02.01.201210:43
أزمة اليورو.. بين تجارب عام 2011 وتحديات 2012
أزمة اليورو.. بين تجارب عام 2011 وتحديات 2012
أظهر عام 2011 المنصرم عجزا لدى قيادة القارة العجوز وفشلا لأصحاب العملة الاوروبية الموحدة في انشاء جبهة موحدة واتخاذ قرار فعال لانقاذ المنطقة من أَتون الازمة الاوروبية ، ليتبين للجميع أن التغيير الحقيقي الصادق هو وحده القادر على كبح جماح هذا التدهور الخطر.
من شواطئ اليونان انطلق إعصار الديون السيادية ليضرب معظم دول منطقة اليورو، وذلك مع بلوغ اجمالي ديونها السيادية في العام المنصرم مستويات هي الاعلى في تاريخ المنطقة، والذي فاق في بعض الأحيان نسبة 60 % من إجمالي الناتج المحلي فيها.
فمطلع السنة طرحت اليونان والبرتغال سنداتهما الحكومية بنجاح، مما بعث امالا في جذب موارد كافية لسد الثغرات في ميزانيتيهما، إلا أن اليورو استمر بالتراجع. وشهد صيف 2011 نقطة تحول قضية الديون الى أزمة سياسية. وقد تمخضت عن الاجتماعات واللقاءات والقمم التي انعقدت على مدى العام قرارات كثيرة مثل توسيع صلاحيات صندوق الاستقرار وتقديم شرائح مالية لانقاذ الاقتصادات المتعثرة. وقد سكنت تلك القرارات الوجع مؤقتا، لكنها لم تعالج اسبابه.
اما فاتورة المديونية الاوروبية فوقعت مسؤولية سدادها على كاهل المواطن البسيط الذي لم يبق على الحياد، معارضا قرارات الساسة باتخاذ اجراءات التقشف لخفض عجز الميزانيات. وشلت الاضرابات والاعتصامات والتظاهرات حركة الحياة من اثينا الى مدريد الى لشبونة.
نقطة تحول اخرى دقت ساعتها في بداية شهر ديسمبر/كانون الاول الماضي ، حيث سجل اول تصدع في سطح الاتحاد الاوروبي اثناء لقاء بروكسل الاخير. فبرلين الرائدة اقتصاديا اصرت على ضرورة تعزيز الإدارة المالية لدول المنطقة وميزانياتها، وباريس تشاطر برلين موقفها، في حين ترفض لندن مبادرة شريكتيها في الاتحاد الاوروبي التي تشترط إنشاء أوروبا جديدة حيث الانضباط المالي أشد صرامة. لكن التحدي الاكبر الذي يواجهه الاتحاد الأوروبي هو ضرورة التوحد في وجه القضية التي إن تعمقت فلن ترحم أحدا سواء داخل منطقة اليورو وخارجها.
المزيد من التفاصيل في التقرير المصور
خبير اقتصادي: موجة الإفلاسات ستطغى على أوروبا حال امتنعت الولايات المتحدة عن طباعة الدولارات حتى خريف 2012
وفي السياق ذاته، حذر الخبير الاقتصادي ميخائيل خازين رئيس شركة "نيوكون" الاستشارية من أن موجة الإفلاسات ستطغى على أوروبا في حال امتنعت الولايات المتحدة عن طباعة الدولارات حتى خريف عام 2012 :
س: برأيك الى اين تعود جذور ازمة اليورو؟ هل قام الساسة الاوروبيون بفعل ما بوسعهم للحفاظ على منطقة اليورو ومنع تفاقم ازمة الديون السيادية؟
ج: جذور الأزمة الاوروبية تعود الى بداية ثمانينات القرن الماضي عند تطبيق وانتشار آلية اعادة تمويل الديون في الولايات المتحدة. واتاح هذا النموذج للمقترض فرصة إعادة تمويل دينه اذا عجز عن إرجاع الاموال وسداد الدين بنفسه. وخلال العقود الثلاثة الماضية تحسن مستوى المعيشة بشكل ملحوظ في الولايات المتحدة وأوروبا بفضل هذا النموذج من الاقراض، لكن الدخل الحقيقي بقي من دون تغيير. وتسبب هذا النموذج بالازمة الاقتصادية في الولايات المتحدة عبر قطاع الاقتصاد المنزلي عام 2008. في أوروبا تلقت ميزانيات الدول الضربة الأقوى، مما ادى الى تراجع المخصصات الاجتماعية وتدهور معيشة الطبقات البسيطة. وبدأ الناتج المحلي الاجمالي بالانخفاض، مما أسفر عن تزايد عبء الدين السيادي.
س: البعض يطلقون على ازمة الديون السيادية ازمة قيادة وعجز في صناعة القرار. هل تشاطرونهم رأيهم؟
ج: إنها نتيجة طبيعية لما نسميه بنظام الديمقراطية السياسية الذي يفترض تعيين القادة نتيجة الانتخابات. لكن الفوز بالانتخابات مستحيل اذا اعترف المرشح بان انخفاض مستوى المعيشة في بلاده لا مفر منه. هذا الامر يصيب صناع القرار بالشلل. فاتخاذ قرارات فعالة لمكافحة الازمة بلا شك سيكلف الكثير ولن يمر من دون أن ينعكس على مستوى المعيشة. إنه طريق مسدود لا يترك خيارا أمام الساسة، مما يدفع للبحث عن موارد إضافية لسد العجز.
س: ما سر الخلاف الحقيقي بين بريطانيا من جهة وألمانيا وفرنسا من جهة أخرى وما تأثير ذلك على المنطقة بشكل عام؟
ج: الاتحاد الاوروبي ينوي فرض ما يعرف بـ"ضريبة توبين" على جميع المضاربات المالية الاوروبية في اطار تشديد الانضباط المالي. هذه الضريبة تعارض مصالح لندن كونها أحد اكبر مراكز التعاملات المالية، ولن توافق بريطانيا على قبول اجراءات تهددها بفقدان لندن أحد أهم مصادر عائداتها. ولا استبعد من ان تزيد الخلافات حدة. من ناحية المصالح الاقتصادية فان بريطانيا لن تخرج من الاتحاد الاوروبي من دون ان تصطدم بعواقب خطيرة للغاية.
س: هل ترون ان اعادة بناء هيكلة المنطقة وتشديد الانضباط المالي هو طوق النجاة الوحيد؟
ج: تشديد الانضباط عبر الميزانية يهدد بخفض المخصصات الاجتماعية وتراجع مستوى معيشة الاوروبيين. شخصيا استبعد أن يتجرأ زعيما فرنسا والمانيا على اتخاذ قرارات راديكالية وهما على وشك الانتخابات المزمع اجراؤها العام المقبل. هذه الخطوات من دون شك ستضع حدا لمسيرتهما السياسية.
س: يعتقد البعض ان إنقاذ اليورو لا يستحق الاهتمام اذا كان يشترط التخلي عن قيم الديمقراطية الاوروبية. هل تتفقون مع هذا الاعتقاد؟
ج: لا أفهم عن أي قيم يجري الحديث.. دعونا نتذكر ثلاثينات القرن الماضي حين عاشت أوروبا تحت قبضة الانظمة الفاشية التي سادت من البلطيق الى ايطاليا وألمانيا. ما لا شك فيه أن الطلب سيستمر بالتراجع، مما سيزيد حدة التنافس بين الطاقات الانتاجية للولايات المتحدة من جهة والقارة العجوز من جهة أخرى. لذا أميل الى الاعتقاد انه بعد خمسة أعوام ستخرج مسألة قيم الديمقراطية الاوروبية عن نطاق اهتمام الجميع. أوروبا على عتبة مركزية السلطة.
س: ما هو السيناريو الاكثر احتمالا لتطور الامور في العام المقبل؟ واية اجراءات برأيكم قد تنقذ العملة الاوروبية وفضاء تداولها؟
ج: أتساءل بشأن ما اذا تمكنوا من البقاء على قيد الحياة وتجنب الافلاسات حتى مواعيد الانتخابات. شخصيا أميل الى الاعتقاد أن الامر مرهون بتطور الاوضاع في الولايات المتحدة. من المرجح ان تطلق الاخيرة حملة جديدة من طباعة الاموال. واذا فعلت ذلك قبل صيف 2012 سيمد الطلب الامريكي المتزايد يد العون للاوروبيين. وفي حال امتنعت الولايات المتحدة عن الاصدار حتى الخريف المقبل، ستطغى موجة من الافلاسات بلا شك على الاتحاد الأوروبي.
http://arabic.rt.com/news_all_news/news/575416/
أزمة اليورو.. بين تجارب عام 2011 وتحديات 2012
أزمة اليورو.. بين تجارب عام 2011 وتحديات 2012
أظهر عام 2011 المنصرم عجزا لدى قيادة القارة العجوز وفشلا لأصحاب العملة الاوروبية الموحدة في انشاء جبهة موحدة واتخاذ قرار فعال لانقاذ المنطقة من أَتون الازمة الاوروبية ، ليتبين للجميع أن التغيير الحقيقي الصادق هو وحده القادر على كبح جماح هذا التدهور الخطر.
من شواطئ اليونان انطلق إعصار الديون السيادية ليضرب معظم دول منطقة اليورو، وذلك مع بلوغ اجمالي ديونها السيادية في العام المنصرم مستويات هي الاعلى في تاريخ المنطقة، والذي فاق في بعض الأحيان نسبة 60 % من إجمالي الناتج المحلي فيها.
فمطلع السنة طرحت اليونان والبرتغال سنداتهما الحكومية بنجاح، مما بعث امالا في جذب موارد كافية لسد الثغرات في ميزانيتيهما، إلا أن اليورو استمر بالتراجع. وشهد صيف 2011 نقطة تحول قضية الديون الى أزمة سياسية. وقد تمخضت عن الاجتماعات واللقاءات والقمم التي انعقدت على مدى العام قرارات كثيرة مثل توسيع صلاحيات صندوق الاستقرار وتقديم شرائح مالية لانقاذ الاقتصادات المتعثرة. وقد سكنت تلك القرارات الوجع مؤقتا، لكنها لم تعالج اسبابه.
اما فاتورة المديونية الاوروبية فوقعت مسؤولية سدادها على كاهل المواطن البسيط الذي لم يبق على الحياد، معارضا قرارات الساسة باتخاذ اجراءات التقشف لخفض عجز الميزانيات. وشلت الاضرابات والاعتصامات والتظاهرات حركة الحياة من اثينا الى مدريد الى لشبونة.
نقطة تحول اخرى دقت ساعتها في بداية شهر ديسمبر/كانون الاول الماضي ، حيث سجل اول تصدع في سطح الاتحاد الاوروبي اثناء لقاء بروكسل الاخير. فبرلين الرائدة اقتصاديا اصرت على ضرورة تعزيز الإدارة المالية لدول المنطقة وميزانياتها، وباريس تشاطر برلين موقفها، في حين ترفض لندن مبادرة شريكتيها في الاتحاد الاوروبي التي تشترط إنشاء أوروبا جديدة حيث الانضباط المالي أشد صرامة. لكن التحدي الاكبر الذي يواجهه الاتحاد الأوروبي هو ضرورة التوحد في وجه القضية التي إن تعمقت فلن ترحم أحدا سواء داخل منطقة اليورو وخارجها.
المزيد من التفاصيل في التقرير المصور
خبير اقتصادي: موجة الإفلاسات ستطغى على أوروبا حال امتنعت الولايات المتحدة عن طباعة الدولارات حتى خريف 2012
وفي السياق ذاته، حذر الخبير الاقتصادي ميخائيل خازين رئيس شركة "نيوكون" الاستشارية من أن موجة الإفلاسات ستطغى على أوروبا في حال امتنعت الولايات المتحدة عن طباعة الدولارات حتى خريف عام 2012 :
س: برأيك الى اين تعود جذور ازمة اليورو؟ هل قام الساسة الاوروبيون بفعل ما بوسعهم للحفاظ على منطقة اليورو ومنع تفاقم ازمة الديون السيادية؟
ج: جذور الأزمة الاوروبية تعود الى بداية ثمانينات القرن الماضي عند تطبيق وانتشار آلية اعادة تمويل الديون في الولايات المتحدة. واتاح هذا النموذج للمقترض فرصة إعادة تمويل دينه اذا عجز عن إرجاع الاموال وسداد الدين بنفسه. وخلال العقود الثلاثة الماضية تحسن مستوى المعيشة بشكل ملحوظ في الولايات المتحدة وأوروبا بفضل هذا النموذج من الاقراض، لكن الدخل الحقيقي بقي من دون تغيير. وتسبب هذا النموذج بالازمة الاقتصادية في الولايات المتحدة عبر قطاع الاقتصاد المنزلي عام 2008. في أوروبا تلقت ميزانيات الدول الضربة الأقوى، مما ادى الى تراجع المخصصات الاجتماعية وتدهور معيشة الطبقات البسيطة. وبدأ الناتج المحلي الاجمالي بالانخفاض، مما أسفر عن تزايد عبء الدين السيادي.
س: البعض يطلقون على ازمة الديون السيادية ازمة قيادة وعجز في صناعة القرار. هل تشاطرونهم رأيهم؟
ج: إنها نتيجة طبيعية لما نسميه بنظام الديمقراطية السياسية الذي يفترض تعيين القادة نتيجة الانتخابات. لكن الفوز بالانتخابات مستحيل اذا اعترف المرشح بان انخفاض مستوى المعيشة في بلاده لا مفر منه. هذا الامر يصيب صناع القرار بالشلل. فاتخاذ قرارات فعالة لمكافحة الازمة بلا شك سيكلف الكثير ولن يمر من دون أن ينعكس على مستوى المعيشة. إنه طريق مسدود لا يترك خيارا أمام الساسة، مما يدفع للبحث عن موارد إضافية لسد العجز.
س: ما سر الخلاف الحقيقي بين بريطانيا من جهة وألمانيا وفرنسا من جهة أخرى وما تأثير ذلك على المنطقة بشكل عام؟
ج: الاتحاد الاوروبي ينوي فرض ما يعرف بـ"ضريبة توبين" على جميع المضاربات المالية الاوروبية في اطار تشديد الانضباط المالي. هذه الضريبة تعارض مصالح لندن كونها أحد اكبر مراكز التعاملات المالية، ولن توافق بريطانيا على قبول اجراءات تهددها بفقدان لندن أحد أهم مصادر عائداتها. ولا استبعد من ان تزيد الخلافات حدة. من ناحية المصالح الاقتصادية فان بريطانيا لن تخرج من الاتحاد الاوروبي من دون ان تصطدم بعواقب خطيرة للغاية.
س: هل ترون ان اعادة بناء هيكلة المنطقة وتشديد الانضباط المالي هو طوق النجاة الوحيد؟
ج: تشديد الانضباط عبر الميزانية يهدد بخفض المخصصات الاجتماعية وتراجع مستوى معيشة الاوروبيين. شخصيا استبعد أن يتجرأ زعيما فرنسا والمانيا على اتخاذ قرارات راديكالية وهما على وشك الانتخابات المزمع اجراؤها العام المقبل. هذه الخطوات من دون شك ستضع حدا لمسيرتهما السياسية.
س: يعتقد البعض ان إنقاذ اليورو لا يستحق الاهتمام اذا كان يشترط التخلي عن قيم الديمقراطية الاوروبية. هل تتفقون مع هذا الاعتقاد؟
ج: لا أفهم عن أي قيم يجري الحديث.. دعونا نتذكر ثلاثينات القرن الماضي حين عاشت أوروبا تحت قبضة الانظمة الفاشية التي سادت من البلطيق الى ايطاليا وألمانيا. ما لا شك فيه أن الطلب سيستمر بالتراجع، مما سيزيد حدة التنافس بين الطاقات الانتاجية للولايات المتحدة من جهة والقارة العجوز من جهة أخرى. لذا أميل الى الاعتقاد انه بعد خمسة أعوام ستخرج مسألة قيم الديمقراطية الاوروبية عن نطاق اهتمام الجميع. أوروبا على عتبة مركزية السلطة.
س: ما هو السيناريو الاكثر احتمالا لتطور الامور في العام المقبل؟ واية اجراءات برأيكم قد تنقذ العملة الاوروبية وفضاء تداولها؟
ج: أتساءل بشأن ما اذا تمكنوا من البقاء على قيد الحياة وتجنب الافلاسات حتى مواعيد الانتخابات. شخصيا أميل الى الاعتقاد أن الامر مرهون بتطور الاوضاع في الولايات المتحدة. من المرجح ان تطلق الاخيرة حملة جديدة من طباعة الاموال. واذا فعلت ذلك قبل صيف 2012 سيمد الطلب الامريكي المتزايد يد العون للاوروبيين. وفي حال امتنعت الولايات المتحدة عن الاصدار حتى الخريف المقبل، ستطغى موجة من الافلاسات بلا شك على الاتحاد الأوروبي.
http://arabic.rt.com/news_all_news/news/575416/