الصفات العامة لبرج الحوت :
ما هو الأسهل بالنسبة إلى سمكة عادية : السباحة مع التـيار أم الصعود عكسه ؟ مجاراة التيار هي الأسهل طبعاً لا لسمك المحيطات وحسب بل لمواليد برج الحوت الذيـن هم من عائلة الأسماك ولو اسماً فقط . في مجاراة تيار الحياة يجد الإنسان المولود في برج الحوت والذي يرعاه إله البحار نبتـون سعادته وراحته النفسية بينما يُعتبر السير في اتجاه معاكس أمراً شـاقاً لا تقوى عليه طبيعته الكسولة وحبه للحياة السهلة . " أريد أن أعيش " هو المبدأ الذي يُؤمن به ويُحاول العمل به قدر المُسـتطاع .
ولو قيل لهذا الإنسان إن العالم يتداعى أو إن المجاعة تعمّ بالأرض أو أن التـلوث سوف يقضي على البشرية قريباً لما ردّ بأكثر من الضحك أو التـثاؤب . فهو راض ٍ بحاضره عديم الاهتمام بغده , لا يهدف إلى مال أو سلطة , ولا يتمنى من دنياه أكثر من حلاوتها . وبما أنه قليل الطمع والجشع لا شيء يقوده إلى الحركة أو العنف . إن ما يفعله رداً على التحدي والإثارة سلاطة اللسان ومرارة الكلام . غضبه سطحي قصير الأمد يُشبه دوائر الماء عند رمي حجر فيه إذ سرعان ما تـتلاشى ويستعيد سطح الماء سكونه وصفاءه .
يجد مولود برج الحوت الراحة والانتعاش في شرب السوائل كالماء وغيره , يرى العالم من خلال منظار وردي يرسم له كل شيء جميلا ً رائعاً . ولا يعني ذلك أنه يجهل واقع الحياة بألمه ومرارته , ولكنه يُفضل الهروب إلى الحلم والوهم مُقـنعاً نفـسه بأن موقفه هذا هو عين الصواب . وبكلام أوضح يتجاذب مولود برج الحوت سؤالان أو فكرتان عليه أن يختار بينهما . فهو مضطر إمّا إلى العوم على سطح الماء ومعرفة واقع الدنيا أو الغوص إلى الأعماق بعيداً عن أهدافه الأساسية . والحقيقة أنه كثيراً ما يتردد لعدم استطاعته الرؤية بوضوح مثـله في ذلك مثـل السمكة التي تـنظر إلى جانبيها بدلا ً من النظر إلى الأمام.
يرمز مولود برج الحوت – الذي هو آخر الأبراج كما نعلم – إلى الموت والخلود بينما يرمز برج الحمل – أول الأبراج – إلى الولادة . ويمكن القول أن هذا البرج الأخيـر هو خلاصة لما سبقه من أبراج , أي أن الإنسان المولود فيه يتسم أحياناً بمعرفة العذراء , ومحاكمة الميزان , ومرح السرطان , وكرم القوس , وصراحة الأسد , وشعور الجدي بالواجب , واندفاع الحمل , وقوة تحليل الدلو , وكسل الثور , وسرعة الجوزاء , كل ذلك أو بعضه في آن ٍ واحد . بالإضافة إلى ذلك توجد لدى مولود الحوت حركة مستمرة وقابلية للتحوّل الذاتي . هذه الميزة الخاصة التي حُرمتها الأبراج الأخرى تمكنه من الانسلاخ عن نفسه وبالتالي استعراض الماضي والحاضر والمستـقـبل دفعة واحدة الأمر الذي يُفسّر إلى حدٍ ما كيفية تـنبئه بالأشياء قبل وقوعها . إنه في رأي البعض أصدق برهان على فلسفة التـقمّص التي يُؤمن بها الكثيرون .
في رأي هذا الإنسان أنه خالد ممّا يدفعه إلى إهمال صحته وراحته في سبيل الآخرين . من الأشياء التي تسبب له الضرر الجسيم المسكنات والمهيجات والإرهاق ومشاكل الغير التي تلاحقه دوماً وبعض العادات السيئة في المأكل والمشرب . ما قد يعوّضه من ضعفه الجسماني تلك القوة الخارقة التي يستمدها من الإيحاء الذاتي . فهو يستطيع إقناع نفسه بأنّ لا خوف عليه من أي أمر أو شخص .
على الرغم من خجله الفطري ينجح مولود برج الحوت في التمثـيل المسرحي وإن كان ضعيفاً سريع التأثر أمام النقد . ويتمتع بذاكرة مُذهلة ومزاج مُرهف وحس جمالي يُمكنه من ولوج باب الكتابة والتأليف نثراً وشعراً . وبما أن لديه ملكة عظيمة تـُميّـز الخير من الشر وتستطيع مقاومة جميع أنواع الإغراء ينجح في أن يكون رجل دين أو متصوفاً يُشار إليه بالبنان . وهو في جميع الأحوال مندفع في سبيل المرضى والفقراء والمعوزين لا يفرق بين شخص وآخر ولا يُقاضي أو يحاسب أحداً . مزاجه سلاح خفي يستعمله عند الحاجة . يضحك أحياناً ليُداري دموعه أو يُضحك الآخريـن دون أن يفـتر ثـغره عن الابتسام . لا مبالاته ستار لضعفه , ومظهر البأس عنده قشرة خارجية لا أكثر .
طبيعة هذا الإنسان بعيدة المنال , تقوم على الوهم والتهرب من الواقع . من الصعب أن يدركها أحد غيره ما لم يستعمل الكثير من الخيال وما لم يعلم سلفاً أن رمزه الماء بخضرته ورطوبته ووحله وتحركه المستمر , وأن سرّه العميق مدفون في قاع المحيط حيث لا يعلم به سوى كوكبه نبتون .
الطفل الحوت:
منذ أن يفتح الطفل المولود في برج الحوت عينيه أول مرة يـبدو فيهما سحر غريب يوحي بأنه طفل غير عادي هبط من كوكب بعيد على متن شعاع قمري . وعندما تـتأمل والدته وجهه المورد وبشرته الرقيقة وغمازاته الحلوة يمتـلئ قلبها بالسرور , وتتمنى لو تمتد طفولته لتـنعم بها أطول فترة ممكنة . ولا بدّ من أن تكتـشف يوماً , بعد مضي سنوات , أن السماء قد حقـقت فعلا ً رجاءها وتركت لابنها جزءاً كبيراً من أحلام وخيالات طفولته السعيدة .
يظهر طفل برج الحوت منذ البداية كارهــاً لواقع الحياة ورتابتها , هاوياً للتمثيـل بغية الهروب إلى عالم آخر أجمل وأهنأ . إن ميله هذا يُسهل في الواقع أمر تربيته ورعايته . فإذا أرادت والدته إقناعه بأمر ما عليها الدخول معه في تمثـيلية وهمية ينسى فيها نفسه فيـنـقاد إلى أوامرها طائعاً مختاراً . تستطيع مثلا ً التظاهر بأنها جنية لطيفة جاءت ترشّ عينيه بالنوم فينام , أو تدّعي أن الملعقة عصفور هائم , وأن فمه هو العش , فيفتحه ويتـلقف الطعام , وهكذا . . . إن أي أسلوب يتسم بطابع الغرابة يظل أفضل بالنسبة إليه من الروتين الذي يسير عليه الأطفال عادة . إنـّه على كل حال يرفض اللجوء إلى العنف والصراخ للوصول إلى مبتغاه , ويستعمل عوضاً منهما أساليب ملتوية فيها الكثير من الذكاء والحكمة .
حاجة هذا الطفل إلى التقديـر والتـشجيع ماسة بسبب ثـقته القليلة بنفسه وإيمانه بأن كفاءاته محدودة . وهو حساس خجول سريع العطب ولكنه قادر على إخفاء حقيقة أمره تحت ستار التكتم والادعاء . ومع أنه ماهر في تحوير الواقع إلا أنه يُصرّ على القول إنه صادق لا يكذب . كذبه على حال من النوع البريء الناجم عن الخوف من تعرية الحقائق . هذا من ناحية , ومن ناحية أخرى يُعتبر في المدرسة مصدر حيرة واستغراب معلميه وذلك بسبب رفضه أساليب التعليم المألوفة واتباعه أسلوباً خاصاً به وحده تـثبت جدارته مع الوقت . هو أيضاً طفل فنان يتذوق الموسيقى والرقص ويُدهش الناس بخفته ورشاقـته , كما ينجذب بقوة نحو رجالات الحرب وعلماء الفضاء وكبار الموسيقيـين والنحاتين . يُفضل معاشرة الكبار على الصغار , ومع ذلك يتهرب من الواجب والمسؤولية .
يعيش طفل برج الحوت حالة تقمّص غريـبة إذ يتحدث عن أناس ماتوا قبل ولادته , ويسرد بعض الوقائع قبيل حدوثها . إن الخطر كل الخطر أن تـقابل هذه الظاهرة بالهزء أو اللوم أو الاتهام بالكذب لأن الأيام والحوادث كثيراً ما تـُثبت صدق رؤية هذا الطفل العجيب . بالمقابل لا يجوز تركه فريسة أوهامه وخيالاته دون تدخل بنـّاء من قبل أهله ومُربّيه . إن في الإمكان معالجة أمره بالرفق والصبر والمحبة إلى أن يستطيع التكيّف للعالم الذي يعيش فيه وينجح في تحويل جزء من أحلامه إلى واقع ملموس فيه سعادته واستـقراره .
الرجل الحوت:
يمرّ الحظ أحياناً بقرب الرجل – الحوت فيجده يحلم أو يتأمل نجماً يلمع في أديم السماء . يتركه مُسرعاً في اتجاه أشخاص آخريـن دون أن يدرك صاحب الحلم أنه فوّت على نفسه فرصة نجاح حقيقي . هل يُسمى ذلك ضعفاً أم فشلا ً ؟ لا هذا ولا ذاك , لأن في استطاعة هذا الرجل – لو أراد السعي وراء الرزق – الوصول إلى أعلى قمم النجاح بفضل حدسه الموروث عن الإله نبتون .
من أبرز مظاهر شخصية رجل برج الحوت الفضول الخالي من سوء النية أو الدهشة أو المقاضاة لسلوك الغير . إنـّه يُـثرثر أحياناً قبل أن يُفكر فيكشف عن بعض الأسرار المتعلقة بغيره دون قصد ولكنه يرفض بالمقابل البوح بشيء مهما تكن الدوافع والظروف إذا طـُلب منه الكتمان . وهو يتكلم بتؤدة ويفكر بهدوء ويحاول عدم التدخل فيما لا يعنيه ولكن مشاكل الغير تلاحقه على الرغم منه . وقد يكون السبب موهبة الإصغاء عنده وقدرته على امتصاص الآلام والأحزان كأنها ملكه الخاص . يجب على أصدقائه وأقاربه أن يُراعوا صحته فلا يُحمّـلوه أكثر مما يستطيع وأن يتـفهمّوا حاجته إلى الراحة والصمت والعزلة لاستعادة ما فقد في سبيلهم من نشاط وحيوية .
هذا الرجل إنسان خجول حساس يُجرَح بسرعة ويتطلب من الآخرين الإعجاب والتـشجيع لاعتقاده أنه محدود الكفاءة . ومع ذلك يتمتع بقابلية عظيمة لليوغا والسحر والفلك والتقمص والعلوم الباطنية الأخرى . في استطاعته قراءة الأفكار , ومعرفة ما سيحدث , والتـظاهر بعكس ما يضمر في بعض الأحيان . وهو بامتلاكه بعض الأسرار يشعر بالراحة والطمأنينة .
يتوقع هذا الرجل من المرأة التي يُحبها الإخلاص والوفاء التامين , وفي الوقت ذاته يرفض التخلــّي عن أصدقائه العديديـن من الجنسين الذيـن يقوم بخدمتهم بجميع الوسائل وفي جميع الأوقات الأمر الذي يُـثير غيرة امرأته ونقمتها على الرغم منها . إنه كثير الإعجاب بالجمال , لا يتردد في ملاحقة النساء بنظراته المعبّرة عن إحساسه وشعوره ولو نتج عن ذلك سوء تفاهم بينه وبين من يحبّ . ويمر رجل برج الحوت في فترة قلق وكآبة لا يعرف مصدرهما فيضطر إلى الانزواء في انتظار أن يأتيه اقتراح من زوجته يُبدّل مزاجه المُتعكر . ثم إنه مُبذر لا يستطيع التوفير إلا مع مرور الوقت وبمساعدة زوجته التي تستطيع أن تكون المثـل الأعلى في هذا المضمار .
يجد الأولاد في هذا الرجل أكثر من أب . إنه الصديق الذي يُرافق أولاده إلى النزهات والرحلات البحرية ويُعلمهم أصول السباحة والتجديف واليوغا وغيرها , والمربّي الطيب القلب الليـّن العريكة الذي يُصغي إلى المشاكل والمآسي بكل جوارحه . أما التصلب والقسوة فلا يُجيدهما ولا يُريد أن يستعملهما , ويُفضل أن يبقيا من اختصاص زوجته .
يقبل هذا الإنسان التخلي عن أي شيء ما عدا أحلامه التي هي بمثابة روحه . فإذا أرادت زوجته أن تحتـفظ بحبه إلى الأبد , وأن تحول دون هدم سعادتهما معاً , عليها ألا تسخر من هذه الأحلام بأي صورة من الصور . في استطاعتها – عوضاً عن ذلك – أن تـُشجعه على تحويلها كلها أو جزءاً منها إلى واقع بناء وإيجابي .
ما هو الأسهل بالنسبة إلى سمكة عادية : السباحة مع التـيار أم الصعود عكسه ؟ مجاراة التيار هي الأسهل طبعاً لا لسمك المحيطات وحسب بل لمواليد برج الحوت الذيـن هم من عائلة الأسماك ولو اسماً فقط . في مجاراة تيار الحياة يجد الإنسان المولود في برج الحوت والذي يرعاه إله البحار نبتـون سعادته وراحته النفسية بينما يُعتبر السير في اتجاه معاكس أمراً شـاقاً لا تقوى عليه طبيعته الكسولة وحبه للحياة السهلة . " أريد أن أعيش " هو المبدأ الذي يُؤمن به ويُحاول العمل به قدر المُسـتطاع .
ولو قيل لهذا الإنسان إن العالم يتداعى أو إن المجاعة تعمّ بالأرض أو أن التـلوث سوف يقضي على البشرية قريباً لما ردّ بأكثر من الضحك أو التـثاؤب . فهو راض ٍ بحاضره عديم الاهتمام بغده , لا يهدف إلى مال أو سلطة , ولا يتمنى من دنياه أكثر من حلاوتها . وبما أنه قليل الطمع والجشع لا شيء يقوده إلى الحركة أو العنف . إن ما يفعله رداً على التحدي والإثارة سلاطة اللسان ومرارة الكلام . غضبه سطحي قصير الأمد يُشبه دوائر الماء عند رمي حجر فيه إذ سرعان ما تـتلاشى ويستعيد سطح الماء سكونه وصفاءه .
يجد مولود برج الحوت الراحة والانتعاش في شرب السوائل كالماء وغيره , يرى العالم من خلال منظار وردي يرسم له كل شيء جميلا ً رائعاً . ولا يعني ذلك أنه يجهل واقع الحياة بألمه ومرارته , ولكنه يُفضل الهروب إلى الحلم والوهم مُقـنعاً نفـسه بأن موقفه هذا هو عين الصواب . وبكلام أوضح يتجاذب مولود برج الحوت سؤالان أو فكرتان عليه أن يختار بينهما . فهو مضطر إمّا إلى العوم على سطح الماء ومعرفة واقع الدنيا أو الغوص إلى الأعماق بعيداً عن أهدافه الأساسية . والحقيقة أنه كثيراً ما يتردد لعدم استطاعته الرؤية بوضوح مثـله في ذلك مثـل السمكة التي تـنظر إلى جانبيها بدلا ً من النظر إلى الأمام.
يرمز مولود برج الحوت – الذي هو آخر الأبراج كما نعلم – إلى الموت والخلود بينما يرمز برج الحمل – أول الأبراج – إلى الولادة . ويمكن القول أن هذا البرج الأخيـر هو خلاصة لما سبقه من أبراج , أي أن الإنسان المولود فيه يتسم أحياناً بمعرفة العذراء , ومحاكمة الميزان , ومرح السرطان , وكرم القوس , وصراحة الأسد , وشعور الجدي بالواجب , واندفاع الحمل , وقوة تحليل الدلو , وكسل الثور , وسرعة الجوزاء , كل ذلك أو بعضه في آن ٍ واحد . بالإضافة إلى ذلك توجد لدى مولود الحوت حركة مستمرة وقابلية للتحوّل الذاتي . هذه الميزة الخاصة التي حُرمتها الأبراج الأخرى تمكنه من الانسلاخ عن نفسه وبالتالي استعراض الماضي والحاضر والمستـقـبل دفعة واحدة الأمر الذي يُفسّر إلى حدٍ ما كيفية تـنبئه بالأشياء قبل وقوعها . إنه في رأي البعض أصدق برهان على فلسفة التـقمّص التي يُؤمن بها الكثيرون .
في رأي هذا الإنسان أنه خالد ممّا يدفعه إلى إهمال صحته وراحته في سبيل الآخرين . من الأشياء التي تسبب له الضرر الجسيم المسكنات والمهيجات والإرهاق ومشاكل الغير التي تلاحقه دوماً وبعض العادات السيئة في المأكل والمشرب . ما قد يعوّضه من ضعفه الجسماني تلك القوة الخارقة التي يستمدها من الإيحاء الذاتي . فهو يستطيع إقناع نفسه بأنّ لا خوف عليه من أي أمر أو شخص .
على الرغم من خجله الفطري ينجح مولود برج الحوت في التمثـيل المسرحي وإن كان ضعيفاً سريع التأثر أمام النقد . ويتمتع بذاكرة مُذهلة ومزاج مُرهف وحس جمالي يُمكنه من ولوج باب الكتابة والتأليف نثراً وشعراً . وبما أن لديه ملكة عظيمة تـُميّـز الخير من الشر وتستطيع مقاومة جميع أنواع الإغراء ينجح في أن يكون رجل دين أو متصوفاً يُشار إليه بالبنان . وهو في جميع الأحوال مندفع في سبيل المرضى والفقراء والمعوزين لا يفرق بين شخص وآخر ولا يُقاضي أو يحاسب أحداً . مزاجه سلاح خفي يستعمله عند الحاجة . يضحك أحياناً ليُداري دموعه أو يُضحك الآخريـن دون أن يفـتر ثـغره عن الابتسام . لا مبالاته ستار لضعفه , ومظهر البأس عنده قشرة خارجية لا أكثر .
طبيعة هذا الإنسان بعيدة المنال , تقوم على الوهم والتهرب من الواقع . من الصعب أن يدركها أحد غيره ما لم يستعمل الكثير من الخيال وما لم يعلم سلفاً أن رمزه الماء بخضرته ورطوبته ووحله وتحركه المستمر , وأن سرّه العميق مدفون في قاع المحيط حيث لا يعلم به سوى كوكبه نبتون .
الطفل الحوت:
منذ أن يفتح الطفل المولود في برج الحوت عينيه أول مرة يـبدو فيهما سحر غريب يوحي بأنه طفل غير عادي هبط من كوكب بعيد على متن شعاع قمري . وعندما تـتأمل والدته وجهه المورد وبشرته الرقيقة وغمازاته الحلوة يمتـلئ قلبها بالسرور , وتتمنى لو تمتد طفولته لتـنعم بها أطول فترة ممكنة . ولا بدّ من أن تكتـشف يوماً , بعد مضي سنوات , أن السماء قد حقـقت فعلا ً رجاءها وتركت لابنها جزءاً كبيراً من أحلام وخيالات طفولته السعيدة .
يظهر طفل برج الحوت منذ البداية كارهــاً لواقع الحياة ورتابتها , هاوياً للتمثيـل بغية الهروب إلى عالم آخر أجمل وأهنأ . إن ميله هذا يُسهل في الواقع أمر تربيته ورعايته . فإذا أرادت والدته إقناعه بأمر ما عليها الدخول معه في تمثـيلية وهمية ينسى فيها نفسه فيـنـقاد إلى أوامرها طائعاً مختاراً . تستطيع مثلا ً التظاهر بأنها جنية لطيفة جاءت ترشّ عينيه بالنوم فينام , أو تدّعي أن الملعقة عصفور هائم , وأن فمه هو العش , فيفتحه ويتـلقف الطعام , وهكذا . . . إن أي أسلوب يتسم بطابع الغرابة يظل أفضل بالنسبة إليه من الروتين الذي يسير عليه الأطفال عادة . إنـّه على كل حال يرفض اللجوء إلى العنف والصراخ للوصول إلى مبتغاه , ويستعمل عوضاً منهما أساليب ملتوية فيها الكثير من الذكاء والحكمة .
حاجة هذا الطفل إلى التقديـر والتـشجيع ماسة بسبب ثـقته القليلة بنفسه وإيمانه بأن كفاءاته محدودة . وهو حساس خجول سريع العطب ولكنه قادر على إخفاء حقيقة أمره تحت ستار التكتم والادعاء . ومع أنه ماهر في تحوير الواقع إلا أنه يُصرّ على القول إنه صادق لا يكذب . كذبه على حال من النوع البريء الناجم عن الخوف من تعرية الحقائق . هذا من ناحية , ومن ناحية أخرى يُعتبر في المدرسة مصدر حيرة واستغراب معلميه وذلك بسبب رفضه أساليب التعليم المألوفة واتباعه أسلوباً خاصاً به وحده تـثبت جدارته مع الوقت . هو أيضاً طفل فنان يتذوق الموسيقى والرقص ويُدهش الناس بخفته ورشاقـته , كما ينجذب بقوة نحو رجالات الحرب وعلماء الفضاء وكبار الموسيقيـين والنحاتين . يُفضل معاشرة الكبار على الصغار , ومع ذلك يتهرب من الواجب والمسؤولية .
يعيش طفل برج الحوت حالة تقمّص غريـبة إذ يتحدث عن أناس ماتوا قبل ولادته , ويسرد بعض الوقائع قبيل حدوثها . إن الخطر كل الخطر أن تـقابل هذه الظاهرة بالهزء أو اللوم أو الاتهام بالكذب لأن الأيام والحوادث كثيراً ما تـُثبت صدق رؤية هذا الطفل العجيب . بالمقابل لا يجوز تركه فريسة أوهامه وخيالاته دون تدخل بنـّاء من قبل أهله ومُربّيه . إن في الإمكان معالجة أمره بالرفق والصبر والمحبة إلى أن يستطيع التكيّف للعالم الذي يعيش فيه وينجح في تحويل جزء من أحلامه إلى واقع ملموس فيه سعادته واستـقراره .
الرجل الحوت:
يمرّ الحظ أحياناً بقرب الرجل – الحوت فيجده يحلم أو يتأمل نجماً يلمع في أديم السماء . يتركه مُسرعاً في اتجاه أشخاص آخريـن دون أن يدرك صاحب الحلم أنه فوّت على نفسه فرصة نجاح حقيقي . هل يُسمى ذلك ضعفاً أم فشلا ً ؟ لا هذا ولا ذاك , لأن في استطاعة هذا الرجل – لو أراد السعي وراء الرزق – الوصول إلى أعلى قمم النجاح بفضل حدسه الموروث عن الإله نبتون .
من أبرز مظاهر شخصية رجل برج الحوت الفضول الخالي من سوء النية أو الدهشة أو المقاضاة لسلوك الغير . إنـّه يُـثرثر أحياناً قبل أن يُفكر فيكشف عن بعض الأسرار المتعلقة بغيره دون قصد ولكنه يرفض بالمقابل البوح بشيء مهما تكن الدوافع والظروف إذا طـُلب منه الكتمان . وهو يتكلم بتؤدة ويفكر بهدوء ويحاول عدم التدخل فيما لا يعنيه ولكن مشاكل الغير تلاحقه على الرغم منه . وقد يكون السبب موهبة الإصغاء عنده وقدرته على امتصاص الآلام والأحزان كأنها ملكه الخاص . يجب على أصدقائه وأقاربه أن يُراعوا صحته فلا يُحمّـلوه أكثر مما يستطيع وأن يتـفهمّوا حاجته إلى الراحة والصمت والعزلة لاستعادة ما فقد في سبيلهم من نشاط وحيوية .
هذا الرجل إنسان خجول حساس يُجرَح بسرعة ويتطلب من الآخرين الإعجاب والتـشجيع لاعتقاده أنه محدود الكفاءة . ومع ذلك يتمتع بقابلية عظيمة لليوغا والسحر والفلك والتقمص والعلوم الباطنية الأخرى . في استطاعته قراءة الأفكار , ومعرفة ما سيحدث , والتـظاهر بعكس ما يضمر في بعض الأحيان . وهو بامتلاكه بعض الأسرار يشعر بالراحة والطمأنينة .
يتوقع هذا الرجل من المرأة التي يُحبها الإخلاص والوفاء التامين , وفي الوقت ذاته يرفض التخلــّي عن أصدقائه العديديـن من الجنسين الذيـن يقوم بخدمتهم بجميع الوسائل وفي جميع الأوقات الأمر الذي يُـثير غيرة امرأته ونقمتها على الرغم منها . إنه كثير الإعجاب بالجمال , لا يتردد في ملاحقة النساء بنظراته المعبّرة عن إحساسه وشعوره ولو نتج عن ذلك سوء تفاهم بينه وبين من يحبّ . ويمر رجل برج الحوت في فترة قلق وكآبة لا يعرف مصدرهما فيضطر إلى الانزواء في انتظار أن يأتيه اقتراح من زوجته يُبدّل مزاجه المُتعكر . ثم إنه مُبذر لا يستطيع التوفير إلا مع مرور الوقت وبمساعدة زوجته التي تستطيع أن تكون المثـل الأعلى في هذا المضمار .
يجد الأولاد في هذا الرجل أكثر من أب . إنه الصديق الذي يُرافق أولاده إلى النزهات والرحلات البحرية ويُعلمهم أصول السباحة والتجديف واليوغا وغيرها , والمربّي الطيب القلب الليـّن العريكة الذي يُصغي إلى المشاكل والمآسي بكل جوارحه . أما التصلب والقسوة فلا يُجيدهما ولا يُريد أن يستعملهما , ويُفضل أن يبقيا من اختصاص زوجته .
يقبل هذا الإنسان التخلي عن أي شيء ما عدا أحلامه التي هي بمثابة روحه . فإذا أرادت زوجته أن تحتـفظ بحبه إلى الأبد , وأن تحول دون هدم سعادتهما معاً , عليها ألا تسخر من هذه الأحلام بأي صورة من الصور . في استطاعتها – عوضاً عن ذلك – أن تـُشجعه على تحويلها كلها أو جزءاً منها إلى واقع بناء وإيجابي .