهو أمر مسلم به، يقول صاحب الجواهر: «لا خلاف
في اشتراط استحقاق الحضانة بما (إذا كانت مسلمة) فلا حضانة لكافرة مع
الأب المسلم، نعم لو كان الولد كافراً تبعاً لأبويه فحضانته لها إلى
أن يفطم بأن ترافعوا إلينا، بل في المسالك :أنه لو وصف الإسلام نزع
من أهله، وإن كان قد يناقش فيه، ولو كان الأب كافراً كانت المسلمة
(أحق وإن تزوجت) بل لعله لا خلاف فيه، ولو أسلم الكافر كان حكمه حكم
المسلم
[4].




ثالثا:

المهر:




المهر لغة عرف بالصداق، والصداق بكسر الصاد
وفتحها المهر، وهو من باب تعريف اللفظ.





والمهر شرعاً - كما في المسالك - هو مال يجب بوطي غير زنى منهما ولا
ملك يمين أو بعقد النكاح أو تفويت يصنع قهراً على بعض الوجوه كإرضاع
ورجوع شهود، ثم قال وله أسماء كثيرة منها الصداق بفتح الصاد وكسرها
سمي به لإشعاره بصدق رغبة باذله في النكاح، الذي هو الأصل في إيجابه،
والصدقة بفتح أوله وضم ثانيه والنحلة والأجر والفريضة، وقد ورد بها
القرآن الكريم، قال الله تعالى: "وآتوا النساء نحلة"
النساء/4، وقال: "فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن"
وقال: "وقد فرضتم لهن فريضة"
البقرة/237. والعليقة والعلائق، وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله
وسلم) أنه قال: أدوا العلائق، قيل وما العلائق؟ قال: ما ترضى به
الأهلون
[5].




ويجب أن يكون المهر الشرعي له اعتبار في الشرع
يقول الطوسي في المبسوط: وأما المهر ينتظر فإن كان صحيحاً حكم بصحته
مقبوضاً كان أو غير مقبوض وإن كان فاسداً فان كان مقبوضاً لزم
واستقر، وإن لم يكن مقبوضاً سقط، وقضى بمهر المثل، وإن كان بعقد
مقبوضاً نظر (ت) إلى قدره، فأسقطه من مهر المثل، فإن كان المقبوض نصف
المهر سقط نصف مهر المثل، وقضى بنصف مهر المثل، فإذا تقرر هذا نظرت
في المهر فإن كان في التقرير عشر أزقاق خمر، وقد قبضت خمساً فكيف
الاعتبار، قال قوم اعتبره بالعدد ولا اعتبره كيلاً، وسواء كانت
الأزقاق كباراً أو صغاراً وكباراً، لأن الخمر لا قيمة له، ومنهم من
قال: اعتبره بالكيل، وإن كان الصداق كلاباً أو خنازير وكان عشرة، وقد
قبضت البعض ففي كيفية الاعتبار قيل فيه ثلاثة أوجه:




أحدها بالعدد والثاني بالصغر والكبر، فيجعل كل
ليتر بصغيرين، وقال قوم يعتبر بالقسم والذي يقتضيه مذهبنا أن ذلك
أجمع يعتبر بالقيمة عند مستحيلة
[6].



أما حول استحقاق الكتابية للمهر فيقول الطوسي:
ولزوجها عليها حق تستحق عليه المهر
[7]،
ومع صحة النكاح يكون المهر متعيناً على الزوج، فهو يسقط عند بطلان
النكاح وذلك حين الارتداد أو تغيير الدين.





رابعا:

القسم:




القسم في اللغة بفتح القاف مصدر قسمت الشيء
أقسمه وبالكسر الحظ والنصيب، وفي الاصطلاح عبارة عن قسم الليالي بين
الزوجات، ويمكن اعتباره بكلا معنييه في اللغوي، لأن القسم جامعه واحد
فإن القسمة تسبب الحظ والنصيب، إلا أن هناك معنيين كما ذكرنا ذلك
مكرراً فيما يقال من المعاني المرتبطة بالنسبة إلى المادة الواحدة.




على أي حال، فلا خلاف بين الأصحاب في وجوب
القسمة بين الزوجات في الجملة، وإنما الخلاف أنه هل تجب على الزوج
القسمة ابتداءً بمجرد العقد والتمكين كالنفقة، أو لا تجب عليه حتى
يبتدء بها؟
[8].



وهناك أربعة آراء في قسم الكتابية (غير
المسلمة):




الرأي الأول لها ثلث ما للمسلمة، وهو منطوق
الروايات التي وردت عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد
الله (عليه السلام): هل للرجل أن يتزوج النصرانية على المسلمة والأمة
على الحرة؟ فقال: لا تزوج واحدة منهما على المسلمة وتزوج المسلمة على
الأمة والنصرانية، وللمسلمة الثلثان وللأمة والنصرانية الثلث
[9].
وبعض المذاهب ذهبت إلى ذلك يقول في منتهى الإرادات: ولزوجة أمة مع
حرة، ولو كتابية ليلة من ثلاث
[10].
وهناك رأي لبعض فقهاء الشيعة بأن القسمة تقوم على ما قامت عليه
التعاليم الدينية للكتابية، يقول السيد الشيرازي: ثم الظاهر أنه يصح
للكافرة اشتراط القسم الكامل لها للمؤمنة لإطلاق أدلة الشرط، لكن ذلك
فيما إذا كان له زوجتان مثلاً، حيث يجعل ليلة التي له في قسمها أو
فيما إذا اشترط على نسائه المؤمنات التقليل من قسمهن، إذ سيأتي إن
ذلك جائز نصاً وإجماعاً لمكان بعض النصوص الخاصة في مسالة أن المرأة
إذا خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً جاز لها أن تصالحه بترك حقها في
قسم مهر ونفقة أو بشيء من مالها، وجاز له القبول، لوحدة الملاك في
المقاصي، بالإضافة إلى عموم أدلة الشرط، بضميمة ما تقدم من أن القسم
حق وليس بحكم.




ثم لا يبعد أن يكون قسمها نصف المؤمنة فيما
كان في دينها القسم مثل ذلك أو أكثر ما إذا كان في دينها القسم الأقل
مثل ليلة من كل خمس مثلاً أو لا قسم لم يلتزم الزوج بما تقدمه من
المناصفة لقاعدة الإلزام.




ثم يبين لنا السيد الشيرازي الصور الخمسة التي
تكون فيها القسمة بين الأزواج:




1- أربع نساء مسلمات، لكل منهن ليلة من الأربع
ليالي.




2- ثلاث مسلمات وكافرة فلهن سبع وله واحدة من
الثمان ليالي.




3- وأما مسلمتان وكافرتان فلهنّ ست وله
اثنتان.




4- أما مسلمة مع ثلاث كافرات فلهن خمس وله
ثلاث.




5- كلهن كافرات فلهن أربع من الثمان ليال
[11].



وهناك احتمال يذكرها السيد الشيرازي: ثم لو لم
يعلم الزوج أنها مسلمة أو كافرة ولم يمكن الفحص حيث أن الفحص في
الموضوعات، كما ذكرنا تفصيل ذلك في بعض مباحث الفقه والأصول فاللازم
إجراء قاعدة العدل بجعل نصف المحتمل لنفسه ونصفه لها، مثلاً: إذا
كانت مع مسلمة أعطى للمسلمة ليلتين، وللمحتملة ليلة ونصفاً لأنه
الوسط بين ليلة إذا كانت كافرة، وليلتين إذا كانت مسلمة، والنصف
الآخر من الليلة يكون له، إلى غير ذلك من الأمثلة
[12].



أما الرأي الثالث فهو أن تكون القسمة متساوية
بين المسلمة والذمية وهو رأي بعض فقهاء المذاهب الإسلامية.




يقول الشافعي (ت 204هـ):




وإن نكحها (الكتابية) فلا بأس وهي كالحرة
المسلمة في القسم
[13].



يقول ابن قدامة من المذهب الحنبلي (ت 620هـ):




ويقسم لزوجته الأمة ليلة وللحرة ليلتين وإن
كانت كتابية
[14].



وأكد على هذا المعنى في كتابه (الكافي):




والكتابية كالمسلمة في القسم لأنه من حقوق
النكاح فاستويا منه ... والسكنى.




وقد جعل النيسابوري (318هـ) هذه المسألة في
منزلة الإجماع ... في مصنفه الإجماع برقم 387.




أجمعوا على أن القسم بين المسلمة والذمية
سواء15 وفي منتهى الارادات




هناك رأي رابع يرى أن استحقاق الزوجة
الكتابية الحرة نصف قد ير جواز نكاحها دواما
ً[15].



ويعلل العاملي هذا الحكم: إنما تستحق الكتابية
القسمة حيث يجوز نكاحها على المشهور وعلل بنقصها بسبب الكفر فلا
تساوي المسلمة الحرة.




أما الكتابية الأمة فلها الربع: وللكتابية
الأمة ربع القسم لئلا .. فتصير القسمة من ست عشرة ليلة للأمة
الكتابية ولها ليلة واحدة ... وأربع كما سلف وللأمة المسلمة ليلتان
لو اتفقت
[16].



في الخلاصة هناك أربعة آراء في قسمة الكتابية:




1- لها الثلث.




2- لها النصف.




3- لها من القسمة كما ورد في دينها (المعاملة
بالمثل).




4- لها ما للمسلمة من القسمة، وهو رأي
الأكثرية من المذاهب.









خامسا:

النفقة.




النفقة: اسم من الإنفاق، ما ينفق من الدراهم
ونحوها، هذا في اللغة وأما في الشرع فالنفقة هي الإدرار على شيء بما
فيه بقاؤه، وهذا هو تعريف ابن عابدين.




أما عند الإباضية النفقة: ما به قوام معتاد
دون ترف
[17].




وفي المجلة ورد لفظ النفقة بهذا التعريف:
الدراهم والزاد والذخيرة التي تصرف في الحوائج والتعيش
[18].
وحدها في منتهى الإرادات: كفاية من يمونه خبزاً وأدماً وكسوة وسكناً
و..
[19]





وفي النفقة على الكتابي رأيان:




الرأي الأول: لا نفقة على المسلم على الكافر.




الرأي الثاني: وجوب النفقة على القريب وإن كان
فاسقاً أو كافراً.




والرأي الأول هو رأي الحنابلة فهم يشترطون
الاتحاد في الدين أثناء النفقة فلو كان أحدهما مسلماً والآخر غير
مسلم فلا تجب النفقة
[20].



أما الحنفية: لو تزوج ذمية وجبت عليه نفقتها،
وكذا إذا كان له والد مسلم وهو ذمي بالعكس فإن نفقة كل منهما تجب
للآخر
[21].



والشافعية لا يشترطون الإسلام فلو كان الابوان
كافرين والولد مسلم أو العكس فإن النفقة تلزمه
.



أما بين غيرهم من الأقارب فإن الدين شرط، فلا
يتفق الأخ المسلم على غير المسلم، وبالعكس - عند الحنفية -
[22].



وقد صرحت المادة (416) من المجلة - على المذهب
الحنفي - بذلك لا نفقة مع الاختلاف ديناً إلا للزوجة والأصول والفروع
الذميين، فلا تجب على مسلم لأخيه الذمي ولا ذمي لأخيه المسلم، ولا
على مسلم أو ذمي لأبويه غير الذميين، ولو كان مستأمنين، ولا على
مستأمن لمسلمين أو ذميين
[23].
وعند الشافعية الكتابية كالمسلمة في النفقة والقسم والطلاق وعامة
أحكام النكاح.




من هنا فإن أكثر المذاهب ترى: لا يشترك
الاتحاد في الدين، فالمسلم ينفق على قريبه غير المسلم كما هي الحال
في نفقة الزوجة إذا كانت كتابية، والزوج مسلما
ً[24]،
وهذا هو رأي المالكية والشافعية والإمامية الذين أيضاً لا يشترطون
اتحاد الدين في النفقة.




يقول شيخ الطائفة الطوسي: ولزوجها عليها حق
تستحق عليه المهر والنفقة.




والكلام في أحكام الزوجة الذمية، وفي المسالك:
لا إشكال في وجوب النفقة للزوجة مسلمة كانت أم كافرة أم أمة لاشتراك
الجميع في المقتضى.





والمقتضى هو الحاجة والتكفل، فالواجب على المسلم أن يتكفل حاجة زوجته
من طعام ولباس، ويذهب صاحب المسالك إلى وجوب الإنفاق على القريب
أيضاً: يجب الإنفاق على القريب البعضي وإن كان فاسقاً أو كافراً
لعموم الأدلة الشاملة له ولقوله تعالى: "وصاحبهما
في الدنيا معروفا"
ومن المعروف أن الإنفاق عليهما مع حاجتهما، ويساره، والمراد كونهما
كافرين، وأولى منه لو كانا فاسقين ولا يقدح كونهما غير وارثين لعدم
الملازمة بينهما، وبهذا صرح الأصحاب وأكثر العلماء من غيرهم
[25].




ويذهب المعاصرون إلى الرأي الثاني أيضاً:




يقول وهبة الزحيلي: واتفق الفقهاء على أنه لا
يشترط اتفاق الدين في وجوب النفقة بل ينفق المسلم على الكافر،
والكافر على المسلم. هذا في نفقة الزوجة، وفي نفقة القريب عند
الجمهور، والمعتمد عند الحنابلة أنه لا تجب نفقة القريب مع اختلاف
الدين لأنها مواساة على البر والصلة
[26].



شروط النفقة:




هناك شرط للإنفاق على الزوجة ذكرها الفقهاء،
جاء في اللمعة الدمشقية: تجب نفقة الزوجة بالعقد الدائم دون المنقطع
سواء في ذلك الحرة والأمة والمسلمة والكافرة بشرط التمكين الكامل وهو
أن تخلي بينه وبين نفسها قولاً وفعلاً في كل زمان مكان يسوغ فيه
الاستمتاع، فلو بذلت في زمان دون مكان أو كان كذلك يصلحان للاستمتاع
لا نفقة لها
[27]،
ويترتب على النفقة حقوق للزوج على الزوجة بالإضافة إلى تمكينها من
نفسها وهذه الحقوق هي: أن تسكن بحيث يسكنها، أما الغسل من الجنابة
فهل له إجبارها عليه أم لا؟ قيل فيه قولان: أحدهما ليس له ذلك لأن
الاستمتاع بها جائز قبل الغسل وبعده، والثاني له إجبارها لأن النفس
تعاف الاستمتاع بمن كانت جنباً والأولى ذلك.




حد النفقة:




والمقصود به الحد الزمني وهو خاص بنفقة
الأبناء: فقد ورد في المادة 3951 من المجلة: تجب النفقة بأنواعها
الثلاثة على الأب الحر ولو ذمياً لولده الصغير الحر الفقير سواء كان
ذكراً أو أنثى إلى أن يبلغ الذكر حد الكسب ويقدر عليه وتتزوج الأنثى
[28].



من هنا فإن النفقة على الولد الذمي لا يختلف
عن الولد المسلم فهي تجب على الأب حتى يبلغ حد الكسب، إذا كان ذكراً
وإلى أن تتزوج إذا كانت أنثى.




سادسا الإحداد:




والإحداد: صفة في العدة وهو أن تتجنب المعتدة
كل ما يدعو إلى أن تشتهي وتميل النفس لها مثل الطيب ولبس المطيب
والتزيين بخضاب وغيره، فإذا تجنبت ذلك فقد حدّت يقال حدذت بحد
حداداً، وأحدّت إحداداً.




فهل يجب على الكتابية الحداد لزوجها المسلم
إذا مات؟.




رأي الإمامية:




يقول الطوسي: فالحرة المسلمة عليها الحداد،
وأما الكافرة إذا مات عنها زوجها كان عليها العدة والإحداد معاً،
سواء كانت تحت مسلم أو كافر، وقال بعضهم إن كانت تحت مسلم فعليها
العدة والإحداد وإن كانت تحت كافر فلا عدة عليها ولا إحداد
[29].



ما لا يسمح في الإحداد:




ذكر الفقهاء تفاصيل الأحداد على المتوفى وهي
ترك الزينة والطيب كالزعفران ولبس الحلي ولو خاتماً ولبس الملون من
الثياب كالحمر والأصفر والأخضر والتحسين بالحناء والإسفيد والاكتحال
بالأسود والإدهان بالطيب وتحمير الوجه وحفه لها لبس الأبيض ولو
حريراً وتجب عدة الوفاة في المنزل الذي مات فيه زوجها ما لم يتعذر
وتنقضي العدة بمضي الزمان
[30].



رأي مالك في الإحداد:




جاء في المدونة لمالك بن أنس: قلت فهل على
النصرانية إحداد في الوفاة إذا كانت تحت مسلم في قول مالك قال نعم
عليها الإحداد وكذلك قال لي مالك وقال ابن نافع عن مالك لا إحداد
عليها قلت ولم جعل مالك عليها الإحداد وهي مشركة فقال: قال مالك إنما
رأيت عليها الإحداد لأنها من أزواج المسلمين فقد وجبت عليها العدة
[31].



رأي الشافعية




ورد في روضة الطالبين: الذمية والصبية
والمجنونة والرقيقة كغيرهن في الإحداد
[32].









المبحث


الثا
لث


ما
يسمح وما لا يسمح






1- الإرث:




وهل يرث الكتابي المسلم أم لا؟.




قبل البحث في الموضع نورد ما ورد من الروايات
والأحاديث:




1- بإسناده عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن
أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: لا يرث اليهودي والنصراني
المسلمين ويرث المسلمون اليهود والنصارى، ورواه الكليني عن علي بن
إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد نحوه
[33].



- وفي المقنع قال: قال أبو عبد الله (عليه
السلام) في الرجل النصراني تكون عنده المرأة النصرانية فتسلم أو يسلم
ثم يموت أحدهما قال ليس بينها ميراث
[34].



2- وبإسناده عن علي بن الحسن بن فضال عن محمد
بن عبد الله بن زرارة عن القاسم بن عروة عن أبي العباس قال: سمعت أبا
عبد الله (عليه السلام) يقول: لا يتوارث أهل ملتين يرث هذا هذا ويرث
هذا هذا إلا أن المسلم يرث الكافر والكافر لا يرث المسلم
[35].



مما تقدم من الروايات والأحاديث يتبين لنا أن
المسلم يرث الكتابي والكافر أما الكافر والكتابي لا يرث المسلم وهذا
ما ذهب إليه الفقهاء.




فقد بحث الفقهاء هذه المسالة في موانع الإرث،
قائلين بالإرث بشرط ألا يكون كافراً
[36]
كما ذهب إلى ذلك محمد بن أبي بكر الدمشقي (691هـ) واستند محمد بن
محمد (879هـ) إلى القرآن الكريم في الاستدلال على رأيه: منطلقاً من
حكم الولاية كولاية الأب على الابن كأساس في الإرث قائلاً:





لأنها - أي الولاية - شرط لسببية الإرث كما يشير إليه قوله تعالى
إخباراً عن زكريا (عليه السلام): "فهب لي من لدنك ولياً يرثني"
والكافر ليس له أهليتها على المسلم
[37].




رأي الحنفية:




أوردت المجلة في المادة (125) رأي الحنفية في
التوارث بين المسلم والكتابية قائلة: اختلاف الدين من موانع الميراث،
فلا يرث المسلم زوجته الكتابية إذا ماتت قبل أن تسلم، وهي لا ترثه
إذا مات وهي على دينها
[38].



رأي المالكية:




ذكر أحمد الدردير أبو البركات في الشرح
الكبير: المانع الرابع المخالفة في الدين ولا يرث مخالف في دين كمسلم
مع مرتد أو غيره من نصراني أو مجوسي ويهودي مع نصراني فلا توارث
بينهما إذ كل أمة مستقلة وسواها كله ملة فيقع التوارث بين مجوسي
وعابد وثن أو دهري
[39].



رأي الحنبلية:




ذكره تقي الدين الحنبلي في منتهى الإرادات،
ويرث الكفار بعضهم بعضاً - ولو أن أحدهما ذميّ والآخر حربي أو
مستأمناً والآخر ذمي أو حربي إن اتفقت أديانهم لا يرث مباين في دين
(كافر مسلماً، ولا مسلم كافراً) إلا بالولاء وإذا أسلم كافر قبل
ميراث فورّثه المسلم، ولو مرتداً بتوبة، أو زوجة مع عدة، لا زوجاً
ولا من عتق بعد موت أبيه أو نحوه قبل القسم
.



رأي الإمامية:




ذكر الشيعة الإمامية الكفر أحد موانع الإرث،
ذكر صاحب اللمعة الدمشقية: والرابع انتفاء موانع الإرث من القتل
والكفر والرق عنهم
.



وكرر اليزدي هذا الحكم في العروة الوثقى فذكر
الممنوعين من الإرث بالقتل أو الرق أو الكفر
[40].








الهوامش






[1]
اللمعة الدمشقية 5/166.








[2]
الفقه: النكاح 68/155-156.






وليد محمد الشبيبي

وليد محمد الشبيبي
مؤسس المنتدى ومديره المسؤول

الهوامش



[1] اللمعة الدمشقية 5/166.

[2] الفقه: النكاح 68/155-156.

[3] جواهر الكلام: 29/307-308.

[4] جواهر الكلام: 31/286-287.

[5] ابن الأثير: النهايرة 3/289.

[6] المبسوط: 4/241.

[7] المبسوط: 4/209.

[8] الشيرازي، محمد: الفقه 67/240-241.

[9] الوسائل: 14/419 ح3 وأيضاً الكافي: 5/359 ح5.

[10] منتهى الإرادات: 2/230.

[11] الشيرازي: الفقه (مرجع سابق) 67/281.

[12] الفقه: 67/293 مرجع سابق.

[13] الأم: 5/157.

[14] المغني: 7/235.

[15] اللمعة الدمشقية: 5/414.

[16] اللمعة الدمشقية: 5/14.

[17] منتهى الإرادات: 2/....

[18] المجلة: المادة رقم 1054.

[19] منتهى الإرادات: 2/367.

[20] مغنية، محمد جواد: الأحوال الشخصية ص118.

[21] الفقه على المذاهب الأربعة: 4/91.

[22] مغنية: الأحوال الشخصية ص118.

[23] الأحوال الشخصية: المادة 416.

[24] الأحوال الشخصية: ص118.

[25] المسالك: 8/486.

[26] الزحيلي: الزواج والطلاق ص277.

[27] اللمعة الدمشقية: 5/465.

[28] المجلة المادة 395.

[29] المصدر نفسه: 4/236.

[30] الحنبلي، مرعي بن يوسف: دليل الطالب 1/277.

[31] مالك بن أنس: 5/430.

[32] روضة الطالبين: 8/405.

[33] وسائل الشيعة: 26/13 ح32379.

[34] المصدر نفسه: 26/14 ح32384.

[35] المصدر نفسه: 26/15 ح32387.

[36] محمد بن أبي بكر: أعلام الموقعين 4/194.

[37] التقرير والتحرير: 2/220.

[38] الأحكام الشرعية في الأحوال المدنية: مادة رقم (725).

[39] الشرح الكبير: 4/487.

[40] العروة الوثقى: 1/757.





http://www.ahlulbaitonline.com/Public/bohoth/001/03.htm

وليد محمد الشبيبي

وليد محمد الشبيبي
مؤسس المنتدى ومديره المسؤول

http://www.ahlulbaitonline.com/Public/bohoth/001/03.htm

تم اعادة التكملة لعدم ظهورها اعلاه بشكل جيد فعذرا لهذا الخطأ الفني غير المقصود





المبحث الثاني


آثار الزواج من الكتابية



ويستتبع الزواج من الكتابية أحكاماً خاصة في الرضاعة والحضانة والمهر، والإرث والاستمتاع والنفقة.

أولاً: الرضاعة.

وردت في الرضاعة بعض النصوص لابد من إيرادها.

عن أبي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن سعيد بن يسار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تسترضع للصبي المجوسية وتسترضع له اليهودية والنصرانية ولا يشربن الخمر يمنعن من ذلك ويكره لبن الحمقاء وقبيحة الوجه ويستحب لبن الوضاء من النساء.

وقد علق صاحب المسالك على هذا الحديث قائلاً: ولا تسترضع الكافرة هذا النهي على وجه الكراهة (في الذمية) لا التحريم بقرينة قوله: «وتتأكد الكراهة في ارتضاع المجوسية» لأن التأكيد يقتضي كراهة في غيرها، ولم يسبق منه الحكم بأصل الكراهة في الذمية بخصوصها حتى يكون في المجوسية آكد، كما صنع غيره فيبقى حينئذٍ حاصل كراهة الكافرة مطلقاً والمجوسية أشد كراهة، ويدل على الجواز مطلقاً، مضافاً إلى أصالة رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: «سألت أبا عبد الله (عليه السلام): هل يصلح للرجل أن ترضع له اليهودية والنصرانية والمشركة؟ قال: لا بأس، وقال: امنعوهن من شرب الخمر»، وهو شامل لجميع أصناف الكفار.

وعلى الكراهة مطلقاً ما تقدم من الأخبار الدالة على أن للبن تأثيراً في الولد مطلقاً، وعلى تأكد الكراهة في المجوسية ورود النهي عنها في بعض الأخبار المحمول على تأكد الكراهة جمعاً، ففي صحيحة سعيد بن يسار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لا تسترضع للصبي المجوسية وتسترضع له اليهودية والنصرانية ولا يشربن الخمر، يمنعن من ذلك» وروى عبد الله بن هلال عنه (عليه السلام) أنه قال: «إذا أرضعوا لكم فامنعوهن من شرب الخمر».

وهذا المنع على وجه الاستحقاق إن كانت المرضعة أمة أو مستأجرة شرط عليها ذلك في العقد وإلا توصّل إليه بالرفق استحباباً لأنه يؤثر في الطباع تأثيراً خبيثاً فيتعدى إلى اللبن ويمكن أن يكون وجه كراهته تسليمه إليها لتحمله إلى منزلها حذراً من أن تسقيه شيئاً من ذلك، مضافاً إلى النهي عن الركون إلى الذين ظلموا، وهي منهم وإنها ليست مأمونة عليه,

ثانياً: الحضانة.

تعني الولاية على الطفل لتربيته وتدبير شؤونه، وشرعاً عرفت الحضانة بأنها تربية من لا يستقل بأموره بما يصلحه ويقيه عما يضرّه ولو كان كبيراً مجنوناً وهو تعريف الأنصاري، وعرفه ابن عابدين أنه تربية الولد لمن له حق الحضانة، وعند الشافعية: تربية الصبي بما يصلحه وعند الحنابلة والإباضية: حفظ الولد في نفسه، ومؤونه وطعامه ولباسه ومضجعه وتنظيف جسده.

ويشترط المالكية والحنفية إسلام الحاضنة فيصح كون الحاضنة كتابية أو غير كتابية سواء كانت أماً أم غيرها لأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) خيّر بين أبيه المسلم وأمه المشركة فمال إلى الأم فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما رواه أبو داود وغيره: «اللهم اهدهٍ، فعدل إلى أبيه» ولأن مناط الحضانة الشفقة وهي لا تختلف باختلاف الدين.

ويبقى المحضون مع الحاضنة غير المسلمة في رأي المالكية إلى انتهاء مدة الحضانة شرعاً، ولكنها تمنع من تغذيته بالخمر ولحم الخنزير، فإن خشينا أن تفعل الحرام أعطي حق الرقابة إلى أحد المسلمين ليحفظ الولد من الفساد، ولم يشترط المالكية أيضاً إسلام الحاضن أو الحاضنة لأن حق الحضانة للرجل لا يثبت عندهم إلا إذا كان عنده من النساء من يصلح للحضانة كزوجة أو أم أو خالة أو عمة، فتكون الحضانة في الواقع حقاً للمرأة.

ويقول الشيخ محمد جواد مغنية في رأي المذاهب الإسلامية: واختلفوا: هل الإسلام شرط: قال الإمامية والشافعية: لا حضانة لكافر على مسلم، وبقية المذاهب لم يشترطوا الإسلام إلا أن الحنفية قالوا: بارتداد الحاضن أو الحاضنة يسقط الحضانة.

وتشترط الحنفية في الحضانة أمور هي:

أحدها أن لا يرتد الحاضن فإن ارتدت سقط حقها في الحضانة سواء لحفت بدار الحرب أو لا، فإن تابت رجع لها حقها، ولا يشترط الإسلام فإن كان متزوجاً بذمية فإن لها أن تحضن ابنها فيه بشرط أن يأمن عليه الكفر والفساد، فإذا لم يأمن كأن رآها تذهب به إلى الكنيسة أو رآها تطعمه لحم الخنزير أو تسقه الخمر، فإن للأب أن ينزعه منها.

وتشترط الشافعية الإسلام: فلا حضانة لكافر على مسلم، أما حضانة الكافر للكافر والمسلم للكافر فإنها ثابتة.

ولا يشترط الحنابلة الإسلام، إلا ما ورد في الكافي في فقه ابن حنبل «ولا حضانة لكافر على مسلم».

أما المالكية فلا يشترطون في الحاضن أن يكون مسلماً ذكراً كان أو أنثى، فإن خيف على الولد من أن تسقيه خمراً أو تغذيه بلحم خنزير ضمت حاضنته إلى مسلمين يراقبوها ولا ينزع منها الولد، ولا فرق في ذلك بين الذمية والمجوسية.

وفي مسالك الإفهام (رأي الشيعة الإمامية):

الحضانة هي بفتح الحاء ولاية على الطفل والمجنون لفائدة تربيته وما يتعلق بها من مصلحته من حفظه وجعله في سريره ورفعه وكحله ودهنه وتنظيفه وغسل خرقه وثيابه ونحو ذلك وهي بالأنثى أليق منها بالرجل لمزيد شفقتها وخلقها المعد لذلك بالأصل.

وعند شرحه لنص الشرائع: «وكذا لو كان الأب مملوكاً أو كافراً كانت الأم الحرة أحق بها وإن تزوجت» يقول المصنف: والضابط أن الأب إنما يكون أولى من الأم مع اجتماع شرائط الحضانة فيه التي من جملتها الإسلام والحرية والعقل إجماعاً والأمانة والحضر والسلامة من الأمراض المعدية على الخلاف، فمتى اختل شرط من شروطها فيه فالأم أحق بالولد مطلقاً إلى أن يبلغ.

من شروط الحضانة عند الشيعة الإمامية:

أحدها أن تكون مسلمة إذا كان الولد مسلماً، فالكافر لا حضانة لها على الولد المسلم بإسلام أبيه لأنه لا حظ له في تربية الكافرة، لأنها تفتنه عن دينه، وهو ينشأ على ما يألفه منها، ولأنه لا ولاية للكافر على المسلم (الآية) ولو كان الولد كافراً تبعاً لأبويه فحضانته لها - على ما فصّل - إن ترافعوا إلينا نعم، لو وصف الولد الإسلام نزع من أهله، ولم يمكّنوا من كفالته لئلا يفتنوه عن الإسلام الذي قد مال إليه، وإن لم نصحح إسلامه.

ويؤكد صاحب اللمعة ذلك: ويجوز استرضاع الذمية عند الضرورة من غير كراهة ويكره بدونها.

ويظهر من العبارة كعبارة كثير التحريم من دونها والأخبار دالة على الأول ويمنعها زمن الرضاعة من أكل الخنزير وشرب الخمر على وجه الاستحقاق إن كانت أمته أو مستأجرته، ويكره تسليم الولد إليها لتحمله إلى منزلها لأنها ليست مأمونة عليه، والمجوسية أشد كراهة أن تسترضع للنهي عنها في بعض الأخبار المحمول على الكراهة جمعاً قال عبد الله بن هلال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن حضائرة المجوس فقال: لا ولكن أهل الكتاب يكره أن تسترضع من ولادتها التي يصدر عنها اللبن عن زنا قال الباقر (عليه السلام) لبن اليهودية والنصرانية والمجوسية أحب إلي من ولد الزنا[1].

ويقول السيد الشيرازي في موسوعته: «إذا كان أحد الأبوين مسلماً والآخر كافراً ويتصور فيما إذا كان مسلمين ثم ارتد الأب، أو كانا كافرين ثم أسلمت الأم فلا ينبغي الإشكال في أن الحضانة للمسلم منهما لما عرفت من أنه موهوب لهما وأنهما فيه بالسوية كما في النص، فإذا صار أحدهما أشرف مما سبب تشرف الولد لم يعل إلى الوالد الكافر، وأما إذا كان كلاهما كافراً ألزمناهم بما التزموا به من حضانة أحدهما أو كليهما، سواء كانا من جنس واحد كاليهوديين أو جنسين كاليهودي ومشرك.

ثم إذا لم يكن لهما حكم في دينهم وراجعونا حكمنا عليهم بما يقتضيه ديننا، لأن الأصل هو ديننا، وإنما دليل الإلزام مخرج، فإذا لم يكن لدليل الإلزام مسرح كان المرجع الأصل،ولعل فيما كان أحدهما كافراً والآخر مسلماً بحكم الكافر كالناصبي يقدم المسلم لظهور الإسلام، وإن كان ملوماً بالكفر.

لو كان أحدهما كافراً والآخر مسلماً وكفر الولد الذي لم يبلغ وقد عقل فهل يكونان في الحضانة سواء أو يقدم المسلم لأن الإسلام يعلو، ولأنه لا يقبل منه الكفر بعدم بلوغه فهو في حكم الإسلام والمسلم أخوة.

ويبعد تقدم المسلم للدليل الأول، أما عدم قبول الكفر من الولد لأن عمر الصبي خطأ فمحل تأمل، خصوصاً ويقبل منه الإسلام بلا إشكال، ولذا كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقبل إسلام الصبيان، واحتمال الفرق بأن الإسلام أشرف،ولذا يقبل دون الكفر محل نظر[2].

استرضاع الذمية عند الاضطرار وبشروط:

هناك رأي لبعض الفقهاء بأن استرضاع الذمية يتم عند الاضطرار وهو رأي صاحب الجواهر حيث يقول: ينبغي مع الاضطرار أن نسترضع الذمية ونمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، وربما كان ظاهر النص والفتوى الوجوب تعبداً أو شرطاً في جواز الاسترضاع، فليستأجرها مشترطاً عليها ذلك إن لم تكن أمة له كي يتوجه له المنع، بل في كشف اللثام اهتمام جوازه مطلقاً من باب النهي عن المنكر، وإن كان فيه أنه خارج عما نحن فيه، ويكره أن يسلّم إليها الولد لتحمل إلى منزلها، وتتأكد الكراهة في ارتضاع المجوسية[3].

لا حضانة للكافر:

وهو أمر مسلم به، يقول صاحب الجواهر: «لا خلاف في اشتراط استحقاق الحضانة بما (إذا كانت مسلمة) فلا حضانة لكافرة مع الأب المسلم، نعم لو كان الولد كافراً تبعاً لأبويه فحضانته لها إلى أن يفطم بأن ترافعوا إلينا، بل في المسالك :أنه لو وصف الإسلام نزع من أهله، وإن كان قد يناقش فيه، ولو كان الأب كافراً كانت المسلمة (أحق وإن تزوجت) بل لعله لا خلاف فيه، ولو أسلم الكافر كان حكمه حكم المسلم[4].

ثالثا: المهر:

المهر لغة عرف بالصداق، والصداق بكسر الصاد وفتحها المهر، وهو من باب تعريف اللفظ.

والمهر شرعاً - كما في المسالك - هو مال يجب بوطي غير زنى منهما ولا ملك يمين أو بعقد النكاح أو تفويت يصنع قهراً على بعض الوجوه كإرضاع ورجوع شهود، ثم قال وله أسماء كثيرة منها الصداق بفتح الصاد وكسرها سمي به لإشعاره بصدق رغبة باذله في النكاح، الذي هو الأصل في إيجابه، والصدقة بفتح أوله وضم ثانيه والنحلة والأجر والفريضة، وقد ورد بها القرآن الكريم، قال الله تعالى: "وآتوا النساء نحلة" النساء/4، وقال: "فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن" وقال: "وقد فرضتم لهن فريضة" البقرة/237. والعليقة والعلائق، وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: أدوا العلائق، قيل وما العلائق؟ قال: ما ترضى به الأهلون[5].

ويجب أن يكون المهر الشرعي له اعتبار في الشرع يقول الطوسي في المبسوط: وأما المهر ينتظر فإن كان صحيحاً حكم بصحته مقبوضاً كان أو غير مقبوض وإن كان فاسداً فان كان مقبوضاً لزم واستقر، وإن لم يكن مقبوضاً سقط، وقضى بمهر المثل، وإن كان بعقد مقبوضاً نظر (ت) إلى قدره، فأسقطه من مهر المثل، فإن كان المقبوض نصف المهر سقط نصف مهر المثل، وقضى بنصف مهر المثل، فإذا تقرر هذا نظرت في المهر فإن كان في التقرير عشر أزقاق خمر، وقد قبضت خمساً فكيف الاعتبار، قال قوم اعتبره بالعدد ولا اعتبره كيلاً، وسواء كانت الأزقاق كباراً أو صغاراً وكباراً، لأن الخمر لا قيمة له، ومنهم من قال: اعتبره بالكيل، وإن كان الصداق كلاباً أو خنازير وكان عشرة، وقد قبضت البعض ففي كيفية الاعتبار قيل فيه ثلاثة أوجه:

أحدها بالعدد والثاني بالصغر والكبر، فيجعل كل ليتر بصغيرين، وقال قوم يعتبر بالقسم والذي يقتضيه مذهبنا أن ذلك أجمع يعتبر بالقيمة عند مستحيلة[6].

أما حول استحقاق الكتابية للمهر فيقول الطوسي: ولزوجها عليها حق تستحق عليه المهر[7]، ومع صحة النكاح يكون المهر متعيناً على الزوج، فهو يسقط عند بطلان النكاح وذلك حين الارتداد أو تغيير الدين.

رابعا: القسم:

القسم في اللغة بفتح القاف مصدر قسمت الشيء أقسمه وبالكسر الحظ والنصيب، وفي الاصطلاح عبارة عن قسم الليالي بين الزوجات، ويمكن اعتباره بكلا معنييه في اللغوي، لأن القسم جامعه واحد فإن القسمة تسبب الحظ والنصيب، إلا أن هناك معنيين كما ذكرنا ذلك مكرراً فيما يقال من المعاني المرتبطة بالنسبة إلى المادة الواحدة.

على أي حال، فلا خلاف بين الأصحاب في وجوب القسمة بين الزوجات في الجملة، وإنما الخلاف أنه هل تجب على الزوج القسمة ابتداءً بمجرد العقد والتمكين كالنفقة، أو لا تجب عليه حتى يبتدء بها؟[8].

وهناك أربعة آراء في قسم الكتابية (غير المسلمة):

الرأي الأول لها ثلث ما للمسلمة، وهو منطوق الروايات التي وردت عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): هل للرجل أن يتزوج النصرانية على المسلمة والأمة على الحرة؟ فقال: لا تزوج واحدة منهما على المسلمة وتزوج المسلمة على الأمة والنصرانية، وللمسلمة الثلثان وللأمة والنصرانية الثلث[9]. وبعض المذاهب ذهبت إلى ذلك يقول في منتهى الإرادات: ولزوجة أمة مع حرة، ولو كتابية ليلة من ثلاث[10]. وهناك رأي لبعض فقهاء الشيعة بأن القسمة تقوم على ما قامت عليه التعاليم الدينية للكتابية، يقول السيد الشيرازي: ثم الظاهر أنه يصح للكافرة اشتراط القسم الكامل لها للمؤمنة لإطلاق أدلة الشرط، لكن ذلك فيما إذا كان له زوجتان مثلاً، حيث يجعل ليلة التي له في قسمها أو فيما إذا اشترط على نسائه المؤمنات التقليل من قسمهن، إذ سيأتي إن ذلك جائز نصاً وإجماعاً لمكان بعض النصوص الخاصة في مسالة أن المرأة إذا خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً جاز لها أن تصالحه بترك حقها في قسم مهر ونفقة أو بشيء من مالها، وجاز له القبول، لوحدة الملاك في المقاصي، بالإضافة إلى عموم أدلة الشرط، بضميمة ما تقدم من أن القسم حق وليس بحكم.

ثم لا يبعد أن يكون قسمها نصف المؤمنة فيما كان في دينها القسم مثل ذلك أو أكثر ما إذا كان في دينها القسم الأقل مثل ليلة من كل خمس مثلاً أو لا قسم لم يلتزم الزوج بما تقدمه من المناصفة لقاعدة الإلزام.

ثم يبين لنا السيد الشيرازي الصور الخمسة التي تكون فيها القسمة بين الأزواج:

1- أربع نساء مسلمات، لكل منهن ليلة من الأربع ليالي.

2- ثلاث مسلمات وكافرة فلهن سبع وله واحدة من الثمان ليالي.

3- وأما مسلمتان وكافرتان فلهنّ ست وله اثنتان.

4- أما مسلمة مع ثلاث كافرات فلهن خمس وله ثلاث.

5- كلهن كافرات فلهن أربع من الثمان ليال[11].

وهناك احتمال يذكرها السيد الشيرازي: ثم لو لم يعلم الزوج أنها مسلمة أو كافرة ولم يمكن الفحص حيث أن الفحص في الموضوعات، كما ذكرنا تفصيل ذلك في بعض مباحث الفقه والأصول فاللازم إجراء قاعدة العدل بجعل نصف المحتمل لنفسه ونصفه لها، مثلاً: إذا كانت مع مسلمة أعطى للمسلمة ليلتين، وللمحتملة ليلة ونصفاً لأنه الوسط بين ليلة إذا كانت كافرة، وليلتين إذا كانت مسلمة، والنصف الآخر من الليلة يكون له، إلى غير ذلك من الأمثلة[12].

أما الرأي الثالث فهو أن تكون القسمة متساوية بين المسلمة والذمية وهو رأي بعض فقهاء المذاهب الإسلامية.

يقول الشافعي (ت 204هـ):

وإن نكحها (الكتابية) فلا بأس وهي كالحرة المسلمة في القسم[13].

يقول ابن قدامة من المذهب الحنبلي (ت 620هـ):

ويقسم لزوجته الأمة ليلة وللحرة ليلتين وإن كانت كتابية[14].

وأكد على هذا المعنى في كتابه (الكافي):

والكتابية كالمسلمة في القسم لأنه من حقوق النكاح فاستويا منه ... والسكنى.

وقد جعل النيسابوري (318هـ) هذه المسألة في منزلة الإجماع ... في مصنفه الإجماع برقم 387.

أجمعوا على أن القسم بين المسلمة والذمية سواء15 وفي منتهى الارادات

هناك رأي رابع يرى أن استحقاق الزوجة الكتابية الحرة نصف قد ير جواز نكاحها دواماً[15].

ويعلل العاملي هذا الحكم: إنما تستحق الكتابية القسمة حيث يجوز نكاحها على المشهور وعلل بنقصها بسبب الكفر فلا تساوي المسلمة الحرة.

أما الكتابية الأمة فلها الربع: وللكتابية الأمة ربع القسم لئلا .. فتصير القسمة من ست عشرة ليلة للأمة الكتابية ولها ليلة واحدة ... وأربع كما سلف وللأمة المسلمة ليلتان لو اتفقت[16].

في الخلاصة هناك أربعة آراء في قسمة الكتابية:

1- لها الثلث.

2- لها النصف.

3- لها من القسمة كما ورد في دينها (المعاملة بالمثل).

4- لها ما للمسلمة من القسمة، وهو رأي الأكثرية من المذاهب.



خامسا: النفقة.

النفقة: اسم من الإنفاق، ما ينفق من الدراهم ونحوها، هذا في اللغة وأما في الشرع فالنفقة هي الإدرار على شيء بما فيه بقاؤه، وهذا هو تعريف ابن عابدين.

أما عند الإباضية النفقة: ما به قوام معتاد دون ترف[17].

وفي المجلة ورد لفظ النفقة بهذا التعريف: الدراهم والزاد والذخيرة التي تصرف في الحوائج والتعيش[18]. وحدها في منتهى الإرادات: كفاية من يمونه خبزاً وأدماً وكسوة وسكناً و..[19]

وفي النفقة على الكتابي رأيان:

الرأي الأول: لا نفقة على المسلم على الكافر.

الرأي الثاني: وجوب النفقة على القريب وإن كان فاسقاً أو كافراً.

والرأي الأول هو رأي الحنابلة فهم يشترطون الاتحاد في الدين أثناء النفقة فلو كان أحدهما مسلماً والآخر غير مسلم فلا تجب النفقة[20].

أما الحنفية: لو تزوج ذمية وجبت عليه نفقتها، وكذا إذا كان له والد مسلم وهو ذمي بالعكس فإن نفقة كل منهما تجب للآخر[21].

والشافعية لا يشترطون الإسلام فلو كان الابوان كافرين والولد مسلم أو العكس فإن النفقة تلزمه.

أما بين غيرهم من الأقارب فإن الدين شرط، فلا يتفق الأخ المسلم على غير المسلم، وبالعكس - عند الحنفية -[22].

وقد صرحت المادة (416) من المجلة - على المذهب الحنفي - بذلك لا نفقة مع الاختلاف ديناً إلا للزوجة والأصول والفروع الذميين، فلا تجب على مسلم لأخيه الذمي ولا ذمي لأخيه المسلم، ولا على مسلم أو ذمي لأبويه غير الذميين، ولو كان مستأمنين، ولا على مستأمن لمسلمين أو ذميين[23]. وعند الشافعية الكتابية كالمسلمة في النفقة والقسم والطلاق وعامة أحكام النكاح.

من هنا فإن أكثر المذاهب ترى: لا يشترك الاتحاد في الدين، فالمسلم ينفق على قريبه غير المسلم كما هي الحال في نفقة الزوجة إذا كانت كتابية، والزوج مسلماً[24]، وهذا هو رأي المالكية والشافعية والإمامية الذين أيضاً لا يشترطون اتحاد الدين في النفقة.

يقول شيخ الطائفة الطوسي: ولزوجها عليها حق تستحق عليه المهر والنفقة.

والكلام في أحكام الزوجة الذمية، وفي المسالك: لا إشكال في وجوب النفقة للزوجة مسلمة كانت أم كافرة أم أمة لاشتراك الجميع في المقتضى.

والمقتضى هو الحاجة والتكفل، فالواجب على المسلم أن يتكفل حاجة زوجته من طعام ولباس، ويذهب صاحب المسالك إلى وجوب الإنفاق على القريب أيضاً: يجب الإنفاق على القريب البعضي وإن كان فاسقاً أو كافراً لعموم الأدلة الشاملة له ولقوله تعالى: "وصاحبهما في الدنيا معروفا" ومن المعروف أن الإنفاق عليهما مع حاجتهما، ويساره، والمراد كونهما كافرين، وأولى منه لو كانا فاسقين ولا يقدح كونهما غير وارثين لعدم الملازمة بينهما، وبهذا صرح الأصحاب وأكثر العلماء من غيرهم[25].

ويذهب المعاصرون إلى الرأي الثاني أيضاً:

يقول وهبة الزحيلي: واتفق الفقهاء على أنه لا يشترط اتفاق الدين في وجوب النفقة بل ينفق المسلم على الكافر، والكافر على المسلم. هذا في نفقة الزوجة، وفي نفقة القريب عند الجمهور، والمعتمد عند الحنابلة أنه لا تجب نفقة القريب مع اختلاف الدين لأنها مواساة على البر والصلة[26].

شروط النفقة:

هناك شرط للإنفاق على الزوجة ذكرها الفقهاء، جاء في اللمعة الدمشقية: تجب نفقة الزوجة بالعقد الدائم دون المنقطع سواء في ذلك الحرة والأمة والمسلمة والكافرة بشرط التمكين الكامل وهو أن تخلي بينه وبين نفسها قولاً وفعلاً في كل زمان مكان يسوغ فيه الاستمتاع، فلو بذلت في زمان دون مكان أو كان كذلك يصلحان للاستمتاع لا نفقة لها[27]، ويترتب على النفقة حقوق للزوج على الزوجة بالإضافة إلى تمكينها من نفسها وهذه الحقوق هي: أن تسكن بحيث يسكنها، أما الغسل من الجنابة فهل له إجبارها عليه أم لا؟ قيل فيه قولان: أحدهما ليس له ذلك لأن الاستمتاع بها جائز قبل الغسل وبعده، والثاني له إجبارها لأن النفس تعاف الاستمتاع بمن كانت جنباً والأولى ذلك.

حد النفقة:

والمقصود به الحد الزمني وهو خاص بنفقة الأبناء: فقد ورد في المادة 3951 من المجلة: تجب النفقة بأنواعها الثلاثة على الأب الحر ولو ذمياً لولده الصغير الحر الفقير سواء كان ذكراً أو أنثى إلى أن يبلغ الذكر حد الكسب ويقدر عليه وتتزوج الأنثى[28].

من هنا فإن النفقة على الولد الذمي لا يختلف عن الولد المسلم فهي تجب على الأب حتى يبلغ حد الكسب، إذا كان ذكراً وإلى أن تتزوج إذا كانت أنثى.

سادسا الإحداد:

والإحداد: صفة في العدة وهو أن تتجنب المعتدة كل ما يدعو إلى أن تشتهي وتميل النفس لها مثل الطيب ولبس المطيب والتزيين بخضاب وغيره، فإذا تجنبت ذلك فقد حدّت يقال حدذت بحد حداداً، وأحدّت إحداداً.

فهل يجب على الكتابية الحداد لزوجها المسلم إذا مات؟.

رأي الإمامية:

يقول الطوسي: فالحرة المسلمة عليها الحداد، وأما الكافرة إذا مات عنها زوجها كان عليها العدة والإحداد معاً، سواء كانت تحت مسلم أو كافر، وقال بعضهم إن كانت تحت مسلم فعليها العدة والإحداد وإن كانت تحت كافر فلا عدة عليها ولا إحداد[29].

ما لا يسمح في الإحداد:

ذكر الفقهاء تفاصيل الأحداد على المتوفى وهي ترك الزينة والطيب كالزعفران ولبس الحلي ولو خاتماً ولبس الملون من الثياب كالحمر والأصفر والأخضر والتحسين بالحناء والإسفيد والاكتحال بالأسود والإدهان بالطيب وتحمير الوجه وحفه لها لبس الأبيض ولو حريراً وتجب عدة الوفاة في المنزل الذي مات فيه زوجها ما لم يتعذر وتنقضي العدة بمضي الزمان[30].

رأي مالك في الإحداد:

جاء في المدونة لمالك بن أنس: قلت فهل على النصرانية إحداد في الوفاة إذا كانت تحت مسلم في قول مالك قال نعم عليها الإحداد وكذلك قال لي مالك وقال ابن نافع عن مالك لا إحداد عليها قلت ولم جعل مالك عليها الإحداد وهي مشركة فقال: قال مالك إنما رأيت عليها الإحداد لأنها من أزواج المسلمين فقد وجبت عليها العدة[31].

رأي الشافعية

ورد في روضة الطالبين: الذمية والصبية والمجنونة والرقيقة كغيرهن في الإحداد[32].



المبحث الثالث


ما يسمح وما لا يسمح



1- الإرث:

وهل يرث الكتابي المسلم أم لا؟.

قبل البحث في الموضع نورد ما ورد من الروايات والأحاديث:

1- بإسناده عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: لا يرث اليهودي والنصراني المسلمين ويرث المسلمون اليهود والنصارى، ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد نحوه[33].

- وفي المقنع قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في الرجل النصراني تكون عنده المرأة النصرانية فتسلم أو يسلم ثم يموت أحدهما قال ليس بينها ميراث[34].

2- وبإسناده عن علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن عبد الله بن زرارة عن القاسم بن عروة عن أبي العباس قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا يتوارث أهل ملتين يرث هذا هذا ويرث هذا هذا إلا أن المسلم يرث الكافر والكافر لا يرث المسلم[35].

مما تقدم من الروايات والأحاديث يتبين لنا أن المسلم يرث الكتابي والكافر أما الكافر والكتابي لا يرث المسلم وهذا ما ذهب إليه الفقهاء.

فقد بحث الفقهاء هذه المسالة في موانع الإرث، قائلين بالإرث بشرط ألا يكون كافراً[36] كما ذهب إلى ذلك محمد بن أبي بكر الدمشقي (691هـ) واستند محمد بن محمد (879هـ) إلى القرآن الكريم في الاستدلال على رأيه: منطلقاً من حكم الولاية كولاية الأب على الابن كأساس في الإرث قائلاً:

لأنها - أي الولاية - شرط لسببية الإرث كما يشير إليه قوله تعالى إخباراً عن زكريا (عليه السلام): "فهب لي من لدنك ولياً يرثني" والكافر ليس له أهليتها على المسلم[37].

رأي الحنفية:

أوردت المجلة في المادة (125) رأي الحنفية في التوارث بين المسلم والكتابية قائلة: اختلاف الدين من موانع الميراث، فلا يرث المسلم زوجته الكتابية إذا ماتت قبل أن تسلم، وهي لا ترثه إذا مات وهي على دينها[38].

رأي المالكية:

ذكر أحمد الدردير أبو البركات في الشرح الكبير: المانع الرابع المخالفة في الدين ولا يرث مخالف في دين كمسلم مع مرتد أو غيره من نصراني أو مجوسي ويهودي مع نصراني فلا توارث بينهما إذ كل أمة مستقلة وسواها كله ملة فيقع التوارث بين مجوسي وعابد وثن أو دهري[39].

رأي الحنبلية:

ذكره تقي الدين الحنبلي في منتهى الإرادات، ويرث الكفار بعضهم بعضاً - ولو أن أحدهما ذميّ والآخر حربي أو مستأمناً والآخر ذمي أو حربي إن اتفقت أديانهم لا يرث مباين في دين (كافر مسلماً، ولا مسلم كافراً) إلا بالولاء وإذا أسلم كافر قبل ميراث فورّثه المسلم، ولو مرتداً بتوبة، أو زوجة مع عدة، لا زوجاً ولا من عتق بعد موت أبيه أو نحوه قبل القسم.

رأي الإمامية:

ذكر الشيعة الإمامية الكفر أحد موانع الإرث، ذكر صاحب اللمعة الدمشقية: والرابع انتفاء موانع الإرث من القتل والكفر والرق عنهم.

وكرر اليزدي هذا الحكم في العروة الوثقى فذكر الممنوعين من الإرث بالقتل أو الرق أو الكفر[40].

الهوامش


[1] اللمعة الدمشقية 5/166.

[2] الفقه: النكاح 68/155-156.

[3] جواهر الكلام: 29/307-308.

[4] جواهر الكلام: 31/286-287.

[5] ابن الأثير: النهايرة 3/289.

[6] المبسوط: 4/241.

[7] المبسوط: 4/209.

[8] الشيرازي، محمد: الفقه 67/240-241.

[9] الوسائل: 14/419 ح3 وأيضاً الكافي: 5/359 ح5.

[10] منتهى الإرادات: 2/230.

[11] الشيرازي: الفقه (مرجع سابق) 67/281.

[12] الفقه: 67/293 مرجع سابق.

[13] الأم: 5/157.

[14] المغني: 7/235.

[15] اللمعة الدمشقية: 5/414.

[16] اللمعة الدمشقية: 5/14.

[17] منتهى الإرادات: 2/....

[18] المجلة: المادة رقم 1054.

[19] منتهى الإرادات: 2/367.

[20] مغنية، محمد جواد: الأحوال الشخصية ص118.

[21] الفقه على المذاهب الأربعة: 4/91.

[22] مغنية: الأحوال الشخصية ص118.

[23] الأحوال الشخصية: المادة 416.

[24] الأحوال الشخصية: ص118.

[25] المسالك: 8/486.

[26] الزحيلي: الزواج والطلاق ص277.

[27] اللمعة الدمشقية: 5/465.

[28] المجلة المادة 395.

[29] المصدر نفسه: 4/236.

[30] الحنبلي، مرعي بن يوسف: دليل الطالب 1/277.

[31] مالك بن أنس: 5/430.

[32] روضة الطالبين: 8/405.

[33] وسائل الشيعة: 26/13 ح32379.

[34] المصدر نفسه: 26/14 ح32384.

[35] المصدر نفسه: 26/15 ح32387.

[36] محمد بن أبي بكر: أعلام الموقعين 4/194.

[37] التقرير والتحرير: 2/220.

[38] الأحكام الشرعية في الأحوال المدنية: مادة رقم (725).

[39] الشرح الكبير: 4/487.

[40] العروة الوثقى: 1/757.




http://www.ahlulbaitonline.com/Public/bohoth/001/03.htm

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى