في قطر من أقطار المعمورة كان هناك قرية صغيرة بأهلها ملموه ، وكان يعيش بها شاب اسمه إياد ، كان إياد ابناً مخلصا لأبويه لا يعصي لهما امراً ، وكان بين أهل قريته صاحب الأخلاق
الحميدة والسجايا الجليلة .
كان إياد يعمل مع ولده في حقلهم الصغير بالزراعة والتي كانت لهم قوتهم ومعيشتهم ، فضروفهم المادية سيئة وحالتهم المعيشية بائسة ، ولكن هذا الشاب كان مفعما بالتفاؤل مليء بالحياة ، ينظر إلى كل شيء من الباب الجميل له .
كان إياد ووالده عند حصاد الزرع في موسمه يذهبون به إلى أطراف المدينة لكي يبيعونه ويشترون بثمنه مؤنه لهم وأيضا ما يلزم لزراعة الموسوم التالي ، وما فاض إن فاض شيء يخبئه الوالد لقهر الزمان .
وفي يوم من الأيام وكالعادة ذهب إياد ووالده لبيع ما جنيا من ثمار ، وهو في خضم عمله توقفت عنده سيارة فارهه ونزل منها شخص ودعاه إلى مقابلة سيدته لتملي عليه ما تريد أن تشتري منه نظر إياد إلى السيارة فرأى بها شيء كأنه خيال ، لم يصدق عيناه وتقدم إلى هذه السيدة وقدماه لا تكاد إن تحملاه ، وساقه من الرعشة كادت أن تسقطه ، وصل إياد إلى تلك السيدة وعندما رأته ابتسمت ابتسامها رآها إياد وكأنه ثغر لؤلؤ فتح امامه ، وقامت السيدة تملي عليه ما تريد وإياد في حالة يرثى لها وفي عالم أخر . انتهت السيدة من طلباتها ولا يزال إياد متسمراً في مكانه وكأنه من يحلم ، شده الرجال من يديه وناده يا سيد ما بك ، التفت أليه إياد وهو لا يعمل ماذا قال أو ماذا هو سيقول ثم عاد إلى مكان بيعه ووقف ينظر إلى السيارة التي بها هذه السيدة ... تذمر الرجال وقال له ما بلك يا رجل تسمرت قدماك بالأرض وشخصت عيناك هل تعاني من شيء ، استيقظ إياد من سكرته وقال للرجل أسف ولكن نسيت ما طلبت السيدة ، قال الرجل أنا أتذكر ، وأملاه ما قلته سيدته وحمل الرجل الأغراض ومن ثم انطلقت السيارة وذهبت بعيداً .
أصيب إياد بتوقف للعقل والتفكير عند هذه الفاتنة ونسي كل ماهو فيه من فقر وحاجه وبدأ يحلم ويتخيل ..
عاد إياد وأبيه إلى المنزل ، وصعد إياد إلى عليته من غير عادته ، فقد كان إذا عاد من العمل مع أبيه يقف مع أمه وأخته الوحيدة ليساعدهما في بعض الأعمال ويقوم بالمزاح ويضفي على الأسرة جوا من المرح.
تساءلت الأم والأخت ما بال إياد عد وصعد إلى عليته بغير العادة ، سألت الم الأب هل أصابه مكروه أو شيء لا سمح الله ، فقال الأب لا اعلم ولكن عندما ذهبنا كان سعيدا ويضحك حتى انه أوجع رأسي من كثرة ما كان يتكلم فجئه ونحن في السوق بدأ بالسرحان حتى انه لم يعمل جيدا اليوم . قلقلت الأم وصعدت إليه تسأل ماذا حل لأبنها وفلذة كبدها ، دخلت عليه ووجدته في نافذة العليه ينظر إلى قرص الشمس وهو يميل الغروب وهو سارح في عالم أخر وفي نظرة عينيه أسئلة كثيرة وعبارات محيرة ، سألته الأم يا بني ما بك هل أصابك مكروه ـ فأجابها إياد بأنه بخير ولكنه يشعر ببعض الإرهاق ويرغب في النوم ، خرجت الأم وهي لم تصدق ما قاله إياد ولكن من شدة حبها له خافت أن تثقل عليه الاسئله ويغضب .
خرجت الأم وبقي إياد في عليته متمدداً على سريره وعقله وقلبه وتفكيره عند تلك السيدة التي رآها في السوق .
ومن شدة التعب وكثرة التفكير غلبه النعاس وخلد إلى نوم عميق ، ولكن عقله لم يتوقف عن التفكير في تلك السيدة ، تخيل إياد وهو نائم انه طلب من أبويه أن يتقدم لتلك الفتاة الجميلة التي رآها في السوق ، وهو في خضم حديثه سألتها أخته وقلت أهي جميله يا إياد ؟ تلعثم إياد من سؤال أخته ثم قال لهم : قد تظنون أنها من الخيال ولكن هي لا غيرها من يملئ حياتي ، جميلة والجمل في وصفها قليل .
وجهها كالبدر في تمامه ، وعيناها كعين المها في روضة باهيه ، وثغرها كعقد لؤلؤ متناثر في يد باهيه ، وشعرها كسواد ليل حلك بظلمه . ورسمت شفهها كلوحة فنان بالألوان زاهية ، وصوتها كألحانٍ رقيقة بنسيم الصبح متناسقة ، ويديها كسحر في رقتها وعذوبتها المتناهية ، جملها اخاذ وعذوبتها قاتله وروعتها فائقة ورائحتها كبستان من الأزهار الجميلة المتمائله .
أريدها يا أبي أن تكوني لي زوجة وحبيبة وكل شيء من حياتي الباقية. ثم سكت وتمتم قيلا ثم قال ، ولكن هل سترضى بي وأنا مسكين وحياتي بائسة ، لا أكاد أجد قوت يومي ، وهي أبنت الترف والحياة الفارهه .
ومن شدة تفكيره استيقظ مفزوعا على غير العادة ، نظر إلى نافذة عليته فرأى الضوء قد شعشع ، قام والتقط قميصه المقطع ولبسه وهو يركض من على سلم عليته خرج من المنزل وذهب إلى السوق لعل تلك الفاتنه تعود من هناك لكي يعرف أين تعيش . وفجأة رأى ذلك السائق الذي أتى مع تلك الفاتنة فقام وسأله وتاه به في بعض المواضيع ثم سأله عن منزل سيدته ، ضحك السائق العجوز وقال يا بني لا تسأل عن أشياء أن تبدو لك تسئك ، أن اعلم ماذا تريد ولكن أقول لك أن هذا غير صحيح ولن تنال منه غير العذاب والتوبيخ ، ثم اخبره أين تسكن هذه الفتاه .
ذهب إياد إلى منزلها فرأى شيئا أذهله ، رأى قصرا كبيراً به من البساتين والعمال والخدم ,,,,,, اخذ يدور حول أسواره لعله يحظى بنظرة بعيده تشفي شوقه ولهيبه ، دام حال إياد على هذا أشهراً وهو يأمل في نظرة خاطفه كلمة عابرة أو ضحكة مفاجئة .
وبينما إياد على حالته هذه من تردد على قصر هذه السيدة لعله يحظى منها بنظرة أو ضحكة أو حتى همسه . كان في يوم من الأيام الجو عليلاً ونسماته رائعة وكانت هذه السيدة تتجول في أرجاء بستان قصرها لمحت هذا الشاب وهو يذهب ويعود حول أسوار القصر وكأنه يحاول النظر إلى شيء أو يرغب في فعل ما ولكنه كان مثل الخائف المتردد ، طلبت السيدة من خادمتها أن تدعوا لها الحارس وسألته من هذا الشخص وما عساه يريد ، قال يا سيدتي أن له ما يقرب الشهرين وهو بهذا الحال يأتي إلى هنا ويمشي حول أسوار القصر وعيناه لا تفارق شرفتك الخاصة ، ولقد سألناه مراراً وتكراراً عن ماذا يريد ولكنه لا يجيب بغير الآهات . حتى أن العم قاسم ( السائق العجوز ) رآه ذات يوم فقال له اذهب يابني فلن تنال غير العذاب من هذا , فأمرت السيدة بالعم قاسم وسألته هل يعرف هذا الشخص وهل يعرف ماذا يريد ، فأجابه يا سيدتي إن هذا الغلام هو ابن بائع الفواكه في أول المدينة وهو مسكين ومعدم لعله يريد أي حسنة منك أو ما يساعده على ضنك الحياة ، صمتت السيدة قليلا والعم قاسم يكاد يموت من الرعب خوفا منه أنها لن تصدقه ثم التفتت إليه وقلت له اذهب وأعطه شيء من المال واصرفه ،هم العم قاسم لتنفيذ أمر سيدته ثم صرخت له وجهها يكتظ غيظاً اخبره باني لا أريد أن أراه حول أسورا القصر وان رايته سوف أخفيه من الوجود ألا يعلم من هو ومن نحن , اتجه العم قاسم إلى أبواب القصر وهو في عالم أخر لا يدري ماذا يقول لهذا الشاب المسكين وبينما هو في سرحانه قال لنفسه وماذا في هذا فقد حذرته ونبهته وقلت انه لن ينال غير العذاب , فتح العم قاسم باب القصر الخارجي وإذا بإياد في وجهه وعلى وجهه ابتسامه عريضة ، هذا لان إياد رأى السيدة وهي تتحدث مع من كان حولها ومع العم قاسم وبالطبع لم يكن يستطع سماع الكلام .. قال له العم قاسم ماذا جاء بك إلى هنا وكيف تجرئ وتقف عند الباب هكذا، قال لا عليك ياعماه ولكن هات البشائر ، نظر العم قاسم إلى وجه إياد بنظرة عابسة مليئة بالحزن والخوف والعتب معاً .
استفزت إياد هذه النظرة المخيفة من العم قاسم وتعابير وجهه التعيسة ،وقال له ما بالك ياعم قاسم ،احدث مكروه لا سمح الله ، اخبرني ، تحدث إلي ، وكل هذا والعم قاسم يخفي وجهه عن إياد حتى لا يرى الحزن في عينيه ، أصر وألح عليه إياد بالسؤال والتف حول العم قاسم حتى رأى وجهه والدموع ترشق من عينيه ، صمت إياد وتسمر مكانه ثم صاح بالعم قاسم ما بك يا رجل لقد زاد خوفي وقلقي ، ثار العم قاسم ثورة هائلة في وجه إياد وقال له خذ هذه النقود إنها من السيدة كصدقة لك تحسن بها حالك وتخبرك بان لاتعود إلى هنا ابدآ وان رأتك فلن ترى ما يسرك . ثم بدأ العم قاسم بالبكاء وكأنه الطفل الصغير . كل هذا وإياد في ذهول تام وصمت شديد ، لم يستوعب ما سمعه من العم قاسم ، نظر إلى العم قاسم وقال له ماذا تقول أجننت يارجل ، لا لا هذا غير صحيح إنني احلم لا لا انك تمزح معي !!!!!!!!!!! وبدأ في عقله ألف وألف سؤال ، قال له العم قاسم وهو بالكاد ينطق من شدة حزنه على إياد هذا الشاب المسكين ، اذهب يا بني الم اقل لك انك لن تنال من هذا الى الهون والعذاب ، اذهب اذهب يابني واعرف الين أين تنظر ولا تجعل أحلامك ترمي بك إلى الهاوية . ثم تركه وانصرف .
تسمرت أرجل إياد بالأرض وتثاقل عليه عقله وزاد خفقان قلبه وأمطرت عينيه الدمع كوبل المطر ، ثم صاح صيحة قوية وانطلق يركض هائماً على وجهه
وهو غير مصدق لما سمعه وكأنه في حلم مخيف ، اخذ يركض ويركض والدموع من عينيه كزخات البرد ، عقله يفكر ويقول لها لماذا؟ وقلبه يصيح ويئن ويعطيه الأمل بأنه حلم وغير صحيح . وصل إياد إلى حقل جده البعيد عن قريتهم – بين المدينة والقرية – ثم ذهب وجلس تحت الشجرة الكبيرة التي تعود أن يجلس فيها لوحده ويتأمل . هامت به الأحزان وضاعت منه الأفكار ولم ينقطع عنه النوح والبكاء ، وبعد ساعات من هذه الحال بدأت الاسئله تنهمر من عقله وكأنها محاكاة بين عقله وقلبه ، لماذا ؟ وكيف ؟ والى متى ؟ ومن ماذا ؟ تعب إياد من هذا واستلقى واخذ ينظر إلى السماء يندب حظه وفقره ، ويقول لأنني فقير أم ربما لم أعجبها أم وأم ......... وبينما هو بين أم ولما ومما ، كان حوله قطيع من الغنم وكان هناك عنز تحاول الصعود إلى قمة تل صغير ووعر لأنها رأت عليه عشبه جميله وتريد أن تأكلها ، شدت انتباهه واخذ يدقق النظر إليها وينظر إليها كيف تحاول مرارا وتكرارا لكي تصعد إلى قمة هذه الهضبة وبينما هي على هذا الحال حتى استطاعت أن تصل إلى القمة وتأكل ما اشتهته نفسها !!!! تعجب إياد من فعلتها ثم توقف قلياً ثم ارتسمت عليه ابتسامة بريئة وقال هي أي نعم هي رسالة إلي ؟ كيف هذه العنز استطاعت أن تصل إلى القمة ؟ طبعا بالإصرار وعدم اليأس ، هذا وهي حيوان وفعلت كل هذا ،وأنا الإنسان اللذي خلقني الله في أحسن تقويم وميزني بالعقل ، نعم يجب أن أصل إلى القمة ......
وقرر إياد أن يسافر إلى بلد بعيده جدا عن بلده ويبدأ فيها حياة جديدة مليئة بالحياة الجميلة والعمل والعطأ حتى يصل إلى القمة التي تجعله ممن له كلمتهم والكل يتمنى أن يسمع منه أي أمر أو أن يقدم له أي خدمه .....
ثم بصق على الأرض وقال شكرا لك أيتها السيدة الجميلة من خارجها القبيحة من باطنها ، فقد علمتني درساً وأريتيني طريق القمة بغرورك وكبريائك .
ذهب إياد إلى منزله وهو في كامل فرحه وسروره ، وعندما رآه أبويه وهو مبتسما فرحا فرحا شديداً حتى أن الأم بكت من شدة فرحها . ولكن هناك مشكله صغيره أمام إياد وهي كيف يقنع والديه بسفره وهما راضيين عنه لأنه لن يسافر إلا برضائهما فهو يعلم بان التوفيق من رضاء الله ثم رضاء الوالدين .
وبعد محاولات عديدة ومضنيه من الإقناع لوالديه وافقا على سفره وتمنيا له كل التوفيق والحياة الطيبة فهما لا يريدان شيء من هذه الدنيا إلا أن يعيش ابنهما حياة هنيئة ولا يحتاج فيها إلى احد سوى الله سبحانه
وبعد أن اقنع إياد والديه ، بدأ إياد بتجهيز نفسه للسفر وفي صبيحة اليوم الثاني ودع والديه وأخته في جو كان مليئا بالحزن والحسرة من أهله وذلك لأنه ولأول مره يتفرق شمل هذه الأسرة .
خرج إياد من بيته متوجها إلى محطة الباصات وهو خارج من بيته لا يعلم أي وجهة يذهب وهو في طريقه إلى المحطة قابله احد شيوخ القرية ورأى إياد وهو يحمل في يديه حقيبة السفر فسأله إذا نويت على الاغتراب وشق طريق العناء والعذاب ، قل له إياد أي نعم يا عماه وأرجوك أن تدعو لي وتصبّر أبي ، فقال له اذهب سدد الله خطاك وأعان والديك على فرقاك .
وعندما وصل الياد إلى المحطة اتخذ قراره بان يتجه غرباً لأنه سمع أن هناك مدينة جميله وأهلها أهل خير والرزق فيها واسع .
وصل إياد إلى تلك البلدة الجميلة وابدأ يتجول في شوارعها ويحوم في أزقتها ، كانت بلدة في غاية الروعة ذهل إياد من جمال هذه البلدة ومن روعتها ، وبينما هو يسير إذ به برجل في منتصف العمر وذا بهذا الرجل يقبع في محل لبيع الأقمشة ويتبادل أطراف الحديث مع شخص آخر,,, كان هذا الرجل جهير الصوت وكان يتحدث مع صاحب المتجر عن مشاكل همت به وببساتينه التي لا تعد من كثرتها ، وانا بحاجة إلى شخص يصلح أن يكون مراقب على المزارعين وان يكون لديه الخبرة الجيدة في الزراعة ؟ سمع إياد هذا الكلام وقال هذه فرصتي ، تريث إياد إلى أن رأى هذا الرجل خارجاً من محل الاقمشه ثم تبعه إلى أن وصل الرجل إلى بيته ، انتظر إياد فينة من الدقائق ثم اقبل على منزل هذا الرجل وقرع الباب ، وإذ بشخص قام بفتح الباب يبدو على هيئته أنه من خدم المنزل ، ألقى هذا الخادم الترحيب على إياد ثم سأله هل استطيع خدمتك بشيء ، فقال له إياد أي نعم أن مرسل إلى صاحب هذا المنزل وأريد مقابلته ، فقال له الخادم من نقول له ، قال إياد هو لا يعرفني ولكن اخبره إنني آت من طرف تجار القماش ( كان إياد قد دخل إلى صاحب القماش وسأله عن عمل في الزراعة فدله إلى هذا الرجل – فعل إياد ذلك حتى يجد له طريقه للدخول إلى هذا الرجل بدون كذب أو خداع ) .
بلغ الخادم سيده ثم عاد إلى إياد وقال له انتظر هنا حتى يأتيك سيدي وقام الخادم بإدخال إياد إلى غرفة الاستقبال ، مضت دقائق وذا بهذا الرجل داخل على إياد ...(( حوار إياد مع التاجر ))
التاجر :هه إذا أنت الذي بعثه تاجر القماش .
إياد : أي نعم ياسيدي .
التاجر : ما اسمك ومن أين فشكلك ليس من هذه البلدة .
إياد : اسمي إياد وأنا بلدة كذا وكذا – طبعا تشتهر بلدة إياد بالزراعة -- .
التاجر : إذا أنت من هذه القرية الجميلة ، وماذا أتى بك إلى هنا فبلدتك بلدة الزُرّاع والحقول الجميلة .
إياد : أتيت ياسيدي لأبحث عن عمل أفضل وذلك لضيق الحال .
التاجر: منذ متى وأنت تعمل بالزراعة.
إياد : أبي يملك مزرعة صغيره وأنا اعمل معه منذ صغري .
التاجر: إذا أنت لديك الخبرة الجيدة...
إياد: نعم ياسيدي .
التاجر: سكت قليلاً ثم قال لا بأس سننظر ماذا عسانا أن نجعلك تعمل . ثم نادى على الخادم __ أيها الخادم أيها الخادم ...
الخادم : نعم ياسيدي .
التاجر: إليّ بالحاج إبراهيم.
الخادم : حالا ياسيدي .
أتى الحاج إبراهيم : نعم ياسيدي ..
التاجر: خذ هذا الغلام معك وأره أين يعمل واسكنه مع بقية العمال.
الحاج إبراهيم : حالا ياسيدي .
خرج إياد مع الحاج إبراهيم وهما في الطريق كان إياد منهمرا بسيل من الأسئلة على الحاج إبراهيم ولكنه كان صامتاً لا يرد عليه
، استغرب إياد من صمته .
وصلا إلى المكان الذي سيعمل فيه إياد ، فأراه أين وماذا يعمل واراه سكنه مع بقية العمال .
بدأ إياد العمل في هذه المزرعة الكبيرة التي تنتج أنواعا كثيرة ، بدأ إياد كعامل في هذه المزرعة وكان مثالا للعامل المجتهد المنضبط في عمله يراقب الله في كل شيء ويوماً بعد يوم أعجب به التاجر ورأى فيه أشياء كثيرة ووثق به كثيرا وبدأ إياد يكبر في عمله فقد أصبح رئيسا للعمل ثم أصبح مشرفا على رؤساء العمال ومن شدة حب هذا التاجر له ومما رأى منه من صدق وإخلاص طلب منه أن يكون ذراعه اليمين في كل أعماله . فرح إياد كثيرا بهذه الثقة وكيف انه بفضل الله ثم بفضل دعاء ولديه خلال هذه الفترة القصيرة التي لم تتجاوز السبع سنوات أن يصبح حاله إلى هذا الحال .
كان إياد دائما يبعث إلى والديه الرسائل ويبشرهما فيها عن حاله وكيف انه يعمل بجد واجتهاد وكيف أن صاحب العمل يحبه كثيرا ويخبرهم أيضا كيف انه انتقل من عامل إلى مراقب ثم مشرف ثم أصبح التاجر لا يستغني عنه فعينه مديرا ومستشارا له .
وكان إياد يبعث إلى أهله بعض المال مما كان يأخذه من اجر ويبقى ما يسد رمقه من مصاريف ويخبئ شيء يسيرا لأقدار الدهر .
ومن شدة حب هذا التاجر لإياد قرر أن يزوجه ابنته الوحيدة ورغم كثرة من عارضه إلا انه قال لهم لن أجد أحدا يحافظ على ابنتي بقدر هذا الابن البار لوالديه والمخلص في عمله التقي لربه .
تزوج إياد بابنة هذا التاجر وأصبح الآن يملك كل شيء وذلك بعد أن شاء القدر ومات هذا التاجر . وعاش إياد حياة سعيدة مع زوجته التي لم يجعلها تحتاج إلى أي شيء في يوم من الأيام ولم يحسسها يوما بفراق ولدها عن الحياة بل كان لها الأب والأخ والعم والزوج والابن .
لم يستطع إياد أن يصبر على فراق أهله خصوصا وأنهم بحاجته إليه وذلك لكبر سنهما وبقائهما في منزلهم لوحدهم بعد أن تزوجت أخته ، فذهب إليهم وأقنعهم بالمجيء معه إلى بلدته التي هو فيها بعد أن فتح الله عليه وأصبح من كبار تجارها .
وهنا عاش سعيداً بعد أن من الله عليه من الفقر إلى الغنى وبوجود والديه معه وبوجود زوجته الصالحة .
انتهى ,,,,
الحميدة والسجايا الجليلة .
كان إياد يعمل مع ولده في حقلهم الصغير بالزراعة والتي كانت لهم قوتهم ومعيشتهم ، فضروفهم المادية سيئة وحالتهم المعيشية بائسة ، ولكن هذا الشاب كان مفعما بالتفاؤل مليء بالحياة ، ينظر إلى كل شيء من الباب الجميل له .
كان إياد ووالده عند حصاد الزرع في موسمه يذهبون به إلى أطراف المدينة لكي يبيعونه ويشترون بثمنه مؤنه لهم وأيضا ما يلزم لزراعة الموسوم التالي ، وما فاض إن فاض شيء يخبئه الوالد لقهر الزمان .
وفي يوم من الأيام وكالعادة ذهب إياد ووالده لبيع ما جنيا من ثمار ، وهو في خضم عمله توقفت عنده سيارة فارهه ونزل منها شخص ودعاه إلى مقابلة سيدته لتملي عليه ما تريد أن تشتري منه نظر إياد إلى السيارة فرأى بها شيء كأنه خيال ، لم يصدق عيناه وتقدم إلى هذه السيدة وقدماه لا تكاد إن تحملاه ، وساقه من الرعشة كادت أن تسقطه ، وصل إياد إلى تلك السيدة وعندما رأته ابتسمت ابتسامها رآها إياد وكأنه ثغر لؤلؤ فتح امامه ، وقامت السيدة تملي عليه ما تريد وإياد في حالة يرثى لها وفي عالم أخر . انتهت السيدة من طلباتها ولا يزال إياد متسمراً في مكانه وكأنه من يحلم ، شده الرجال من يديه وناده يا سيد ما بك ، التفت أليه إياد وهو لا يعمل ماذا قال أو ماذا هو سيقول ثم عاد إلى مكان بيعه ووقف ينظر إلى السيارة التي بها هذه السيدة ... تذمر الرجال وقال له ما بلك يا رجل تسمرت قدماك بالأرض وشخصت عيناك هل تعاني من شيء ، استيقظ إياد من سكرته وقال للرجل أسف ولكن نسيت ما طلبت السيدة ، قال الرجل أنا أتذكر ، وأملاه ما قلته سيدته وحمل الرجل الأغراض ومن ثم انطلقت السيارة وذهبت بعيداً .
أصيب إياد بتوقف للعقل والتفكير عند هذه الفاتنة ونسي كل ماهو فيه من فقر وحاجه وبدأ يحلم ويتخيل ..
عاد إياد وأبيه إلى المنزل ، وصعد إياد إلى عليته من غير عادته ، فقد كان إذا عاد من العمل مع أبيه يقف مع أمه وأخته الوحيدة ليساعدهما في بعض الأعمال ويقوم بالمزاح ويضفي على الأسرة جوا من المرح.
تساءلت الأم والأخت ما بال إياد عد وصعد إلى عليته بغير العادة ، سألت الم الأب هل أصابه مكروه أو شيء لا سمح الله ، فقال الأب لا اعلم ولكن عندما ذهبنا كان سعيدا ويضحك حتى انه أوجع رأسي من كثرة ما كان يتكلم فجئه ونحن في السوق بدأ بالسرحان حتى انه لم يعمل جيدا اليوم . قلقلت الأم وصعدت إليه تسأل ماذا حل لأبنها وفلذة كبدها ، دخلت عليه ووجدته في نافذة العليه ينظر إلى قرص الشمس وهو يميل الغروب وهو سارح في عالم أخر وفي نظرة عينيه أسئلة كثيرة وعبارات محيرة ، سألته الأم يا بني ما بك هل أصابك مكروه ـ فأجابها إياد بأنه بخير ولكنه يشعر ببعض الإرهاق ويرغب في النوم ، خرجت الأم وهي لم تصدق ما قاله إياد ولكن من شدة حبها له خافت أن تثقل عليه الاسئله ويغضب .
خرجت الأم وبقي إياد في عليته متمدداً على سريره وعقله وقلبه وتفكيره عند تلك السيدة التي رآها في السوق .
ومن شدة التعب وكثرة التفكير غلبه النعاس وخلد إلى نوم عميق ، ولكن عقله لم يتوقف عن التفكير في تلك السيدة ، تخيل إياد وهو نائم انه طلب من أبويه أن يتقدم لتلك الفتاة الجميلة التي رآها في السوق ، وهو في خضم حديثه سألتها أخته وقلت أهي جميله يا إياد ؟ تلعثم إياد من سؤال أخته ثم قال لهم : قد تظنون أنها من الخيال ولكن هي لا غيرها من يملئ حياتي ، جميلة والجمل في وصفها قليل .
وجهها كالبدر في تمامه ، وعيناها كعين المها في روضة باهيه ، وثغرها كعقد لؤلؤ متناثر في يد باهيه ، وشعرها كسواد ليل حلك بظلمه . ورسمت شفهها كلوحة فنان بالألوان زاهية ، وصوتها كألحانٍ رقيقة بنسيم الصبح متناسقة ، ويديها كسحر في رقتها وعذوبتها المتناهية ، جملها اخاذ وعذوبتها قاتله وروعتها فائقة ورائحتها كبستان من الأزهار الجميلة المتمائله .
أريدها يا أبي أن تكوني لي زوجة وحبيبة وكل شيء من حياتي الباقية. ثم سكت وتمتم قيلا ثم قال ، ولكن هل سترضى بي وأنا مسكين وحياتي بائسة ، لا أكاد أجد قوت يومي ، وهي أبنت الترف والحياة الفارهه .
ومن شدة تفكيره استيقظ مفزوعا على غير العادة ، نظر إلى نافذة عليته فرأى الضوء قد شعشع ، قام والتقط قميصه المقطع ولبسه وهو يركض من على سلم عليته خرج من المنزل وذهب إلى السوق لعل تلك الفاتنه تعود من هناك لكي يعرف أين تعيش . وفجأة رأى ذلك السائق الذي أتى مع تلك الفاتنة فقام وسأله وتاه به في بعض المواضيع ثم سأله عن منزل سيدته ، ضحك السائق العجوز وقال يا بني لا تسأل عن أشياء أن تبدو لك تسئك ، أن اعلم ماذا تريد ولكن أقول لك أن هذا غير صحيح ولن تنال منه غير العذاب والتوبيخ ، ثم اخبره أين تسكن هذه الفتاه .
ذهب إياد إلى منزلها فرأى شيئا أذهله ، رأى قصرا كبيراً به من البساتين والعمال والخدم ,,,,,, اخذ يدور حول أسواره لعله يحظى بنظرة بعيده تشفي شوقه ولهيبه ، دام حال إياد على هذا أشهراً وهو يأمل في نظرة خاطفه كلمة عابرة أو ضحكة مفاجئة .
وبينما إياد على حالته هذه من تردد على قصر هذه السيدة لعله يحظى منها بنظرة أو ضحكة أو حتى همسه . كان في يوم من الأيام الجو عليلاً ونسماته رائعة وكانت هذه السيدة تتجول في أرجاء بستان قصرها لمحت هذا الشاب وهو يذهب ويعود حول أسوار القصر وكأنه يحاول النظر إلى شيء أو يرغب في فعل ما ولكنه كان مثل الخائف المتردد ، طلبت السيدة من خادمتها أن تدعوا لها الحارس وسألته من هذا الشخص وما عساه يريد ، قال يا سيدتي أن له ما يقرب الشهرين وهو بهذا الحال يأتي إلى هنا ويمشي حول أسوار القصر وعيناه لا تفارق شرفتك الخاصة ، ولقد سألناه مراراً وتكراراً عن ماذا يريد ولكنه لا يجيب بغير الآهات . حتى أن العم قاسم ( السائق العجوز ) رآه ذات يوم فقال له اذهب يابني فلن تنال غير العذاب من هذا , فأمرت السيدة بالعم قاسم وسألته هل يعرف هذا الشخص وهل يعرف ماذا يريد ، فأجابه يا سيدتي إن هذا الغلام هو ابن بائع الفواكه في أول المدينة وهو مسكين ومعدم لعله يريد أي حسنة منك أو ما يساعده على ضنك الحياة ، صمتت السيدة قليلا والعم قاسم يكاد يموت من الرعب خوفا منه أنها لن تصدقه ثم التفتت إليه وقلت له اذهب وأعطه شيء من المال واصرفه ،هم العم قاسم لتنفيذ أمر سيدته ثم صرخت له وجهها يكتظ غيظاً اخبره باني لا أريد أن أراه حول أسورا القصر وان رايته سوف أخفيه من الوجود ألا يعلم من هو ومن نحن , اتجه العم قاسم إلى أبواب القصر وهو في عالم أخر لا يدري ماذا يقول لهذا الشاب المسكين وبينما هو في سرحانه قال لنفسه وماذا في هذا فقد حذرته ونبهته وقلت انه لن ينال غير العذاب , فتح العم قاسم باب القصر الخارجي وإذا بإياد في وجهه وعلى وجهه ابتسامه عريضة ، هذا لان إياد رأى السيدة وهي تتحدث مع من كان حولها ومع العم قاسم وبالطبع لم يكن يستطع سماع الكلام .. قال له العم قاسم ماذا جاء بك إلى هنا وكيف تجرئ وتقف عند الباب هكذا، قال لا عليك ياعماه ولكن هات البشائر ، نظر العم قاسم إلى وجه إياد بنظرة عابسة مليئة بالحزن والخوف والعتب معاً .
استفزت إياد هذه النظرة المخيفة من العم قاسم وتعابير وجهه التعيسة ،وقال له ما بالك ياعم قاسم ،احدث مكروه لا سمح الله ، اخبرني ، تحدث إلي ، وكل هذا والعم قاسم يخفي وجهه عن إياد حتى لا يرى الحزن في عينيه ، أصر وألح عليه إياد بالسؤال والتف حول العم قاسم حتى رأى وجهه والدموع ترشق من عينيه ، صمت إياد وتسمر مكانه ثم صاح بالعم قاسم ما بك يا رجل لقد زاد خوفي وقلقي ، ثار العم قاسم ثورة هائلة في وجه إياد وقال له خذ هذه النقود إنها من السيدة كصدقة لك تحسن بها حالك وتخبرك بان لاتعود إلى هنا ابدآ وان رأتك فلن ترى ما يسرك . ثم بدأ العم قاسم بالبكاء وكأنه الطفل الصغير . كل هذا وإياد في ذهول تام وصمت شديد ، لم يستوعب ما سمعه من العم قاسم ، نظر إلى العم قاسم وقال له ماذا تقول أجننت يارجل ، لا لا هذا غير صحيح إنني احلم لا لا انك تمزح معي !!!!!!!!!!! وبدأ في عقله ألف وألف سؤال ، قال له العم قاسم وهو بالكاد ينطق من شدة حزنه على إياد هذا الشاب المسكين ، اذهب يا بني الم اقل لك انك لن تنال من هذا الى الهون والعذاب ، اذهب اذهب يابني واعرف الين أين تنظر ولا تجعل أحلامك ترمي بك إلى الهاوية . ثم تركه وانصرف .
تسمرت أرجل إياد بالأرض وتثاقل عليه عقله وزاد خفقان قلبه وأمطرت عينيه الدمع كوبل المطر ، ثم صاح صيحة قوية وانطلق يركض هائماً على وجهه
وهو غير مصدق لما سمعه وكأنه في حلم مخيف ، اخذ يركض ويركض والدموع من عينيه كزخات البرد ، عقله يفكر ويقول لها لماذا؟ وقلبه يصيح ويئن ويعطيه الأمل بأنه حلم وغير صحيح . وصل إياد إلى حقل جده البعيد عن قريتهم – بين المدينة والقرية – ثم ذهب وجلس تحت الشجرة الكبيرة التي تعود أن يجلس فيها لوحده ويتأمل . هامت به الأحزان وضاعت منه الأفكار ولم ينقطع عنه النوح والبكاء ، وبعد ساعات من هذه الحال بدأت الاسئله تنهمر من عقله وكأنها محاكاة بين عقله وقلبه ، لماذا ؟ وكيف ؟ والى متى ؟ ومن ماذا ؟ تعب إياد من هذا واستلقى واخذ ينظر إلى السماء يندب حظه وفقره ، ويقول لأنني فقير أم ربما لم أعجبها أم وأم ......... وبينما هو بين أم ولما ومما ، كان حوله قطيع من الغنم وكان هناك عنز تحاول الصعود إلى قمة تل صغير ووعر لأنها رأت عليه عشبه جميله وتريد أن تأكلها ، شدت انتباهه واخذ يدقق النظر إليها وينظر إليها كيف تحاول مرارا وتكرارا لكي تصعد إلى قمة هذه الهضبة وبينما هي على هذا الحال حتى استطاعت أن تصل إلى القمة وتأكل ما اشتهته نفسها !!!! تعجب إياد من فعلتها ثم توقف قلياً ثم ارتسمت عليه ابتسامة بريئة وقال هي أي نعم هي رسالة إلي ؟ كيف هذه العنز استطاعت أن تصل إلى القمة ؟ طبعا بالإصرار وعدم اليأس ، هذا وهي حيوان وفعلت كل هذا ،وأنا الإنسان اللذي خلقني الله في أحسن تقويم وميزني بالعقل ، نعم يجب أن أصل إلى القمة ......
وقرر إياد أن يسافر إلى بلد بعيده جدا عن بلده ويبدأ فيها حياة جديدة مليئة بالحياة الجميلة والعمل والعطأ حتى يصل إلى القمة التي تجعله ممن له كلمتهم والكل يتمنى أن يسمع منه أي أمر أو أن يقدم له أي خدمه .....
ثم بصق على الأرض وقال شكرا لك أيتها السيدة الجميلة من خارجها القبيحة من باطنها ، فقد علمتني درساً وأريتيني طريق القمة بغرورك وكبريائك .
ذهب إياد إلى منزله وهو في كامل فرحه وسروره ، وعندما رآه أبويه وهو مبتسما فرحا فرحا شديداً حتى أن الأم بكت من شدة فرحها . ولكن هناك مشكله صغيره أمام إياد وهي كيف يقنع والديه بسفره وهما راضيين عنه لأنه لن يسافر إلا برضائهما فهو يعلم بان التوفيق من رضاء الله ثم رضاء الوالدين .
وبعد محاولات عديدة ومضنيه من الإقناع لوالديه وافقا على سفره وتمنيا له كل التوفيق والحياة الطيبة فهما لا يريدان شيء من هذه الدنيا إلا أن يعيش ابنهما حياة هنيئة ولا يحتاج فيها إلى احد سوى الله سبحانه
وبعد أن اقنع إياد والديه ، بدأ إياد بتجهيز نفسه للسفر وفي صبيحة اليوم الثاني ودع والديه وأخته في جو كان مليئا بالحزن والحسرة من أهله وذلك لأنه ولأول مره يتفرق شمل هذه الأسرة .
خرج إياد من بيته متوجها إلى محطة الباصات وهو خارج من بيته لا يعلم أي وجهة يذهب وهو في طريقه إلى المحطة قابله احد شيوخ القرية ورأى إياد وهو يحمل في يديه حقيبة السفر فسأله إذا نويت على الاغتراب وشق طريق العناء والعذاب ، قل له إياد أي نعم يا عماه وأرجوك أن تدعو لي وتصبّر أبي ، فقال له اذهب سدد الله خطاك وأعان والديك على فرقاك .
وعندما وصل الياد إلى المحطة اتخذ قراره بان يتجه غرباً لأنه سمع أن هناك مدينة جميله وأهلها أهل خير والرزق فيها واسع .
وصل إياد إلى تلك البلدة الجميلة وابدأ يتجول في شوارعها ويحوم في أزقتها ، كانت بلدة في غاية الروعة ذهل إياد من جمال هذه البلدة ومن روعتها ، وبينما هو يسير إذ به برجل في منتصف العمر وذا بهذا الرجل يقبع في محل لبيع الأقمشة ويتبادل أطراف الحديث مع شخص آخر,,, كان هذا الرجل جهير الصوت وكان يتحدث مع صاحب المتجر عن مشاكل همت به وببساتينه التي لا تعد من كثرتها ، وانا بحاجة إلى شخص يصلح أن يكون مراقب على المزارعين وان يكون لديه الخبرة الجيدة في الزراعة ؟ سمع إياد هذا الكلام وقال هذه فرصتي ، تريث إياد إلى أن رأى هذا الرجل خارجاً من محل الاقمشه ثم تبعه إلى أن وصل الرجل إلى بيته ، انتظر إياد فينة من الدقائق ثم اقبل على منزل هذا الرجل وقرع الباب ، وإذ بشخص قام بفتح الباب يبدو على هيئته أنه من خدم المنزل ، ألقى هذا الخادم الترحيب على إياد ثم سأله هل استطيع خدمتك بشيء ، فقال له إياد أي نعم أن مرسل إلى صاحب هذا المنزل وأريد مقابلته ، فقال له الخادم من نقول له ، قال إياد هو لا يعرفني ولكن اخبره إنني آت من طرف تجار القماش ( كان إياد قد دخل إلى صاحب القماش وسأله عن عمل في الزراعة فدله إلى هذا الرجل – فعل إياد ذلك حتى يجد له طريقه للدخول إلى هذا الرجل بدون كذب أو خداع ) .
بلغ الخادم سيده ثم عاد إلى إياد وقال له انتظر هنا حتى يأتيك سيدي وقام الخادم بإدخال إياد إلى غرفة الاستقبال ، مضت دقائق وذا بهذا الرجل داخل على إياد ...(( حوار إياد مع التاجر ))
التاجر :هه إذا أنت الذي بعثه تاجر القماش .
إياد : أي نعم ياسيدي .
التاجر : ما اسمك ومن أين فشكلك ليس من هذه البلدة .
إياد : اسمي إياد وأنا بلدة كذا وكذا – طبعا تشتهر بلدة إياد بالزراعة -- .
التاجر : إذا أنت من هذه القرية الجميلة ، وماذا أتى بك إلى هنا فبلدتك بلدة الزُرّاع والحقول الجميلة .
إياد : أتيت ياسيدي لأبحث عن عمل أفضل وذلك لضيق الحال .
التاجر: منذ متى وأنت تعمل بالزراعة.
إياد : أبي يملك مزرعة صغيره وأنا اعمل معه منذ صغري .
التاجر: إذا أنت لديك الخبرة الجيدة...
إياد: نعم ياسيدي .
التاجر: سكت قليلاً ثم قال لا بأس سننظر ماذا عسانا أن نجعلك تعمل . ثم نادى على الخادم __ أيها الخادم أيها الخادم ...
الخادم : نعم ياسيدي .
التاجر: إليّ بالحاج إبراهيم.
الخادم : حالا ياسيدي .
أتى الحاج إبراهيم : نعم ياسيدي ..
التاجر: خذ هذا الغلام معك وأره أين يعمل واسكنه مع بقية العمال.
الحاج إبراهيم : حالا ياسيدي .
خرج إياد مع الحاج إبراهيم وهما في الطريق كان إياد منهمرا بسيل من الأسئلة على الحاج إبراهيم ولكنه كان صامتاً لا يرد عليه
، استغرب إياد من صمته .
وصلا إلى المكان الذي سيعمل فيه إياد ، فأراه أين وماذا يعمل واراه سكنه مع بقية العمال .
بدأ إياد العمل في هذه المزرعة الكبيرة التي تنتج أنواعا كثيرة ، بدأ إياد كعامل في هذه المزرعة وكان مثالا للعامل المجتهد المنضبط في عمله يراقب الله في كل شيء ويوماً بعد يوم أعجب به التاجر ورأى فيه أشياء كثيرة ووثق به كثيرا وبدأ إياد يكبر في عمله فقد أصبح رئيسا للعمل ثم أصبح مشرفا على رؤساء العمال ومن شدة حب هذا التاجر له ومما رأى منه من صدق وإخلاص طلب منه أن يكون ذراعه اليمين في كل أعماله . فرح إياد كثيرا بهذه الثقة وكيف انه بفضل الله ثم بفضل دعاء ولديه خلال هذه الفترة القصيرة التي لم تتجاوز السبع سنوات أن يصبح حاله إلى هذا الحال .
كان إياد دائما يبعث إلى والديه الرسائل ويبشرهما فيها عن حاله وكيف انه يعمل بجد واجتهاد وكيف أن صاحب العمل يحبه كثيرا ويخبرهم أيضا كيف انه انتقل من عامل إلى مراقب ثم مشرف ثم أصبح التاجر لا يستغني عنه فعينه مديرا ومستشارا له .
وكان إياد يبعث إلى أهله بعض المال مما كان يأخذه من اجر ويبقى ما يسد رمقه من مصاريف ويخبئ شيء يسيرا لأقدار الدهر .
ومن شدة حب هذا التاجر لإياد قرر أن يزوجه ابنته الوحيدة ورغم كثرة من عارضه إلا انه قال لهم لن أجد أحدا يحافظ على ابنتي بقدر هذا الابن البار لوالديه والمخلص في عمله التقي لربه .
تزوج إياد بابنة هذا التاجر وأصبح الآن يملك كل شيء وذلك بعد أن شاء القدر ومات هذا التاجر . وعاش إياد حياة سعيدة مع زوجته التي لم يجعلها تحتاج إلى أي شيء في يوم من الأيام ولم يحسسها يوما بفراق ولدها عن الحياة بل كان لها الأب والأخ والعم والزوج والابن .
لم يستطع إياد أن يصبر على فراق أهله خصوصا وأنهم بحاجته إليه وذلك لكبر سنهما وبقائهما في منزلهم لوحدهم بعد أن تزوجت أخته ، فذهب إليهم وأقنعهم بالمجيء معه إلى بلدته التي هو فيها بعد أن فتح الله عليه وأصبح من كبار تجارها .
وهنا عاش سعيداً بعد أن من الله عليه من الفقر إلى الغنى وبوجود والديه معه وبوجود زوجته الصالحة .
انتهى ,,,,