عصبة الدفاع الإنكليزية التي تنظم المظاهرات أمام المساجد
دومنيك كاشياني
بي بي سي نيوز
آخر تحديث: السبت, 12 سبتمبر/ أيلول, 2009, 12:38 GMT
تتصدر جماعة غامضة المظاهرات "المناهضة للتطرف الإسلامي" في عموم انجلترا طوال الصيف الحالي. ما هي وما الذي يحركها؟
يبرز حشد من الرجال من داخل أحدى الحانات في مدينة بيرمنجهام. الشرطة تتصدى لهم. تتردد الهتافات في قلب مركز التسوق الرئيسي بالمدينة.
إنهم يرددون: "المسلمون يفجرون شوارعنا.. المسلمون يفجرون شوارعنا".
ومن على مسافة حوالي 70 مترا يأتي رد الفعل من جانب جماعة متساوية في العدد، حوالي 50 رجلا، يرددون:
"اخرجوا من المدينة.. أيها الحثالة النازية".
ووسط الفوضى الناجمة عن ذلك المشهد يلقي أحدهم زجاجة، وبعد نحو نصف ساعة بدأ القاء أحجار من جانب مجموعة من الشباب الآسيوي الذين التحقوا بالمظاهرة.
كان هذا هو المشهد الذي دار في مركز مدينة بيرمنجهام بعد ظهر السبت الماضي.
وقد نظمت "عصبة الدفاع الإنجليزية" نحو ست مظاهرات في عموم انجلترا هذا الصيف.
وجاء إلى بيرمنجهام حوالي 200 شابا غاضبا للاحتجاج على ما يطلقون عليه "التطرف الإسلامي والإرهاب".
ويذكرنا ما يحدث بالاشتباكات التي كانت تدور في الماضي بين مجموعات الشباب حليقي الرءوس وبين عصبة مناهضة النازية.
مخاوف
ويثير ظهور "عصبة الدفاع الانجليزية" مخاوف الكثيرين، من هذه المخاوف صعوبة تحديد هوية الأشخاص الذين يشكلونها.
وقد علمت بي بي سي أنه تم تشكيل أربع وحدات متخصصة في الشرطة للتحقيق في أمر هذه العصبة. وتضم هذه الوحدات الجديدة التي تكونت على مستوى البلاد، ضباط شرطة يتمتعون بالخبرة في التعامل مع الجماعات المتعصبة في ميدان كرة القدم.
وهناك أيضا ضباط متخصصون في مكافحة الاراهاب والتطرف.
وتبحث الوحدات المتخصصة الأربع في تحركات هذه العصبة، بمساعدة شرطة المواصلات البريطانية ومراكز الشرطة التي تولت حراسة المظاهرات حتى الآن.
وقد أمكن لبي بي سي أخيرا اجراء بعض المقابلات مع قيادات هذه الجماعة.
في موقع للبناء في شمال لندن التقينا بـ"تومي" الذي رفض أن يعطينا اسمه الكامل خوفا من استهدافه من طرف من يطلق عليهم "المتطرفين".
وسرعان ما انضم رجل أكبر سنا من تومي يدعى آلان إلينا، وهو من لندن أيضا. وجاء أيضا شاب من لوتون ومعه شاب أصغر مختلط الأجناس من شمال لندن، قال عنه تومي إنه زعيم "جناح الشباب".
وأضاف قائلا:"هناك حاليا الكثير من مراكز المدن التي تمتليء بالمتطرفين الإسلاميين. وهناك نساء أصبحن يخشين الذهاب للتسوق بسبب وجود عشرين رجلا يرتدون الملابس السامية، ويصطفون يرددون هتافات معادية لبريطانيا ويدعون إلى الجهاد ويحرضون على التعصب الديني والكراهية. هذه مراكز مدننا ونريد أن نستردها".
ويضيف: "إننا نريد استردادها، ليس من المسلمين بل من المتطرفين الجهاديين الذين ينشطون في أوساط التجمعات المسلمة. ويجب أن تتصدى هذه التجمعات المسلمة لمتطرفيها".
بداية العصبة
مظاهرة مسلمين في لوتون
برزت عصبة الدفاع الإنجليزي من وسط أحداث غاضبة مثلما حدث عندما احتجت تظاهرت من المسلمين ضد استعرض عسكري للجنود العائدين من أفغانستان في لوتون في مارس/ آذار الماضي.
بعد ذلك نظمت مظاهرة مضادة تحت اسم "سكان لوتون المتحدون" واعتقلت الشرطة بعض المتظاهرين فقرر مشجعو كرة القدم أنه يتعين القيام بشيء.
وقد وجدوا تأييدا لهم من جانب جماعات مرتبطة بأندية الكرة، وكانت النظرة التي غلبت أن الموضوع أكبر من أي منافسات بين الأندية الرياضية وإن من الضروري عمل شيء مؤثر على مستوى البلاد.
وتطورت الأمور بعد أن نجحت نفس الجماعة الإسلامية في التأثير على صبي في الحادية عشرة من عمره و"تحويله" إلى الاسلام في مدينة بيرمنجهام في يونيو/ حزيران.
وقد أثار الموضوع ضجة اعلامية وتصدر عناوين الصحف الشعبية، وكان رد الفعل أكبر على شبكة الانترنت خاصة في المواقع المخصصة للأندية الرياضية والعنف المرتبط بكرة القدم وكذلك الأنشطة اليمينية المتطرفة.
ومع حلول الصيف تكونت مجموعات من "عصبة الدفاع الانجليزية" يديرها مشجعو كرة القدم في لوتون وشمال لندن وبريستول وبورتسموث وساوثهامبتون وديربي وكارديف وويست ميدلاندز.
ووجهت "عصبة الدفاع الانجليزية" أنظارها إلى بيرمنجهام في شهر أغسطس، آب الماضي فنظمت مسيرة إلا أنها وجدت نفسها في مواجهة أعداد أكبر من المتظاهرين من الجماعات المناهضة للعنصرية مماأدى إلى وقوع اشتباكات والقاء الشرطة البعض على 35 متظاهرا.
وحظرت الشرطة مظاهرة مماثلة كانت العصبة تعتزم تنظيمها في لوتون.
على الانترنت
ويعتمد الكثير من أفراد العصبة على مواقع الانترنت مثل فيسبوك ويوتيوب في التواصل مع بعضهم البعض، وليسوا جميعا من المتحلقين حول كرة القدم.
ورغم أن الحزب القومي البريطاني أبعد نفسه عن العصبة إلا أن جماعات مناهضة العنصرية أظهروا صورا لشخصيات في الحزب شاركت في مظاهرات العصبة.
وقالوا أيضا إن من بين المتظاهرين عددا ممن لديهم سجل في العنف خلال مباريات كرة القدم.
وقد أدت كل المظاهرات إلى صدامات لكن قياديين مثل تومي يناشدون أنصار العصبة الابتعاد عن تناول المشوبات الكحولية لأنهم لا يرغبون في إدانتهم كعصبة من العنصريين.
وقد صور تليفزيون بي بي سي في بيرمنجهام الاسبوع الماضي رجلين من البيض والسود يسيرون معا ضمن صفوف عصبة الدفاع الانجليزية
إذن اذا لم تكن العصبة من البيض فقط فهل هي غطاء أكبر للإسلاموفوبيا أي معاداة الاسلام؟
يقول تومي: "هؤلاء الناس ليسوا ضد الاسلام. إنهم فقط ضد ممولي الارهاب، وهم أشد أعداء بريطانيا".
ويضيف: "لمدة 15-20 عاما لم تتم مواجهة هذه الجماعات في مدننا. هذه الأيام ولت. سوف نواجههم، وحيثما يوجد ارهابيون سنكون هناك".
جيش شوارع
نيك لوليس رئيس تحرير مجلة "سيرتشلايت" التي تناهض المتطرفين من أقصى اليمين.
وهو يقول إنه لا يجب السماح لعصبة الدفاع الانجليزية بالتواجد كشكل شرعي لأنها تحمل خطر أن تتحول إلى جيش في الشوارع بسبب قدرتها على تحريك أنصارها من مكان إلى آخر من أجل الاشتباك والقتال.
ويتساءل قائلا: ماذا سيحدث اذا انتقل أفراد العصبة إلى منطقة تشهد توترا أصلا؟
وينفي نيك أن تكون كل قيادات العصبة من الفاشيين أو العنصريين الأشداء لكنه يضيف قائلا:"ولكننا رأينا شعاراتهم في المظاهرات: إنهم معادون للمسلمين، وهذا نوع من التحريض".
أما الجماعات المسلمة فتشعر بالقلق من العصبة وتصفها بأنها معادية للإسلام، وفي بيرمنجهام تعهد الشباب المسلم بـ"الدفاع" عن المدينة في حالة عادة العصبة إليها.
وضعنا أمام تومي شرائط فيديو نشرت على موقع يوتيوب تصف أنصار العصبة بأنهم "أكثر الجماعات تنظيما في بريطانيا وأكثر الجيوش قوة في البلاد".
وردا على اتهامات الجماعات المسلمة وما يقوله نيك لوليس يقول تومي: نعرف أن تجمعات المسلمين في بريطانيا ستشعر ببعض الضغوط بسبب هذا لكن يجب أن يعرفوا أيضا أننا نتعرض لضغوط من جانب هؤلاء الجهاديين المتطرفين.
ويضيف: "إن الكراهية تصيبنا. إنها مرض ينتشر في البلاد ويجب القضاء عليه".
http://www.bbc.co.uk/arabic/worldnews/2009/09/090912_ae_englishleague_tc2.shtml