الكلمة .. ابداع والتزام
إدارة منتدى (الكلمة..إبداع وإلتزام) ترحّب دوماً بأعضائها الأعزاء وكذلك بضيوفها الكرام وتدعوهم لقضاء أوقات مفيدة وممتعة في منتداهم الإبداعي هذا مع أخوة وأخوات لهم مبدعين من كافة بلداننا العربية الحبيبة وكوردستان العراق العزيزة ، فحللتم أهلاً ووطئتم سهلاً. ومكانكم بالقلب.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الكلمة .. ابداع والتزام
إدارة منتدى (الكلمة..إبداع وإلتزام) ترحّب دوماً بأعضائها الأعزاء وكذلك بضيوفها الكرام وتدعوهم لقضاء أوقات مفيدة وممتعة في منتداهم الإبداعي هذا مع أخوة وأخوات لهم مبدعين من كافة بلداننا العربية الحبيبة وكوردستان العراق العزيزة ، فحللتم أهلاً ووطئتم سهلاً. ومكانكم بالقلب.
الكلمة .. ابداع والتزام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكلمة .. ابداع والتزام

منتدى للابداع .. ثقافي .. يعنى بشؤون الأدب والشعر والرسم والمسرح والنقد وكل ابداع حر ملتزم ، بلا انغلاق او اسفاف

منتدى الكلمة .. إبداع وإلتزام يرحب بالأعضاء الجدد والزوار الكرام . إدارة المنتدى ترحب كثيراً بكل أعضائها المبدعين والمبدعات ومن كافة بلادنا العربية الحبيبة ومن كوردستان العراق الغالية وتؤكد الإدارة بأن هذا المنتدى هو ملك لأعضائها الكرام وحتى لزوارها الأعزاء وغايتنا هي منح كامل الحرية في النشر والاطلاع وكل ما يزيدنا علماً وثقافة وبنفس الوقت تؤكد الإدارة انه لا يمكن لأحد ان يتدخل في حرية الأعضاء الكرام في نشر إبداعاتهم ما دام القانون محترم ، فيا هلا ومرحبا بكل أعضاءنا الرائعين ومن كل مكان كانوا في بلداننا الحبيبة جمعاء
اخواني واخواتي الاعزاء .. اهلا وسهلا بكم في منتداكم الابداعي (الكلمة .. إبداع وإلتزام) .. نرجوا منكم الانتباه الى أمر هام بخصوص أختيار (كلمة المرور) الخاصة بكم ، وهو وجوب أختيار (كلمة المرور) الخاصة بكم كتابتها باللغة الانكليزية وليس اللغة العربية أي بمعنى ادق استخدم (الاحرف اللاتينية) وليس (الاحرف العربية) لان هذا المنتدى لا يقبل الاحرف العربية في (كلمة المرور) وهذا يفسّر عدم دخول العديد لأعضاء الجدد بالرغم من استكمال كافة متطلبات التسجيل لذا اقتضى التنويه مع التحية للجميع ووقتا ممتعا في منتداكم الابداعي (الكلمة .. إبداع وإلتزام) .
إلى جميع زوارنا الكرام .. أن التسجيل مفتوح في منتدانا ويمكن التسجيل بسهولة عن طريق الضغط على العبارة (التسجيل) أو (Sign Up ) وملء المعلومات المطلوبة وبعد ذلك تنشيط حسابكم عن طريق الرسالة المرسلة من المنتدى لبريدكم الالكتروني مع تحياتنا لكم
تنبيه هام لجميع الاعضاء والزوار الكرام : تردنا بعض الأسئلة عن عناوين وارقام هواتف لزملاء محامين ومحاميات ، وحيث اننا جهة ليست مخولة بهذا الامر وان الجهة التي من المفروض مراجعتها بهذا الخصوص هي نقابة المحامين العراقيين او موقعها الالكتروني الموجود على الانترنت ، لذا نأسف عن اجابة أي طلب من أي عضو كريم او زائر كريم راجين تفهم ذلك مع وافر الشكر والتقدير (إدارة المنتدى)
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

مواضيع مماثلة
المواضيع الأخيرة
» شقق مفروشة للايجار بأفضل المستويات والاسعار بالقاهرة + الصور 00201227389733
حكم زواج المسلم بالكتابية Emptyالأربعاء 05 فبراير 2020, 3:45 am من طرف doniamarika

» تفسير الأحلام : رؤية الثعبان ، الأفعى ، الحيَّة ، في الحلم
حكم زواج المسلم بالكتابية Emptyالأحد 15 ديسمبر 2019, 3:05 pm من طرف مصطفى أبوعبد الرحمن

»  شقق مفروشة للايجار بأفضل المستويات والاسعار بالقاهرة + الصور 00201227389733
حكم زواج المسلم بالكتابية Emptyالخميس 21 نوفمبر 2019, 4:27 am من طرف doniamarika

»  شقق مفروشة للايجار بأفضل المستويات والاسعار بالقاهرة + الصور 00201227389733
حكم زواج المسلم بالكتابية Emptyالسبت 13 أكتوبر 2018, 4:19 am من طرف doniamarika

» شقق مفروشة للايجار بأفضل المستويات والاسعار بالقاهرة + الصور 00201227389733
حكم زواج المسلم بالكتابية Emptyالسبت 13 أكتوبر 2018, 4:17 am من طرف doniamarika

» تصميم تطبيقات الجوال
حكم زواج المسلم بالكتابية Emptyالخميس 07 يونيو 2018, 5:56 am من طرف 2Grand_net

» تصميم تطبيقات الجوال
حكم زواج المسلم بالكتابية Emptyالخميس 07 يونيو 2018, 5:54 am من طرف 2Grand_net

» تحميل الاندرويد
حكم زواج المسلم بالكتابية Emptyالثلاثاء 05 يونيو 2018, 3:35 am من طرف 2Grand_net

» تحميل تطبيقات اندرويد مجانا
حكم زواج المسلم بالكتابية Emptyالثلاثاء 22 مايو 2018, 2:42 am من طرف 2Grand_net

التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
pubarab
نوفمبر 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
    123
45678910
11121314151617
18192021222324
252627282930 

اليومية اليومية

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم

المواضيع الأكثر نشاطاً
تفسير الأحلام : رؤية الثعبان ، الأفعى ، الحيَّة ، في الحلم
مضيفكم (مضيف منتدى"الكلمة..إبداع وإلتزام") يعود إليكم ، ضيف شهر نوفمبر/ تشرين الثاني ، مبدعنا ومشرفنا المتألق العزيز الاستاذ خالد العراقي من محافظة الأنبار البطلة التي قاومت الأحتلال والأرهاب معاً
حدث في مثل هذا اليوم من التأريخ
الصحفي منتظر الزيدي وحادثة رمي الحذاء على بوش وتفاصيل محاكمته
سجل دخولك لمنتدى الكلمة ابداع والتزام بالصلاة على محمد وعلى ال محمد
أختر عضو في المنتدى ووجه سؤالك ، ومن لا يجيب على السؤال خلال مدة عشرة أيام طبعا سينال لقب (اسوأ عضو للمنتدى بجدارة في تلك الفترة) ، لنبدأ على بركة الله تعالى (لتكن الاسئلة خفيفة وموجزة وتختلف عن أسئلة مضيف المنتدى)
لمناسبة مرور عام على تأسيس منتدانا (منتدى "الكلمة..إبداع وإلتزام") كل عام وانتم بألف خير
برنامج (للذين أحسنوا الحسنى) للشيخ الدكتور أحمد الكبيسي ( لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26) يونس) بثت الحلقات في شهر رمضان 1428هـ
صور حصرية للمنتدى لأنتخابات نقابة المحامين العراقيين التي جرت يوم 8/4/2010
صور نادرة وحصرية للمنتدى : صور أنتخابات نقابة المحامين العراقيين التي جرت يوم 16/11/2006

المواضيع الأكثر شعبية
تفسير الأحلام : رؤية الثعبان ، الأفعى ، الحيَّة ، في الحلم
للمواطنين : كيفية استحصال بطاقة سكن جديدة او استبدال القديمة بجديدة في بغداد وما هي المستمسكات المطلوبة لذلك
من القائل : (ضِدّانِ لمّا اسْتَجْمَعا حَسُنــا .... والضدّ يُظْهِرُ حُسْنَـه الضِـــدُّ)
الكفالة في القانون المدني العراقي المرقم 40 لسنة 1951 المعدل النافذ مع قرارات محاكم التمييز المتعلقة بأحكام الكفالة في القانون المدني
فيلم (لوليتا) Lolita انتاج 1997 (المأخوذ عن الرواية الشهيرة التي حملت نفس الأسم)
لوحة وفنان - نبـــذة : لوحة الجيوكندا أو الموناليزا - للفنان ليوناردو دافنشي
ايات قرانية للشفاء من الأمراض باذن الله تعالى
لوحة وفنان - : لوحة (الصــرخــة)(أو الصــراخ) The Scream للفنان إدوارد مونش
زوجة الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز المسيحية تطالب بتعويض 12 مليون جنيه إسترليني!!؟ شاهد صورتهما معا
من أجمل و أقوى قصائد الفخر في الشعر الجاهلي [ لامية السموأل ]

احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 2029 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو ن از فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 54777 مساهمة في هذا المنتدى في 36583 موضوع

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

حكم زواج المسلم بالكتابية

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

1حكم زواج المسلم بالكتابية Empty حكم زواج المسلم بالكتابية الجمعة 08 يونيو 2012, 10:11 am

وليد محمد الشبيبي

وليد محمد الشبيبي
مؤسس المنتدى ومديره المسؤول

بسم الله الرحمن الرحيم
حكم زواج المسلم بالكتابية
<blockquote>

المقدمة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ
بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مصل له، ومن يضلله
فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) [آل
عمران 107]
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما
رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم
رقيبا) [النساء 1]
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أموالكم ويغفر
لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) [الأحزاب 70، 71]
أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى خلق الحياة الدنيا لعمارة الأرض، وفقا لشريعته
واهتداء بنورها، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وخلق هذا الإنسان فيها
ليقوم بعمارتها ويستغل ما منحه الله من خيراتها، وما أودع الله فيها من كنوز،
وما أكرمه به من بركات السماء، فكانت عمارتها تقتضي وجود هذا الإنسان إلى أن
تقوم الساعة.
ولما كانت مشيئة الله تعالى قد اقتضت أن تكون الأعمار محدودة – بحيث لا يمر
في الغالب مائة عام قبل انقضاء الجيل الذي يعيش فيها – فقد كان حفظ النسل
واستمراره ضرورة من ضرورات الحياة.
وقد أودع الله في الحيوانات كلها دوافع التناسل، باجتماع ذكورها وإناثها،
اجتماعا يثمر التوالد، ولولا ذلك لانقطع النسل الحيواني في فترة قصيرة جدا من
عمر الحياة الدنيا، وإن كان الله قادرا على إيجاد ما شاء من المخلوقات
الحيوانية، ليخلف كلُّ نوع مثيلَه بلا سبب، ولكنه جلت قدرته ربط الأسباب
بالمسببات، وجعل المسبب مترتبا على سببه، والنتائج مترتبة على مقدماتها، وإن
كانت كلها بمشيئته وإرادته.



الفرق بين تناسل الإنسان وسائر الحيوان

وفرق سبحانه في كيفية التوالد بين الإنسان والحيوان، كما فرق بينهما بتكليف
الإنسان القيام بعبادة الله وتطبيق شريعته، لما منحه من آلة صالحة لأن تكونَ
مناطا لذلك التكليف، وهي العقل.
فترك الحيوانات تتوالد بما أودع الله فيها من غريزة – وإن اختلفت أجناسها في
أساليب تلك الكيفية وإشباع تلك الغريزة – فكان لكل جنس طريقته في اتصال ذكره
بأنثاه بحسب ما فطر عليه، دون تغيير، وكان ذلك كافيا في استمرار تناسل جميع
أجناس الحيوانات، وقد يتصارع الذكور على أنثى واحدة، فإذا غلب عليها أحدها،
اتجهت بقية الذكور إلى أنثى غيرها، لا فرق بين أن تكون الأنثى أما أو أختا أو
غيرهما للذكور، فالمطلوب لهما جميعا قضاء شهوة مؤقتة فحسب، أما محافظتها على
أولادها بعد ولادتها، فتلك فطرة أخرى فطرها الله عليها.
وأما الإنسان، فهو بخلاف ذلك، فقد كلفه الله تعالى تكليفات محددة، وقيده
بنظام معين لحياته، يضبطه بشريعة شرعها له، ومن ذلك أسلوب توالده الذي هو
ضرورة لحياته وبقائه، وأفضل لتناسله. [فصل الكاتب ما يتعلق بالضرورات الخمس –
ومنها حفظ النسل – في كتابه:الإسلام وضرورات الحياة، وقد طبع مرتين _ نشر دار
المجتمع في جدة]
والمقصد الشرعي الرئيس من تناسل الإنسان، أن يقوم بعمارة هذا الكون العمارة
الصالحة النافعة، ويحفظها من الفساد، مَن يُسلِم نفسَه ووجهه في جميع تصرفاته
لخالقه، يعبده وحده ولا يشرك به شيئا، ويطبق شريعته ويلتزم بها منهاجا لحياته
كلها، ويُحَكِّم كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في كل شئون حياته،
ويجاهد في سبيله لإعلاء رايته في الأرض، فلا يقر الشرك به في الأرض، ولا
الفسق ينتشر فيها، ماكان قادرا على دفع ذلك وإزالته، وإذا لم يكن قادرا على
ذلك في زمنٍ، عبد الله بما يقدر عليه من ذلك، وأعد العدة لمقارعة الباطل
وأهله في زمن تال.
يعادي من عادى الله ورسوله وعباده المؤمنين ودينه الحق وشريعته السمحة،
ويوالي الله ورسوله وعباده المؤمنين وشريعته الغراء، فتكون بذلك الأمة
الإسلامية التي ترضي ربها بامتثال أمره واجتناب نهيه، تنفي الخبث من الأرض
وتطرد عناصر الفساد من صفها، من أجل أن تحيى حياة سعيدة في الدنيا، وتنجو من
سخطه وأليم عذابه في العقبى، وتنال من الله الثواب الجزيل في جنة الخلد التي
يحل الله عليها رضوانه فلا يسخط عليها بعده أبدا.
تتعاون في حياتها على البر والتقوى، ويحرص كل فرد فيها على مجالسة عباد الله
الصالحين، والبعد عن رفقاء السوء من الكفار والفاسقين، يتآمرون بالمعروف
ويزينونه، ويتناهون عن المنكر ويقبحونه، مخالفة لغيرهم من أعداء الله الذين
يتآمرون بالمنكر ويتناهون عن المعروف، كما قال تعالى: والمؤمنون والمؤمنات
بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون
الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم [التوبة
71]
وقال تعالى: المنافقون والمنافقات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمنكر وينهون
عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون
[التوبة 67]
وبذلك تحقق هذه الأمة – بأفرادها وأسرها ودولها - الولاء والبراء المشروعين.
يوالي بعضهم بعضا، وإن تباعدت أنسابهم، ويعادون من عادى الله ورسوله وحارب
دينه وعباده المؤمنين، ولو كان أقرب المقربين إليه، كما قال تعالى: لا تجد
قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم
أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح
منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه
أولئك حزب الله الا إن حزب الله هم الغالبون [المجادلة 22]



عناية الإسلام بالأسرة

ولما كانت الأسرة هي نواة الأمة وأساسها، فقد عُنِيَ الإسلام بها عناية
فائقة، تحفظ كيانها، وتجعلها متماسكة متجانسة، قوية الإيمان محكمة البناء،
محاطة بقواعد متينة من أحكام دينه وآدابه، وذلك لا يتأتى إلا بزوجين صالحين،
يختار كل منهما الآخر على أساس من الدين والتقوى والخلق القويم، وبهما تبدأ
الأسرة المسلمة الصالحة التي ترضي ربها، بأداء الحقوق والقيام بالواجبات، ومن
ذلك التنشئة الصالحة على دين الله وطاعته.



الأسرة في أول البعثة النبوية:

عندما نزل القرآن الكريم على رسوله صلى الله عليه وسلم بهذا الدين، كان للناس
الذين بعث فيهم عادات ومعاملات يتعاطونها فيما بينهم، وكان المسلمون مرتبطين
بالمجتمع الجاهلي ارتباطا أسريا واجتماعيا واقتصاديا، وكان من الصعوبة بمكان
أن يطلب منهم فك ذلك الارتباط جملة واحدة.
والله تعالى يعلم ما جبلت عليه النفوس، من حب العوائد والتمسك بها والدفاع
عنها، ويعلم تعالى أن التكليف بالأحكام الشرعية التي لم يألفها الناس، يحتاج
إلى تدرج، وأن السبيل إلى قبولهم ذلك التكليف – سواء كان فعلا لم يألفوه، أو
ترك فعل قد ألفوه – إنما يكون بغرس الإيمان الصادق القوي بالله في قلوبهم،
والإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم وطاعته، والإيمان باليوم الآخر، وبالتدرج
في التشريع، فإذا ما ثبت ذلك في نفوسهم أذعنوا لأمر الله ونهيه وانقادوا،
فأطاعوا الأمر، وتركوا النهي، طمعا في رضا الله تعالى.

ولهذا بدأ الإسلام بهذا الأساس، فنزل القرآن يدعو الناس إلى الإيمان بالغيب
الذي يشمل الإيمان بالله تعالى وعبادته، والإيمان برسوله وطاعته، وعدم طاعة
كل من خالفه، والإيمان بالوحي المنزل من عند الله الذي هو منهج حياة البشر،
والإيمان باليوم الآخر الذي فيه البعث والعرض والجزاء والحساب والثواب
والعقاب، ودخول الجنة أو النار.
واستمر الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو إلى هذا الأساس، وترك كل ما يخالفه
ثلاثة عشر عاما، ولم يكن يدعو إلى أحكام شرعية أخرى إلا القليل منها، مما
يعتبر أصولا عامة للأحكام التفصيلية الكثيرة التي شُرِعت فيما بعد، ومن
الآداب والأخلاق العامة التي اتفقت على حسنها الأمم، كالصدق والأمانة وصلة
الأرحام.
لذلك كان الناس يتعاملون فيما بينهم بما ألفوا واعتادوا من عادات اجتماعية
واقتصادية وغيرها.
ومن ذلك الزواج، فكان المسلم يتزوج الكافرة والمشركة، والكافر يتزوج المسلمة
الطاهرة، وكانوا يشربون الخمر، ويأكلون لحم الميتة، ويتعاملون بالربا،
ويتعاطون الميسر، وبقي كثير من تلك العادات والمعاملات على حالها، حتى هاجر
الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة.
وقد ذكر العلماء أن ذلك من حكمة الله تعالى في إنزاله القرآن منجما على رسوله
صلى الله عليه وسلم، ولم ينزله دفعة واحدة، كما قال تعالى: ((وقرآنا فرقناه
لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا)) [الإسراء (106)]
[يراجع كتاب تاريخ التشريع، للشيخ مناع بن خليل القطان، رحمه الله، من صفحة
52إلى صفحة 57 الطبعة العاشرة]
وقد أشارت عائشة رضي الله عنها إلى هذه الحكمة، فقالت: "إنما نزل أول ما نزل
منه سورة من المفصل، فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام،
نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء: لا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر
أبدا، ولو نزل: لا تزنوا لقالوا: لا ندع الزنا أبدا، لقد نزل بمكة على محمد
صلى الله عليه وسلم، وإني لجارية ألعب: ((بل الساعة موعدهم والساعة أدهى
وأمر)) وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده" [البخاري ، رقم 4707]

وهنا في المدينة النبوية، صار للمسلمين أرض يعيشون عليها أعزة، جمع الله فيها
كتيبتي الإسلام من المهاجرين و الأنصار، فأصبحوا قوة تتولى شئون الدولة
الإسلامية الناشئة، ينفذون أمر الله.
وبدأ القرآن الكريم ينزل على الرسول صلى الله عليه وسلم بالأحكام الشرعية في
تدرج إلى أن أكمل الله دينه الذي ارتضاه لنا.





تحريم زواج المسلم بالكافرة وتحريم زواج الكافر بالمسلمة

ومن تلكم الأحكام التي نزلت، تحريم التناكح بين الملمين والمشركين، فلا يجوز
لمسلم أن ينكح مشركة ابتداء، ولا أن يمسكها في عصمته استدامة، كما لا يجوز
لمسلمة أن تتزوج كافرا كذلك. قال تعالى: ياأيها الذين آمنوا إذا جاءكم
المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا
ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح
عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما
أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم
[الممتحنة: 10]
قال القرطبي رحمه الله: "والمراد بالعصمة هنا النكاح، يقول: من كانت له امرأة
فقد انقطعت عصمتها … وكان الكفار يتزوجون المسلمات، والمسلمون يتزوجون
المشركات، ثم نسخ ذلك في هذه الآية" [الجامع لأحكام القرآن (18/65)] وكان هذا
بعد صلح الحديبية [نفس المرجع (18/61)]
وقال تعالى: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو
أعجبتكم، ولا تُنكِحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو
أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين
آياته للناس لعلهم يتذكرون  [البقرة 221]

وفي هذا التحريم تحقيق لأمرين:
الأمر الأول:
المفاصلة بين عباد الله المؤمنين وأعدائهم الكافرين في تكوين نواة الأمة وهي
الأسرة، لأن النواة الفاسدة تثمر نباتا فاسدا.
الأمر الثاني: تأكيد الولاء بين المسلمين وتقويته في أساس الأمة، وهي الأسرة.
وقد تواترت نصوص الكتاب والسنة والتطبيق العملي الذي سار عليه السلف الصالح،
من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته على هذين الأمرين.
وقد اتفق العلماء على تحريم زواج المسلمين من غير أهل الكتاب – وهن اليهوديات
والنصرانيات – وفي المجوسيات والصابئيات خلاف، وحديث (سنوا بهم [أي المجوس]
سنة أهل الكتاب) ضعفه العلماء، ومع ضعفه حملوه على أخذ الجزية منهم، لا على
نحاح نسائهم. يراجع نصب الراية (3/170)]
قال ابن قدامة رحمه الله: "وسائر الكفار غير أهل الكتاب، كمن عبد ما استحسن
من الأصنام والأحجار والشجر والحيوان، فلا خلاف بين أهل العلم في تحريم
نسائهم وذبائحهم، وذلك لما ذكرنا من الآيتين [يعني آية الممتحنة وآية البقرة
السابقتين] وعدم المعارض لهما.
والمرتدة يحرم نكاحها على أي دين كانت، لأنه لم يثبت لها حكم أهل الدين الذي
انتقلت إليه في إقرارها عليه، ففي حلها أولى. " [المغني (7/121)].
وإذا خرجت الكتابية عن دينها إلى عبادة الأوثان، صار حكمها حكم الوثنية، لا
يجوز نكاحها للمسلم، وإن ادعت أنها من أهل الكتاب، وكذلك إذا ألحدت، فأنكرت
الدين مطلقا، كما هو حال الشيوعيين في هذا العصر.
قال الخرقي رحمه الله: "وإذا تزوج كتابية، فانتقلت إلى دين آخر من الكفر غير
دين أهل الكتاب، أجبرت على الإسلام، فإن لم تسلم حتى انقضت عدتها انفسخ
نكاحها" [نفس المرجع (7/122)]

وإذا لم يجز استدامة نكاحها، فابتداؤه أولى بعدم الجواز.
وينبغي أن يعلم أن المسلمة لا يجوز –ولا يصح- أن ينكحها كافر مطلقا، سواء كان
كتابيا أو غير كتابي، وعلى ذلك إجماع العلماء في قديم الزمان وحديثه، وبهذا
يعلم شناعة ما نقل من فتوى عن بعض من يدعي الاجتهاد في هذا العصر، من جواز
بقاء امرأة مسلمة تزوجت جهلا بنصراني، بدعوى أن الضرورة اقتضت تلك الفتوى !!!
لكن إذا أسلمت الزوجة، وبقي الزوج على دينه، ثم دخل في الإسلام قبل انتهاء
عدتها، فهما على نكاحهما الأول، على الصحيح، وقيل يفسخ نكاحهما بمجرد إسلامه.
[راجع المغني لابن قدامة (7/118)]





حكم الزواج بالكتابية.

أما زواج المسلم بالمرأة الكتابية – وهي اليهودية والنصرانية فقط، على الصحيح
من أقوال العلماء، فالكلام فيه ينحصر في الفصول الثلاثة الآتية:
[وقد رأى بعض العلماء، ومنهم ابن حزم رحمه الله، كما في المحلى (9/445) بأن
حكم المجوسية حكم الكتابية، وهو رأي الإمام الشوكاني رحمه الله، كما في السيل
الجرار (2/252-254). و راجع المغني لابن قدامة رحمه الله (7/130-131)]



الفصل الأول:
حكم
الزواج بالكتابية في دار الإسلام.

تمهيد:
ورد النهي صريحا في نكاح المشركات وعدم حلهن للمسلمين، في آية البقرة: ولا
تنكحوا المشركات حتى يؤمن، وآية الممتحنة ولا تمسكوا بعصم الكوافر وظاهر
النهي العموم في كل كافرة ومشركة.
وورد الإذن بحل طعام أهل الكتاب ونسائهم للمسلمين، على وجه الخصوص في قوله
تعالى: اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل
لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا
آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد
حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين  [المائدة: 5]

وعندما نزلت هذه الآيات الحاظرة أو المبيحة، كانت الأرض تنقسم قسمين:
القسم الأول:
دار الإسلام التي ترتفع فيها راية الإسلام، ويقام بها هذا الدين، وتنفذ فيها
أحكام الشيعة.
القسم الثاني: دار الحرب التي بينها وبين المسلمين حرب لا يوقفها إلا دخول
أهلها في الإسلام، أو خضوعهم لنظامه العام ودفع الجزية، مع بقائهم على دينهم،
فيكونون بذلك أهل ذمة تدخل أرضهم في دار الإسلام.
ولم يكن المسلمون يسكنون في دار الحرب، لأن الله تعالى أمرهم بالهجرة منها
إلى دار الإسلام، ونهاهم عن المقام بين ظهراني المشركين، لا فرق بين أهل مكة
– قبل فتحها – وغيرها، والأصل أن الهجرة من بلاد الحرب إلى دار الإسلام باقية
إلى يوم القيامة.

والمقصود من ذكر هذا التمهيد هنا، أن يعلم أن كلام علماء المسلمين في جواز
نكاح الكتابية أو عدم جوازه، إذا أطلق يراد به نكاحها في دار الإسلام، أما
دار الحرب، فإنهم يصرحون بذكر حكم الزواج فيها، ولم يكن يدخلها من المسلمين
إلا الأسير، أو التاجر، أو الرسول، كما سيأتي الكلام على ذلك.


مذاهب العلم في زواج المسلم بالكتابية في دار الإسلام:

وقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكم زواج المسلم بالكتابية في دار الإسلام:

المذهب الأول: مذهب الجمهور.
ومنهم الأئمة الأربعة: وهو جواز نكاح الكتابية في أرض الإسلام، مع الكراهة.
قال السرخسي رحمه الله: "ولا بأس أن يتزوج المسلم الحرة، من أهل الكتاب لقوله
تعالى: والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب [المائدة 5 المبسوط (4/210)].
[لم أتغرض لحكم الأمة الكتابية، لانقراض ذلك في هذا العصر، بخلاف الحرائر]
وقال علاء الدين الكاساني رحمه الله: "ويجوز أن ينكح الكتابية لقوله عز وجل:
والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم " [بدائع الصنائع (3/1414)].
وقال في تنوير الأبصار: "وصح نكاح كتابية" وقال شارحه في الدر المختار: "وإن
كره تنزيها" [حاشية رد المحتار (3/45)].
وقال في الشرح الصغير على الدردير: "وحرمت الكافرة" أي وطؤها، حرة أو أمة
بنكاح أو ملك" إلا الحرة الكتابية "فيحل نكاحها"بِكُرْهٍ"عند الإمام".
وقال محققه: "وإنما حكم مالك بالكراهة في بلد الإسلام، لأنها تتغذى بالخمر
والخنزير وتغذي ولدها به، وزوجها يقبلها ويضاجعها، وليس له منعها من التغذي
ولو تضرر برائحته، ولا من الذهاب إلى الكنيسة، وقد تموت وهي حامل، فتدفن في
مقبرة الكفار، وهي حفرة من حفر النار " [الشرح الصغير (2/420) بتحقيق الدكتور
كمال وصفي]
وقال النووي رحمه الله: "ويحرم نكاح من لا كتاب لها … وتحل كتابية، لكن تكره
حربية، وكذا ذمية على الصحيح". وقال المحشي: [وكذا] " تكره ذمية على الصحيح"
[لما مر من خوف الفتنة] [المنهاج (3/187) وراجع روضة الطالبين (7/135-137)]
وقال الخرقي رحمه الله: "وحرائر نساء أهل الكتاب وذبائحهم حلال للمسلمين"
وقال ابن قدامة رحمه الله – بعد أن ذكر أقوال العلماء وناقشها: "إذا ثبت هذا
فالأولى أن لا يتزوج كتابية" [المغني (7/129)]

وقد استدل الجمهور لما ذهبوا إليه من الجواز بالكتاب والأثر والمعقول:
أما الكتاب،
فقوله تعالى: والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم كما مضى، ورأوا أن
هذه الآية – وهي آية المائدة – إما مخصصة لعموم قوله تعالى في سورة البقرة
ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن، وإما ناسخة لها، لأن نزول سورة المائدة
متأخر عن نزول سورة البقرة، وإما أن لفظ المشركين لا يتناول أهل الكتاب.
[راجع في هذا المغني لابن قدامة (7/129) والسيل الجرار (2/252)
ومجموع الفتاوى لابن تيمية (22/178) وجامع البيان عن تأويل القرآن لابن جرير
(2/326) والجامع لأحكام القرآن (3/69)]
وأما الأثر فما ورد في نكاح الصحابة الكتابيات من اليهوديات والنصرانيات،
منهم طلحة بن عبيد الله، وحذيفة بن اليمان، وعثمان بن عفان، رضي الله عنهم.
[جامع البيان عن تأويل القرآن (2/332-376) وأحكام القرآن للجصاص (1/332/336)]

وأما المعقول، فإن الكتابية – وقد آمنت -في الجملة- بالله وبعض كتبه واليوم
الآخر - وبعض الرسل – قد تميل إلى الإسلام إذا عرفت حقيقته، فرجاء إسلامها
أقرب من رجاء إسلام الوثنية، كما قال الكاساني: "إلا أنه يجوز نكاح الكتابية
لرجاء إسلامها، لأنها آمنت بكتب الأنبياء والرسل في الجملة، وإنما نقضت
الجملة بالتفصيل، بناء على أنها أخبرت عن الأمر على خلاف حقيقته. فالظاهر
أنها متى نبهت على حقيقة الأمر تنبهت، وتأتي بالإيمان على التفصيل، على حسب
ما كانت أتت به في الجملة، وهذا هو الظاهر من حال التي بُنِيَ أمرها على
الدليل دون الهوى والطبع، والزوج يدعوها إلى الإسلام وينبهها على حقيقة
الأمر، فكان في نكاح المسلم إياها رجاء إسلامها، فيجوز نكاحها لهذه العاقبة
الحميدة، بخلاف المشركة، فإنها في اختيارها الشرك، ما ثبت أمرها على الحجة،
بل على التقليد بوجود الآباء على ذلك …" [بدائع الصنائع (3/1414)]
وقال في حاشية المنهاج للنووي: "وقد يقال باستحباب نكاحها، إذا رجي إسلامها،
وقد روي أن عثمان رضي الله عنه، تزوج نصرانية فأسلمت وحسن إسلامها، وقد ذكر
القفال أن الحكمة في إباحة الكتابية ما يرجى من ميلها إلى دين زوجها، إذ
الغالب على النساء الميل إلى أزواجهن وإيثارهم على الآباء والأمهات، ولهذا
حرمت المسلمة على المشرك " [المنهاج مع الحاشية (3/187)]

المذهب الثاني: تحريم الزواج بالكتابية على المسلم في دار الإسلام.
واشتهر هذا المذهب عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. قال
السرخسي رحمه الله: "ولا بأس أن يتزوج المسلم الحرة من أهل الكتاب، لقوله
تعالى: والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب الآية. وكان ابن عمر لا يُجَوِّز
ذلك، ويقول: الكتابية مشركة". [المبسوط (4/210)]

وقال ابن حزم رحمه الله: "وروينا عن ابن عمر تحريم نساء أهل الكتاب جملة، –
ثم ساق بسنده عن نافع – أن ابن عمر سئل عن نكاح اليهودية والنصرانية؟ فقال:
إن الله تعالى حرم المشركات على المؤمنين، ولا أعلم من الإشراك شيئا أكثر من
أن تقول المرأة: ربها عيسى، وهو عبد من عباد الله عز وجل" [المحلى (9/445)]

ونقل ابن جرير رحمه الله عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ما
يدل على عدم صحة نكاح المسلم الكتابية، فقال: "وقد نكح طلحة بن عبيد الله
يهودية، ونكح حذيفة بن اليمان نصرانية، فغضب عمر غضبا شديدا، حتى هم بأن
يسطوَ عليهما، فقالا: نحن نُطَلِّق يا أمير المؤمنين ولا تغضب، فقال: لئن حل
طلاقهن لقد حل نكاحهن، ولكن أنتزعهن منكم صغرة قماء "! [يعني صغارا وذلة]

ثم رد ابن جرير رحمه الله ما نقل عن عمر من التفريق بين طلحة وحذيفة
وامرأتيهما بالإجماع على خلافه، وذكر أنه قد نقل عن عمر خلاف ذلك بإسناد أصح
[جامع البيان (2/376)]
كما ذكر ابن جرير رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما، يفهم منها أنه يقول
بالتحريم، فقال: "بل أنزلت هذه الآية – يعني آية البقرة – مرادا بها كل
مشركة، من أي أصناف الشرك كانت، غير مخصوص منها مشركة دون مشركة، وثنية كانت
أو مجوسية أو كتابية، ولا نسخ منها شيء. – ثم ذكر بسنده عن ابن عباس – يقول:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء، إلا ما كان من المؤمنات
المهاجرات، وحرم كل ذات دين غير الإسلام، و قال الله تعالى: ومن يكفر
بالإيمان فقد حبط عمله  [نفس المرجع]

ومن الذين حرموا نكاح الكتابية الإمامية، كما نص على ذلك في متن الأزهار،
فذكر من المحرمات في النكاح "المخالفة في الملة" وقد أطال الشوكاني رحمه الله
في الرد عليهم بمخالفة كتاب الله في ذلك. [راجع السيل الجرار المتدفق على
حدائق الأزهار (2/252-254) وستأتي أدلة هذا المذهب ومناقشتها في الحلقة
الآتية]


أدلة القائلين بتحريم زواج المسلم الكتابية:
استدل القائلون بهذا المذهب بأدلة:
الدليل الأول: من القرآن الكريم.
وفيه آيتان صريحتان في النهي عن زواج المسلم المشركات، والكتابيات مشركات،
والنهي عن إمساك المسلمين نساءهم الكوافر، وقد كان هذا مسكوتا عنه في أول
الإسلام.
الآية الأولى: آية البقرة، وهي قوله تعالى: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن
ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى
الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون [البقرة 221]
وجه الدلالة من الآية أن الله تعالى نهى عن نكاح كل امرأة مشركة، وجعل غاية
النهي عن ذلك إيمانهن، والإيمان إذا أطلق في القرآن والسنة هو الإيمان الشرعي
الذي نزل به القرآن والسنة، فكل مشركة داخلة في هذا العموم، والكتابيات
مشركات، بدليل وصف الله تعالى أهل الكتاب بالشرك، كما في قوله تعالى: وقالت
اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم
يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون اتخذوا أحبارهم
ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها
واحدا سبحانه وتعالى عما يشركون [التوبة: 30، 31 وراجع كتاب أضواء البيان
(1/204-205) لشيخنا العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله]

فقد وصف اليهود والنصارى بأنهم يشركون به تعالى. وعلى هذا القول تعتبر آية
البقرة ناسخة لآية المائدة – على عكس ما ذهب إليه أهل المذهب الأول.
وقد ذكر ابن حيان قولا لابن عباس: "أن آية البقرة هذه عامة في الوثنيات
والمجوسيات والكتابيات، وكل من على غير دين الإسلام، ونكاحهن حرام، والآية
محكمة على هذا ناسخة لآية المائدة، و آية المائدة متقدمة في النزول على هذه
الآية في سورة البقرة، وإن كانت متأخرة في التلاوة، ويؤيدها قول ابن عمر في
الموطأ: ولا أعلم شركا أعظم من أن تقول المرأة: ربها عيسى …. " [التفسير
الكبير (2/164) وراجع فتح الباري (9/416-417)]
ومعنى هذا أن سورة المائدة، وإن كانت من أخر سور القرآن نزولا، فلا يمنع ذلك
من أن تكون بعض آياتها متقدمة على بعض آيات سور نزلت قبلها، ومنها سورة
البقرة، إلا أنه يشكل على ذلك عمل عامة الصحابة والتابعين بعدهم بحكم آية
المائدة، إذ لو كانت منسوخة لكان عمل عامة المسلمين على خلافها، وهذا بعيد.

ولهذا قال ابن حيان – بعد ذكره ما تقدم: "ويجوز نكاح الكتابيات، قاله جمهور
الصحابة والتابعين: عمر وعثمان وجابر وطلحة وحذيفة، وعطاء وابن المسيب والحسن
وطاووس وابن جبير والزهري، وبه قال الشافعي، وعامة أهل المدينة والكوفة. قيل
أجمع علماء الأمصار على جواز تزويج الكتابيات، غير أن مالكا وابن حنبل كرها
ذلك مع وجود المسلمات والقدرة على نكاحهن …"

وأجيب عن دعوى نسخ الآية بآية البقرة بأمرين:
الجواب الأول: عدم وجود دليل على تأخر آية البقرة على آية المائدة، ودعوى نسخ
آية البقرة بأية المائدة أولى، لأن سورة المائدة متأخرة عن سورة البقرة
باتفاق بين العلماء [راجع مجموع الفتاوى (32/178) وما بعدها، لابن تيمية رحمه
الله]
وعلى فرض عدم تأخر آية المائدة على آية البقرة، فإن الأولى المصير إلى الأمر
الثاني الآتي.
الأمر الثاني: أن الجمع بين النصين – إذا أمكن - أولى من إعمال أحدهما وإهمال
الأخر، والجمع هنا ممكن، وهو ما ذهب إليه الجمهور من اعتبار آية البقرة عامة
تشمل جميع المشركات، بما فيهن الكتابيات، وآية المائدة خاصة استثنت الكتابيات
من النهي فبقين على الجواز.
الآية الثانية، وهي قوله تعالى: ولا تمسكوا بعصم الكوافر [الممتحنة 10]
لفظها عام يتناول كل كافرة، فلا تحل كافرة بوجه من الوجوه، ولا عبرة بخصوص
سبب نزولها في نساء المسلمين من مشركات مكة، بل العبرة بعموم لفظها.
وأجيب عنها بما أجيب به عن سورة البقرة، بأن الكتابيات مستثنيات بأية
المائدة، ودل على ذلك عمل الصحابة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم،
والتابعين. [راجع الجامع لأحكام القرآن (18/65) للإمام القرطبي رحمه الله]


الدليل الثاني على تحريم الزواج بالكتابية:
ما ورد من الآثارعن بعض الصحابة رضي الله عنهم من النهي عن زواج المسلم
بالكتابيات، كما مضى عن عمر وابنه عبد الله وابن عباس، رضي الله عنهم. فقد
نهى عمر رضي الله عنه طلحة وحذيفة عن إمساك امرأتيهما الكتابيتين، وغضب غضبا
شديدا عليهما بسبب ذلك الزواج، وهم أن يسطو عليهما، وعندما قالا له: نحن نطلق
ولا تغضب، قال لهما: لئن حل طلاقهن لقد حل نكاحهن، ولكن أنتزعهن منكم صغرة
قماء، وهذا يدل على أن نكاح الكتابيات باطل من أصله عند عمر.
ونقل ابن جرير عن ابن عباس ما يدل على تحريم نكاح الكتابيات، كغيرهن من
الوثنيات.
وأما ابن عمر فقد صرح بأنه لا يعلم شركا أعظم من قول النصرانية: ربها عيسى
وهو عبد الله. فهذه الآثار واضحة في دلالتها على التحريم.

وأجاب الجمهور عن هذا الدليل، فقالوا: إن عمر رضي الله عنه، إنما كره زواج
المسلم بالكتابية، ولم يحرمه، وقد صرح بعدم التحريم عندما أمر حذيفة أن يفارق
امرأته اليهودية، فكتب إليه حذيفة: أحرام هي؟ فكتب إليه عمر: لا، ولكن أخاف
أن تواقعوا المومسات منهن. [أحكام القرآن (1/333) للجصاص]
وذكر ابن جرير رحمه الله عن ابن عباس رواية أخرى، تدل على أنه يرى جواز نكاح
المسلم الكتابية، فقد روى بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله ولا
تنكحوا المشركات حتى يؤمن: ثم استثنى أهل الكتاب فقال: والمحصنات من الذين
أوتوا الكتاب حل لكم إذا آتيتموهم أجورهن.
وذكر ابن جرير كذلك عن عمر رضي الله عنه القول بالجواز، فروى بسنده عن زيد
ابن وهب، قال: قال عمر: المسلم يتزوج النصرانية، ولا يتزوج النصراني المسلمة.
ثم قال – ابن جرير: وإنما كره لطلحة وحذيفة - رحمة الله عليهم – نكاح
اليهودية والنصرانية، حذرا من أن يقتدي بهما الناس في ذلك، فيزهدوا في
المسلمات، أو لغير ذلك من المعاني، فأمرهما بتخليتهما.
ثم روى – ابن جرير – بسنده عن شقيق قال: تزوج حذيفة يهودية، فكتب إليه خل
سبيلها، فكتب إليه: أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها؟ فقال: لا أزعم أنها حرام،
ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات منهن. [جامع البيان عن تأويل آي القرآن
(2/376-378)]
فهذه الروايات تدل على أن غاية ما قصده عمر وابن عباس، هي الكراهة، ولم يريدا
التحريم، وبذلك يُجمَع بين الروايات عنهما.

وأما ابن عمر، فقد روي عنه الكراهة، كما روى عنه نافع أن كان لا يرى بأسا
بطعام أهل الكتاب، وكره نكاح نسائهم، ولما سئل عن نكاح اليهودية والنصرانية،
قال: إن الله حرم المشركات على المسلمين قال: فلا أعلم من الشرك شيئا أكبر –
أو قال -: أعظم من أن تقول ربها عيسى وهو عبد ممن عباد الله.
قال الجصاص: رحمه الله – بعد أن ساق الروايتين -: فكرهه في الحديث الأول ولم
يذكر التحريم، وتلا في الحديث الثاني الآية ولم يقطع فيها بشيء، وإنما أخبر
أن مذهب النصارى شرك، ثم ذَكَر عنه رواية أخرى استنبط منها أن ابن عمر رضي
الله عنهما كان متوقفا في الحكم، فروى بسنده عن ميمون بن مهران قال: قلت لابن
عمر: إنا بارض قوم يخالطنا فيها أهل الكتاب، فننكح نساءهم ونأكل طعامهم، قال:
فقرأ عليَّ آية التحليل و آية التحريم. قال: قلت: إني أقرأ ما تقرأ، فننكح
نساءهم ونأكل طعامهم، فأعاد عليَّ آية التحليل وآية التحريم. ثم قال الجصاص:
قال أبو بكر: عُدُولُه بالجواب بالإباحة والحظر إلى تلاوة الآية دليل على أنه
كان واقفا في الحكم، غير قاطع فيه بشيء.
وما ذكره عنه من الكراهة يدل على أنه ليس على وجه التحريم، كما يكره تزويج
نساء أهل الحرب من الكتابيات. [أحكام القرآن (1/332-333)]
تلك هي الآثار التي استدل بها القائلون بالتحريم، وهذه أجوبة من رأى الإباحة.
وبهذا يعلم أنه لم يوجد دليل يقوى على معارضة آية المائدة الدالة على
الإباحة.

تنبيه:
حَمْلُ النحاسِ كلامَ ابنِ عمرَ على الكراهة التنزيهية، أو على التوقف، خلاف
ظاهر كلامه، ولهذا قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وقال أبو عبيد: المسلمون
اليوم على الرخصة، وروي عن عمر أنه كان يأمر بالتنزه عنهن من غير أن يحرمهن،
وزعم ابن المرابط تبعا للنحاس وغيره، أن هذا مراد ابن عمر أيضا، لكنه خلاف
ظاهر السياق، ولكن الذي احتج به ابن عمر يقتضي تخصيص المنع بمن يشرك من أهل
الكتاب، لا من يوحد، وله أن يحمل آية الحل على من لم يبدل دينه منهم " [فتح
الباري (9/416-417)]
هذا وقد يستدل مستدل على تحريم زواج المسلم بالكتابية، بالنصوص الدالة على
وجوب معاداة المسلمين للكفار وعدم موالاتهم، وبخاصة ما ورد في معاداة أهل
الكتاب، كقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء
بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين
 [المائدة: 51]


والموالاة تشمل المحبة والنصرة، والزوج لا بد أن يحب امرأته، وقد يميل إلى
بعض ما تهوى مما لا يقره الإسلام، ولكن الاستدلال بهذا بعيد لأمور:
الأمر الأول: أن الله تعالى الذي نهى المسلمين عن اتخاذ اليهود والنصارى
أولياء، هو الذي أحل نساء أهل الكتاب للمسلمين، وهو يعلم تعالى ما يترتب على
ذلك، والمؤمن مأمور أن يتقي الله ما استطاع.
الأمر الثاني: أن محبة الزوج لامرأته، هي من نوع المحبة الطبيعية التي لا
تدخل في المحبة المنهي عنها، وهي المحبة الدينية أي أن يحبها لدينها وأخلاقها
وعاداتها التي تخالف سريعة الإسلام، فلا يضره أن يحب امرأته المحبة الطبيعية.

وحكم امرأته الكتابية التي أحلها الله له، كحكم أمه وأبيه وأقاربه المشركين،
الذين قال الله تعالى في شأنهم: عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم
منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم
في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب
المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم
وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون  [الممتحنة
7-9] والبر هو الصلة الدنيوية.
الأمر الثالث: أن الأصل في المسلم الذي يتزوج الكتابية، أن يجتهد في دعوتها
إلى الإسلام، لأن من أهم أهداف حلها له، أن يرغبها في الإسلام لتدخل فيه ن
كما قال علاء الدين الكاساني "فكان في نكاحه إياها رجاء إسلامها، فيجوز
نكاحها لهذه العاقبة الحميدة، بخلاف المشركة.. " [بدائع الصنائع (3/1414)
وراجع حاشية منهاج النووي (3/187)]
والخلاصة: أن زواج المسلم بالكتابية التي لم تخرج عن دينها إلى الوثنية أو
الإلحاد، جائز مع الكراهة، إذا تزوجها في دار الإسلام – وهي الذمية –
وبهذا يعلم أن الراجح هو مذهب الجمهور لما مضى من الأدلة.
وسبب القول بالكراهة خشية تأثير الكتابية على زوجها المسلم وأسرته وأولاده،
بمعتقدها أو عاداتها وأخلاقها التي تخالف الإسلام.
والله أعلم.

</blockquote>


التكملة ادناه

2حكم زواج المسلم بالكتابية Empty رد: حكم زواج المسلم بالكتابية الجمعة 08 يونيو 2012, 10:13 am

وليد محمد الشبيبي

وليد محمد الشبيبي
مؤسس المنتدى ومديره المسؤول


الفصل الثاني:
حكم زواج المسلم
بالكتابية في دار الحرب

تمهيد
الآية التي دلت على جواز زواج المسلم بالكتابية، لم تفرق بين أن يتزوجها في
دار الإسلام أو في دار الحرب.
ولكن دار الحرب تختلف عن دار الإسلام، بأن السيطرة في دار الإسلام للمسلمين
الذين هم أهل الحل والعقد، يحكمون بشريعة الله التي أنزلها في كتابه وفي سنة
رسوله صلى الله عليه وسلم، وتظهر فيها شعائر الإسلام، واحتمال ميل الزوجة إلى
دين زوجها المسلم وارد، كما أن احترامها لآداب الإسلام، وعدم مجاهرتها بما
يخالفها أقرب، إرضاءً لزوجها الذي يغيظه مخالفة دينه في الأخلاق وارتكاب
المحرمات، وإن تساهل فيه مراعاة لمعتقدها الذي تزوجها مع علمه به.
وهذا بخلاف دار الحرب التي تكون الهيمنة والسيطرة فيها للكفار الذين هم أهل
الحل والعقد، والحكم فيها إنما يكون بقوانينهم التي تخالف الإسلام، كما أن
الشعائر الظاهرة فيها هي شعائر الكفر، وليست شعائر الإسلام، والأخلاق السائدة
فيها هي أخلاق الكفار.
ولهذا تكون الزوجة الكتابية في بلاد الحرب، أكثر تمسكا بدينها وأخلاقها
وعاداتها، وأقل ميلا إلى دين زوجها وأخلاقه … بل إنه ليخشى على زوجها المسلم
أن يتأثر بمحيط الكفر الذي يعيش فيه، ويخشى أكثر على ذريته من التدين بدين
أمهم التي تربيهم عليه.

ولهذا اختلف العلماء الذين أجازوا زواج المسلم بالكتابية في دار الإسلام، في
زواجه بها في دار الحرب.
فقد ذكر القرطبي رحمه الله: أن ابن عباس رضي الله عنهما سئل عن نكاح أهل
الكتاب إذا كانوا حربا؟ فقال: " لا يحل – وتلا قوله تعالى: وقاتلوا الذين لا
يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر إلى قوله تعالى  وهم صاغرون  " [التوبة 29]
قال المتحدث: حدثت بذلك إبراهيم النخعي فأعجبه – يعني أن إبراهيم يقول
بالتحريم – وكره مالك تزوج الحربيات، لعلة ترك الولد في دار الحرب، ولتصرفها
في الخمر والخنزير. اهـ [ الجامع لأحكام القرآن 3/69 ]
فمذهب ابن عباس رضي الله عنهما وإبراهيم النخعي، تحريم زواج المسلم بالكتابية
في دار الحرب، ويحتمل أن تكون كراهة الإمام مالك رحمه الله لذلك، كراهة
تحريم.
وسبب التحريم أن المسلم مأمور بقتال الكفار المحاربين، وفي زواجه بالحربية في
دار الحرب ركون إلى تلك الدار، وداع إلى سكناه بها وبقائه فيها، وذلك يعود
إلى معنى قتاله مع إخوانه المسلمين بالنقض، بل إن في بقائه في دار الحرب مع
ذريته، تكثير لسواد الكفار المحاربين على المسلمين.
كما أن امرأته الحربية قد تنشئ أولاده وتربيهم على النصرانية وبغض المسلمين،
وغير ذلك من المفاسد المترتبة على زواجه بالحربية في دار الحرب.


أقوال العلماء في حكم زواج المسلم بالكتابية في دار الحرب.

وقد صرحت كتب المذاهب الفقهية بكراهة الزواج بالكتابية في دار الجرب، إلا أن
بعضهم يفسرون الكراهة بكراهة التحريم، وبعضهم يفسرونها بكراهة التنزيه.
قال السرخسي رحمه الله: "بلغنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن سئل عن
مناكحة أهل الحرب من أهل الكتاب؟ فكره ذلك، وبه نأخذ، فنقول: يجوز للمسلم أن
يتزوج كتابية في دار الحرب، ولكنه يكره، لأنه إذا تزوجها ثمة، ربما يختار
المقام فيهم وقال صلى الله عليه وسلم: (أنا بريء من كل مسلم مع مشرك، لا
تراءى ناراهما [رواه أبو داود (3/ 105) ولفظه: (أنا بريء من كل مسلم يقيم بين
أظهر المشركين) قالوا: يا رسول الله لِمَ؟ قال: (لا تراءى ناراهما)] ولأن فيه
تعريضَ ولده للرق، فربما تحبل فتسبى، فيصير ما في بطنها رقيقا، وإن كان
مسلما، وإذا ولدت تخلق الولد بأخلاق الكفار، وفيه بعض الفتنة، فيكره لهذا. "
[المبسوط (5/50) وراجع مجمع الأنهر في شرح مرتقى الأبحر (1/328) وكتاب السير
الكبير (5/1838) للإمام محمد بن حسن الشيباني]
ورجح الفقيه الحنفي محمد أمين المشهور بابن عابدين رحمه الله أن الكراهة هنا
كراهة تحريمية، وليست كراهة تنزيه، فقال: "وفيه أن إطلاقهم الكراهة في
الحربية يفيد أنها تحريمية، والدليل عند المجتهد على أن التعليل يفيد ذلك،
ففي الفتح: ويجوز تزوج الكتابيات، والأولى أن لا يفعل … وتكره الكتابية
الحربية إجماعا، لافتتاح باب الفتنة، من إمكان التعليق المستدعي للمقام معها
في دار الحرب، وتعريض الولد على التخلق بأخلاق أهل الكفر، وعلى الرق، بأن
تسبى وهي حبلى، فيولد رقيقا، وإن كان مسلما اهـ. [حاشية رد المحتار على الدر
المختار (3/45) وصرح الدكتور وهبة الزحيلي في كتابه الفقه الإسلامي وأدلته
(7/145) أن الحنفية يحرمون الزواج بالحربية في دار الحرب]
فقوله: "والأولى ألا يفعل" يفيد كراهة التنزيه في غير الحربية، وما بعده يفيد
كراهة التحريم في الزواج بالحربية في دار الحرب.
وقال في الشرح الصغير – في المذهب المالكي – " وتأكد الكره – أي الكراهة – إن
تزوجها بدار الحرب، لأن لها قوة بها لم تكن بدار الإسلام، فربما ربت ولده على
دينها، ولم تبال باطلاع أبيه على ذلك … [الشرح الصغير (2/420)]
وقال النووي رحمه الله: "وتحل كتابية، ولكن تكره حربية، وكذا ذمية على
الصحيح" وقال في الحاشية: "لكن الحربية أشد كراهة منها" [المنهاج مع حاشيته
(2/187)]
وقال الخرقي رحمه الله: "ولا يتزوج في أرض العدو، إلا أن تغلب عليه الشهوة،
فيتزوج مسلمة ويعزل عنها، ولا يتزوج منهم، ومن اشترى منهم جارية لم يطأها في
الفرج، وهو في أرضهم" وقال ابن قدامة – معلقا على ذلك: " يعني والله أعلم من
دخل أرض العدو بأمان، فأما إن كان في جيش المسلمين فمباح له أن يتزوج، وقد
روي عن سعيد بن أبي هلال أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، زوج أبا
بكر أسماء بنت عميس وهم تحت الرايات. أخرجه سعيد، لأن الكفار لا يَدَ لهم
عليه، فأشبه من في دار الإسلام.
أما الأسير فظاهر كلام أحمد أنه لا يحل له التزوج ما دام أسيرا، لأنه منعه من
وطء امرأته إذا أسرت معه، مع صحة نكاحهما، وهذا قول الزهري، فإنه قال: لا يحل
للأسير أن يتزوج ما دام في أرض المشركين " [المغني (9/292-293)]

وقال ابن القيم رحمه الله: "وإنما الذي نص عليه أحمد، ما رواه ابنه عبد الله،
قال: كره أن يتزوج الرجل في دار الحرب، أو يتسرى، من أجل ولده، وقال في رواية
إسحاق بن إبراهيم: لا يتزوج ولا يتسرى الأسير، ولا يتسرى بمسلمة، إلا أن يخاف
على نفسه، فإذا خاف على نفسه لا يطلب الولد …" [أحكام أهل الذمة (2/420)]
وبهذا يظهر أن مذهب الإمام أحمد، أكثر صراحة في تحريم زواج المسلم بالكتابية
في دار الحرب، بل لا يبيح له وطء أمته المسلمة أو امرأته في دار الحرب إلا
للضرورة، مع توقي إنجاب الولد. ويلي مذهب الإمام أحمد في الصراحة بالتجريم
المذهب الحنفي.



أسباب تحريم العلماء زواج المسلم بالكتابية في دار الحرب.

والذي دعا العلماء إلى القول بتحريم زواج المسلم بالكتابية في دار الحرب أو
كراهته، يتلخص في ثلاثة أمور رئيسة:
الأمر الأول: الخوف على ذرية المسلم المولودين في دار الحرب.
من أن يربوا على غير دين أبيهم، فيكون بذلك قد غرس لأعداء الإسلام غرسا يكثر
به سوادهم، ويخسر بذلك المسلمون الذين هم أولى بتكثير سوادهم، وقد علم أن حفظ
النسل ضرورة من ضرورات الحياة التي يجب حفظها وحمايتها.
والمقصد الأساسي من حفظ النسل البشري في الأرض، أن يكون النسل محققا لعبادة
الله، لأن الله تعالى إنما خلق الخلق لعبادته، كما قال تعالى " وما خلقت
الجن والإنس إلا ليعبدون  [ الذاريات 56 ]
وبعبادة الله تعالى يُعْمَر الكونُ عمارة ترضيه، وتحقق للبشرية السعادة في
الدنيا والآخرة، والمسلم الذي يلقي نطفته في رحم يعلم أو يغلب على ظنه، أن
ذريته المتناسلة من ذلك الرحم سيكونون في عداد الكفار الذين يصدون عن دين
الله، يكون قد أضاع نسله، ولم يحفظه الحفظ الذي يترتب عليه المقصد الأساسي
منه.
ولهذا نص بعض العلماء على أن المسلم لا يتزوج في دار الحرب وإن خاف على نفسه.
وبعضهم أجاز له أن يتزوج بمسلمة ويعزل عنها ز وبعضهم أجاز له التزوج بالحربية
ولا يقصد الولد، ولا يطأ جاريته في فرجها. كل ذلك من أجل الخوف على ولده من
الكفر.
الأمر الثاني: الخوف من اختيار المسلم المقام بين ظهراني الكفار الحربيين،
لما في ذلك من المفاسد:



مفاسد الزواج بالكتابية في دار الحرب

المفسدة
الأولى:
مخالفة الأمر بالهجرة إلى
بلاد الإسلام.
وفي ذلك تعريض المسلم نفسه لعذاب الله وسخطه، وإذلال نفسه لعدوه، كما قال
تعالى: إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا
مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم
جهنم وساءت مصيرا إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون
حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا 

قال القرطبي رحمه الله: "المراد بها جماعة من أهل مكة، كانوا قد أسلموا،
وأظهروا للنبي صلى الله عليه وسلم الإيمان به، فلما هاجر النبي صلى الله عليه
وسلم، أقاموا مع قومهم، وفتن منهم جماعة فافتتنوا، فلما كان أمر بدر خرج منهم
قوم مع الكفار، فنزلت الآية …" [الجامع لأحكام القرآن (5/345)]
فالمسلم الذي يقيم في بلاد الحرب وهو قادر على الهجرة إلى بلاد الإسلام معرض
لسخط الله.

المفسدة الثانية:
تكثير سواد الكافرين، وتقليل سواد المسلمين.
وفي ذلك تقوية للكفار، وإضعاف للمسلمين.

المفسدة الثالثة:
تعريض ذريته للكفر، أو الاسترقاق، ولو كانوا مسلمين، ذلك أن
امرأته قد يأسرها المسلمون وهي حامل، فيكون ولدها رقيقا.

المفسدة الرابعة:
ما قد يتعرض له المسلم من المنكر.
ومن ذلك تعاطي المحرمات التي قد لا يستطيع الإفلات من تعاطيها، ومشاهدة
المنكرات الكثيرة التي تجعله يألفها ولا ينكرها قلبه، بل قد يموت قلبه فيرضى
بها لكثرتها.
المفسدة الخامسة: ما تمارسه امرأته من منكرات.

فقد تمارس أنواعا كثيرة من تلك المنكرات، وقد يميل مع طول الوقت والمعايشة،
إلى كثير من تلك المنكرات المخالفة لدينه، إن سلم من الارتداد عنه.
ومن هنا يبدو رجحان القول بتحريم زواج المسلم بالكتابية في دار الحرب، لأن
زواجه بالكتابية في دار الإسلام مباح مع الكراهة، ومعلوم أن تناول المباح إذا
أدى إلى مفاسد تفوق المصلحة من تناوله، غلب جانب المفسدة الراجحة فيدخل في
الحرام بذلك، ومفاسد نكاح الكتابية في دار الحرب تفوق المصالح المترتبة عليه
كما هو واضح مما تقدم، و الله تعالى أعلم





الفصل الثالث:
حكم زواج المسلم بالكتابية
في دار الكفر اليوم

هذا الموضوع هو أصعب موضوعات هذه الرسالة، وسبب صعوبته أن أحوال بلدان
المسلمين وبلدان الكفر قد تغيرت.
فقد كانت الأرض في العصور الإسلامية السابقة، تنقسم إلى بلاد إسلام يطبق فيها
شرع الله، وأهل الحل والعقد فيها هم المسلمون، وترفع بها راية الإسلام، وتبعث
منها كتائب الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله، وبلادِ كفرٍ أهلُها يحاربون
الإسلام، حربا مباشرة، ولا يخرجها عن كونها بلاد حرب، إلا المعاهدات التي
تعقد بين زعماء المسلمين وزعماء تلك البلدان.
أما الآن فإن كثيرا من بلدان المسلمين التي كل سكانها أو غالبهم مسلمون، قد
تربع على كراسي حكمها من يحاربون الإسلام وتطبيق شريعته، أشد من كثير من
الكفار الحربيين.
ومن أمثلة ذلك بعض الشعوب الإسلامية التي حكمها شيوعيون ملحدون، لا يؤمنون
بالله ولا برسوله ولا باليوم الآخر ولا بالوحي، بل يعدون الإيمان بالغيب الذي
جاءت به الرسل ونزلت به الكتب، خرافة تجب محاربتها والقضاء على من يعتقدها
ويؤمن بها.
وكذلك العلمانيون الذين يرون إقصاء الإسلام عن حياة الناس، ويسندون رأيهم
بالقوة، ويرون أن قوانين البشر أنفع لحياة الناس من أحكام القرآن والسنة،
وقلما تَخْلُو من أحد هذين الصنفين بلادٌ من بلدان المسلمين، وإن كانوا في
بعض الشعوب لا يجرؤن على الظهور بمظهر الدعوة إلى إقصاء الإسلام علنا، لعلمهم
بأن الظروف غير مناسبة لذلك.


فبماذا نحكم على هذه البلدان التي يحكمها أمثال هؤلاء؟
أهي بلاد إسلام، نظرا لأن كل سكانها، أو أغلبهم مسلمون _ وإن كان الحل والعقد
فيها لغير المسلمين – أم هي بلاد كفر، لأن الأحكام التي تنفذ فيها هي أحكام
القوانين التي تعارض نصوص القرآن والسنة التي أجمعت الأمة على وجوب الحكم
بها؟
وتعريف بعض علماء الإسلام لبلاد الإسلام وبلاد الكفر يرجح اعتبارها دار كفر،
وليست دار إسلام، فقد قال علاء الدين الكاساني رحمه الله: "إن دار الكفر تصير
دار إسلام بظهور أحكام الإسلام فيها … وإن دار الإسلام تصير دار كفر بظهور
أحكام الكفر فيها " [ بدائع الصنائع 9/4374.. ]
وقد سألت بعض العلماء المعاصرين عن تعريفهم لدار الكفر ودار الإسلام، فلم
يجبني إلا سماحة رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق في المملكة العربية السعودية
الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله، وهذا نص جوابه: "نفيدكم أن العبرة بمن
كانت له الولاية والحل والعقد والتصرف في البلد، فإن كان ذلك للمسلمين، فهي
دولة إسلامية، وإن وجد بها كفار، وإن كان الحل والعقد والتصرف والولاية
للكفار، فتعتبر الدولة كافرة، وإن كثر فيها المسلمون" [ في خطاب خاص بعث به
إلي برقم (422/1 وتاريخ 7/3/1401هـ ]
يلاحظ أن الشيخ اختار لفظ " الدولة " ولم يختر لفظ " الدار " ولعله لا يريد
أن يسمي الدار دار كفر، لأن بعض بلدان المسلمين يحكمها من لا يؤمن بالإسلام.
ولقد ابتلي المسلمون بهذا الوضع الشاذ في كثير من بلدانهم، ولو طبقنا تعريف
بعض العلماء لبلاد الكفر، لما سلم من هذا الوصف كثير منها، وفي ذلك من
الأخطار ما فيه، إذ يترتب عليه ألا يتزوج المسلم في بلاده التي تلك صفتها
بالمسلمة، فضلا عن الكتابية، خشية من أن يصبح أولاده شيوعيين أو علمانيين
يحاربون الإسلام، وإذا اضطر إلى ذلك لا يقصد الولد.
لهذا لا أريد الخوض في هذا الأمر، وعلى المسلمين أن يتقوا الله ما استطاعوا
في بلدانهم، وأن يصبروا على التمسك بدينهم، وعلى تنشئة أولادهم عليه، حسب
قدرتهم ووسعهم، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
ولندع بلدان المسلمين، وننتقل إلى الكلام عن بلدان الكفر، لنعرف كيف تغيرت
أحوالها هي أيضا، لأنها هي المقصودة في هذا الموضع.





حكم زواج المسلم بالكتابية في بلاد الكفر اليوم.

والكلام فيها يتلخص في ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: صفة بلاد الكفر اليوم.
المسألة الثانية: حالة المسلمين في بلاد الكفر اليوم.
المسألة الثالثة: حكم زواج المسلم بالكتابية في بلاد الكفر اليوم.

المسألة الأولى: صفة بلاد الكفر اليوم.
لقد كانت الخلائق في آخر عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، كما قال ابن القيم
رحمه الله ثلاثة أقسام: "مسلم مؤمن به، ومسالم له آمن، ومحارب" [ زاد المعاد
3/160 ] والمراد بالمسالم له الآمن أهل الذمة.
وأما الأرض فكانت قسمين: أرض الإسلام، وهي التي يدين أهلها بالإسلام، أو
يخضعون لحكمه بأداء الجزية، وأرض الكفر، وهي التي يسيطر عليها الكفار
المحاربون.
وهكذا استمرت الأرض في عهد أصحابه، رضي الله عنهم، إما بلاد إسلام وإما بلاد
حرب، والبلدان التي كانت تعقد هدنة مؤقتة مع المسلمين، هي بلاد حرب مالم يؤد
أهلها الجزية ويخضعوا لحكم الإسلام.

أما الآن فإن بلدان الكفار إذا تأملت واقعها، وجدتها تنقسم قسمين:
القسم الأول: بلدان يعلن أهلها الالتزام بالسلم ونبذ الحرب، مع الشعوب
الإسلامية وغيرها، وهي في الحقيقة ذات صفتين:
صفة تبدو بها أنها ليست بلاد حرب، وهي صفة المعاهدات والاتفاقات الدولية،
التي يترتب عليها تبادل السفراء، والمعاملات التجارية والاقتصادية والصناعية
والثقافية، وغيرها من المنافع، فهي بهذه الصفة شبيهة ببلاد العهد في العصور
الإسلامية السابقة، إلا أن العهد في هذا العصر يتخذ صفة الدوام، وليس على أسس
إسلامية، كما كان في السابق، وغالب المعاهدات والاتفاقات تكون المصالح
الراجحة فيها لأهل الكفر وليست لأهل الإسلام، لأن أهل الكفر - وبخاصة البلدان
الغربية - عندهم من القوة ما يجعلهم يسيطرون على من سواهم.
ومن الأمثلة على ذلك: أمريكا وبعض دول أوربا وغيرها …
وصفة تبدو بها دار حرب، وذلك من ثلاثة جوانب:
الجانب الأول: أنها تساعد الدول المحاربة للمسلمين بالمال والسلاح والغذاء
والخبراء والإعلام، وكل ما تحتاج إليه الدولة المحاربة، كما تفعل أمريكا مع
اليهود ضد المسلمين في فلسطين والدول العربية المجاورة، وكما تفعل مع
الفليبين ضد المسلمين في الجنوب …
الجانب الثاني: أن أساطيلها البحرية وأسراب طائراتها الجوية، وجحافل جيوشها
البرية، تجوب البلدان الإسلامية وغير الإسلامية، وهي على استعداد في أي وقت
لمهاجمة أي دولة من دول الشعوب الإسلامية، إذا خرجت على مخططاتها الظالمة،
كما فعلت أمريكا نفسها مع السودان، عندما هاجمت مصنع الشفاء، وكما فعلت في
أفغانستان في نفس الفترة، وقد زاد عدوانها على العالم، وبخاصة المسلمين، بعد
حادث مبنى التجارة العالمي في نيويورك يوم 11 سبتمبر 2001م
الجانب الثالث: أنها تسعى لإيجاد أحزاب تواليها وتؤيدها في داخل الشعوب
الإسلامية، لمحاربة الإسلام والمسلمين، وتقوم بإمداد تلك الأحزاب بالمال
والعتاد والخبراء، وبالوسائل الإعلامية، وتدفع تلك الأحزاب للقيام بانقلابات
في داخل الشعوب الإسلامية، إذا لزم الأمر، من أجل القضاء على الحركات
الإسلامية، كما حاولت ذلك – ولا زالت تحاول – في السودان - حيث دعمت الدول
المجاورة، بالمال والسلاح، ودعمت الأحزاب السودانية الشمالية الموجودة في
خارج السودان، لفتح جبهات قتالية، كما دعمت الحركات النصرانية والوثنية في
جنوب السودان، لنفس الغرض.
وهذه الجوانب الثلاثة كافية لعد تلك الدول الكافرة دول حرب، وبلدانها بلدان
حرب.
وقد اعتبر الرسول صلى الله عليه وسلم قريشا – في مدة الهدنة بينه وبينهم –
حربا على المسلمين، بسبب إعانتهم بني بكر الذين دخلوا في عهدهم بالسلاح، على
خزاعة الذين دخلوا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. [راجع في ذلك تفسير
الإمام البغوي 2/266]
وإذا كانت الشعوب الإسلامية غير قادرة في الوقت الحاضر ـ بسبب ما هي فيه من
ضعف وتفرق، وبسبب المعاهدات والاتفاقات الدولية التي لا طاقة لهم بمخالفتها ـ
أن تعامل تلك الدول المعتدية عليها معاملة الحربيين بكثير من الأحكام
الشرعية، كدعوتها لأحد أمرين: الدخول في الإسلام، أو أداء الجزية، فإن أبوا
فإعلان الجهاد في سبيل الله، كما كان ذلك في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم،
ومضى عليه السلف الصالح، عندما كانوا متمسكين بالإسلام، فيجب أن يعد المسلمون
العدة المعنوية، وهي تقوية إيمانهم، والتقرب الصادق والإخلاص الكامل لله عز
وجل، والعدة المادية، من اقتناء العتاد وصنعه، وتدريب الشعوب الإسلامية ليوم
اللقاء المرتقب.
القسم الثاني: دار إسلام من حيث الأصل، ولكها أصبحت دار حرب، بسبب استيلاء
أعداء الإسلام من اليهود عليها، وهي أرض فلسطين التي انتزعها اليهود بمناصرة
النصارى في البلدان الغربية، وعلى رأسها بريطانيا والولايات المتحدة
الأمريكية، فهي من حيث هذا الاستيلاء دار حرب.
والأصل أنه لا فرق في الحكم بين دار الحرب في الماضي، ودار الحرب في هذا
الزمان، من حيث عدم جواز زواج المسلم بالكتابية فيها، لما مضى من الأدلة
القاضية بذلك.
أما زواج المسلم بالمسلمة في هذا البلد، فلا يمكن تطبيق حكم دار الحرب عليه،
فلا يمنع المسلم من الزواج بالمسلمة، بحجة تعريض الولد للكفر وأخلاق الكفار،
أو تكثير سواد الحربيين، لأن الزواج وقصد الأولاد والإكثار من النسل، هو في
مصلحة المسلمين الذين يجب عليهم أن يتخذوا كل الأسباب التي تحرر الأرض
المباركة وقبلة المسلمين الأولى، من أيدي العدو اليهودي المغتصب، وكثرة النسل
يعين المسلمين على كثرة المجاهدين، والإعداد لطرد اليهود منها، ولا يجوز
للمسلمين الهجرة هن بلادهم، بحجة أنها دار حرب، لأنالمحارب معتد طارئ الوجود
في البلد، ولأن في هجرة المسلمين من بلادهم، يتيح لأعداء الإسلام الاستئثار
بها، وخسارة المسلمين لأرضهم.
والواجب على المسلمين المجاورين لأرض فلسطين، أن ينصروا المجاهدين
الفلسطينيين، حتى تتحرر أرضهم، وإذا لم يكف هؤلاء وهؤلاء، وجب على من يليهم
في البلدان الإسلامية أن ينضموا إليهم، حتى لو لم يكف لجهاد لأعداء الله من
اليهود إلا جميع المسلمين، لوجب عليهم عينا القيام بذلك، وإلا كان كل قادر
منهم على الاشتراك هذا الجهاد آثما إذا لم يقم به.



حالة المسلمين المقيمين في بلاد الكفر اليوم

إن أغلب المسلمين الذين ينتقلون من بلادهم إلى بلاد الكفر، ويسكنون فيها،
إنما يفعلوا ذلك لنيل مصالح خاصة، وهي: طلب الرزق بالحصول على أجور معينة على
الأعمال التي تتاح لهم، أو تجارة لطلب الربح، وبعضهم يهاجرون إليها لطلب علم
معين، ومنهم من يهاجر إليها هربا من الظلم الذي يصبه عليهم حكامهم، وقليل جدا
من يبقى في بلاد الكفار من أجل الدعوة إلى الإسلام
[تنبيه: هذا كان في الفترة التي كتبت فيها هذا البحث، أما اليوم فقد كثرت
المراكز الإسلامية والمساجد والمدارس، بل بدأ المسلمون ينشئون جامعات في
بلدان الغرب، وقد يفرغ بعض الدعاة والعلماء للقيام بتعليم المسلمين ودعوة
غيرهم إلى الإسلام].
هذا من حيث مقاصد المسلمين المقيمين في بلاد الكفر.

أما حالتهم في تلك البلدان، فإن المصالح التي تعود إلى الكفار منهم أعظم من
المصالح التي تعود على المسلمين، فغالب المسلمين هم من ذوي الأعمال البدنية
ذات الجهود الشاقة، والأجور الزهيدة، وثمار أعمالهم عائدة إلى الكفار، الذين
يعدون العدة للإضرار بالمسلمين عند الحاجة، فالمسلمون العاملون في البلدان
غير الإسلامية، يساعدون أهل تلك البلدان بطريق مباشر أو غير مباشر – بغير قصد
في الغالب - ضد المسلمين في بلدانهم.
وكذلك المتخصصون المهرة في أي علم من العلوم الكونية والإنسانية، كالطب
والفلك، والكيمياء، والفيزياء، والاقتصاد، والقانون، والسياسة، والعلوم
العسكرية … كل جهود هؤلاء تعود ثمارها بالفائدة على بلاد الكفر.
وقد سمعت من بعض المسلمين المتخصصين في بعض تلك العلوم الذين اضطروا إلى
البقاء في تلك البلدان، أنهم نادمون ندما شديدا على مشاركتهم في بناء بلاد
الكفر بجهودهم، وحرمان بلادهم من تلك الجهود، مع العلم أن ما يجنونه من أجور
على تلك الجهود لا يعد شيئا يذكر، ولو أتيحت لهم فرص العمل في تخصصاتهم بأقل
من ذلك، لفضلوا العمل في بلدانهم على العمل في تلك البلدان.
وقد يظن بعض الناس أن المسلمين يستفيدون فائدة معنوية في بلدان الكفر، لا
يجدونها في بلدانهم، تلك الفائدة هي حرية التدين، وحرية الكلمة، والدعوة إلى
الإسلام، وإقامة الشعائر الدينية.
وهذا الظن صحيح في ظاهر الأمر، أما الواقع فإن خسارة المسلمين في بلاد الغرب
التي توجد فيها حرية لا توجد في أكثر بلاد المسلمين، خسارة فادحة.
فالحرية الموجودة في تلك البلاد، يتمتع بها أهل البلاد أنفسهم، لأنهم هم
الغالبية العظمى التي لها عقائدها، وعاداتها، وأخلاقها، ونظمها وقوانينها،
ووسائل إعلامها وتعليمها.
أما الوافدون المسلمون من خارج تلك البلاد، فهم قلة قليلة يعدون في تلك
البيئة كقطرة ماء صاف عذب، ألقيت في محيط من القاذورات، ترى هل تؤثر تلك
القطرة في ذلك المحيط، أو تذوب فيه فتصبح كالعدم؟
وما ذا عسى أن يصنع آحاد المسلمين في المصانع بين آلاف الكافرين؟ وما ذا عسى
أن يصنع مسلم واحد، أو أسرة واحدة في منزل بحي من الأحياء التي يسكنها ملايين
من الكفار؟ وما ذا سيحدث مركز إسلامي صغير لا يوجد به دعاة فقهاء في الدين
بين آلاف الدعوات المضادة للإسلام، المسندة بقوة الدولة والشعب؟
لهذا تجد الوافد الجديد على البلدان غير الإسلامية التي بها تلك الحرية، ممن
يفقدون الحصانة الإيمانية والفقه في الدين يذوبون – غالبا – في بوتقة البيئة
الغربية، وتذوب من باب أولى ذريتهم، ولو بقيت أسماؤهم إسلامية.
طفل مسلم صغير يجهل أبواه الإسلام، يدفع به في رياض الأطفال، ثم في المراحل
لدراسية الأخرى، يختلط بزملاء غير مسلمين، لهم عقائدهم وأخلاقهم وعاداتهم،
ومدرسين غير مسلمين، يوجهونه إلى محبة عاداتهم واعتقادهم وأخلاقهم، ويرى كل
ذلك في سلوكهم، كيف ينجو من الكفر وآثاره في مراحل دراسته من الروضة إلى
الجامعة، إلى الدراسات العليا؟ كيف ينجو الشاب من مخالطة الخليلات، وكيف تنجو
الشابة من الخلان والأخدان؟ كيف يفلت المسلم والمسلمة من شرب المسكرات وتناول
لحم الخنزير، كيف ينجو من دخول الكنيسة وأداء الطقوس النصرانية الكافرة؟ كيف
ينجو من الضلال والارتداد عن دينه بسبب ما تلقى عليه من الشبهات المشككة في
الإسلام؟
ثم لو فرض وجود أبوين مسلمين حريصين على تربية أولادهما تربية إسلامية،
فعصاهما الأولاد بعد بلوغهم سنا معينة – كالثامنة عشرة مثلا – فاختاروا الكفر
على الإسلام، والكنيسة على المسجد، والفسق على الطاعة، فما سلطة الأبوين على
أولادهما، والقانون يحول بينهما وبين منع أولادهما من تلك الأمور، تحقيقا
للحرية الموجودة في البلد؟
الفتاة المسلمة لها الحق أن تتزوج بالرجل الكافر، ولا حق لأبويها في الاعتراض
على ما تختار ومن تختار، تحقيقا للحرية السائدة في البلد، ولا يستطيع المسلم
المقيم في ديار الكفر أن يستنجد بأي دولة من دول الشعوب الإسلامية، لتنقذه من
القوانين المنفذة في بلاد المهجر، بل على العكس من ذلك لو استنجد أحد الكفار
بدولته الكافرة وهو في بلد مسلم، لحصل على النجدة التي تنقذه من سلطة الدولة
التي يوجد بها، ولو كان مجرما، على خلاف ما كان عليه المسلمون في الماضي.
هذه هي حال المسلمين في بلاد الكفر في هذا الزمان، إنهم شبيهون في ضياع دينهم
وأسرهم بالأسرى في دار الحرب لشدة الضغوط الاجتماعية والقانونية، في الشئون
الأسرية التي يتعرضون لها في تلك البلدان – وإن كانت القوانين المتعلقة
بالمعاملات الأخرى أقل عنتا وعسرا.



شواهد وتجارب تدل على خطر زواج المسلم بالكتابية في دار الكفر

إنك لا تذهب إلى أي بلد من بلدان الكفر، إلا وجدت كثيرا من المسلمين يشكون
أشد الشكوى من ارتداد مسلمين عن دينهم، وتشرد كثير من أبنائهم وهربهم عن
أسرهم، بتأييد من سلطات تلك الدول التي استوطنوها، عن طريق القانون والضمان
الاجتماعي الذي يوفر للشاب والشابة المسكن والنفقة بعيدا عن أسرته.
وأقلهم خطرا من لا يزال يدعي الإسلام وهو لا يفهم من الإسلام شيئا، يمارس
أغلب المنكرات التي يمارسها الكفار، وفي مقابل ذلك تجد قلة ممن يدخلون في
الإسلام من أهل الكتاب، أكثرهم بعيدون عن فهم حقيقة الإسلام، وعن تطبيق
مبادئه تطبيقا سليما، بسبب قلة من يتابعهم من الدعاة إلى الله الذين يفقهون
الإسلام فقها صحيحا، ويمثلون للناس القدوة الحسنة.
بل قد وجدنا من دخل في الإسلام وأصبح زعيما للمسلمين، وامرأته نصرانية تجمع
التبرعات من المسلمين ومن النصارى لرفع شأن الكنيسة !
وما ذا عسى أن يجد أبناؤه من تربية، وأمهم لا يهدأ لها بال إلا في النشاط
الكنسي، وإذا ذهبت إلى الكنيسة، فهل ستدع أولادها في المنزل، أو تبعثهم إلى
المسجد الذي لا يعرفه أبوهم إلا في المناسبات.
وقد أخبرنا بعض المسلمين في مدينة "بْرِزْبِن" وهي من المدن الأسترالية
الشرقية في يوم السبت 29/من شهر شوال عام 1404هـ، أن بعض المسلمين من
أفغانستان والهند الذين جاءت بهم بريطانيا للعمل هناك لاستخدامهم في الأعمال
الشاقة، كانوا متمسكين بدينهم، وبنوا لهم مسجدا صغيرا من الخشب في منطقة تسمى
"كويزلند" سنة 1908م يقيمون فيه شعائر دينهم، وتزوجوا من نصرانيات وأنجبوا
ذرية، أصبحوا بعد انقراض آبائهم نصارى، ولا يزالون يسكنون في نفس المنطقة
ويقفون بقرب المسجد ينظرون إلى المسلمين وهم يصلون ويدرسون أبناءهم، ويحملون
أسماء آبائهم المسلمين، وقد حاول إمام المسجد وبعض المسلمين دعوتهم للرجوع
إلى الإسلام دين آبائهم، فلم يستجيبوا لذلك.
وكان سبب ذوبانهم في دين أمهاتهم جهلهم بدينهم، وتنشئتهن لهم على دينهن.
[وقد بنى المسلمون مكان هذا المسجد الصغير مركزا إسلاميا، يشتمل على مسجد
ومدرسة ومكتبة، لتدريس أبنائهم، وقد زرنا هذا المركز، أنا والشيخ عمر فلاتة
رحمه الله، في نفس التاريخ المذكور 2/شوال عام 1404هـ]
هذا في أستراليا، وفي وقت مبكر نسبيا.

وفي يوم السبت 25 شوال عام 1405هـ أخبرنا – أنا والشيخ عمر فلاتة أيضا – إمام
المركز الإسلامي الثقافي في في مدينة "شيكاغو" الأمريكية، واسم الإمام:
"مصطفى إبراهيم سرك" وهو متخرج من كلية اللغة العربية بالجامعة الأزهرية سنة
1978م، أن فتاة يوغسلافية كانت تسكن مع أسرتها في هذه المدينة، ثم ذهبت إلى
ولاية كاليفورنيا، وانتظمت في إحدى المدارس، واتصلت ببعض المسيحيين، واشتكت
بأنها تجد نفسها حزينة في بعض الأوقات، فقالوا لها: إن عيسى – عليه السلام –
" Jesus " هو الذي سيحل لها مشكلاتها، إذا هي آمنت به، وقالوا لها: إن محمدا
– صلى الله عليه وسلم – كان مجنونا، وأن أتباعه كانوا فقراء متخلفين، فآمنت
بالمسيحية وارتدت عن الإسلام.
وعندما رجعت إلى أسرتها، غضبوا عليها وأمرها أبوها أن تعود إلى الإسلام،
فرفضت، وقالت: إنها مستعدة أن تموت من أجل إيمانها بالمسيحية، مؤكدة بذلك شدة
أيمانها بها، وهي الآن خارج منزل أسرتها.
ولا يغرن إخواننا الدعاة المتجولين في العالم، ما يرزن من نشاط إسلامي طلابي
أو غيره في بعض دول الكفر، كالولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبعض دول
أوربا، فإنهم لو اختلطوا بالجاليات المسلمة في تلك البلدان، وتعرفوا على كثير
من الأسر المسلمة، لرأوا البون الشاسع بين ربح النشاط الإسلامي والخسارة
الفادحة التي تصيب تلك الأسر في دينها وسلوكها، وبعد أبنائها الذين يدرسون في
مدارس البلدان الكافرة عن مبادئ الإسلام.
هذه نبذة موجزة عن حالة المسلمين في البلدان غير الإسلامية، ومن أراد أن يعرف
الحقيقة المرة عن تلك الحال، فليشد الرحال إلى تلك البلدان، ويختلط بالجاليات
والأسر الإسلامية في منازلهم، وليزر أبناءهم في المدارس الرسمية، وفي النوادي
الرياضية والثقافية والاجتماعية ليرى ما لم يدر في حسبانه.
كيف والمنصرون يخرجون أبناء المسلمين من دينهم إلى الدين النصراني في عقر
دارهم. [راجع كتاب " غارة تبشيرية جديدة على إندونيسيا " لأبي هلال
الإندونيسي. طبع دار الشروق]





حكم زواج المسلم بالكتابية في دار الكفر اليوم

سبق أن جمهور العلماء يرون جواز زواج المسلم بالكتابية في دار الإسلام مع
الكراهة، وبعض العلماء يرى جواز ذلك في دار الحرب، مع الكراهة الأشد، وبعضهم
يرى تحريم ذلك في دار الكفر.
وأن بعض السلف يرى تحريم الزواج بالكتابية، في دار الإسلام ودار الكفر على
السواء.
وسبق أن دار الكفر في هذه الأزمان ليست دار حرب محضة، كما كانت دار حرب في
الماضي، وليست دار عهد محضة، بل كثير منها تعتبر بلاد حرب غير مباشرة، كما هو
الحال بالنسبة للدول التي تساعد اليهود ضد المسلمين بالمال والسلاح وغيرهما،
وهي مستعدة للحرب المباشرة في أي لحظة تشعر فيها بالخطر على مصالحها أو مصالح
اليهود، كأمريكا وبعض دول أوربا، أو بالرجال، مثل الاتحاد السوفييتي (سابقا)
وبعضها دار حرب مباشرة كحال الاتحاد السوفييتي (سابقا) في حرب أفغانستان –
كان هذا قبل أن تغادر القوات السوفييتية أرض أفغانستان)- وأنكى من ذلك وأشد
أن تلك الدول تحارب المسلمين في بلدانهم، حربا سياسية، بدعم الأحزاب الموالية
لها بالسلاح لضرب بعضها بعضا، واقتصاديا كذلك …
وكثير من الاتفاقات الدولية المبرمة بين دول الكفر وحكومات الشعوب الإسلامية،
تكون في صالح دول الكفر أكثر من كونها في صالح المسلمين، بل إن الضرر الذي
يلحق الشعوب الإسلامية من تلك الاتفاقات، أكثر من النفع الذي تحصل عليه منها.
كما أن بعض المعاهدات تخالف مقاصد الإسلام، ومن أهمها إبطال معنى الجهاد في
سبيل الله، الذي هدفه الأول هو الدعوة إلى الله، ودخول الناس في هذا الدين،
أو خضوعهم لنظامه العام بدفع الجزية، وإلا قوتلوا، كما كان عليه الرسول صلى
الله عليه وسلم وأصحابه، ومن تبعهم من السلف الصالح، وهو الحكم الشرعي الباقي
إلى يوم الدين.
وسبق بيان حالة المسلمين في ديار الكفر، وأنهم معرضون للذوبان في المجتمع
الكافر، وأن بعضهم يرتد عن الإسلام، وبعضهم يبقى مسلماً بالاسم والانتساب،
وهو قد ضاع في تلك المجتمعات الكافرة، والناجون من ذلك قليل.
فإذا نظرنا إلى ديار الكفر من جهة ما تقوم به من حرب مباشرة ضد المسلمين، أو
غير مباشرة، فإن القياس يقتضي تحريم زواج المسلم بالكتابية فيها قياساً على
تحريم ذلك عند بعض العلماء في دار الحرب، وإذا نظرنا إليها من جهة ما بينها
وبين حكام الشعوب الإسلامية من معاهدات واتفاقات، فالقياس يقتضي إباحة الزواج
بالكتابية في ديار المسلمين – وإن كانت لا تعتبر ذمية ولا حربية – أما الزواج
بها في ديار الكفر التي فيها شَبَهٌ بدار الحرب المحضة، وشَبَهٌ بدار العهد
فإن فيه إشكالاً، لأن هذه الدار التي هذه صفتها جديدة لم تكن موجودة في عهد
الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد خلفائه لأن الديار كلها كانت إما دار
إسلام – ويدخل فيها أهل الذمة –، وإما دار حرب - ويدخل فيها دار العهد المؤقت
– وعندما كان المسلمون يتزوجون بالكتابيات، إنما كانوا يتزوجون بهن في ديار
الإسلام، وديار الإسلام كانت محكومة بشريعة الله، والمجتمع فيها كان مجتمعاً
إسلامياً، والكتابية ذمية وليست حربية، وإسلام الكتابية التي يحيط بها
المجتمع الإسلامي، الذي تطبق فيه أحكام الإسلام في المنزل والمسجد والشارع
مأمول، وتربية أبنائها على الإسلام وتنشئتهم على مبادئه وآدابه هي الأساس،
لأن البيئة كلها تساعد على ذلك: الأسرة، والجيران، والمسجد، ودور العلم،
والمجتمع كله، لأن القوة في كفة الإسلام والمسلمين، والمرأة أقرب إلى التأثر
بالإسلام من التأثر في ولدها بالكفر وعاداته.
ولو فرض أنها حاولت التأثير فيه فإنها ستفشل، وإذا علم الزوج وأسرته أو أي
مسلم بذلك يبادر إلى إحباط تلك المحاولة، ولو تقدمت بشكوى إلى القضاء تطلب
فيها الاستقلال بتربية أولادها، فإن الشرع الإسلامي لا يبيح لها ذلك، بل يحكم
بالإشراف على الأولاد وتربيتهم لمن في إشرافه وتربيته مصلحتهم في دينهم، ولا
يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً.
وإذا فرض أن زوج الكتابية تساهل معها في تربية أولاده، فإن المسلمين لا
يسكتون عن ذلك، لتمسكهم بقاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إما من قبل
المحتسبين من المجتمع، وإما من قبل الحاكم المسلم هذا بالنسبة لدار الإسلام.



المفاسد المترتبة على زواج المسلم بالكتابية في دار الكفر

أما دار الكفر في هذا الزمان، فإن الزواج بالكتابية فيها يترتب عليه مفاسد
كثيرة، ومنها ما يأتي:


المفسدة
الأولى:
إقامة المسلم في دار الكفر.
وذلك مخالف لحكم الهجرة من دار الكفر إلى الإسلام، كما هو معروف.


المفسدة الثانية:
إعانة المسلم المقيم في بلاد الكفر للكافرين على المسلمين، لما يبذله من جهد
وطاقة في تقويتهم بعمله معهم، سواء كان الجهد بدنياً في المصانع وغيرها، أو
عقلياً في شتى العلوم المهمة، كالطب والهندسة الفلك وغيرها، ويدخل في ذلك
تقصيره في قتال الكفار المحاربين للمسلمين وهي مفسدة عظيمة لا يجوز إغفالها [
أحكام القرآن للجصاص (1 / 366) ].


المفسدة الثالثة:
تعرض المسلم لعادات أهل الكفر وأخلاقهم ومعاملاتهم التي يكون كثير منها
محرماً في دينه، وقد لا يقدر على ترك ذلك لاضطراره إلى الاختلاط بهم في
المنازل وأماكن العمل والتنقلات، ويخشى عليه إن كان جاهلاً ضعيف الإيمان، أن
يترك دينه ويدخل في دين الكفر وهذا وقع.


المفسدة الرابعة:
فَقْدُ معنى الولاء والبراء الذي أمر الله به المؤمنين، كما قال تعالى: ((يا
أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء يعض ومن
يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين)) [ المائدة: 51 ]
وقوله تعالى: ((إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا يقيمون الصلاة ويؤتون
الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم
الغالبون يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً من
الذين أتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين)) [
المائدة: 55 – 57 ].
وقوله تعالى: ((قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم
إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة
والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده..) [ الممتحنة: 4 ].
والغالب أن المسلم الذي يخالط الكفار ويؤاكلهم ويشاربهم ويصاهرهم يذهب من
قلبه العداء لهم، ويقل في قلبه ولاؤه لله ولرسوله ولعباده المؤمنين.


المفسدة الخامسة:
الرضا بالمنكر الذي يراه يتكرر أمام ناظريه في كل وقت: من شرب الخمر وأكل لحم
الخنزير والكفر بالإسلام ووسائل الزنا، بل والزنا نفسه، وقد يقع هو نفسه في
تلك المعاصي، لأن إحساسه بمفاسدها وكونها من مساخط الله تعالى يضعف في نفسه
لتكرارها وبقائها في محيط أهلها.

المفسدة السادسة:
تأثير امرأته الكتابية عليه بعاداتها وأخلاقها، أكثر من تأثيره هو عليها، لأن
المحيط الذي يعيش فيه هو محيطها والبيئة بيئتها، وهي تأكل لحم الخنزير وتشرب
الخمر وتختلط بالأجانب من الرجال أمامه، محارم وغير محارم وهي كاشفة أغلب
جسمها، وقد تصافحهم، وقد تراقصهم وهو يرى ذلك كله ويسكت عنه فيألف الدياثة،
وقد ينالون منها ما وراء ذلك كله، وهو يدري أو لا يدري، كما أنه هو قد يختلط
بقريباتها وصديقاتها اختلاطا فيه مفاسد كثيرة على دينه وخلقه، وكيف ينجو من
التأثر بذلك وهو في محيطه وبيئته؟!
شرط مفقود في الغالب
ولابد هنا من التأكيد على صفة الإحصان التي أباح الله بها للمسلم أن يتزوج
الكتابية في قوله تعالى: ((والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب)) [ المائدة: 5 ]
فإن اشتراط هذه الصفة، يدل على عدم جواز زواج المسلم بالكتابية التي لا توجد
فيها صفة الإحصان، وقد اختلف في صفة الإحصان هذا على قولين:
القول الأول: أن المراد بها العفة، فإذا كانت الكتابية عفيفة لم تقارف
الفاحشة جاز نكاحها، وممن فسر الإحصان بالعفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه،
فإنه عندما كتب إليه حذيفة بن اليمان: "أحرام هي – يعني الكتابية – كتب إليه
عمر قائلاً: لا، ولكني أخاف أن تواقعوا المومسات منهن، قال أبو عبيدة: يعني
العواهر …"
وقال مطرف عن الشعبي في قوله تعالى: ((والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من
قبلكم)) قال: (إحصان اليهودية والنصرانية: أن تغتسل من الجنابة وأن تحصن
فرجها..) [ أحكام القرآن للجصاص (2 / 324) ]، وممن قال بذلك: السدي، ومجاهد
وسفيان.
القول الثاني: أن المراد بالإحصان هنا الحرية، أي يجوز نكاح الكتابية الحرة –
دون الأمة – وإن كانت قد أتت بفاحشة إذا تابت منها، بشرط أن تكون بموضع لا
يخاف الناكح فيه على ولده أن يجبر على الكفر.
وقد رجح هذا القول ابن جرير الطبري، وذكر القائلين به في تفسيره جامع البيان
عن تأويل آي القرآن (6 / 107-2-108) ] وعلى كلا القولين فإن الكتابية التي في
دار الكفر – وليست في دار الإسلام – يرجح جانب الحذر منها، لما في بيئتها من
الفساد الواضح، وكيف تكون عفيفة من توصم بالعار والأمراض النفسية إذا بلغت
سناً معيناً، ولم تجد من يعيش معها معيشة غير مشروعة، كما يعيش الزوج مع
زوجته؟ وكيف لا يخشى من عدم عفة امرأة تختلط بالأجانب في الخلوة كالجلوة كما
مضى؟


المفسدة السابعة:
أن امرأته وهي لا تلتزم بأمر الله ونهيه، قد تنجب ذرية من غيره وينسبون إليه،

3حكم زواج المسلم بالكتابية Empty رد: حكم زواج المسلم بالكتابية الجمعة 08 يونيو 2012, 10:17 am

وليد محمد الشبيبي

وليد محمد الشبيبي
مؤسس المنتدى ومديره المسؤول

المفسدة السابعة:
أن امرأته وهي لا تلتزم بأمر الله ونهيه، قد تنجب ذرية من غيره وينسبون إليه،
ويترتب على ذلك أحكام كثيرة فاسدة: فيورثون إذا بقوا على دينه – ولو في
الظاهر – ويختلطون بأبنائه وبناته على أنهم محارم، وكذلك أخواته وإخوانه، مع
أنهم في الواقع ليسوا أولاده.


المفسدة الثامنة:
أنها قد تُنَشِّئ أولاده على الكفر وعادات الكفار وأخلاقهم، وتأخذهم معها إلى
الكنيسة والمراقص والمسارح وأماكن اللهو، وتفسد قلوبهم، ولا يستطيع هو أن
يحول بينها وبين ذلك، وقد اشترط ابن جرير رحمه الله في جواز الزواج بالكتابية
"أن تكون بموضع لا يخاف الناكح فيه على ولده، أن يجبر على الكفر" [ جامع
البيان عن تأويل آي القرآن (6 / 108) ].
وليس من شرط الإجبار على الكفر أن يكون بالقهر المادي كالتهديد بالقتل، أو
الحبس أو الضرب، بل قد يكون الإجبار على الكفر بالضغوط الاجتماعية والتعليمية
والثقافية والسياسية وتشويه الإسلام، وهذا كله واقع في بلاد الكفار.


المفسدة التاسعة:
أن القانون الأسري في مصلحتها في بلادها، فلو أراد أن يطلقها فإن القانون
يجبره على مغادرة منزله وتركه لها ولأولادها، ويحكم لها بالأولاد ما داموا
دون سن معينة كالثامنة عشرة، فيخسر أولاده وتربيهم هي كما تريد، وهو يشاهد
ذلك فلا يقدر على حمايتهم من ذلك، بل إن المرأة الكافرة التي يتزوجها المسلم
وينقلها إلى بلاده في أي شعب من شعوب المسلمين، إذا كرهته تستطيع أن تذهب في
غفلة منه إلى سفارة بلادها في ذلك الشعب بأولادها، فتصبح بذلك كأنها في بلاد
الكفر تحميها دولتها وقوانينها وتنقلها مع أولادها إلى بلادها، ولا تستطيع
دولة الشعب المسلم أن تفتكَّها ولا تفتكَّ أولادها.


المفسدة العاشرة:
ترك المسلم التزوج بالمسلمة، وإيثار التزوج بالكتابية، وفي ترك التزوج
بالمسلمة الموجودة في بلاد الكفر تعريض المسلمات للفتنة، إما بالزنا الصريح
أو باستباحة زواجهن بالكفار الذين لا يحل لهم أن يتزوجوا المسلمات، وهذا
الأمر موجود في بلاد الكفر، فقد وجدنا كثيرا من المسلمين يشكون من هذه
الحالة، ويتمنون أن يجدوا لبناتهم أزواجاً مسلمين من نفس البلد الذي يتزوج
فيه المسلمون الكافرات لأغراض دنيوية، كالحصول على الإقامة أو التجنس أو
الوظيفة.
وقد ذكر العلماء أن من أسباب كراهية بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،
كعمر رضي الله عنه، الزواج بالكتابية الذمية في دار الإسلام زهد المسلمين في
الزواج بالمسلمات، كما قال ابن جرير رحمه الله: "وإنما كره عمر لطلحة وحذيفة
– رحمة الله عليهم – نكاح اليهودية والنصرانية، حذراً من أن يقتدي بهما الناس
في ذلك، فيزهدوا في المسلمات، أو لغير ذلك من المعاني فأمرهما بتخليتهما" [
جامع البيان عن تأويل آي القرآن (2 / 378) ].
وإذا كان هذا السبب يؤدي إلى كراهة الزواج بالكتابية في دار الإسلام، خشية من
الزهد في الزواج بالمسلمات اللاتي لا يجدن الأزواج الراغبين فيهن غالباً،
فإنه – أي هذا السبب – صالح لتحريم الزواج بالكتابية في دار الكفر، إذا أدى
إلى ترك الزواج بالمسلمة وافتتانها بالزنا أو الزواج بالكفار، وهو محرم عليها
كالزنا، من باب أولى.
وإذا كان زواج المسلم بالكتابية مباحاً، والمسلمون إنما تعاطوه في دار
الإسلام، ومع ذلك وجد من يرى تحريمه من السلف وعامة أهل العلم كرهوه، وكثير
منهم حرموه في دار الحرب، وإذا علمنا تلك المفاسد التي تترتب عليه في دار
الكفر فما حكمه؟!.
إن كثيرا من هذه المفاسد ليست مفروضة فرضا، وإنما هي واقعة مع كثير من
المسلمين المقيمين في دار الكفر ممن يتزوجون الكافرات، وقد تكون هناك مفاسد
كثيرة يعرفها أولئك المسلمون الذين يقعون في شراك الاستيطان في بلاد الكفر.
ولو لم يكن من تلك المفاسد إلا خشية وقوع المسلم نفسه في الارتداد عن دينه،
أو التخلق بأخلاق الكفار التي لا يقرها الإسلام، وكذلك مفسدة تنشئة نسله على
الكفر وعادات الكفار، لو لم يكن من تلك المفاسد كلها إلا هاتان المفسدتان
لكانتا كافيتين في القول بتحريم زواج المسلم الكتابية في بلاد الكفر، فكيف
بها إذا اجتمعت كلها؟!.


إذا أفضى المباح إلى محرم صار محرما
ومعلوم أن المباح هو ما استوى طرفاه، أي: فعله وتركه، فهو ليس مطلوبَ الفعل
ولا مطلوب الترك شرعاً من حيث هو مباح، فإذا كان وسيلة إلى مندوب صار مطلوب
الفعل ندباً، وإن كان وسيلة إلى مكروه صار مطلوبَ الترك كراهة، فإذا كان
ذريعة إلى محرم صار مطلوب الترك تحريماً.
وإن كان وسيلة إلى واجب، صار مطلوب الفعل وجوباً؟ ونكاح المسلم الكتابية مباح
من حيث هو، فإذا صار ذريعة إلى تلك المفاسد التي كل مفسدة محرمة وحدها، فإنه
يصير مطلوب الترك تحريماً لذلك.
هذا هو الحكم الذي اطمأنت إليه النفس بالنسبة لزواج المسلم بالكتابية في ديار
الكفر، ما دامت تلك المفاسد تترتب عليه، فإذا ادَّعَى مدع أن تلك المفاسد لا
تترتب على ذلك وأثبت حجة على دعواه، فالأمر عندئذ يختلف، وما إخال أحداً يثبت
ذلك اللهم إلا في مسائل فردية نادرة، والعبرة بالغالب وليس بالنادر.

ولا أظن أن الذي توصلت إليه في هذه المسألة يخالف ما ذهب إليه علماء الإسلام
قديماً، فإن تحريم الزواج بالكتابية في دار الكفر في هذه الأيام أكثر شبهاً
بدار الحرب في الماضي، وقد حرم الزواج بالكتابية في دار الحرب: الخليفة
الرابع علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما، ورجح ذلك بعض علماء المذهب
الحنفي، وكرهه آخرون منهم، كما كرهه كراهة شديدة الإمام مالك، وهو كذلك في
المذهب الشافعي، وصرح بتحريمه علماء الحنابلة [ راجع الفصل الثاني من هذا
المبحث ] وعللوا ذلك بمسألة ركونه إليها وسكناه في دار الحرب، وتنشئة أولاده
على الكفر ومحبة أهله.
وهذه المفاسد وغيرها موجودة في دار الكفر في هذه الأيام.


ما يفضي إلى المفسدة أربعة أقسام:
ذكر ابن القيم أن ما يفضي إلى المفسدة أربعة أقسام:
القسم الأول: وسيلة موضوعة للإضافة إلى مفسدة.
القسم الثاني: وسيلة موضوعة للمباح قصد بها التوصل إلى مفسدة.
القسم الثالث: وسيلة موضوعة للمباح، لم يقصد التوصل بها إلى مفسدة، لكنا
مفضية إليها غالباً، ومفسدتها أرجح من مصلحتها.
القسم الرابع: وسيلة موضوعة للمباح، وقد تفضي إلى المفسدة ومصلحتها أرجح من
مفسدتها.
ثم قال: "فالشريعة جاءت بإباحة هذا القسم واستحبابه أو إيجابه، بحسب درجاته
في المصلحة، وجاءت بالمنع في القسم الأول، كراهة أو تحريماً بحسب درجاته في
المفسدة.
بقي النظر في القسمين الوسط، هل هما مما جاءت الشريعة بإباحتهما أو المنع
منهما، فنقول الدلالة على المنع من وجوه.."
وساق تسعة وتسعين وجهاً مستدلاً بها على المنع [راجع إعلام الموقعين (3 /
136-159)].
ومعنى هذا: أن المباح الذي وضع وسيلة، ولم يقصد به التوسل إلى مفسدة لكنه
يفضي إليها غالباً، ومفسدته أرجح من مصلحته يكون محرماً، والزواج بالكتابية
في ديار الكفر من هذا النوع كما هو واضح.
ومعلوم أن مدار الشريعة الإسلامية ومبناها على مصالح العباد، كما قال ابن
القيم رحمه الله: "فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحِكَم ومصالح العباد في
المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل
مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى
المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليس من الشريعة" [ نفس المرجع ].
وهناك قاعدة شرعية عظيمة، وهي أن الدين من الضرورات التي يجب حفظها، والزواج
بالكتابية في دار الكفر قد يعود على هذه الضرورة بالنقض، إما دين الزوج
المسلم وإما دين ذريته، وإما دينه ودين ذريته. [ راجع أول الجزء الثاني من
كتاب الموافقات ].


الضرورة تقدر بقدرها
إذا كان حكم زواج المسلم بالكتابية في دار الكفر هو التحريم لما مضى من
المفاسد المترتبة عليه، فما حكم المشقة المترتبة على تحريمه بالنسبة، لمن
يضطر إلى السكن في دار الكفر من أصناف المسلمين الآتية؟
صنف السفراء والموظفين التابعين لهم الذين تندبهم حكوماتهم للقيام بمصالحها
في تلك الدول.
صنف الطلبة: الذين يبتعثون لأخذ العلوم التي لا غنى لبلادهم عنها، وهي لا
توجد في بلادهم.
صنف بعض المسلمين الذين يؤذَونَ في بلادهم: بالاعتداء على دينهم أو أنفسهم أو
أعراضهم أو أموالهم أو تلك الأمور مجتمعة، من قِبَل حكام بلادهم الظلمة بسبب
مخالفتهم لهم في بعض تصرفاتهم المخالفة للإسلام، أو بسبب بعض الاتجاهات
السياسية المختلفة، ولا يجدون من يأذن لهم بالهجرة إلى بعض البلدان
الإسلامية، فيضطرون إلى الانتقال إلى بعض بلاد الكفر التي يحصلون فيها على
أمن نسبي، كما هو الحال في بلدان الغرب، كالدول الأوربية الغربية، والولايات
المتحدة الأمريكية وكندا ونحوها.
صنف المسلمين الذين هم أصلاً: من بلاد الكفر.
صنف التجار: الذين يحتاجون إلى البقاء في بلاد الكفر.
والجواب: أن الضرورة تقدر بمقدارها.
فإذا خاف هؤلاء الأصناف من الوقوع في جريمة الزنا، بسبب المغريات والسبل
الداعية إليه في تلك البلدان، فعليهم أن يتزوجوا مسلمات صالحات من بلادهم
ويسافروا بهن معهم، وأن يحاولوا إيجاد مساكن متقاربة لهم في البلد الذي
ينزلون فيه، لتكون أسرهم متجاورة حتى يحصل بينهم التزاور والتعاون على الخير،
ليعيشوا عيشة إسلامية حسب الاستطاعة.
وهذا ممكن للسفراء والموظفين التابعين لهم، وكذلك بالنسبة للطلاب الذين
يتمكنون من الدخول في جامعة واحدة، وكذلك الجاليات الإسلامية التي عندها
مقدرة على شراء مساكن متجاورة في حارة واحدة واستئجارها، فإن هؤلاء يبقون
مدداً طويلاً في تلك البلدان، وعليهم أن يتقوا الله في تربية أسرهم ويحافظون
عليها قدر استطاعتهم، وإذا وصل أولادهم إلى سن يتمكنون معها على الدراسة، فإن
عليهم أن يبعثوا أولادهم إلى بلدانهم، ويجب على حكام شعوبهم أن يسهلوا لهم
وسائل التعليم والإشراف على تربيتهم في مدارس خاصة بها أقسام داخلية، إلا إذا
كان لهم أقارب يشرفون على تربيتهم، أو تقوم حكومات الشعوب الإسلامية بإنشاء
مدارس خاصة في بلدان الكفر، تتولى إعداد مناهجها ومدرسيها وإدارييها من
المسلمين، وتكون بها أقسام داخلية تتولى الإشراف على الطلاب وتربيتهم تربية
إسلامية شاملة، حتى لا يقعوا في أحضان الكفار الذين يخشى منهم إفسادهم
بالعقائد الكافرة وعادات الجاهلية.
وهذه الحالة تشمل الطلاب والسفراء ومن يتبعهم من الموظفين وبعض الجاليات التي
يتمكن أفرادها، من بعث أولادهم إلى بلدانهم أو إيجاد مدارس إسلامية خاصة بهم
في بلاد الكفر.
وكذلك الذي يدخل في الإسلام من أهل تلك البلدان، إذا تمكن من الحصول على زوجة
مسلمة صالحة ومجاورة الأسر المسلمة، ليتعاون معها على تربية أسرته وأولاده.
وقد وجدنا يعض المسلمين، تمكنوا في بعض المدن الولايات المتحدة الأمريكية، من
استئجار منازل لأسرهم متقاربة، وهم من الطلاب، وكذلك بعض الجاليات الإسلامية،
كما في مدينة ديربورن التي تسمى: القرية العربية.
أما المسلم الذي يحتاج إلى البقاء في تلك البلدان فترات قصيرة للتجارة
ونحوها، فعليه أن يصبر ويتقي الله في ترك المحرمات، وإذا رأى أنه يخاف على
نفسه فليصطحب معه أهله وبعض محارمها لمرافقتها عند انشغاله، فإذا قضى حاجته
رجع إلى بلاده.
وكل من يقدر على ترك السكنى في بلاد الكفر، فلا يجوز له البقاء فيها خشية
الفتنة على نفسه وأسرته، ومن اضطر إلى البقاء فيها – والله أعلم بالمضطر –
ولم يجد مسلمة يحصن بها نفسه وخاف على نفسه الزنا فيجوز له – من باب الاضطرار
– أن يتزوج الكتابية – اليهودية أو النصرانية التي ما زالت تعترف بدينها ولم
تتنكر له بالإلحاد – ولكن يجب عليه أن يتخذ الوسائل التي تمنعها من الإنجاب
له، لأنه إذا أنجبت له أولاداً خاف عليهم من إفسادهم بتنشئتهم على الكفر
وعادات الكفار، فإنه شبيه بالأسير في بلاد الحرب والتاجر، وقد مضى بأنهما لا
يتزوجان الكتابية ولا يطآن زوجاتهما المسلمات، خشية من اعتداء الكفار عليهن
وإنجابهن أولادا ليسوا من أزواجهن المسلمين [كما مضى في الفصل الثاني] إلا
أنني أرى أن الزوجة المسلمة يمكن لزوجها أن يطأها وينجب منها إذا كانت صالحة،
وغلب على ظنه تمكنه من تربية أولاده منها في بلاده، أو في مدرسة إسلامية في
نفس البلاد التي يعيش فيها كما مضى، وإنما قلنا بوجوب اتخاذ الوسائل التي
تمنع الإنجاب من الكتابية، لما مضى من المفاسد المترتبة على الزواج بها في
بلاد الكفر، ومن ذلك تنشئة الأولاد على الكفر وأخلاق الكفار، فإذا غلب على
ظنه تنشئتهم على الإسلام، فلا يجب عليه حينئذ أن يتخذ وسائل عدم الإنجاب،
وهذا يشمل المسلم الوافد إلى بلاد الكفر والذي يدخل في الإسلام من أهل ذلك
البلد.



النتائج

وبعد فإن الصحيح ما عليه جمهور علماء المسلمين من جواز زواج المسلم بالكتابية
في بلاد المسلمين – وهي الذمية التي تخضع لأحكام الإسلام العامة – وأن الأفضل
– مع الجواز – ترك ذلك وقد كرهه أغلب العلماء.
وأنه لا يجوز للمسلم الزواج بالحربية، وهي الكتابية التي تعيش في بلاد الحرب،
على الصحيح من أقوال العلماء.
وأن بلاد الكفر اليوم حكمها حكم بلاد الحرب في هذا الحكم بالذات، لأن المفاسد
التي تترتب على زواج المسلم بالكتابية في بلاد الحرب، تترتب على زواج المسلم
بالكتابية في بلاد الكفر اليوم.
وإذا دعت الضرورة أن يتزوج المسلم بالكتابية في بلاد الكفر وغلب على ظنه أن
ذريته ستنشأ تنشئة إسلامية، فلا يجب عليه أن يتخذ الوسائل التي تمنع الإنجاب،
وإن غلب على ظنه عكس ذلك وجب عليه اتخاذ ذلك.
أما إذا غلب على ظنه فتنته هو في دينه أو فتنة أولاده منها أو من غيرها، فإنه
لا يجوز له أن يتزوج بها مطلقاً، وعليه أن يتقي الله ويبتعد عن الحرام ويبحث
عن زوجة مسلمة صالحة.
هذا ما ظهر لي في هذا البحث، فإن كان صواباً فالله هو الذي وفقني للوصول
إليه، وإن كان خطأ فأستغفر الله وأتوب إليه، وفي كلا الأمرين أسأل الله ثوابه
فإني ما قصدت إلا رضاه.



فرغت من هذا البحث في الساعة السادسة من صباح يوم السبت الموافق 8/2/1407 هـ
في المدينة المنورة …
وقد أكملت مراجعته، وتصحيحه، مع إضافات جديدة إليه، في الساعة الواحدة، بعد
منتصف ليلة الثلاثاء 25/7/1423هـ ـ 1/10/2002م
في منزلي بالمدين النبوية الكائن في حي الأزهري، شمال طريق أبي بكر الصديق.
[ وأصل هذا البحث محاضرة عامة، ألقيت في قاعة المحاضرات العامة في الجامعة
الإسلامية بالمدينة المنورة في 10/2/1407هـ ]
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وسبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، وصلى الله على
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.







كتبه
د . عبد الله قادري الأهدل



http://www.saaid.net/Doat/ahdal/43.htm

4حكم زواج المسلم بالكتابية Empty رد: حكم زواج المسلم بالكتابية الجمعة 08 يونيو 2012, 10:19 am

وليد محمد الشبيبي

وليد محمد الشبيبي
مؤسس المنتدى ومديره المسؤول

بسم الله الرحمن الرحيم
حكم زواج المسلم من المشركة
أو الكتابية
<blockquote>

الحمد لله وبعد ؛
الأدلة من القران الكريم :
1 -
قال تعالى : " وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ
مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنكِحُوا
الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ
وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو
إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ
لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ " [البقرة :221]

المقصود بالمشركة هنا الوثنية التي لم ينزل عليها كتاب من الكتب السماوية مثل
الهندوسية أو البوذية أو الشيوعية وغير ذلك من الأديان الغير سماوية .

أقوال أهل العلم في تفسير هذه الآية :

روى الإمام ابن جرير الطبري – رحمه الله - في تفسيره (4/363) بإسناد حسن عن
قتادة أنه قال في قوله تعالى : " وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى
يُؤْمِنَّ " : يعني مشركات العرب اللاتي ليس فيهن كتاب يقرأنه .

وقد استثنى الله من هؤلاء المشركات اللاتي ليس لهن دين سماوي نساء أهل الكتاب
قال تعالى : " وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ " [المائدة
:5] .

قال ابن جرير - رحمه الله – بعد ذكر الأقوال في مسألة نكاح المشركة (4/365) :
وأولى الأقوال بتأويل هذه الآية ما قاله قتادة من أن الله تعالى ذكره عنى بقوله
: " وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ " من لم يكن من أهل
الكتاب من المشركات وأن الآية عام على ظاهرها خاص باطنها ، لم ينسخ منها شيء
وأن نساء أهل الكتاب غير داخلات فيها . وذلك أن الله تعالى ذكره أحل بقوله : "
وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ " للمؤمنين من نكاح
محصناتهن ، مثل الذي أباح لهم من نساء المؤمنات .ا.هـ.

وقال ابن كثير في تفسيره (1/474) : هذا تحريم من الله عز وجل على المؤمنين أن
يتزوجوا من المشركات من عبدة الأوثان ثم إن كان عومها مراداً وأنه يدخل فيها كل
مشركة من كتابية ووثنية فقد خُص من ذلك نساء أهل الكتاب بقوله : "
وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا
آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ " .

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : " وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ
حَتَّى يُؤْمِنَّ " استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب . وهكذا قال مجاهد
وعكرمة وسعيد بن جبير ومكحول والحسن والضحاك وزيد بن أسلم والربيع بن أنس
وغيرهم . وقيل : بل المراد بذلك المشركون من عبدة الأوثان ولم يُرد أهل الكتاب
بالكلية والمعنى قريب من الأول والله أعلم .ا.هـ.

2 -
قال تعالى : " وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ
الْكَوَافِرِ " .

قال ابن كثير في تفسيره (8/94) : تحريم من الله عز وجل على عباده المؤمنين نكاح
المشركات ، والاستمرار معهن .ا.هـ.

عن المسور ومروان بن الحكم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عاهد كفار
قريش يوم الحديبية جاء نساء من المؤمنات ، فأنزل الله عز وجل : " يَاأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ
فَامْتَحِنُوهُنَّ " إلى قوله : " وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ "
فطلق عمر بن الخطاب يومئذ امرأتين ، تزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان ،
والأخرى صفوان بن أمية . رواه البخاري (2731، 2732) .

فهذه الأقوال في حق المشركة التي ليس
لها دين سماوي .

أما الكتابية من يهودية أو نصرانية فقد جاء
القرآن بتخصيص الكتابيات من عموم المشركين والكفار ، فيجوز التزوج بهن ولكن
بشرط أن تكون عفيفة .

قال تعالى : " الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ
مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ
قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ
مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ
حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ " [ المائدة : 5]


والشاهد من هذه الآية
قوله تعالى : " وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ " فنساء
أهل الكتاب حلال لنا .

والمراد بالإحصان العفة من الزنا .

قال ابن كثير في تفسيره (3/55) : وهو قول الجمهور هاهنا ، وهو الأشبه ، لئلا
يجتمع فيها أن تكون ذمية وهي مع ذلك غير عفيفة ، فيفسد حالها بالكلية ، ويتحصل
زوجها على ما قيل في المثل : " حشفا وسوء كيلة " والظاهر من الآية أن المراد
بالمحصنات العفيفات عن الزنا .ا.هـ.

وقد تزوج بعض الصحابة من الكتابيات :

عن شقيق بن سلمة قال : تزوج حذيفة يهودية فكتب إليه عمر : خلِّ سبيلها . فكتب
إليه : أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها ؟ فقال : لا أزعم أنها حرام ولكني أخاف أن
تعاطوا المومسات منهن . رواه ابن جرير في تفسيره (4223) ، وقال عنه ابن كثير في
تفسيره (3/475) : إسناد صحيح .

وعن عامر بن عبدالله بن نسطاس : أن طلحة بن عبيد الله نكح بنت عظيم اليهود ،
قال : فعزم عليه عمر إلا ما طلقها . رواه عبدالرزاق في المصنف (10059) .

قال ابن جرير تعليقا على ما أمر به عمر طلحة وحذيفة (4/366) : وإنما كره عمر
لطلحة وحذيفة رحمة الله عليهم - ورضي عنهم - نكاح اليهودية والنصرانية ، حذارا
من أن يقتدي بهما الناس في ذلك ، فيزهدوا في المسلمات ، أو لغير ذلك من المعاني
فأمرهما بتخليتهما .ا.هـ.

فالحاصل من هذا البحث ما يلي :
1 -
أن لا يجوز التزوج من المشركة التي ليس لها دين سماوي .
2 -
جواز التزوج من الكتابية سواء كانت يهودية أو نصرانية بنص كتاب الله المخصص من
عموم المشركات .
3 -
أن تكون الكتابية المراد التزوج بها عفيفة من الزنا كما هو رأي الجمهور .
4 -
ثبوت تزوج بعض الصحابة من الكتابيات دليل على أنه أمر جائز ، واعتراض عمر ليس
الزواج من الكتابيات وإنما خشية أن يزهد الناس في المسلمات .


والله أعلم .
</blockquote>
عبد الله زقيل


http://www.saaid.net/Doat/Zugail/23.htm

5حكم زواج المسلم بالكتابية Empty رد: حكم زواج المسلم بالكتابية الجمعة 08 يونيو 2012, 10:22 am

وليد محمد الشبيبي

وليد محمد الشبيبي
مؤسس المنتدى ومديره المسؤول



زواج المسلم من الكتابية








كتبهامحمد السيودي ، في 14 أغسطس 2008
الساعة: 23:00 م






أصبحت هذه المسألة ـ زواج المسلم من كتابية ـ مما يعرض لكثير من المسلمين، ومن موارد الابتلاء في هذه الأيام نظراً لهجرةكثير من المسلمين
إلى بلاد الكتابيين، والارتباط التجاري، والاختلاط في الجامعات، وسائر
موارد الامتزاج والاجتماع الذي يؤدي بدوره إلى الميل وبالتالي الارتباط.
ونظراً لذلك فلا بد من الإشارة ولو على الإجماع لهذا الموضوع لعل فيه انتفاعاً في أمثال هذه الموارد.
وقد اختلف خلفاء المسلمين من كافة المذاهب في جواز أن يتزوج المسلم من الكتابية، وهم: اليهود والنصارى، أم المجوس فالأغلب من الفقهاء على القول بحرمة الزواج منهم وإخراجهم من الكتابيين. وقليل جداً هم القائلون بأن لهم شبهة كتاب فيلتحقون بالكتابيين، والرأي السائل عند الإمامية المنع من الزواج منهم.
أما اليهود والنصارى ففي الزواج منهم أقوال ستة، وأبرز الأقوال:
1 ـ قول بعدم الجواز مطلقاً.
2 ـ قول بالجواز متعة لا دواماً، وبملك اليمين.
3 ـ قول بالجواز في حالة الاضطرار وعدم وجود المسلمة.
4 ـ قول بالجواز مطلقاً على كراهية.
5 ـ قول بالجواز مطلقاً بدون كراهية.
وقد
توزع الفقهاء على هذه الأقوال في اختياراتهم، وهذا التفصيل الذي ذكرته لك
هو عند الإمامية. أما المذاهب الإسلامية الأخرى فقد أجمعوا على الجواز من النصرانية واليهودية دون المجوسية، واستعرض لك بإيجاز أدلة الإمامية:
القائلون بالجواز: أدلتهم هي:
قوله تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حلّ لكم وطعامكم حلّ لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) المائدة: 6.
والآية ظاهرة في حلّ الزواج من الكتابية دواماً ومتعة وملك يمين، والمحصنات هنا المراد بهن: العفيفات، أي النجيبات.
2 ـ الدليل الثاني على الإباحة: هو إباحة الزواج بوجه عام فهو على عمومه ويخرج منه زواج المسلم بالمشركة، والمسلمة بالمشرك وبالكتابي، ويبقى ما عدا ذلك مشمولاً للعمومات والاطلاقات.
3 ـ الدليل الثالث: الروايات الكثيرة الواردة عن أهل البيت (ع)، وقد أورد الكثير منها الشيخ في الجواهر، والحر العاملي في الوسائل، وقد وصفت بالاستفاضة ـ يعني بلغت حداً من الكثرة يقرب من التواتر ـ :
ومن تلك الروايات: ((أن رجلاً سأل الإمام الصادق (ع) عن المؤمن يتزوج اليهودية والنصرانية؟ فقال الإمام (ع): إذا أصاب المسلمة فماذا يصنع باليهودية والنصرانية؟ فقال السائل: يكون له فيها الهوى. فقال الإمام (ع): إن فعل فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير وأعلم أن عليه في دينه غضاضة)).
وقد ناقش الفقهاء ـ ومنهم صاحب المسالك ـ هذه الرواية وقالوا عنها: إنها أوضح ما في هذا الباب سنداً، لأن سندها صحيح، وفيها إشارة إلى الجواز على كراهة.
وممن نص على الجواز المقداد السيوري في آيات الأحكام، والسيد الطباطبائي محمد حسين في تفسيره وجملة من المحققين.
القائلون بالمنع: أدلتهم:
1 ـ قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار) إلى آخر الآية 221، من سورة البقرة.
قالوا: إن هذه الآية حرمت الزواج من الكتابيين لأنهم مشركون لقوله تعالى في الآيتين 29 و 30 من
سورة التوبة: (وقالت اليهود عزيز ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله
ـ إلى قوله سبحانه ـ عما يشركون) وقال تعالى: (وهو الذي أرسل رسوله بالهدى
ودين الحق ليظهر على الدين كله ولو كره المشركون) التوبة 33، ولا شك أن
الكتابيين من الكارهين لذلك.
إلى غير ذلك من الآيات التي تنعتهم بالشرك. وقد أجابوا بأن قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات مختص بغير الكتابيين من الكفار)، لأن الله تعالى يفرق بينهم في التسمية مثل قوله تعالى: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين) البينة 1. والعطف يقتضي المغايرة.
هذا
أولاً، وثانياً ـ إن متعلق الإثنين مختلف ففي قوله تعالى: (ولا تنكحوا
المشركات) المراد به غير أهل الكتاب، وفي قوله تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) المقصود به الكتابيات، فلا تنافي بين الآيتين حتى يدعي النسخ.
وثالثاً ـ إن قوله تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) إلى آخر الآية نزلت في سورة المائدة، وهي آخر ما نزل على النبي (ص) فهي ناسخة وليست منسوخة، ولأن لسان الآية لسان امتنان من
حيث امتن الله على عباده بهذه الإباحة، ولسان الامتنان يأبى النسخ، وقد نص
أصحاب أسباب النزول على أن قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن)
إلى آخر الآية نزلت في ابن أبي مرثد الغنوي حين استأذن النبي (ص) في عناق
أن يتزوجها وهي مشركة فنزلت الآية المذكورة. وهذا مما يؤكد أنها خاصة
بالمشركين ولا تتناول الكتابيين.
2 ـ الدليل الثاني ـ قوله تعالى: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) الممتحنة 10، قالوا: إن الآية نهت عن التزوج من الكتابيات، لأنهن كافرات لقوله تعالى: (ألم يكف الذين كفروا من أهل الكتاب) الخ.
والجواب أولاً ـ : إن الإمساك بالعصم كما يكنى به عن الزواج فإنه يكنى به عن غير الزواج أيضاً، فهو ليس صريحاً بالزواج، ولذا قال صاحب المسالك: إن الآية ليست صريحة في إرادة النكاح، ولا فيما هو أعم منه.
وثانياً ـ : إن مفاد الآية ليس هو النكاح الابتدائي كما يستفيد ذلك منها بعض المحققين ـ ومنهم الطباطبائي في الميزان ـ بل إن المراد منها: أن مَن آمن من الرجال وتحته زوجة كافرة يحرم عليه الإمساك بعصمتها، أي إبقاءها على الزوجية السابقة.
وبتعبير آخر: إن النهي واقع على عصمة موجودة، أي زواج سابق، فليس له صلة بالنكاح الابتدائي إلا أن تؤمن فيمسك بعصمتها، فلا دلالة لها على نكاح الكتابية
ابتداءً. يضاف لذلك أن سورة الممتحنة نزلت بالمدينة قبل فتح مكة، وسورة
المائدة آخر سورة نزلت على النبي (ص) كما ينص على ذلك مفسروا المسلمين ولا معنى لأن ينسخ اللاحق السابق.
القائلون بالجواز على كراهة:
قالوا: وردت روايات تمنع م الزواج بالكتابية، وروايات تبيح ذلك، ومنها
هذه الرواية التي ذكرناها عن الإمام الصادق (ع) والتي قال في آخرها:
((واعلم أن عليه في دينه غضاضة)) فإنها جامعة بين الروايات، وذلك بأن يجمل
المانع من الروايات على الكراهة، والمبيح على إباحته فتكون النتيجة الإباحة على كراهة.
الكتابية الحربية:
كما نص الفقهاء على أن الجواز في نكاح الكتابية سواء كانت ذمية أم حربية، وقد استفادوا ذلك من الاطلاقات في الأدلة، فتلخص مما مر جواز الزواج من الكتابية سواء كانت ذمية أو حربية، سواء كان الزواج دائماً، أو متعة، أو ملك يمين.
أما التفصيلات في ذلك من إباحة المتعة دون الدوام، أو التفصيل بين الجواز وغيره، أو الاختصاص بملك اليمين فقد استضعفه الفقهاء ـ ومنهم صاحب الجواهر.

عن موقع بلاغ



أضف الى مفضلتك


  • حكم زواج المسلم بالكتابية Delicious
  • حكم زواج المسلم بالكتابية Digg
  • حكم زواج المسلم بالكتابية Facebook
  • حكم زواج المسلم بالكتابية Googlebookmark
  • حكم زواج المسلم بالكتابية Linkedin
  • حكم زواج المسلم بالكتابية Live
  • حكم زواج المسلم بالكتابية Myspace
  • حكم زواج المسلم بالكتابية Stumbleupon
  • حكم زواج المسلم بالكتابية Technorati
  • حكم زواج المسلم بالكتابية Twitter
  • حكم زواج المسلم بالكتابية Yahoomyweb






ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التصنيفات : في الشريعة الإسلامية |
السمات:في الشريعة الإسلامية

أرسل الإدراج
|
دوّن الإدراج

حكم زواج المسلم بالكتابية Comment
2 تعليق








2 تعليق على “زواج المسلم من الكتابية”






حكم زواج المسلم بالكتابية Dsayed د : سـيـد مخـتـار قال:

أغسطس 15th, 2008 at 15 أغسطس 2008 7:25 م




نظرة واقعية للزواج من الكتابيات

هل يحق للرجل المسلم الزواج من امرأة نصرانية أو يهودية كما تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم بمارية القبطية ؟.

الحمد لله

لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم مارية القبطية ، بل كانت أمَة له ،
وكان قد أهداها له المقوقس صاحب مصر ، وذلك بعد صلح الحديبية .

والأمة يجوز الاستمتاع بها ومعاشرتها حتى لو لم تكن مسلمة لأنها من ملك
اليمين والله تعالى أباح ملك اليمين من غير شرط الإسلام قال تعالى : (
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُون* إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ
مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ) سورة
المؤمنون/5-6

أما الزواج من نصرانية أو يهودية فهو جائز بنص القرآن بقوله تعالى : (
الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ
مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ
مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ
مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ) المائدة / 5 .

قال ابن القيم :

ويجوز نكاح الكتابية بنص القرآن ، قال تعالى : { والمحصنات من المؤمنات
والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } ، والمحصنات هنا هن العفائف ،
وأما المحصنات المحرمات في سورة النساء فهن المزوجات ، وقيل : المحصنات
اللاتي أُبحن هن الحرائر ، ولهذا لم تحل إماء أهل الكتاب ، والصحيح :
الأول لوجوه – وذكرها - .

والمقصود : أن الله سبحانه أباح لنا المحصنات من أهل الكتاب ، وفعله
أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم ، فتزوج عثمان نصرانية ، وتزوج طلحة بن
عبيد الله نصرانية ، وتزوج حذيفة يهودية .

قال عبد الله بن أحمد : سألت أبي عن المسلم يتزوج النصرانية أو
اليهودية ، فقال : ما أحب أن يفعل ذلك ، فإن فعل فقد فعل ذلك بعض أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم .

” أحكام أهل الذمة ” ( 2 / 794 ، 795 ) .

ونحن وإن قلنا بالجواز ، ولا نشك بذلك للنص الواضح فيه ، إلا أننا لا نرى أن يتزوج المسلم كتابية ، وذلك لأمور :

الأول : أن من شروط التزوج من الكتابية أن تكون عفيفة ، وقلَّ أن يوجد في تلك البيئات من هن عفيفات .

والثاني : أن من شروط التزوج من الكتابية أن تكون الولاية للمسلم ،
والحاصل في هذا الزمان أن من يتزوج من بلد كافر فإنه يتزوجهن وفق قوانينها
، فيطبقون عليه نصوص قوانينهم وفيها من الظلم والجور الشيء الكثير ، ولا
يعترفون بولاية المسلم على زوجته وأولاده ، وإذا ما غضبت المرأة من زوجها
هدمت بيته وأخذت أولادها بقوة قانون بلدها ، وبإعانة سفاراتها في كافة
البلاد ، ولا يخفى الضعف والعجز في مواجهة تلك البلاد وسفاراتها في بلدان
المسلمين .

والثالث : أن النبي صلى الله عليه وسلم رغَّبنا بذات الدين من المسلمات
، فلو كانت مسلمة توحد الله لكنها ليست ذات دين وخلق فإنه لا يرغب بزواجها
، لأن الزواج ليس هو الاستمتاع بالجماع فقط ، بل هو رعاية لحق الله وحق
الزوج ، وحفظ لبيته وعرضه وماله ، وتربية لأولاده ، فكيف يأمن من يتزوج
كتابية على تربية أبنائه وبناته على الدين والطاعة ، وهو تارك لهم بين يدي
تلك الأم التي تكفر بالله تعالى وتشرك معه آلهة ؟ .

لذا وإن قلنا بجواز التزوج من كتابية إلا أنه غير محبَّذٍ ولا يُنصح به
، لما يترتب عليه من عواقب ، فعلى الإنسان المسلم العاقل أن يتخيّر لنطفته
أين يضعها . وأن ينظر نظراً مستقبلياً لحال أولاده ودينهم ، وألا يعميه عن
النظر الواعي شهوة جارفة ، أو مصلحة دنيوية عاجلة أو جمال ظاهري خادع ،
فإنما الجمال جمال الدين والأخلاق .

وليعلم أنه إن ترك مثل هذه الزيجات ابتغاء الأفضل لدينه ودين أبنائه
فإن الله تعالى يعوِّضه خيراً ، إذ أن ” من ترك شيئاً لله عوّضه الله
خيراً منه ” كما أخبر بذلك الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى عليه
صلوات الله وسلامه . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل . انظر جواب
السؤال رقم : ( 2527 ) .

والله أعلم .

(منقول)



http://ms91.maktoobblog.com/1229967/%D8%B2%D9%88%D8%A7%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%A9/

6حكم زواج المسلم بالكتابية Empty رد: حكم زواج المسلم بالكتابية الجمعة 08 يونيو 2012, 10:24 am

وليد محمد الشبيبي

وليد محمد الشبيبي
مؤسس المنتدى ومديره المسؤول

شبهة وجوابها حول زواج المسلم من الكتابية


الأحد 1 رمضان 1427 - 24-9-2006

رقم الفتوى: 77422
التصنيف: آداب معاملة أهل الكتاب





حكم زواج المسلم بالكتابية Print_send




var r=0;

//alert(r);
function ajaxRating(xml)
{
//alert("hi");
document.getElementById("rate_msg").innerHTML="تم حفظ التقييم بنجاح!";
s3.locked = true;
}

var s3 = new Stars({

maxRating: 5,

actionURL: 'articlerate1.php?id=77422&rate=',

callback: ajaxRating,

imagePath: 'images/rating/',


value: r

});

حكم زواج المسلم بالكتابية Star-emptyحكم زواج المسلم بالكتابية Star-emptyحكم زواج المسلم بالكتابية Star-emptyحكم زواج المسلم بالكتابية Star-emptyحكم زواج المسلم بالكتابية Star-empty






.GlobalShareBox{float:left;}
.GlobalShareBox .facebook{float:left; margin-top:1px;width:90px;}
.GlobalShareBox .twitter{float:left;margin-left:5px; width:82px;}
.GlobalShareBox .google{float:left; margin-left:6px;width:65px;}









(function(d, s, id) {
var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0];
if (d.getElementById(id)) return;
js = d.createElement(s); js.id = id;
js.src = "//connect.facebook.net/en_GB/all.js#xfbml=1";
fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs);
}(document, 'script', 'facebook-jssdk'));












!function(d,s,id){var js,fjs=d.getElementsByTagName(s)[0];if(!d.getElementById(id)){js=d.createElement(s);js.id=id;js.src="//platform.twitter.com/widgets.js";fjs.parentNode.insertBefore(js,fjs);}}(document,"script","twitter-wjs");












(function() {
var po = document.createElement('script'); po.type = 'text/javascript'; po.async = true;
po.src = 'https://apis.google.com/js/plusone.js';
var s = document.getElementsByTagName('script')[0]; s.parentNode.insertBefore(po, s);
})();





n]قراءة: 1287 | طباعة: 56 | إرسال لصديق: 0 ]






السؤال




لقد
ظهر مؤخرا في الساحة الإعلامية بما فيها المنتديات الأجنبية جدل حول تحريم
زواج المسلمة من الكتابي وأن هذا التحريم ما هو إلا اجتهاد للعلماء ولا
يوجد دليل على ذلك والآيات القرآنية التي تتحدث عن هذا الأمر إنما خصت
المسلمين الأولين لكونهم كانوا في حالة حرب مع الكفار وأن هذه العلة تنتفي
لانتفاء السبب وهو الحرب، ولما بحثت وجدت أن هذا الأمر محض افتراء وأنه
يحرم زواج المسلمة من الكتابي لأنه كافر بنص الآيات الصريحة: لقد كفر
الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة . وما إلى ذلك من الآيات المحكمة التي لا
جدل فيها ولا نقاش. لكن تبقى مسألة أود استيضاحها منكم بارك الله فيكم ,
نعلم أن الله تعالى أباح للرجال المسلمين الزواج من الكتابية لكن بشروط
منها أن تكون محصنة وعفيفة وغير متخذة لأخدان, لكنها رغم كونها كتابية فهي
كافرة لأنها تنكر علينا ديننا وتعتقد أننا على باطل وأن دينها هو الحق,
كما أنها لا تؤمن بنبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. في حين نجد أن
الله تعالى حرم على المسلمات أن يتزوجن من الكتابيين على أساس أنهم كفار
وأن المرأة بطبعها تتبع زوجها وربما يؤثرعليها وتنسلخ عن دينها والعياذ
بالله. وفي نهاية المطاف فالكتابية والكتابي كلاهما كافران لأنه من يبتغ
غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين. إذن فالمسلم لا
يجوز له أن يتزوج الكتابية حتى ولو كانت عفيفة لأنها كافرة ويترك بنات
دينه عانسات. من فضلكم أحتاج الإجابة على هذا السؤال لمناقشة من يروج لهذا
الكلام و ادعوا لي بالتوفيق لتفنيد شبههم ؟










الإجابــة







الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن
الله تعالى فرق في كتابه بين زواج المسلم بالكتابية فرخص فيه وأباحه مع
الحكم عليها بالكفر، ومنع زواج المسلمة بالكتابي وغيره من الكفار، وحسم
هذا الموضوع بالنص، فقال في زواج المحصنات الحرائر من أهل الكتاب :
الْيَوْمَ
أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ
حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ
الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ
قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ
مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ {المائدة: 5 } وقال في منع زواج المسلمة من الكتابي وغيره من الكفار: يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ
فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ
عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا
هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ {الممتحنة: 10 } وقال تعالى : وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا {البقرة:
221 } وسبب إباحة الكتابيات للمسلمين ليس بسبب أنهن غير مشركات، وإنما هي
رخصة من الله تعالى للمسلمين، والفرق بين زواج المسلم من الكتابية وزواج
المسلمة من الكتابي ظاهر وقد أشارت الأخت السائلة إليه في السؤال ، ولا شك
أن زواج المسلمة أولى لحضه صلى الله عليه وسلم على اختيار ذات الدين كما
في حديث الصحيحين : فاظفر بذات الدين تربت يداك . بل قد ذهب كثير من أهل العلم إلى كراهة زواج المسلم بالكتابية ، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها : 9894 ،4114 ،31703 ،20203 .


والله أعلم .




http://www.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=77422

7حكم زواج المسلم بالكتابية Empty رد: حكم زواج المسلم بالكتابية الجمعة 08 يونيو 2012, 10:27 am

وليد محمد الشبيبي

وليد محمد الشبيبي
مؤسس المنتدى ومديره المسؤول












<table dir="rtl" width="99%" align="right" border="1" bordercolor="#ab2b22" cellpadding="2" cellspacing="1">
<tr bgcolor="#ab2b22">
<td width="21%" align="center">
عنوان الفتوى
</td>
<td width="77%" align="center">
حكم زواج المسلم من كتابية

</td>
</tr>
<tr>
<td width="21%" align="center"> المفتي
</td>
<td width="77%" align="center">
العلاّمة الشيخ / عبد الله بن محمد بن حميد
</td>
</tr>
<tr>
<td width="21%" align="center">رقم الفتوى
</td>
<td width="77%" align="center">5681 </td>
</tr>
<tr>
<td width="21%" align="center"> تاريخ الفتوى
</td>
<td width="77%" align="center"> 12/9/1425 هـ -- 2004-10-26 </td>
</tr>
<tr>
<td width="21%" align="center"> تصنيف الفتوى
</td>
<td width="77%" align="center"> الفقه-> قسم الأحوال الشخصية-> كتاب النكاح-> باب نكاح الكفار </td>
</tr>
<tr bgcolor="#f3f3ff">
<td width="21%" align="center">السؤال
</td>
<td style="line-height: 200%;" width="77%" align="right"> بعض
العلماء يقول: بجواز نكاح أهل الكتاب أن يتزوج المسلم من يهودية أو
نصرانية ـ حتى لو لم تسلم, والبعض الآخر يقول: لا يجوز للرجل أن يتزوج من
امرأة لا تصلي فما هم الحكم في ذلك؟ أفيدونا وجزاكم الله خيرًا.


</td>
</tr>
<tr>
<td width="21%" align="center"> الجواب
</td>
<td width="77%" align="right">لا
بأس بزواج المسلم من النصرانية أو اليهودية؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول:
{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ
مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ}[المائدة: 5] فقوله تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتَابَ}, دل على جواز تزوج المسلم من اليهودية أو النصرانية
إذا كانت اليهودية تعمل بالتوراة, والنصرانية بالإنجيل, فلا مانع حينئذ من
الزواج. لكن الأكمل والأولى ألا يتزوجها بل ينبغي ألا يتزوج إلا مسلمة.
فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب للصحابة بأن يطلقوا نساءهم
الكتابيات,فامتثلوا لأمر عمر, إلا حذيفة فإنه أبى أن يطلقها, ثم بعد ذلك
طلقها. فقيل له: لم فعلت هذا؟ فقال: أريد أن أعلم أمير المؤمنين وغيره أن
الله أباح لنا, ولا أطلقها لقول أمير المؤمنين. وهذا هو مذهب جمهور أهل
العلم. وأما جمهور العلماء فيقولون إنه جائز إذا كانت اليهودية متمسكة
بالتوراة, والنصرانية متمسكة بالإنجيل. وهذا هو الصحيح. أما أهل الكتاب
اليوم فإنهم ليسوا أهل كتاب, بل الأغلب عليهم أنهم إما دهريون, وإما
شُيوعيون. وهذا هو الأغلب, كما أن المسلمين اليوم الأغلب ليسوا بمسلمين!!
فلا يعرفون الله طرفة عين. ولا يصلون, ولا يصومون, ولا يتمسكون بالشريعة
الإسلامية, فهم منتسبون للإسلام فقط, ومع هذا يزعمون أنهم مسلمون والواقع
أنهم ليسوا بمسلمين ما داموا على هذه الحالة!!

فالحاصل أن زواج المسلم من الكتابية لا بأس به؛ إلا أن الأولى ألا يتزوجها
ما دامت هناك مسلمة تصلح أن تكون له زوجة. فالمسلمة أتقى وأبقى له وأنفع
له ولأولاده. والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الفتوى: فتاوى سماحة الشيخ عبد الله بن حميد - (ص 220) [ رقم الفتوى في مصدرها: 226]


</td>
</tr>
<tr>
<td colspan="2" width="98%" align="right" bgcolor="#ab2b22"> اقرا ايضا </td>
</tr>
<tr>
<td colspan="2" width="98%" align="center">








</td></tr></table>



http://www.islamlight.net/index.php?option=com_ftawa&task=view&Itemid=0&catid=439&id=5681

8حكم زواج المسلم بالكتابية Empty رد: حكم زواج المسلم بالكتابية الجمعة 08 يونيو 2012, 10:30 am

وليد محمد الشبيبي

وليد محمد الشبيبي
مؤسس المنتدى ومديره المسؤول

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
فقد تم طرح سؤال من احد النصارى على موقع الاسلام للفتوى واليك السؤال والاجابة عليه
يقول النصراني :
ابنتي
نصرانية ( من أهل الكتاب ) وتريد أن تتزوج برجل مسلم ولا تريد أن تغير
دينها ، كلاهما يعيش في سنغافورة وقيل لي أن الإسلام يمنع زواجهما لأنها
ليست مسلمة ولا يمكن حتى تسلم فهل هذا صحيح ؟
إذا كان الجواب لا ،
فهل يجوز لهما أن يتزوجا حسب الشريعة الإسلامية حتى لو بقيت ابنتي نصرانية
وهل يجوز للرجل المسلم أن يشارك في حفل زواج على تقاليد النصارى بعد أن
تزوج حسب الشريعة الإسلامية ؟
أعتذر عن طول السؤال ولكن هذا الموضوع
سبب قلقاً في العائلة ونريد الحكم الإسلامي في هذا الموضوع لكي نحاول حل
هذه المشكلة دون أن يغضب أحد .

الحمد لله

الإسلام لا يمنع
الزواج بالمرأة النصرانية إذا كانت عفيفة قال الله تعالى : ( وَطَعَامُ
الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ
وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ
أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ... )
المائدة / 5 .

ومعنى ( محصنات ) في هذه الآية : أي الحرائر العفيفات .

يراجع سؤال رقم ( 2527 ) .

أما
إن كانت المرأة غير عفيفة ، لها أصدقاء وخلان تعاشرهم فإن الإسلام يمنع من
نكاحها مسلمة كانت أم كتابية ، كما يمنع أن يكون للرجل صديقة أو خليلة ،
صيانةً للحياة الزوجية من الانهيار وحفظاً للأنساب من الاختلاط والضياع
وتجنباً لأسباب الخلاف والتهمة والظنون .

وأما حضور الزوج المسلم
حفلة الزواج على التقاليد النصرانية فإنه غير جائز لوجود أمور كثيرة في
هذه الحفلات يحرمها الإسلام كالاختلاط بين الرجال والنساء وسماع الموسيقى
وشرب الخمر والرقص وغير ذلك .

وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم :
" من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر "
رواه أحمد ( 1/20 ) والبيهقي ( 7/366 ) وقال الألباني في الإرواء ( 7/6 )
: ( صحيح ) .



http://ejabat.google.com/ejabat/thread?tid=59e4aafd0c00348d&pli=1

9حكم زواج المسلم بالكتابية Empty رد: حكم زواج المسلم بالكتابية الجمعة 08 يونيو 2012, 10:31 am

وليد محمد الشبيبي

وليد محمد الشبيبي
مؤسس المنتدى ومديره المسؤول

شروط زواج المسلم من غير المسلمة —





  • 1. شروط زواج المسلم من
    الكتابية أو غير المسلمة Rules of a male Muslim to Marry a Kettabe’ah (a
    Christian or a Jewish) or a non Muslim Women المرجع : كتاب : في فقه
    الأقليات المسلمة الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي إصدارات دار الشروق -
    القاهرة الطبعة الأولى 2001
  • 2. المرجع : كتاب : في فقه الأقليات
    المسلمة الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي إصدارات دار الشروق - القاهرة الطبعة
    الأولى ملخص القواعد العامة في زواج المسلم الرجل من النساء غير المحارم
    لا يجوز الزواج من : يجوز الزواج بالمسلمة ويحض على الزواج بذات الخلق
    والدين المرتدة ( المرأة التي كفرت بعد إسلامها أي غيرت دينها من الإسلام
    إلى أي دين أو معتقد آخر كالمسيحية وغيرها ) الملحدة ( التي لا تقر بأي
    إله أو دين ونحوها ) مثال : المرأة الشيوعية المادية المشركة ( الوثنية
    ونحوها أي المرأة التي تعبد أي إله أو أي شئ آخر بالإضافة لله تعالى )
  • 3.
    المرجع : كتاب : في فقه الأقليات المسلمة الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي
    إصدارات دار الشروق - القاهرة الطبعة الأولى يباح زواج المسلم الرجل من
    المرأة الكتابية إذا تحققت كل من الشروط التالية ( أنظر التالي للتفصيل ):
    ألا يكون من وراء الزواج من كتابية فتنة أو ضرر محقق أو مرجح , بعض
    الأضرار : أن تكون عفيفة محصنة فالله عزّ وجلّ لم يبح كل كتابية بل قيد
    الإباحة بالإحصان أن يتم التحقق من صحة وصدق إيمانها بدين سماوي الأصل
    كالمسيحية ألا تكون من قوم يعادون المسلمين ويحاربونهم ( ولذلك فالزواج من
    اليهودية غير جائز في عصرنا الحالي ) أن يكون هناك أي خطر على الزوج أو
    الأولاد في المستقبل بما في ذلك فقدان الهوية أو اللغة أوالثقافة أن ينتشر
    الزواج بغير المسلمات بحيث يؤثر على المسلمات الصالحات للزواج
  • 4.
    قواعد عامة في زواج المسلم بغير المسلمة أولاً : لا يجوز للمسلم الزواج من
    المشركة ( الوثنية ونحوها ) أو البهائية وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ
    حَتَّى يُؤْمِنّ ) البقرة 221 ( ( وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِر
    ) الممتحنة 10 مثال : المرأة التي تعبد أي إله أو أي شئ آخر بالإضافة
    للإله الواحد المرجع : كتاب : في فقه الأقليات المسلمة الدكتور الشيخ يوسف
    القرضاوي إصدارات دار الشروق - القاهرة الطبعة الأولى
  • 5. قواعد
    عامة في زواج المسلم بغير المسلمة ثانياً : لا يجوز للمسلم الزواج من
    الملحدة ( المرأة التي لا تقر بأي إله أو دين ونحوها ) مثال : - المرأة
    المؤمنة إيماناً قوياً بالفلسفة الشيوعية المادية - المرأة التي لا تقر
    بأي إله أو دين المرجع : كتاب : في فقه الأقليات المسلمة الدكتور الشيخ
    يوسف القرضاوي إصدارات دار الشروق - القاهرة الطبعة الأولى
  • 6.
    قواعد عامة في زواج المسلم بغير المسلمة ثالثاً : لا يجوز للمسلم الذكر
    الزواج من المرتدة ( المرأة التي كفرت بعد إسلامها أي غيرت دينها من
    الإسلام إلى أي دين أو معتقد آخر ) مثال : - المرأة التي خرجت عن الإسلام
    إلى المسيحية أو اليهودية - المرأة التي خرجت عن الإسلام وأصبحت لا تقر
    بأي إله أو دين - المرأة التي خرجت عن الإسلام إلى أديان أومعتقدات أخرى
    كالبوذية أو الوجودية ونحوها المرجع : كتاب : في فقه الأقليات المسلمة
    الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي إصدارات دار الشروق - القاهرة الطبعة الأولى
  • 7.
    قواعد عامة في زواج المسلم بغير المسلمة من الكتابيات ( المرأة المسيحية
    أو اليهودية ) ثالثا : يجوز للمسلم الذكر الزواج من الكتابية ( حكم المباح
    ): ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ
    الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ
    أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ
    ) المائدة 5 بشرط تحقق الشروط الأربعة التالية : 1- أن يتم التحقق من صحة
    وصدق إيمانها بدين سماوي الأصل كالمسيحية إذ ليس كل إمرأة ولدت لأبويين
    مسيحيين هي مسيحية حقاً بالضرورة 2- أن تكون عفيفة محصنة فالله عز وجل لم
    يبح كل كتابية بل قيد الإباحة بالإحصان ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ
    أُوتُوا الْكِتَابَ ) قال ابن كثير : الظاهر أن المراد بالمحصنات العفيفات
    عن الزنى . كما في الآية ( مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ
    مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ) النساء 25 فلا يجوز للمسلم بحال أن يتزوج من
    فتاة تسلم زمامها لأي رجل بل يجب أن تكون نظيفة بعيدة عن الشبهات وهذا ما
    اختاره أيضاٌ ابن كثير , قال الإمام البصري حين سئل عن المرأة المسافحة :
    هي التي إذا لمح الرجل إليها بعينه اتبعته . ويضيف القرضاوي : ولا شك أن
    هذا الصنف من النساء ( المحصن ) ... نادر . ... وما نسميه نحن البكارة
    والعفة والإحصان والشرف ونحو ذلك ليس له أية قيمة إجتماعية عندهم ( أي في
    المجتمعات الغربية ونحوها ) ( الصفحة 98 ) المرجع : كتاب : في فقه
    الأقليات المسلمة الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي إصدارات دار الشروق -
    القاهرة الطبعة الأولى
  • 8. 3 – ألا تكون من قوم يعادون المسلمين
    ويحاربونهم : هناك فرق بين الذميّة والحربيّة , قال ابن عباس رضي الله
    عنهما عند سؤاله : من نساء أهل الكتاب من يحلّ لنا ومنهم من لا يحلّ لنا
    ثم قرأ ( قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ
    بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ
    وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ
    حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) التوبة 29 .
    فمن أعطى الجزية حلّ للمسلم نساؤه ومن لم يعط الجزية لم تحل نساؤه . ويميل
    العلامة أبا بكر الرازي الحنفي لهذا الرأي محتجاً بقوله تعالى ( لَا
    تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ
    مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) المجادلة 22 يضيف القرضاوي : لا يجوز
    لمسلم في عصرنا أن يتزوج يهودية ... فالواقع أن كل يهودي صهيوني لأن
    المكونات العقلية والنفسية للصهيونية إنما مصدرها التوراة وملحقاتها
    وشروحها والتلمود ) صفحة 99 و 100 المرجع : كتاب : في فقه الأقليات
    المسلمة الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي إصدارات دار الشروق - القاهرة الطبعة
    الأولى قواعد عامة في زواج المسلم بغير المسلمة من الكتابيات ( المرأة
    المسيحية أو اليهودية )
  • 9. 4 – ألا يكون من وراء الزواج من
    كتابية فتنة أو ضرر محقق أو مرجح : قال صلى الله عليه وسلم ( لاضرر ولا
    ضرار ) ومن الأضرار الممكنة كما يذكر القرضاوي : - أن ينتشر الزواج بغير
    المسلمات بحيث يؤثر على المسلمات الصالحات للزواج . ومثال ذلك كتاب عمر بن
    الخطاب رضي الله عنه إلى الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان عند زواجه من
    كتابية ( أعزم عليك ألا تضع كتابي هذا حتى تخلي سبيلها فإني أخاف أن يقتدي
    بك المسلمون فيختاروا نساء أهل الذمة لجمالهن وكفى بذلك فتنة لنساء
    المسلمين ). - قد يتساهل بعض الناس في شرط الإحصان أي العفاف الذي قيّد به
    القرآن حل الزواج من الكتابية - إن الزواج من غير المسلمة إذا كانت غريبة
    عن اللغة والوطن والثقافة والتقاليد ( كالأوروبيات و الأمريكيات
    النصرانيات ) يمثل خطراً . ويشتد الخطر حين يولد الأطفال ويشبون على حال
    الأم غالباً ( خصوصاً إذا ولدوا في أرضها وبين قومها ). - كما أن الخطر
    يحيق بالزوج أيضاً إذا بقي في بلد الزوجة فقد يتطبع بطباع أهل البلد
    وثقافتهم وقيمهم . قواعد عامة في زواج المسلم بغير المسلمة من الكتابيات (
    المرأة المسيحية أو اليهودية ) المرجع : كتاب : في فقه الأقليات المسلمة
    الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي إصدارات دار الشروق - القاهرة الطبعة الأولى
  • 10.
    وعلى هذه الأسس يرى القرضاوي أن الزواج من غير المسلمات ( بما فيهم
    الكتابيات ) في عصرنا يجب أن يمنع سداً للذريعة لألوان شتى من الفساد
    والضرر ولا يجوز القول بجوازه إلا لضرورة قاهرة يقدّر بقدرها .
  • 11.
    لمزيد من التفاصيل والمراجع أنظر المرجع كتاب : في فقه الأقليات المسلمة
    الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي إصدارات دار الشروق - القاهرة الطبعة الأولى
    2001 الصفحات ما بين 91 و 104



http://www.slideshare.net/m_aljukh/ss-3165158

10حكم زواج المسلم بالكتابية Empty رد: حكم زواج المسلم بالكتابية الجمعة 08 يونيو 2012, 10:33 am

وليد محمد الشبيبي

وليد محمد الشبيبي
مؤسس المنتدى ومديره المسؤول



بسم الله الرحمن الرحيم


زواج المسلم من كتابية


حكم زواج المسلم بالكتابية Images+%281%29


1
الأخوة والأخوات


قال تعالى في كتابه الكريم :(وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ۗأُولَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ۖ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ )


البقرة 221
------------------------------------------------






الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه والصلاة والسلام علي رسول الله.


قال رسول الله ( من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه علي شطر دينه ، فليتق الله في الشطر الباقي) الطبراني والحاكم


أصبحت
أمريكا وبلاد الغرب حلم كل شاب مسلم يريد الابتعاد عن وطنه ، ابتغاء لمال
أو تحضر أو رفاهية و ما إلي ذلك من مسميات هم أطلقوها تعليلا لسبب هجرتهم
إلي الخارج



حكم زواج المسلم بالكتابية 1_930079_1_34





منذ عدة أيام قرأت في الجريدة خبرا، جعلني أشعر بالحزن والأسى علي ضياعنا
و ضياع هوية الأبناء و الأخوة،وكان الخبر هذا يحكي عن حادث اختطاف طفل
مصري الأب أمريكي الأم ، و قال الأب أنه واثق من أن الخاطف هو الأم ، كان
هذا الرجل يدرس في أمريكا وهناك تزوج من أمريكية و أنجب منها هذا الطفل ثم
انفصلا وأخذ الأب الطفل عائدا إلي بلاده مصر ، وكانت الأم تزور ابنها في
مصر بدون أي مشاعر غضب أو حقد من كلاهما حتي حدث ما حدث منذ عدة أيام ، إذ
اقتحم أربعة ملثمين منزل هذا الرجل و أشبعوه هو و أخته ضربا و قاموا بقطع
كل أسلاك الهاتف و اختطفوا الطفل وفروا و بعد عدة أيام أرسلت الأم رسالة
عبر البريد الاكتروني تطمئن الأب من أن الطفل معها و هو في حالة جيدة ولا
داع لقلقه....؟



القضية
هنا ليست ظاهرة جديدة فاجأتنا بل هي قضية حدثت كثيرا منذ زمن ولا زالت
تحدث إلا أننا لابد و أن نتوقف ونناقش هذه المشكلة في أيامنا هذه فشبابنا
و أبناؤنا أصبح لديهم هاجس يسمي السفر إلي الخارج والحصول علي عمل و أخذ
الجنسية عبر الزواج بإحدي الأجنبيات ، وقد يستمر الزواج و يكون الشاب
متدينا علي خلق فتحب الفتاة الإسلام و تكون مسلمة حق أو قد يؤدي هذا إلي
ضياع دين هذا الشباب وهويته و انصهارهم في مجتمع لا يأبه لدين أو أصول .



حكم زواج المسلم بالكتابية Images+%282%29


والزواج
والإنجاب و الطلاق أو استمرار العيش في دولة أجنبية يؤثر علي الشباب و في
سلسلتي هذه سأورد لكم عدة حالات لزواج المسلم بأجنبية و ما حدث فيما بعد
وتأثيره علي الأبناء و سأورد الآيات و الأحاديث التي أشارت إلي هذا ، كما
سأورد رأي بعض العلماء والشيوخ و أبدأ هنا بمقال للشيخ محمد الغزالي من
كتابه الحق المر بعنوان أخذت منه عنوان سلسلتي الحالية:



حكم زواج المسلم بالكتابية R011-800


آفة زواج المسلمين بأجنبيات


(أصبحت
الهجرة -مؤقتة أو دائمة -فريضة علي كثير من المسلمين الذين يسعون لطلب
الرزق أو لطلب العلم ، وصار مألوفا في عواصم أوروبا و أمريكا أن نري
الألوف من العرب والهنود والأتراك و غيرهم يزحمون بعض الأحياء ، وينشغلون
بما جاءوا من أجله... والضرب في أرجاء الأرض خلق إسلامي حسن ! أما التقوقع
فرذيلة تضير الدين والدنيا معا ، ونحن نرفض قول الشاعر الكسول :يقيم
الرجال المكثرون بأرضهم وترمي النوي بالمقترين المراميا

إلا
أنني درست ظروف المهاجرين ، طورا عن خبرة ، و طورا عن أخبار وثيقة ، فشعرت
بالقلق !و خيل إلي أن خسائرنا تربو علي أرباحنا ، و أن جماعات المغتربين
والسائحين لم تجد من يعني بها العناية الصحيحة ، والسبب واضح ، فإن هنالك
سكرة عامة أبعدتنا عن قضايانا المهمة ، و شغلتنا بما لا غناء فيه .... إن
الحصول علي العملة الصعبة قد يكون الباعث الأكبر علي العناية بالمغتربين و
تتبع أخبارهم .... أما أوضاعهم الروحية والاجتماعية حيث يحلون فشأن
آخر!!!!و أنبه هنا إلي أن كثيرين من المهاجرين يعودون إلي أوطانهم بوجه
آخر غير الذي ذهبوا به ، هذا إن عادوا ! أما الذين تبتلعهم الحياة الجديدة
فجمهور فوق الحصر ...... هناك رجال يتزوجون بأجنبيات ، وتسيطر عليهم عقدة
النقص فيتركون ذرياتهم لدين غير الدين ولغة غير اللغة.... و من الدول من
يمنح جنسيته لكل طفل يولد علي أرضه ، أو لكل من تضعه أنثي من مواطنيها
....و هناك بيوت للشباب تحظي برعاية الكنائس المختلفة ، وتقدم المأوي لكل
وافد... و هناك مسلمات تزوجن بأشخاص آخرين ، وفقدن هويتهن إلي الأبد ،
وخرج أولادهن إلي الحياة يحملون نسبا غير النسب ودينا غير الدين

و
تيار الحضارة الغربية عاصف ، والقادمون من الشرق الإسلامي لم يدربوا علي
سباحة ، ولم يزودوا بالحصانات الواقية ، فما ينجو إلا من عصم الله... ولقد
استبنت بعض ملاحظات فاحصة أننا نخسر الألاوف في صمت ، وقد نشعر بالرضا لأن
نفرا من الفلاسفة و المفكرين أعلن دخوله في الإسلام !فهل في هذا عوض عما
فقدناه؟؟؟

إنه
لابد من إعادة النظر في مجتمعات المهاجرين والمغتربين ، ورسم سياسة تعرف
الواقع الذي يواجهه هؤلاء ، وتقدم عونا حقيقيا يمكنهم من الوقوف علي
أقدامهم ، والنجاة بعقائدهم و أخلاقهم ..... وعلي علماء الدين المشغولين
بالمجادلات الفقهية والكلامية أن يصحوا لمواجهة الموقف ، و إلا هلكوا و
أهلكوا...)



هنا
انتهي كلام الشيخ محمد الغزالي ، علما بأن هذا الكتاب طبع لأول مرة في عام
1996 أي منذ حوالي سبع سنوات ولم يبال أحد بهذه الظاهرة و يحاول محاولة
جادة لردع أو إيقاظ هؤلاء الشباب . ولله الأمر من قبل ومن بعد







حكم زواج المسلم بالكتابية Images+%286%29
\
_______________________


2
حكم زواج المسلم بالكتابية 5195


في
الجزء الأول من هذه السلسلة تحدثت عن زواج المسلم بأجنبية و أوردت مقال
الشيخ محمد الغزالي في هذه القضية التي لابد وأن ندرسها ونتابعها بصورة
جدية ، واليوم أتحدث معكم عن بعض ما ورد في شأن هذا الزواج في كتاب الشيخ
سيد سابق (فقه السنة) و هو مذكور في باب الزواج ، يقول : ( قال ابن المنذر
: و لا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم الزواج من نساء أهل الكتاب ، و عن
ابن عمر أنه كان إذا سئل عن زواج الرجل من النصرانية أو اليهودية قال : و
حرم الله المشركات علي المؤمنين ، ولا أعرف شيئا من الإشراك أعظم من أن
تقول المرأة ربها عيسي أو عبدا من عباد الله .... قال تعالي( و قالت
اليهود عزير ابن الله و قالت النصاري المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم
يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أني يؤفكون ) التوبة 30،
والزواج بهن و إن كان جائزا ، إلا أنه مكروه - لأنه لا يؤمن أن يميل إليها
فتفتنه عن الدين ، أو يتولي أهل دينها ، ، فأن كانت حربية ( المقيمة في
غير ديار الإسلام ) فالكراهية أشد ، لأنه يكثر سواد أهل الحرب و يري بعض
العلماء حرمة الزواج من الحربية فقد سئل ابن عباس عن ذلك فقال : لا تحل و
تلا قول الله عز وجل ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر و
لا يحرمون ما حرم الله ورسوله و لا يدينون دين الحق ، من الذين أوتوا
الكتاب ) .... و إنما أباح الإسلام الزواج منهن لزيل الحواجز بين أهل
الكتاب و دين الإسلام ،فإن في الزواج المعاشرة و المخالطة و تقارب الأسر
بعضها ببعض ، فتتاح الفرص لدراسة الإسلام ، و معرفة حقائقه و مبادئه و
مثله ، فهو أسلوب من أساليب التقريب العلمي بين المسلمين و غيرهم من أهل
الكتاب و داعية للهدي ودين الجق ، فعلي من يبتغي الزواج منهم أن يجعل ذلك
غاية من غاياته ، و هدفا من أهدافه )...... هنا ينتهي كلام شيخنا و إذا
نظرنا إلي الموقف في وقتنا هذا نجد أن الشباب يتزوجون من أجنبية بسبب وجهة
نظر بعضهم أن الفتاة الأجنبية ذات جذابية أو متفتحة عن العربية ، أو قد
يكون الشاب راغبا في التعرف علي أحداهن عن طريق النت فتتعلق به و يتزوجها
هو وهدفه الحصول علي جنسيتها والسفر والعمل في بلادها و تمتد حياة هذا
وذاك فنجد أمورا عظيمة بعد الزواج ، نجد شاب يتزوج بفتاة أمريكية ويكتشف
أن يهودية الأصل ، فإن أنجب منها و حجث انفصال أو لم يحدث فإن الطفل أو
الطفل يعد يهودي في معتقداتهم حتي ولو كان الأب مسلما أو أيا كانت ديانته
و سمعنا عن حالات عديدة ضاع فيها الأبناء بسبب الطغيان اليهودي في العالم
العربي الإسلامي الآن ونجد أمريكا تطاولت و اعتقدت نفسها أم الكون و كل ما
هو أمريكي فهو يعد تابو أي محرم و ذا أهمية تتعدي المسلمين خاصة و كافة
البشر عامة، عدا اليهود فهم الولاة الآن والمسيطرون سيطرة عجيبة علي كل ما
هو أمريكيو تأتي أمريكا فتغفر كل ما يصدر منهم و تحلله و تحني الجباه بسبب
لا يعلمه سوي الله القدير..... إذن فالزواج من كتابية الآن مكروه إلا
بحدود وقواعد لا أعتقد أن الشباب يدركونها ، فكثير من شبابنا الآن ينبهر
بماما أمريكا و يعتقد أن أهله و بلاده و كافة المسلمين متأخرين أو عالم
ثالث كما يذيعون عنا ، وهذا ما فعلناه بأنفسنا إذ تهاونا في دين الله و
سنة نبيه فما كان منهم إلا أن جعلونا عبيدا للمال والحضارة ونحن كنا أول
من دعي للحضارة والتحضر و إن أراد الشباب الحضارة والتحضر فعليهم قرآة
كتاب الله و سنة نبيه المصطفي و تاريخنا الإسلامي ليعلموا أن من دعا
لاتباع الحق هو الله عز وجل و أن من يدعو للطاغوت والشيطان هم أهل من
يدعون المدنية والحضارة الآن. و في النهاية أدعو جميع من رد علي عبر
مجموعات الياهوو قائلا بأن الزواج حلال أن يقرأ كلامي ليدرك أنني لم أحرمه
بل وضعت قيودا وضعها صحابة وسلف صالح من قبلي و في الجزء القادم والأخير
إن شاء الله سأكتب لكم بعض المواقف لرجال وشباب تزوجوا بأجنبيات و سنري ما
حدث لهم بعد سنوات طويلة من الزواج ... وفقنا الله و إياكم .... أقول قولي
هذا وأستغفر الله لي ويلكم ... ألا هل بلغت اللهم فاشهد



حكم زواج المسلم بالكتابية Images+%284%29ee


-----------------------




حكم زواج المسلم بالكتابية Imagesggg


3
في
الجزئين السابقين تحدثت عن بعض أحكام زواج المسلم بكتابية و هذا لم يكن
تحريم ما أحله الله كما ذكر لي البعض فما تحدثت عنه كان كلام سلف صالح و
صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم و في هذا الجزء الأخير أتحدث عن حالات
لزواج مسلم بكتابية و أنا إذ أذكر هذا ليس لمنع شيء أحله الله بل درأ لخطر
يترتب علي تلك الحالات كما نراها في زماننا هذا و اتباعا لقول عمر بن
الخطاب رضي الله عنه حينما سمع بزواج بعض رجال المسلمين( وكان بعضهم من
الصحابة) في جيوش الشام بالنصاريات ، فقال : و لمن تتركوا نساء
المسلمين؟؟؟؟؟؟



حكم زواج المسلم بالكتابية Images+%28c1%29


صدقت يا خليفة رسول الله !!


نعم
لمن تترك أخي المسلم أختك المسلمة ؟؟؟؟ لمن تتركها وظاهرة العنوسة
لفتياتنا أصبحت خطرا واضحا ينذر الجميع ، وبالطبع ظاهرة العنوسة تزداد ليس
فقط بسبب زواج المسلم بكتابية ، بل بسبب مغالاة بعض الأباء في طلب المهور
و الشبكات و مؤخر الصداق و الأفراح التي أصبحت تتكلف الآلاف المؤلفة ،
وهذا بالطبع يثقل كاهل كل شاب مسلم و يجعله يعزف عن الزواج لفترة طويله
حتي يتمكن من جمع المال اللازم لمواكبة متطلبات الآباء ، أقول لكل شاب
مسلم إقرأ يا أخي في المنتديات الخليجية عن مطالبة بعض الفتيات اللاتي
تعدين سن زواج ، بأن يكن زوجة ثانية لرجل متزوج فقط كي لا تصبح عانسا ،
إقرأ أخي عن الفتيات اللاتي توافقن علي ما يسمي بزواج المسيار ، وهو زواج
يجعلها مهمشة في حياة الرجل ، فقط كي لا يقال عنها عانسا.



حكم زواج المسلم بالكتابية Images+%285%29




أطالب
كل أب يقرأ مقالي هذا أن يتقي الله في ابنته و لا يطالب بأشياء تثقل كاهل
شاب فتجعله يبتعد عن الزواج و أذكركل شاب هنا بقول رسول الله صلي الله
عليه وسلم Sad تنكح المرأة لمالها و لحسبها و لجمالها و لدينها ، فاظفر
بذات الدين تربت يداك )



كل
شيء يتعلق بالمال و المغالاة زائل و ما هو باق هو تقوى الله والمودة
والتراحم المتواجدين في قلب كل زوجة وزوج ، و أطالب الأهل الذين يشجعون
أبناؤهم علي السفر إلي الخارج ، أن يشجعوهم علي السفر للعمل في بلدان
إسلامية ، و أعتقد أننا و الحمد لله لسنا بدوا أو متخلفين ، فالحضارة
لدينا ونحن إذا ما نظرنا إلي دولة مثلا كماليزيا نجدها تواكب التطور
الاقتصادي بل و تتسابق في تقديم كل ما يجعلها علي مساواة مع دول شرق آسيا
مثلا و قريبا إن شاء الله قد نراها تمحو زيف الحضارة الأجنبية و الله كل
ما علينا هو أن نتحد جميعا كمسلمين وندرك بأننا لسنا مصريين أو سعوديين أو
ماليزيين ، نحن مسلمين ومثلما نتقابل جميعنا في دين واحد هو الإسلام و
علينا أن نتمازج و نتق الله كي يخرج منا صحابيون وصحابيات مثلما كان مع
رسولنا الكريم ، فالمجتمع الغربي علي مختلف الأديان واللغات والألوان
اتحدوا فظهرت حضارتهم ، ونحن نجتمع علي دين فرقناه شيعا و العياذ بالله
فغضب الله علينا و انحدر بنا الحال أن أصبحنا لا نعيش إلا من خلال المعونة
الأجنبية.



حكم زواج المسلم بالكتابية R003-800




و
في نهاية حديثي هذا أذكر لكم بعض النماذج للشاب المسلم الذي يسافر طلبا
للرزق فيتزوج بأجنبية: 1 في الحالة الأولي نجد شاب يهاجر لإحدي الدول
الأوروبية ويتزوج هناك بشابة وينجب منها ثلاث أولاد ويعيش سنوات طوال هناك
لا يعود فيها إلي مصر إلا لأيام قليلة و كان يفتخر بأن أبناؤه يحفظون سورة
الفاتحه و المعوذتين و الصمد ، سبحان الله هل أصبح ديننا أربعة سور من
القرآن الكريم ، و في إحدي العطلات طالب أحد الأبناء من الأب أن يقضي
أجازته في مصر مع أبناء أعمامه و عماته ، وبالفعل وصل إلي مصر شابا يبدو
مثل الهيبيز و معه صديقته ، يرتديان أسمالا و يتحدثان بلغة إنجليزية ركيكة
حتي يتمكنوا من الحديث مع أقاربهم و بعد قضاؤه يومان سأل أبن عمته بكل
براءة : ألا يوجد لديكم مكان لشراء المخدرات؟؟؟ و حينما قوبل سؤاله
بالذهول : تعجب هو معتقدا فينا التخلف لأنه تعدي السادسة عشر ولديه بطاقة
يستطيع شراء المخدرات بها في بلاده !!!







و
في الحالة الثانية نجد أيضا شابا غادر لإحدي الدول الأوروبية أيضا وتزوج
بفتاه و أنجب ثلاثة أبناء و عاد بعد أعوام طويلة إلي بلاده متقلدا منصب
كبير ، فرح به الأهل و بزوجته التي كان يقولون عنها : نعم هي ليست مسلمة
ولكن أخلاقها أحسن من أخلاق الكثير من المسلمات ، استغفر الله العظيم ، و
إذا بالرجل نموذج للرجل الأجنبي الذي يشرب الخمر بكل بساطة ولا يستطيع
التحدث باللغة العربية بصورة جيدة بل ويظل يتعتع في الكلام حتي يعرف من
يحادثه ماذا يقصد ، أما الأبناء فالثلاثة لا يعلمون عن الدين سوي أن أبوهم
مسلم لم يصلي ولكنه الأن يصلي يوم الجمعة بصحبة موظفيه و مرؤسيه و أمهم
مسيحية تذهب إلي الكنيسة يوم الأحد و رفض الأبناء البقاء في مصر و عادوا
إلي بلادهم تاركين الوالد يعمل في مصر ، حتي الأم رفضت البقاء و عادت إلي
بلادها طالبة للطلاق لأنها لا تستطيع العيش مع رجل كان أجنبيا حتي عاد إلي
بلاده فأصبح متخلفا !!!



هاتان
الحالتان موجودتان بوفرة في مجتمعاتنا المسلمة و ما سردته لا يحتاج إلي
تعليق ، بل يحتاج إلي وقفة من كل مسلم و مسلمة يؤمنون بالله ربا وبمحمد
رسولا ، و أتمني أن ينظر الجميع للحالات المشابهة ليروا مدي صلاحية هذا
النوع من الزواج ، و أردد أنني أتحدث عن حالات الزواج بأجنبية غير مسلمة ،
فأنا قد رأيت حالات زواج لرجال مؤمنين صالحين تزوجوا من سيدات أجنبيات
أسلموا فحسن إسلامهم و عاشوا أسر طيبة ومنهم خرجت ذريات صالحة بإذن الله ،
ولكن في تلك الحالات كان الأزواج علي قدر عال من الدين والتدين وليسوا
شبابا في مقتبل العمر كل غايتهم المتعة الجنسية أو الهرب من متطلبات أب
يريد لابنته زوجا فاحش الثراء.

حكم زواج المسلم بالكتابية Images+%287%29


أقول قولي هذا و أستغفر الله لي ولكم ، ألا هل بلغت ؟ اللهم اشهد.


***********************


مجرد مدونة يقول...



الموضوع فعلا خطير جدا خاصة ان فى ضابط مهم فى الزواج من الكتابية أغلب الناس


بتتغافل عنه وهو انهم يكونوا عفيفات!



قال الله تعالى: {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب} المحصنات هنا معناها العفيفات ..



فأين هن العفيفات فى بلاد الكفر الآن؟؟



وأخيرا هذه فتوى العلامة الألبانى فى هذا الأمر تدل على فقه عميق:


http://audio.islamweb.net/audio/inde...id=4985#109334


وفتوى العلامة ابن باز رحمه الله:

http://www.binbaz.org.sa/mat/12386


http://mamanooor.blogspot.com/2010/02/blog-post_24.html

11حكم زواج المسلم بالكتابية Empty رد: حكم زواج المسلم بالكتابية الجمعة 08 يونيو 2012, 10:58 am

وليد محمد الشبيبي

وليد محمد الشبيبي
مؤسس المنتدى ومديره المسؤول

زواج المسلم بغير المسلمة
















موقع القرضاوي


آخر تحديث:17:55 (مكة) الثلاثاء 29 ذو القعدة 1432هـ -2011/10/25م







الأربعاء, 26 أكتوبر 2011 01:55


موقع القرضاوي






حكم زواج المسلم بالكتابية EmailButton


حكم زواج المسلم بالكتابية PrintButton


حكم زواج المسلم بالكتابية Pdf_button










حكم زواج المسلم بالكتابية Q_26_10_2011_06




س: هذا
موضوع أرجو أن يتسع وقتكم لتحريره وتحقيقه، وهو موضوع الزواج من غير
المسلمات. وأعني بالذات "الكتابيات" مسيحيات أو يهوديات -ممن نعتبرهم نحن
المسلمين "أهل كتاب" ولهم حكم خاص يميزهم عن غيرهم من الوثنيين وأمثالهم.

وقد رأيت ورأى الكثيرون غيري مفاسد جمة من
وراء هذا النوع من الزواج، وخصوصا على الأولاد من هذه الزوجة، التي كثيرا
ما تصبغ البيت كله بصبغتها، وتربي الأبناء والبنات على طريقتها، والزوج لا
يقدم ولا يؤخر، فهو في الأسرة مثل "شرابة الخرج" كما يقول العامة.

وقد سألت بعض العلماء في ذلك فقال: إن القرآن أباح الزواج من نساء أهل الكتاب وليس لنا أن نحرم ما أحل الله تعالى.

ولما كان اعتقادي أن الإسلام لا يبيح ما
فيه ضرر أو مفسدة، كتبت إليكم مستوضحا رأيكم في هذه القضية، لما علمته من
نظرتكم الشاملة إلى مثل هذه القضايا، ومعالجتها في ضوء النصوص الأصلية
للشريعة، وفي ضوء مقاصدها ومبادئها العامة، وأصولها الكلية.

أرجو ألا تهملوا الرد على هذه الرسالة بالرغم مما أعلم من مشاغلكم…والله معكم ويسددكم.

ج : الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد.

فقد قدر في أن أزور عددا من أقطار أوروبا
وأمريكا الشمالية، وأن ألتقي بعدد من أبناء المسلمين الذين يدرسون أو
يعلمون هناك، ويقيمون بتلك الديار إقامة مؤقتة أو مستقرة.

وكان مما سأل عنه الكثيرون: حكم الشرع في
زواج الرجل المسلم من غير المسلمة وبخاصة المسيحية أو اليهودية، التي
يعترف الإسلام بأصل دينها، ويسمى المؤمنين به "أهل الكتاب" ويجعل لهم من
الحقوق والحرمات ما ليس لغيرهم.

ولبيان الحكم الشرعي في هذه القضية،
يلزمنا أن نبين أصناف غير المسلمات وموقف الشريعة من كل منها. فهناك
المشركة، وهناك الملحدة، وهناك المرتدة، وهناك الكتابية.

تحريم الزواج من المشركة
فأما
المشركة -والمراد بها: الوثنية- فالزواج منها حرام بنص القرآن الكريم. قال
تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن، ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو
أعجبتكم) وقال تعالى: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) وسياق الآية والسورة كلها
-سورة الممتحنة- وسبب نزولها يدل على أن المراد بالكوافر: المشركات: أعني
الوثنيات.

والحكمة في هذا التحريم ظاهرة، وهي عدم
إمكان التلاقي بين الإسلام والوثنية، فعقيدة التوحيد الخالص، تناقض عقيدة
الشرك المحض، ثم إن الوثنية ليس لها كتاب سماوي معتبر، ولا نبي معترف به،
فهي والإسلام على طرفي نقيض. لهذا علل القرآن النهي عن نكاح المشركات
وإنكاح المشركين بقوله: (أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه) ولا تلاقي بين من يدعو إلى النار ومن يدعو إلى الجنة.

أيها المنكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يلتقيان؟

هي شامية إذا ما استقلت وسهيل إذا استقل يمان





أن ينتشر الزواج من غير المسلمات، بحيث يؤثر على الفتيات
المسلمات الصالحات للزواج، وذلك أن عدد النساء غالبا ما يكون مثل عدد
الرجال أو أكثر، وعدد الصالحات للزواج منهن أكبر قطعا من عدد القادرين على
أعباء الزواج من الرجال.


وهذا الحكم -منع الزواج من المشركات
الوثنيات- ثابت بالنص، وبالإجماع أيضا، فقد اتفق علماء الأمة على هذا
التحريم، كما ذكر ابن رشد في بداية المجتهد وغيره.

بطلان الزواج من الملحدة
وأعنى
بالملحدة: التي لا تؤمن بدين، ولا تقر بألوهية ولا نبوة ولا كتاب ولا
آخرة، فهي أولى من المشركة بالتحريم، لأن المشركة تؤمن بوجود الله، وإن
أشركت معه أندادا أو آلهة أخرى اتخذتهم شفعاء يقربونها إلى الله زلفى فيما
زعموا. وقد حكى القرآن عن المشركين هذا في آيات كثيرة مثل: (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن: الله)، (والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى).

فإذا كانت هذه الوثنية المعترفة بالله في
الجملة قد حرم نكاحها تحريماً باتاً، فكيف بإنسانة مادية جاحدة، تنكر كل
ما وراء المادة المتحيزة، وما بعد الطبيعة المحسوسة، ولا تؤمن بالله ولا
باليوم الآخر ولا بالملائكة ولا الكتاب ولا النبيين؟.

إن الزواج من هذه حرام بل باطل يقينا.

وأبرز مثل لها: الشيوعية التي تؤمن
بالفلسفة المادية، وتزعم أن الدين أفيون الشعوب، وتفسر ظهور الأديان
تفسيرا ماديا، على أنها من إفراز المجتمع، ومن آثار ما يسوده من أحوال
الاقتصاد وعلاقات الإنتاج.

وإنما قلت: الشيوعية المصرة على شيوعيتها،
لأن بعض المسلمين والمسلمات قد يعتنق هذا المذهب المادي، دون أن يسبر
غوره، ويعرفه على حقيقته، وقد يخدع به حين يعرضه بعض دعاته على أنه إصلاح
اقتصادي لا علاقة له بالعقائد والأديان.. الخ. فمثل هؤلاء يجب أن يزال
عنهم اللبس، وتزاح الشبه، وتقام الحجج، ويوضح الطريق حتى يتبين الفرق بين
الإيمان والكفر، والظلمات والنور، فمن أصر بعد ذلك على شيوعيته فهذا كافر
مارق ولا كرامة، ويجب أن تجري عليه أحكام الكفار في الحياة وبعد الممات.

المرتدة
ومثل
الملحدة: المرتدة عن الإسلام والعياذ بالله، ونعني بالمرتدة والمرتد كل من
كفر بعد إيمانه كفرا مخرجا من الملة، سواء دخل في دين آخر أم لم يدخل في
دين قط. وسواء كان الدين الذي انتقل إليه كتابيا أم غير كتابي. فيدخل في
معنى المرتدين ترك الإسلام إلى الشيوعية، أو الوجودية، أو المسيحية، أو
اليهودية، أو البوذية، أو البهائية، أو غيرها من الأديان والفلسفات، أو
خرج من الإسلام ولم يدخل في شيء، بل ظل سائبا بلا دين ولا مذهب.

والإسلام لا يكره أحدا على الدخول فيه،
حتى إنه لا يعتبر إيمان المكره ولا يقبله، ولكن من دخل فيه بإرادته الحرة
لم يجز له الخروج عنه.

وللردة أحكام بعضها يتعلق بالآخرة وبعضها بالدنيا.

فمما يتعلق بالآخرة: أن من مات على الردة فقد حبط كل ما قدمه من عمل صالح واستحق الخلود في النار، قال تعالى: (ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة، وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون).

ومن أحكام الدنيا: أن المرتد لا يستحق
معونة المجتمع الإسلامي ونصرته بوجه من الوجوه، ولا يجوز أن تقوم حياة
زوجية بين مسلم ومرتدة، أو بين مرتد ومسلمة، لا ابتداء ولا بقاء، فمن تزوج
مرتدة فنكاحه باطل، وإذا ارتدت بعد الزواج فرق بينهما حتما، وهذا حكم متفق
عليه بين الفقهاء، سواء من قال منهم بقتل المرتد رجلا كان أو امرأة وهم
الجمهور، أم من جعل عقوبة المرأة المرتدة الحبس لا القتل، وهم الحنفية.

ومما ينبغي التنبيه عليه هنا أن الحكم
بالردة والكفر على مسلم هو غاية العقوبة. لهذا وجب التحري والاحتياط فيه،
ما وجد إليه سبيل، حملا لحال المسلم على الصلاح. وتحسينا للظن به، والأصل
هو الإسلام، فلا يخرج منه إلا بأمر قطعي، واليقين لا يزال بالشك.

بطلان الزواج من البهائية
والزواج
من امرأة بهائية باطل، وذلك لأن البهائية إما مسلمة في الأصل، تركت دين
الله الحنيف إلى هذا الدين المصطنع، فهي في هذه الحال مرتدة بيقين، وقد
عرفنا حكم الزواج من المرتدة.

وسواء ارتدت بنفسها أم ارتدت تبعا لأسرتها، أو ورثت هذه الردة عن أبيها أو جدها، إن حكم الردة لا يفارقها.

وإما أن تكون غير مسلمة الأصل، بأن كانت
مسيحية أو يهودية أو وثنية أو غيرها، فحكمها حكم المشركة، إذ لا يعترف
الإسلام بأصل دينها، وسماوية كتابها، إذ من المعلوم بالضرورة أن كل نبوة
بعد محمد صلى الله عليه وسلم مرفوضة، وكل كتاب بعد القرآن باطل، وكل من
زعم أنه صاحب دين جديد بعد الإسلام فهو دجال مفتر على الله تعالى. فقد ختم
الله النبوة، وأكمل الدين، وأتم النعمة: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن
يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين).

وإذا كان زواج المسلم من بهائية باطلا بلا
شك، فإن زواج المسلمة من رجل بهائي باطل من باب أولى، إذ لم تجز الشريعة
للمسلمة أن تتزوج الكتابي، فكيف بمن لا كتاب له؟

ولهذا لا يجوز أن تقوم حياة زوجية بين
مسلم وبهائية أو بين مسلمة وبهائي، لا ابتداء ولا بقاء. وهو زواج باطل،
ويجب التفريق بينهما حتما.

وهذا ما جرت عليه المحاكم الشرعية في مصر في أكثر من واقعة.

وللأستاذ المستشار علي علي منصور حكم في
قضية من هذا النوع قضى فيه بالتفريق، بناء على حيثيات شرعية فقهية موثقة،
وقد نشر في رسالة مستقلة، فجزاه الله خيرا.

رأى جمهور المسلمين إباحة الزواج من الكتابية
الأصل في الزواج من نساء أهل الكتاب عند جمهور المسلمين هو الإباحة.

فقد أحل الله لأهل الإسلام مؤاكلة أهل
الكتاب ومصاهرتهم في آية واحدة من سورة المائدة، وهي من أواخر ما نزل من
القرآن الكريم. قال تعالى: (وطعام
الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات
والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير
مسافحين ولا متخذي أخدان).

رأي ابن عمر وبعض المجتهدين
وخالف
في ذلك من الصحابة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فلم ير الزواج من
الكتابية مباحا، فقد روى عنه البخاري: أن كان إذا سئل عن نكاح النصرانية
واليهودية قال: إن الله حرم المشركات على المؤمنين، (يعني قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) ولا أعلم من الإشراك شيئا أكبر من أن تقول: "ربها عيسى، وهو عبد من عباد الله!").

ومن العلماء من يحمل قول ابن عمر على
كراهية الزواج من الكتابية لا التحريم ولكن العبارات المروية عنه تدل على
ما هو أكثر من الكراهية.

وقد أخذ جماعة من الشيعة الإمامية بما ذهب إليه ابن عمر استدلالا بعموم قوله تعالى في سورة البقرة: (ولا تنكحوا المشركات) وبقوله في سورة الممتحنة: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر).

ترجيح رأي الجمهور
والحق أن رأي الجمهور هو الصحيح، لوضوح آية المائدة في الدلالة على الزواج من الكتابيات. وهي من آخر ما نزل كما جاء في الحديث.

وأما قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات) وقوله: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر)
فأما أن يقال: هذا عام خصصته سورة المائدة، أو يقال: إن كلمة "المشركات"
لا تتناول أهل الكتاب أصلا في لغة القرآن، ولهذا يعطف أحدهما على الآخر
كما في سورة البقرة: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين..)، (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها..).

وفي سورة الحج يقول تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين والمجوس والذين أشركوا، إن الله يفصل بينهم يوم القيامة) فجعل
الذين أشركوا صنفا متميزا عن باق الأصناف، ويعني بهم الوثنيين. والمراد بـ
"الكوافر" في آية الممتحنة: المشركات، كما يدل على ذلك سياق السورة.

قيود يجب مراعاتها عند الزواج من الكتابية
وإذن
يكون الراجح ما بيناه من أن الأصل هو إباحة زواج المسلم من الكتابية،
ترغيبا لها في الإسلام، وتقريبا بين المسلمين وأهل الكتاب، وتوسيعا لدائرة
التسامح والألفة وحسن العشرة بين الفريقين.

ولكن هذا الأصل معتبر بعدة قيود، يجب ألا نغفلها:
القيد
الأول: الاستيثاق من كونها "كتابية" بمعنى أنها تؤمن بدين سماوي الأصل
كاليهودية والنصرانية، فهي مؤمنة -في الجملة- بالله ورسالاته والدار
الآخرة. وليست ملحدة أو مرتدة عن دينها، ولا مؤمنة بدين ليس له نسب معروف
إلى السماء.

ومن المعلوم في الغرب الآن أنه ليس كل
فتاة تولد من أبوين مسيحيين مثلا مسيحية. ولا كل من نشأت في بيئة مسيحية
تكون مسيحية بالضرورة. فقد تكون شيوعية مادية، وقد تكون على نحلة مرفوضة
أساسا في نظر الإسلام كالبهائية ونحوها.

القيد الثاني: أن تكون عفيفة محصنة؛ فإن الله لم يبح كل كتابية، بل قيد في آياته الإباحة نفسها بالإحصان، حيث قال: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) قال ابن كثير: والظاهر أن المراد بالمحصنات العفيفات عن الزنى، كما في الآية الأخرى: (محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان). وهذا ما أختاره. فلا يجوز للمسلم بحال أن يتزوج من فتاة تسلم زمامها لأي رجل، بل يجب أن تكون مستقيمة نظيفة بعيدة عن الشبهات.

وهذا ما اختاره ابن كثير، وذكر أنه رأي
الجمهور، وقال "وهو الأشبه، لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية، وهي مع ذلك غير
عفيفة، فيفسد حالها بالكلية، ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل: حشفا وسوء
كيله!".

وقد جاء عن الإمام الحسن البصري أن رجلا
سأله: أيتزوج الرجل المرأة من أهل الكتاب؟ فقال: ما له ولأهل الكتاب، وقد
أكثر الله المسلمات؟! فإن كان ولا بد فاعلا. فليعمد إليها حصانا (أي
محصنة) غير مسافحة، قال الرجل: وما المسافحة؟! قال: هي التي إذا لمح الرجل
إليها بعينه اتبعته.

ولا ريب أن هذا الصنف من النساء في
المجتمعات الغربية في عصرنا يعتبر شيئا نادرا بل شاذا، كما تدل عليه
كتابات الغربيين وتقاريرهم وإحصاءاتهم أنفسهم، وما نسميه نحن البكارة
والعفة والإحصان والشرف ونحو ذلك، ليس له أية قيمة اجتماعية عندهم،
والفتاة التي لا صديق لها تعير من أترابها، بل من أهلها وأقرب الناس إليها.

القيد الثالث: ألا تكون من قوم يعادون
المسلمين ويحاربونهم. ولهذا فرق جماعة من الفقهاء بين الذمية والحربية.
فأباحوا الزواج من الأولى، ومنعوا الثانية. وقد جاء هذا عن ابن عباس فقال:
من نساء أهل الكتاب من يحل لنا، ومنهم من لا يحل لنا. ثم قرأ: (قاتلوا
الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله،
ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية..)
فمن أعطى الجزية حل لنا نساؤه، ومن لم يعط الجزية لم يحل لنا نساؤه.

وقد ذكر هذا القول لإبراهيم النخعي -أحد
فقهاء الكوفة وأئمتها- فأعجبه. وفي مصنف عبد الرزاق عن قتادة قال: لا تنكح
امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد. وعن علي رضي الله عنه بنحوه.

وعن ابن جريج قال: بلغني ألا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد.

وفي مجموع الإمام زيد عن علي: أنه كره
نكاح أهل الحرب. قال الشارح في "الروض النضير": والمراد بالكراهة:
التحريم؛ لأنهم ليسوا من أهل ذمة المسلمين. قال: وقال قوم بكراهته ولم
يحرموه، لعموم قوله تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) فغلبوا الكتاب على الدار. يعني: دار الإسلام. والذي من أهل دار الإسلام بخلاف غيره من أهل الكتاب.

ولا ريب أن لرأي ابن عباس وجاهته ورجحانه
لمن يتأمل، فقد جعل الله المصاهرة من أقوى الروابط بين البشر، وهي تلي
رابطة النسب والدم، ولهذا قال سبحانه: (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا).
فكيف تتحقق هذه الرابطة بين المسلمين وبين قوم يحادونهم ويحاربونهم؟ وكيف
يسوغ للمسلم أن يصهر إليهم، فيصبح منهم أجداد أولاده وجداتهم وأخوالهم
وخالاتهم؟ فضلا عن أن تكون زوجه وربة داره وأم أولاده منهم؟ وكيف يؤمن أن
تطلع على عورات المسلمين وتخبر بها قومها؟

ولا غرو أن رأينا العلامة أبا بكر الرازي الحنفي يميل إلى تأييد رأي ابن عباس محتجا له بقوله تعالى: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) والزواج يوجب المودة، يقول تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة) سورة الروم.

قال: فينبغي أن يكون نكاح الحربيات محظورا، لأن قوله تعالى: (يوادون من حاد الله ورسوله) إنما يقع على أهل الحرب، لأنهم في حد غير حدنا.

يؤيد ذلك قوله تعالى: (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم، ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون).

وهل هناك تول لهؤلاء أكثر من أن يزوج إليهم، وتصبح الواحدة من نسائهم جزءا من أسرته بل العمود الفقري في الأسرة؟

وبناء على هذا لا يجوز لمسلم في عصرنا أن
يتزوج يهودية، ما دامت الحرب قائمة بيننا وبين إسرائيل، ولا قيمة لما يقال
من التفرقة بين اليهودية والصهيونية، فالواقع أن كل يهودي صهيوني، لأن
المكونات العقلية والنفسية للصهيونية إنما مصدرها التوراة وملحقاتها
وشروحها والتلمود… وكل امرأة يهودية إنما هي جندية -بروحها- في جيش
إسرائيل.

القيد الرابع: ألا يكون من وراء الزواج من
الكتابية فتنة ولا ضرر محقق أو مرجح، فإن استعمال المباحات كلها مقيد بعدم
الضرر، فإذا تبين أن في إطلاق استعمالها ضررا عاما، منعت منعا عاما، أو
ضررا خاصا منعت منعا خاصا، وكلما عظم الضرر تأكد المنع والتحريم، وقد قال
صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار".

وهذا الحديث يمثل قاعدة شرعية قطعية من
قواعد الشرع، لأنه -وإن كان بلفظه حديث آحاد- مأخوذ من حيث المعنى من نصوص
وأحكام جزئية جمة من القرآن والسنة، تفيد اليقين والقطع.

ومن هنا كانت سلطة ولي الأمر الشرعي في تقييد بعض المباحات إذا خشي من إطلاق استخدامها أو تناولها ضررا معينا.

والضرر المخوف بزواج غير المسلمة يتحقق في صور كثيرة:

فإذا أصبح التزوج بغير المسلمات ظاهرة
اجتماعية مألوفة، فإن مثل عددهن من بنات المسلمين سيحرمن من الزواج، ولا
سيما أن تعدد الزوجات في عصرنا أصبح أمرا نادرا، بل شاذا، ومن المقرر
المعلوم بالضرورة أن المسلمة لا يحل لها أن تتزوج إلا مسلما، فلا حل لهذه
المعادلة إلا سد باب الزواج من غير المسلمات إذا خيف على المسلمات.

وإذا كان المسلمون في بلد ما، يمثلون
أقلية محدودة، مثل بعض الجاليات في أوروبا وأمريكا، وبعض الأقليات في آسيا
وأفريقيا، فمنطق الشريعة وروحها يقتضي تحريم زواج الرجال المسلمين من غير
المسلمات، وإلا كانت النتيجة إلا يجد بنات المسلمين -أو عدد كبير منهن-
رجلا مسلما يتقدم للزواج منهن، وحينئذ تتعرض المرأة المسلمة لأحد أمور
ثلاث:

(أ) إما الزواج من غير مسلم، وهذا باطل في الإسلام.

(ب) وإما الانحراف، والسير في طريق الرذيلة. وهذا من كبائر الإثم.

(ج) وإما عيشة الحرمان الدائم من حياة الزوجية والأمومة.

وكل هذا مما لا يرضاه الإسلام. وهو نتيجة حتمية لزواج الرجال المسلمين من غير المسلمات، مع منع المسلمة من التزوج بغير المسلم.

هذا الضرر الذي نبهنا عليه هو الذي خافه
أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -فيما رواه الإمام محمد بن الحسن- في كتابه
"الآثار حين بلغه أن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان تزوج -وهو بالمدائن-
امرأة يهودية، فكتب إليه عمر مرة أخرى: أعزم عليك ألا تضع كتابي هذا حتى
تخلي سبيلها، فإني أخاف أن يقتدي بك المسلمون، فيختاروا نساء أهل الذمة
لجمالهن، وكفي بذلك فتنة لنساء المسلمين".

وقد ذكر الإمام سعيد بن منصور في سننه قصة
زواج حذيفة هذه، ولكنه ذكر تعليلا آخر لمنع عمر لحذيفة. فبعد أن نفى حرمة
هذا الزواج قال: "ولكني خشيت أن تعاطوا المومسات منهن".

ولا مانع أن يكون كل من العلتين مقصوداً لعمر رضي الله عنه.

فهو يخشى -من ناحية- كساد سوق الفتيات المسلمات، أو كثير منهن. وفي ذلك فتنة أي فتنة.

ومن ناحية أخرى يخشى أن يتساهل بعض الناس
في شرط الإحصان -العفاف- الذي قيد به القرآن حل الزواج منهن، حتى يتعاطوا
زواج الفاجرات والمومسات، وكلتاهما مفسدة ينبغي أن تمنع قبل وقوعها، عملا
بسد الذرائع. ولعل هذا نفسه ما جعل عمر يعزم على طلحة بن عبيد الله إلا
طلق امرأة كتابية تزوجها، وكانت بنت عظيم يهود، كما في مصنف عبد الرزاق.

إن الزواج من غير المسلمة إذا كانت أجنبية
غريبة عن الوطن واللغة والثقافة والتقاليد -مثل زواج العربي والشرقي من
الأوروبيات والأمريكيات النصرانيات- يمثل خطرا آخر يحس به كل من يدرس هذه
الظاهرة بعمق وإنصاف، بل يراه مجسدا ماثلا للعيان. فكثيرا ما يذهب بعض
أبناء العرب المسلمين إلى أوروبا وأمريكا للدراسة في جامعاتها، أو للتدريب
في مصانعها، أو للعمل في مؤسساتها، وقد يمتد به الزمن هناك إلى سنوات ثم
يعود أحدهم يصحب زوجة أجنبية، دينها غير دينه ولغتها غير لغته، وجنسها غير
جنسه، وتقاليدها غير تقاليده، ومفاهيمها غير مفاهيمه، أو على الأقل غير
تقاليد قومه ومفاهيمهم، فإذا رضيت أن تعيش في وطنه -وكثيرا ما لا ترضى-
وقد لأحد من أبويه أو إخوته أو أقاربه، أن يزوره في بيته، وجد نفسه غريبا.
فالبيت بمادياته ومعنوياته أمريكي الطابع أو أوربي في كل شيء، وهو بيت
"المدام" وليس بيت صاحبنا العربي المسلم، هي القوامة عليه، وليس هو القوام
عليها. ويعود أهل الرجل إلى قريتهم أو مدينتهم بالأسى والمرارة، وقد أحسوا
بأنهم فقدوا ابنهم وهو على قيد الحياة!!

وتشتد المصيبة حين يولد لهما أطفال، فهم
يشبون -غالبا- على ما تريد الأم، لا على ما يريد الأب إن كانت له إرادة،
فهم أدنى إليها، ألصق بها، وأعمق تأثرا بها، وخصوصا إذا ولدوا في أرضها
وبين قومها هي، وهنا ينشأ هؤلاء الأولاد على دين الأم، وعلى احترام قيمها
ومفاهيمها وتقاليدها… وحتى لو بقوا على دين الأب، فإنما يبقون عليه اسما
وصورة،لا حقيقة وفعلا. ومعنى هذا أننا نخسر هؤلاء الناشئة دينيا وقوميا،
إن لم نخسر آباءهم أيضا.

وهذا الصنف أهون شرا من صنف آخر يتزوج
الأجنبية، ثم يستقر ويبقى معها في وطنها وبين قومها، بحيث يندمج فيهم شيئا
فشيئا، ولا يكاد يذكر دينه وأهله ووطنه وأمته. أما أولاده فهم ينشأون
أوربيين أو أمريكيين، إن لم يكن في الوجوه والأسماء، ففي الفكر والخلق
والسلوك، وربما في الاعتقاد أيضا، وربما فقدوا الوجه والاسم كذلك، فلم يبق
لهم شيء يذكرهم بأنهم انحدروا من أصول عربية أو إسلامية.

ومن أجل هذه المفسدة، نرى كثيرا من الدول
تحرم على سفرائها، وكذلك ضباط جيشها، أن يتزوجوا أجنبيات، بناء على مصالح
واعتبارات وطنية وقومية.

تنبيه مهم
وفي
ختام هذا البحث، أرى لزاما علي -في ضوء الظروف والملابسات التي تتغير
الفتوى بتغيرها- أن أنبه على أمر لا يغيب عن ذوي البصائر، وهو في نظري على
غاية من الأهمية، وهو:

إن الإسلام حين رخص في الزواج من الكتابيات راعى أمرين:

أن الكتابية ذات دين سماوي في الأصل، فهي
تشترك مع المسلم في الإيمان بالله وبرسالاته، وبالدار الآخرة، وبالقيم
الأخلاقية، والمثل الروحية التي توارثتها الإنسانية عن النبوات، وذلك في
الجملة لا في التفصيل طبعا. وهذا يجعل المسافة بينها وبين الإسلام قريبة،
لأنه يعترف بأصل دينها، ويقر بأصوله في الجملة، ويزيد عليها ويتممها بكل
نافع وجديد.

إن المرأة الكتابية -وهذا شأنها- إذا عاشت
في ظل زوج مسلم ملتزم بالإسلام، وتحت سلطان مجتمع مسلم مستمسك بشرائع
الإسلام -تصبح في دور المتأثر لا المؤثر، والقابل لا الفاعل- فالمتوقع
منها والمرجو لها أن تدخل في الإسلام اعتقادا وعملا. فإذا لم تدخل في
عقيدة الإسلام -وهذا من حقها إذ لا إكراه في الدين- اعتقادا وعملا. فإنها
تدخل في الإسلام من حيث هو تقاليد وآداب اجتماعية. ومعنى هذا أنها تذوب
داخل المجتمع الإسلامي سلوكيا، إن لم تذب فيه عقائديا.

وبهذا لا يخشى منها أن تؤثر على الزوج أو على الأولاد، لأن سلطان المجتمع الإسلامي من حولها أقوى وأعظم من أي محاولة منها لو حدثت.

كما أن قوة الزوج عادة في تلك الأعصار،
وغيرته على دينه، واعتزازه به اعتزازا لا حد له، وحرصه على حسن تنشئة
أولاده، وسلامة عقيدتهم، يفقد الزوجة القدرة على أن تؤثر في الأولاد
تأثيرا يتنافى مع خط الإسلام.

أما في عصرنا، فيجب أن نعترف بشجاعة
وصراحة: إن سلطان الرجل على المرأة المثقفة قد ضعف، وإن شخصية المرأة قد
قويت، وبخاصة المرأة الغربية، وهذا ما وضحناه فيما سبق.

أما سلطان المجتمع المسلم فأين هو؟ إن
المجتمع الإسلامي الحقيقي الذي يتبنى الإسلام عقيدة وشريعة ومفاهيم
وتقاليد وأخلاقا وحضارة شاملة، غير موجود اليوم.

وإذا كان المجتمع المسلم غير موجود
بالصورة المنشودة، فيجب أن تبقى الأسرة المسلمة موجودة، عسى أن تعوض بعض
النقص الناتج عن غياب المجتمع الإسلامي الكامل.

فإذا فرطنا في الأسرة هي الأخرى، فأصبحت
تتكون من أم غير مسلمة، وأب لا يبالي ما يصنع أبناؤه وبناته، ولا ما تصنع
زوجته، فقل على الإسلام وأهله السلام!.

ومن هنا نعلم أن الزواج من غير المسلمات
في عصرنا ينبغي أن يمنع سدا للذريعة إلى ألوان شتى من الضرر والفساد. ودرء
المفسدة مقدم على جلب المصلحة. ولا يسوغ القول بجوازه إلا لضرورة قاهرة أو
حاجة ملحة، وهو يقدر بقدرها.

ولا ننسى هنا أن نذكر أنه مهما ترخص
المترخصون في الزواج من غير المسلمة، فإن مما لا خلاف عليه، أن الزواج من
المسلمة أولى وأفضل من جهات عديدة، فلا شك أن توافق الزوجين من الناحية
الدينية أعون على الحياة السعيدة، بل كلما توافقا فكريا ومذهبيا كان أفضل.

وأكثر من ذلك أن الإسلام لا يكتفي بمجرد
الزواج من أية مسلمة، بل يرغب كل الترغيب في الزواج من المسلمة المتدينة،
فهي أحرص على مرضاة الله، وأرعى لحق الزوج، وأقدر على حفظ نفسها وماله
وولده، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "فاظفر بذات الدين تربت يداك".



تاريخ آخر تحديث ( الخميس, 15 ديسمبر 2011 20:36 )



http://www.qaradawi.net/fatawaahkam/30/1281.html

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى